الخميس، 14 ديسمبر 2023

مُهمّةٌ إنسانيّة

تأليف : امل شانوحة 

 

مسألة حياة او موت


أمسك جاك جوّاله بيدٍ مُرتجفة ، وهو يسأل بهلع : 

- هل زوجتي وابني بخير ؟

- ستعلم بعد إيصالك شحنة الماريجوانا الى الحدود المكسيكيّة

جاك : لكن الشرطة ستقبض عليّ حتماً

- لا تُكثر الشكوى ..نريد المخدّرات التي بحوذتك ، والتي ستوصلها بسيارة الإسعاف التي قمنا بتجديدها من الكراج .. ستجدها متوقفة في المنطقة الفلانيّة وفيها المفتاح.. قدّها مباشرةً باتجاه الحدود.. فالشرطة لن تشكّ بسائق سيارة إسعاف.. عليك إيصال الحقيبة قبل غروب الشمس ، وإلاّ سنقتل زوجتك او ابنك ، او كلاهما !!

جاك بخوف : حسناً سأفعل ، لكن رجاءً لا تؤذوا عائلتي

***


عندما وصل جاك للمنطقة المنشودة ، بحث في الأرجاء ..الى ان وجد سيارة إسعافٍ متوقفة اسفل الجسر.. ولم يكن فيها سائق ، والمفاتيح مازالت داخلها ! 

فركب فيها بعد وضع الحقيبة امامه ، والتي فيها نبتة الماريجوانا.. وانطلق مباشرةً باتجاه الحدود الأمريكيّة المكسيكيّة

^^^


في الجهة الخلفيّة للإسعاف.. سألت الأم المُسعف (وهي تمسك يد ابنتها الصغيرة الموضوعة فوق النقّالة .. والمصابة بأزمة ربوٍّ قويّة ، أفقدتها الوعيّ) :

- الم نصل للمستشفى بعد ؟!

فنظر المُسعف من النافذة ، ليجد انهم في طريقٍ صحراويّ ! 

فطرق على الباب الفاصل بينه وبين السائق :

- الى اين نحن ذاهبون ؟!!


مما أفزع جاك الذي لم يكن يعلم بوجود احدٍ بسيارة الإسعاف ، التي يبدو إن سائقها توقف جانباً لقضاء حاجته ! بينما سيارة الإسعاف المنشودة ، تعطّلت قبل وصولها لنقطة التسليم..


فأوقف السيارة جانباً .. وفتح بابها الخلفيّ وقلبه يرتجف خوفاً ، ليجد الأم وابنتها المريضة والمُسعف الذي سأله بقلق :

- من انت ؟! واين السائق ؟ هل سرقت سيارة الإسعاف ؟! سأتصل بالشرطة حالاً !!


وأخرج الجوّال من جيبه .. ممّا أجبر جاك على تهديده بالمسدس : 

- سأطلق النار ، إن حاولتم إيقافي !!

وسحب جوّال المُسعف والأم التي توسّلت اليه باكية :

- ارجوك !! ابنتي تحتضر .. وبحاجةٍ ماسّة لغرفة الإنعاش ، فهي مصابة بضيقٍ شديد بالتنفّس

فنظر للفتاة الفاقدة الوعيّ (7 سنوات) وهي بعمر ابنه !


ليجد نفسه بوضعٍ صعب : فإمّا ان ينقذ الطفلة ، او يُقتل ابنه وزوجته إن وصل متأخّراً بشحنة المخدّرات !

واثناء ارتباكه .. إرتفع رنين جهاز القلب بعد توقفه ، وسط صراخ الأم التي شاهدت المُسعف يقوم بالصدمات الكهربائيّة لإبنتها التي عاد نبض قلبها ببطءٍ شديد !


المُسعف : رجاءً ..أوصلنا للمستشفى ، ثم اسرق السيارة ..فحياة الصغيرة في خطر

الأم وهي منهارة بالبكاء : ارجوك سيدي !! أنقذ ابنتي من الموت


فاضّطر جاك لاتخاذ اصعب قرارٍ في حياته ! والعودة سريعاً للطريق العام ، ومنه الى اقرب مستشفى ..ثم ساعد بإنزال نقّالة المريضة ، بعد أن وعدته الأم والمُسعف بعدم إبلاغ الشرطة عنه.. 


ثم انطلق سريعاً باتجاه الحدود ، مُحاولاً الإتصال بالعصابة دون إيجاده شبكة على طول الطريق الصحراويّ ! 

***


وصل جاك بعد حلول المساء ، ليجد ابنه يبكي بهستيريا بعد قتلهم امه امامه! 


وبعد حصول جاك على حقيبة المال ، اسرع بالعودة مع ابنه الى اميركا قبل دقائق من وصول الشرطة المكسيكيّة التي علمت بمكان التسليم ! والتي ألقت القبض على افراد العصابة مع حقيبة الماريجوانا

***


وبعد شهرين .. زار جاك منزل الطفلة المُصابة ، بعد علمه بعنوانها من خلال رشوةٍ ماليّة اعطاها لممرّضة المستشفى !


وما ان رأته والدة الفتاة ، حتى شحب وجهها خوفاً :

- أحلف انني لم ابلّغ الشرطة عنك !

فنادى ابنه الذي خرج من السيارة :

- اردّت ان يتعرّف ابني على ابنتك


وقبل إكمال كلامه ، فاجأت الصغيرة الأبويّن باحتضانها الولد بسعادة : 

- امي !! هذا إريك ، صديقي في المدرسة

فاضّطرت امها لإدخالهما المنزل

^^^


بعد الغداء ، إعتذر جاك عن ذلك اليوم العصيب..

فردّت الأم : بل انا اشكرك ، لأنك فضّلت إنقاذ ابنتي على عائلتك.. وآسفة لما حلّ بزوجتك !

فتنهّد بحزن : زوجتي هي السبب بانحرافي عن القانون .. فقد كنت مزارعاً متواضعاً .. لكنها أصرّت على زراعتي الماريجوانا ، لكسب المزيد من المال ! وهي من ورّطتني مع العصابة .. لكن لحسن الحظ ان المستشفى التي ارسلتكم اليها بحاجة للكثير من الماريجوانا لمختبرها ، لتحويلها لمخدّرٍ طبّي.. واتفقوا معي على بيعهم المحصول ، مقابل أجرٍ مُجزّي.. مما اراح قلبي ، لعدم إضراري بالشباب  وإدمانهم المخدّرات !


وهنا اقتربت الطفلة منه :

- عمي ..هل فعلاً تملك ارضاً زراعيّة ؟

جاك : نعم ، وفيها اشجار الكينا التي نقلتهم من اميركا الجنوبيّة .. وهي مناسبة لعلاج الربوّ

فسألته الأم بصوتٍ منخفض :

- الم تقل انها مزرعة الماريجوانا ؟!

جاك : تلك مزرعتي الصغيرة..اما منزلي ، فمُحاط بأشجار الكينا .. فمستحيل أن أربّي ابني قرب حقل المخدّرات


ثم عادت الصغيرة لسؤال امها : 

- اريك يقول ان لديه ارنباً وحصاناً صغيراً ، اريد رؤيتهم.. رجاءً !!

^^^


إتفقوا لاحقاً على قضاء العطلة السنويّة في مزرعته .. وبالفعل تحسّن الجهاز التنفّسي للفتاة التي اصبحت صديقةً مُقرّبة من اريك الصغير


وفي الوقت ذاته ، إكتشف الوالدان الكثير من الصفات المشتركة بينهما (عكس طليقيّهما) وكان ابنائهما السبب في زواجهما ، وانتقالهما للعيش معاً في مزرعته .. بعد ان تعاهد الأبوان بعدم إخبار ولديّهما عن سيارة الإسعاف المسروقة التي جمعتهما معاً ، بتخطيطٍ مُحكمٍ من القدر !


هناك 6 تعليقات:

  1. في السابق احرقتي المحصول والآن تهدرينه على معمل المستشفى .. عظيم جدا ..وكأن الدنيا فرغت من الحشاشين والحشاشات 😡
    الكينا هذا اتذكر كانوا يعطوه لنا قديما لتخفيف اعراض السل
    ثم حلت مشاكلهم وتزوجا وعاشا في سعاده وسرور .. ايضا ؟
    يالها من طبخه 🍲
    طيب خلاااااص هناكلها المره دي ..
    انما اعملي حسابك المره الجايه طبختك لا يمكن تنزل السفره ابدااااا ..
    بصوت الريس حنفي منارة المنبطحين الارابيان بريزيدنتيين


    ردحذف
    الردود
    1. لا بأس من نهايةٍ سعيدة من وقتٍ لآخر ، يا ملك التشاؤم .. على أمل ان تكون هناك قصصاً حزينة في المستقبل ، تعجب ذوقك الغريب !

      حذف
  2. حتى انا انصدمت عودتينا على النهايات التعيسه والصادمه وهسه فجأه نهايه سعيده؟
    اكيد انحسدتي لان لاحظت صاير عندك هواي قصص نهايتها سعيده!
    اتمنى القصه الجايه تكون تعيسه لدرجة تخلينا نبكي😭💙

    ردحذف
    الردود
    1. القصة التالية شبه حزينة ! سأحاول نشرها خلال يومين بإذن الله

      حذف
    2. لم استغرب لأنها قصه ذات نهايه سعيدة .. لكني استغربت جداً عندما ارسلت لك قصه ' عش حياتي ' بنهايه شريره ، وانتي قمتي بجعلها نهايه سعيده .. هنا كانت الصدمه ! نعم لا بأس بنهايات سعيده .. ولننتظر مزيدك يا كاتبتي المفضله

      حذف
  3. القصه حلوة ♥️
    أحب قصصك اللي اتكون نهايتها سعيده

    ردحذف

الوجبة المُفضّلة

تأليف : امل شانوحة  المهمّة الصعبة في ثمانينات القرن الماضي .. وبعد اندلاع حربٍ شعواء بين طائفتيّن من نفس البلدة التي انقسمت لطرفيّن ، توقفت...