الثلاثاء، 24 سبتمبر 2024

المصير المحتوم

تأليف : امل شانوحة 

القدر المكتوب


في اكتوبر عام ١٩٥٢ ، في منطقةٍ ريفيّة روسيّة.. عادت سيدة (حامل بشهرها الأخير) خائفةً الى منزلها ! فسألها زوجها :

- لما ترتجفين هكذا ؟!

فردّت باكية : حاول مجنونٌ مُلثّم طعن بطني !

بصدمة : ولماذا ؟!

- لا ادري ! هربت منه بصعوبة 


فنظر زوجها من النافذة غاضباً ، دون ظهور شيءٍ وسط الثلوج المحيطة بالمنطقة الشعبيّة الفقيرة !

وفجأة ! صرخت زوجته مُتألّمة :

- نادي جارتنا !! فأنا على وشك الولادة

***


في اميركا ، وبنفس التاريخ :

عاد الإبن الأكبر الى المنزل ، وهو يحمل أخاه (6 سنوات) ..وكلاهما يرتجفان خوفاً.. فسألته امه عن السبب ؟

فردّ الأخ الكبير مُرتعباً : هناك معتوه مُقنّع حاول طعن اخي ، لولا أنّي سحبته من بين يديه باللحظة الأخيرة !

الأم بصدمة : ماذا ! سأتصل بالشرطة حالاً !! 

***


بعدها بأسبوع ، في روسيا .. حاول ذات الرجل المُقنّع إقتحام المنزل ، لطعن الطفل النائم (المولود حديثاً) دون علمه بعودة الأب باكراً ، والذي استطاع القفز عليه وتقيّديه.. بينما صرخ الرجل المجهول ، بلغته الروسيّة الرقيقة :

- دعني أقتل ابنك ، لإنقاذ ملايين البشر !! صدّقني ، انا أقوم بخدمة للأنسانيّة جمعاء !!

فلكمه الأب بقوّة ، أفقدته الوعيّ

***


في هذا الوقت بأميركا .. حاول المُلثّم من جديد ، خطف الصبي اثناء نزوله من حافلة المدرسة.. لكن السائق قفز عليه ، وأوسعه ضرباً .. فصرخ الرجل مُتألّماً :

- دعني أقتل هذا المجنون الصغير الذي سيدمّر الحضارة ، ويُعيدنا مئات السنوات للخلف !!

***


وتمّ إرسال كلا الرجليّن المجهوليّن للسجن ، أحدهما في اميركا والثاني بروسيا بتهمة محاولة قتلٍ فاشلة ! ورغم التحقيق المُطوّل معهما ، إلاّ انهما رفضا شرح ما قالاه سابقاً ، او الإفصاح عن رغبتهما المُلحّة بقتل الطفليّن ! لذلك أُصدر الحكم بإعدامهما.. فطلبا السماح لهما باتصالٍ أخير..


واتصل القاتل الأمريكي بالقاتل في روسيا ، الذي يبدو انهما صديقيّن اتفقا على قتل الطفليّن في كلا البلديّن !

- جيد اننا بعصرٍ لا يوجد فيه تجسّس على الهواتف ، لهذا يمكننا التحدّث على راحتنا

- هل أخبرتهم بشأن آلة الزمن التي أخفيناها بالغابة ؟

- لا طبعاً ، سيظنونني مجنوناً

- وما الفرق ؟ فكلانا سيُعدم الليلة !

- إيّاك ان تخبرهم بالآلة التي اخترعناها ، كيّ لا يستخدموها بطريقةٍ سيئة

- أعرف هذا .. اساساً حتى لوّ وجدوها بالغابة ، فلن يستطيعوا إدارتها دون المفتاحيّن الّلذين بحوزتنا..

- أتدري يا صديقي .. انا حزين ، لفشلنا بقتل الملعونيّن الصغيريّن !

- لوّ علمت الحكومتان بحسن نوايانا لتركونا نقتلهما ، لإراحة العالم من غبائهما وشرورهما

- يبدو اننا لا نستطيع تغيّر القدر ! فبوتين الروسي وترامب الأمريكي سيكبران ويشعلان حرباً عالمية ثالثة نوويّة ، تُدمّر الحضارة الإنسانيّة وتُعيدنا للقرون المُتخلّفة

- ترى عندما نُعدم ، هل سيكافئنا الربّ لمحاولتنا إنقاذ ملايين البشر من الموت في حربٍ عبثيّة ، ام سيعاقبنا لمحاولتنا تغيّر القدر المكتوب ؟ 


وقبل أن يُجيبه ، سمع الحارس الأمريكي ينادي :

- إنتهت المكالمة !! سنأخذك لغرفة الكرسي الكهربائي

فقال لصديقه بحزن : هل سمعت ؟ سأُصعق حتى الموت 

- وانا سأشنق بعد قليل.. اراك في الجحيم ، يا صديقي

وانقطع الإتصال !


الأحد، 22 سبتمبر 2024

مسابقة اسوء قاتل

تأليف : امل شانوحة 

الخطة الشيطانيّة


في ليلةٍ باردة .. إستيقظ ستة رجال في مستودعٍ مهجور ، بعد سماعهم موسيقى عالية ! بعدها ظهر صوت ميكروفون مُعلّقاً بالسقف :

- اهلاً بكم في مسابقة أسوء قاتل !!

فقال احدهم بضيق :

- ما كان عليك تخديرنا ! فجميعنا اختار بنفسه الإشتراك بهذه المسابقة التي وجدناها بالإنترنت المظلم (دارك ويب)

الصوت : الإحتياط واجب ، كيّ لا تعرفوا مع من تتعاملون

- لا يهمّني سوى الجائزة الضخمة التي ذكرتها ببنود المسابقة

الصوت : وانا سأنفّذ ما وعدّتكم به ، والفائز سيحصل على مليون دولار .. لكن اولاً عليكم الإختيار من القائمة التالية : 


الفئة الأولى : القتل حسب الكميّة.. يعني من يقتل اكبر عدد من الأبرياء ، يحصل على الجائزة

الفئة الثانية : حسب النوعيّة .. أيّ من يقتل شخصيّة مهمّة بارزة ، رغم حمايته بالحرس الشخصيين .. يكسب الجائزة ايضاً

النوع الثالث : حسب الوحشيّة وقلّة الرحمة .. يعني من يقتل أطفال او عجائز او حوامل او معاقين ، او بعضاً من كل نوع .. يربح معنا

اما الرابع : التفجيرات في اماكن مزدحمة .. ويكفي تفجيرٌ واحد يحصد على الأقل ٢٠٠ شخص ، للفوز بمسابقتنا .. سواءً بزرع القنبلة المُفخّخة في مول او مركز ديني او حفلٍ عام .. أترك خيار الموقع ، حسب ما ترونه مناسباً 

الخامس : الطلاّب .. فلا شيء يلفت نظر الإعلام قدر موت أكبر عددٍ من طلاّب المدارس او الجامعات .. المهم تمكّن الفاعل من الهرب من كاميرات المراقبة المنتشرة هناك

سادساً : كنا توقعنا تسجيل خمسة منكم في مسابقتنا ، لكن أكبركم التحق بنا في اللحظة الأخيرة .. لهذا أضفنا قسماً آخر للمسابقة ، وهي الإصابة المؤثّرة : يعني القنص المُسبّب لإعاقة : كالعمى والشلّل ، او جعل المصاب بغيبوبةٍ دائمة


وكما لاحظتم ، يوجد في زاوية المستودع ستة حقائب : فيها افضل الأسلحة والذخائر ، بالإضافة لقنابل مُتفجرّة 

فسأله احدهم : وماذا لوّ نجحنا جميعاً في مهمّتنا ؟ 

الصوت : حينها تحصلون على المليون دولار

- تقصد ان الجائزة الكبرى هي ٦ ملايين ؟!

الصوت : نعم !!

- يبدو انك من الأثرياء ؟

الصوت : انا وسيط بيني وبينكم

- أفهم من كلامك ان هناك اثرياء يراهنون علينا ؟!

الصوت : بالتأكيد !! وهم يشاهدونكم الآن.. لهذا اريدكم التوجّه للطاولة الكبيرة خلفكم 


فرفع أحدهم الغطاء الأسود فوق الطاولة ، ليجدوا نظّارات وسمّاعات وميكروفونات صغيرة وساعات حديثة .. وهم يستمعون لشرح الصوت ، قائلاً : 

- يوجد داخل النظّارت السوداء كاميرات صغيرة ، لمراقبتكم اثناء قيامكم بالمهمّة ، مع تثبيت الميكروفونات والسمّاعات في ملابسكم .. كما أخذنا منكم جوّالاتكم ، واستبدلناها بالساعات الحديثة .. لأننا لا نريد تواصلكم مع أحد خارج المسابقة .. وفي حال لاحقتكم الشرطة ، عليكم التخلّص من هذه الأغراض.. وإن لم تفعلوا ، وقُبض عليكم .. سنُعيّن بسهولة من يقتلكم داخل السجن ، كيّ لا تورطّونا معكم .. والآن نوماً هانئاً!! 


وقبل ان يفهموا ما قصده ! خرج دخان من زوايا المستودع ، جعلهم يسقطون غائبين عن الوعيّ .. فمسؤولي المسابقة حريصون على عدم معرفتهم عنوان احتجازهم

***


ليستيقظوا بعد ساعة .. كلاً في شارعٍ مختلف ، بعد شعورهم بصعقةٍ كهربائيّة من الساعات التي يضعونها.. ليجدوا انفسهم قرب محطّات مترو مختلفة ! 

فاختار كل واحدٍ منهم وجهته ، لإنهاء المسابقة قبيل فجر اليوم التالي (حسب شروط المسابقة) لهذا عليهم التخطيط جيداً لهذه الليلة !


وكان من المتسابقين الستة : قاتلٌ مأجور ، وسفّاح ، ومريضٌ نفسيّ ، وقنّاصٌ حربيّ ، وصيّادٌ محترف .. اما أكبرهم سناً ، فلم يفصح عن عمله السابق !


وبالفعل اختار القاتل المأجور التوجّه لبيت مسؤول مكروه من الشعب ، لسرقاته المتعددة من خزينة الدولة ، دون التحقيق معه بسبب حصانته الدبلوماسيّة ! 

وتمركز خارج قصره ، حاملاً بندقيّته المتطوّرة .. دون اكتراثه بحرسه الشخصيين الذين يحيطون به على مدار الساعة .. وهو يخطّط لقتله اثناء توجّهه لنادي القمار الذي اعتاد الذهاب اليه بعطلة نهاية الإسبوع ، لصرف اموال الدولة !


بينما ذهب السفّاح للمول بنيّة تفخيخ ساحته ، لحصد أكبر عدد من المتسوقين .. طمعاً بالجائزتين (فئة التفجير وفئة الكميّة) خاصة انه يصادف عيداً رسميّاً بالبلاد ، لهذا اكتظّ المول بالعائلات !


اما المتسابق الثالث (المريض النفسي) فتوجّه لمدرسةٍ ليليّة للطلاّب الفقراء ، وهو ينوي قتل كل من يعترض طريقه .. فهو تعلّم قديماً بإحدى هذه المدارس ، وخرج مُعقداً نفسيّاً بعد تحرّش الأستاذ والمدير به !


اما الصيّاد : فتوجّه لدار العجزة بنيّة إبادتهم جميعاً ، لكرهه الشديد لجده الذي ربّاه بعد وفاة والديّه وهو صغير


اما القنّاص : فتمركز فوق سطح مبنى ، بنيّة إصابة عيون المتظاهرين ضدّ السياسي الفاسد.. للحصول على جائزة الإعاقة الدائمة !

^^^


لكن ما لا يعلموه : ان المتسابق السادس (بنهاية الستينيات) الذي التحق متأخراً بالمسابقة ، هو محقّق جنائي متقاعد ! علم صدفةً عن مسابقة الإنترنت المظلم .. فوضع كاميرا صغيرة بربطة عنقه ، صوّرت ما حصل بالمستودع.. كما صوّرت اهم شيء : وهي لوحة الشارع القريبة من موقف المستودع ، اثناء وضعه مُخدّراً داخل صندوق إحدى السيارت المُظلّلة.. 

وعلى إثره ، تابعت كاميرات الطرق خروج السيارات الستة من المستودع المهجور ، وأُرسلت تحرّكاتهم لدوريّات الشرطة التي تابعتهم بسرّيةٍ تامة .. الى أن قبضت عليهم ، قبل لحظات من قيامهم بمجازر بشريّة.. ومنهم المحقق ، كيّ لا يلفتوا الأنظار اليه .. وتمّ تفكيك قنبلة المول دون إثارة رعب المتسوّقين.. اما المستودع ، فوجدوه خاليّاً تماماً.. فيما عدا ميكروفون السقف ، المُتحكّم به عن بعد ! لهذا لم تُعرف هويّة مؤسّس المسابقة او المراهنين الأثرياء .. وقُيّدت القضيّة ضدّ مجهول !

***


في العام التالي.. إنتشر اعلان لدكتور نفسي يقدّم استشارات طبّية مجانيّة على الإنترنت للمراهقين والشباب المُكتئبين الذين سجّلوا ببرنامجه بالمئات ، دون علمهم بأنه نفسه مؤسّس المسابقة الدمويّة ! والذي قام بتعيّن أطبّاء مزيّفين للحديث مع المرضى وإقناعهم بسوء ظروفهم ، وتشجيعهم على انهاء حياتهم ! مع نشره فيديوهات انتحارهم عبر الإنترنت السريع ، كنوع من الشهرة الأخيرة.. مما أدّى لموت العديد من الشباب واليافعين ، دون تمكّن الشرطة من معرفة السبب او ربط البرنامج العلاجي المجانيّ بالإنتحارات المتعددة !

***


بعدها توقف البرنامج .. ليبدأ المؤسّس باختراع فكرةٍ جديدة مُدمّرة للمجتمع ، مُستعيناً بصديقه الشيطان الذي وعده بمكافئةٍ ضخمة من إبليس لخدمته الهدف العام : وهو تقليص سكّان العالم للمليار الذهبي ، بأخبث الطرق اللّا إنسانيّة !


الجمعة، 20 سبتمبر 2024

منارة العالم

تأليف : امل شانوحة 

 

الأشباه الأربعة


اثناء رحلة موظفيّ الشركة مع رئيسهم المهووس بالكشّافة البرّية ، ضاع جاك (الأربعيني) عن بقيّة زملائه اثناء ملاحقته نوراً من بعيد ، جذبه بقوّة للسير للأمام دون العودة للمخيّم .. ليجد منارة قديمة فوق هضبة مُطلّة على البحر .. ولأن حلم طفولته إكتشاف المنارات القديمة ، إقترب من بابها المُهترئ الذي وجده مفتوحاً ! ليجد سلالم حلزونيّة للأعلى .. فظلّ يصعد ، الى ان وصل لبابٍ خشبي خاصّ بغرفة التحكّم بإضاءة المنارة. .


وقبل إدارة مقبضه .. فتح الباب رجلٌ (خمسينيّ) وهو يبتسم ، كأنه ينتظره ! وما ان رآه جاك حتى اوشك على فقدان وعيّه ، كأنه ينظر الى نفسه بعد عشر سنوات ! والذي قال ، وهو يسنده : 

- لا تخفّ يا جاك .. هيا أُدخل ، وسلّم على بقيّة أشباهك

وكأن صدمة التشابه لا تكفي ! فقد عرف اسمه ، بالإضافة لتواجد ثلاثة اشخاص آخرين داخل الغرفة الصغيرة ، جميعهم نسخاً منه : 

احدهم حين كان مراهقاً متهوّراً ، بشعرٍ طويل وثيابٍ فضّفاضة .. والثاني بالعشرينات ، بذقنٍ خفيفة ..والثالث بالثلاثينات ، بالعمر الذي توظّف فيه بالشركة الحاليّة !


ومن شدّة إرباك جاك وخوفه ، حاول الهرب .. لكن الرجل الخمسيني أمسك ذراعه وأدخله الغرفة ، مُغلقاً الباب بالمفتاح !

ليقول المراهق :

- لا تخف يا جاك ، فجميعنا بانتظار قفزتك الشجاعة 

جاك بقلق : القفز الى اين ؟!

الخمسيني : يقصد قفزة الثقة

جاك : لا أفهم كلامكم !

الخمسيني : هؤلاء الثلاثة هم نسخك الماضية ، وانا نسختك المستقبليّة. .

الثلاثيني : نحن لم نستطع إضاءة المنارة المهجورة ، لأننا كنّا تابعين لغيرنا ..مثل تصرّفاتك الحاليّة !  

الخمسيني بفخر : اما انا !! فقفزت للمجهول ، ثقةً بالربّ .. لأصبح بالنهاية منارة للجميع

جاك بعصبية : هل تشرحون ما يحصل هنا ، ام أقفز من النافذة وأنتحر !!

الخمسيني : اهدأ قليلاً

وأجلسوه على الكرسي المواجه للنافذة الزجاجيّة الكبيرة ، المُطلّة على البحر المُضاءة أمواجه بنور المنارة القويّ


المراهق : دعوني أتكلّم اولاً.. أتذكُر يا جاك حين كنت بعمري ، كم كنّا مشاغبيّن نعشق الموسيقى الصاخبة ، والموضة الهابطة .. عدا عن فشلنا الدراسيّ ، حتى أتعبنا والديّنا

جاك : نعم أذكر

المراهق : كانا يائسان منا.. فأنت ابنهم الوحيد ، ومع ذلك لم تنفع معك النصائح او دوّرات التدريب والنوادي الرياضيّة ، بل أصرّيت على اصدقاء السوء ..حتى وصلنا لليوم الذي تغيّرت فيه حياتنا..

العشريني مُقاطعاً : دعني أكمل القصة .. ببلوغك سن العشرين ، تغيّرت حياتنا بعد وفاة والدنا.. شعرت وقتها ان عليك الإسترجال لأجل امنا .. وثابرت بالدراسة صباحاً .. مع العمل بمتجر والدك مساءً ، لتأمين لقمة العيش

جاك بحزن : كنت مُجبراً على النضوج سريعاً

العشريني : هذا صحيح .. وأصبحت امك فخورة بك ، بعد تحسّن شخصيّتك .. لكنك بالحقيقة مشيّت مع التيّار ، مُطفئاً نورك الداخليّ .. خاصة بعد معرفتك بشغفك الحقيقيّ

جاك : تعرّفت على هواية الكتابة بعد رسالة التأبين التي ألقيتها بعزاء والدي ، والتي لاقت إستحسان الجميع .. وكانت المرّة الأولى التي أكتب فيها بحياتي

العشريني : لكنك تجاهلت موهبتك !

جاك بعصبية : لانشغالي بالدراسة والعمل !!

الثلاثيني مُهدّأً : وهما لا يلومانك (المراهق والعشريني)


جاك : وانت انا بعمر الثلاثين ؟

الثلاثيني : نعم ، وحينها ورثت عمك .. واستثمرت امك المال بمتجر والدك الذي أداره قريبها ، مُرسلاً مدخولاً شهريّاً ثابتاً .. ومع ذلك لم تطوّر موهبتك !

جاك : لأني كنت مشغولاً بالبحث عن وظيفة 

الثلاثيني : وتعيّنت بهذه الشركة المختصّة بالأدوات الكهربائيّة ، رغم بعدها عن هوايتك وطموحك !

جاك : كنت اريد جمع المال لشراء منزل

الثلاثيني : للزواج من زميلتك ؟

جاك بضيق : طالما تعرفون عني كل شيء ، فلما تحقّقون معي ؟!!

الخمسيني : طبعا يعرفون ، فهم نسخك القديمة .. اما انا ، فلا تعرف عني شيئاً


جاك باهتمام : ومالذي تغيّر في حياتي مستقبلاً ؟

الخمسيني بفخر : الا ترى انني نجحت بإضاءة المنارة ؟

جاك : وما دخلي بالمنارة ؟!

الخمسيني مُعاتباً : أمعقول لم تفهم بعد ؟! .. ببلوغك سن الخمسين ، أصبحت من الكتّاب المشهورين ببلدك ، بل من العشرة الأوائل بالعالم !!

جاك بصدمة : انت تمزح !


الخمسيني : لا ابداً .. إحتاج الأمر لعشر سنواتٍ من العمل الدؤوب ، بعد ترك وظيفتنا المملّة ..والتفرّغ للكتابة ليل نهار ، عقب فتح مدوّنة لنشر قصة جديدة كل بضعة ايام .. الى ان وصلت لألف قصة قصيرة !! .. أذكر يومها كنت بنهاية الأربعينات حين وصلتني رسالة تهنئة ، بعد نجاحي بمسابقةٍ ادبيّة على مستوى الدولة ، مُتفوقاً على اهم كتّاب بلدنا ! 

جاك بحماس : وكيف كان شعورك وقتها ؟

الخمسيني : لا اذكر انني بكيت هكذا ، منذ وفاة امي

جاك بصدمة : امي ستتوفّى ؟!

الخمسيني بحزن : نعم للأسف ، وقريباً جداً.. حينها تكون أخذت قرار الإستقالة من وظيفتك ، والتخلّي عن إرضاء من حوّلك على حساب نفسك وطموحك


المراهق : مع ان شخصيّتنا لم تكن جديّة بهذا الشكل ، إلاّ اننا تغيّرنا مرتيّن : مرة بوفاة والدنا .. والثانية والأهم ، بوفاة امنا 

جاك بقلق : وكيف سأعيش إن تفرّغت للكتابة ؟

الخمسيني : لا تقلق .. الراتب الشهريّ من مشروع امك ، سيكفيك حتى تقف على قدميّك.. صحيح بالكاد يسدّد الفواتير ، مع التوفير الشديد بالطعام .. لكن عليك الصمود لحين نجاحك المُبهر

جاك مُستفسراً : أقلت عشر سنوات من الآن ؟

الخمسيني : عشر سنوات من الجهد المتواصل ، مع إصابتك على الدوام بالصداع والأرق وألم العينيّن وعزلتك عن الناس .. عدا عن سخرية اقرانك الذين سيلقبونك بالفاشل والإنطوائي .. والأهم من ذلك ، خسارة حبيبتك التي ستتزوّج من عجوزٍ ثريّ ! فهل انت قادر على هذه التضحيّات ، لتصبح منارة وقدّوة لكل الكتّاب المبتدئين ؟


جاك : أجبني اولاً .. كيف كان شعورك بعد تحقيق النجاح الذي حلمنا به طوال حياتنا ؟

الخمسيني بعينيّن دامعتيّن : كأني عرفت اخيراً الحكمة من خلق الربّ لي.. فكلاً منا لديه دوّر بهذه الدنيا.. وصدّقني يا جاك : رؤية الكتّاب الصغار وهم يلاحقونني بالأسئلة والإستفسارات بحفلات التكريم ، وهم يطلبون توقيعي والتصوير معي ، تسوى الدنيا وما فيها.. والآن نصلّ للسؤال الأهم : هل ستقفز قفزة الثقة ، وتتخلّى عن كل ما حولك ، لتحقيق حلمك الذي خُلقت لأجله ؟

^^^


وقبل أن يُجيبه ، إستيقظ على صوت صديقه يهزّ كتفيّه (بعد رؤيته مُغمى عليه ، وسط الغابة)..

- لما ابتعدت عنا ؟! هيا دعنا نعود للمخيّم ، فالجميع قلقٌ عليك 

فنهض جاك وهو يشعر بألم : آخ يا رأسي !

صديقه : هل تشعر بالدوّار ؟

فالتفت جاك نحو الهضبة البعيدة ، دون ان يرى المنارة المهجورة !

جاك بتعب : يبدو انه حلمٌ غريب ! .. هيا لنعدّ للمخيّم

***


وما ان وصل الى هناك ، حتى صرخ عليه رئيسه غاضباً :

- اين كنت ايها الأحمق ؟!! أرسلت الجميع للبحث عنك ..هل انت صبيّ صغير لتضيّع عنا ؟!!

وضحك زملائه ، ساخرين منه !

ليُفاجأ جاك الجميع بقوله :

- انا استقيل 

المدير باستغراب : ماذا قلت ؟!

صديقه : جاك اهدأ قليلاً ، هو لم يقصد إهانتك

جاك : عملي بهذه الشركة الروتينيّة ، لا يُحقّق طموحي بالحياة .. الوداع يا اصدقاء!!

^^^


وركب سيارته ، عائداً الى منزله .. ليجد سيارة إسعاف متوقفة هناك! 

وقبل فهمه ما حصل ، إقتربت جارته لتخبره باتصالها بهم ، بعد سقوط امه في الشارع دون حراك ! والتي ماتت بنفس الليلة بأزمةٍ قلبيّة

فانهار بالمستشفى باكياً ، رغم ان نسخته المستقبليّة أخبره عن موتها القريب ، لكنه لم يظن بهذه السرعة ! ويبدو ان هذه هي قفزة الثقة التي تحدّث عنها نسخه الأربعة بالمنارة 

***


بعد انتهاء العزاء .. إفتتح جاك مدوّنته الأدبيّة ، ليبدأ بنشر قصته الأولى .. وفي نفس الوقت شارك بعدّة مواقع للكتّاب المبتدئين الذين ذُهلوا بموهبته الفريدة التي تطوّرت مع الوقت ، مع تزايد القرّاء والمتابعين في مدوّنته ! 

ورغم التعب الجسدي والنفسي الذي عاناه مع كل قصة تربويّة وهادفة ألّفها ، لكنه تابع المسيرة وهو مُتفائل بأن منارته على وشك إضاءة العالم كلّه !


الثلاثاء، 17 سبتمبر 2024

مُعاناة إبليس

تأليف : امل شانوحة 

الزوجة الحمقاء


كل شيء في حياة إبليس يسير حسب مُخطّطاته الشريرة ، ما عدا شيءٌ واحد ينغّص حياته .. زوجته البدينة : إبنة صديقه المفضّل الذي وعده بالإهتمام بها قبل وفاته ، والتي دائماً ما تُثير غضبه بثقل دمها وتصرّفاتها المُستهترة !


وذات ليلة .. دخلت مكتبه اثناء تدوين خطّطه المستقبليّة ، وهي تناديه بدلال:

- مساء الخير ، إبليسوو !!

فتنهّد بضيق ، دون الإلتفات اليها : 

- أمازلتي حيّة ؟

- أكل مرة تستقبلني بنفس الجملة ؟!

- لأني بانتظار اليوم الذي تدخل فيه خادمتك لتبشّرني بوفاتك ، فقد تجاوز عمرك القرنين ومازلتي صخرة فوق صدري !  

فاقتربت منه ، وهي تحتضنه من الخلف :

- أعرف ان هذا الكلام ليس نابعاً من قلبك ، فأنا مُدلّلتك الوحيدة .. ابنة صاحبك المفضّل

إبليس بعصبيّة : والله لوّ كان والدك حيّاً ، لأحرقته قبلك بعد أن بلاني بكِ !!


فأجابته بغنج : يُعجبني غزلك العنيف .. والآن إخبرني ، الم تلاحظ شيئاً جديداً في مظهري ؟

- لا ، مازلتي بدينةً ونتنة

- إبليسوو ! سأتضايق منك .. أنظر جيداً الى وجهي

- انا منشغلٌ الآن بالتخطيط لأمورٍ مهمّة ، ولا وقت لديّ..

مقاطعة بحماس : أنظر الى شعري ، صبغته بالأحمر !! لونك المفضّل

- لون الشيّب يعجبني اكثر ، فهو يعطيني أمل باقتراب أجلك

فعادت لاحتضانه :

- حتى لو متّ ، ممنوع زواجك بغيري .. على الأقل ، لقرنٍ من الزمن 

إبليس بضيق : انت موتي ، وسأصبح راهباً ليوم الحساب

- ممتاز !! هذا يدلّ انك تعشقني بجنون

فتمّتم باشمئزاز : إستغفر الله العظيم

- ماذا قلت ؟!

- لا شيء.. 

قائلاً في نفسه : ((الملعونة ستُعيدني للتوحيد بسبب غبائها المُستميت!))

وخرجت وهي تمشي بخيلاء ، وتدندّن بسعادة..

إبليس : ما أبشع دلال البدناء ! .. حقاً لن أتزوّج من بعدك ، لأنك كرّهتني صنف النساء كلّهن .. يا الهي ! ما هذه المصيبة ..  يظنون بأنّي سعيد ، وأنا ككلّ الرجال ألعن اليوم الذي تزوّجت فيه ! .. حسناً لأهدأ ، وأعد الى عملي 

***


قبيل الفجر .. وأثناء صعود إبليس لغرفته ، ليستريح من عمله طوال الليل .. سمع زوجته تقول لجواري الجن ، بغرور :

- كلامي هو الذي سيُنفّذ بالقصر .. انا الملكة !! أسمعتنّ 

فتمّتم قائلاً : لا ادري من اين حصلت على ثقتها وكبريائها ، مع اني لم أدلّلها منذ زواجنا ! .. لأذهب وأنام قبل ان تلحقني ، وهي تُطالب بمغازلتها.. وكأن فيها شيئاً يُغازل ! 

***


بعد ايام .. دخلت مكتبه ، ومعها ادوات التنظيف

إبليس : ماذا تفعلين ؟!

- انت تعلم غيرتي الشديدة عليك ، لهذا منعت الجواري الإقتراب من مكتبك .. ومنذ اليوم ، سأنّظفه بنفسي

- إفعلي ذلك دون إصدار صوت ، فأنا أخطّط لشيءٍ مصيريّ 


فصمتت لخمس دقائق فقط ، قبل إقترابها منه : 

- إبليسوو !!

- ماذا تريدين ؟

زوجته : هل انا اجمل ما رأت عيناك ؟

فأجاب بضيق : كم مرّة أخبرتكِ ان لا تفتحي هذا الموضوع ، لسلامتك الجسديّة والعقليّة ؟

فسألته بنبرةٍ حزينة : أتقصد حوريّات الجنة ؟

- وهل يوجد أجمل منهنّ في العالم ؟ خصوصاً نجمة ، زوجتي حينما رافقت الملائكة .. والله لوّ علمت إنتهاء أمري معك ، لسجدّت لآدم مِراراً 

زوجته : أعرف ان هذا الكلام ليس من قلبك ، فأنت تعشقني بجنون

- صبّرني يارب ! رجاءً لا تسمعيني صوتك ، اريد انهاء عملي


فأكملت تنظيف مكتبه .. الى أن انتبه بمسحها الغبار عن الزرّ الأحمر ، فصرخ غاضباً :

- ماذا فعلتِ !!

- ماذا هناك ؟!

إبليس : هذا الزرّ لإطلاق الصواريخ النوويّة من كوريا الشمالية باتجاه اميركا !

- وماذا سيحصل يعني ؟

- ستحدث حربٌ عالميّة ثالثة ، يا غبيّة !!

زوجته : وانت تكره البشر ، فمالمشكلة في فنائهم جميعاً ؟!

- ليس الآن !! مازال هناك اموراً يجب ان تحدث في الشرق الأوسط اولاً

- انت تكبّر الموضوع .. بالنهاية سيُفنى معظم البشر قبل خروج صديقك الدجّال من عزلته ، فمالمشكلة لوّ سرّعنا الموضوع ؟


فصرخ إبليس بعصبية : أخرجي من مكتبي قبل ان أحوّلك لرماد !!!

- أتدري يا زوجيّ العزيز .. كل شيء جميل بك إلاّ عصبيّتك الزائدة ، وعدم تقديرك جهودي بإسعادك

وخرجت متضايقة من المكتب..

إبليس : سأعاقبك لاحقاً .. لأتصل فوراً بالماسون لحلّ هذه المشكلة الصعبة .. أتمنى ان يكون الصاروخ ضرب منطقةً خالية من السكّان الأمريكيين ، وإلاّ ستتسارع الوتيرة بشكلٍ يصعب السيطرة عليه !


وبدأ بإجراء إتصالاتٍ مع عملائه على امل انهاء المشكلة ، قبل حصول أزمةٍ عالميّة تفني البشريّة قبل أوانها ! 


الأحد، 15 سبتمبر 2024

قصص المسابقات

 



هذه ملخّصات قصص المسابقات التي كتبتها حتى الآن .. رتّبتها من الأقدم للأحدث :


26- مسابقة اسوء قاتل :

مسابقة لقتل اكبر عدد من الأبرياء ، فهل سيتمكّن المشاركون من تنفيذ خططهم الشريرة للفوز بالمليون دولار ؟!

https://www.lonlywriter.com/2024/09/blog-post_22.html


25- مسابقة العادات السيئة  :

تأديب سبعة مراهقين عن عاداتهم السيئة ، بأساليب نفسيّة قاسية .. فهل سينجح الخاطف في علاجهم ؟!

https://www.lonlywriter.com/2024/09/blog-post_14.html


24- مسابقة الوسّواس القهري  :

يقرّر طبيب علاج خمسة اشخاص جبريّاً من وساوسهم المرضيّة ، بإغرائهم بجائزةٍ مالية .. فهل سينجح في ذلك ؟!

https://www.lonlywriter.com/2024/07/blog-post_22.html


23- مسابقة الجدارة  :

مسابقة إدرايّة من نوعٍ غريب ! لمعرفة من يستحق منصب مدير عام ، من بين خمسة متقدّمين للوظيفة.. فما الحيلة التي استخدمها أحدهم للفوز بالوظيفة ؟

https://www.lonlywriter.com/2024/04/blog-post_23.html


22- مسابقة الألوان القاتلة : 

مسابقة يتم تعذيب المتسابقين فيها حسب لون ثيابهم ، فمن سينجو منهم ؟!

https://www.lonlywriter.com/2024/02/blog-post_26.html

 

21- مسابقة الهروب المستحيلة :

على المتسابق الخروج من قصرٍ مهجور دون منفذّ ، وإلاّ موته بالتعذيب البطيء

https://www.lonlywriter.com/2024/02/blog-post_8.html


20- مسابقة المواهب الإبداعيّة :

مسابقة للضغط على خمسة موهوبين للحصول على أفضل إبداعاتهم ، في مقابل حصول الفائز على مليون دولار بعد مقتل بقيّة المشتركين !

https://www.lonlywriter.com/2024/01/blog-post_9.html


19- مسابقة الطبخ :

طبّاخة عربيّة تفوز بذكائها وموهبتها على الطبّاخين الأجانب.. فما الحيّل التي استخدمتها ؟! 

https://www.lonlywriter.com/2023/11/blog-post_30.html


18- مسابقة لعبة التخمين : 

يُقرّر مدير معاقبة اسوء موظفيه بلعبة صناديق التخمين ، فما العقوبات التي اختارها لهم؟!

https://www.lonlywriter.com/2023/11/blog-post_21.html


17- مسابقة الرُهاب النفسي  :

مسابقة لعلاج انواع الفوبيات بطريقةٍ جبريّة .. فإمّا تكسب جائزة المليون دولار او تموت ! 

https://www.lonlywriter.com/2023/11/blog-post_8.html


16- مسابقة الرفاهيّة  :

يُشترط على الشباب إمضاء شهورٍ طويلة في مكانٍ مُغلق ، مُزوّد بوسائل الرفاهيّة الخاصّة بالأثرياء .. فهل ستكون جنّة بالنسبة لهم ، ام تتحوّل لجحيمٍ قاتل ؟!

https://www.lonlywriter.com/2023/10/blog-post_18.html


15- مسابقة القمّة  :

عليك صعود الجبل وانت مُقيّد بحجرةٍ ثقيلة ، للفوز بمليون دولار او الموت الحتميّ 

https://www.lonlywriter.com/2023/10/blog-post_15.html


14- المسابقة الإنتقاميّة : 

ماذا ستفعل لوّ استيقظت وانت مُعلّقاً بناطحة سحابٍ مهجورة يتحكّم بها مُختلٌّ عقليّ ينتظر إجابتك الخاطئة ليقطع حبالك ، ورميّك من علوٍّ شاهق؟!

https://www.lonlywriter.com/2023/10/blog-post_3.html


13- مسابقة الموت  :

امام مربيّة اطفال بضعة دقائق لإنقاذهم من ادوات تعذيب الخاصّة بالقرون الوسطى ، قبل احتراقهم جميعاً  !

https://www.lonlywriter.com/2023/09/blog-post_21.html


12- مسابقة رهائن القصر  :

مسابقة لطرد الأشباح الغاضبة من قصرٍ مهجور .. فهل سينجح المغامرون الخمسة في مهمّتهم المرعبة ؟!

https://www.lonlywriter.com/2023/08/blog-post_29.html


11- مسابقة مصيدة الرياضيين  :

كنز في علّية قصرٍ مهجور ، لا يمكن الوصول اليه إلاّ بلياقةٍ بدنيّة عالية ..وهذا سبب إختطاف خمسة رياضيّ أولمبياد ..فهل يحقّقون هدف الخاطف؟!

https://www.lonlywriter.com/2023/08/blog-post_5.html


10- مسابقة الأبطال :

رجال لديهم إعاقاتٍ مختلفة ، يحاولون النجاة بحياتهم من حادثٍ مُدبّر!

https://www.lonlywriter.com/2023/03/blog-post_15.html


9- مسابقة الحواسّ الخمس :

مسابقة مخيفة لامتحان كل حاسّة من حواسك ، فإمّا أن تفقد حياتك او تصبح ثريّاً ! 

https://www.lonlywriter.com/2023/03/blog-post_7.html


8- مسابقة المراهنة الدمويّة :

المحكوم عليهم بالإعدام في حال فازوا بمسابقةٍ مريبة ، يحصلون على حياةً جديدة 

https://www.lonlywriter.com/2022/09/blog-post_21.html


7- مسابقة الغميّضة الدمويّة :

ماذا لوّ لعبت الغُميضة الطفوليّة مقابل حياتك ، فهل ستشترك بالمسابقة بجائزتها الضخمة ؟

https://www.lonlywriter.com/2022/08/blog-post_10.html


6- مسابقة الإجابة القاتلة :

إمتحانٌ مرعب للمتقدّمين على وظيفة في شركةٍ لديها نوايا مخيفة!

https://www.lonlywriter.com/2022/08/blog-post.html


5- مسابقة دمويّة :

متسابقون يحتجزون في غرفة فندق ، وعليهم ايجاد مخرجٍ قبل انتهاء الوقت المحدّد .. فإما يكسبون الجائزة المالية او يموتون بأسوء طريقة! 

https://www.lonlywriter.com/2022/01/blog-post_24.html


4- مسابقة لحن الموت :

موسيقى لمغني صاعد تثير ضجّة بين الشباب لرعب ألحانها ، فما السرّ المرعب الذي يخفيه ؟

https://www.lonlywriter.com/2021/01/blog-post_19.html


3- مسابقة المستوى التالي :

احداث مفاجئة ومخيفة تحصل للاعبيّ الأولمبياد تُجبرهم على رفع طاقتهم لمستوى اعلى 

https://www.lonlywriter.com/2020/03/blog-post_17.html


2- مسابقة عصابة غريبي الأطوار :

رجل يجمع اشخاص يعانون من امراضٍ نفسيّة معقّدة عن طريق الإنترنت ، لتكوين عصابته الخطيرة

https://www.lonlywriter.com/2019/12/blog-post_16.html


1-مسابقة للراغبين بالإنتحار :

شركةٌ مشبوهة تجمع الأشخاص الذين يرغبون بالإنتحار ، لتجربة منتجاتها بطريقةٍ غير قانونية

https://www.lonlywriter.com/2019/02/blog-post_19.html

*****

بالإضافة لرابط ملخّصات أجمل قصصي :

https://www.lonlywriter.com/2020/05/blog-post_31.html


السبت، 14 سبتمبر 2024

مسابقة العادات السيئة

تأليف : امل شانوحة 

علاج الإدمان 


إستيقظ سبعة مراهقين وهم مُقيّدين في مكانٍ مظلم ، كل شخصٍ في غرفةٍ على حدة ..وقبل فهمهم ما حصل ! دخل رجلٌ مقنّع الى كل فردٍ فيهم ، لإعطائه العقاب المناسب حسب إدمانه.. وتحت تهديد السلاح ، كنوع من المسابقة التأديبيّة !

قائلاً للمراهق الأول :

- علمت عن هوسك بالتدخين .. لهذا لن تخرج من هنا ، قبل إنهائك جميع العلب

وأشار لصندوقٍ كبير مليء بالسجائر ..

المراهق بقلق : من انت ؟! ولما تفعل ذلك ؟!

فرمى الرجل الولاّعة له ، وهو يقول بحزم :

- لا تجادلني ، وابدأ فوراً !!

***


وخرج الرجل المجهول ، ليدخل الى الغرفة المجاورة..

- وانت !!

المراهق بخوف : ماذا تريد ؟!

- أخبروني بأنك مُدمن كحول ، رغم عدم بلوغك السن القانونيّة ! .. أترى كل هذه القوارير ، عليك إنهائها قبل الصباح

- أتريد قتلي ؟!

الرجل بلؤم : بل تأديبك !! ابدأ فوراً ، وإلاّ لن ترى اهلك مجدّداً

***


ثم دخل الغرفة الثالثة..

الرجل : علمت بإدمانك للعلاقات العابرة ، رغم كونك في 16 من عمرك ! لذا سألزمك بعلاقةٍ من إختياري

وأدخل له فتاةً فاتنة..

المراهق بسعادة : ياله من عقابٍ رائع !!

الرجل : لا تفرح كثيراً ، فهي مصابة بالإيدز.. ولن تخرج من هنا ، حتى تُعديك ايها المنحرف

المراهق بخوف : لا ! لن أقترب منها

الرجل : سنرى إن كان بإمكانك المقاومة ، بعد عرضي الفيديوهات المثيرة على الشاشة ، فأنت مُدمن على مشاهدتها ايضاً .. ولك الخيار : إمّا ان تترك هذه الأمور لحين زواجك ، او تموت ببطء كهذه الفتاة

وأقفل الباب عليهما !

***


في الغرفة التالية..

الرجل : علمت بإدمانك على العاب كمبيوتر.. لذلك ستلعب لعبةً جديدة حتى الصباح

المراهق بابتسامة : جيد انك خطفتني ، فأنا لا احب الدراسة

- لا تفرح كثيراً ..لأنك كلما خسرت مرحلة ، ستُصعق كهربائيّاً.. وسيزيد الألم مع تقدّمك باللعبة


ثم قيّده بكرسي حديديّ ، بعد تشغيل لعبة صعبة للغاية .. مع توصيل الكرسي بالصاعق الكهربائي !

***


في الغرفة الأخرى..

الرجل : انت مُدمن جوّال ، اليس كذلك ؟

المراهق بلا مبالاة : الجميع مدمنٌ عليه في زمننا الحاليّ  

- لا يبدو لي انك خائفٌ بعد 

- وممن أخاف ايها العجوز 

فرفع الرجل المسدس في وجهه ، مُهدّداً : 

- ستجلس على الكرسي الدوّار الذي سيلفّ بك ، مع كل فيديو تشاهده

- جميل !! يعني ستهديني جوّال ، بالإضافة للعبة ملاهي

الرجل : لا أظنك ستضحك هكذا ، بعد سبع ساعات من الدوران المتكرّر

ثم قيّده بالكرسي الذي تزيد قوّة دورانه ، كل نصف ساعة ! 

***


الغرفة التي بعدها ..

الرجل : اشتكى جيرانك من الموسيقى العالية التي تضعها كل يوم.. لهذا ستبقى مُقيّد اليديّن حتى الصباح ، مع وضع السمّاعات على اذنيّك.. وستسمع الموسيقى الصاخبة طوال الوقت ، الى ان تملّ منها او تُصاب بالصمّم

***


الغرفة الأخيرة..

الرجل : علمت بإدمانك على حبوب المخدّر ..أترى ذلك الصندوق .. عليك انهائه كلّه !!

المراهق بخوف : سيتوقف قلبي وأموت !

- سيظلّ أفضل من عيشك بقيّة حياتك مُخدّراً ومشوّش الذهن .. هيا ابدأ ايها الفاشل !! لديك جالون ماء في الزاوية ، سيساعدك على بلعهم على التوالي

***


ثم ذهب الى غرفة التحكّم التي فيها سبع شاشات ، لمراقبة المراهقين وهم يتعذّبون طوال الليل (بعد إرسال الرجل الغامض عصراً على جوّالات الأهالي : بأن اولادهم في رحلةٍ مدرسيّة كشفيّة ، بعطلة نهاية الإسبوع) 


ثم أخذ يراقبهم وهو يشرب قهوته : ليشاهد احدهم يُنهي خمسة قوارير خمر ، الى ان تتقيّأ بشدة وهو منهار بالبكاء.. 

اما مُدمن المخدّر : فلم يستطع إنهاء ثلاثة علب ، حتى سقط على الأرض بعد تزايد دقّات قلبه ! 

اما مُدمن العاب الكمبيوتر : فصرخ مُتألّماً مع كل صعقةٍ كهربائيّة ، بعد عجزّه عن انهاء اللعبة الصعبة

اما مُدمن التدخين : فظلّ يسعل طوال الوقت بعد انهائه ربع صندوق السجائر ، وقد امتلأت غرفته الصغيرة بالضباب الكثيف ! 

اما مُدمن الجوّال : فأغميّ عليه بعد دوران الكرسي لأكثر من ثلاث ساعاتٍ متواصلة 

اما مهووس الموسيقى : ففقد اعصابه بعد تحرير يديه ، مُحطّماً السمّاعات .. ومُطالباً الرجل بإغلاق ستيريو المُعلّق بالسقف ، وهو يصرخ غاضباً : 

- ان أكره الأغاني !! أكرهها !! إطفئها رجاءً ، أكاد أفقد سمعي من صوت الطبل المزعج !!


اما المراهق العالق مع الفتاة المريضة : فقد ادار ظهره للتلفاز كيّ لا يشاهد المقاطع القذرة .. مُستمعاً لمعاناة الفتاة التي أدمنت مثله على العلاقات العابرة ، وهي تخبره بأوجاع مرضها التي لا تُطاق .. الى أن وعدها باهتمامه بدراسته ، وترك هذه الأمور لحين زواجه بسن الرشد .. وقد أعلن توبته ، دون لمسها !

***


في الصباح الباكر .. أخرجهم الرجل من غرفهم ، بعد ان وعدوه بصلاحهم وتركهم إدماناتهم للأبد ، واهتمامهم بدراستهم وإطاعة اهاليهم .. 

فأرغمهم على شمّ منوّمٍ طبيّ .. ليجدوا أنفسهم نائمين بحافلة مدرستهم الثانويّة ! مع ورقة بأيديهم : ((سأظلّ اراقبكم على الدوام .. وإن علمت من اهاليكم وأصدقائكم انكم عدّتم لعاداتكم السيئة ، سأقتلكم في المرّة القادمة.. فأنا لا احب اليافعين المُنحرفين))

فسارعوا بالنزول الى مدرستهم ، لمتابعة دراستهم بعد ابتعادهم عن إدماناتهم اخيراً

***


بعد شهر .. إكتشف احدهم الوحمة على ذراع مدرّس الرياضة ، التي تُشبه ما يملكها الرجل المقنّع.. فجمع اصدقائه (الذين عانوا من التأديبات المؤلمة) وذهبوا الى مكتبه وهم يهدّدون بسجنه لما فعله بهم!

- كدّت تقتلنا يا رجل !! 

المعلّم : بل عالجتكم من عاداتكم السيئة التي سمعتها من شكاوي اهاليكم .. فأنتم كنتم تضيّعون عقولكم وصحّتكم ووقتكم

فقال أحدهم : وكيف عالجتني بعد إجباري على تدخين عشرات السجائر ؟!

الأستاذ : كانت سجائر طبيّة مليئة بالأعشاب النافعة

- ماذا عني ؟

الأستاذ : لم تكن خموراً ، بل خلّ وحامض وبعض العصائر المفيدة رغم مرورتها

- وانا كنت أُطرش من الصوت العالي !!

الأستاذ : كنت حريصاً على عدم رفع صوت السمّاعات بما يضرّ سمعك بشكلٍ دائم ..لكن إحتجازي لك ، جعلك تتوّهم بارتفاعها الصاخب


المراهق بقلق : وماذا عني ؟ لقد حبستني مع فتاةٍ مصابة بمرضٍ خطيرٍ ومعدي !

الأستاذ : لم تكن مصابة ، بل هي طالبة طبّ نفسي .. واستطاعت بمهارة إقناعك بخطورة العادة التي تدمنها ، من خلال إخبارك بقصص مرضى حقيقيين  

- وانا كنت أُصاب بارتجاجٍ بالمخّ من دوران الكرسي ، مع كل فيديو شاهدته

الأستاذ : أوقفته فوراً بعد اغمائك.. 

- وماذا عني ؟ بلعت عشرات حبوب المخدّر التي حتماً أضرّت بدماغي وصحّتي 

الأستاذ : كانت حبوب مقويّات وفيتامينات .. وأكثرها سكاكر ، لكنك لم تلاحظ ذلك لبلعها فوراً .. 

- كيف سكاكر ! أحسست قلبي سينفجر..

الأستاذ مقاطعاً : مجرّد وهم من أثر الخوف

- ماذا عن تهديدنا بالسلاح ؟

الأستاذ : كان مسدساً لعبة ، لكن لشدّة خوفكم لم تلاحظوا ذلك .. والآن إسمعوني جيداً !! درجاتكم تحسّنت كثيراً بعد عقابي لكم .. وأتمنى ان لا تعودوا لإدمانكم المدمّر.. انتم مازلتم شباباً ، ومن واجبكم الحفاظ على صحتكم


فوافق معظمهم على مسامحته ، لأنهم لا يملكون دليلاً واضحاً على ما عانوه بسببه .. إلا ان المراهق الذي صُعق اثناء لعبه الكمبيوتر ، أصرّ على إبلاغ الشرطة عن ليلتهم العصيبة في قبوّ منزل الأستاذ (الذي قسّمه الى غرف صغيرة بصفائح الألمونيوم ، مع تلاعبه بالأنوار للتأثير على نفسيّتهم الهشّة) 


وتهديد المراهق الجاد ، أجبر المعلم على ترك المنطقة والسفر لولايةٍ اخرى..  وتوظّفه في مدرسةٍ ثانويّة مختلطة هذه المرة ، تحت إسمٍ مغايّر .. ليجتمع لاحقاً مع الآباء الذين اشتكوا له ، إدمانات اولادهم! 


فاستأجر صالةً رياضيّة لعطلة منتصف السنة لإجبار الفاسدين على التدرّب بقسوة ،  كلاً على ماكينة مختلفة حسب إدمانه .. وذلك لإفهامهم أهميّة الصحة التي يهدرونها..

قائلاً في نفسه :

((هذا الجيل المُدلّل لا ينفع معه التربية الحديثة ، لابد من استخدام طرقٍ عنيفة لتأديبهم))


وبدأ بكتابة خطّة لتعذيبهم نفسيّاً وجسديّاّ ، خاصة للتلميذ البدين (مُدمن الطعام) وللطالبة الثريّة (مُدمنة التسوّق) وهو ينوي تأديبهم دون رحمة ، طوال شهر العطلة! 


الخميس، 12 سبتمبر 2024

الأمنيّة الأخيرة

تأليف : امل شانوحة 

 

الأسرار الدفينة


دخل الممرّضان (الشاب والصبيّة ، الموظّفان الجدّد) الى غرفة الطبيب النفسي (الخمسيني) بعد طلب رؤيتهما في مكتبه بدار المسنين .. 

وسأل الممرّضة اولاً:

- أخبروني ان لديك موهبة الرسم ؟

- نعم دكتور

- يعني تستطيعين رسم الشخص بمجرّد اعطائك المواصفات ؟

الممرّضة : أكيد !! وكنت قدّمت على مركز التحقيقات الجنائيّة ، لكنهم يفضّلون رجلاً لهذه الوظيفة.. ولأني درست التمريض ، عملت هنا


الطبيب : ماذا عنك ، علمت انك بارع بعلوم الحاسوب ؟

الممرّض : نعم ، وكنت سأتخصّص جرافيك ديزايّن ..لكن بعد الذكاء الإصطناعي ، درست التمريض

الطبيب : لكنك مازلت تتقن الأمور التقنيّة الحديثة كالتلاعب بالأصوات ، اليس كذلك ؟

- نعم دكتور .. يمكنني خلق شخصيّات بالجرافيك ، كأنها حقيقيّة

الطبيب بارتياح : ممتاز !! اذاً اريدكما في عملٍ خاصّ براتبٍ أضافيّ ، لكن بسرّيةٍ تامة .. لا اريد لإدارة الدار الوقوف بطريقنا

- لم نفهم المطلوب منا ؟!


الطبيب : والدي توفيّ هنا .. وكان حلمه رؤية اخي الكبير الذي قُتل بالحرب ، منذ ان كنت مراهقاً .. لذا صارت لديّ رغبة بتحقيق أماني العجائز ، خاصة من هم على شفير الموت لرؤية أحبّائهم الذين فقدوهم بالموت او الغربة .. فرغم ان معظمهم فقدوا جزءاً كبيراً من ذاكرتهم بالخرف والزهايمر ، إلاّ انهم يتذكّرون شخصاً واحداً على الأقل ، كان مقرّباً منهم سواءً قريب او صديق .. وأريد منكما إدّعاء تلك الشخصيّات لإسعادهم بأيامهم الأخيرة .. وانا سأساعدكما بالمعلومات التي أخبروني بها خلال جلسات العلاج او التنويم المغناطيسي

الممرّضة : أظني فهمت قصدك.. تريدني أن أرسم احبائهم ، من خلال وصفهم لأشكالهم ؟ 

الطبيب : نعم ، وابنتي تخصّصت في صنع أقنعة السيليكون للمسرح والسينما .. فإن كانوا من يحبونه انثى ، تضعين انتِ القناع .. وإن كان ذكراً ، تضعه انت..


الممرّض : وبدوري سأستخدم مهارتي بالحاسوب لتغيّر صوتي وصوت زميلتي الى صوت أحبّائهم ، عبر جهازٍ صغير يوضع اسفل القناع .. لكن المشكلة ، كيف سأعرف طبقات الأصوات إن كانوا ماتوا منذ زمن ؟! 

الطبيب : سأسأل اقاربهم ان كان لديهم تسجيلاً بأصوات الراحلين او فيديوهات قديمة .. كما ان بعض النزلاء امتلكوا جوّالات حديثة قبل وضعهم بالدار ، وربما الصوت مازال مُسجّلاً لديهم.. وإلاّ عليكما المجازفة بالتحدّث بأصواتكما ، مُعتمدين على ضعف سمعهم 

الممرّضة : خوفي أن يكشفوا قناع السيليكون ؟ 

الطبيب : معظمهم يحتاج لتغيّر نظّاراته بعد سنوات بالدار .. لكن مديرنا البخيل يرفض هذه التكاليف .. وسيفيدنا ضعف بصرهم لإنجاح خطتنا بإسعادهم 


الممرّضة : وكل هذا تحقيقاً لحلم والدك فقط ؟! 

الطبيب : أعتقد الفضّفضة مع أعزّائهم ، سيريحهم ويحسّن نفسيّتهم المتعبة .. فالكثير منهم مازال لديه أمور لم يناقشها مع أعزّائهم الراحلين

الممرّض : وهذا عملٌ خيريّ ، فلما لا تريد إخبار الإدارة به ؟ لربما يكافؤننا على مجهودنا !

فتنهّد الطبيب بضيق : عدا أن مديرنا بخيل ، هو موظفٌ تقليديّ .. يكفيه إطعام العجائز وإعطائهم الأدوية في وقتها ، الى حين وفاتهم ! لهذا لن يهمّه فكرة إسعادهم بأيامهم الأخيرة

الممرّضة بحماس : حسناً دكتور ، مع من نبدأ اولاً ؟!!


الطبيب : الغرفة رقم ثلاثين .. فيها سيدة سبعينيّة ، وهي أصغر المتواجدين بالدار بعد أن فقدت رشدها بوفاة ابنها الوحيد اثناء تسلّقه الجبل برحلةٍ كشفيّة مع الأصدقاء  دون اخذ إذنها ، فهي ربّته وحدها بعد وفاة ابيه.. ومن بعدها صارت تحدّث نفسها طوال الوقت .. ففضّل اقاربها وضعها هنا ، بدل مشفى المجانين.. وأظن تجسّدك شخصيّة ابنها ، سيخفّف الكثير من مأساتها

الممرّض : وانا مستعد لذلك ، بعد رسم زميلتي لشكله

الممرّضة : اليس أسهل لوّ طلبنا صورته ؟

الطبيب : اقاربها مزّقوا كل ما يخصّ ابنها ، على امل نسيانه ! لكنها تضرّرت أكثر بفعلهم المتهوّر.. وقد وصلني إتصال من قريبها يخبرني انه مازال يحتفظ بتسجيل ابنها على جواله ، فطلبت إرساله إليّ .. وسأعطيه لك لتغيّر صوتك ، لصوت المرحوم

الممرّض : احتاج بعض الوقت لفعل ذلك 

الممرّضة : إذاً سأذهب الآن الى غرفتها لرسم ابنها ، من بعدها تقوم ابنتك بصنع قناع الوجه .. فكم تحتاج وقتاً لفعل ذلك ؟

الطبيب : ابنتي ماهرة بعملها .. (وأشار للممرّض).. وانت استعد !! بعد يومين تنفّذ المهمّة

^^^


وبالفعل ! تحسّنت نفسيّة السيدة كثيراً ، بعد محادثتها الممرّض لثلاث ساعاتٍ متواصلة وهي تذكّره بالماضي وأحلامه المستقبليّة ! كما عاتبته عن الرحلة التي أبعدته عنها .. بعد إتقانه شخصيّة ابنها ، بناءً على المعلومات التي حصل عليها من أهلها ، عقب ضغط الطبيب عليهم


وكذلك فعلوا بالمريض الثاني الذي ماتت زوجته بسبب بخله الشديد الذي منعه من شراء دواء القلب لها ! بعد إتقان الممرّضة دوّر الزوجة التي سامحته عن اخطائه الماضية ، وأنها بانتظاره بالجنة..

وكان هذا سبب موته بعد يومين وعلى وجهه ابتسامةً عريضة ، وورقة مكتوبة تحت وسادته : عن راحة ضميره بعد اعتذاره لها ، وشوقه الكبير للقائها بالآخرة !


وظلّ الطبيب والممرّضان يعملون بصمت كل ليلة ، لمنح العجائز أمنيتهم الأخيرة بالحديث مع احبّائهم الذين فقدوهم دون سابق انذار بسبب الحوادث او الموت المفاجئ او إختفاء اخبارهم بغربةٍ دائمة !

***


الى ان ارسل الطبيب الممرّضين بمهمتيّن مُنفصلتين.. حيث توجّب على الممرّضة محادثة نزيلة يتجنّبها الجميع ، لصعوبة طباعها وعصبيّتها ولسانها الحادّ ، دون فهم أسباب غضبها الدائم !

بينما ارسل الممرّض لعجوزٍ إنطوائيّ (نادراً ما يتحدّث مع زملائه) بعد تقمّص شخصيّة صديقه المقرّب


ليكتشف الممرّضان أمريّن صادميّن ! فالسيدة اعترفت بأنها سفّاحة قديمة ، قتلت خمسة رجال ودفنتهم بالغابة.. وسبب قتلها لهم : هو شبههم بعمها الذي اعتدى عليها بصغرها ! 

فسألتها الممرّضة (التي تمثّل دوّر جارتها وصديقتها المقرّبة) عن مكان الجثث ؟ فطلبت العجوز ورقة وقلم .. ورسمت شجرة مكسورة وسط الغابة ، فيها أثر حرق برقٍ قديم .. وأخبرتها ان جميع الجثث مدفونة حولها


اما الممرّض فاكتشف شيئاً أهم ..وهو ان العجوز الإنطوائي : كان لصاً محترفاً ، وهو من سرق اهم تاجر بالبلد ! وأخفى الذهب في صندوقٍ مدفون اعلى تلّ القرية


وبعد اعتراف النزيلان بساعات ، أعلن الدار وفاتهما بسكتةٍ قلبيّة ! وربما فضّفضتهما الأخيرة جعلتهما يستسلمان للموت ، بعد البوح بسرّهما المزعج اخيراً .. مما جعلهما يرحلان بهدوء ، خصوصاً بعد إبلاغ الطبيب الشرطة باعتراف العجوزة ..وعلى إثره ، تم اكتشاف الجثث الخمسة بعد ثلاثين سنة من اختفائهم المفاجئ !


اما الكنز ، فاتفق الطبيب مع الممرّضيّن على إخفائه عن الشرطة ..وتقاسمه بينهم لمرور اربعين سنة على الجريمة ، ووفاة الثريّ دون ورثة ! مُعتبرين بأنه مكافئة مالية ربّانية على تحقيق اماني كبار السن في ايامهم الأخيرة.. دون علم الممرّضان بأن الطبيب قتل المجرميّن بإبرة هواء بعد اعترافهما ، كيّ لا يُهانا بتحقيقات الشرطة والإعلام ! (فلولا تمثيل دوّر صديقيّهما المقربيّن ، لما فضحا جريمتهما التي كانت ستموت تفاصيلها معهما) فحسب رأيّ الطبيب : تأنيب الضمير لسنواتٍ عدة ، عقاباً كافياً لهما ! وفضّل كتمان الأمر ، خوفاً من تهوّر الممرّضان اليافعان او تهديده لاحقاً بجريمة الموت الرحيم !

***


ومع دخول مرضى جدّد للدار .. تابع الثلاثة عملهم السرّي ، لكشف المزيد من اسرار كبار السن .. لربما من خلال إيهام العجائز اللقاء بأحبّائهم ، يكسبون ثروةً أخرى غير متوقعة .. فبالنهاية الإنسان بئر من الأسرار الدفينة !  


الاثنين، 9 سبتمبر 2024

نهاية العالم

كتابة : امل شانوحة 

الموت المُفاجئ


في عام ٢٠٣٠ .. إنتشر جوّال صغير يُوضع بجيب القميص ، لميزة شحنه بنبضات القلب ! وعكس توقع الجميع ، كان سعره رخيصاً جداً يناسب أفقر المجتمعات ، حيث لم يتجاوز ثمن علبتيّ سجائر ! لذلك انتشر إنتشاراً كبيراً بين الناس للمميزاته الكثيرة ، بالإضافة لشحنه الدائم دون خطورة إحتراق البطاريّات القديمة او حاجته لكهرباء الشحن !

***


وفي احد الأيام .. تفاجأ جرّاح قلب بعد خروجه من المشفى بسقوط شخصٍ بالشارع المقابل ! فأسرع لنجدته.. وعندما لم يتجاوب المُصاب مع التنفّس الإصطناعي ، نادى موظفيّ طوارئ المستشفى للقدوم اليه.. 

واثناء قطعهما الشارع مع النقّالة ، وقعا ايضاً دون حراك ! وقبل استيعاب الطبيب ما حصل ، إذّ بالزوّار الخارجين من المشفى (بعد إنتهاء موعد الزيارة) يتساقطون تباعاً ، كأنه مقلبٌ تلفزيونيّ ما ! 


الى ان شعر الطبيب برغبة للمضيّ قدماً دون الإهتمام بموت الناس المفاجئ ، وهم يتساقطون كالحشرات المرشوشة بالمبيدات الجويّة !


وظلّ يمشي دون استخدام سيارته .. الى ان وجد حافلة متوقفة قرب النفق ، رغم خطورة المكان ! لكن السيارات بجانبها متوقفة ايضاً عن السير ، بعد موت اصحابها داخلها  


فصعد الى الحافلة ، ليجد مقعد السائق فارغ .. بينما جميع المقاعد مليئة بالركّاب الذين جلسوا بهدوء ، دون التفاتهم للنوافذ لرؤية الفوضى الحاصلة بالخارج ! والأغرب انهم ينتظرون قدومه ، حيث أشاروا له بالجلوس في مقعد السائق 


ورغم غرابة الحدث إلاّ ان الطبيب قاد الحافلة دون اعتراض ، ودون معرفة وجهته ! وظلّ يسير بالحافلة بركّابها الأربعين الذين حافظوا على جمودهم ، دون إنشغالهم بجوّالاتهم او الإلتفات للشارع ، كأنهم منوّمين مغناطيسياَّ ! 

^^^


وظلّ يقود الحافلة ، الى ان ركنها بموقف مبنى مهجور خارج المدينة ! 

بعدها نزل مع بقيّة الركّاب الى داخل المبنى .. حيث استقبلهم شاب بطقمه الرسميّ ، طالباً منهم الذهاب معه لقاعة تشبه المسرح.. 


فجلسوا في مقاعدهم لسماع شرحه على الشاشة الضخمة ، بعد استعادة وعيّهم !


الشاب : رجاءً اهدأوا !! سأخبركم بكل شيء .. 

فسكت الجميع .. ليُكمل قائلاً :

الشاب : جميعكم يعلم بجوّال الجيب الذي انتشر بالآونة الأخيرة.. والذي بالحقيقة تسبّب هذا اليوم بإبادة ثلاثة ارباع العالم دفعةً واحدة

بصدمة : هل ماتوا جميعاً ؟!

الشاب : نعم ، بعد قيام الملاعين برفع تردّد الجوّالات الى (5G) مما ادّى لسكتاتٍ قلبيّة مفاجئة ، قتلت جميع الأعمار  

- لحظة ! تتكلّم وكأن الجميع يملك جوّالهم اللعين .. ماذا عن العجائز والأطفال؟

الشاب : الذبذبات التي خرجت من الناس المحيطة بهم ، كافية بتفجير أدمغتهم الهشّة

- وماذا عنا ، لما لم نمتّ ؟! 

الشاب : ستعرفون الجواب بعد إخراج جوّالاتكم


فرفعوها جميعاً ، ليتفاجأوا بأن لديهم نفس نوعيّة الجوال الذي نزل مؤخراً للسوق ، والذي لم يلقى رواجاً بسبب سعره الغالي مُقارنةً بجوال الجيب .. كما ان حجمه المعتاد لم يعد مُستحباً كالصغير (العملي) كما حاجته للشحن الكهربائي.. لهذا شعر الناس انه نسخة مُتخلّفة ، وليس مُستحدثاً كالجوّال الذي يملكونه


ثم أكمل الشاب الشرح بنبرةٍ حزينة :

- حاولت إنقاذ الجميع ، لكني فشلت

- ومن انت ؟

الشاب : كنت اعمل بشركة الإتصالات التي أصدرت الجوّال القاتل.. وعندما علمت بخطتهم الخبيثة ، إستقلت فوراً .. وعملت هنا بالسرّ الى ان انتجت الجوّال الجديد الذي وضعت فيه مضاداً لتردّداتهم القاتلة ، والذي كلّفني كلّ مدّخراتي.. وقمت بتسويقه عبر وسائل التواصل الإجتماعي ، لكن للأسف لم يشتره الكثيرين.. لهذا لم استطع إنقاذهم من الموت المفاجئ!

- ومالعمل الآن ؟

الشاب : اولاً دعونا نتعرّف عليكم

- انا أفضل طبيب جرّاح بالبلد 

- وانا تاجرٌ ثريّ 

- وانا عالم فيزيائيّ شهير 


وبدأ كل واحدٍ يعرّف عن نفسه ، ليظهر ان جميعهم من اهم شخصيّات البلد .. فرفع أكبرهم سناً يده بخجل : 

- جميعكم مثقفون او اثرياء ، أما انا فمراقب مجاري.. صحيح انني الأفضل في عملي ، لكني لا اجد رابطاً بيني وبينكم سوى الجوّال الذي نملكه جميعاً !

الشاب : وهذا من حسن حظك


فعاد الرجل للسؤال : طيب عندي استفسار آخر .. انا اعزب ، ماذا عنكم ؟

ومن إجابات 39 شخصاً : كانوا جميعاً امّا عزّاب او مطلّقين او ارامل او منفصلين عن علاقتهم الأخيرة

الشاب : نحن اخترنا الأشخاص الذين ليس لديهم مسؤوليات عائليّة

- من انتم ؟ وماذا تقصد باختيارك لنا ؟!

الشاب : تعالوا معي لأعرّفكم على بقيّة الناجين في المناطق الأخرى

^^^


وأخذهم بذات الحافلة للمنطقة المجاورة .. ليتلقوا بشخصيّات مهمّة نجوا من الموت بسبب الجوّال الجديد ! وبعدها تجمّعوا في قاعة بها شاشة عملاقة ، ليتواصلوا مع الناجين حول العالم ، الذين تعدّى عددهم الملايين ! 


فسأل الطبيب ، الشاب باستغراب : ألم تقل انك انتجت الجوال الجديد بمدّخراتك البسيطة كموظف ، فكيف بعته لكل العالم ؟ الأمر غير منطقي!! 


وهنا ظهر رجلٌ على الشاشة يُخفي وجهه بقناعٍ اسود ، قائلاً بصوتٍ أجشّ:

- يبدو انكم نسيتم كيف حصلتم على جوّالاتكم الجديدة ؟

فأجاب أحدهم : انا وصلني هديّة بالبريد 

- وانا حصلت عليه كمكافئة في مسابقة علميّة 

- وانا ترقيّة من عملي


فقال الرجل الغامض (بالشاشة) : هذا صحيح !! جميعكم حصل على جوّاله كهديّة مجانيّة ، لأني اخترتكم بنفسي

- ومن تكون ؟ إظهر وجهك !!

فردّ بثقة : سترونني لاحقاً .. كل ما عليكم معرفته انكم الأفضل في مجالكم : سواءً اطباء او مهندسين او بارعين في مهنكم الحرفيّة او اصحاب مواهب ، وصولاً لمسؤولي النظافة المخلصين .. الى ان وصل عدد الناجين الى مليار نسمة فقط


وهنا قال أحد العلماء بخوف :

- أتقصد المليار الذهبي ؟!

فضحك الرجل الغامض ضحكةً مجلّجلة ، أخافت الحضور بالمسرح:

- يعجبني العلماء ، لديهم عقلٌ متفتّح.. نعم !! هذه خطتي لإقصاء الغوغائيّن من العالم.. فأنتم ملزمون ببناء حياةٍ مثاليّة لصديقي العزيز

- ومن صديقك ؟!


وهنا اقترب شخصٌ آخر من الكاميرا ، أرعبهم جميعاً ! حيث ظهر بعينٍ واحدة ووجهٍ مشوّه ، قائلاً بفخر :

- انا الدجّال !!


وانطفأت الشاشة مع دخول مجموعة من الحرس الى المسرح ، لتقييد المتواجدين وأخذهم الى مستعمرة حديثة للعمل الإجباري ، كلاً حسب إختصاصه لبناء الدولة العالميّة الموحّدة !

***


في مكانٍ آخر ، وبعد اطفاء الكاميرا .. ازال الرجل الغامض قناعه ، وهو مازال يضحك مما حصل :

- خافوا كثيراً من منظرك ، كيف لوّ رأوني ؟

الدجّال : ابليس يا صديقي ، انت نفّذت وعدك بإخراجي من عزلتي الكئيبة

إبليس : ودوري انتهى .. الآن دورك لإبادة بقيّة البشر الملاعين

- ليس بعد ، فالمليار عددٌ كبير .. اريدك إيصالهم لنصف العدد

إبليس باستغراب : لكني اخترت أفضلهم !

- وأبقيت على عبّادك المخلصين والماسون ، وبرأيّ دورهم انتهى

- وماذا أفعل بهم ؟!

الدجّال : إجمعهم بمقرٍّ سرّي .. ثم دمّر الأرضيّة تحت اقدامهم ، ليقعوا جميعاً بحفرة من النيران المُلتهبة

- مساكين ! سيحترقون دنيا وآخرة

- ونحن كذلك ، لكن بعد إبادة البشر

إبليس بفرح : تحقيقاً لحلمي الأبدي

وأغرقا بالضحك !


السبت، 7 سبتمبر 2024

الزومبي المتحول

تأليف : امل شانوحة 

المجتمع المتوازن


من غير سابق إنذار ، إنتشر مرضٌ خطير بإحدى الجزرّ المُكتظة بالسكّان ، حوّل الناس الى زومبي متوحّش ! فاضّطرت الدولة الى تفجير الجسر الذي يربطها بالجزيرة التابعة لها.. ومن بعدها ألقت قنبلةً بالطائرة ، قضت على جميع الزومبي بالجزيرة ..مع قطع الإتصال بهم ، بعد إنتهاء المهمّة العسكريّة .. على امل ان لا ينتشر المرض الغريب في دولتهم ، ومنها للعالم أجمع .. كل ذلك حصل مع تعتيم إعلامي حذر ، كيّ لا تتضرّر السياحة في بلدتهم ! 

دون علم المسؤولين بنجاة ثلاثة علماء في الجزيرة ، بعد إختبائهم بقبوّ مختبرهم الطبّي اثناء القصف الجويّ .. والذين تمكّنوا من إصطياد زومبي (لسيدة ثلاثينيّة) حبسوها في غرفةٍ زجاجيّة ضدّ الكسر لإجراء التجارب عليها ، بنيّة إيجاد علاجٍ للمرض الغامض.. وربما تكريمهم لاحقاً لإيقافهم المرض قبل انتشاره بكل العالم


وعكف العلماء الثلاثة على إجراء التجارب الكيميائيّة على الزومبيّة الأخيرة ..الى ان اكتشفوا أن العلاج يستهدف الكروموسومات التي تحدّد جنس الزومبي ! 

والعلماء هم : زوج وزوجة (اطبّاء) بالإضافة لرجلٍ مُتحوّل اراد الظهور بصورة البطل ، فتطوّع بإعطاء إبرة العلاج (المُكتشفة) للزومبيّة التي فاجأته بهجومٍ مباغت ، وعضّته من رجله .. مما أجبر الطبيب على إطلاق النار عليها ، وقتلها .. ثم الإسراع بقفل الباب الزجاجيّ على زميله المتحوّل ، قبل أن يصبح زومبيّاً خلال دقيقتين على أبعد تقدير .. دون اكتراثه بطرقاته وتوسّلاته لإبعاده عن جثة الزومبيّة الملوّثة ، الى ان تحوّل لزومبي آخر ! 


فقالت زوجة الطبيب بقلق : علينا إعطائه العلاج فوراً

فتنّهد زوجها : لا اظن سينفعه

- ماذا تقصد ؟!

- انت تعلمين انه أخذ العديد من إبر الهرمونات لتحويله لأنثى 

زوجته : نعم ، ولم يكمل علاجه بعد انتشار المرض .. وبما اننا اكتشفنا علاجاً للزومبيّات..

مقاطعاً : هو تلاعب بهرموناته الذكوريّة .. لذا لا اظن العلاج سينفعه ، لأنه لم يتحوّل بعد لأنثى كاملة

- دعنا نحاول

الطبيب : سنهدر الدواء عليه .. دعينا نركّز على إيجاد علاجٍ لزومبي الذكور .

- وهل سينفع زميلنا ؟

- لا ايضاً ، فهو جنس ثالث بين الجنسيّن !

زوجته بقلق : اذاً ماذا نفعل به ؟!

بحزم : نقتله !!

مُعترضة : لطالما عارضتّ حقوق المتحوّلين والشواذّ..

مقاطعاً بجدّية : توقفي عن لومي ، فلا وقت لدينا لحقوق الإنسان والترّهات السخيفة .. فنحن نعلم جيداً ان الدواء يستهدف الكروموسومات : إمّا (إكس إكس) انثى ..او (إكس وايّ) ذكر .. وهو لا هذا ولا ذاك ، فلما نتعب نفسنا بعلاجه ؟ أنظري اليه او اليها .. لقد هدأ اخيراً بعد محاولاته المُستميتة لكسر الباب.. لهذا دعينا نستريح من صراخه وننام لبعض الوقت ، قبل إكمال عملنا بالمختبر


وصعد لفوق ليرتاح قليلاً .. فاستغلّت ذهابه ، لإعطاء المتحوّل العلاج .. والذي فأجأها بهجومٍ شرسٍ عليها ! 

وما ان سمع الزوج صراخها ، حتى نزل اليهما مُسرعاً .. مُطلقاً النار على زميله الزومبي.. 


وقبل خروج زوجته من الغرفة ، دفعها للداخل وأقفل الباب عليها ! فصارت تطرق الزجاج بهستيريّا وخوف :

- أخرجني من هنا !! لا اريد البقاء مع جثتيّ الزومبي

زوجها بحزن : ستتحوّلين مثلهما بعد قليل.. لكن لا تخافي ، سأحضّر الدواء بالحال وأعطيه لك .. جيد اننا اكتشفنا علاجا للزومبيّات اولاً.. إنتظريني !!

فقالت باكية : ارجوك لا تتأخّر عليّ .. انا خائفةٌ جداً

^^^


بعد قليل ..نزل اليها ، ليجدها تحوّلت لزومبي وهي تأكل الجثتيّن بنهم ! ورغم المنظر المقزّز إلاّ انه استجمع قواه لدخول الغرفة وحقنها .. لينصدم بهجومها عليه وعضّه من كتفه ، قبل إخراجه الإبرة من ذراعها.. 


وبالوقت الذي كانت تعوّد فيه الى طبيعتها ، كان هو يتحوّل ببطء الى زومبي ! فدفعها لخارج الغرفة ، وهو يطالبها بإقفال الباب بالحال..

فانهارت باكية : لا اريد تركك !!

زوجها بحزم : إقفليه بسرعة !! لم يعد هناك وقت .. سأتحوّل لزومبي بعد دقيقةٍ واحدة

فأقفلت الباب ، وهي تعتذر عن عضّه :

- حبيبي ، سأعطيك العلاج فوراً !!

زوجها بحزن : لن ينفع .. هو للنساء فقط

- وكيف أحوّله للذكور ؟

- إستهدفي الكروموسوم إكس وايّ

- وكيف أفعل ذلك ؟


وقبل ان يجيبها ، تحوّل لزومبي وهو يحاول كسر الباب الزجاجيّ بكل قوّته ! فصعدت باكية الى فوق ، في محاولة لإيجاد علاجٍ سريع لزوجها

^^^


لكن الأمر لم يكن سهلاً .. حيث قضت ثلاثة ايام في المختبر ، الى أن وجدت العلاج اخيراً.. واستغلّت نوم زوجها قرب بقايا الزومبيّن الذي تناولهما بالأيام الفائته ، وحقنته بالعلاج.. ثم أسرعت الى خارج الغرفة وهي تراقبه من الزجاج الفاصل ، الى ان عاد الى طبيعته .. فأخرجته من هناك وهي تحتضنه بشوّق

الزوج بفخر : كنت متأكّداً من إيجادك العلاج

- والآن ماذا نفعل ؟

- تعالي معي

^^^


وأخرج جهاز التلغراف (الذي يستخدمه للطوارئ) لإرسال شفرة مورس لمسؤولي المدينة : يخبرهم عن إيجاده علاجاً لمرض الزومبي 


فأرسلوا مروحيّة للطبيبيّن (بعد ظهور المرض عندهم ، وعجّزهم عن إيقاف انتشاره السريع بين السكّان المرتعبين) .. حيث أعلن الطبيب بكل وسائل التواصل الإجتماعي عن إيجاده هو وزوجته علاجاً ينفع كطعمٍ وقائيّ من التحوّل لزومبي ، للذكور والإناث دون غيرهم ! 


مما أجبر الشواذّ على عودتهم الى طبيعتهم للحصول على الطعم الواقي : وذلك بإطالة الذكور ذقونهم ، ولبس ملابس تليق بهم ، مع حلق شعورهم المصبوغة الطويلة ، ومسح المكياج المبالغ فيه عن وجوههم ، مع تضخيم اصواتهم وتحسين مشيهم وطريقة كلامهم.. وكذلك فعلت النساء المُسترجلات : بلبسهنّ الفساتين ، ووضع المكياج لأول مرّة في حياتهنّ ! 

اما المتحوّلون الذين أخذوا إبر هرمونات لتغيّر جنسهم ، فتم إعدامهم جماعيّاً لعدم وجود علاجٍ لهم ، وخوفاً من تحوّلهم لزومبي لاحقاً.. 

***


بنهاية السنة ، إختفى مرض الزومبي تماماً .. كما عاد التوازن للعالم بعد انقسام الناس لذكرٍ وأنثى (كما كانوا منذ بدء الخليقة) مع إختفاء آفة الشواذّ للأبد


الخميس، 5 سبتمبر 2024

أصون كرامتي فوق حبي الجزء الثاني والأخير

تأليف : امل شانوحة

 

الفارق الإجتماعي


وكما توقع وليد ، حصل بالضبط ! فقد ذهب والداه مُرغمان لبيت بسمة بعد ان هدّدهما بزواجه منها دون رضاهما ، وهذا يعتبر فضيحة ببيئتهم المخمليّة.. 

وهناك رفضا ضيافة اهلها ، وهما ينظران للعروس باشمئزاز بسبب منزلها المتواضع في منطقةٍ شعبيّة ، دون إكتراثهما بمديح والدها لشهاداتها العاليّة.


وفي طريق العودة ، ظلاّ صامتيّن دون لومه او عتابه ! رغم معرفة وليد بأن امه لن تهدأ قبل الضغط على ابيه لإفساد الموضوع بالكامل 

^^^


وهذا ما حصل في اليوم التالي .. عندما قرّر والده منعه العمل في شركته (كما يعدّه دائماً بعد التخرّج) في حال تزوّج بسمة .. لتكمل امه تهديدها بحرمانه من الميراث ان أصرّ على الفتاة البسيطة (حسب وصفها) !


فحاول في البداية إفهامهما بأن بسمة لها الفضل في إبعاده عن طريق الإنحراف .. وعن تميّزها عن بقيّة الفتيات التي عرفهنّ بحياته .. وأنها من اوائل الدفعة بإدارة الأعمال ، وستساعد والده بشركته التجاريّة بأفكارها المبتكرة


لكنهما أصرّا على الرفض ! فلم يكن امامه إلاّ تخيّرهما بين عيشه بالغربة طوال حياته او تزويجه حبيبته التي شعر بألم فراقها لعامٍ كامل ..وختم كلامه :

- الا يكفي خسارتي لأخي الكبير ، أتريدون تحطيم ما تبقى من قلبي المُرهق؟! 


فأثار كلاكه مشاعر امه التي اصبحت مُتسلّطة بعد موت ابنها المفضّل الذي يشبهها بالصفات ، اكثر من وليد الذي يُشابه اباه .. والتي فاجأت زوجها وابنها بقرارها الحازم :

- حسناً اوافق ، لكن بشروط !!

وليد بدهشة : أحقا امي ! ... سأنفّذ جميع شروطك

الأم : اولاً !! لن تحضر عائلتها عرسك

وليد بارتباك : امي ! هي ابنتهم البكر ، ولا يحقّ لنا حرمانهم من ..

الأم مقاطعة بلؤم : هذا شرطيّ الأول !!

وليد بقلق : وماذا ايضاً ؟

الأم : لن تُكمل تعليمها

وليد : هي الأولى على الدفعة ..كما انها حاصلة على منحةٍ دراسيّة ، يعني لن تُكلّفنا..

والده مقاطعاً : امك معها حق .. الم ترها كيف تحدّثت معنا بكل ثقة ؟ وانه باستطاعتها العمل بأيّة شركة ، حين لمّحت لها برفضي توظّفها في شركتي ! لهذا لن ندعها تكمل ، كيّ لا تتفاخرعليك .. فنحن نعلم جيداً انه ليس بمقدورك إكمال الماجستير والدكتوراه ، فأنت بالكاد تخرّجت من الجامعة !


فتنهّد وليد بضيق :

- حسناً امي ، ماهي شروطك الثانية ؟

الأم : لن تتزوجا فوراً

وليد بارتباك : ماذا يعني هذا ؟!

الأم : سنضع سريريّن مُتباعديّن في غرفتك .. ولن تتزوّجها ، لحين تحسّن سلوكها وتصبح لائقة لعائلتنا

- وكيف سيحدث ذلك ، امي ؟!

- سأوظّف من تعلّمها أتيكيت الطعام والمشي والكلام مع مجتمعنا الراقي .. وفي حال أثارت إعجابي ، نسمح بسفركما لشهر العسل .. لكن لا تتحمّس كثيراً ، لأني متأكدة من فشلها منذ الآن

- امي انا اعشقها بجنون ، فكيف سأبتعد عنها وهي معي بالغرفة؟!

- إن كنت ستفقد السيطرة على نفسك ، سأنقلها لأبعد غرفة في القصر ، حتى وإن كان بالعلّية او القبوّ

- امي ، ليس لهذه الدرجة !

الأم بحزم : إذاً إخبر بسمة بشروطنا .. وأن رفضت ، نجد لك عروساً لائقة بنا 

***


ما ان سمعت بسمة شروط اهله ، حتى اوشكت على إنهاء المكالمة والموضوع بأكمله ..لكنها فضّلت إستشارة والديها اولاً ، واللذين فاجآها بموافقتهما على شروطهم القاسية !


بسمة بصدمة : انا لن ارضى بعدم حضوركما عرسي !

الأب بحزن : ابنتي .. انت تعرفين سوء حالتنا المعيشيّة ..وطالما وليد وعدك بإعطائنا راتباً شهريّاً مجزيّاً دون علم اهله ، فهذا يكفينا

بسمة : ابي ! كنت سأتكفّل بالمصاريف فور حصولي على الدكتوراه ، لكنهم يمنعونني من إكمال تعليمي او العمل بأيّة شركةٍ تجاريّة !

الأم : لا بأس حبيبتي ، طالما ستعيشين في قصرهم ، وتتناولين ألذّ المأكولات وتلبسين..

بسمة مقاطعة بعصبية : انا لا تهمّني هذه الأمور !! سأتصل بوليد حالاً ، وأخبره بإلغاء الموضوع .. 

الأم مقاطعة بقلق : لا تفعلي يا ابنتي ، فهذه الفرصة لن تتكرّر ثانيةً

بسمة بدهشة : انا لا اصدّق ما اسمعه ! ابنتكما ستُهان في قصرهم ، لأني متأكدة أن حماتي ستعاملني باحتقار ، فلما اختار تلك الحياة الصعبة ؟!

الأب بقهر : لأن مالك الشقة هدّد بطردنا بالشارع آخر الشهر

بسمة بصدمة : لما لم تخبراني ؟!

الأم بحزن : لم نرد إشغالك عن دراستك .. ووالدك لم يعد باستطاعته العمل في الورشة ، كما فعل بشبابه.. فارحمي كبر سنّنا.. والراتب الذي حدّده وليد ، مناسبٌ جداً لنا

الأب : رجاءً يا ابنتي ، تحمّلي قساوة اهله لأجلنا

فواققت مُرغمة على إكمال مراسم الزواج ، دون تواجد اهلها معها !

^^^


وكان عرساً في القصر ، إقتصر على الأقارب .. مع تلميح الحماة بعدم عزيمة اصدقائهم ، لخجلها من العروس من الطبقة الكادحة (حسب وصفها) .. فتغاضت بسمة عن تعليقات حماتها المستفزّة ، لمساعدة اهلها ماديّاً

***


عندما وصلت بسمة لغرفتها بالقصر .. اشار وليد الى السرير الصغير ، البعيد عن سريره الفخم :

- ستنامين هناك ، الى ان ترضى امي عليك

- ولما اخترت لي السرير الصغير ؟!

- لأنك متعوّدة على الحياة القاسية 

بسمة معاتبة : ألهذا السبب سمحت بفرض شروطهم عليّ ، كيّ لا يحرموك اموالهم؟

- إسمعيني جيداً ..انا ابنهما الوحيد ، وعليّ تنفيذ اوامرهما

- لما انت ضعيف الشخصية يا وليد ؟ في الغربة ، سيّطر اصدقائك عليك .. والآن اهلك ! متى ستقرّر ما تشاء ، دون توجيهات من حولك ؟!

وليد بحزم : لا تتجاوزي حدودك !! والآن إذهبي لتغيّر ملابسك .. عليّ النوم باكراً ، فغداً اول يوم عملٍ في شركة والدي 

- طبعاً ، مكافأة من الماما والبابا على إذلال عروستك

- لن أجيبك

وذهب لتغيّر طقمه الفخم

^^^


بعد قليل ، وقبل اطفائه النور .. قالت له : 

- رجاءً ، إقفل باب الغرفة

وليد : نحن لا نقفل الأبواب ، كيّ يدخل الخدم متى طلبناهم .. وهم بالعادة ينظفون في الصباح ، ويحضرون الملابس المكويّة وغيرها من الأمور 

بسمة : إقفل الباب ، لأني اسير في منامي

باستغراب : ماذا !

- لم اخبرك بذلك .. لكن عندما تكون نفسيّتي متعبة ، اسير في منامي.. وانا صغيرة ، لحقني ابي قبل خروجي من المبنى ليلاً

- جميلٌ جداً .. هذا ما كان ينقصني ! هيا نامي ، ولا تكثري الكلام

وغفى سريعاً ، بعد رفضه إقفال باب الغرفة ! 

***


في اليوم التالي .. زارتها امها للإطمئنان عليها ، دون علمها بمنع إقتراب بسمة من زوجها لحين حصولها على رضا حماتها (فهي لم تخبر اهلها بهذا الشرط المشين) .. لتفاجأ برفض حماتها تواجدها في القصر ! فاضّطرت بسمة الحديث مع امها بالحديقة ، وهي مقهورة عليها ..


ام بسمة وهي تخفي حزنها : لا تبكي يا ابنتي

بسمة وهي تمسح دموعها : لا يحقّ لها طردك

- هو قصرها بالنهاية

- وانت حماة ابنها ، ومن حقك زيارتي 

الأم : حسناً اهدأي ، فالموضوع يحتاج لبعض الصبر.. حاولي كسب قلب زوجك.. وإن اصبح في صفّك ، لن يهمك أذيّة اهله ..صدّقيني


وكانت زيارةٌ سريعة ، لخوف امها التسبّب بمشاكل لها


وما حصل جعل بسمة غاضبة طوال اليوم ، لهذا لم تأكل معهم.. واكتفت بشطيرة اخذتها الى غرفتها

***


في المساء .. حاول وليد مراضاتها ، لكن بسمة رفضت التحدّث معه .. ونامت باكية 


في آخر الليل ، انتبه على جلوسها على طرف السرير دون حراك ، وعيناها شبه مفتوحة .. ثم رآها تخرج من الغرفة حافية القدميّن !

فعرف انها تمشي اثناء نومها ، ولحقها بهدوء ليعلم اين تذهب.. ليجدها تحاول فتح الباب الرئيسي للقصر ، والذي بالعادة يقفله كبيرالخدم بالمساء! 

فاقترب من بسمة ، رابتاً على كتفها بهدوء .. فإذّ بها تقع على الأرض ، وتكمل نومها وكأن شيئاً لم يكن ! 


فحملها الى غرفته .. ووضعها على سريرها ، وهي في سباتٍ عميق! 

وحمد ربه بأن لم يرها احد من الخدم ، وإخبار امه بعادتها المُقلقة ! 


ولم ينمّ تلك الليلة وهو يفكّر بزوجته : 

((ما ذنبها ان تتحمّل قساوة امي ؟ لقد أذيّتها بحبي.. فلولا زواجي بها ، لكانت الآن مشغولة بدراستها وهي تعيش مع عائلتها المُحبّة.. حتماً مشت في منامها لحزنها على إهانة امها ، وبسبب الضغوطات النفسيّة التي تواجهها بالقصر ..ماذا افعل ؟ هل أراضيها ، ام أرضي اهلي ؟! يارب ساعدني))

***


وفي اليوم التالي .. بدأت حصصها بتعلّم الأتيكيت من مدرّستها الجديدة التي قدمت الى القصر .. والتي ستقضي ثلاث ساعات معها يوميّاً ، لتعلّم سلوكيّات الأثرياء الصارمة !


وبعد انتهاء الدرس ، شعرت بسمة بالجوع .. ولأنه مازال هناك ساعة على موعد الغداء ، دخلت المطبخ لإعداد شطيرة.. واثناء تناولها الطعام .. دخلت حماتها ، لتراها تضحك مع الطبّاخة والخادمة .. فصرخت عليها :

- أتدرين كم سيكلّفني راتب أفضل معلمة اتيكيت بالبلد ، لأجدك هنا تتحدثين مع الخدم ؟!! لا اظنك ستنالين رضايّ يوماً ، والأفضل ان تطلبي الطلاق من ابني بأسرع وقتٍ ممكن


وظلّت تنتقدها وتهين اهلها ، الى ان صعدت بسمة الى غرفتها باكية .. بالوقت الذي كان وليد هناك ، يغيّر ملابسه للذهاب للنادي .. وعندما شكت همها ، أيّد رأيّ امه !

- بسمة ، لا يمكنك دخول المطبخ متى شئتِ .. انا نفسي لم أدخل هناك منذ سن المراهقة .. أيّ شيء تريدينه ، أطلبيه من الخدم .. انت ستكونين زوجة وليد بيك ، رجاءً تصرّفي على هذا الأساس

فلم تجادله ، بل دخلت الحمام لتكمل بكائها .. بينما خرج مُتذمّراً للنادي

***


في المساء .. تكرّر الشي ذاته ، بعد رؤيتها جالسة على طرف السرير دون حراك ! فعلم انها على وشك المشي اثناء نومها ، فأسرع بقفل باب غرفته .. ليراها تمشي بهدوء وهي حافية القدمين نحو الباب الذي لم يُفتح معها ! 


فتوجّهت نحو النافذة المفتوحة ..ولوّ لم يُسرع وليد بمسك ذراعها ، لقفزت من هناك:

- ماذا تفعلين يا مجنونة ؟!!

فنظرت اليه بنعاس : ماذا هناك ؟! لما تصرخ عليّ ؟!

فأخبرها بما حصل..

بسمة وهي تعود الى سريرها : بالعادة لا امشي دون وعيّ إلاّ اذا كنت مضغوطة نفسيّاً .. وإذا لم تضع حدوداً صحيّة بيني وبين أهلك ، سيأتي يوم وأقفز فعلاً  

وليد بلؤم : لن تموتي من الطابق الثاني 

- ربما لا .. لكن ستكون فضيحة عندما يصل الخبر للإعلام ، اليس كذلك ؟

فسكت بامتعاض ، بينما ادارت ظهرها لتنام وهي متضايقة من إهماله لها !

***


وذات ليلة ، قال لها :

- انا سأقفل الباب والنافذة كل مساء ، الى ان يعالجك طبيبٌ محترف من مشكلتك النفسيّة

بسمة : مشكلتي لا يحلّها سواك  

وليد : ماذا تقصدين ؟

- انت تعرفني جيداً .. لم احبك لأنك ثريّ ، ولا يهمّني المال والسلطة.. كل ما اريده هو الشعور بقيمتي


فسكت قليلاً ، قبل ان يقول :

- هناك عميل مهم للشركة يريدنا ان نقدّم له اقتراحات لتطوير صادراته للخارج.. وابي وكّلني بهذه المهمّة ، ولا اظنني سأنجح فيها ! ما رأيك لوّ تساعديني ؟ فأنت تفوّقتي على دفعتنا بهذه المواضيع 

بسمة : هل لديك اوراق العميل التي تبيّن طريقة إدارة مصنعه ؟

- نعم ، جميعها معي

- اذاً لنسهر معاً ، ونحن نناقش جميع التفاصيل

***


في الصباح ، تفاجأ الأب بقدوم كنّته الى الشركة ! مع إصرار وليد على تواجدها اثناء حديثهما مع العميل.. فاشترط الأب عدم تدخلها دون اذنه .. وبالفعل التزمت الصمت طوال الإجتماع.. وحين أخبرهم العميل بعدم إعجابه باقتراحاتهما .. تدخلت بسمة بحديثٍ مطوّل عن النجاح الذي سيحققه لوّ تعامل مع شركتهم .. شارحةً باحترافية إدارة عمها الناجحة وتدقيقه بالتفاصيل ، بطريقةٍ أذهلت زوجها ووالده وكذلك العميل الذي وافق بالنهاية على توقيع عقد عملٍ مشترك بينهم !


وبعد ذهاب العميل ، تفاجأت بسمة باحتضان حماها بالفخر :

- أحسنت يا ابنتي !! كنا سنخسر الكثير لوّ فقدنا هذا العميل المهم

بسمة بخجل : لم افعل سوى واجبي ، يا عمي

وليد بسعادة : اخبرتك ابي بأنها الأولى على دفعتنا ، لهذا اطلب منك توظيفها في قسمي ، فهي ستساعدني كثيراً بعملي

الأب : وانا لا امانع ذلك

بسمة بصدمة : أحقاً عمي !

- نعم يا ابنتي .. فعدا عن استفادتنا من افكارك النيّرة ، سيقلّل وجودك معنا طوال النهار التوتّر بينك وبين حماتك التي عليّ إقناعها بتوظيفك بالشركة

وليد : كان الله في عونك يا ابي

***


وبالفعل غضبت الأم من قرار التوظيف .. لكنها مع الوقت تقبّلت ذلك ، فهي لا ترغب بتواجد بسمة اثناء زيارة صديقاتها الثريّات الى القصر


بعد شهرين .. تحسّنت علاقة وليد وبسمة بعد عملهما معاً ، وكسبها العديد من المناقصات والعملاء الجدّد التي زوّدت من ثروة العائلة .. وفي المقابل سمح وليد بإرسال راتبها كاملاً لأهلها ، دون علم والديه

***


في إحدى الليالي ، سألته بدلال :

- هل سأبقى في سريري الصغير ، يا زوجيّ العزيز

وليد : امي لم تأذن بعد ، خاصة بعد توقفك عن دروس الأتيكيت

- أمعقول سيبقى زواجنا متوقفاً لحين رضاء امك بذلك ؟! 

- رجاءً بسمة ، لا اريد مشاكل معها

- حسناً كما تشاء

والتزمت الصمت ، الى أن غفى في سريره

^^^


في آخر الليل ، وبعد خروجه من الحمام .. وجدها تجلس على طرف سريرها

- لا ، ليس ثانيةً ! اين ستذهب هذه المرة ؟


واستلقى على سريره في انتظار تحرّكها الذي طال هذه المرة .. قبل مشيها حافية القدمين باتجاه سريره ! ثم استلقت بجانبه ، لتغفو في سباتٍ عميق

فقال في نفسه :

((هي أخبرتني انها تحقّق في السير اثناء نومها ، مالا تستطيع فعله في الواقع ! لهذا حاولت الخروج من القصر بعد طرد امها .. وحاولت الإنتحار بعد إهانتها بالمطبخ .. وطالما نامت بجانبي الآن ، فهذا يعني رغبتها بإتمام الزواج ! لهذا لن أخذلها))

وظلّ يراقب نومها ، وهو يستذكر حبه لها بالغربة 

***


باليوم التالي .. فاجأها بتذكرتيّ سفر لمدينةٍ سياحيّة ، لقضاء شهر العسل ! ولم يخبر اهله بذلك الا بعد ركوبهما الطائرة .. ورغم امتعاض الأم لعدم حصوله على إذنها.. لكن الأب أقنعها بتركهما وشأنهما بعد مرور ثلاثة اشهر على زفافهما !


وبالفعل عاشا اجمل ايامٍ بمفردهما .. وبعدها عادت بسمة مع زوجها للقصر وهي تتوقع مشاجرة عنيفة من حماتها التي استقبلتها ببرود ، قبل دخولها غرفتها دون التحدّث معها.. فتنفّست هي ووليد الصعداء لمرور العاصفة بسلام !

***


لم يمضى شهران ، حتى علم اهله بحملها ! مما اغاظ الحماة التي تمنّت تزويجه بأخرى ، بعد تطليقه من بسمة .. لكن الآن بات عليها الرضوخ للواقع

***


كل شيء بين بسمة وامه تغيّر بعد الولادة مباشرةً ، بعد تفاجأ الحماة بتشابه الطفل مع ابنها البكر الذي توفيّ بحادث سير في مراهقته.

فاستغلّت بسمة الموقف العاطفي ، لاقتراح تسميّة ابنها (لؤيّ) على إسم عمه المتوفي .. مما ابكى والدا وليد ، لفرحتهما بسماع الإسم يتردّد بالقصر من جديد !

***


وبعد تعلّق العم بالصغير ، سلّم الشركة لإبنه وكنّته لانشغاله هو وزوجته بملاعبة حفيدهما المدلّل الذي يزداد شبهاً لعمه كل عام ! ومعه تحسّنت علاقة الحماة ببسمة التي قوّمت سلوك ابنهما وليد اولاً ، وزوّدت ارباح الشركة بقراراتها الذكيّة .. عدا عن الحفيد الذي اعاد السعادة لعائلة زوجها .. كما وعدتهما بملأ القصر بالأحفاد الوسماء .

***


وفي إحدى الليالي ، أخبرت زوجها :

- وليد .. اريد أخبارك بسرٍّ مهم

- ماهو ؟

بسمة : انا لا امشي وانا نائمة ، بل قمت بتلك الحيلة للتقرّب منك

- مستحيل ! 

- أحلف لك 

وليد : وكيف خطّطتِ لذلك ؟

- كنت انتظر استيقاظك مساءً ، كيّ أجلس على سريري دون حراك .. ثم أُوهمك برغبتي الهرب من القصر او الإنتحار

وليد : والنوم بجانبي ايضاً 

- لوّ لم افعل ذلك ، لما أنجبنا لؤيّ الذي حسّن علاقتي بحماتي اخيراً .. رجاءً لا تخبرها

- هل انا مجنون لأفعل ؟ لم أصدّق متى تحسّنت نفسيّة امي التي تدمّرت تماماً بعد وفاة اخي

ثم قبّل رأسها ..

- يالك من داهية

يسمة : الفتاة تفعل المستحيل لكسب قلب حبيبها

- وانا ممتنّ لوجودك بحياتي التي تغيّرت للأفضل بسبب حنكتك وصبرك وأخلاقك العالية

وحضنها بحنان !


طبيب الأسنان المشبوه

فكرة : اختي اسمى كتابة : امل شانوحة    جنّية الأسنان جلست سلمى على كرسي طبيب الأسنان وهي ترتجف رعباً ، فهي المرّة الأولى التي تخلع فيها سن ا...