فكرة : اختي اسمى
كتابة : امل شانوحة
غدر الورثة
في ليلةٍ باردة ، إستيقظت صبيّة (عشرينيّة) في مكانٍ غريب ! لتجد سائقها الستينيّ (المتوظّف حديثاً بالقصر) يُقدّم لها الطعام .. فسألته عن مكان تواجدها ؟ وسبب خطفه لها ؟!
وقبل ان يُجيبها ، سمع صوت سيارة تقف خارج منزله .. فأسرع بتكميم فمها ، وإنزالها بالقوّة الى قبوّ منزله .. وأمرها بعدم إصدار صوت ، مُهدّداً بقتلها !
وعندما سمعت صوت أخيها الكبير في الخارج .. حاولت الصراخ ، لكنها توقفت بعد سماع سؤاله للخاطف : إن كان قتلها ؟!
فأكّد السائق إتمامه المهمّة !
فسأل اخوها : وكيف اتأكّد من موتها ؟
الخاطف : يمكنك نبش قبرها الذي حفرته حديثاً في مقبرة القرية
اخوها : لا !! يكفي ان تُحضر ملابسها المُلطّخة بالدماء ، ليتأكّد اخوايّ بتخلّصي منها
وكان هذا الحوار ، صدمة حياتها ! فهي لديها ثلاثة إخوة كبار من والدها الذي تزوّج امها كزوجةٍ ثانية .. وبعد وفاته ، كتب كل املاكه لها
وفي هذا الصباح ، كانت في طريقها الى المحامي لتقسيم الميراث بشكلٍ عادل بينها وبين إخوانها الذين خطّطوا مع سائق العائلة بخطفها لخارج المدينة وقتلها ، لحصولهم على الميراث !
ليختم اخوها اتفاقه ، بالقول :
- لن تحصل على مال الا بعد تقديم دليل موتها غداً ، وهذا قراري النهائي !!
ثم صوت محرّك سيارته يبتعد عن المكان ، ليتبعه خطوات الخاطف وهو ينزل اليها ! والذي فتح باب القبو وهو يحمل سكيناً كبيراً :
- سمعتِ بنفسكِ إتفاقي مع اخيك .. احتاج ملابسك المُلّطخة بالدماء للحصول على المال
ولم تستطع الصراخ بسبب الرباط القماشيّ حول فمها ، بعد فشلها بفكّ الحبل عن يديّها وقدميها المُقيّدين بالكرسيّ الحديديّ في ذلك القبوّ المُعتم !
***
بعد انتهاء عزائها ، وتردّد إخوانها على مكتب المحامي للإسراع بتقسيم الورثة بينهم .. بدأت احداثٌ غريبة تحصل في منازلهم ! كسماع احدهم لقهّقهتها المميزة خلف نافذة غرفة نومه ! والآخر إشتمّ عطرها النفّاذ على ملابسه ، والتي كادت تُسبّب طلاقه من زوجته .. والثالث وجد صوراً فوتوغرافيّة تجمعه بأخته في طفولتهما ، مُتناثرة فوق سريره !
بعدها صاروا يتلقّون رسائل نصيّة من جوالها الذي دُفن معها (حسب كلام الخاطف) والتي تلومهم على قتلهم لها ، وهي تذكّرهم بمحبّتها وعطفها عليهم قبل وفاة والدهم!
***
قبل نهاية الشهر .. إجتمع الإخوة الثلاثة في قصر والدهم الذي اصبح خالياً بعد مقتل اختهم (التي توفيّت امها اثناء ولادتها) لمناقشة الأحداث الغريبة التي حصلت معهم
الأخ الأكبر بعصبيّة : لابد ان السائق حصل على جوال اختنا الذي يُرسل منه ، لابتزازنا بمزيدٍ من المال !!
الأخ الأوسط : لكن الرسالة التي وصلتني تُذكّرني باعتنائها بي ، بعد كسر قدمي قبل سنوات .. فكيف لسائق وظّفته انت (الأخ الكبير) قبل شهرين ، من معرفة ذلك ؟!
الأخ الصغير : وانا وجدّت صور طفولتنا على سريري ، وهي من تحتفظ بهم ! أتظنونها حيّة ؟!
الكبير : مستحيل !! فالخاطف أحضر ملابسها الملوّثة بالدماء !
الصغير مُعاتباً : كان عليك نبش قبرها بنفسك !!
الكبير بعصبية : ومن لديه الجرأة للذهاب لمقبرة القرية مساءً ، لحفر القبور!!
الوسطاني : كان الأصحّ لوّ قتلناها بأنفسنا .. لا ادري لما وكّلنا سائقها بذلك!
الكبير : أتريد توريطنا بجريمة قتل ؟! خاصة ان معظم شوارع مدينتنا مزوّدة بالكاميرات
الصغير : معه حق .. اساساً تعمّدنا حضور عرس قريبنا ، ليكون حجّة غيابنا اثناء خطفها !
فتمّتم الكبير بندم : كان عليّ تسميمها ، كما فعلت مع ابي
الأخ الصغير بصدمة : ماذا قلت ؟! هل انت من قتلت والدنا ؟!
فالتزم الكبير الصمت .. فتوجّه الصغير بسؤال اخيه الوسطانيّ :
- هل كنت تعلم بذلك ؟!
الوسطاني : اثناء غيابك ، أخبرنا عن نيّته بكتابة املاكه لإبنته بعد حصولها على منحةٍ دراسيّة بالطبّ ! وعندما خطّط اخي لتسميم طعامه ، لم أعترض .. لأنه برأيّ ظلمنا بحرماننا من الميراث
الصغير معاتباً : لا اصدّق ما اسمعه ! هو لم يحرمنا من شيء .. وكان رحيماً معنا..
الكبير مقاطعاً بغضب : تتكلّم وكأنك ملاك !! لا تنسى انك شريكنا بقتل اختنا
الصغير : انت اخبرتني أن السائق الجديد عرض عليك خطفها لقريته ، بعد قراءته مقالاً عن خسارة ثروّتنا بسببها.. وبعدها أخبرتماني بموتها ! ظننت في البداية انكم ستخيفانها فقط ، للتنازل عن حقوقها
الوسطاني : لا داعي لمناقشة الماضي .. المهم الآن ، ان نستعجل بتقسيم الميراث بيننا
وانتهى الإجتماع باتفاقهم على الذهاب لمكتب المحامي ، في ظهر اليوم التالي
***
الا انه في الصباح الباكر ، تفاجأ الأخ الأكبر والأوسط باقتيادهما لمركز الشرطة بعد حصول المحقّق على تسجيلٍ صوتيّ لهما (اثناء تواجدهما بقصر الوالد) يكشف إعترافهما بقتل اختهما الوحيدة لأجل الميراث ! بالإضافة لجريمة الأخ الكبير بتسميم والده !
فسأل المحقّق الأخ الكبير : هل تنكر إعترافك بالتسجيل الصوتي ؟
فأجاب غاضباً : لا ! لكن اخي الصغير حذف كلامه الذي يُثبت تورّطه معنا بجريمة اختنا
المحقق : وماذا عنك ؟
الوسطاني : اخي الصغير الماكر ، تخلّص منا بعد تسجيله إعترافنا سرّاً .. وكما قلت بالتحقيق .. اخي الكبير هو من خطّط ، للتخلّص من ابي.. وهو الذي اتفق مع السائق على قتل اختي
المحقق : لكنك لم تعترض ؟
الوسطاني : ردّة فعلي مُشابهة لأخي الصغير
المحقق : للأسف لا نملك دليلاً ضدّ اخيكما الصغير على تورّطه بالجريمتيّن .. اما السائق فقد بحثنا عنه في السجلّات المدنيّة ، ويبدو ان اسمه الذي توظّف به مزوّراً .. اما كوخه بالقرية ، فكان خالياً !
الأخ الكبير : وماذا سيحصل لنا ؟
المحقق : ستعرفان بالمحكمة
***
في يوم المحاكمة .. تمّ إعفاء الأخ الصغير من العقوبة ، بعد كشفه الجريمة (عقب تقديمه التسجيل المُدين لأخويّه)
اما الأخ الأكبر : فصدر الحكم بالسجن عشر سنوات على قتله والده ، مع الشروع بقتل اخته !
بينما حُوكم الوسطاني بسنةٍ فقط ، لتستّره على جريمة تسميم طعام ابيه .. اما جريمتهما بحق اختهما ، فسقطت بعد تنازلها عن حقها بمقاضتهما !
وكان قدوم الأخت الى المحكمة ، صدمة للإخوة الثلاثة ! التي نجحت بإقناع الخاطف بالتغاضي عن قتلها ، مقابل جائزةٍ ماليّة !
***
بعد خروجها من المحكمة ، وجدت السائق بانتظارها .. فدخلت سيارته ، مُعاتبة :
- الم تحصل على مكافأتك على مساعدتي بتخويفهم ؟ لم اتيت الى هنا ؟ إن رآك اخي الصغير ، سيبلّغ الشرطة عن تورّطك بخطفي السابق
السائق : لأن عملي معكِ لم ينتهي بعد
وفاجأها بوضع قماشة المخدّر على انفها ، لتسقط مغشيّة عليها في سيارته !
***
إستيقظت مساءً في كوخٍ بالقرية ، لتجد سائقها يشاهد التلفاز
- لما خطفتني مجدداً ؟! أتطمع بمزيدٍ من المال ؟! واين انا الآن؟
السائق : هذا بيتي الحقيقي ، غير الكوخ الذي استأجرته بالقرية المجاورة لإتمام اتفاقي مع اخيك الكبير
- وماذا تريد مني ؟
- اريد ان أُريك الحقيقة
ووضع شريط فيديو قديم ، لتظهر امها على التلفاز !
الصبية بصدمة : كيف حصلت على فيديو لأمي التي توفيّت اثناء ولادتي؟!
السائق : هي ستخبرك بنفسها
وكانت الأم (في الفيديو) منهارة بالبكاء ، وهي تناشد شخصاً ان يسامحها على تخلّيها عن حبه ، بعد إعترافها بحملها إبنته !
وبعد انتهاء الفيديو ، قالت الصبيّة بصدمة :
- لم افهم شيئاً ! من ذلك الشخص الذي تحدّثت امي عنه ؟
السائق بحزن : هذا انا .. فقد غيّرت اسمي قبل العمل لديكم
الصبية بدهشة : هل كنت حبيب امي ؟!
- امك من قريتي .. وقد أحببنا بعضنا منذ الطفولة .. لكن والدك اللعين عاد من المدينة ثريّاً .. وأغرق اهلها بالهدايا ، حتى وافقوا على تزويجها له .. رغم علم اهالي القرية بعلاقتي الوطيدة معها .. ومع ذلك انتقلت معه للمدينة ، دون ان تخبرني بحملها مني
الصبية بقلق : أتقصد انني ابنتك ؟!
- نعم .. ووصلني هذا الفيديو بشهرها التاسع ، كأنها تعلم بموتها اثناء ولادتك .. لكني بالسنوات الماضية لم اجرؤ على المطالبة بك ، لأنك عشتي بقصرٍ فخم ، وتعلّمتي بأفضل المدارس .. وانا لا استطيع توفير الرفاهيّة لك
فصرخت الصبيّة بعصبية : ومالذي تغيّر الآن ؟!!
- عندما رأيت صورتك بالصحيفة ، إهتزّ كياني لشبهك الكبير بأمك .. وبعد قراءتي المقال : عن غضب إخوتك بعد خسارة ثروّة والدهم ، علمت انهم سيخطّطون للقضاء عليك .. فتقدّمت لأخيك الأكبر بوظيفة سائق .. بل انا من اقترحت عليه خطفك ، كيّ أحميك منهم ..
ثم رمى ظرف المال التي قدمته له ، امامها :
- انا لا اريد مالك يا ابنتي .. اريد فقط ان تعيشي معي ، لما تبقى من عمري .. فأنا كبرت بالسن ، وأحتاج من يؤنس وحدتي
الصبيّة بعصبية : لن اصدّق ما قلته ، حتى أُجري فحص DNA
- كنت اتوقع ذلك .. وانا مستعد للذهاب معك غداً للمشفى ، لإجراء كل الفحوصات اللازمة
^^^
وبعد ايام ، ظهرت النتيجة مُربكة .. فهو لم يكن والدها فحسب ، بل هناك قرابة تجمعه بأبيها الحقيقي !
ليخبرها : بأنه ابن عمه .. وبذلك لن تضّطر لتغيير لقبها ، فالثريّ ايضاً من اهالي قريته
^^^
ووصل الخبر لأخاها الأصغر الذي سارع برفع قضيّة إبطال استحقاقها الميراث ، مُستندًا على نتائج الحمض النووي الذي يُثبت أنها ليست ابنة والده شرعاً..
وبالفعل خسرت ميراث والدها الثريّ ، مع إحتفاظها بلقب العائلة !
***
وقبل تركها المدينة ، زارت قبر والديّها المُتجاوريّن .. قائلةً لأمها :
- انت لم تخوني زوجك ، بل هو حرمك حبيبك الفقير .. لهذا اسامحك
ثم قالت لوالدها الثريّ :
- جيد انك توفيّت قبل معرفتك بأن ابنتك المُدلّلة ، ليست من نسلك .. اشكرك على كل اهتمامك ومحبّتك لي ، واعتنائك بدراستي .. لن انساك ابداً .. لكن عليّ العودة لأبي الحقيقي ، فهو بحاجة اليّ
وقبل خروجها من المقبرة ، إلتقت بأخيها الصغير الذي قدم لزيارة قبر والده ..
مشهدٌ صامت ، لا عتاب ولا كلام ! كأن اعينهما تستذكرا طفولتهما ومراهقتهما معاً ، فهو يكبرها بسنتيّن فقط .. لكنها بالنهاية ، ليست من عائلته !
وأمضى كلاً في طريقه ، كأن حياتهما السابقة مُجرّد وهمٍ كبير !
***
وبعد عوّدتها للقرية .. قرّرت تحويل منحتها الدراسيّة الى الطبّ البيطري ، لمساعدة المزارعين والرعاة في قريتها الفقيرة ..
ورغم تدهوّر حالتها الماديّة ..الا ان الأهالي استقبلوها بحفاوة ، لحبهم الشديد لأمها
ولم يمضي وقت .. حتى تعوّدت على حياتها الريفيّة ، بعد زواجها من طبيب عيادتهم الذي خطف قلبها بجمال شكله وأخلاقه العالية .. ليكون تعويضاً إلهياً عن كل خيباتها الماضية !