الأحد، 24 ديسمبر 2023

ذبذباتٌ إجراميّة

كتابة : امل شانوحة 

الجهاز اللاّسلكيّ


كان جاك سعيداً بتركيبه جهازٍ لاسلكيّ بشاحنته لنقل البضائع ، لربما يُسلّيه على طول الطريق بين الولايتيّن الأمريكيتيّن


لكنه لاحظ بأن الجهاز لا ينقل فقط الإذاعات المتعدّدة ، بل يلتقط الذبّذبات المشوّشة لسيارات الشرطة ! بالإضافة للإتصالات القريبة من سيارته ، والتي تزداد وضوحاً بعد توجيهه الهوائيّ الى السيارة المراد التجسسّ عليها.. 


وبذلك استمع لأكثر من محادثة جوّال ، خاصّة عند توقفه عند اشارة المرور.. معظمها كانت مكالمات عادية بين السائق وعائلته.. وأحياناً تنصّت على مكالماتٍ عاطفيّة ، تبدو لأشخاصٍ مُغرمين او خائنين ! 


وبعد غروب الشمس .. لمح سيارةً فارهة تقترب منه ، فوجّه اللّاسلكي اليها .. ليظهر صوت السائق وهو يتحدّث بجوّاله ، بنبرةٍ جادة :  

- سأضع حقيبة المليون دولار امام الشجرة الضخمة ، وسط الحديقة العامة.. وفيها صورة الولديّن اللذيّن اخترتهما لمتعتي الشخصيّة .. اريد منكم ايصالهما الى قصري في منتصف الليل ، وبسرّيةٍ تامة


وأثارت المكالمة الغامضة إهتمام جاك الذي لاحقه عن بعد ، دون لفت انتباه الثريّ  الذي اوقف سيارته بجانب الحديقة .. ثم عاد اليها ، بعد ترك حقيبته الجلديّة هناك ! 


وما ان ابتعد الثريّ .. حتى نزل جاك من شاحنته ، ومعه الكشّاف للبحث عن المال .. الى ان وجد الحقيبة ، ويعود فوراً الى الطريق العام


وكانت فرحته عظيمة برؤية المليون دولار نقداً .. لكن فرحته تلاشت بعد رؤيته صورة الولديّن الصغيريّن بعيونهما الدامعة ، وملابسهما الممزّقة التي تؤكّد خطفهما من أسرٍ فقيرة ! حيث بدى على وجهيهما الخوف ، وهما لا يتعدّيان سن العاشرة ! ففهم ان الثريّ متورّط مع عصابة لبيع الرقيق..

جاك بغيظ : يالك من لعينٍ شاذّ !! سأعاقبك على فعلتك


واضّطر جاك للإتصال بوالده (الشرطي المتقاعد الذي لم يحدّثه منذ سنوات ، بعد حرمانه من الميراث ، بنيّة الإعتماد على نفسه ! بعد ان كان مُدلّلاً من امه المرحومة)


وأخبره عن المكالمة التي سمعها بالصدفة من اللاّسلكي ، وحصوله على رقم سيارة الثريّ التي أرسلها اليه ، دون إخباره عن الحقيبة الماليّة

فاتصل والده بزملائه القدامى الذين لاحقوا السيارة .. وقبضوا على الثريّ في الميناء وهو يتجادل مع افراد العصابة الغاضبين ، لعدم إيجادهم الحقيبة في مكانها !


وخلال اسابيع .. أُلقيّ القبض على اكبر عصابة لبيع الرقيق ، مع اسماء الأثرياء المتورّطين معهم ! وأُعيد بعض الأطفال المخطوفين الى ذويّهم .. بينما أكثريّتهم من مجهولي الهويّة ، فأرسلوا الى دار الأيتام !

***


بعد انتهاء القضيّة ، شكر جاك والده على اهتمامه بالموضوع .. 

واثناء توديعه ، سأله والده عن سيارته الجديدة : 

- هل أجرة نقل البضائع مرتفعة ، لدرجة شرائك سيارةً غالية؟! 

فأجابه جاك بتوتّر : 

- منذ البارحة وانت تلمّح على الموضوع ! 

- الثريّ الذي حققّوا معه ، يصرّ أنه وضع المال .. 

جاك مقاطعاً بعصبيّة : لا شأن لي بالعصابة !! انا أجمع ثمن السيارة منذ مدةٍ طويلة .. وبدل ان تباركها لي ، تشكّك بإبنك كعادتك 

- لم أقصد هذا .. جاك ! الى اين تذهب ؟ 

لكنه ركب سيارته غاضباً ، وابتعد عن منزل والده

*** 


ما لا يعلمه جاك : ان احد افراد العصابة لاحق سيارة الثريّ ، ولمح جاك وهو يسرق الحقيبة .. لكنه ألغى فكرة قتله ، بعد معرفة تبليغه الشرطة للقبض على العصابة .. وتابع مراقبته ، في انتظار الوقت المناسب لعقابه 


وذات يوم ، وبعد خروج جاك من المطعم مساءً ..

تفاجأ بمسدسٍ موجّه على مؤخرة رأسه ، بعد تسلّل المجرم الى سيارته الجديدة .. قائلاً بحنق : 

- أتصرف مالنا على رفاهيّتك ، ايها القذر ؟!!

جاك بخوف : لا تقتلني رجاءً ، انا لم اصرف سوى ربع المبلغ .. وسأعطيك الباقي 

المجرم : وكيف ستسدّد ما صرفته ، يا سائق الخضار ؟ .. هيا أدرّ المحرّك!!

جاك برعب : الى اين ؟! 

- الى الميناء !! فنحن على علاقة بتجّار الأعضاء البشريّة.. وطالما انت شاب ببنيّةٍ صحيّة ، سنبيع كل اعضائك بالسوق السوداء .. هيا تحرّك قبل ان أفجّر رأسك !! 


وقاد جاك سيارته مُرتجفاً ، وهو لا يعلم أن والده (الذي شكّ بتورّطه بالعصابة بعد تحسّن احواله الماديّة المُفاجئة) وضع جهاز تنصّت بسيارته التي يلاحقها الآن باتجاه الميناء ، بعد طلبه الدعم من الشرطة ..


فهل سيتمكّن من إنقاذ ابنه ، قبل شحنه لدولةٍ اخرى كقطع غيار ؟! ..وهل ستكون بدايةً جديدة بين الأب وابنه ؟ ام ستنتهي علاقتهما بنهايةٍ مُفجعة ؟!


هناك 14 تعليقًا:

  1. عجبتني القصه ..
    امل سؤال ليش بطلتي تنشرين بموقع كابوس احس عندك شعبيه كبيره عندهم .. وكمان اغلبيه قصص قسم ادب الرعب والعام ممله جداً .. يعني اذا نشرتي بيه الطرفين راح يستفادون انتي من ناحية زيادة عدد زوار مدونتك والموقع من ناحية انو بعد دهر انشرت بيه قصه حلوه .. واحسه شي كيوت لانك صارلك هواي ما ناشره بيه

    ردحذف
    الردود
    1. اعتقد كبرت بالسن على انتظار يوم نشر قصتي ، ورأيّ القرّاء والردّ عليهم .. الأمر يحتاج لصبر ، وانا بالكاد اجد الوقت للكتابة في مدونتي

      حذف
    2. ليش محسستنا انو عمرك 60 سنه؟😂
      براحتك .. بس هسه صار ارسال القصص عبر الايميل ومو بصفحة النشر واصلاً اذا شاف اسمه راح ينشرها بدون ما يقره القصه لان راح يكون متاكد انو هي فنتاستك..
      مو الا تردين عليهم ، تقدرين تكتبين تعليق قصير بعد ما يعلقون الكل مو الا تردين على واحد واحد ..

      حذف
  2. برأي ابو الشاب يتبع ابنه ويتم القبض عليه ويموتو سوه ! 😁
    صراحه فكرت اخلي الابن يموت والاب يفشل بس ما اريد اكسر گلب الاب !
    أو الأب ينقذ الابن من المستحيل ! لازم شخص يموت فأفضل اثنينهم
    القصه ما عجبتني 😭

    ردحذف
  3. كتابة : امل شانوحه
    لعد تاليف منو؟

    ردحذف
    الردود
    1. قبل يومين سمعت فتاة اجنبية تقول بالتيكتوك : تخيّل لوّ اشتريت سمّاعات اذن مستعملة .. وبدل سماع الموسيقى ، تسمع محادثات الناس بوضوح ؟
      فخطرت ببالي هذه الفكرة .. وانا منذ سنة 2016 (اي مع بداية فتح المدونة) اية قصة استلهمها من رأيّ الآخرين او من احدى تعليقات الوسائل التواصل الإجتماعي او حتى كلام سمعته بالشارع .. لا اكتب تأليفي بل كتابتي ، للأمانة الأدبيّة

      حذف
  4. لن اخمّن ماذا سيحصل للعم جاك. إن غدا لناظره قريب

    ردحذف
  5. بالطبع سيقتلون جاك وابيه وكل اسرته وكل افراد الشرطه وكل الاطفال وربما قتلوا مؤلفة القصه .. وقتلوا بعدها كل القراء جميعا ...
    وتنعم العصابه بنهايه سعيده مشرقه
    يعني الموضوع واضح لا يحتاج لكثير من الذكاء .
    ولكن لا اعلم حقا لما كل هذه السوداوية بقصصك .. وكل هذه الشناعه ..
    حقا لم ؟ ..

    ردحذف
    الردود
    1. لما السوداويّة ؟ تلميذتك سيد عاصم البومة

      حذف
  6. ننتظر الجزء الثاني

    ردحذف
  7. قصة رائعة وفيها مادة مفيدة

    ردحذف
  8. فالنفترض أنه ساعده .. والشرطه قبضت على العصابه !

    ردحذف
    الردود
    1. قرأت القصتين ، يا ابن العراق .. قصة الدراسة عادية .. اما قصة بائع الذهب ، ففيها فكرة جديدة .. ربما انشرها لك في السنة الجديدة بإذن الله .. فأنا سأنشر قصة بعد 3 الى 4 ايام ، لأنها طويلة .. وبعدها سأتوقف عن الكتابة للعام القادم.. كل عام وانتم جميعاً بخير

      حذف
    2. حسناً .. لا بأس ، أنا أيضاً لم تعجبني القصه الاولى ، لذلك لم اهتم لها ابداً .. وحتى كان سردها ليس بالأمر المهم .. لكن لم ارغب بتجاهل أي فكرة ، لذلك كتبتها لك .. وكل عام وأنتي وشياطين المدونه معنا دائماً ..

      حذف

الوجبة المُفضّلة

تأليف : امل شانوحة  المهمّة الصعبة في ثمانينات القرن الماضي .. وبعد اندلاع حربٍ شعواء بين طائفتيّن من نفس البلدة التي انقسمت لطرفيّن ، توقفت...