تأليف : امل شانوحة
في ظهر ذلك اليوم , واثناء إنشغالها في المطبخ .. دخل عليها ابنها الشاب بلباسه القوطيّ , بعد ان كانت طردته من منزلها قبل شهور لإدمانه المخدرات !
واقترب منها بعينيه الزائغتين , مُطالباً إيّاها بالمال لشراء الهيروين
فسألته وهي ترتجف :
- كيف دخلت الى هنا بعد تغيري لقفل الباب ؟!
فرفع سكيناً نحيفاً في وجهها , قائلاً بفخر :
- أصبحت خبيراً في فتح الأقفال , خاصّة المحال التجارية
بدهشة وخوف : هل بدأت تسرق ايضاً ؟!
- وكيف سأعيش بعد أن طُردّت من ورشة النجارة , ومنعتي عنّي المصروف ؟
- رجاءً يا جوزيف , أخرج من هنا حالاً
فلوّح سكينته في وجهها , مُهدّداً :
- ليس قبل ان تعطيني عقدك الذهبي ..
فتراجعت للخلف بخوف , وهي تمسك عقدها بكلتا يديها :
- هذا عقد المرحومة امي , ولن أفرّط به لأجل مدمنٍ مثلك
فهجم عليها صارخاً بغضب : اذاً سآخذه بالقوّة !!
وتشابكا بالأيدي اثناء محاولته نزع عقدها بعنف .. وحين حاولت الهرب من المطبخ , فاجأها بطعنةٍ قوية في ظهرها .. أسقطتها ارضاً , محاولةً بجهد إلتقاط انفاسها المتسارعة ..
لكن هذا لم يمنعه من سحب العقد من رقبتها , والهرب لخارج المنزل .. تاركاً والدته تنزف حتى الموت !
في هذه اللحظات .. علت أصوات الدقّات 12 لساعة الحائط في الصالة .. ومع كل رنّة , أعادتها ذاكرتها الى حدثٍ مهم حصل في حياتها , كشريطٍ سريع مرّ امام عينيها المغلقتين : ((حيث رأت حفل زفافها بوالده .. ثم ولادتها له .. وشجارها مع زوجها بعد إكتشاف خيانته .. ثم تطلّقها منه في المحكمة.. وتوديعه الأخير لإبنه المراهق , قبل سفره للخارج مع حبيبته .. وعلاقتها بإبنها المراهق التي تدهورت كثيراً بعد الطلاق .. حيث عادت ذاكرتها الى يوم طردها ابنها (15 سنة) من غرفتها , بعد دخوله المتكرّر عليها وهو يحاول إضحاكها بنكته السخيفة .. ثم صراخها عليه في عمر 18 بعد تأخّره بالسهر مع اصدقائه .. امّا الشجار الأعنف فكان في عمر العشرين , حين تجرّأ على سؤالها عن سبب كرهها له ؟ فأخبرته : بأنه نسخة عن والده , وسيكون حتماً خائناً لزوجته المستقبلية وأباً سيئاً لأطفاله .. ثم تذكّرت كيف تغيّرت معاملته لها بعد هذه المشاجرة .. وقراره الصادم بترك الجامعة في سنته الأخيرة , والعمل كأجير في إحدى الورشات ..وانخراطه مع شلّة شباب أفسدوه بالمخدرات .. ثم اليوم الذي طردته فيه من بيتها , بعد تشبّهه بعبّاد الشياطين وتصرّفاتهم المرعبة)) ..
وفجأة ! توقفت ذكرياتها مع انتهاء الرنّة 12 للساعة ..
فقالت في نفسها بحزن , وهي تلتقط نفسها الأخير :
((قتلني ابني العاقّ ! وأصبحت الآن مستعدة للرحيل , فخذني اليك يا إلهي))
ثم أغمضت عيناها ..
لكن حين فتحتهما من جديد .. رأت نفسها واقفة في غرفة نومها .. وقبل ان تستوعب ما حصل , فتح ابنها الباب وقد عاد الى سن العشرين ! وكان يستأذنها بأدب للخروج مع اصدقاء جامعته .. لكنها ما زالت تشعر بالخوف منه , فأجابته وهي ترتجف :
- رجاءً أخرج من غرفتي يا جوزيف
فسألها باستغراب : ما الخطب يا امي ؟!
ودون إرادةٍ منها , تحوّل خوفها لغضبٍ مفاجىء (لعلمها بأنه قاتلها في المستقبل) :
- فقط اريدك ان تغرب عن وجهي !!
فسألها باستغراب وحزن : لما تعاملينني هكذا يا امي ؟!
فإذا بها تُعيد ذات الإجابة التي قالتها له قبل سنوات , وبأنه شبيه والده الخائن ..
فخرج من المنزل وهو يشتعلّ غضباً !
وفجأة ! تبدّل الزمان والمكان .. فإذا بها تعود الى المطبخ في زمن الحاضر , وهي تلبس فستانها الأحمر الذي قُتلت فيه !
فنظرت بخوف الى ساعتها , لتجدها الساعة 12 الا عشر دقائق .. فعلمت بأن جوزيف قادماً اليها بعد قليل .. فأرادت الهرب بسرعة من المنزل .. لكن قبل فتحها باب المطبخ .. دخل عليها جوزيف وهو يحمل السكين .. فتراجعت للخلف , وهي تفكّر في نفسها بفزع:
((الأحداث تتكرّر من جديد ! فهل سيقتلني مرة اخرى ؟))
وقبل ان يتفوّه بأيّةِ كلمة .. أسرعت بنزع عقدها وإعطائه له , وهي تقول بخوفٍ شديد :
- خذه وارحل من هنا , ارجوك
فوضع العقد في جيبه , وهو متفاجىء بنجاح خطته بهذه السرعة ! قائلاً لها:
- ممتاز ! .. على فكرة , سأنام هذه الليلة في سريري , فقد اكتفيت من نومي بالشارع
فأسرعت بالقول : لا !! لا اريدك في بيتي
فاقترب منها وهو يقول بلؤم : هذا منزل والدي , وليس بيتك
فلم تجد نفسها الا وهي تردّ عليه بعصبية :
- اللعنة عليك وعلى والدك الخائن !!
فإذا به يهجم عليها , صارخاً بغضب :
- قلت لك الف مرة بأن لا تشتمي والدي !!!
وطعنها بقوّة , لتختلط صرخاتها مع دقّات الساعة 12 ..
وبينما كانت تحتضر على ارضيّة المطبخ , كان ابنها في طريقه الى محل الذهب لبيع العقد ..
واثناء إستماعها للرنّة العالية الأخيرة للساعة , لامت نفسها قائلةً :
((لقد أفسدت فرصتي الثانية بالحياة .. فأرجوك يا ربي , هبّني فرصة أخرى , فأنا لا اريد الموت))
وحين فتحت عيناها .. وجدت نفسها في غرفتها , في نفس اليوم الذي تشاجرت فيه مع ابنها العشرينيّ الذي اراد الخروج مع اصدقائه ..
فأجابته هذه المرة , دون النظر اليه :
- إذهب اينما تشاء
وقد ضايقه جوابها الجافّ الغير مبالي , فأغلق بابها بغضب ..واتجه نحو الباب الخارجيّ ..
وهنا تذكّرت امه حلقةً نفسيّة شاهدتها بالتلفاز : عن حاجة اولاد المطلقين الى اهتمامٍ مُضاعف ..
ورغم انها مازالت خائفة منه , الا انها لحقته قبل خروجه من المنزل واحضنته من الخلف بحنان .. ممّا جعله يحتضنها هو الآخر , بعد ان انهار بالبكاء :
- كنت احاول منذ إنفصالك عن والدي إضحاكك وإخراجك من كآبتك , لكنك لم تعطيني أيّة فرصة ! .. فأنا لا اريدك ان تكرهينني فقط لأني اشبه والدي في ملامحه , فطباعي مختلفة تماماً عنه .. ولا ذنب لي بما فعله بنا !
فبكت امه وهي تقول :
- سامحني بنيّ لأني اهملتك لوقتٍ طويل , لكن الطلاق دمّرني كثيراً
جوزيف : امي كلانا ضحيّة والدي , فلا داعي للعيش في آلام الماضي .. دعينا نعيش حياتنا سعيدين
- وكيف !
- ما رأيك لو نخرج الآن للتسوّق ؟ .. انا وانت فقط
- وماذا عن اصحابك ؟
جوزيف مبتسماً : سأتصل وأعتذر منهم , لا تقلقي .. هيا جهّزي نفسك , لأننا سنمضي اليوم كلّه في الخارج
ثم مرّت أحداثٌ سريعة في خيال الأم عن علاقتها بإبنها التي تحسّنت كثيراً بعد ذلك اليوم , وكيف أصبح باراً بها .. وكيف كانت سعيدة بتخرّجه , وباللحظة التي أعطائها فيها اول هدية من راتبه في شركةٍ هندسيةٍ محترمة .. كما إحتفالاتهما سويّاً بأعياد الميلاد ورأس السنة ..
وفجأة ! توقفت الذكريات , لتجد نفسها في المطبخ بفستانها الأحمر المشوؤم .. فنظرت الى ساعتها بفزع , لتجد الساعة قاربت على 12 ظهراً .. فأرادت الهروب من المنزل , قبل قيام ابنها بقتلها .. لكن ما ان فتحت الباب الخارجيّ , حتى ظهر ابنها برفقة سيدة جميلة وهما يحملان علب البيتزا , حيث قال لأمه مبتسماً :
- أردّت انا وزوجتي الإحتفال معك بمناسبة حملها
الأم بدهشة : ماذا ! هل تزوجت ؟!
جوزيف باستغراب : امي ! هل أُصبت بالزهايمر المبكّر , ام هي خدعة اول ابريل ؟
زوجته : خالتي .. هل سنبقى على الباب ؟ فالبيتزا أحرقت يدايّ
الأم بارتباك : آه آسفة , ادخلا ..
واثناء وضع الزوجان الصحون لبدء تناول الطعام , كانت الأم تستمع لدقّات الساعة 12 بارتباكٍ شديد ..
لكن فزعها تبدّد , بعد مرور خمس دقائق على موعد قتلها !
فجلست على الطاولة لتناول طعامها , وهي تقول بنفسها باستغراب:
((لقد نجحت في تغير الأحداث ! ..كل ما كان عليّ فعله هو إحاطة ابني بالحنان والإهتمام , الذي أعطاه وأعطاني فرصةً أخرى بالحياة .. فشكراً لك يا ربي لاستجابتك دعوتي))
ومسحت دمعتها دون ان يلاحظ ابنها وزوجته ذلك , لانشغالهما بحوارٍ حول تنظيم حياتهما لاستقبال طفلتهما الجديدة , اللذان قرّرا تسميتها بإسم جدتها التي ما زالت مندهشة لتغيّر مستقبلها الفجائي المُتجه نحو السعادة المطلقة التي لطالما حلمت بها !
الإبن العاقّ
في ظهر ذلك اليوم , واثناء إنشغالها في المطبخ .. دخل عليها ابنها الشاب بلباسه القوطيّ , بعد ان كانت طردته من منزلها قبل شهور لإدمانه المخدرات !
واقترب منها بعينيه الزائغتين , مُطالباً إيّاها بالمال لشراء الهيروين
فسألته وهي ترتجف :
- كيف دخلت الى هنا بعد تغيري لقفل الباب ؟!
فرفع سكيناً نحيفاً في وجهها , قائلاً بفخر :
- أصبحت خبيراً في فتح الأقفال , خاصّة المحال التجارية
بدهشة وخوف : هل بدأت تسرق ايضاً ؟!
- وكيف سأعيش بعد أن طُردّت من ورشة النجارة , ومنعتي عنّي المصروف ؟
- رجاءً يا جوزيف , أخرج من هنا حالاً
فلوّح سكينته في وجهها , مُهدّداً :
- ليس قبل ان تعطيني عقدك الذهبي ..
فتراجعت للخلف بخوف , وهي تمسك عقدها بكلتا يديها :
- هذا عقد المرحومة امي , ولن أفرّط به لأجل مدمنٍ مثلك
فهجم عليها صارخاً بغضب : اذاً سآخذه بالقوّة !!
وتشابكا بالأيدي اثناء محاولته نزع عقدها بعنف .. وحين حاولت الهرب من المطبخ , فاجأها بطعنةٍ قوية في ظهرها .. أسقطتها ارضاً , محاولةً بجهد إلتقاط انفاسها المتسارعة ..
لكن هذا لم يمنعه من سحب العقد من رقبتها , والهرب لخارج المنزل .. تاركاً والدته تنزف حتى الموت !
في هذه اللحظات .. علت أصوات الدقّات 12 لساعة الحائط في الصالة .. ومع كل رنّة , أعادتها ذاكرتها الى حدثٍ مهم حصل في حياتها , كشريطٍ سريع مرّ امام عينيها المغلقتين : ((حيث رأت حفل زفافها بوالده .. ثم ولادتها له .. وشجارها مع زوجها بعد إكتشاف خيانته .. ثم تطلّقها منه في المحكمة.. وتوديعه الأخير لإبنه المراهق , قبل سفره للخارج مع حبيبته .. وعلاقتها بإبنها المراهق التي تدهورت كثيراً بعد الطلاق .. حيث عادت ذاكرتها الى يوم طردها ابنها (15 سنة) من غرفتها , بعد دخوله المتكرّر عليها وهو يحاول إضحاكها بنكته السخيفة .. ثم صراخها عليه في عمر 18 بعد تأخّره بالسهر مع اصدقائه .. امّا الشجار الأعنف فكان في عمر العشرين , حين تجرّأ على سؤالها عن سبب كرهها له ؟ فأخبرته : بأنه نسخة عن والده , وسيكون حتماً خائناً لزوجته المستقبلية وأباً سيئاً لأطفاله .. ثم تذكّرت كيف تغيّرت معاملته لها بعد هذه المشاجرة .. وقراره الصادم بترك الجامعة في سنته الأخيرة , والعمل كأجير في إحدى الورشات ..وانخراطه مع شلّة شباب أفسدوه بالمخدرات .. ثم اليوم الذي طردته فيه من بيتها , بعد تشبّهه بعبّاد الشياطين وتصرّفاتهم المرعبة)) ..
وفجأة ! توقفت ذكرياتها مع انتهاء الرنّة 12 للساعة ..
فقالت في نفسها بحزن , وهي تلتقط نفسها الأخير :
((قتلني ابني العاقّ ! وأصبحت الآن مستعدة للرحيل , فخذني اليك يا إلهي))
ثم أغمضت عيناها ..
لكن حين فتحتهما من جديد .. رأت نفسها واقفة في غرفة نومها .. وقبل ان تستوعب ما حصل , فتح ابنها الباب وقد عاد الى سن العشرين ! وكان يستأذنها بأدب للخروج مع اصدقاء جامعته .. لكنها ما زالت تشعر بالخوف منه , فأجابته وهي ترتجف :
- رجاءً أخرج من غرفتي يا جوزيف
فسألها باستغراب : ما الخطب يا امي ؟!
ودون إرادةٍ منها , تحوّل خوفها لغضبٍ مفاجىء (لعلمها بأنه قاتلها في المستقبل) :
- فقط اريدك ان تغرب عن وجهي !!
فسألها باستغراب وحزن : لما تعاملينني هكذا يا امي ؟!
فإذا بها تُعيد ذات الإجابة التي قالتها له قبل سنوات , وبأنه شبيه والده الخائن ..
فخرج من المنزل وهو يشتعلّ غضباً !
وفجأة ! تبدّل الزمان والمكان .. فإذا بها تعود الى المطبخ في زمن الحاضر , وهي تلبس فستانها الأحمر الذي قُتلت فيه !
فنظرت بخوف الى ساعتها , لتجدها الساعة 12 الا عشر دقائق .. فعلمت بأن جوزيف قادماً اليها بعد قليل .. فأرادت الهرب بسرعة من المنزل .. لكن قبل فتحها باب المطبخ .. دخل عليها جوزيف وهو يحمل السكين .. فتراجعت للخلف , وهي تفكّر في نفسها بفزع:
((الأحداث تتكرّر من جديد ! فهل سيقتلني مرة اخرى ؟))
وقبل ان يتفوّه بأيّةِ كلمة .. أسرعت بنزع عقدها وإعطائه له , وهي تقول بخوفٍ شديد :
- خذه وارحل من هنا , ارجوك
فوضع العقد في جيبه , وهو متفاجىء بنجاح خطته بهذه السرعة ! قائلاً لها:
- ممتاز ! .. على فكرة , سأنام هذه الليلة في سريري , فقد اكتفيت من نومي بالشارع
فأسرعت بالقول : لا !! لا اريدك في بيتي
فاقترب منها وهو يقول بلؤم : هذا منزل والدي , وليس بيتك
فلم تجد نفسها الا وهي تردّ عليه بعصبية :
- اللعنة عليك وعلى والدك الخائن !!
فإذا به يهجم عليها , صارخاً بغضب :
- قلت لك الف مرة بأن لا تشتمي والدي !!!
وطعنها بقوّة , لتختلط صرخاتها مع دقّات الساعة 12 ..
وبينما كانت تحتضر على ارضيّة المطبخ , كان ابنها في طريقه الى محل الذهب لبيع العقد ..
واثناء إستماعها للرنّة العالية الأخيرة للساعة , لامت نفسها قائلةً :
((لقد أفسدت فرصتي الثانية بالحياة .. فأرجوك يا ربي , هبّني فرصة أخرى , فأنا لا اريد الموت))
وحين فتحت عيناها .. وجدت نفسها في غرفتها , في نفس اليوم الذي تشاجرت فيه مع ابنها العشرينيّ الذي اراد الخروج مع اصدقائه ..
فأجابته هذه المرة , دون النظر اليه :
- إذهب اينما تشاء
وقد ضايقه جوابها الجافّ الغير مبالي , فأغلق بابها بغضب ..واتجه نحو الباب الخارجيّ ..
وهنا تذكّرت امه حلقةً نفسيّة شاهدتها بالتلفاز : عن حاجة اولاد المطلقين الى اهتمامٍ مُضاعف ..
ورغم انها مازالت خائفة منه , الا انها لحقته قبل خروجه من المنزل واحضنته من الخلف بحنان .. ممّا جعله يحتضنها هو الآخر , بعد ان انهار بالبكاء :
- كنت احاول منذ إنفصالك عن والدي إضحاكك وإخراجك من كآبتك , لكنك لم تعطيني أيّة فرصة ! .. فأنا لا اريدك ان تكرهينني فقط لأني اشبه والدي في ملامحه , فطباعي مختلفة تماماً عنه .. ولا ذنب لي بما فعله بنا !
فبكت امه وهي تقول :
- سامحني بنيّ لأني اهملتك لوقتٍ طويل , لكن الطلاق دمّرني كثيراً
جوزيف : امي كلانا ضحيّة والدي , فلا داعي للعيش في آلام الماضي .. دعينا نعيش حياتنا سعيدين
- وكيف !
- ما رأيك لو نخرج الآن للتسوّق ؟ .. انا وانت فقط
- وماذا عن اصحابك ؟
جوزيف مبتسماً : سأتصل وأعتذر منهم , لا تقلقي .. هيا جهّزي نفسك , لأننا سنمضي اليوم كلّه في الخارج
ثم مرّت أحداثٌ سريعة في خيال الأم عن علاقتها بإبنها التي تحسّنت كثيراً بعد ذلك اليوم , وكيف أصبح باراً بها .. وكيف كانت سعيدة بتخرّجه , وباللحظة التي أعطائها فيها اول هدية من راتبه في شركةٍ هندسيةٍ محترمة .. كما إحتفالاتهما سويّاً بأعياد الميلاد ورأس السنة ..
وفجأة ! توقفت الذكريات , لتجد نفسها في المطبخ بفستانها الأحمر المشوؤم .. فنظرت الى ساعتها بفزع , لتجد الساعة قاربت على 12 ظهراً .. فأرادت الهروب من المنزل , قبل قيام ابنها بقتلها .. لكن ما ان فتحت الباب الخارجيّ , حتى ظهر ابنها برفقة سيدة جميلة وهما يحملان علب البيتزا , حيث قال لأمه مبتسماً :
- أردّت انا وزوجتي الإحتفال معك بمناسبة حملها
الأم بدهشة : ماذا ! هل تزوجت ؟!
جوزيف باستغراب : امي ! هل أُصبت بالزهايمر المبكّر , ام هي خدعة اول ابريل ؟
زوجته : خالتي .. هل سنبقى على الباب ؟ فالبيتزا أحرقت يدايّ
الأم بارتباك : آه آسفة , ادخلا ..
واثناء وضع الزوجان الصحون لبدء تناول الطعام , كانت الأم تستمع لدقّات الساعة 12 بارتباكٍ شديد ..
لكن فزعها تبدّد , بعد مرور خمس دقائق على موعد قتلها !
فجلست على الطاولة لتناول طعامها , وهي تقول بنفسها باستغراب:
((لقد نجحت في تغير الأحداث ! ..كل ما كان عليّ فعله هو إحاطة ابني بالحنان والإهتمام , الذي أعطاه وأعطاني فرصةً أخرى بالحياة .. فشكراً لك يا ربي لاستجابتك دعوتي))
ومسحت دمعتها دون ان يلاحظ ابنها وزوجته ذلك , لانشغالهما بحوارٍ حول تنظيم حياتهما لاستقبال طفلتهما الجديدة , اللذان قرّرا تسميتها بإسم جدتها التي ما زالت مندهشة لتغيّر مستقبلها الفجائي المُتجه نحو السعادة المطلقة التي لطالما حلمت بها !