تأليف : امل شانوحة
الإرثّ العائليّ
نشر مُكتشف الكنوز على التيك توك ، لحظة عثوره على كبسولةٍ حديديّة أثريّة في الغابة ، مُنصهرةً طرفها السفليّ رغم سماكتها !
وبعد تمكّنه من خلع غطائها بصعوبة ، وجد فيها : ورقة مرسوماً عليها شجرة العائلة بإسم محدّد ! مع نجمةٍ فضيّة لم يستطع حملها ، بسبب الصعقة الكهربائيّة المؤلمة عند لمسها ! فرماها بكيسه القماشيّ بنيّة قصّها نصفين بمنشارٍ كهربائيّ ، لمعرفة طريقة إنتاجها الطاقة رغم قِدمها .
وفي فيديو آخر ، حصد العديد من المشاهدين : بعد انفجار المنشار الضخم الى قطعٍ صغيرة فور ملامسته النجمة ! التي وصفها المعلّقون بالسحريّة ، ناصحون المغامر بالتخلّص منها قبل إصابته بلعنةٍ أبديّة.
***
ما حصل للمغامر أثار اهتمام الحكومة التي ارسلت من يبحث عن العائلة (الموجود إسمها داخل الكبسولة).. ليعلموا لاحقاً بأن أكبر أفرادها إنتقل الى دولتهم قبل ٣٠٠ سنة ! ولم يبقى منها سوى حفيدٍ أخير وابنته الصغيرة
وبعد إرغمام الحكومة المُغامر على إرسال الإسطوانة الحديديّة الى خبيرٍ مُختصّ إكشف إنها مصنوعة من معدنٍ نادر ، أقوى عشر مرات من الحديد ! ولا يمكن صهرها بهذا الشكل ، إلاّ بفعل حرارةٍ عالية كحرارة الشهب والنيازك
***
ما أن أُذيعت تلك المعلومة ، حتى انتشرت إشاعة بجميع وسائل التواصل الإجتماعيّ بأن تلك الإسطوانة سقطت من السماء ! وهذا يعني أن تلك العائلة المميزة من الملائكة البشريين.
واجتمعت الصحافة والناس حول منزل الشاب الأرمل ، وهم يلاحقونه مع ابنته الصغيرة في كل مكان : منهم من طالبه بالشفاء من امراضه المستعصيّة ، وبعضهم سألوه عن مستقبلهم او تبنؤاته السياسيّة ، وغيرها من المعجزات الغير بشريّة !
خاصّة انه الوحيد الذي استطاع مسك النجمة دون صعقه كهربائيّاً ! لهذا سُمح له بالإحتفاظ بها كإرثٍ عائليّ.
وبسبب كثرة ملاحقته من الفضوليين ، إستغلّ العاصفة الجويّة (التي حبست الجميع في منازلهم) للإنتقال لمكانٍ آخر ، خوفاً على ابنته من اهتمامهم الزائد بها .. ومع هذا لم يستطع تجاهل الكنز الغريب الذي أشغل تفكيره .
***
في الصباح الباكر ، توجّه مع ابنته الى الغابة (التي وجد فيها المغامر الكنز الأثريّ الغريب) ووقف هناك وهو ينظر للسماء .. بينما ابنته تلعب بعيداً مع ارنبٍ ظهر لها فجأة !
ثم رفع النجمة الفضيّة عالياً ، وهو يقول :
- إلهي !! إن كنت فعلاً من عائلةٍ مُباركة .. فلتعمل هذه النجمة السحريّة ، لتريني معجزتي الفريدة !!
وظلّ رافعاً النجمة لعدّة دقائق ، دون حصول شيء ! فاستهزأ من نفسه :
- يالا غبائي ! أمعقول أنني صدقت تلك الخرافة
وأعاد النجمة الى جيبه ، وهو يتذكّر الماضي :
((مُحال ان أكون مباركاً .. فأجدادي ماتوا بالحروب والمجاعات ، ولم يتميّز احدٌ منهم بمعجزةٍ خارقة ! فمن اين أتتّ تلك الأسطوانة بمعدنها النادر ؟ ولما ذكرت عائلتي بالذات ؟!))
ثم أغمض عينيه وهو يتأمّل سماع صوتٍ يجيبه على تساؤلاته ..
فإذّ بقدميه تُسحبان للأسفل ، كأن الأعشاب تحوّلت لرمالٍ متحرّكة !
فصرخ فزعاً وهو يحاول الخروج من مأزقه.. ونادى ابنته التي اختفت فجأة ! فخشيّ إنها غرقت في الوحل ، كما يحصل معه
وماهي إلاّ دقائق حتى سُحب بقوةٍ هائلة لباطن الأرض ، برحلةٍ سريعةٍ ومظلمة جعلته يفقد وعيّه !
^^^
ليستفيق بعد دقائق امام دهليزٍ طويل ، مُضاء بشعلاتٍ ناريّة .. وعلى جداره الأسمنتيّ الغير مدهون ، عُلقت صور لرجالٍ عجائز : عرفهم على الفور من إلبوم عائلته الخاصّ بأجداده وأعمامه !
ولم يفهم ما حصل قبل تحرّك الممرّ الذي يقف عليه ، والتي أوصلته الى صالةٍ ضخمة في مقدّمتها عرشٌ مذهّب عليه مخلوقٌ مرعب ، ناداه بصوتٍ جهوريّ :
- هل رأيت صور عائلتك ؟!!
الرجل بفزع : هل انت..
مقاطعاً : نعم !! إبليس المُعظّم .. وجدك الأكبر هو ابني الأوسط الذي انشقّ عني ، وتحدّاني بعيشه مع البشر !
الرجل بصدمة : اذاً انا من نسل الشياطين ؟!
- ومن صفوتهم ايضاً .. فجدك كان مارداً ضخماً ، برع عن إخوانه بالشعوذة .. لهذا سلّمته النجمة السحريّة التي سرقتها بنفسي من إرث النبي سليمان .. وبواسطتها يمكن إفتعال إيّةِ حربٍ دمويّة ، وفي أيّ مكان .. لهذا اعتمدت على جدك بفتن الملوك والحكّام .. ويبدو ان نجاحاته المتكرّرة ، أغرته لحكم العالم ! لكنه صُدم فور صعوده عالمكم ، بفقده مواهبه الروحانيّة ! ومع ذلك رفض العودة لمملكتي بعد إغرامه بإنسيّة ، تزوّجها وأنجب منها ذريّةً كبيرة.. لم يبقى منها سواك انت وابنتك
فتلفّت الرجل حوله بخوف : هل ابنتي هنا ايضاً ؟!
إبليس : نعم !! وستبقى معنا لحين تنفيذك مهمّة جدّك الأكبر
- لكني لست مشعوذاً !
- سنعلّمك امور السحر بعد إتمام مهمّتك الدمويّة
الرجل بقلق : أيّةِ مهمّة ؟!
- في الماضي ، نجح جدك اللعين بإقامة الحربين العالميتيّن بواسطة كنزه الثمين .. لكنه رفض إقامة الحرب العالميّة الثالثة بعد تعوّده على حياة البشر ، بسبب زوجته التافهة !! وذات يوم نزل الى هنا بالخفاء لاسترداد طاقته الروحيّة ، وألقى تعويذةً قويّة على النجمة الفضيّة ، منعتني من استخدامها لاحقاً ! ولم يكتفي بذلك ، بل حصر طاقة النجمة بنسله فقط .. لهذا انت الوحيد القادر على خراب العالم
الرجل : كيف يمكنني إقامة حربٍ عالميّة ، وانا مجرد استاذ بمدرسةٍ ابتدائيّة ؟!
- مالا تعرفه ، إن قصة الكنز الغريب أثارت فضول حاكم البلاد الذي سيقوم قريباً بدعوتك الى قصره.. وستكون مهمّتك ، طعنه بالقلب
الرجل بعصبية : مستحيل !! انا لست قاتلاً .. ثم حرّاسه سيفتشونني قبل زيارته
إبليس : لن يسمح لهم بذلك ، لتصديقه بأنك من عائلةٍ ملائكيّة ! لهذا سيُكرّمك بالمال والهدايا ، مقابل نصره على منافسيه .
- وفي حال رفضّت تنفيذ طلبك ؟
إبليس بحزم : أقتل ابنتك !!
- رجاءً أتركها ، فلا ذنب لها بماضي عائلتي الشنيع
إبليس : لا تخفّ ، لن اؤذي حفيدتي ، فهي من نسلي بنهاية الأمر.. نفّذ طلبي وسنسحبك لباطن الأرض قبل اقتراب الشرطة منك .. وبذلك تترك دولتك في فوضى عارمة ، عمّن يتولّى الحكم بعد اغتيالك الرئيس الأمريكيّ.. خاصة ان جدتك الكبرى روسيّة .. مما سيُحدث بلبلة بين الدولتين ، ظنّاً بأنك عميل مزدوج.. وهي شرارةٌ كافية لإشعال فتيل الحرب العالميّة الثالثة .. وفي حال نجحت مهمّتك ، أسلّمك مركز جدك العاقّ في مملكتي
الرجل : وكم لديّ الوقت لتنفيذ أمرك ؟
- اولاً سنعيدك الى بيتك القديم .. وهناك ستجدّ رسالةً صوتيّة على هاتف منزلك الأرضيّ من القصر الجمهوريّ ، يحدّدون فيها موعداً للقائك بالرئيس .. (ثم عدّل جلسه) .. حاول إنهاء المهمّة سريعاً ، ثم تعال نحتفل بإفنائك البشريّة .. اما ابنتك ، فسنرعاها لحين بلوغها.. بعدها نعلّمها فنّ الإغراء ، لإفساد الشباب البشريين .. فهي مهمّة نسائنا بشكلٍ عام
الرجل بخيبة أمل : كنت اريدها أن تصبح طبيبة ، لتساعد الناس..
إبليس مقاطعاً : إنسى تلك السخافات !! فأنت من نسل الشياطين ، ولا مكان للنوايا الصالحة في قلوبنا .. وإن عارضتني ، تخسر ابنتك للأبد.. والآن إغمض عيناك ، لأعيدك للدنيا
- سؤالٌ أخير... لما أبقيت نجمتك السحريّة داخل الإسطوانة ؟ أقصد لما لم تسحبها اليك ، بعد أن دفنها جدي بالغابة ؟
- حاولت ذات مرّة ، وكادت الإسطوانة تنصهر بحرارة الأرض .. فأمرت رجالي إعادتها مكانها ، خوفاً من خسارة نجمتي النادرة .. فلدهاء جدك ! صنع الإسطوانة من معدنٍ نادر ، صعبٌ كسره ! وفي نفس الوقت ينصهر بحرارةٍ عالية كباطن الأرض ، وبذلك حرمني الحصول على كنزي .. اساساً لا فائدة منها ، طالما قوّتها محصورة بعائلتك من خلال تعويذةٍ لم يتمكّن أقوى سحرتي من فكّها ! ولأننا مخلوقاتٍ أثيريّة ، طلبت من قرين المُغامر إيصاله للكنز لكسر الإسطوانة ، وتوصيل النجمة اليك عن طريق الإعلام .. بعدها تكفّلت بإنزالك اليّ .. فهل أعجبتك فكرتي ؟
الرجل باستغراب : يبدو انني أجهل الكثير عن عالمكم المخيف : مثل معرفة جدي بأسماء افراد عائلته الذي دوّنهم في رسمة الشجرة ، وهو مازال عريساً جديداً !
إبليس : أخبرتك انه كان مشعوذاً محترفاً .. وطالما أنهى الشجرة بإسمك ، هذا يعني انك آخر ذكرٍ بعائلته .. او ربما علم باكتشافي أخيراً لعنوان فردٍ من عائلته المصون ، ومن خلالك سأقضي على حلم جدك بالسلام العالميّ .. المهم !! لا تضيّع الوقت بأسئلةٍ تافهة .. إغمض عينيك ، فأمامك مهمّةً صعبة
^^^
ما أن فتح عينيه ، حتى وجد نفسه في منزله القديم دون ابنته !
فاستمع الى رسالة هاتفه : بصوت سكرتيرة القصر الجمهوريّ ، تحدّد موعده مع الرئيس بعد يومين !
فأخرج رسمة العائلة من درجه (الذي كتبها جده بخط يده) وهو يقول:
- يبدو انك ذكرتني بآخر الشجرة ، لأني من سيُنهي إمبراطوريّة إبليس .. فبواسطة نجمة سليمان ، سأشنّ حرباً شعواء بعالم الجن والشياطين ، أبيدهم عن بكرة ابيهم ، ولوّ كلفني ذلك حياتي انا وابنتي ..
ثم بدأ بكتابة خطةٍ مُحكمة ، ستُفاجأ كلا العالميّن !