الأحد، 2 أكتوبر 2016

ملخص قاموس عربي-عربي






مُعجم
لأهمّ المصّطلحات الأدبيّة للكتّاب المُبتدئين
عربي - عربي


معجم,اهم,مصطلحات,ادبية,كتّاب,المبتدئين,قاموس,عربي,عربي


تلخيص :
امل شانوحة

هذا العمل ((فقط)) يمكنكم تحميله دون اي مسؤولية قانونية

لتحميل ملخص القاموس

اسوأ نهايات لقصص العشق التاريخية



اسوأ نهايات لقصص العشق التاريخية  



فكرة الكتيب :
أ. اياد العطار

تأليف : 
امل شانوحة 

كليوباترا,عنترة,موسوليني,شاه,جهان,بوني,تاجوج,قيس,هتلر,هنري,ديانا


قصص عشق حزينة


حقوق الطبع محفوظة 2016, تحت طائلة المسؤولية


تابعوا احداث القصص الحقيقية هنا

السبت، 1 أكتوبر 2016

افكار وحلول للاجئين




افكار و حلول للاجئين 


تأليف :
أمل شانوحة



علينا ان نجد بعض الحلول لمشاكلهم



لرؤية الأفكار و الحلول :

افكار ابداعية مبتكرة








افكار ابداعية مبتكرة




تأليف :
أمل شانوحة



افكاري بعدة مجالات



لرؤية الأفكار




الهجرة نحو المجهول

فكرة : آية البرازي , و السورية (هاجر)

كتابة : امل شانوحة


سورين,المانيا,تركيا,البحر,الحرب,الخوف,الغرق,المخربين,النازين,قرش
مخاطر الهجرة في البحر (هرباً من حرب سوريا)


استغلّ احمد (ذو العشر سنوات) نوم رفقاء السفر في ذلك القارب المطاطي , ليدنّدن وحده اغنية وطنية , و هو شارد بمنظر البحر الذي احاط بهم من كل جانب
-سوريا يا حبيبتي , اعَدّ لي كرامتي , اعَدّ لي هويتي ... بالحرب و الكفاح و شعلة الجراح تنير درب ثورتي , يا حبيبتي

فيقول له قبطان الرحلة :
-اصمت يا ولد , و دعنا ننام قليلاً .. و ايّاك ثانيةً ان تغني اغانيٍ ثورية , فأنا لا اريد مشاكل بقاربي ..افهمت !!

و بعد ان سكت احمد , بدأ يستعيد ذكرياته الأليمة التي كان يحاول ان يشغل باله بعيداً عنها 
فصوت امه مازال في ذهنه و هي تناديه :
-احمد ! الى اين انت ذاهب ؟
-امي لقد هدأت الحرب , دعيني اذهب لألعب مع اصدقائي , فقد ضاق صدري من نومنا كل يوم في هذا الملجأ الكئيب 

فقالت امه بحزم : لا يا احمد !! لن تخرج لأيّ مكان 
-لكني سأعود قريباً يا امي .. لن اتأخّر.. اعدكِ بذلك 
فقال له اخوه الكبير بحزن : 
-و هذا ما قاله والدنا قبل شهر , حين ذهب لإحضار الخبز ..و هاهو لم يعد الينا ابداً

فقال احمد بغضب :
-اذاً ان كنّا سنموت بجميع الأحوال , فدعوني العب قليلاً ..و الموت سيجدني هنا ام هناك
ثم خرج سريعاً من الملجأ ..

لكن قطعت حبل ذكرياته , سميرة الفتاة (ذات التسع سنوات) التي كانت معه برحلة الهجرة الى تركيا , و منها الى المانيا
سميرة : بماذا تفكر يا احمد ؟
احمد و هو يمسح دموعه :
-افكّر في اليوم الذي ركضت فيه مع صديقي الى عمارتنا , بعد ان سمعنا صوت الأنفجار .. لكن للأسف , لم يتبقى منها شيء !
-نعم ..لقد سمعت من امي ان والدتك و اخوك الكبير و اختك الرضيعة , جميعهم ماتوا هناك
-لم يموتوا !! بل حوصروا داخل الملجأ , و لم يتواجد حينها جرّافات لرفع الحطام

-ارجوك لا تبكي يا احمد ! فها انت ذاهبٌ للعيش عند خالك الذي سبقك الى المانيا 
-نعم صحيح .. و انا ممتنّ لجارنا الذي قبل ان يأخذني مع عائلته بهذه الرحلة , لكن ... (و يسكت بحزن) .. 
-لا داعي للقلق , فجميعنا سنعيش حياةً جميلة هناك .. و سيدخلونا المدارس و يشتروا لنا الألعاب..

فقال احمد مقاطعاً و بيأس : هذا ان وصلنا احياءً 
-لكننا نجونا من الحرب و الحمد الله , و ايضاً من العاصفة التي مرّت بنا البارحة
احمد : لكن العاصفة اوقعت المؤن الغذائية من القارب , و ان لم نصل قريباً الى تركيا فسنتضوّر جوعاً

لكن فجأة !! صرخت سميرة بسعادة , و هي تشير نحو البحر
-انظر هناك يا احمد !! زورقٌ سريع قادماً نحونا .. هم من سينقذونا !!

لكن ردّة فعل القبطان (الذي استيقظ على صوتها) اخافها , كما اخاف جميع المهاجرين , حين انتفض صارخاً
-هؤلاء شباباً مُخرّبون !! احموا انفسكم و اولادكم , و البسوا سترات النجاة ..هيا بسرعة !!! 

و رغم ان معظم الركّاب لم يفهموا قصده , الا انهم جميعاً استشعروا الخوف من تصرّفاته , فدبّ الرعب سريعاً بينهم

و في دقائقٍ معدودة , انقضّ الشباب الأجانب بعصيّهم ضرباً بالمهاجرين دون التفرقة بين طفلٍ و امرأة .. فقفز احمد مع العديد من المسافرين نحو البحر للنجاة بأنفسهم .. لكن الحاقدين لم يكتفوا بإيذائهم , بل انهم (و قبل ان يبتعدوا بزورقهم) قاموا بثقب القارب المطاطي , ليغرق امام المهاجرين الذين تناثروا في عرض البحر 
-تجمّعوا حول بعضكم !! .. امسكوا بأطفالكم و ضعهوهم داخل الحلقة ..هيا بسرعة !!

هكذا صرخ القبطان بالركّاب الخائفين , ليُسرع الجميع و يمسكوا بأكتاف بعض مكوّنين حلقة بشرية , و قد وضعوا الأطفال في الوسط , و الذي بدورهم تمسّكوا بقوة بأعناق اهاليهم و هم يبكون خوفاً 

و كان الخوف الأكبر على المصابين من المهاجرين , حيث كانوا خائريّ القوى بسبب العصيّ التي تلقّوها على رؤوسهم , و من بينهم القبطان الذي كان رأسه ينزف بغزارة 
***

و مرّت الساعة ببطء , و بدأت اشعة الشمس بالمغيب ليزداد رعب المهاجرين مع حلول الظلام
-قبطان ! قبطان !! الماء باردة و ابني يرتجف بقوة .. مالعمل ؟
-هل نحن بعيدون جداً عن تركيا ؟
-قبطان !! لما لا تجيبنا ؟
لكن لم يكن هناك اثر للقبطان ليردّ على اسئلة النسوة الخائفة , فقد اختفى في جنح الظلام !
***

و في الصباح ..كان القبطان و ثلاث شبان و امرأة قد اختفوا من المجموعة , و يبدو انهم غرقوا اما بسبب جراحهم او بسبب عدم لبسهم لسترات النجاة .. و بذلك بقيّ في البحر قرابة 13 شخص فقط , منهم طفلان على وشك الموت من العطش , حيث انخفض صوت بكائهم , و بدأ هدوئهم المفاجىء يرعب اهلهم

لكن هذا الرعب ازداد في ظهيرة ذلك اليوم , بعد رؤية احمد لزعنفة القرش و هي قادمة بسرعة ناحية حلقة المسافرين
و بسرعة دبّ الرعب و الصراخ بصفّ المهاجرين !! و كان جار احمد اول ضحايا القرش حيث التهم جزءاً من فخذه

و قد شاهد احمد بعينه بقعة الدم و هي تزداد اتساعاً حول جاره العجوز و الذي صار جسمه ينتفض بغرابة و الم , بينما تحاول زوجته ربط ساقه (التي انقطعت نصفها) بحجابها
لكن يبدو ان رائحة الدماء اجتذبت المزيد من اسماك القرش
فلم يجد احمد نفسه الاّ و قد انطلق يسبح بعيداً عن المجموعة , و التي كانت تتخبّط ببركة من الدماء و سط الهجوم المفاجىء من اسماك القرش ! 

و ظلّ يسبح بكل ما اوتيّ من قوة حتى حالت الأمواج بينه و بين البقيّة , و بدأت اصوات صراخهم تختفي شيئاً فشيئا ..  و لم يجد احمد نفسه الا غائباً عن الوعي من شدّة الجوع و العطش و الخوف , و الشيء الوحيد الذي ابقاه حياً هو سترة النجاة التي فضّل جاره اعطائه له بدل ان يلبسها هو , رغم اعتراض زوجته
***

و حلّ الليل و احمد مازال يطفو وحده وسط البحر , حيث كان يبكي و يصرخ بآخر ما تبقى له من طاقة
-امي !! ابي !! اخوتي !! ارجوكم خذوني اليكم ..لا تتركوني وحدي هنا ..لا اريد ان يأكلني القرش ..انا خائفٌ جداً !
ثم بدأ الهدوء يسري داخله بشكلٍ غريب , و كأنه دخل في صدمة نفسية ! فصار يضحك و يكلّم نفسه
-وليد !! ارمي لي الكرة ..لا تخفّ , سأسدّد هدفاً قوياً ..جوووول !!! انا افضل لاعب في العالم

و بعد موجة من الضحك الهستيري , سكت ثانيةً ليعود و يدنّدنّ الأغنية الوطنية
-سوريا يا حبيبتي ..اعدّ لي كرامتي ..اعدّ لي هويتي
و ظلّ يغني حتى شعر ان جسمه بدأ يطفو و يخفّ وزنه ..الى ان ارتفع عن الماء , و بدأ يشاهد جسده من فوق ! 
-ما هذا ؟! كيف اطير في الهواء و جسدي مازال في البحر ؟ ..هل متّ ؟!

ثم بدأ جسمه يطير فوق سطح البحر و كأنه طائرة شراعية الى ان عاد الى سوريا , و صار يحلّق فوق عمارتهم المهدّمة
-ياه كم منظر البلد من فوق يثير الرعب و الحزن معاً , و كأنه عالمٌ مهجور ! ... آها !! هذا مبنانا هناك !

ثم رأى جسده و هو يخترق ردم الرِكام الى ان وصل للملجأ , فوجد جميع الجيران مازالوا كما تركهم قبل شهرين ! فصاحب العمارة العم يوسف مازال يستمع الى الأخبار من المذياع ..و اطفال العمارة مازالوا يلعبون بالورق في زاوية الملجأ على ضوء الشمعة .. بينما تجمّعت الجارات لتتكلّم مع بعضهنّ عن احوال البلد .. 

و هناك على احدى الأسرّة كانت تجلس امه و هي تُطعم اخته الطفلة .. بينما اخوه الكبير يلعب الشطرنج مع صديقه على السرير الثاني
فركض احمد تجاه امه بشوق :
-امي !! امي !! لقد اتيت

لكن امه ظلّت تطعم ابنتها الصغيرة من زجاجة الحليب دون ان تنظر اليه !
-امي ما بك لا تنظرين اليّ ؟! هل مازلتِ غاضبة مني لأني خرجت دون اذنك ؟! ..انا آسف فعلاً ..ارجوكِ تكلّمي معي , فقد اشتقت اليك حقاً .....امي رجاءً ! 

و بعد ان يأس منها , ذهب عند اخيه
-اخي سعيد , انا اتيت !! لقد عدّت اليكم , و لن ابتعد عنكم ثانيةً 
لكن اخوه ظلّ يضحك و هو فرح بفوزه على صديقه باللعب !
فصرخ احمد لكي يُسمع الجيران صوته :
-انا عدّت اليكم !! الستم سعيدون بعودتي ؟! ...(ثم بحزن) .. لما لا ينظر احد اليّ ؟ هل جميعكم غاضبٌ مني ؟!

و هنا ! انتبه الى والده و هو ينزل ادراج الملجأ , و معه ربطة الخبز
فأسرع اليه و هو يقول له بفرح :
-ابي ! هل عدّت الينا اخيراً ؟
لكن والده وضع ربطة الخبز على الطاولة بجانب الملجأ , ثم عاد الى فوق ! ..فلحقه احمد
-لا !! لا تذهب ثانيةً يا ابي , لقد اشتقت اليك كثيراً
لكن عندما التفتت والده اليه , كان وجهه مُدمّى و قد اُزيل نصف جمجمته .. ففزع احمد !!

ليستيقظ بعدها ووجهه ممرّغٌ بالتراب , و قد تجمّع حوله بعض الشباب الذين تواجدوا على الشاطىء , بعد ان اتصلوا بالأسعاف
فحاول ان ينظر اليهم بعينيه المتعبين 
احمد : اين انا ؟!
لكنهم تكلّموا معه بلغة لم يفهمها !

و قد اسرعت احدى الفتيات لإشرابه بعض الماء من قارورتها , و كان الذّ ماء شربه في حياته .. لكن بعدها , اغميّ عليه مُجدداً  
و استيقظ فيما بعد في المشفى و المصل في يده , و كان هناك شرطياً و صحفياً داخل غرفته .. 

ثم اقترب منه الطبيب الذي يبدو انه يعرف اللغة العربية , و سأله :
-ما اسمك ؟
و بصعوبة قال احمد :
-اين انا ؟!
-لا تقلق ..انت في مشفى بتركيا .. ما اسمك ؟ و اين بقيّة الركّاب ؟
فصار يُخبره احمد بما حصل , و الطبيب يترجم للصحفي الذي كان يسجّل هذا اللقاء , لإذاعته لاحقاً في نشرة الأخبار
***

و بعد اسبوع قضاها احمد في رحلة العلاج , استعاد صحته ببطء
و في عصر ذلك اليوم , تقدّم الطبيب من سريره و قال له بحماس
-الف مبروك يا احمد
-على ماذا ؟!
-لقد شاهد خالك الذي يسكن في المانيا الأخبار , و اتصل بمشفانا قبل قليل , و قال انه سيرسل لك تذكرة السفر... 

فانتفض احمد برعب :
-لا اريد السفر بالبحر ثانيةً !!
-لا تخفّ , فهو سيحضرك بالطائرة .. لقد كان يظنّ بأنك متّ مع اهلك .. و هو الآن يريد اخذك الى هناك لتعيش معه
لكن احمد فاجىء الطبيب بسؤاله :
-الم تجدوا جاري و عائلته , و سميرة و بقيّة المسافرين ؟
-مع الأسف , لم ينجو احداً غيرك !
***

و بعد يومين .. جلس احمد و هو يرتعش في مقعده بعد ان رأى منظر البحر من نافذة الطائرة , ثم اغلق اذناه و هو يستذكر صراخ المهاجرين حين ضربهم الحاقدين و عند هجوم القرش عليهم
فتقدّمت المضيفة منه , و اغلقت النافذة التي بجانبه بهدوء .. ثم قدّمت له كوب الماء بابتسامة حنونة
فمسح احمد دموعه , و اخذ يرتشف الماء بيديه المرتجفتين
***

و في المانيا ..استقبله خاله بالمطار بالقبلات و الدموع , لكن احمد كان هادئاً بشكلٍ مريب ! 
و قبل ان يخرجه من المطار , استقبله مسؤول الماني مع بعض المصورين , و طالبوا الصغير بمقابلة صحفية سريعة في قاعة التشريفات الموجودة بالمطار 

و هناك .. بدأوا يسألوه الأسئلة , و خاله يترجم لهم اجابات الصغير .. ثم انتهت المقابلة بالتصفيق بعد ان قدّم له المسؤول الألماني ميدالية الشجاعة , لكن احمد في تلك اللحظات لم يسمع تصفيقهم بل كان يستذكر عدة اصوات 
منها صوت امه و هي تعاتبه :
-احمد ! الى اين انت ذاهب ؟!
و صوت صديقة الرحلة , سميرة :
-سنعيش حياةً جميلة في المانيا
***

و بعد انتهاء المقابلة , ركب السيارة مع خاله و زوجته , و صارا يتكلّمان معه عن المدرسة التي سيسجلانه فيها , و كيف سيسعد بالحياة في المانيا .. و هو في المقعد الخلفي ينظر من نافذة السيارة دون كلام .. الى ان مرّت السيارة بجانب بحيرة , فقطع كلامهم بعد ان صار يدنّدنّ بحزن و هو غارقٌ بالتفكير :
-سوريا يا حبيبتي ..اعدّ لي كرامتي..اعدّ لي حريتي ..
مترافقة مع دمعة ساخنة تسيل على خدّه


فيديو الأغنية الوطنية القديمة لسوريا 



طفلة المقبرة

امل شانوحة

ثم تحولت لاحقاً الى قصة ((اميرة القصر)) بمشاركة : ايلين بن حسين و قيصر الرعب
موقع كابوس
الرابط : http://www.kabbos.com/index.php?darck=1599


طفلتي لم تمت !!

يحاول الوالد بصعوبة تهدأة ابنه الرضيع , الاّ ان الطفل لا يكفّ عن الصراخ
- ابني , هيا نمّ .. و الله تعبت .. افّ !! اين انت يا سيلينا ؟!

و كانت زوجته سيلينا تذهب يومياً لمدة شهر (بعد ولادتها) الى مقبرة ابنتها , التي لم تعش في الدنيا سوى ثلاث ساعات ! حتى ان بقاء اخوها التوأم حياً , لم يخفّف من لوعة فقدانها .. و بعد ان وضعت الأزهار على قبرها , و همّت بالرحيل .. سمعت صوت امرأة عجوز تناديها من بعيد 
- هاي انت !! توقفي رجاءً

و بعد ان اقتربت منها .. قالت الأم بضيق 
- آسفة .. ليس معي نقود الآن ..
- لا اريد مالك .... فقط اجيبيني .. هل انت والدة الطفلة ؟
و تشير على القبر .. فتقول الأم بحزن
- اعرف ما ستقولينه , فالجميع يكرّر نفس الكلام .. هي بالجنة و عليّ ان اكمل حياتي ..

- لم اقصد هذا ايضاً ..... لكن ابنتك معي 
- ما هذا الهراء ! اتسخرين من مصائب غيرك ؟!
- لحظة !! قبل ان تغضبي .. انا بصراحة .. طيب اولاً احلفي بأنك لن تبلّغي عني الشرطة
- اسمعي !! اياً كنت .. انا تعبة , و عليّ الذهاب .. فإبني يحتاجني الآن ..

لكن العجوز امسكت بيدها بحزم (لتوقفها عن الذهاب) ثم اخرجت من جيبها اسورة ذهبية صغيرة .. و قالت
- اليست هذه اسورة الرضيعة التي دفنتموها هنا
فسحبت السيدة الأسورة من يدها بعنف , ثم قرأت الأسم المحفور بداخله
و كان محفوراً : طفلتي اليزابيث

فبكت الأم , و قالت : 
- نعم ..اشتريتها , فور علمي بحملي بها و بأخيها .. هل انت تسرقين النعوش ؟!!
- بصراحة نعم .. لكن هذا من حسن حظك ..لأني وجدت ابنتك حيّة ترزق , و هي معي منذ شهر .. و كنت ابحث عن اهلها 

(ربما لو ايّ احد مكان الأم لظن انها مجنونة , لكن لوعة الأم على فقدان ابنتها جعلت وجهها يهللّ فرحاً لهذه البشارة الغير منطقية !)

- احقاً !!! ابنتي حيّة ! اين هي ؟ اريد رؤيتها حالاً !!!
فابتسمت العجوز بمكر و قالت :
- اذاً تعالي معي 

***
بعد قليل .. تفاجأ الزوج بعودة زوجته و هي تحمل الرضيعة (بثياب الصغيرة الرثّة) ..و قبل ان يستفسر عن الموضوع , كانت تخبره بالقصة , و هي تكاد تطير من الفرح
- انظر يا مايكل !! ابنتنا اليزابيث مازالت حيّة !!

..و حتى بعد ساعة من شرحها للقصّة , الاّ انه مازال لا يصدّق كل هذه التخاريف 
- اسمعي يا سيلينا .. علينا ان نُبلّغ عن هذه النصابة التي تنبش 
- اتريد ان اردّ جميلها , بالتبليغ عنها ! لا طبعاً !! يكفي انها اعادت لي ابنتي ..
- توقفي رجاءً !! هذه طفلة غير شرعية , ارادت ان تلصقها بك لكي..
- لا اسمح لك بقول هذا الكلام !! هي ابنتك و انت تعرف ذلك 
- لم اقصد ما فهمته ! قصدت العجوز.. اسمعي !! يمكننا نبش القبر , و سترين بنفسك جثة اليزابيث ..
- اخرج من الغرفة , اريد ارضاع طفلتي .... قلت اخرج !!

و عندما خرج الزوج متضايقاً , كان ابنه الآخر ذو الثماني سنوات يقف حائراً خارج الغرفة 
- ابي .. هل حقاً هذه اختي ؟!
- على الأقل , امك المجنونة تظن ذلك !
ثم خرج من المنزل غاضباً , تاركاً ابنه محتاراً
***

في الغرفة .. كانت الأم ترضع ابنتها و دموعها على خديها , و هي تمسك اصابع ابنتها الصغيرة و تدندن لها 
- اوو , يا بنتي .. اظافرك طويلة ! حسناً للننهي اولاً رضعتك , ثم اقصّها لك .. جيد ان اخاك الصغير نائم , كم سيفرح برؤيتك عندما.. أأأأي !

و هنا صارت الأم تنزف
- كيف هذا ! هل عضتتني ؟! ..ارني .. ألك سن ؟! كيف ؟! مازلت بشهرك الأول ! حسناً سأسأل الطبيب غداً ..لا توقفي !! لن ترضعي المزيد , سأحضّر لك زجاجة .. الزابيث توقفي !! هذا دم و ليس حليب ! أأأي !!

و عاد الأب بعد قليل , ليجد ابنه بجانب البيت يلعب بالكرة
- هل مازالت الطفلة هنا ؟
- طبعاً ! اليست اختي ؟...... لحظة ابي !! قبل ان تدخل , اريد ان اخبرك بشيء 
- ماذا ؟
- الطفلة تحب طعم الدماء ! كما انها كسرت ثلاث مقصّات عندما حاولت امي قصّ اظافرها .. لقد رأيت ذلك بنفسي !! فهل هي طفلة مستذئبة ؟
- انت تشاهد الكثير من الأفلام , بنيّ .. هيا ادخل !! فقد تأخّر الوقت
***

و مرّت الأيام .. و كبرت الصغيرة وصار عمرها عشر سنوات ..و كبرت معها المشاكل .. كان اخوها التوأم عادة ما يأتي من المدرسة غاضباً بسبب تصرفات اخته التي تحرجه امام اصدقائه ..
- مابك غاضباً هكذا ؟
- اختي المجنونة !! احرقت الفصل !
- لا تصدقيه يا امي , انا كنت اجلس مكاني ..لكن المعلمة الغبية هي من اسقطت من يدها المحلول , فاشتعل المختبر 
- يا الهي ! هل تأذى احد ؟!
- المعلمة احرقت يدها , و كلّه بسببها !! 
- توقف ادم !! ما دخل اختك بالموضوع ؟
- لقد سمعتها بنفسي , يا امي .. كانت تتمتم بتعويذة , قبل ان تنفخ على المعلمة , و بثواني ..
- هو يقول هذا , لأنه يحب المعلمة الشقراء 
- اسكتي !!
- توقف يا ادم !! و اذهب و اغسل يديك للغداء
- انت لا تصدقيني .. لكن ابي المرحوم كان يصدقني , و اخي الكبير ايضاً !! ليته لم يذهب للعسكرية !
ثم ذهب حزيناً الى غرفته
***

و بدأت الأيام تمضي كل يوم اسوء من الذي قبله .. كل يوم مشكلة في المدرسة او مع الجيران و مع اطفال الحيّ , و السبب : هي المشاغبة اليزابيث

و في يوم ..عادت من الحيّ و هي تعرج , و قالت انها تشاجرت مع اولاد الحيّ ..لكنها امضت اليوم كله بشكل عادي , و في اليوم التالي اخذتها امها بالغصب عند الطبيب : الذي تفاجأ بكسرٍ مضاعف في رجلها .. و بعد تجبيرها , خرجتا من المستشفى

و في الطريق
- امعقول يا اليزابيث انك لم تشعري بأيّ المٍ البارحة ؟!
- لا امي , و لا ادري لما هذه الجبيرة اللعينة ؟
- لننتظر اذاً نتيجة الفحوصات غداً .. و عساه خير !
و هنا .. اقتربت سيارة اخرى منهم و كأن السائق يتعمّد مضايقة الأم فمرة يسير يُمنة و مرة يساراً , فصرخت الأم عليه :
- هاي !! مابك ؟! هل انت سكران ؟
- امي !! اتركيه لي 

و اغمضت الفتاة عينيها , و صارت تتمتم بكلام غير مفهوم , ثم فتحت عيناها و اشارت بيدها على سيارته قائلة :
- الآن !!!
و على الفور !! انقلبت سيارة الرجل عدة مرات .. للتتوقف للحظة , قبل ان تندلع فيها النيران !
و هنا ضحكت الصغيرة بفخر , وسط ذهول امها !
***

و بعد ان عادتا الى المنزل .. ذهبت اليزابيث مباشرةً الى غرفتها و هي تستند على عكازها , بينما اسرعت الأم لغرفة اخيها التوأم .. و سألته بفزع :
- آدم .. اريد ان اسألك سؤالاً
- لماذا تهمسين يا امي ؟!
- اسمع !! اريدك ان تخبرني بكل الأشياء الغريبة التي كانت تفعلها اليزابيث
- و اخيرا صدقتني !!
- اخفض صوتك .. هيا تحدّث
و بينما كان يخبر امه , كانت اليزابيث تتنصّت عليهما , و هي تبتسم بخبث
***

في اليوم التالي و بعد ان اوصلت الصغيران الى المدرسة , عادت سريعاً الى البيت لتراقب الشريط (بعد ان كانت قد فتحت مساءً : كاميرا لابتوب ابنها و ابنتها لتراقب غرفهم)

و هنا رأت ما كانت تخشاه .. اليزابيث خرجت من غرفتها عند الساعة التاسعة ليلاً و سارت بشكلٍ طبيعي و من دون عكاز !  ثم دخلت الى غرفة اخاها التوأم , و بقيت واقفة بجانب سريره دون حراك , تراقبه و هو نائم .. فسرّعت الأم الشريط التسجيلي , لتجدها و قد بقيت على هذه الحالة حتى الفجر , قبل ان تعود و تستلقي في فراشها قبل دقائق من قدوم والدتها لإيقظها للمدرسة ! 

و بصعوبة امسكت الأم نفسها عن سؤال ابنتها عن سبب مراقبتها لأخيها , لأنها ارادت ان تراقبها لليالٍ اخرى , لتتأكد .. و في اليوم الرابع : شاهدت الشيء ذاته .. و لم يكن جمود ابنتها امام سرير اخوها هو المخيف , بل بقائها مستيقظة لأربعة ايام متوالية !
و هنا تذكّرت شيئاً , كانت كلمة زوجها التي رأته واقعاً في الصالة بعد عودتها من السوبرماركت .. و عندما حاولت ايقاظه , كان آخر ما قاله لها قبل ان يموت :
- تخلصي بسرعة من اليزابيث !! انها شيطانة !

ثم عادت و تذكّرت المرأة العجوز , و صارت تتساءل :
هل كانت مشعوذة ؟! هل فعلاً اليزابيث جنّية ؟! ياربي ! عليّ الذهاب الى المقبرة فوراً ... لحظة ! الموضوع كان من عشرة سنين , اكيد ان العجوز ماتت ..لا يهم ..سأذهب و اتأكّد بنفسي 
و ذهبت بالفعل الى المقبرة .. و بحثت هناك لساعات , لكنها لم ترى احداً .. 

و قبل ان تذهب , لمحت امرأة عجوز تضع ورداً على قبر اليزابيث , فصرخت من بعيد 
- هايّ !! انت !! ايتها العجوز لا تذهبي , توقفي حالاً !!
لكن العجوز اختفت بالغابة القريبة من المقبرة , فاسرعت الأم خلفها ,  و صارت تسير بعيداً عنها , لأنها ارادت ان ترى الى اين ستذهب  ..  

و بعد ساعات .. كانتا تعمقتا جداً في الغابة , و قد حلّ الليل .. فأضاءت الأم جوالها , لكن العجوز اختفت ! و لم يكن هناك سوى قصراً قديم اسود على تلة قريبة , يفصلها عنه : جسرٌ خشبي متهالك فوق مجرى نهر صغير .. و بعد ان وصلت الى بوابته الحديدة , تفاجأت بالباب يُفتح لوحده ! فدخلت اليه .. كان هناك سجاد احمر بالداخل .. و لوحات زيتية لشخصيات قديمة , كان منظرهم اقرب للأموات منه للأحياء ! حتى وصلت الى صالة كبيرة , لكنها لم تدخلها .. بل توقفت عند الباب ,  و صارت تسترق النظر من شقّه المفتوح ..

و في الداخل .. وجدت في صدر الصالة : عرش ضخم مهيب , يجلس عليه رجل في الاربعينات من عمره , يلبس روب اسود طويل بياقة حمراء .. و كانت العجوز تسجد له ..
- هيا قومي !! و اخبريني .. هل ارسلت ابني لعائلته الجديدة ؟
- طبعاً يا سيدي !! الست دائماً يا سيدي ابليس , اسلّم اطفالك الى عائلات طيبة , ليحولوا حياتهم الى جحيم 
- جيد .. اذاً استحقيت بجدارة الفصل الأخير من كتاب السحر .. هيا خذي

فأسرعت العجوز اليه و استلمت منه اوراقاً صفراء .. و هي تقول 
- هل هذا يعني بأني تخرّجت من مدرسة الشعوذة ؟
- نعم .. و لهذا سأكرّمك : برؤية مراسم الحفل لهذه الليلة 
- اهذا صحيح !! هل سأراك و انت تحرق قرباناً بشري ؟
- نعم .. و الآن فوراً !! هيا يا وحوش !! ابدؤا الحفلة !!

و بثواني .. رأت سيلينا آلاف الشياطين يخرجون من كل مكان بالقصر , ثم شعرت بنصل الرمح يغرز في ظهرها , لترى شيطاناً خلفها نصفه انسان ونصفه السفلي حيوان .. فأغمي عليها على الفور 

لتستيقظ بعد قليل و هي داخل قفص حديدي , و جموع الشياطين يجلسون على المدرّجات يزمجرون بسعادة , و نارا كبيرة في الوسط .. و هنا انتبهت على صراخ ولد .. لترى ابنها الصغير معلّق بحبل من السقف و هو يدنو ببطء نحو النار .. 

و ابنتها اليزابيث تقف بقرب عرش ابليس , و هي تقول : شكراً يا ابي لأنك سمحت لي برؤية حرق هذا اللعين الصغير
- و من بعده , امك
و يضحكان .. فتصرخ الأم بفزع
- ابني ! لاااااااااا

النهاية

الجمعة، 30 سبتمبر 2016

المرحلة الإنتقالية

امل شانوحة

الجنة,جهنم,الحساب,انتقال,روح,عقاب,مرض,عائلة
قطار فضي ينتقل الى السماء

صفّارة القطار القادمة من بعيد , ايقظته  
-اين انا ؟!
قالها الرجل الخمسيني و هو ينظر بغرابة للناس من حوله , بعد ان استفاق داخل مطعم جدرانه مطليّة باللون الذهبي !

-هاهو استيقظ اخيراً !
قالتها صبية بعمر الورود , كانت تجلس بجواره على الطاولة الدائرية
-من انتم ؟ ...و اين انا ؟!

-انا سعيد و هذه مريم .. و انت الآن في المرحلة الإنتقالية قبل يوم حسابك .. و بما انك تجلس معنا في هذا المطعم الجميل , فهناك احتمالاً كبيراً ان تكون من اصحاب الجنة بإذن الله
قالها سعيد (الرجل الثلاثيني) و هو يرتشف بعضاً من عصيره

-لم افهم شيء !
-دعني افهمه انا يا سعيد 
و اقتربت الصبية من الرجل الخمسيني , و قالت له : 
-اسمع يا عم صالح ..  
-(مقاطعاً).. لحظة ! كيف عرفتي اسمي ؟!
-هو مكتوب على بطاقتك 

فنظر الى ياقته , ليجد اسمه مكتوباً على بطاقة علّقت عليها
-اسمعني رجاءً.. يبدو انك تحتضر في مكانٍ ما على الأرض , و روحك انتقلت الى هنا مثلنا جميعاً..
-(يقاطعها من جديد , و بفزع) .. هل انا ميت ؟!
-لا !! .. انت مازلت تحتضر او في غيبوبةٍ ما 
-(بارتباك) ..و ماذا سيحصل الآن ؟!

فأكملت قائلة : 
-انت انتقلت الى هذا المكان الذي يشبه الجنة المصغّرة .. انظر مثلاً الى الطاولة التي نجلس عليها .. يمكنك ان تطلب ايّ طعام من ايّ مكانٍ في الأرض , و ستجده امامك في ثواني .. 
فتنظر الى سعيد الذي كان يبتسم ساخراً من نظرات الدهشة في عينيّ العجوز , ثم تكمل قائلة :
-يبدو انك لا تصدّقني بعد ..اذاً سأريك 

و ضغطت على زرٍ موجود فوق الطاولة , ليخرج منه ضوءاً كالشعاع , يظهر فيه صورة للكرة الأرضية 
صالح بدهشة : هذا يبدو كالحاسوب ؟!
-نعم صحيح .. انظر الآن

و بلمسها للكرة الأرضية المرسومة بالهواء , تبدأ الأرض بالدوران .. و من ثم اوقفتها بلمسة على دولة البرازيل .. ثم قالت :
-الآن و بعد ان اخترنا البلد , ستظهر لك قائمة بأشهر الطعام و الشراب التي تشتهر بها البرازيل .. و سأختار لك القهوة فهم مشهورين بالبن الجيد , هذا عدا انك تحتاجها لتركز معنا اكثر
ثم طلبت القهوة من القائمة .. فظهرت على الفور امام صالح كوب القهوة الساخنة .. ففزع و رجع بكرسيه للخلف !

فضحكت الفتاة و سعيد الذي قال :
-لا تقلق , فجميعنا ارتعبنا مثلك في البداية .. لكنك ستتفاجىء اكثر عندما تتذوق طعمها اللذيذ , فهي قادمة اليك مباشرةً من افضل مقهى بالبرازيل...هيا اشرب
-(بتردد) .. لا لا اريد ..اقصد ..انا اعاني من مشاكل صحية على ما اذكر , و القهوة لا تناسبني

فقالت الصبية مبتسمة :
-و انا اصبت بحادث سيارة ادخلتني في الغيبوبة , فهل ترى عظامي مهشّمة مثلاً ؟ 
-لم افهم !
فقال الشاب :
-يا عم , صحتك هنا مئة على مئة و كأنك مولود من جديد .. و ان كنت لا تصدّقني , انظر بنفسك

و طبع الشاب شيئاً على الأزرار الموجودة على الطاولة , فخرج ضوءٌ شعاعي من جسم العجوز , و ظهر (في هواء فوق الطاولة) شكل جسمه بالأشعة السينية , و فيه يظهر ان كل شيء بداخله يعمل بشكلٍ جيد , حتى قلبه المريض !

-هل اطمأننت الآن ؟ 
قالتها الفتاة , و هي تدني منه كوب القهوة و تقول :
-و الآن اشرب قهوتك , و ستشكرني لاحقاً

فأخذ العجوز قهوته بتردّد .. لكن ما ان ارتشف القليل منها , حتى ارتسمت على وجهه ابتسامة الرضا
-يا الهي ! انه اجمل كوب قهوة شربته بحياتي
-مريم :  طيب ما رأيك الآن يا عم ان تشاركنا الطعام ؟  
-سعيد : نعم ..فنحن كنا على وشك ان نطلب طعامنا , قبل ان تظهر امامنا فجأة .. بالمناسبة اسمي سعيد , او يمكنك تلقيبي بالشاب المتهوّر كما كان يفعل اصحابي

-صالح : و لماذا يسمونك هكذا ؟
-مريم : رجاءً لنأجّل الكلام الى ما بعد طعام العشاء 
-صالح : و هل دخل الليل علينا ؟!
سعيد : نعم منذ ساعتين .. هيا مريم اطلبي طعامك , فالسيدات اولاً 
-مريم : شكراً لك .. و على فكرة يا عم صالح , الطعام هنا لا يسمن ابداً مهما كان مليئاً بالدهون

ثم ضغطت على زر الطاولة , فظهرت لها الكرة الأرضية من جديد
-مريم : حسناً سأطلب افضل شريحة لحم من الولاية الأميركية ...
-صالح (مقاطعاً) : لحظة يا بنتي , هم لا يذبحون وفقاً للشريعة
فضحك الشاب و الفتاة..
-لا تقلق يا عم , لن يقدّم لك حاسوب المطعم سوى الطعام الحلال
سعيد : هذا عدا انه يوجد هنا خدمة الخمور الشرعية
صالح بدهشة : لم افهم !
مريم : انظر تحت قدميك

فلاحظ صالح ان ارضية المطعم من الزجاج , و يجري من تحتها ماءٌ احمرٌ قرمذي .. فسأل :
-و هل هذا خمرٌ فعلاً ؟!
مريم : نعم و هو احد روافد نهر الخمر الموجود في الجنة , و يمكنك تذوقه 
سعيد : هو لا يسكر , بل طعمه لا يصدّق !

ثم تنادي مريم النادل .. فيمرّ من بين الطاولات (المليئة بالزبائن) ولد بعمر العاشرة , و هو يحمل صوّان فيها آنية ذهبية و عليها بعض الأقداح الكريستالية .. و بعد ان سكب فيها الخمر , قال لهم :
الولد (النديم) : تفضلوا يا سادة
و اخذ كل واحداً منهم كأسه ..

سعيد و هو يرفع كأسه : بصحة الجميع
مريم و هي تعطي صالح الكأس : لا تقلق يا عم , هذا خمر الجنة
و بعد ان ارتشف القليل منه 
صالح : يا الهي ! كم هو لذيذ , و كأن فواكه الدنيا عصرت معاً
-نعم و الآن دورك , ايّ طعام ستختار ؟

فيفكر قليلاً ثم يقول :
صالح : حسناً سأختار الكسكسي من بلدي المغرب
فضحكا عليه , ثم قالت مريم :
-يعني كم مرة اكلت الكسكسي في حياتك يا عم ؟
-ربما مرة كل اربعة ايام تقريباً
سعيد : اذاً اختار شيئاً آخر , فأمامك كل مطاعم العالم
صالح متضايق : لكني اريد ان آكل كسكسي الجنة
سعيد مبتسماً : كما تشاء ...و انا سأختار السوشي من أفضل مطعم في اليابان
مريم : المهم ان لا ننسى الحلويات , بعد ان ننتهي من الطعام
***

و مرّت الساعات ..تناولوا بها الكثير من الأطعمة وسط الضحك و الذكريات , و الغريب انهم لم يشعروا بالتخمة او الرغبة بدخول الحمام او النعاس !
ثم ظهر صوت القطار ثانية..
صالح : ما هذا الصوت ؟!
مريم : هذا قطار يمرّ مرتين في اليوم لمن يرغب منا العودة الى الدنيا
صالح باهتمام : و هل ركبتما به ؟!
سعيد : اذا ركبناه فلن نعود الى هنا ثانية , و نحن سعيدون هنا
صالح : و ماذا عن اهلكم الذين ينتظروكم في الدنيا ؟!
سعيد : هذا ما يحزننا فعلاً , لكن من يريد ان يترك هكذا حياة

صالح : و كم لك هنا ؟
سعيد : تقريباً 20 سنة 
صالح بدهشة : انت تمزح ! لك كل هذه المدة بالغيبوبة , و لم يفصلوا عنك اجهزة الإنعاش ؟!
سعيد : لا يا صديقي ..20 سنة هنا كثلاثة شهور بالدنيا
صالح باستنكار : ربما تراها قليلة , لكنها اكيد طويلة على والديك
سعيد بحزن : نعم و على خطيبتي ايضاً .. فقد كنت مهوساً بعمل حركات بطولية بدراجتي الهوائية , الى ان سقطت يوماً بقوة على رأسي 
صالح : و هل يمكننا ان نرى ما يفعلون اهلنا في هذه اللحظات ؟ 
مريم بحزن : نعم يمكننا .. لكني و سعيد نرفض ذلك , لأننا لا نريد الإحساس بهذا الألم
صالح بعصبية : الإحساس بالألم , ام انكم لا تريدون ان يعكّر شيء على سعادتكم هذه ؟!!
فسكتا بإحراج..

صالح بنبرة عتاب : عارٌ عليكم ان ترفضا العودة , و اهليكم يتعذبون كل يوم برأيتكم تموتون امامهم ..على كلٍ هذا قراركم , لكني لن افعل ذلك بزوجتي و اولادي .. هيا اروني الطريقة التي استطيع فيها رؤيتهم 
سعيد : اذا كنت مصراً فتعال معنا
***

ثم خرجوا جميعاً من المطعم ليجد صالح نفسه عند محطة قطار , و الذي كان يخرج منه اعداد من الناس من مختلف الجنسيات , لكن القليل منهم كان يتجه (بدهشة) نحو نفس المطعم , اما الباقون فظلّوا ينتظرون (بذهول) حول المحطة !
ثم جلس الأصدقاء الثلاثة على المقاعد المواجهة للقطار , و كان امامهم طاولة بها شاشة حاسوب

صالح و هو ينظر لسعيد و مريم باستغراب : و لما جلسنا هنا , لما لا نركب القطار ؟!
سعيد : لأنك وحدك ستركبه , اما انا و مريم فسنبقى هنا ..اليس كذلك يا مريم ؟
مريم : نعم فأنا لا اريد ان العودة لزوج امي القاسي , فحياتي هنا اجمل بكثير
صالح : و الى متى ؟!
مريم بحزن : الى ان يفصلوا انابيب الإنعاش عني , و انتقل حينها الى فوق
و أشارت الى السماء التي كانت تظهر منها قمر غريب منير وسط الظلام !

صالح باستغراب : الى القمر ؟!
فتبتسم مريم : لا يا عم , هذا ليس قمراً بل الجنة ..و ما رأيته في ذلك المطعم لا يساوي شيئاً امام ما ينتظرنا فوق
فيدير صالح وجهه نحو سعيد و يسأله : 
-و انت .. ماذا عن خطيبتك ؟
سعيد بلا مبالاة : اكيد ستملّ من فرصة نجاتي , و ستجد غيري .. (ثم يقول بحماس) ..اما انا فأكيد في انتظاري حوريات الجنة , و هنّ اجمل بكثير منها

يسكت صالح قليلاً ثم يقول بتصميم :
-لكن انا لا اريد سوى زوجتي ... (ثم يقف) .. سأركب القطار
مريم : برأيّ لا تستعجل يا عم , تعال و شاهدهم بالحاسوب قبل ان تتخذ قراراً مهماً كهذا

فيعود صالح و يجلس بقربهم , و يقوم سعيد بالبحث عن عائلته بعد ان اخبره صالح ببعض المعلومات عنهم ..
سعيد : هآقد وجدتهم اخيراً , و الآن تستطيع ان ترى ما فعلته عائلتك طوال شهورك الخمسة بالغيبوبة

و شاهد صالح عائلته في الأيام الأولى بالمشفى , حيث كانت زوجته تحضر مع ابنائه المراهقين كل يوم لزيارته و هم يبكون ..ثم بدأت تقلّ زيارتهم و صاروا يحضرون بأيام العطل , لأن زوجته عادت لوظيقتها القديمة التي كان زوجها قد طالبها بالإستقالة منها بعد زواجهم .. اما اولاده فقد انشغلوا لاحقاً بالنادي مع اصدقائهم ..

ثم رأى زوجته و هي تتشاجر مع ادارة المستشفى على تكاليف الغرفة الغالية .. و من ثم تم نقله الى البيت مع ممرضة , ثم بعد اسابيع رآى زوجته و هي تقول لها :
-لا انا لست حمل مرتبك , انت مطرودة
الممرضة : لكن يا سيدتي انت تعملين و اولادك لا يأتون حتى المساء , فمن سيهتم بالعم صالح في غيابكم ؟!
-لا تقلقي , سأتدبّر امري

و بعد اسابيع .. صار صالح يرى كيف ابنائه يتهرّبون من مساعدة امهم في تنظيفه , بحجّة انشغالهم بالدراسة 
ثم يرى ذات يوم زوجته و هي متضايقة جداً بعد عودتها من عملها متعبة , لتجد زوجها النائم و قد وسّخ نفسه
-كان ينقصني طفلاً كبيراً معاقاً !!

ثم اقتربت من اذنه (و صالح مازال بالغيبوبة) :
-يا رجل متّ , ارجوك متّ و ارحنا من هذا القرف كل يوم !!
ثم رفعت الوسادة فوق وجهه , في محاولة منها لكتم انفاسه .. لكنها تتوقف و هي تقول :
-لا ..استغفر الله .. لن اقتله .. لكن ارجوك يارب ارحني منه قريباً , فقد تعبت حقاً
***

و في هذه اللحظات .. اطفأ سعيد شاشة الحاسوب , بعد ان رأى الحزن و الغضب الباديان على وجه العم صالح 
سعيد : ارأيت لما نصرّ على البقاء هنا  
مريم : البشر يا عم بطبعهم ملولين , فلا تغضب منها ..

لكن صالح فاجئهما بوقوفه و سيره ناحية القطار المتوقف , و هو يقول بتصميم :
-لابد ان اعود فوراً الى عائلتي
و بدأ القطار بالتحرّك , فناداه سعيد :
-يا عم الا ترى ! هم لا يريدونك ؟!
صالح بغضب : و لهذا السبب سأذهب اليهم , لكيّ اربّيهم من جديد !!!
ثم انطلق القطار بلمحة بصر ليختفي من تلك المحطة
***

و بعد دقائق معدودة فتح صالح عينيه ليجد نفسه داخل غرفة منزله النتنة الرائحة بعد ان وسّخ نفسه , فصار يصرخ لعائلته ..لكن يبدو انهم تركوه لوحده في المنزل !
فقام من سريره و بدأ يتكىء بصعوبة على الجدران 
-يا الهي ما هذا الالم , و كأني في الثمانين من عمري !

حتى وصل الى هاتف المنزل بصعوبة , ثم اتصل على زوجته فوجد جوالها مغلق و كذلك ابنه الكبير , فاتصل على جوال ابنه الصغير , الذي اسرع قائلاً :
-امي ليس الآن , فعندي مباراة كرة قدم بعد قليل
فقال صالح بصوتٍ مرهق : 
-انا والدك 
فأجاب بدهشة :
-ابي ! ...هل استيقظت ؟!
***

و في الليل ..كانت العائلة و الأصدقاء مجتمعين حوله في الغرفة بينما استلقى هو على سريره (بعد ان اخذ دشاً بمساعدة ابنه الكبير و زوجته)
احد اصدقاء العائلة يسأل زوجته : 
-و متى ستحضرون الطبيب ليفحصه ؟
زوجة صالح : سآخذه غداً الى المستشفى بعد ان اعود من عملي , و بذلك نطمئن عليه اكثر
و بعد ان ذهب الجميع ..

قال صالح لزوجته : أعدّتي لعملك رغم اعتراضي سابقاً على ذلك ؟
-و ماذا افعل يا صالح , فأنت في غيبوبة منذ شهور و كان عليّ تأمين مصاريف المنزل و الأولاد و ادوية علاجك ..
-حسناً لكن فقط الى ان تتحسن حالتي ثم اعود لعملي و انت ترتاحين في المنزل , هل اتفقنا ؟
-لكن شركتك يا صالح سرّحتك من العمل , و اعطتنا تعويضك الذي دفعناه كمصاريف المستشفى
-كنت اتوقع هذا ..لا بأس ..سأبحث عن عمل جديد ..لا تقلقي
-لا تفكر بهذه الأمور , المهم ان تتعافى الآن 
ثم اقتربت منه لتضع وسادة ثانية تحت رأسه , لكنه انتفض مبتعداً 
-مابك يا صالح ؟!
-ظننتك ستقتليني بالوسادة كما حاولتي سابقاً
-ماذا ؟! لا مستحيل
-و هل تظني بأنني كنت فعلاً بغيبوبة ..لقد كنت معكِ و اسمع بوضوح تأفّفك من تنظيفي كل يوم
بدهشة : انا لم.. 
-لا يهم الآن .. دعينا ننام
***

في الصباح.. 
استيقظت عائلة صالح على صرخته الأليمة , فأسرعوا به الى المشفى
و هناك اخبرهم الطبيب بأنه تعرّض لجلطة قوية اصابته بالشلل الدائم
زوجته بضيق : اللعنة !! هل عاد من الغيبوبة ليصبح مشلولاً , ما هذا الحظ !!
***

-الم نقل لك الا تعود للأرض ثانيةً 
كان هذا صوت مريم الذي سمعه صالح قبل ثواني من استيقاظه , ليرى نفسه و قد وضعه الممرض على كرسي متحرّك 
-لا !! لا اريدك ان تدفعني , انا سأحرّكها بنفسي

ثم خرج صالح من غرفة المشفى , ليجد ابنه الصغير يقول لزوجته (في الرواق) :
-لكنك وعدتني يا امي بأنك ستدفعين لي ثمن الرحلة المدرسية
-لقد دفعت كل ما معي لمصاريف المشفى , هذا غير تكلفة شراء كرسي متحرّك لوالدك
و هنا انتبهت على صالح الذي كان يجلس بعيداً على كرسيه (بحزن)
فاقتربت منه و هي تقول :
-هيا يا صالح , لنذهب الى منزلنا
***

و مرّت الأسابيع ..و صالح مازال يحاول ان يقف على قدميه او ان يجد عملاً له , لكن بلا فائدة ..و بدأت زوجته تتأفّف من تنظيفه كلما عادت من العمل متعبة .. و صالح يصبح في كل يوم اكثر ندماً على ركوبه ذلك القطار و عودته الى هذه الحياة الكئيبة.. 
و ذات يوم..و بعد ان ركب مع زوجته في السيارة
-الى اين نحن ذاهبان ؟!
-الى مكان سيعجبك
-و لما لم يذهب الولدان معنا ؟
-هما مشغولان بالإمتحانات

و بعد ساعة , توقفت عند مبنى حكومي ..
صالح : لما توقفنا قرب دار المسنين ؟! 
فسكتت زوجته .. فقال لها بغضب :
-لا !! انا لن اسمح لك بأن ترميني هنا , انا لم ابلغ الستين بعد يا امرأة !!
-اسمع يا صالح , لقد تعبت من الإهتمام بك .. و اريدك الآن و فوراً ان تطلّقني 
-ماذا ؟!
-انظر اليّ !! انا مازلت في 38 من عمري , الا يكفي ان اهلي زوجوني لشخص يكبرني بعشرين سنة ..لما تريدني ان اضيّع كل حياتي مع شخصٍ مشلول مثلك ؟!! 
-لا الموضوع ليس انا .. انا متأكد ان هناك شخصاً آخر بحياتك..اليس كذلك ؟ 
-انا لا اخونك يا غبي !! لكن مديري معجبٌ بي , و هو رجلٌ غني جداً و يمكنه ان يأمّن حياة جيدة لي و لأولادي ..لذا طلقني و حالاً .. هيا يا صالح !!
-انت تعلمين جيداً بأن لا اهل لي , ولّو كان..
-طلقني يا صالح ..الآن !!
و بعد تردّد , قال بحزن :
-انتِ طالق

فنزلت من السيارة و هي تنادي على الممرض الذي يجلس بجانب مبنى دار المسنين
-هاى انت لو سمحت !! تعال و خذ هذا الرجل من سيارتي .. آه لحظة .. دعني احضر كرسيه المتحرّك من الصندوق
و قبل ان يأخذه الممرض الى داخل الدار تقول له :
-صالح !! لا تقلق ..سأترك زوجي الجديد يدفع لك مصاريف الدار , فهذا اتفاقي معه.. سلام
ثم انطلقت سريعاً بسيارتها 

و بذلك اصبح صالح اصغر من في الدار عمراً , و اكثرهم حزناً و اكتئاباً حيث لم يزره ابناءه منذ ذلك اليوم
***

و في احد الأيام .. و بعد ان عاتبته الممرضة على توسيخ نفسه , خرج من غرفته حزيناً و هو يجرّ كرسيه بغضب , فوجد رجلاً يتكلّم من جواله 
-نعم اختي لقد زرت امي قبل قليل ..لا لم تتذكرني كالعادة , فالزهايمر حذف كل الذكريات من رأسها 
فانتظره حتى اغلق جواله , ثم اقترب منه
-يا اخ لو سمحت .. هل يمكنني ان اكلّم ابني من جوالك ؟
-تفضل يا عم

و اتصل اولاً بإبنه الكبير لكنه لم يردّ عليه , فعاد و اتصل بإبنه الصغير
-ابني حبيبي .. ارجوك تعال و خذني من هنا
-ابي ...امي تزوجت منذ ايام ..و سأذهب انا و اخي معهم الى باريس , سيدخلني زوجها الى مدرسة داخلية هناك , و اخي الكبير سيتعلّم في احدى اهم الجامعات في فرنسا .. انا آسف يا ابي لكن عليّ ان اغلق الهاتف , لأننا ذاهبون الى المطار بعد قليل .. الوداع يا ابي 
و اغلق السمّاعة سريعاً ..

فأعاد صالح (بحزن) الجوال الى الرجل .. ثم بدأ يجرّ كرسيه الى ان وصل للمصعد الذي خرج منه الممرض
-يا عم هذا المصعد فقط لعمّال المشفى , انت تعرف القوانين
-بنيّ هل ترى ساعتي هذه ؟ انها هدية من جدي , و هي من الذهب الخالص ..سأعطيها لك بشرط ان تأخذني الى سطح الدار لأشتمّ بعض الهواء , فأنا اختنق هنا
-حسناً , لكن رجاءً لا تخبر احد بذلك , فأنا جديد هنا و لا اريدهم ان يطردوني لمخالفة القوانين
-لن اخبر احد , اعدك بذلك

و اخذه الممرض الى السطح (فوق الطابق السادس) ..
-يا عم صالح , تمشى في السطح قليلاً و سأعود بعد ساعة لأخذك .. و رجاءً ابتعد عن الحافة
-سأنتبه جيداً , لا تقلق 

و بعد ان ذهب الممرض , اقترب صالح نحو الحافة و هو يتذكّر كل الذكريات السيئة بحياته ..
فاغمض عيناه و هو يقول بندم :
-مريم .. سعيد ..اتمنى انكا مازلتما تنتظراني فوق عند المطعم الذهبي

و فجأة !! سمع صوت القطار نفسه !
فصرخ بحماس : انا قادمٌ اليكم !!
ثم حمل نفسه بصعوبة و استلقى عند حافة السطح , ثم رمى بنفسه الى الأسفل..
***

و عندما فتح صالح عيناه .. وجد نفسه في محطة القطار قرب المطعم الذهبي , لكنه كان مقيداً بمقعد قطارٍ اسود و لا يستطيع فك الحزام !
فنظر للنافذة ليجد مريم و هي تركب قطاراً فضي , و يودعها سعيد من النافذة .. فصرخ قائلاً :
-مريم !! انا العم صالح

مريم و هي تنظر بدهشة و حزن الى القطار الأسود الذي يركبه صالح : 
-يا الهي ! ماذا فعلت يا عم صالح ؟!
و هنا قال سعيد الذي مازال في المحطة قرب القطارين :
-يا عم !! ارى انك عدت ..انظر الينا .. انا لم امت بعد , لكن مريم رفعوا عنها قبل قليل اجهزة التنفس , و هي ذاهبة الآن الى فوق .. الى الجنة يا عم صالح !!

صالح بخوف : و ماذا عني ؟! لما قيدوني بهذا القطار الكئيب , و لم يجعلونني اركب معها ؟!
مريم بحزن : هل انتحرت يا عم صالح ؟
صالح : نعم , لكن ..
سعيد : الم يكن افضل لو بقيت معنا .. لقد اخترت بنفسك مصيراً سيئاً
صالح بقلق : ماذا يعني هذا ؟!

و قبل ان يجيباه , ينطلق القطار الفضي (التي به مريم) سريعاً نحو القمر الغريب في السماء , ليصبح كشهابٍ مضيء نحو الأعلى .. بينما تحرّك القطار الأسود المكّفهر الوجوه (للناس التي فيه) نحو نفقٍ بباطن الأرض !

ليعمّ الظلام الدامس مع ازدياد في درجات الحرارة ! ليظهر من بعيد ضوء يشبه لهيب النار لتزداد معه حرارة القطار بشكلٍ مفاجىء ! و يرتفع معها صرخات الركاب التي احترقت جنباتهم من المقاعد الساخنة 

و هنا سمعوا جميعاً صوت سائق القطار و هو يقول لهم :
-اهلاً بكم الى جهنم !!!
مع ضحكته المجلجلة المرعبة !


النهاية 

الحلقة المفرغة

فكرة : هامي كايرو 

كتابة : امل شانوحة

ما هذه الحلقة المفرغة اللعينة ؟!!


انتهى نسيم اخيراً من كتابة رسالة الغزل التي كتبها لروح (زميلته في العمل) بعد ان تراكمت بجانبه عشرات القصاصات التي نجمت عن محاولاته الفاشلة , و قبل ان يكتب اسمه بآخر الرسالة فاجئه صديقه رعد بملف عملٍ كان وضعه بالصدفة فوق رسالة الغرام , قائلاً :
-          
    - نسيم .. وقّع لو سمحت على هذه الأوراق لأعطيها لروح لتوقعها هي ايضاً , قبل ان ارسلها للمدير            

و بارتباك قام نسيم بالتوقيع على عدّة صفحات متلاحقة , ليقوم بعدها رعد بأخذ الملف و الدخول لغرفة روح , بينما نسيم يبحث هنا و هناك عن رسالته الضائعة , لكن مكالمة من المدير تطلبه فوراً لغرفة الأجتماع انسته الموضوع
***

في هذه اللحظات ...كانت روح توقّع الملف
روح : هآ رعد ...هل هناك اوراق اخرى تحتاج لتوقيعي ؟
رعد : لا انتهينا .. سأعطيها للمدير
و خرج من غرفتها تاركاً رسالة الغزل على طاولتها , لتقرأها روح بدهشة !
-   -ما هذا الكلام الرائع يا رعد ؟! لم اكن اعلم انك شاعريّ لهذه الدرجة ! .. (ثم تفكّر قليلاً) ..عليّ ان اكلّمه

فخرجت من الغرفة , و وجدته يخرج من مكتب المدير
-    - رعد !! هل يمكنك ان تأتي قليلاً ؟
فقدِمَ اليها و هو يقول :
-   - المدير في غرفة الإجتماعات , لهذا وضعت الملف على مكتبه
-   - لم اناديك لهذا السبب..

لكن قبل ان تكمل , تفاجأت بزيارة مفاجئة من صديقتها ايام الجامعة التي نادتها :
-    - روح !!
-    - من ..راما ؟! اهلاً و سهلاً

و ما ان رآها رعد , حتى لمعت عيناه
-    - عفواً على المقاطعة , لكن هذه اول مرة اراك هنا يا راما ؟!
فتجيب عنها روح :
-    -  لا لقد زارتني اكثر من مرة , و هي ايضاً جارة نسيم

فتسأل راما بلهفة و هي تنظر من بعيد الى مكتب نسيم
-    -  هذا صحيح .. لكن اين هو نسيم ؟!
روح : هو الآن بغرفة الإجتماعات .. هيا تفضلي لمكتبي
رعد : اذاً سأترككما سويّاُ و انهي عملي

روح و هي تنظر بابتسامة خجولة للرعد
-   - سنتكلم لاحقاً يا رعد
رعد و هو ينظر بحنان الى راما
-   - و انا اريد ان اكلّمك في موضوع يا روح .. سلام
***

و في هذه الأثناء .. خرج نسيم من غرفة الإجتماعات مباشرة الى مكتبه ليعود و يبحث هنا و هناك عن رسالته الغرامية الضائعة , فيدخل عليه رعد من جديد
-   - نسيم
-   - ماذا هناك يا رعد ؟
قالها و هو يبحث اسفل مكتبه
-   - هاااى يا رجل !! توقف عن العمل قليلاً , اريد ان اكلّمك بموضوعٍ خاص
-   - ماذا تريد ؟
-   - كلّمني قليلاً عن راما
-   - من راما ؟!
-   - جارتك
-   - و كيف عرفت بأمرها ؟!
-   - كانت تزور روح قبل قليل

نسيم متضايق : أهي هنا ؟!
-   - نعم , و قد سألت عنك
-   - ارجوك لا تقل لها اني موجود , و سأحاول أن لا التقي بها
-   - و لماذا ؟!
-   - هي تحاول ان تكلّمني بموضوع يخصّها , و تنتظرني كلما ذهبت الى بيتي ..و قد أتت الى هنا اكثر من مرة .. (ثم يتنهّد بضيق) .. و المشكلة انها صديقة روح
فيسأله رعد باهتمام : و مالموضوع الذي تريدك فيه ؟! و ما دخل روح بالأمر ؟!
لكن نسيم يسكت بارتباك
***

في غرفة روح.. كانت راما قد انتهت من قراءة رسالة غرام
-   - واو ! لم اكن اعلم ان صديقكم رعد رومنسي لهذه الدرجة
-   - و انا ايضاً اندهشت ! فهو يبدو بعيداً جداً عن اجواء الغرام , لكنه فاجأني اليوم بهذه الرسالة
-   - انت محظوظة يا روح ... لكن انا.. (و تسكت بحزن)
-   - الم يكلّمك نسيم بعد ؟

فقالت راما بحزن :
-   - اشعر انه يتهرّب مني ! و قد حاولت التكلّم معه اكثر من مرة , لكنه انسانٌ بارد ... ليته شاعريّ كصديقك الحنون .. المهم دعك مني .. هل تكلّمتي مع رعد ؟

روح بخجل : لا ليس بعد , لكني سأعطيه فرصة ليفاتحني بموضوع الرسالة
-   - هنيئاً لك يا صديقتي , فالرجال الرومنسيون نادرون هذه الأيام !
***

و مرّت الأيام .. و نسيم مازال لم يتمكّن من مفاتحة روح بالموضوع , و التي بدورها فشلت في التلميح للرعد عن الرسالة , لأنه كان مشغولاً بالحديث معها عن صديقتها راما , التي ظلّت طوال تلك الأيام تحاول التكلّم مع نسيم , الذي كان يتهرّب منها دائماً !
***
و بعد اسبوع .. اتفقوا جميعاً على الخروج سويّاً الى مطعم , و كلّ شخص منهم ينوي ان يخبر الآخر بمشاعره
و قد اقترح رعد اقتراحاً غريباً , بعد ان مرّت الساعة الأولى بسكوتٍ تام

رعد : كفى هذا السكوت يا اصدقاء !! اعلم ان كلّ واحدٍ منكم يريد ان يقول شيئاً للآخر .. لذا فلنتفق على شيء
الجميع : ماهو ؟!
رعد : لنقولها جميعناً في الوقت ذاته
الجميع : ماذا تقصد ؟!
رعد : الكلمة التي نتمنّى ان نقولها منذ ايام

فقالت روح و هي تنظر لرعد بخجل :
-   - اذاً لنقولها بعد الرقم 3
و بدأوا سويّاً بالعدّ :
-   -  1....2....3 !!!
فالتفت نسيم لروح , و روح لرعد , و رعد لراما , التي امسكت بيد نسيم , و قالوا جميعاً :
-   -  احبك !!!

ليعمّ بعدها السكوت و نظرات الصدمة , بعد ان عرفوا جميعاً أنهم علقوا داخل حلقة حبٍ فارغة !

النهاية

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...