الجمعة، 2 فبراير 2024

شبح القصر

تأليف : امل شانوحة 

 

المسلّسل المنحوس


نجحت الكاتبة بالحصول على رضا المنتج ، لتحويل قصتها المميزة الى مسلسلٍ طويل.. ولأن احداث القصة لابد ان تكون بقريةٍ بعيدة عن الحضارة قدر الإمكان ، فقد انتقل فريق العمل الى منطقةٍ ريفيّة لا يتجاوز عدد سكانها المئة شخص ، عاشوا حياتهم منعزلين عن العالم ، لهذا لم يرحّبوا بالغرباء .. ولم يكترثوا بالبطليّن المشهوريّن إعلاميّاً ! 

وبصعوبة تمكّن المخرج من إقناع رئيس بلديّتهم بتأجيره الفيلا الوحيدة الموجودة هناك ، والمهجورة منذ سنوات بعد موت صاحبها .. ليقوم بتجديدها ، لبدء التصوير فيها.. 


وقد نجح الموسم الأول للمسلسل بشكلٍ فاق كل التوقّعات ! ليصبح الأكثر مشاهدة على وسائل التواصل الإجتماعي.. دون علم المتابعين بصعوبة التصوير في تلك البيئة المنغلقة التي ترفض مساعدتهم بالأمور الروتينيّة : كالطعام وتوفير الأحصنة والأغنام الضروريّة في المشاهد التصويريّة ، مما أجبر المخرج على استئجارهم من القرية المجاورة بعد رفض الأهالي التحدّث اليه !


والأسوء هو ما حصل داخل القصر بعد تعسّر التصوير اكثر من مرة بسبب تلاعب الكهرباء وانفجار المصابيح ، وتعثّر الممثلون كأن احدهم يدفعهم من الخلف ! حتى انهم نقلوا كومبارس للعيادة بعد إلتواء قدمه ، إثر تدحرجه على طول السلم ! 

كما ان الطفل المشارك بالمسلسل رغم طباعه الهادئة ، إلاّ انه ينفجر بالبكاء عند أخذه للطابق العلويّ او الحديقة ، رغم هدوء المكانيّن !


كما إن الحصانين المتواجدين في الإسطبل التابع للقصر ، يضّطربان ويهوجان كل مساء ، مع محاولاتٍ مُستميتة من السائس لتهدئتهما .. مع رفض الأهالي تفسير الظواهر الغريبة لهم !


وبسبب نجاح الموسم الأول ، لم يستطع المخرج تغيّر القصر الذي تجري فيه كل احداث القصة 

***


وذات يوم ، واثناء تحضير مشهدٍ بالصالة.. تعرقل ممثلٌ بشريط الإضاءة الذي سقط بقوّة على رأس الكتابة من الخلف .. فأغمى عليها ، وسط بركة من دمائها ! مما أفزع الجميع.. فسارع الممثل بحملها ووضعها بسيارته التي قادها زميله باتجاه العيادة الوحيدة بالقرية.. ليتمكّن الطبيب من تقطيب جرحها العميق ، بعد فقدها الكثير من الدماء.. لذا توجّب عليها وضع كيس دم ، لتعويضها عمّا فقدته.. 


فأبدى الممثل وزميله استعدادهما للتبرّع لها .. فاعترض الطبيب :

- لا يمكننا قبول عيّنة لم تُجرى عليها الإختبارات الطبيّة ، لمعرفة خلوّها من الأمراض المعديّة .. بعدها نُجمّدها في الثلاّجة لإسبوعين على الأقل ، قبل نقلها للمريض

الممثل بقلق : ومالعمل الآن ؟

الطبيب : ليس لدينا سوى كيسٌ واحد ، ولحسن حظها انه من فئة دمها 

- اذاً ضعه لها ، وسندفع ما تشاء

الطبيب : المشكلة ليست المال ، بل بالدم نفسه


وقبل شرح ما قصده ، وصله اتصال مهم.. بعدها قال لهم :

- عليّ الذهاب

الممثل : ماذا عن المصابة ؟! 

الطبيب : سأضع لها كيس الدم .. وفور انتهائه ، تزيله الممرّضة.. بعدها يمكنها الذهاب ، بشرط شربها عصير البرتقال او الرمّان ، لتعويضها عمّا فقدته من الدماء

^^^


عادت الكاتبة الى القصر وهي تشعر بالدوّار.. واجتمع حولها فريق العمل للإطمئنان عليها.. ثم نصحها المخرج بالإستراحة .. فصعدت للنوم بالطابق العلويّ.. بينما اكمل الممثلون المشهد الذي يصوّرونه في الصالة

***


في آخر الليل .. استيقظت الكاتبة على صوت شخصٍ يهمس في اذنها : 

- هل ترينني الآن ؟

ففتحت عينيها ، لتجد نفسها في الغرفة المشتركة مع بقيّة الممثلات النائمات بهذا الوقت المتأخر  


فخرجت من الغرفة لشرب الماء.. لترى ظلاً لرجلٍ في المطبخ ، فدخلت دون عثورها على أحدٍ هناك ! 

فتساءلت بقلق : مالذي يحدث ؟!


وقبل عودتها للطابق العلويّ ، شاهدت شيئاً أفزعها من نافذة الصالة المُطلّة على الحديقة الجانبيّة :

((شخصٌ يغرق في مسبح القصر !)) 


فأسرعت للخارج لنجدته .. لتجد المسبح فارغاً من المياه ، فهم لم يعبّئونه لعدم وجود مشاهد تصويريّة قربه .. 

فقالت في نفسها بارتباك :

((هل أهلوس بسبب ضربة الرأس القوية التي تعرّضت لها ؟! ..الأفضل العودة للنوم))

^^^


قبل وصولها لغرفة النوم .. سمعت حديثاً خافتاً من غرفة المكتب ، تبدو لرجليّن غاضبيّن !

فتنصّتت على الباب ، لتسمع الحوار التالي :

- بأيّ حق تحرمني من الميراث ؟!

- لأنك ابنٌ غير شرعيّ ، ولا تستحق فلساً مني

- لكن ليس لديك وريثٌ غيري ! 

- تبقى لقيطاً ، ولا تستحق مالي 

- على اساس ان مالك حلال !! ألم تسرق اراضي الأهالي الجاهلين ، وتجبرههم على العمل لصالحك ، ايها الإقطاعيّ اللعين؟!!

- ارأيت لما لا اريد توريثك ؟ لأنك ابن خادمة ، ورثت عنها سوء الخلق والطباع .. عدا عن جدتك ..  

مقاطعاً بعصبية : أتريدني ان اكون بارّاً لك ، بعد قتلك امي ؟!!

- هي ماتت بنزيف النفاس ، لا ذنب لي بالموضوع

- كان بإمكانك إسعافها ايها البخيل !! أهذا جزاتها لأنها أحبتك؟!!

- هي ارادت ان تكون سيدة القصر ، لكنها لم تستوعب انني تسلّيت بخادمتي الحمقاء .. والآن اغرب عن وجهي ، فكل ثروتي سأنقلها لعشيقتي الفرنسيّة !!

- أتفضّل عشيقتك الأجنبية على ابنك الوحيد ؟!

- قلت اغرب عن وجهي !! إختفي تماماً ، بوجهك القبيح

- بل انت من ستختفي من الدنيا !! 

ثم سمعت طلقاً ناريّاً !


ومن شدّة إرباكها ، فتحت باب المكتب بدل الهرب .. لتجده خالياً تماماً !

فشعرت برعبٍ شديد ، لأن الحوار كان واضحاً للغاية ! بل تكاد تجزم ان الشخصيّن هما : لمالك القصر العجوز وابنه الشاب ، حسب نبرة صوتهما 


وأسرعت الى سريرها وهي ترتجف خوفاً ، ممّا أيقظ الممثلة في السرير المجاور والتي سألها بنعاس : 

- هل انت بخير ؟ تبدو انفاسك متسارعة !

الكاتبة وهي تحاول ضبط اعصابها : بخير ، عودي للنوم

فهي لم تردّ إفزاع احد ، قبل تأكّدها مما يحصل ! قائلةً في نفسها :

((لابد ان ضربة الرأس جعلتني اهلوس ، لا تفسير آخر لما يحصل معي!))

***


في اليوم التالي ، كان عليهم تصوير مشهدٍ في حديقة القصر.. فجلست الكاتبة امام المخرج لمراقبة المقطع من كاميرته ، وهي تمسك السيناريو للتدقيق بحوارات الممثلين


وفجأة ! رأت شاباً يجرّ جثة عجوز ، قبل رميه ببركة السباحة ! ويبدو ان مياه المسبح الباردة ، أيقظت العجوز المُصاب الذي حاول الإمساك بطرف المسبح قبل غرقه .. فصوّب الشاب المسدس نحوه ، قائلاً بعصبية : 

- كنت متأكّداً ان لعيناً مثلك لن يموت برصاصةٍ واحدة !! 

وأطلق رصاصة على رأسه ، جعلت جثة العجوز تطفو فوق المسبح!


فصرخت الكاتبة بفزعٍ شديد ، بعد رؤيتها الجريمة .. مما أجبر المخرج على ايقاف التصوير .. وسط صدمة الممثلين ، لقطعها إندماجهم بالدور !


فشرحت ما حصل لها منذ البارحة ، فضحك احدهم :

- هل هي قصة جديدة تألفينها ؟


وقبل ان تجيبه ، اقترب منها الخادم الخمسينيّ (وهو الوحيد من اهالي القرية الذي وافق على خدمتهم ، بسبب فقره) :

- يبدو انك رأيتي شبح مالك القصر وابنه القاتل ؟

الكاتبة : اذاً المالك قُتل فعلاً على يد ابنه الغير شرعيّ ؟!

الخادم : نعم ، مع ان الخبر لم يفاجئ اهالي قريتي .. فالجميع توقّع له نهايةً سيئة


وأخبرهم بأنه كان ثريّاً ظالماً لقريته .. فبعد عودته من الغربة ، بدأ بتديّن الأهالي بشرط توقيعهم على بعض الأوراق القانونيّة .. ولأن معظمهم جهلة ، لم يعرفوا انهم تنازلوا عن بيوتهم واراضيهم له.. وبذلك استعبدهم للعمل عنده ، مقابل راتبٍ زهيد بعد خسارة املاكهم.. حتى أن الفتاة الوحيدة التي احبته والتي خدمته طواعيّةً ، لم يرحمها بعد حملها بإبنه.. بل حاول جاهداً إجهادها ، لعدم رغبته بالطفل.. وبسبب عملها المكثّف في شهرها الأخير ، ماتت بعد الولادة .. وتطوّعت طبّاخته العجوز بتربية ابنه الذي أجبره على تنظيف الحظيرة طوال طفولته ومراهقته ، الى ان عرف الحقيقة من الطبّاخة قبل موتها.. ولرفضه تسجيله قانونيّاً على كونه الوريث الوحيد ، أطلق عليه رصاصتين .. الأولى في صدره بالمكتب ، والثانية في رأسه بالمسبح ! ثم سرق ما وجده في خزنة والده ، وهرب.. وأغلق رئيس بلديّتهم القصر عقب دفنهم الجثة .. بعدها أُشيع بالقرية عن وجود شبح الثريّ الغاضب بالقصر.. فكل من حاول الدخول الى هناك ، أصيب بلعنته : سواءً بتردّي احواله الصحيّة او الماليّة او العاطفيّة !


المخرج : ألهذا وافق رئيس بلديّتكم على تأجيري القصر دون اعتراض ؟!

الممثل : رغم اننا لم نلاحظ مشاكل بالموسم الأول ؟!

الخادم : ربما وجود طفلٍ في هذا الموسم ، أيقظ شبحه من جديد.. فهو لطالما عاتب طبّاخته عند سماعه بكاء ابنه الذي تربّيه بقبوّ قصره الرطب

الممثلة (ام الطفل الحقيقيّة) : ألهذا كان يبكي ابني كلما أخذته للطابق العلويّ او الحديقة ؟!

الخادم : تقصدين كلما مرّرتِ بمكتب السيد او بجانب المسبح ؟

الأم : صحيح !  

الخادم : هذا لأن روحه القاسية تكره الأطفال .. لذا أنصحك بعدم وجود ابنك في هاذيّن المكانيّن مساءً ، خوفاً ان يؤذيه حقاً


الكاتبة : ولما انا الوحيدة التي رأيت شبحه ؟! 

الخادم : علمت بإصابتك البارحة بموقع التصوير  

الكاتبة : أتظن أن روحه أوقعت الإضاءة على رأسي ؟ 

الخادم : ربما ، وربما لا.. لكنهم أخبروني انك حصلت على الدماء الملعونة 

الكاتبة بقلق : ماذا تقصد ؟!

الخادم : نحن كأهالي نفضّل العلاج في عيادة القرية المجاورة ، على أخذ عيّنة دماء المشعوذة القذرة 

الجميع بدهشة : دمّ مشعوذة !

الخادم : نعم .. جدة القاتل ، أيّ ام الخادمة .. كانت مشعوذة محترفة .. وهي من أعطت الشالّ المسحور لإبنتها ، لإهدائه للثريّ بنيّة إقامة علاقة معها ، طمعاً في القصر والمال.. لكنها فشلت بإجباره على الزواج بإبنتها .. وبعد وفاة الطبّاخة ، تربّى ابن الثريّ عند جدته المشعوذة التي جعلته حاقداً على والده .. وهي الآن في الجحيم بعد موتها قبل عامين  


الممثل : ولما دمها بالمستوصف ؟

الخادم : قبل وفاتها بعام ، أقنع الطبيب الجديد الأهالي بالتبرّع لمختبره الصغير في حال حصلت اصابات في المزارع.. فتبرّع القلّة منا ، ومنهم المشعوذة مقابل المال طبعاً.. وبعدها استخدمنا الدماء الموجودة هناك ، مع رفضنا جميعاً استخدام دمها الذي يبدو انه كان من نصيبك !

الكاتبة : ألهذا تمكّنت من رؤية الشبح ؟!

الخادم : إدّعي ربك ان يتوقف الأمر عند هذا الحدّ

الكاتبة بقلق : الا يوجد طريقة لوقف رؤيتي لشبح القصر ؟

الخادم : انت الوحيدة القادرة على إجابة هذا السؤال.. والآن أعذروني .. عليّ الذهاب لمنزلي ، فقد حان وقت الغداء


بعد ذهابه .. أخبرها المخرج عن قلقه بمتابعة الشبح إفساد مشاهدهم ، فقد بقيّت بضعة حلقات على انتهاء المسلسل  

الكاتبة : أترك الموضوع لي

***


وصعدت لغرفة المكتب بالطابق العلويّ ، اثناء انشغال الممثلون بالتصوير في حديقة القصر .. وبعد إغلاقها باب المكتب ، نادت بصوتٍ عالي :

- اعرف ان روحك عالقة هنا !! قمّ بإشارة ، للتاكّد من ذلك

فسقط المصباح عن طاولته ، رغم النافذة المغلقة !

فأكملت كلامها بشجاعة :

- حسناً ، أرني اين انت.. يبدو أن دماء حماتك ، جعلتني اتواصل معك


فظهر الشبح وهو يجلس على مكتبه بغرور ، وبيده سيجارته .. وكأنه حيّ ، لولا الشحوب على وجهه الرماديّ.. قائلاً بحزم :

- طالما ترينني ، اريدك ان تأخذي بتاري !!

الكاتبة : وكيف افعل وابنك الذي قتلك خارج البلاد ؟

- ولما برأيك ظهرت الآن ، دون ظهوري بالموسم الأول ؟

- ماذا تقصد ؟!

الشبح : اللعين عاد للقرية ، وهو يختبئ حالياً في بيت جدته ..ولا يخرج إلاّ مساءً بعد نوم الأهالي

- أتريدني ان اتواصل معه ؟

- لا يهمّني ذلك.. اريدك إحضار شيئاً منه ، يخصّني .. فروحي لن ترتاح دون استرداده  

الكاتبة باهتمام : ماهو ؟

- عقد سرقه من خزنتي ، كان لحبيبتي التي رفضت الزواج بي ! فخنقتها بقوة الى ان ماتت بين يديّ .. فسرقته وهربت خارج القرية.. وسافرت مع تاجرٍ عجوز ، قتلته ايضاً لسرقة حقيبته المليئة بالمال.. بعدها عملت بالتجارة ، وعدّت ثرياً الى هنا ..للإنتقام من كل من وقف ضدّي ، بعد أن منعوني الزواج من ابنة رئيس البلديّة ، لأني مزارعٌ فقير ! 

- اذاً انت قاتلٌ كإبنك ؟!


فضرب بقوّة على مكتبه غاضباً ، دون ظهور أيّ صوت كونه شبح ! وأكمل قائلاً بعصبية : 

- أحببتها بجنون بجمالها الناعم ، لكنها استحقرت فقري ! ولليوم لم اسامح نفسي على قتلها ، رغم انها استفزّتني بنقدها المتواصل حتى فقدت عقلي.. لهذا عقدها مازال غالياً على قلبي.. ولن ارحل من الدنيا دونه.. جدي ذلك العقد وادفنيه في قبري ، بعدها اعدك بعدم إفساد مسلّسلكم التافه

الكاتبة : سأحاول


واختفى الشبح ، فور فتح الكومبارس باب المكتب وهو يقول :

- انت هنا ! المخرج يناديك

الكاتبة : سأنزل حالاً 

***


في المساء ، سألت الكاتبة الخادم قبل عودته للمنزل :

- اريدك ان تدلّني على منزل المشعوذة ؟


ورغم غرابة طلبها إلاّ انه اعطاها العنوان وهو يحذّرها من الذهاب للكوخ الملعون في الغابة ، الذي لم يجرأ أحد على الإقتراب منه ! 

***


في صباح اليوم التالي ، ذهبت وحدها الى هناك .. لتجد شاباً يجمع الحطب للمدفئة ، والتي سقطت منه فزعاً ، بعد رؤيته الكاتبة ! 

وسارع بدخول كوخ جدته .. وقبل إغلاقه الباب ، قالت له : 

- لا تخفّ !! اعرف ما فعلته بإبيك الظالم ، الذي حرمك من الميراث

فتجمّد في مكانه !

الكاتبة : اعرف كل ما دار ليلة الجريمة .. هل تسمح لي بكوب شايّ؟

^^^


داخل الكوخ ، اخبرته بما حصل..

الشاب : ما كنت لآخد دم جدتي حتى لوّ تعرّضت لحادثٍ مميت ، فهي مخيفةٌ للغاية! ولطالما أفزعتني بسنوات مراهقتي ، وانا اسمعها تُحدّث الأشباح والجن في قبوّ الكوخ !

الكاتبة : لا يمكنني فعل شيءٍ الآن ، فدمها يسري في جسدي .. اريد منك القلادة ، وسأدفع السعر الذي تريده 

- يبدو ان والدي العزيز يعشق تعذيب من حوله ، سواءً وهو حيّ او ميت !


ثم دخل غرفة النوم ، وخرج معه العقد وهو يقول :

- استطعت بيع كل الذهب الذي وجدته بخزنة ابي ، الذي يعود لنساء القرية اللآتي بعنه لاسترداد جزءاً من اراضيهنّ المسلوبة .. إلاّ هذه القلادة ! كلما حاولت بيعها ، تعسّر الموضوع بطريقةٍ ما.. امّا أُصاب بنزلة بردٍ مفاجئة تمنعني الخروج من منزلي .. او اجد محل الذهب مغلقاً .. او تلوى قدمي بالطريق ! لهذا تشاءمت منها .. والآن عرفت إن شبح والدي منعني من بيعها.. صدمتي الأكبر هو معرفة أن لديه قلبٌ مغرم بالفتاة التي قتلها !

الكاتبة وهي تفتح حقيبتها : كم تريد ثمنها ؟

- لا اريد شيئاً .. فقد ادفنيها بقبره ، لترحل روحه اللعينة الى الجحيم .. وربما بعد انتهاء تصوير مسلّسلكم ، أعيش في قصره كما حلمت دائماً 

^^^


وأخذت القلادة ، وذهبت مباشرةً لمقبرة القرية.. ولم تجد صعوبة في إيجاد قبر الثريّ الذي تميّز برخامته الفخمة ، بعكس بقيّة قبور الأهالي الفقراء  

ثم حفرت القبر جانباً .. وما ان وضعت العقد على الأرض ، حتى سُحب بسرعة لداخل القبر ! مما جعلها تركض بفزعٍ شديد الى خارج المقبرة !

***


وبالفعل لم يعد هناك حوادث غريبة تحدث بالقصر .. ولم يعدّ المكتب والمسبح موحشان كالسابق .. كما توقف الطفل عن بكائه المتواصل ، وهدأت الحيوانات في الحظيرة !


وفور انتهاء المسلّسل ، رتّب فريق العمل اغراضهم لمغادرة القرية التي عاشوا فيها لشهورٍ طويلة ، بعد تسليم المخرج مفاتيح القصر لرئيس البلديّة الذي سلّمها لإبن الثريّ تحت تهديد السلاح ! 

اما الممثلون : فعادوا للمدينة بانتظار تكريمهم ، فور انتهاء عرض مسلّسلهم الناجح

***


وفي حفل التكريم .. صعدت الكاتبة على المسرح ، وسط تصفيق الجمهور للحصول على جائزتها .. لتتفاجأ برؤية شبحيّن لعامليّن : يقف احدهما على طرف المسرح ، والآخر بنهاية القاعة .. كلاهما بالّلون الرماديّ الشاحب! 

لكن هذا لم يفزعها بقدر رؤيتها لجني وشيطان يجلسان فوق كتفيّ إثنين من الجمهور ، يبدو انهما مسحوران دون علمهما ! 

وهنا سمعت صوت امرأةٍ عجوز تهمس في اذنها : 

- دمي الذي يسري في جسدك سيجعلك ترين الأشباح والجن والشياطين الى آخر يومٍ في حياتك او للحظة انتحارك ، حسب قوّة اعصابك 

 

لينتفض جسد الكاتبة عقب سماعها ضحكة المشعوذة المرعبة ، بعد ان سمح دمها الملعون بفتح البوّابة الفاصلة بين العالميّن دون إرادةٍ منها .. والتي ستحوّل حياتها لكابوسٍ متواصل ، لن ينتهي حتى آخر نفسٍ لها ! 


هناك 7 تعليقات:

  1. القصة جميلة
    أقترح عليكِ أستاذة أمل أن تجدي شخصاً يراجع لك القصص (مراجعة لغوية) قبل نشر القصص
    أنا متبرع بذلك لو أردتي

    تحياتي

    ردحذف
    الردود
    1. انا لا اقول عن نفسي انني خبيرة باللغة العربية .. فإن كان هذا مجال دراستك وعملك ، فاكتب لي تعليق جانبي عن الأخطاء التي وجدتها في كل قصة انشرها .. وانا سأصحّحها ، مع توجيه الشكر لك .. وشكراً لك مقدّماً

      حذف
  2. القصه رائعه .. أن كان حقاً لديك أخطاء لغويه ، فاصلحيها .. فأنا اتعلم منك الكتابه الفصحى ..

    ردحذف
    الردود
    1. احاول ان لا اكتب اي كلمة قبل التأكّد من الإملاء بموقع اللغة العربية في جوجل .. ان كان هناك اخطاء ، فربما اعرابية .. مع محاولتي جاهدة ان لا اقع بهذا الخطأ ايضاً

      حذف
  3. هذه قصه راءعه ...ايضا تميل لحلقة رعب دراميه تليفزيونيه ..
    فنمنمتم وضمختم فدهشتم ..
    وهذا يذكرني بزوج خالت عمة ابنة خالي.. سيد الششماوي .. رحمه ونور عليه ..
    والشيء بالشيء يذكر ..فكان كاتبا ولم يكن يحلو له الا الكتابة في السرير متدثرا بلحافه
    ..
    والشاهد في المسأله ...
    اممممم ..تبا ...نسيت الرابط والمناسبه ههههه.

    فأما وانكي تصممين على الكتابة لنا من المطبخ
    فلنخلعن عليكم لقب ..طباخة سجن الحياه ..

    او ربما ..طباخة المدونه .. ماما امل ..اسوة ب

    ماما اوبرا ..طباخة السجن ..

    ولننظرن طبيخك على اجر من الحمر .. ههههه ...

    لحظه فقط...هناك اوردر ..
    تررررن تررررن...
    الو ...مطعم الاخلاص والامل... يابنيتي ..

    والله كان بدنا نطلب كيلو من الكباب ..وكيلو من النداب ..وكيلو من العذاب ..
    في طاجن من اللباب ..
    واكثري من السلطات ..والطحينات ..عظم الله اجركم ..
    وبدنا نهدي اغنية ..يانا يانا ..اموت انا ..

    لصباح ..ولكل الاهل والاصدقاء ..واونكل زكريا وطانط مايسه..وميمي وشوشو وتوتو ولولو ...
    cut ...cut ...cut
    ...

    ردحذف
    الردود
    1. وهاهي خفّة دم عاصم تظهر للعلن ، ملك الكوميديا السوداء.. سعيدة ان القصة اعجبت ذوقك الصعب

      حذف
  4. نطالب بقصه جديده ☹️

    ردحذف

لقاءٌ ساحر (الجزء الأخير)

تأليف : الأستاذ عاصم تنسيق : امل شانوحة  رابط الجزء الأول من القصة : https://www.lonlywriter.com/2024/10/blog-post_4.html مفتاح الحرّية بعد ...