تأليف : امل شانوحة
إضّطراب الهويّة
انتهى الموسم الأول من المسلّسل الدرامي الناجح .. وقبل موسمه الثاني ، أقام فريق العمل حفلاً ، دعى اليه الكاتبة لأوّل مرة
وكان البطلان (الحاصلان على إعجاب الجماهير ، للتوافق العاطفي بينهما) متشوّقيّن لرؤية الكاتبة ، وشُكرها على السيناريو القويّ للموسم الأول الذي جعل مسلّسلهما في المركز الأول على جميع المحطّات التلفازيّة ووسائل التواصل الإجتماعي
واثناء انشغال الجميع بالحفل .. وصلت الكاتبة ببنيّتها الرياضيّة الصحيّة ، ووجهها الطفوليّ المريح ..
وبعد سلامها عليهم ، أخبرتهم بتوكيل زميلتها بكتابة الموسم الثاني .. فاعترض البطلان ، لتميّز حواراتها التي أُعجبت الجميع
فردّت بابتسامة : يجب على الموسم الثاني ان يكون رومنسيّاً ، بعكس الموسم الأول الدرامي .. ولا خبرة لي بهذه الأمور ، كوني عزباء وانطوائيّة .. لهذا زميلتي ستُحسن كتابتها لكم .. وأظن الجمهور مُتعطّش لتلك المشاهد ، بعد قساوة البطل على البطلة ، طيلة الموسم الأول
((فقصة المسلّسل : تتحدّث عن ثريّ نرجسيّ ، إشترى عبدة من تاجر رقيق بالإنترنت المظلم ، لشبهها الكبير بزوجته التي عشقها بجنون ، والتي سافرت مع عشيقها ..تاركةً زوجها بصدمةٍ كبيرة جعلته يكره كل النساء ، بعد ان دلّلها طوال سنتيّن زواجهما ! ولهذا عامل العبدة بقسوّةٍ ولؤم ، إنتقاماً من حبيبته الخائنة ! لينتهي الموسم الأول من المسلّسل : وهو يتصنّت على العبدة وهي تتحدّث مع صديقتها (خادمة القصر) عن عشقها للسيد من النظرة الأولى بعد إنقاذها من العبوديّة ! ولأجل مشاعرها الصادقة نحوه ، تحمّلت قساوته على امل أن تُطيّب جروح قلبه ، ليعود رجلاً مُحبّاً كما كان دائماً .. وقد صدمه إعترافها بحبه ، رغم تعنيفها جسديّاً ومعنويّاً دون رحمة ! لينتهي المشهد الأخير بنظراته الحائرة التي أعطت المشاهدون املاً بموسمٍ رومنسيّ ، بعد استحواذ البطلة الناعمة على قلبه المكسور))
وهنا سألتها البطلة :
- آه صحيح ! لما كتبت تلك المشاهد القاسية ؟!
الكاتبة مروى : اولاً أعتذر عن تجربتك لجميع المواقف المؤلمة ، خاصّة مع تمثيل البطل بواقعيّة اثناء ضربك وإذلالك .. لكن عيشكما الدوّر بهذا الإتقان المُبدع ، هو ما جعل الجمهور يتعاطف مع البطلة.. وفي نفس الوقت ، يشعر بخيبة امل البطل وحرقة قلبه ! امّا لماذا كتبت مشاهداً بهذه القسّوة ؟ لأنها باختصار قصتي الحقيقيّة
الجميع بصدمة : ماذا !
مروى بحزن : ليس مع الحبيب ، بل مع والدي.. (ثم نظرت للبطل) .. اساساً اخترتك من بين الممثلين ، لتشابهكما بالشكل.. وعندما رأيت مشاهدك الغاضبة ، دمعت عينايّ بعد تذكّر آلامي
ثم اوصلت جوّالها بتلفاز الصالة الذي اجتمع حوله الممثلون والمخرج والمصوّرون لرؤية ما تقصده !
مروى بقهر : سأجلس في الشرفة ، فالفيديو الذي ستشاهدونه يؤلم قلبي .. وهو عن سيرتي الذاتيّة
وتركتهم يشاهدون قصّة حياتها التي استلهمت منها فكرة مسلّسلهم الدرامي
في الفيديو :
((ظهرت مروى بعينيها الدامعتين ، وهي تسرد الحدث الذي قلب حياتها رأساً على عقب :
- تطلّق والدايّ وانا طفلة .. وكلاهما تزوّج بآخر.. زوج امي كان رائعاً وحنوناً ، وتكرّم عليّ بتسجيلي في النوادي التي تزيد انوثتي : كالجمباز والبالية والرقص والموسيقى..
ثم عرضت مقاطعاً سريعة : من عمرها ٧ حتى ١٤ ، وهي تفوز بالميداليّات والكؤوس ..عدا عن رقصها وغنائها بسعادةٍ وحيويّة..
ثم تابعت قولها :
- هذه الصبيّة البريئة تحوّلت مع ابي .. الى وليد
ثم وضعت صورة لها بشكلٍ مُغاير : بشعرٍ قصير ، ووجهٍ متورّم .. مع قفازيّ الملاكمة وعضلاتٍ مفتولة ، غيّرت معالم جسمها الناعم !
ثم تابعت كلامها ، بعد مسح دموعها :
- والدي طلّق امي بعد إنجابي ، فهو كمدرّب ملاكمة اراد إنجاب صبيّاً يفوز له ببطولة العالم للشباب .. لكن حادث سيرٍ اودى بحياة زوجته الحامل وإصابته بالعقم ، جعله يُطالب المحكمة باسترداد وصاية ابنته الوحيدة .. اما انا ، فتضاربت مشاعري بعد فوزه بالقضيّة ! من ناحية كنت متشوّقة للعيش مع والدي الحقيقي ، وفي نفس الوقت حزينة على انهيار امي واختي الغير شقيقة لابتعادي عنهما بعد عودتي للوطن ! وكنت اظن انني سأعيش حياةً هانئة مع ابي الذي بدأ منذ يومي الثاني بتدريبي بصالة الملاكمة الخاصة به ، بعد ان أمر خادمته الآسيويّة (هاجر) على تصوير تدريبنا اليوميّ ! وسأعرض لكم اللحظة التي انهارت فيها حياتي !
ثم وضعت مقطعاً : وهي تصرخ على والدها بعد لكمها بقوّة ، لعدم حمايّة وجهها
- ابي !! لا تضربني بقسوّة ، ستشوّه وجهي
- لا تتكلّم كالشواذّ ، يا وليد !!
- انا مروى يا ابي ..ابنتك الوحيدة.. انت لم تنجب وليد مطلقاً !!
لتتفاجأ بعصبيّته الهستيريّة التي جعلته يشتمها ، ويجرّها من شعرها ! وسط صراخ خادمته المجبورة على إكمال التصوير بيديها المرتجفتين ، وهو يحلق شعر ابنته الطويل بالماكينة الإلكترونيّة.. ثم رماها امامها ، وهو يأمرها بإكمال الباقي !
وظلّ بجانبها ، حتى حلقت شعرها كلّه .. ثم قال بلؤم :
- لا وجود لمروى بعد اليوم.. انت وليد !! ومن واجبك إحضار كأس العالم لي ، وإلاّ سأدفنك بأرضك !! أفهمت ؟!!
وخرج من الصالة غاضباً ، بينما حلّ هدوءٌ مريب على مروى وهي تنظر لنفسها بالمرآة ! فاقتربت منها الخادمة ، وهي مازالت تصوّر الحدث المريب :
- هل انت بخير يا مروى ؟
فنظرت للكاميرا بقهرٍ واضح :
- ابي قتل مروى اليوم.. انا وليد ، يا هاجر .. وليد البطل !!
ثم أكملت الكاتبة سيرتها الذاتيّة :
- وبالفعل ، أصبحت بطلاً دون منافس
ووضعت مقاطع لها وهي تفوز بالمبارة تلوّ الأخرى ، مُتقلّدة العديد من الميداليّات الذهبيّة .. مع عرضها لأهم ضرباتها الحاسمة التي أسقطت خصومها غارقين بدمائهم او مغشيٍّ عليهم .. دون ظهور الندم او رحمة بعيون وليد ، بعضلاته وجسمه الذي شابه الأولاد أكثر من البنات !
ثم تابعت الكاتبة قولها :
- لم يكن نجاحي سهلاً .. سأريكم جزءاً من تدريبات والدي العزيز
ووضعت مقاطع مصوّرة وهو يرمي عليها الماء البارد وهي نائمة ، لبدء التمارين القاسية قبل شروق الشمس ! ولم يهمّه إن كانت الحرارة ٤٠ صيفاً ، او تحت الصفر شتاءً ، او الجوّ ماطر وعاصف ! فهي مجبورة على متابعة التمارين .. وإن لم تفعل ، يجلدها بالسوّط بقوّة .. ثم يرشّ المطهّر الحارق على ظهرها.. وعليها تحمّل الألميّن ! وإن بكت .. يجلدها ثانيةً ، بحجّة أن الرجال لا يبكون !
عدا عن إجبارها على شرب مرق اللحم الكريه كل يوم ، لتقويّة عظامها.. وإن بصقته ، يحشر اللحم في فمها ..الى ان تتقيّأ ، او يُغمى عليها !
كما عليها كتم انفاسها اثناء سباحتها على طول المسبح ، لتقويّة رئتيّها..
ثم عرضت فيديو عن فشلها بهذا التمرين في أحد الأيام :
فضغط بقوّة على رأسها تحت الماء ، وسط صراخ الخادمة (الظاهر في التصوير) وهي تترجّاه أن يتركها .. ولم يفعل ذلك ، إلاّ قبل لحظات من موتها غرقاً !
ليتركها وهي تحاول جاهدة إلتقاط انفاسها .. وهي بدورها لامت الخادمة على إيقافه من قتلها وإنهاء عذابها !
ثم نظرت مروى للكاميرا قائلةً :
- قد تتساؤلون لما لم اتصل بأمي او الشرطة ؟ .. لم يكن هناك تلفون في المنزل الذي يقفل ابي ابوابه عند رحيله.. وهاجر صوّرتني بالكاميرا ، لا الجوّال المحرّم علينا .. لهذا كان عليّ متابعة تدريباته القاسية حتى النهاية
ثم وضعت مشهداً لوالدها وهو يطلب منها كسر شجرةٍ نحيفة ، بلكمتيّن فقط!
وعندما رفضت .. صفعها بقوّة ، وبدأ بشتم والدتها التي لم تحسن تربيّتها.. الى ان غضبت وكسرت الشجرة بضربتيّن..
وبعد ذهابه .. ساعدتها الخادمة بخلع قفازيّها اللتيّن امتلئتا بالدماء مع اصبعين مكسوريّن !
ثم وضعت الكاتبة صوراً لظهرها المجلود ، وذراعها المكسور ثلاث مرات ..وكذلك قدمها ، عدا عن اصابع يديّها المتورمتيّن دائماً!
مروى : كان صديق والدي طبيب عظام ، وهو من عالجني بعيادته سرّاً .. لأن والدي خشيّ من سؤال الشرطة عن كسوري المتكرّرة ، في حال أخذني الى المشفى .. طبعاً تتساءلون : كيف عاملك والدك بظروفك الخاصّة ؟ ..كان يجبرني على اخذ دواءٍ كل شهر ، هو السبب في نسياني بأنني انثى .. وهو ما أضرّني صحيّاً لاحقاً ! عدا عن منعه إكمال دراستي لخمس سنوات ، فكل همّه هو الفوز بالمبارايّات .. (ثم تنهّدت بحزن) .. احياناً كنت ارى رسائل امي ممزّقة في سلّة النفايات ، بعد يأسها من الإتصال بي هاتفيّاً.. وكنت احاول إلصاقها ، لجمع كلامها .. لكن الأمر كان مستحيلاً ! وبقيت على هذه الحالة من اضّطراب الهويّة ، الى ان صدّقت تماماً بأنني وليد .. ونسيت مروى تماماً ، كأنها قصة اختلقتها في مخيّلتي !
ثم عرضت مقاطع لها وهي تضحك بعد فوزها بإحدى المبارايات ، دون اهتمامها بنقل خصمها الى الطوارئ بعد إصابتها العنيفة ! كما مقطعاً لها وهي تدخن على حافّة شرفة فيلا والدها ، دون اكتراثها بخوف الخادمة من إنزلاقها ..وكأن شعور الخوف والألم اختفيا من قلبها وعقلها للأبد !
كل هذا تغيّر في المباراة ما قبل الأخيرة من بطولة العالم للناشئين .. بعد سقوط خصمها على الأرض دون حراك ، وصراخ والدها لإنهائها بالضربة القاضيّة.. لكن مروى توقفت باللحظة الأخيرة !
ورغم انتهاء المباراة بفوزها ، إلاّ ان والدها اراد صفعها فور خروجها من الحلبة لعدم تنفيذ امره .. لكنها امسكت يده بقوة ، وهي تقول بحزم :
- طالما ربحت المباراة ، فلا داعي لعطب منافستي
اما في مباراتها النهائيّة ، فخسرت جوّلتها الأولى .. فهمس ابوها في اذنها:
- يبدو ان جسدك المُخنّث يحِدّ من قدراتك ، يا وليد.. عدا عن بطولة النساء السخيفة ، بعد رفضهم دمجك ببطولة الرجال .. لهذا بعد هذه المباراة ، سأخضعك لإبر الهرومونات ، لتحويلك لشابٍ طبيعيّ
فنزلت دمعة مروى الخائفة ، والتي ظهرت على كاميرا الحكم الذي اوقف المباراة للإستراحة ..ثم اخذها جانباً ، ليسألها :
- هل علاقتك متوتّرة مع والدك ؟
فحاولت كتم دموعها بصعوبة : سيدي ، أنقذني من ذلك الوحش .. أعدني الى امي قبل ان اقتل والدي او انتحر .. ارجوك !!
وطلبت منه مشاهدة المقاطع المصوّرة لتدريبه الوحشيّ من كاميرا الخادمة المتواجدة مع الجمهور
واثناء مباراتها الأخيرة ..حجز الحكم تذكرة طائرة لإعادتها لأمها (الذي حصل على رقمها من الخادمة) التي وعدته بانتظارها بالمطار بفارغ الصبر
وفي الوقت الذي كان فيه والد مروى يقفز فرحاً وهو يحمل كأسها ، بعد فوزها ببطولة العالم للناشئين .. كانت هي في طريقها الى المطار دون علمه
ثم وضعت الكاتبة تصوير خادمتها (التي سافرت معها) لاستقبال امها واختها بالدموع والأحضان فور وصولها المطار ، بعد رؤيتهما لوجهها وجسمها المتورّم.. بينما لم تبدي مروى ايّ مشاعر حنان ، بل كانت مشاعرها متضاربة بين وليد القاسي ومروى المقهورة !
وبسبب فيديوهات الخادمة .. خسر والدها الوصاية عليها ، لكنه لم يهتم بعد حصوله على الكأس الذي ساهم بفتح صالته لتدريب الناشئين الذكور ، كما يحلم دائماً ..
بينما عانت مروى لسنتين من رفضها التحوّل لأنثى من جديد ، بعد ان منعتها امها تناول دوائها الشهريّ المعتاد .. وإخضاعها لعلاجٍ نفسيّ مكثّف ، كما إعادتها للدراسة بعد تأخّرها كثيراً عن زملائها
ثم وضعت الكاتبة مقطعاً لأختها (العروس) وهي تترجّاها بلبس الفستان التي اختارته لها بحفل زفافها .. وإن تتصرّف كفتاة امام اهل عريسها
ولخوف الأم من ردّة فعل مروى العنيفة ..أحضرت الكوفيرا الى غرفتها (التي ازالت منها المرآة) لتحسين مظهر شعرها التي اطالته بإهمال
وبعد الإنتهاء من تزيّنها .. انتظرت امها واختها اسفل درج الفلة .. لينصدما بجمال مروى بالفستان الذي تلبسه لأوّل مرة منذ ٧ سنوات!
بعدها وضعا المرآة امامها .. لتنزل دموع مروى المصدومة بعد عودة ملامحها الأنثويّة التي نستها تماماً ! ثم نظرت لكاميرا الخادمة التي كانت تصوّر وتبكي من جمالها :
- مروى عادت للحياة من جديد ! مروى مازالت حيّة ، يا هاجر!
واحتضنتها العائلة بسعادة ، بعد انتهاء صراعها بين الجنسيّن لسنوات بسبب عقد والدها النفسيّة !
ثم اكملت الكاتبة كلامها :
- مسلسل العبدة الذي اعجب الجمهور كان علاجاً نفسيّاً لي ، بعد مشاركتكم مشاعري الغاضبة والخائفة ، وخيبات املي ضمن مشاهد المسلسل الدرامي.. اما ابي ، فتوفيّ منذ فترة ..وحضرت جنازته .. ورميت كل ميداليّاتي في قبره لأنها حلمه ، ولم تكن يوماً حلمي.. فهل نجحت بتجسيد دور الإبن الذي تمنّاه والدي دائماً ؟ وهل سأتمكّن يوماً من نسيان تعذيبه الجسديّ والنفسيّ ؟ وهل انتهت شخصيّة وليد تماماً ، ام ينتظر الفرصة المناسبة للسيطرة على جسمي وتفكيري من جديد ؟! كل ما اعرفه انني لست فتاةً طبيعيّة ..وخوفي وقلّة ثقتي بالرجال ، سيحرمني الزواج والأمومة ! ومع ذلك سأحرص ان يكون الموسم الثاني من المسلسل بنهايةٍ سعيدة ، تختلف عن حياتي المحطّمة .. اعدكم بذلك))
وانتهى الفيديو هنا ! وسط دموع الممثلين الذين انصدموا من التجربة القاسية التي عاشتها الكاتبة .. حتى ان البطلة خرجت للشرفة لاحتضانها .. فربتتّ الكاتبة على كتفها :
- لا تقلقي عزيزتي ، انا بخير.. وسأبقى معكم إسبوعين قبل رحيلي..اتمنى ان لا اكون ثقيلة عليكم
ثم اقترب منها البطل :
- أشعر بالقهر لتشابهي بالشكل مع والدك الساديّ
مروى : المهم ان لا تشبهه بالصفات ، ولا تفكّر يوماً باستخدام القسّوة مع عائلتك..
ثم نظرت لأحد مساعدي المخرج :
- اين غرفتي ؟ اشعر بالتعب
ثم ودّعتهم لتنام .. بينما سهروا وهم يتناقشون حياتها المزريّة التي جعلتهم يشعرون بالمسؤوليّة لتمثيل واقعها ، بمشاهد مُتقنة وحِرفيّة
***
في اليوم التالي ، وبعد الغداء .. أحضرت الكاتبة علباً بلاستيكيّة ، وبدأت بوضع بقايا الطعام فيها ..
فسألها المخرج : ماذا تفعلين ؟
مروى : لا احب رميّ النعمة.. وهناك بعض الفقراء خارج القصر (الذي يصوّرون فيه المسلّسل) سأعطيهم الطعام في الحال
إحدى الممثلات : ليأخذوها من حاوية النفايات
مروى : لربما بهذه الصدقة ، يسامحنا الله على التجاوزات التي تحصل بالتمثيل والكواليس
فتطوّع كومبارس على مساعدتها.. ليراقبها البطلان من شرفة القصر وهي توزّع الطعام على الفقراء الذين تجمّعوا حولها ، وهم يشكرونها بامتنان
فقال البطل لزميلته :
- تلك الفتاة مميّزة بالفعل !
***
وفي احد المشاهد للموسم الجديد .. ذهبت مروى مع طاقم العمل الى الغابة ، لتصوير مشهد كشّافة بين البطل والبطلة ..وكان معهم طفليّن (مشاركيّن بالمسلّسل)
وبعد انتهاء التصوير وحلول المساء .. إقترح المخرج تخيّمهم هناك
فجلست مروى مع الولديّن في الخيمة ، لإخبارهم قصة قبل النوم ..
وأمضت ساعة وهي تحدّثهما عن قصة من تأليفها ، وهي مستغربة من الهدوء خارج خيمتهم !
وبعد نوم الولديّن ، تفاجأت بالبطل يطلّ برأسه من خيمتها ..
فارتبكت لأنها نائمة بالعكس .. وعدّلت جلستها بعد ان كان وجهه فوق رأسها ،
وهمست بعصبية :
- أخفتني يا رجل ! وكدّت توقظ الولديّن
البطل : اردّتك ان تشاهدي وضعنا بنفسك
فأخرجت رأسها من الخيمة ، لتجد معظم طاقم العمل نائماً !
البطل : لقد أنمتي الجميع بقصتك الجميلة
فابتسمت لإنصاتهم عليها دون علمها !
واستسلمت للنوم ، مُتجاهلةً الإرباك الذي حصل مع البطل الذي لم يستطّع الغفوّ ليلتها بعد أن خفق قلبه لها ، مع علمه برفضها الزواج نهائياً !
***
وفي إحدى الأمسيّات .. أمضت مروى الليلة وهي تلاعب الولد (المشارك بالمسلسل) الشطرنج .. وبعد خسارته ، جلس البطل مكانه وهو يتحدّاها :
- إن فزت ، ترقصين معي على الموسيقى الهادئة
فاستغربت مروى من جرأته :
- لا ! إن فزت عليّ ، أصنع لك طبق عشاءٍ لذيذ
البطل : موافق !!
وبالفعل فاز عليها .. فأعدّت له فتّة بالصنوبر ، اعجبه كثيراً .. لدرجة ان الجميع طلب تذوّق الطبق .. فطلبت من بعض الممثلات مساعدتها بالمطبخ .. وبعدها قدّمت للجميع ، عشاءً لذيذاً
***
في الصباح التالي .. شرب البطل قهوته على شرفة القصر ، ليشاهد الكاتبة تتمرّن على قفز الحبل من بعيد ، وكأن الرياضة اصبحت واجباً عليها كل صباح !
لكن ما ان لمحت صاحب الإسطبل (القريب من القصر) يجلد حصانه (الذي اشتراه جديداً) لرفضه وضع السِرج عليه ، حتى جنّ جنونها.. وسحبت منه السوّاط ، وأخبرته انها ستقنع الحصان بطريقتها
فابتعد عنها ساخراً.. لتمضي الوقت وهي تُمسّد شعر الحصان ..والبطل يشاهدها من فوق وهو يشعر بألمها ، بعد تذكّرها تعذيب والدها.. وظلّت تحادث الحصان ، حتى سمح لها بركوبه !
فنزل البطل سريعاً ، بعد ركوبها الحصان دون سِرج .. لكنها فتحت السيّاج وانطلقت بأرجاء المزرعة ، وهي تقوده بمهارة دون وسيلة امان !
وكاد قلب البطل يتوقف من خوفه عليها..
بعدها عادت بهدوء للحظيرة ..وأخبرت صاحب الحصان انه مستعد لوضع السِرج عليه..
وما ان خرجت من هناك ، حتى عاتبها البطل :
- هل جننت ؟!! كان بإمكانك السقوط ، وأذيّة نفيسك !!
مروى : كنت امسك شعر الحصان جيداً
- ليس كافياً !! لقد أخفتني عليك
- لا تهتم لأمري ، رجاءً
وذهبت للإستحمام..
^^^
بعدها خرجت للشرفة ، لكتابة بعض مشاهد الموسم الجديد (مع توكيل زميلتها بالمشاهد الرومنسيّة)..
فإذّ بالبطل يقترب منها ، ويضع منشفة على رأسها :
- نشّفي شعرك جيداً وإلاّ ستمرضين
فقالت له :
- ممتاز !! سيكون هذا مشهداً جميلاً بينك وبين البطلة ، سأضيفه حالاً الى السيناريو .. شكراً لك
البطل : كنت أقصدك انت ! .. لما تتهرّبين مني ؟ فأنا احاول جاهداً التعبير عن إعجابي بك
فتنهّدت مروى بضيق :
- أتدري ماذا يفعل الحطّاب الفقير عندما لا يتمكّن منشاره اليدويّ من قطع الشجرة الكبيرة ؟
البطل : ماذا يفعل ؟
- يوقف اصدقائه حول الشجرة .. ثم يبدأون بنقدها بأسوء الشتائم.. وفي اليوم التالي تُقطع الشجرة بسهولة ، بعد جفاف لحائها من الداخل بسبب النقد .. وهي طريقة مُعتمدة منذ القِدم
- وما دخل الشجرة بعلاقتي بك ؟!
مروى : هذا ما فعله والدي بي .. ربما ابدو لك كفتاةٍ مرحة وطبيعيّة من الخارج .. لكني ميتة من الداخل ، لا قلب ولا مشاعر لي ! الأفضل ان تركّز على البطلة ، فهي تهواك حقاً.. وهي صديقتي ، ولن اؤذيّها بهذا الشأن .. لذا رجاءً لا تجلس معي ان كنت وحدي ، فأنا لا اريد إثارة غيرتها
وأخذت حاسوبها وعادت الى غرفتها ، وهي تكتم حزنها..
فتمّتم البطل بشفقة :
- والدك أضرّك لدرجة انك لم تعودي تصدّقي أن أحداً يعشقك بجنون ! يالك من مسكينة
***
وقبل سفرها بيوم.. ذهبت مع المصورين والبطليّن الى احدى الأحياء الشعبيّة ، لتصوير مشهدٍ هناك ..
وابتعدت عنهم لشراء قارورة ماء.. وعند عودتها ، شاهدت رجلاً يصفع زوجته التي ارادت رؤية الممثلين..
وعندما اراد ضربها من جديد ، امسكت مروى يده بقوة :
- هل تستقوي على امرأة ، ايها الرجل الفحل ؟
الرجل غاضباً : وما دخلك انت ؟!!
فشدّت يده بقوّة ، حتى أوجعته :
- ما رأيك لوّ أكسرها لك ؟!!
فتدخّلت زوجته الخائفة : رجاءً با ابنتي ، لا تفعلي
فعاتبتها مروى : هذا ما جعله يتمادى ، لأنك تسكتين عنه
فإذّ بالرجل يُخرج سكينته من جيبه .. فقالت مروى بلا مبالاة :
- رائع !! يبدو انك بحاجة فعلاً لتأديب
وهنا لمحها البطل من بعيد .. وقبل ان يتجه نحوها ، سارع الرجل بالهجوم عليها ! لكنها استطاعت سحب السكين من يده ، وطرحه ارضاً ..
ليقوم البطل بفضّ النزاع بينهما ، ويأمر الكاتبة بالعودة فوراً للسيارة..
وآخر ما قالته مروى لزوجة الرجل :
- الأفضل ان تضعي السمّ في طعامه.. فمن يكون حقيراً مثله ، لا يستحق الحياة
ثم عادت للسيارة بانتظار لمّلمة فريق العمل لأجهزة التصوير ، والعودة للقصر بعد توتّر المكان بتلك المشكلة !
***
وفي الطريق ، لامها البطل :
- لما تدخّلتي بين الرجل وزوجته ؟ كان بإمكانه ان يؤذيّك
مروى : الرجل الذي يتطاول على امرأة ، جبان ولا خوف منه ..
البطل : عليك معاملة الناس بأنوثة ولطف
- يبدو ان وليد مازال يسيطر عليّ ! وستنتهي حياتي بشخصيّته القويّة ، الرافضة للظلم
وهنا انتبهت الممثلة (التي بجانبها) على نزيف مروى الذي تسرّب اسفل معطفها السميك !
- هل طعنك فعلاً ؟!
فسارع السائق بالتوجّه للمستشفى ، بعد اكتشافهم الجرح العميق في كبدها !
مروى وهي تكتم ألمها : يبدو ان والدي يناديني من السماء ، لإكمال تمارينه الرياضيّة !
الممثلة وهي تضغط بشالها على الجرح :
- لا تتعبي نفسك بالحديث ، سنصل بعد قليل
مروى : لا تقلقوا ، فوليد لا يشعر بالألم
البطل بقهر : انت مروى ، ولست وليد !!
الممثلة بخوف : اللعنة ! خسرت الكثير من الدماء
مروى : إسمعوني جيداً !! أطلبوا من الكاتبة جديدة ان تُنهي الموسم الثاني بالكثير من المشاعر الصادقة بين البطليّن بعد زواجهما.. لا تحبطوا الجمهور بنهايةٍ سيئة ، كقصة حياتي القصيرة
البطل : انت ستنجين من هذه المصيبة !! لا تفكّري هكذا
لكن مروى تابعت كلامها اليائس :
- إن متّ ، فحاكموا ذلك الأخرق .. واجعلوه عبرة للرجال الذين يقهرون النساء .. ووصيّتي الأخيرة : إحفروا على شاهد قبري ، العبارة التالية : ((ربّوا ابناءكم كما خلقهم ربهم ، فلا شي اسوء من اضّطراب الهويّة))
ثم تشاهدت ، قبل لفظ انفاسها الأخيرة !