كتابة : امل شانوحة
التحدّث اثناء النوم
اثناء عمل جاك على حاسوب الشركة التي يعمل فيها ، غفى من شدة تعبه
وعندما استيقظ بعد قليل ، أخبره زميله الذي يعمل معه بذات الغرفة:
- انت تتكلّم اثناء نومك !
جاك بدهشة : أحقاً ! وماذا قلت ؟
- حروف وأرقام عشوائيّة ، مع علامات الترقيم ! هل تهلوّس بشيءٍ معيّن ؟!
ولم يتحدثا اكثر عن الموضوع ، بعد أن طلبهما المدير لإجتماعٍ عاجل
***
بعد عودة جاك الى منزله ، تساءل إن كان من عادته التحدّث اثناء نومه ؟!
وفي الليل ، أدار التسجيل بجواله الذي وضعه بجانب سريره ..
وعلى مدى ثلاثة ليالي متتالية ، تكلّم بنومه بذات العبارة ! والأغرب عند تدوينه للجملة الغير مفهومة ، وجد تكراره لذات الأحرف والأرقام بنفس الترتيب ، مما اثار انتباهه !
***
بعد اسبوع ، في العمل .. سمع زميليّه يتحدّثان عن الكلمة السرّية الخاصة بإيميل الوظيفة ، والتي ايضاً تضمّنت أحرفاً وارقاماً وعلامات ترقيم !
فتساءل في نفسه : ((أمعقول ما اردّده في نومي هو رقمٌ سرّي لإحدى صفحات تواصلي الإجتماعي التي نسيتها ، لكن عقلي الباطني مازال يذكرها ؟!))
***
وفور عودته الى المنزل .. بدأ بفتح كل صفحاته على الإنترنت التي عادةً لا يغيّر فيها سوى رقمها السرّي .. لينصدم بأن الجملة الغامضة : هي رقمٌ سرّي لإيميل لا يذكر تسجيله من قبل !
وعندما فتحه ، وجد ثلاث ملفات .. الملف الأول : فيه صور 13 فتاة جميلة ! وفي الملف الثاني : ذات الفتيات وهن مُعذّبات ! .. وفي الملف الأخير : صور جثثهنّ المشوّهة ..وكاد الحاسوب يسقط من يده من هول الصدمة !
جاك بفزع : كيف املك صور تعذيبهنّ ، وصور جثثهنّ ؟! مالذي يحدث ؟!
ولاحظ وجود اسفل صور الجثث تاريخٌ معيّن ، يبدو يوم وفاتهنّ : أقدمهن قبل 10 سنوات ، وأحدثهنّ منذ سنةٍ فقط ! .. بينما وجد ثلاثة صور فقط ، مذكوراً فيها اسم القتيلة .. بينما البقيّة مجهولات الهويّة!
لينتفض جسمه بعد رؤيته للفتاة صاحبة أقدم تاريخ بينهنّ : وهي صديقته بالجامعة التي اختفت قبل حفلة التخرّج ، ومازال مصيرها مجهولاً للوقت الحاليّ !
وعندما ركّز على تاريخ وفاتها ، تذكّر أمراً اربكه لسنوات .. فقبل يومين من حفلة التخرّج ، سأل زميله بالغرفة : عن يوم الأحد الذي لا يذكره ؟ فهو نام مساء السبت ، واستيقظ الإثنين صباحاً .. لكن زميله أمضى يوم العطلة في منزل اهله ، لهذا لم يعلم عن ماذا يتكلّم!
ولاحظ جاك ان الأحد الذي مُسح من ذاكرته ، هو نفسه المذكور تحت صورة جثة صديقته .. فهل قتلها بعد رفضها مواعدته بعد حفلة التخرّج ؟! وكيف لا يذكر ذلك؟!
كما لاحظ امراً آخر مُربكاً : فبقيّة النساء المقتولات ، يشبهنّ صديقته لحدٍ كبير ! فهل قتلهنّ ، لأنهنّ ذكرنه بصديقته التي كسرت قلبه ؟!
^^^
ولشدّة ارتباكه من الإيميل الإجراميّ ، وضع كاميرا امام الباب الخارجيّ لمنزله ..
ولم يحصل شيء خلال اسبوعين .. وكاد ينسى الموضوع برمّته ، الى ان شاهد نفسه بالكاميرا : وهو يلبس معطفه ويخرج من منزله آخر الليل ، اثناء عاصفةٍ رعديّة .. وهي ليست من عادته الخروج بعد الساعة ١٢ مساءً ، خصوصاً تحت المطر ! فهل يمشي كما يتكلّم اثناء نومه ؟! وهل ارتكب تلك الجرائم بعقلٍ غير واعي ؟
^^^
الأمر جعله يشعر بتوترٍ دائم ، أثّر سلباً على مستوى عمله.. مما اضّطره لأخذ موعدٍ مع طبيبٍ نفسيّ عجوز ، مشهور ببراعته .. والذي أخضعه للتنويم المغناطيسي ، بعد إطلاعه على فيديو خروجه المسائيّ الذي لا يذكره .. مُخفياً موضوع الجثث (خاصة بعد بحثه عن إسميّ الصبيّتين بالإنترنت ، ومعرفة اختفائهما بذات تاريخ وفاتهما المذكور اسفل صورهما ، مما يؤكّد تورطه بمقتل جميع النساء اللآتي يملك صورهنّ)
ليتفاجأ جاك بعد استيقاظه من التنويم ، بنظرات الإرتباك على وجه الطبيب العجوز الذي لامه على وحشيّته ، بعد وصف جاك اثناء تنويمه جميع وسائل تعذيبه للفتيات اللآتي ذنبهنّ الوحيد ، هو شبههنّ بصديقته التي رفضت حبه !
ليس هذا فحسب ، بل اعترف ايضاً بجريمته الأولى بعمر المراهقة : بعد إطفائه شعلة المدفأة ، ليموت والده من رائحة الغاز !
جاك بصدمة : انا لا افهم شيئاً مما قلته ؟!
الطبيب : انت لا تمشي اثناء نومك ، بل لديك انفصام شخصيّة تكوّنت بسبب قسوة والدك طوال طفولتك .. وببلوغك سن ١٥ إستغلّيت نومه في غرفة المكتب ، لتقتله إختناقاً بالغاز بعد ظهور شخصيتك الثانية الإجراميّة التي خمدت لسنوات ، قبل ظهورها من جديد بعد إهانة حبيبتك : بأنك لست من مستواها لتصاحبها ! لهذا قتلتها بعد الإعتداء عليها.. اما شبيهاتها ، فاكتفيت بتعذيبهنّ حتى الموت ! كما ذكرت اثناء تنويمك : بأن جميع ضحاياك (النساء) دفنتهنّ بحديقة منزلك الخلفيّة .. لهذا انا مضّطر لإبلاغ الشرطة ، فأهالي المفقودات مازالوا يبحثون عن بناتهنّ حتى اليوم !
***
في منتصف الليل ، عاد جاك الى منزله مرهقاً .. وجلس متهالكاً امام حاسوبه الذي أوصله بجواله ، لإضافة شيء جديد الى ملف الإيميل الغامض : وهي صورة رأس الطبيب العجوز المقطوع ، قبل دفنه مع بقيّة الضحايا في حديقة منزله..
وعاد للنوم وكأن شيئاً لم يكن ، بعد سيطرة شخصيّته الإجرامية على شخصيّته الإنسانيّة التي اختفت هذه المرة للأبد !