الخميس، 25 يوليو 2024

كيك المستقبل

كتابة : امل شانوحة

توأم الروح


إعتاد شاب (في الثلاثين من عمره ، والمُتخرّج من معهد الكمبيوتر) على الإستيقاظ ظهراً بعد انتقاله لشقته الصغيرة ، حيث شعر بالوحدة بعيداً عن اهله.


وفي ذلك الصباح .. إستيقظ متضايقاً من جرس الباب ، فهو لا ينوي النهوض باكراً .. ليتفاجأ برجل التوصيلات (الدليفري) يعطيه كيكاً ، دون ذكر المُرسل الذي فضّل عدم تدوين إسمه على الهديّة ! 

فتساءل الشاب باستغراب :

((ليس اليوم عيد ميلادي ، ولا توجد مناسبة للإحتفال ! فمن ارسل هذا الكيك ؟!))


وعندما فتح العلبة ، وجد صورة صبيّة جميلة مطبوعة عليه ! مع عبارةٍ مكتوبة : ((سنةٌ سعيدة ، يا زوج المستقبل))


- من هذه الفتاة ؟! لا اعرفها ! أمعقول ان الكيك أُرسل ليّ بالخطأ ؟! يبدو ان صاحبة الكيك تحتفل بعيد زواجها ! 


واتصل برقم محل الحلويات الذين أكّدوا بأن عنوانه صحيح .. وأن المُرسل تواصل معهم على الواتسآب ، دافعاً ثمن الكيك مُسبقاً.. 

فطلب منهم إعطائه الرقم ، لأن صورة الفتاة على الكيك أعجبته كثيراً .. ليخبروه بأن الرقم حُذف من سجلّات هاتف المحل !


فتناول الكيك وحده ، المصنوع من الفواكه التي يحبها منذ طفولته ! مُتسائلاً عن هويّة الصبيّة المجهولة التي يبدو انها تعرفه جيداً ؟! وهو يتمنّى ان تكون عزباء ، لأن صورتها علقت في ذهنه للأبد !

***


بعد ايام ، واثناء تنزّهه في الحديقة العامة .. وجد اعلاناً لطفلةٍ مخطوفة (في العاشرة من العمر) مُلصقة على شجرة .. ولفت نظره ان لديها ذات الوحمة الحمراء على جبينها ، ونفس عيون الصبيّة الرماديّة المميزة (لصاحبة الكيك) !

فتساءل بقلق : هل اختها الصغيرة مخطوفة ؟! وهل يُعقل انهما توارثا نفس الوحمة الحمراء ؟! 


وأخذ العنوان من الإعلان ، وذهب لمنزل اهلها .. ليعلم ان الطفلة مخطوفة منذ شهور ، وليس لديهم ابناء غيرها ! 

***


بعدها بشهر ، توظّف الشاب بقسم الكمبيرتر بمركز الشركة .. 


وخلال الإسبوع .. شاهد مناماً لعرسه ، مع تلك الصبيّة الفاتنة ! وقرّر البحث عنها بسجلاّت الشرطة في إرشيفهم الإلكترونيّ .. 

وباستخدامه التقنيّة المتطوّرة ، إستطاع معرفة شكل الطفلة المخطوفة بالمستقبل .. لتظهر ذات الصبيّة (على الكيك) ! فهل هي مجرّد صدفة ؟! 

وقرّر متابعة قضيّة اختطاف الطفلة بنفسه ، دون إطلاع مديره او محقّق القضيّة بالأمر 

***


بعد بحثه الدقيق بملف المخطوفة : عرف ان المحقّق تجاهل شهادة صديقتها الصغيرة التي رأتها تذهب مع رجلٍ عجوز الى الحديقة ، والذي اعتاد إهدائها الحلوى فور خروجها من المدرسة !  


فتوجّه الشاب بعد انتهاء عمله الى الحديقة ، لسؤال المتواجدين هناك عن الطفلة المخطوفة (وهو يريهم صورتها) 


ومن حسن حظه ان هناك امرأة تتردّد دائماً على الحديقة القريبة من منزلها ، والتي أخبرته انها رأت عجوزاً يُجبر طفلةً باكية على ركوب سيارته .. فأسرعت بكتابة رقم سيارته بجوالها ، لشعورها بخوف الطفلة منه ! 


فأخذ الشاب الرقم منها ، بعد ان اراها بطاقة عمله بمركز الشرطة .. وبدأ بمتابعة تحرّكات السيارة من ادارة المرور (دون اطلاع مديره بالأمر) 


الى ان اكتشف بعد اسابيع : ان العجوز يذهب مرة في الشهر الى الميناء ، لتسليم طفلٍ نائم لقبطان سفينة ! 

ويبدو انه يخطف الأولاد من الحديقة ، بعد اعتيادهم على الحلوى التي يوزّعها عليهم .. ولأنه عجوز ، لم يلفت انظار الأهل والشرطة ! والذي ربما استغلّ شكله المُحترم ، لبيعهم لدعارة الأطفال او تجّار الأعضاء ! 

***


وبنهاية الشهر التالي ، إنتظره الشاب عند الميناء .. وعندما وجده برفقة توأميّن نائميّن (بالأصح مُخدّريّن) إتصل بمدير المركز الذي ارسل دوريّة للميناء ، التي قبضت على العجوز وعصابته الذين يرسلون الأطفال الوسماء الى الأثرياء العقماء! 

وبذلك عادت الطفلة الى ذويّها بعد سنة من اختطافها .. والتي تعلّقت كثيراً بالشاب الذي انقذها .. وبدوره زار منزل اهلها عدّة مرات ، قبل انتقاله للعاصمة

***


بعد 10 سنوات .. ورث الشاب (الذي اصبح رجلاً بالأربعين) شركة جده للحواسيب .. وفي يوم ، دخلت صبيّة لتقديم وظيفة في شركته .. فعرفها على الفور من وحمتها المميزة ، وهي ايضاً عرفت مُنقذها الحنون ..


وسرعان ما تصاحبا ، رغم فارق السن .. الى ان اخبرها بالكيك الغريب قبل سنوات ، المطبوع عليه صورتها الحالية ! وعن العبارة المكتوبة عليه 

فأجابته بابتسامة :

- اذاً عليك تنفيذ ما كُتب على الكيك

- لكني أكبر منك بعشرين سنة .. 

مقاطعة : لا يهم فارق السن ، فأنا اشعر بالأمان معك .. وهذا كل ما يهم الإنثى بعلاقتها مع الرجل 

- وانا أحببت صورتك ، حتى قبل بلوغك ! 


وبالفعل تزوجا بنفس اليوم الذي يُصادف حصوله على الكعكة الغريبة ، ليُصبح التاريخ ذكرى زواجهما !

***


في مدينةٍ اخرى .. حصل الشيء ذاته قبل سنوات ، مع امرأة تكره الرجال بسبب عنف زوج امها .. والتي تلقّت كيكاً مطبوعاً عليه صورة شابٍ وسيم ، تعلّقت به دون معرفة اسمه ! 

لتجده بعد سنوات بالصدفة في ناديٍ رياضيّ ، والذي أنكر إرساله الكيك لها !  وانتهت علاقتهما بالزواج ايضاً

***


وهذا ما حصل مع العديد من الأزواج الذين ارتبطوا بسبب الكيك الغامض الذي أُرسل لهم من نفس محل الحلويات ، التابع لمصوّر حفلات زفافٍ قادم من المستقبل والذي قرّر العودة للماضي لجمع العرسان ، عبر طباعة صورة توأم الروح من محل الكيك الذي استأجره لهذا الغرض .. وبذلك جمع المُحبّين بأطرف طريقة ، وأغربها على الإطلاق !


الاثنين، 22 يوليو 2024

مسابقة الوسّواس القهري

تأليف : امل شانوحة 

العلاج الإجباريّ


بعد عجزّ الطبيب النفسي (الثريّ والشهير) على علاج خمسة من مرضاه المُصابين بالوسّواس القهري ، قام باستدراجهم لمسابقة غريبة من نوعها .. بعد ان أغراهم بجائزةٍ ماليّة قدرها : مئة الف دولار ، على أن يُبقيهم تحت سيطرته لمدة اسبوع !

فوافق المرضى الخمسة على إجراء الإمتحان ، بشرط عدم الضغط عليهم لإكمال المسابقة في حال قرّروا الإنسحاب

***


وفي ذلك المساء .. أوصلتهم الحافلة (المُؤجّرة من قبل طبيبهم) الى فلّة موجودة على رأس جبل (دون وجود منازل حولها) لحين إرسالهم لمكان الإختبار ..وأخبرهم أنه سيراقبهم من خلال كاميراتٍ مُوزّعة في غرفهم المُحتجزين فيها ، التي تحوي دورة مياه خاصّة لهم.. اما الطعام : فسيوصله الخدم الى غرفهم بأوقاتٍ محدّدة

في الليلة الأولى ، لم يحدث شيء ! ونام المتسابقون الخمسة في سرائرهم المريحة

***


في اليوم التالي .. وبعد تناول فطورهم ، وإعادة قفل الغرف عليهم .. تواصل معهم الطبيب عبر مكبّر الصوت ، ليخبرهم عمّا ينتظرهم.. قائلاً للمتسابق الأول :

- سيتم نقلك بعد قليل الى القبوّ

فردّ بقلق : لوحدي ؟!

الطبيب : نعم ، لتنفيذ مهمّة هناك

^^^


وبالفعل إنزله الخادم للأسفل ، بعد عصب عينيه (كما امره الطبيب).. ليتفاجأ المتسابق بعد حجزّه بالقبو (المُفترض بقائه فيه لأسبوعٍ كامل) بأنه قبوّ قذرٌ للغاية ! والماء في حمامه الوسخ ، مُعطّل .. او بالأصحّ مُغلق اوتامتيكيّاً !  


فأصيب فوراً بالهلع ! فهو لديه وسّواسٌ قهريّ من النظافة .. حيث اعتاد الإستحمام مرتيّن في اليوم ، عدا عن غسل يديه عشرات المرّات !

ليس هذا فحسب ، بل اخبره الطبيب انه سيتناول المُعلّبات الموجودة في صندوقٍ كرتونيّ دون غسلها !

فصرخ غاضباً امام الكاميرا :

- انت تعرف قصة تسمّمي التي كادت تودي بحياتي ، بسبب مُعلبٍ أكلته وانا صغير ، الملوّث بفضلات الفئران ! رجاءً إفتح صنبور الماء ، كيّ لا اموت جوعاً !!

صوت الطبيب : عليك التعوّد على بعض القذارة في حياتك ، فلا يُعقل تضيّع معظم وقتك بالإستحمام المتواصل !

فردّ بعصبية : لا دخل لك بحياتي !! رجاءً أخرجني من هنا

- المسابقة لم تبدأ بعد ، عليك البقاء اسبوعاً في القبوّ.. فكّر بالجائزة ، وما يمكنك فعله بمئة الف دولار .. ربما تتزوّج حبيبتك التي تنتظر علاجك ، لبدء مراسم الزواج 


فسكت الشاب مُمتعضاً ، وهو يفكّر بالموضوع .. فأكمل الطبيب كلامه :

- هل ستحاول لأجلها ؟ فالحياة معك ستكون مستحيلة إن أجبرتها على التنظيف طوال الوقت .. وسيتحوّل لكابوس بعد إنجاب الأطفال المعتادون على توسيخ أنفسهم خلال لعبهم 

الشاب بضيق : حسناً سأحاول ، لكن في حال طلبت منك الإنسحاب بالمسابقة..

فأكمل الطبيب : لن أُجبر احداً على العلاج.. والآن سأتركك لكيّ..

الشاب مقاطعاً : لحظة دكتور .. مالذي ستستفيده من المسابقة ؟ فحسب ما اراه ، انك تُعالجنا بالمجّان ، بالإضافة لخسارتك مال الجائزة !

الطبيب : هذه المسابقة ستُسجّل وتُدرّس لطلّابي الجامعيين ، لهذا لن أخسر شيئاً .. لا تقلق بشأني ، وحاول الإسترخاء قليلاً.. القاك لاحقاً


وأنهى الإتصال .. تاركاً المتسابق بحيرة واشمئزاز من القبوّ القذر ، والسرير النتن الذي يُفترض ان ينام عليه لأسبوعٍ كامل !

***


بينا عاد الطبيب للتحدّث مع المتسابقة الثانية :

- والآن دورك !! سيأتي خادمي لنقلك لمكانٍ خارج الفيلا

السيدة بقلق : الى اين سأذهب ؟!

- ستعلمين بعد قليل


بالفعل اخذها الخادم لحضانة اطفال بدار الأيتام ، والبقاء معهم في غرفة مُراقبة من الطبيب (المُتفق سابقاً مع إدارة الميتم) .. حيث يتوجّب عليها رعايتهم لأسبوعٍ كامل!


فنظرت للكاميرا ، وهي توشك على فقدان اعصابها :

- هل جننت يا دكتور ؟!! انت تعلم خوفي الدائم على اولادي ، وحرصي على سلامتهم ، رغم تجاوزهم سن الطفولة .. كيف تريدني ان ارعى هؤلاء الصغار ، وأنا ..

الطبيب مقاطعاً : خوفك الدائم عليهم ، وسهرك طوال الليل حتى لا يتضرّروا اثناء نومهم سيُصيبك بالجنون يوماً ما .. وأعلم السبب هو : وفاة طفلتك إختناقاً ببطانيّتها.. لذلك سأجبرك على رعاية الأطفال العشرة ، المعروفين بالميتم بمشاغبتهم وحركتهم المُفرطة .. وهذا لمصلحتك .. لأنك ستدركين بنهاية المسابقة بأن المشاغبة والتعرّض للأذيّة هو جزء من الطفولة ، وبذلك يقلّ التوتّر لديك .. كما يجعلك تُعطي المزيد من الحرّية لأولادك لاكتشاف العالم ، والسماح لهم بمصاحبة الآخرين

- بقائي هنا ، سيُصيبني بالجنون .. فأنا لديّ ثلاثة اولاد ، وبالكاد انام .. كيف سأنتبه على عشرة مشاغبين صغار ؟! الأمر شبه مستحيل !!

الطبيب : فكّري بالجائزة .. وما يمكنك شرائه لأولادك من هدايا ، في حال كسبتي المسابقة

فسكتت قليلاً ، قبل ان تقول بضيق : 

- حسناً .. سأحاول

الطبيب : أحسنت !! اراكِ لاحقاً

***


ثم تحدّث مع المتسابق الثالث الذي نقله الخادم الى سوبرماركت قيد الإنشاء ! حيث  تواجد عشرات الصناديق لبضائع متنوّعة ، التي من المُفترض ترتيبها على الأرفّف قبل يوم الإفتتاح..

المتسابق مُعترضاً : هل تريد إفقادي عقلي ، دكتور ؟!! انت تعرف هوسي بالترتيب!

الطبيب : انت بالذات ستكسب فوق الجائزة ، راتباً يومياً من إدارة السوبرماركت التي ستراقب معي عملك المُتقن .. وأخترتك لهذا الإمتحان ، كيّ تستفيد من مرضك بأمرٍ نافع

- انا احب ترتيب اغراضي ، لا اغراض غيري !

- انت عاطل عن العمل لسنوات ، جعلك تخسر زوجتك واولادك بسبب عنادك وهوسك المرضيّ .. لهذا اردّت توجيهك لعملٍ ، يمكنك الإستفادة فيه من خبرتك الواسعة بالترتيب .. هيا فكّر بالجائزة

الرجل : والراتب اليوميّ ؟

الطبيب : مع الراتب ايضاً

فردّ بحماس : حسناً ، سأبدا العمل فوراً

وبدأ بفتح الصناديق وترتيب البضائع على الأرفّف

***


ثم تحدّث الطبيب مع متسابقة اخرى : وهي مراهقة لديها هوس التأكّد مراراً من الأعمال اليوميّة .. لذلك نقلها الى كوخ به ادوات كهربائيّة قديمة ، ودورة مياه بصنابيرٍ مُعطّلة (تُسرّب الماء من قساطلها الصدئة) بالإضافة لبابٍ خارجيّ مخلوع .. وعليها البقاء هناك لأسبوع !


وما أن تجوّلت بالكوخ ، حتى صرخت امام كاميرا السقف : 

- دكتور !! لا يمكنني تحمّل صوت الماء المُنهدر ، ولست سبّاكاً لأصلح العطل.. كما لن اشعر بالأمان مع باب الكوخ المخلوع ، فربما يهجم عليّ ذئب او دب او افعى !! وماذا عن الأدوات الكهربائيّة ؟ فالثلاّجة والغسّالة أسلاكهما قديمة ، وأخاف من ماسٍّ كهربائي يُشعل الكوخ اثناء نومي.. هذا إن لم تنفجر إسطوانة الغاز الصدئة اولاً !!

الطبيب : كما حصل بطفولتك والذي تسبّب بحرق قدميّك ، ووفاة اختك ؟

- انت تعرف عقدتي النفسيّة ، فلما تعذّبني هنا ؟!! سأظلّ اتأكّد كل خمس دقائق من الباب والماء والكهرباء والغاز ، حتى أفقد عقلي!!!

- بل علاجك هو توكيل امرك للقدر

الصبية : لا اريك ان أُحرق من جديد .. انت لا تعرف ما عانيته من تنمّر طوال حياتي !!!

- إهدأي قليلاً وفكّري بالجائزة التي يمكنك بها شراء منزل احلامك

فتنهّدت بضيق :

- حسناً ، سأحاول .. لكن ان خرجت من الكوخ ، فعليك توفير وسيلة نقل لإعادتي لمنزلي بالمدينة

الطبيب : كما تشائين

وتركها وهي تُسرع للحمام ، في محاولة لإيقاف تسرّب ماء الذي يُثير اعصابها 

***


ثم تكلّم مع المتسابق الأخير الذي ما ان سلّم عليه ، حتى انفجر غاضباً

- ساعتان وانا انتظرك ! لما تأخّرت عليّ ؟!!

الطبيب : كنت أنقل المتسابقين الأربعة لغرف الإمتحان

فردّ بعصبية : ولما لم تبدأ بي ؟ انت تعرف كرهي بأن يُهمّشني أحد!!

- معك حق ، نسيت عدوانتيّك وعصبيتك الزائدة تجاه الغرباء

- لا تلومني على ذلك ، فأنت لم تعشّ مع جدي الظالم 

الطبيب : عليك مسامحته على .. 

مقاطعاً بغضب : على ماذا ؟!! على إفساده طفولتي .. هو لم يراعي يُتمي بعد فقدان عائلتي بذلك الحادث ، وانا لم أتمّ العاشرة بعد ! وبدل ان يحِنّ عليّ ، عذّبني جسديّاً ونفسيّاً ..لهذا أكره كبار السن

- ولهذا السبب بالذات ، سينقُلك خادمي الى دار العجزة

- مستحيل !! والله أحرق الدار على اولئك السفلة !!

الطبيب : اهدأ قليلاً ، فكل ما عليك فعله : هو البقاء معهم لأسبوعٍ واحد 

- أحلف إن رأيت شبيه جدي ، قد أفقد اعصابي وأخنقه حتى الموت!! 

- فكّر بالجائزة .. الم يكن حلم حياتك شراء سيارة شبيهة بسيارة والدك قبل موته مع امك وأخيك بالحادث ؟


فسكت قليلاً ، وهو مازال ينهج بغضب : 

- حسناً .. اسبوعٌ واحد !! لكن إن طلبت منك إخراجي من هناك ، فعليك تحريري قبل ارتكابي جريمة تقضي على مستقبلي

- لك ذلك

ثم نقله لدار العجزة ، وهو يتأفّف بضيق من منظر العجائز الذين يذكّروه بجده الظالم

***


وبدأ العدّ التنازلي لإسبوع الإمتحان .. حيث راقب الطبيب تفاعلات مرضاه من خلال خمس شاشاتٍ في مكتبه


وكما توقع ، إنهار المتسابق الأول بعد يومين من بقائه بالقبوّ القذر ! بعد رميه المُعلّبات القذرة في كل مكان ، وهو يصرخ بهستيريا لشعوره بالقذارة من استعمال الحمّام المعطّل


وبصعوبة استطاع الطبيب تهدئته (بمكبّر الصوت) لحين قدوم الخادم وتحريره من هناك .. لكنه لم يرضى العودة مع السائق الى منزله ، قبل صعوده لغرفته السابقة بالفيلا للإستحمام ، ولبس ثياب جديدة من خزانة الطبيب (المتواجدة هناك) قبل عودته لمنزله الذي نظّفه قبل التحاقه بالمسابقة .. وركب السيارة وهو يتنفّس الصعداء لانتهاء الكابوس ، غير مكترثٍ بخسارته الجائزة الماليّة ! 

***


بعدها بيوم .. فقد المتسابق (المُحتجزّ بالسوبرماركت الجديد) اعصابه .. حيث اعطى الطبيب اوامره للموظفيّن ، بتغيّر ترتيبه الدقيق للبضاعة بعد نومه ! 

(وهو لم يقصد بذلك إثارة اعصاب المتسابق ، بل إفهامه درساً بعدم الهوس بالترتيب ، لأن من عادة المتسوّقين تغيّر اماكن البضائع) 

لكن هذه الحيلة ، أفقدت المتسابق اعصابه تماماً .. وصار يرمي البضاعة يميناً ويسارا ، بعد ان وجد الهرم الذي صنعه من المُعلّبات طوال الليل مُهدّماً !

 

فأرسل الطبيب ممرّضاً لإعطائه ابرة مخدّر ، وإعادته نائماً الى منزله بعد خسارته المسابقة .. (بعد تعهّد الطبيب لإدارة السوبرماركت بدفع الأضرار التي سبّبها مريضه المهووس !)

***


بعدها بيوميّن .. إنسحبت الصبية المتواجدة بالكوخ من المسابقة بعد انهيار اعصابها من قلّة النوم ، بسبب صوت ماء الصنبور المُعطّل .. ورفضها استخدام الكهربائيّات القديمة ، بعد إزالة قوابسها المهترئة .. حيث اكتفت بأكل المعلّبات في الأيام السابقة 


وفور حصولها على إذن الطبيب بالرحيل ، ازاحت الكنبة التي وضعتها خلف الباب المخلوع .. وهي تطلب بعصبية من الكاميرا : 

- متى يصل سائقك ؟!! اكاد أجنّ هنا 

صوت الطبيب : اهدأي قليلاً ، هو في طريقه اليك .. كان عليك الإنتظار يوميّن للفوز بالجائزة !

- وما ينفعني مالك إن فقدّت عقلي .. هيا ارسل اللعين الى هنا !!

- كما تشائين

وبذلك خسرت المسابقة كزميليّها !

***


وقبل يومٍ واحد من نهاية الإسبوع .. طلبت السيدة بهدوء من كاميرا الحضانة الإنسحاب من المسابقة ! 

فردّ الطبيب : راقبتك على مدى ايام .. كنت متوتّرة جداً في اليوم الأول ، وبالكاد نمتي ساعتين خوفاً على الأطفال .. لكنك مع الوقت اعتدّتي على سقوطهم المتكرّر ، وأذيّتهم لبعضهم

- هذا صحيح .. فقد فهمت انها طبيعتهم وفطرتهم ، وأن الشقاوة ضروريّة لنضوجهم مستقبلاً

الطبيب : اذاً لماذا تنسحبين ؟! 

- لم اعدّ أطيق البعد عن اولادي 

- مازال هناك يوماً واحداً ! 

السيدة : علمت من جارتي ان ابني مُصاب بالحمّى ، وعليّ العودة للإهتمام به 

الطبيب باستغراب : الم يأخذ خادمي منك الجوّال ، كما فعل مع المتسابقين الآخرين؟!

- بلى ، لكني احتفظت بجوّالٍ صغير في حذائي قبل بدء المسابقة .. وجارتي لن تنتبه على ابني مثلي .. رجاءً أعدني الى منزلي

- حسناً ، كما تشائين

***


اما المتسابق الأخير .. ففاجأ الطبيب بعد انتهاء المسابقة : بتسجيله التطوّعي بدار العجزة ، بزيارتهم في نهاية كل اسبوع ! بعد استمتاعه بالحديث مع بعضهم عن تجاربهم بالحياة التي أعطته دافعاً للنجاح .. حيث فهم ان ليس كل العجائز سيئين كجدّه.. وبذلك فاز بالجائزة الماليّة ، بالإضافة لشفائه من افكاره الشيطانية التي تراوده دائماً بقتل كبار السن !

***


لاحقاً عرض الطبيب تجربة المسابقة على طلاّبه ، وهو يحدّثهم قائلاً:

((قد تكون اسباب الوسّواس القهري : عوامل حيويّة ، كتغيّرات في كيماء الدماغ .. او وراثة جينيّة .. او تقليد لأحد افراد العائلة على مدى سنوات .. او بسبب صدمةٍ عصبيّة .. بجميع الأحوال هو مرضٌ نفسيّ ، يتفاقم مع الأيام .. صحيح اكتشفنا بعض العلاجات للتقليل من اعراضه ، لكنه مازال السبب الأول للجنون والسلوكيّات الخطيرة .. ولهذا لم ينجح جميع مرضايّ بالمسابقة ، كما لاحظتم .. لكن مهما حصل !! سنتابع انا وانتم علاج المصابين بالأمراض النفسيّة ، فهذا هو دوّرنا بالحياة.. كان الله في عوننا جميعاً))


وانتهت المحاضرة بتصفيق طلاّبه ، وهو يستلم درعاً تكريميّاً من مدير الجامعة على تجربته النفسيّة الشيّقة !


الثلاثاء، 16 يوليو 2024

أضحيّة البحر

تأليف : امل شانوحة 

الخطة الجهنميّة


في القرن الماضي .. ومع تلاطم أمواج بحرٍ هائج في ليلةٍ باردة ، جذّف الناجون الخمسة مُبتعدين عن سفينة رحلتهم اثناء غرقها بعد حريقها المُفاجىء ! حيث تواجد على متن قارب النجاة الخشبيّ : شاب ورجل وعجوز ..ومراهقةٌ حامل (سافرت وحدها بالسفينة هرباً من غضب اهلها ، لعلاقتها الغير شرعيّة) وولد في١٢ من عمره الذي فقد عائلته ، كما حصل مع بقيّة الناجين الذين أدركوا هلاكهم ، لحصول الكارثة في منتصف الرحلة .. وهذا يعني أن عثورهم على يابسة أمرٌ شبه مستحيل!

^^^


وفي اليوم الثالث .. إشتدّ عليهم الجوع والعطش ، وتوجّب عليهم التضحيّة بأحدهم .. ووقع اختيارهم على الولد اليتيم .. فموته لن يُثير الشبهات حولهم ، يكفي إدّعائهم وقوعه من القارب اثناء نومهم ! وكان هذا قرار الرجل الأربعينيّ (المُجبرين على طاعته ، لامتلاكه السكين دونهم) 

واتفقوا على انتظار نوم الصبي لذبحه ، وتناول لحمه نيئا .. بينما اقترحت الحامل اصطياد السمك بقطعٍ من لحمه ، لكنهم رفضوا الإنتظار !


ما أغاظهم ان الصبي ظلّ طوال النهار يُدنّدن ويُصفّر ، مُثيراً غضب الرجال الذين ينتظرون ان يخفّ نشاطه للإمساك به وذبحه .. الى ان فقد الشاب اعصابه ، مُطبقاً ذراعيه حول خاصرة الصغير الذي ما رأى السكين ، حتى علم بنيّتهم السيئة اتجاهه ! فقاومهم بكل قوّته وهو يصرخ باكياً .. وبسبب حركته الهستيريّة ، تأرجح القارب الصغير يميناً ويسارا .. وسط صراخ الحامل التي تشبّثت بقوّة ، خوفاً من وقوعها 


واثناء هذه الفوضى ، صرخ الرجل (صاحب السكين) :

- إمسكوه جيداً !!

الشاب بضيق : انه ينزلق من ايدينا كالزئبق !

العجوز : لا تنظرا اليّ ، فعظامي الهشّة لن تتحمّل شقاوته

الرجل بعصبية : اذاً سنضربه بالمجذّاف على رأسه !!


وقبل إطاحة الخشبة عليه ، إبتعد الصبي مُسرعاً ..لتخِرّ الحامل صريعة ، بعد إصابة رأسها بالخطأ !

وهنا صرخ الولد بعصبية :

- كلوها بدلاً مني ، طالما قتلتموها !!

فنظروا لبعضهم بارتباك ! قبل أن يقول له الرجل :

- لقد كُتب لك عمراً جديداً ، ايها المشاغب .. هيّا قرّبوا جثتها ، كيّ أقطّعها بالتساوي بيننا

الصبي بحماس : وأنا أعطوني جنينها !!

فنظروا اليه بدهشة ، لوحشيّة تفكيره (رغم صغر سنه) وتبدّد غضبه بهذه السرعة !


ورغم شعورهم بالغثيان من طعم اللحم النيّء إلاّ انهم انهوا تناول الجثة بغضون ثلاثة ايام ، حتى انهم شربوا دمائها بدل الماء ! والأغرب ان الولد كان مُستمتعاً معهم بالجريمة الّلا انسانيّة !

^^^


بعدها بيومين ، جاعوا من جديد ..واقترحوا قتل الصبي الذي فاجأهم بسرقة السكين من خاصرة الرجل ، وطعن قلب العجوز الذي كان يحاول مساعدتهم بمسك يديه !

صارخاً الولد بعصبية :

- الآن لديكما طعامٌ جديد !! إتركاني وشأني ، ايها الملعونيّن !!

الرجل بصدمة : يا الهي ! هذا الولد خطيرٌ بالفعل 

وتناولوا العجوز على مدى يومين ، لنحافة جسمه

^^^


بعدها عاد الشاب والرجل في محاولتهما للإمساك بالولد الذي استطاع مقاومتهما لإنهاكهما الشديد بسبب الجفاف ، بعكسه ! الى أن تمكّن الصغير من دفع الشاب بكل قوّته .. والذي انفدخ رأسه بعد ارتطامه بطرف القارب ، مُحاولاً بصعوبة التوازن للإمساك بالصغير الذي استطاع إقناع الرجل (صاحب السكين) بقتل صاحبه:

- أنظر اليه !! سينزف حتى الموت ، فنحن لا نملك ادويّةً طبيّة لعلاجه .. بينما سأكون رفيقك لآخر الرحلة .. هيا لا تتردّد ، إقتل المُصاب!!


ويبدو أن كلام الصغير أقنع الرجل الذي وجّه سكينه نحو صديقه الذي تلعثم مُرتعباً:

- لا تتهّور ! انه جرحٌ بسيط ..سأمزّق قميصي ، وأربط رأسي ..وستتوقف الدماء خلال دقائق

لكنه هجم عليه بطعناتٍ متتالية ، أردته قتيلا ! 

^^^


بعدها أمضى الرجل مع الصبي طيلة المساء (على ضوء القمر) وهما يقطّعان جثة الشاب ويتناولانه بعد استياغهما لطعم اللحم البشري النيء !

الرجل : يالك من شقيّ ! قتلتهم جميعاً ، لفِداء نفسك

فتمّتم الصبي بصوتٍ منخفض : المهم من يبقى حيّاً للنهاية

^^^


في الصباح .. سرق الصبي منظار الرجل (الذي كان أخذها من كابينة السفينة قبل غرقها) اثناء نومه فوق كومة من عظام صديقه ! 

وبواسطتها لمح الصبيّ جزيرةً من بعيد..

وقبل استيقاظ الرجل ..رمى الصبي المنظار بالبحر ، كيّ لا يُدرك قرب الفرج !


ثم اقترب منه وهو يحمل نوعاً من السمك المُنتفخ الذي علق بالصنّارة التي صنعتها الحامل قبل وفاتها..

الرجل بقلق : إرمها فوراً بالبحر !!

الولد : لكني اصّطدتها قبل قليل !

- لا فائدة منها ، انها سامة

- اعرف ذلك .. وأقترح تناولها معاً ، طالما قُدّر موتنا بالبحر

الرجل بدهشة : أننتحر ؟!

الولد : ألديك حلٌ آخر ؟

- نعم !! أذبحك وآكلك  

- ثم ماذا ؟ تبقى وحدك تائهاً بالبحر لأيام وربما شهور ، الى ان تُجنّ .. أنظر حولك !! نحن وسط بحرٍ لا نهاية له 

فسكت الرجل وهو يشعر بالحيرة ، فتابع الصبي كلامه : 

- هيا لا تفكّر كثيراً بالموضوع ، ودعنا نتقاسمها بيننا


وظلّ الصبي يحدّثه عن عذاب الموت جوعاً ، الى ان أقنعه بمسك قطعة من السمك السام !

الرجل : وماذا عنك ؟

الصبي : وهذه القطعة لي ..سنتناولها معاً بعد الرقم ثلاثة.. ١ ٢ ٣


وبخفّة استطاع الصبيّ رميّ قطعته داخل قميصه ، وإيهام الرجل بمضغها بألم .. مما شجّع الرجل على اكل قطعته ..وسرعان ما أصابته نوبة تشنّجٍ حادّة ، شلّت اطرافه ! 

ليبدأ الصغير بدفعه بكل ما اوتيّ من قوّة ، نحو حافّة القارب .. فتمّتم الرجل بكلامٍ شبه مفهوم ، وبألمٍ شديد :

- هل أوقعتني بمكيدة ، ايها الملعون الصغير ؟!

الولد بمكر : حسناً دعني أخبرك الحقيقة ، طالما ستموت بجميع الأحوال ..انا من افتعلت حريق السفينة بعد سكبي زيت القنديل في مخزنها ، المليء بشوّالات القطن لأحد التجّار .. ثم أشعلته بالكبريت

الرجل بصدمة : ولما فعلت ذلك ؟!

- لأصبح ثريّاً

- ماذا تقصد ؟!

الولد : كنت بالرحلة مع عمي وزوجته اللعينة وولديّها الحقيريّن الذين عاملوني بقسوّة ولؤم بعد وفاة والدايّ

- فقرّرت القضاء عليهم ، بقتل جميع الركّاب ؟!


الولد : لا ، لم يخطر ببالي ذلك إلاّ بعد مروري بجانب غرفة احد الأثرياء بالسفينة وهو يُخبر صديقه عن كنزٍ أخفاه في إحدى الجزر ، وعن رسمه لخريطةٍ مُفصّلة بمكانه .. فأسرعت للمطبخ دون ان يلاحظني احد ، ووضعت سمّ الفئران في كوبيّن من العصير ..ثم لبست زيّ النُدُل ، بعد رفع اكمامه ..ودخلت عليهما وانا اخبرهما انها تقدمة من القبطان ..وبعد قليل ، عُدّت اليهما لأجدهما متوفيّن ..فسرقت الخريطة التي هي معي الآن ..ثم أحرقت السفينة ..وانتظرتك ريثما تُحرّر قارب النجاة للقفز فيه ، قبل إنزاله للبحر. ..وبعدها استطعت الإطاحة بكم لأكل بعضكم ، والبقاء حيّاً

الرجل : يا غبي ! أخسرت من تبقى من عائلتك ، لتموت بالبحر ؟!

فردّ الولد بخبث : ما لا تعرفه ، ان هناك جزيرة قريبة منا

الرجل بصدمة : ماذا !


الولد : رأيتها بمنظارك قبل رميّه بالبحر ..وسأتوجّه نحوها ، بعد تخلّصي منك.. وربما بعدها تضعني شرطة الجزيرة في الميّتم ، او يتكّفل بي احد الأفاضل ..وعندما اصبح شاباً ، سأسافر وحدي للعثور على تلك الجزيرة لاستخراج كنزي ، كتعويض عن الحياة البائسة التي عشتها سابقاً

- لا اصدّق ان كل هذا التفكير الإجرامي لصبيّ بمثل عمرك !

الولد : هذا الصبيّ الذي لا يعجبك سيصبح من اثرياء البلد ، ايها المخمور الفاشل


وضربه بالمجذّاف على رأسه ..ثم حمله بصعوبة ورماه بالبحر ، وهو يراقب غرقه ببطء .. ثم جذّف بما تبقى من قوّته ، مُتوّجهاً نحو اليابسة التي بدأت تظهر من بعيد.. قائلاً بحماس :

- هآ انا قادمٌ نحو الثراء والحريّة .. لا احد سيوقفني بعد اليوم

وأكمل طريقه نحو الجزيرة ، وهو غارقٌ بأفكاره الخبيثة الإجراميّة!


السبت، 13 يوليو 2024

صداقة الأعداء

كتابة : امل شانوحة 

القرار المصيريّ


أبّان الحرب العالمية الثانية ، وفي ليلةٍ باردة .. سهر الجندي الإلمانيّ (دومينيك) امام شعلة النار ، في مهمّة لحماية خيم العساكر في البريّة بانتظار معركة الغد .. حين لمح من بعيد جندي العدوّ المُلثّم يزحف باتجاههم ، وبيده قنبلةً موقوتة لتفجيرها قرب خيّم الجنود النائمين ! 


فأسرع الحارس دومينيك (الذي غطّى وجهه بالوشاح الصوفيّ في الجوّ القارص) باتجاه المُتسللّ الإنتحاريّ الذي تعارك معه بالأيدي ، بعد تمكّن كلاهما من إسقاط سلاح الآخر بالفنون القتاليّة التي يتقناها!


وبعد إيقاع خصمه على الأرض بالضربة القاضيّة ، وجّه دومينيك المسدس (الذي التقطه من الأرض) في وجه المُلثّم الذي تكلّم بصوتٍ مألوف : 

- عيناك تذكّرني بصديقٍ قديم !

الحارس بقلق : من انت ايها اللعين ؟!


فأزال المُلثّم قناعه العسكريّ ، ليظهر أندريه (صديق الطفولة الذي سافر الى فرنسا قبل شهور من إعلان الحرب العالمية الثانية ..ورغم انه المانيّ الأصل إلاّ انه التحق بالجيش الفرنسي بسبب جنسيّة والدته)


وبسرعة ازاح دومينيك وشاحه .. حيث كاد الصديقان (الّلذان افترقا قرابة السنتين) على وشك التعانق ، قبل انتبهاهما لاختلاف زيّهما العسكريّ !

دومينيك : يا الهي ! كنت قلقاً على مصيرك بعد قصفنا بلادكم بوحشيّة العام الماضي .. كم تمنيّت لقائك ، لإخبارك عمّا فاتك من احداث حيّنا القديم

أندريه : وهآ نحن التقينا كأعداء في جيشيّن مُتحاربيّن .. يالا غرابة القدر !

- لما تخون موطن والدك ؟!

- الظروف أجبرتني على إخفاء هويّتي الألمانيّة داخل فرنسا


ثم توقفا عن الكلام ، بعد سماعهما نباح كلب القائد الألماني الذي خرج من خيمته لرؤية ما أفزع حيوانه الأليف !

فأسرع دومينيك بسحب ذراع صديقه ، وإخفائه خلف الأشجار..

- لا تصدر صوتاً ، حتى لا يقتلوك

أندريه : لا تحمني يا صديقي ، فمهمّتي كانت تفخيخ مخيّمكم

- يبدو أن قائدك ضحّى بك ، لعلمه بأصولك الإلمانيّة

- ربما الأمر كذلك .. لكني جندي بسيط ومجبور على إطاعة قائدي ، كما انت مُجبرّ على إطاعة الأوامر


وفجأة ! وجّه أندريه السكين على بطن دومينيك الذي سأله باستغراب: 

- ماذا تفعل ؟!

أندريه : انت معك المسدس ، وانا معي السكّين .. والبقاء لمن يجرأ على فعلها اولاً

- لن اقتل صديق طفولتي !

- إن عثر الكلب عليّ ، فسيُجبرني قائدك على إفشاء اسرار كتيبتي القريبة منكم ..ولن افعل ذلك !! رجاءً أقتلني انت

دومينيك بإصرار : لن افعل !!

- الم تعدني بالبقاء معاً حتى الموت ، وهآ نحن وصلنا لهذه المرحلة ..رجاءً أقتلني انت ..فأنا أفضّل الموت برصاصة صديقي ، بدل رصاصة العدوّ


وهنا اقترب الكلب اكثر من مكانهما خلف الأشجار !

أندريه بفزع : لقد انكشف امري ..رجاءً إطلق رصاصة على رأسي لأجل ايامنا الخوالي ..لا تدعهم يعذّبونني يا صديقي

- لا استطيع !! انت مثل اخي

- اذاً لنكن مثل قابيل وهابيل ..اساساً كنت ستكون مكاني الآن ، لوّ لم تُسقط بندقيّتي .. فكلانا كومبارس في مسرحيةٍ هزليّةٍ كبيرة .. هيا دومينيك !! إن كنتُ فعلاً غالياً عليك ، فلا تدعني أُجرّب التعذيب النازي الشهير


وإذّ بهما يسمعا صوت جندي إلماني يُنادي قائده : 

- أظن هناك شخص بالغابة ، سيدي !!


ممّا أجبر دومينيك على توجيه مسدسه نحو أندريه ، وهو يقول باكياً: 

- لن اسمح لأحد بلمس شعرةٍ منك ، يا صديقي العزيز

أندريه : هيا إضغط الزناد !! ولا تقلق ، سأسامحك يوم القيامة .. وسنجتمع مجدّداً في الجنة ، فكلانا ضحايا زعمائنا الملاعيين

- الوداع يا صديقي 


وهنا سمع القائد الإلمانيّ صوت طلقةٍ ناريّة في الغابة ! فأسرع مع كلبه باتجاه الصوت .. وقبل وصوله ، سمع طلقةً ثانية ! ليجد دومينيك مُنتحراً بجانب المُتسللّ المجهول ! بعد اختياره الموت بجانب صديقه ، لعلمه بأن ذكرياتهما ستلاحقه لآخر عمره .. ولعدم تحمّله تأنيب الضمير ، فضّل الموت بجانبه .. على امل ان يلتقيا في الآخرة ، يوم يقضي الله بالعدل بين الخصوم !


الأربعاء، 10 يوليو 2024

الأرض المُدمّرة

تأليف : امل شانوحة 

الخطة النهائيّة


لم يبقى على الأرض سوى مليون شخص من مختلف الدول بعد حربٍ عالميّة ثالثة نوويّة لوّثت الجوّ والماء ، وأحرقت جميع المحاصيل الزراعيّة حول العالم .. فلم يبقى امام الناجين سوى ترك الأرض واستيطان المريخ ، بعد ان أكّدت آخر الأبحاث (قبل تدمير الناسا) على وجود ينابيع الماء في بعض اوديتها ، عقب انتهاء مشروع بناء اول مستوطنة هناك !

وانتقل الناجون جميعاً برحلاتٍ متتالية للمريخ الى ان وصلت آخر دفعة .. لتنتهي معهم الحياة على الكوكب الأزرق !


الغريب انه رغم اختلاف اديان وجنسيات المليون نسمة إلاّ انه عمّ التفاهم والإنسجام بينهم ! مما ادّى لانتشار اشاعة : بأن ابليس وجنوده الشياطين ظلّوا على الأرض المدمّرة ، وهو سبب شعورهم بالأمان أخيراً !

***


في باطن الكرة الأرضيّة ، واثناء احتقال الجن والشياطين بنصرهم على البشر بعد عودة ملكيّة الأرض لهم (كما كانت قبل خلق آدم) فاجأهم ابليس بصراخه الغاضب وسط الحفل :

- إسكتوا جميعاً !!!!


فتوقفت الموسيقى الصاخبة ، وتوجّهت الأنظار نحو عرشه الذهبي وهم يستمعون لصوت ابليس الجهوريّ :

- صحيح انني حقّقت حلمي الأبدي بالقضاء على البشر وعودة الأرض لسلطتنا ، لكني فقدّت الشغف والسعادة بعد انتهاء مهمّتي بتدمير الشعوب ! لذا قرّرت اللّحاق بهم الى المريخ !!

مساعده بدهشة : وكيف سنفعل ذلك ، سيدي ؟!

إبليس : لا أنكر انها مهمّةً صعبة .. لذا اريد من علمائنا الجن أن يصنعوا المركبات الفضائيّة التي تصلنا اليهم ، بشرط عدم إنتباههم للحاقنا بهم : إمّا بهبوطنا بمكانٍ منعزل من المريخ ، ومتابعة السير للوصول الى مستوطناتهم ..او نُعمي عيونهم بتعويذاتنا السحريّة .. المهم ان نلحقهم الى فوق


مساعده : وماذا بشأن الأرض ؟

إبليس : بعد وسّوستي لزعماء الدول العظمى بشنّ الحروب النوويّة التي دمّرت طقس الأرض ومصادر المياه ، أصبحت الحياة فيها مستحيلة للقرون القادمة !

- لكن لطالما أُعجبت بمناظر المباني المُهدّمة بعد انتهاء الحروب 

إبليس : لأني استمتعت بعذاب الناجين ، لكن الآن باتت مدنهم مهجورة وكئيبة للغاية! 

- أهذا قرارك النهائي ، سيدي ؟

إبليس بحزم : هل لديك اعتراض ؟!!

- لا العفو ! سنبدأ ببناء المركبات حالاً


وتفرّق الجمع بعد انتهاء الحفل ، لبدء عملهم الجدّي ببناء عدّة مركبات فضائيّة ، لنقل ملايين من جنسهم الخفيّ (الجن والشياطين) للّحاق بالرحلة الأولى المخصّصة لإبليس ونسائه واولاده المفضّلين ! حيث قضى رحلته الطويلة بالتخطيط لمكائد بغرض التفرقة لمن تبقّى من البشر .. وهو يتمّتم في نفسه ، بحماس :

((لن يستريح قلبي قبل القضاء على آخر بشريّ من جنس عدويّ الّلدود آدم))

وابتسم بخبث !


السبت، 6 يوليو 2024

الحب المُحتجزّ

تأليف : امل شانوحة 

الطائرة المُختطفة


كل شيء بدى ضبابيّاً بالنسبة لوليد وهو يركب الطائرة مُهاجراً للغربة ، بعد صدمته العاطفيّة الكبيرة التي هزّت كيانه : فسكرتيرته التي عشقها لسنوات ، علم بخيانتها مع صديقه قبل يومٍ واحد من عرضه الزواج عليها ! حيث تواجد خاتم الخطوبة في جيبه حين رآها بين احضان شريكه في مكتبه ، بعد تفضيلها عليه لثرائه ! 

ولشدّة قهره ، باع حصّته لشريكه ..وقطع تذكرة ذهاب لأستراليا دون عودة ، تاركاً الأهل والأصدقاء بعد تحطّم قلبه من حبه العاصف لأمرأةٍ لعوب 

^^^


وكأن ما حصل معه لا يكفي ! فبعد إقلاع الطائرة ، تفاجأ بخاطفيّن يُهدّدان الركّاب بتفجيرها إن لم يلتزموا بأوامرهما.. 

ولشدّة يأسه ! إنفجر ضاحكاً ، كسخرية على سوء حظه .. مما استفزّ احد الخاطفيّن الذي سحبه من ذراعه ، وحبسه في خزانةٍ صغيرة (خاصة بأغراض المضيفين) .. ليتفاجأ وليد بوجود مضيفة مُحتجزة هناك ! 


وبعد إقفال الخاطف الباب عليهما ، سألها باستغراب :

- هل احتجزوكِ ايضاً ؟!

المضيفة : نعم ، لأني لاحظت السلاح بخصر احدهما .. فأسرعت بتحذير الطياريّن بقفل باب الكابينة ، ومنع الخاطفيّن من إجبارهما على تغيّر مسار الرحلة او إغراقها بالبحر ! فجنّ جنون الخاطف لإفسادي خطته ، ورماني هنا كي لا اثير المزيد من المشاكل .. فماذا فعلت انت ؟

وليد بابتسامةٍ ساخرة : ضحكت بكل ما اوتيت من قوّة 

فسألته بدهشة : وما المضحك باختطاف طائرتنا ؟! فربما يقتلونا جميعاً !

- والله ياريت

- تبدو يائساً للغاية ! هل خسرت عملك ، او توفيّ شخصاً عزيزاً عليك ؟

وليد بقهر : ليتها توفيّت ، كان اهون من طعنة القلب الموجعة

المضيفة : آه ! صدمةٌ عاطفيّة.. دعني أُخمّن : أحببتها بجنون ، وخانتك

فطأطأ رأسه حزناً ، وهو يحاول إخفاء دمعته..


فأكملت كلامها : آسفة ، لم اقصد الإستهانة بألمك .. لكنه الحال دائماً في جميع العلاقات : لابد أن يكون أحد الطرفيّن مخلصاً للغاية ، بينما الثاني يدخل العلاقة للتسليّة وتضيّع الوقت

وليد : انا لست ضعيفاً .. وكان بإمكاني تحطيم عظام الخائنيّن ، لمعرفة شريكي بعلاقتي بها .. لكنهما لا يستحقان تورّطي قانوناً ، بسبب قذارتهما 

- أحسنت التصرّف !! 

- ماذا عنكِ ، هل انت مرتبطة ؟

المضيفة : لا ، يفضّلون العزّاب لهذه الوظيفة

- اذاً ما ادراك بالصدمات العاطفيّة ؟

المضيفة : صدّقني لا يوجد احد لم يعاني منها .. فأنا مثلا ارتبطتّ لسبع سنوات بشخصٍ خطبني ، ثم سافر أوروبا ..وكل سنة يُخبرني انه سيتزوجني في العطلة الصيفيّة .. لأكتشف بعدها انه متزوّجٌ قبلي .. ولديه ابنة ينتظر بلوغها 18 ، خوفاً أن تحرمه زوجته الأجنبيّة من رؤيتها .. وبسبب تماطله ، ضاعت أفضل سنوات عمري !

- ربما كبرت ابنته الآن 

- لم يعد يهمّ بعد إنهائي العلاقة ، فأنا لا اقبل بخراب عائلته لأجلي 

ثم ابتسمت ..

فسألها باهتمام : مالذي يضحكك ؟!

المضيفة بنبرةٍ حزينة : شاهدت قبل شهر صفحته على الفيسبوك .. يبدو انه رُزق بطفلٍ جديد ! المشكلة انها ليست المرة الأولى التي تتعسّر فيها اموري


وصارت تحدّثه عن المشاكل التي مرّت فيها ، للتخفيف عنه ..لكنه ظلّ مُكتئباً !

المضيفة : حسناً دعنا من القصص الحزينة .. ما رأيك لوّ نضحك قليلاً ؟ سأخبرك بأطرف المواقف التي حصلت معي كمضيفة


وبدأت تخبره عن اغرب المسافرين التي قابلتهم .. بعدها أخبرته بنكتةٍ طريفة عن الطيران.. وهذه المرة استطاعت إضحاكه ، لدرجة ان صفّق يده معها .. لكن الغريب ان كلاهما لم يُبعدا اصابعها عن بعض ! وكأن مغناطيساً جمعهما في تلك اللحظة بعد إنجذابها لقوّة قبضته ، وإعجابه بنعومة يدها الصغيرة .. حيث نظرا لبعضهما بدهشة في انتظار من يسحب يده اولاً ، لكنهما لم يفعلا لشعورها براحةٍ لا مثيل لها بعد تلامسهما البريء ! وكأنهما غرِقا في المحيط لسنواتٍ طويلة ، ووجدا جزيرة الأمان اخيراً


وفي خُضمّ تلاطم مشاعرهما الغير مفهومة ، سمعا صوت قفل الباب ! وكانت ردّة فعل وليد : ان حماها خلف ظهره ، خوفاً عليها من المُختطف المُقنّع الذي اراد اخذها ، لتهديد الطيّار بفتح الكابينة او قتلها ! لكن وليد منعه من ذلك..

المختطف : حسناً ايها الشهم ، سآخذك بدالها


وأمسك بذراع وليد وهو يسحبه ناحية الباب ، تحت تهديد السلاح .. ليتفاجأ كلاهما بالمضيفة تمسك خصر وليد بقوّة ، وتمنعه الذهاب مع المختطف الذي انفجر ضاحكاً:

- هل عشقتما بعضكما بهذه السرعة ؟! يبدو انني كنت مُوفّقاً بحجّزكما معاً ! كان الأفضل لوّ امتهنت وظيفة الخطّابة

وأعاد قفل الباب ، وهو مازال يضحك على ردّة فعلهما الرومنسيّة !


وهما في المقابل : إنصدما من خوفهما على بعضهما بهذه الطريقة ، والشجاعة التي امتلكاها للوقوف بوجه خاطفٍ مُسلّح !


واثناء ارتباكهما ، أحسّت المضيفة بشيءٍ قاسي تحتها ! فأزالت قطعة المُكّيت ، لتجد حلقة بابٍ صغير على ارضيّة الغرفة !

المضيف : آه صحيح ! كيف نسيت ؟

وأدارت الحلقة ، ليجدا سلّماً للأسفل !

المضيفة : هذا مخزن الأمتعة .. دعنا ننزل ، للإبتعاد عن الخاطف


ونزلا السلّم الصغير .. من بعدها أقفلت الباب من الأسفل ، كيّ لا يلحقهما الخاطف وزميله..

وليد : جيد انك غطّيتي الحلقة بالمكّيت قبل نزولنا

المضيفة : هذا سيُفقد الخاطف عقله ، بعد اختفائنا المُفاجئ


ثم اشعل قدّاحته ، لرؤية المكان المُعتم المليء بالحقائب (بعد ان أخذ الخاطف جوّاله هو والمضيفة قبل إحتجازهما)..

وليد : ماذا سنفعل الآن ؟

المضيفة : نحن اسفل مقاعد الركّاب ، وهناك سلالم تصلنا لكل جزءٍ فوقنا .. لذا سنكمل السير حتى نصل للكابينة .. فحسب ما اذكر من الدورة التدريبيّة : هناك سلّماً يصلنا بالطياريّن

^^^


وبالفعل صعدا الى هناك .. ليتفاجآ بمساعد الطيار يوجّه المسدس نحوهما ، لكن سرعان ما أخفضه بعد رؤيته المضيفة

- أخفتني يا زهرة !

المضيفة زهرة : لا تقلق منه .. (وأشارت لوليد) ..فهو مختطفٌ مثلي

فقال مساعد الطيّار لزهرة بامتنان : 

- نحمد الله انك نبّهتنا على قفل بابنا قبل اقتحام الخاطفيّن الكابينة ، وإلاّ لكانا أجبرانا على تنفيذ طلباتهما

فرّد الطيّار : لكن فرحتنا لن تدّوم طويلاً .. فقبل قليل هدّدنا احدهما بقتل راكبٍ كل خمس دقائق إن لم نسمح له بالتحدّث مع مدير المطار ، لإيصال طلبه لرئيس الجمهوريّة بغرض حصوله هو وزميله على فديّةٍ خياليّة !

زهرة باستغراب : رئيس الجمهورية مرةً واحدة !

مساعد الطيّار : يبدو شاهدا الكثير من الأفلام الأمريكيّة !

وليد : دعوا الموضوع لي ، فأنا ملاكمٌ سابق

زهرة بقلق : ماذا ستفعل ؟!


وليد : السؤال الأهم ، كم عدد الخاطفين بالضبط ؟ هل هما إثنين فقط ؟

زهرة بحزم : انا متأكّدة من ذلك !! فقد لمحتهما معاً ، قبل دخولهما الطائرة

وليد : اذاً سأنزل من جديد للمخزن ، وأتخطّى الأمتعة للوصول لمكانهما .. فكما لاحظت بين الشقوق : أن احدهما يقف في ممرّ الدرجة السياحيّة .. والآخر عند درجة رجال الأعمال .. وسأقوم بلكم كل واحدٍ على حدة الى ان يفقد وعيّه ، ثم أحتجزه مُقيّداً في المخزن.. كل ما احتاجه هو كشّاف وحبل

مساعد الطيّار : لا يوجد حبل ، لكن لدينا اسلاك بلاستيكيّة كالتي تُستعمل في المعتقلات .. نحتفظ بها في خزانتنا ، كنوع من الأصفاد للركّاب المشاغبين

الطيّار : المهم ان تبقيهما غائبا عن الوعيّ لحين هبوطنا

وليد : لا تقلقوا بهذا الشأن ، فأنا خبير بالفنون القتاليّة


وقبل عودته للمخزن ، أمسكت زهرة يده بخوف :

- رجاءً انتبه على نفسك

وليد : لا تقلقي عليّ .. كل ما اريده منك أن تثقي بي ، وتدعي لي بالسلامة

فمسحت دمعتها وهي تراقب نزوله للأسفل

^^^


وبالفعل نجحت خطته ، وهبطت الطائرة بأمان..

وفور نزول وليد وزهرة من الطائرة ، لم يتركا بعضهما طوال التحقيقات بمركز أمن المطار : عمّا حصل منذ بداية الإختطاف ، لحين القبض على الخاطفيّن .. 

بعدها تبادلا ارقام جوّالاتهما .. وصارا يتحدّثان بنهاية كل اسبوع ، اثناء استقراره في استراليا وعودتها للعمل بالسفر حول العالم .. الى ان سألها يوماً :

- ماذا لوّ طلب حبيبك التخلّي عن المهنة التي تحبينها مقابل الزواج ؟

وفور إنهاء سؤاله ، اجابت زهرة بحماس :

- إن كان انت ، فموافقة !!

***


وبالفعل عُقد الزواج بعد التعاهد بالإخلاص بينهما ، وتناسي تجربتهما السابقة التي كانت مجرّد درسٍ قاسي جعلهما يُقدّران حبهما الذي حصل صدفة في غرفة الإحتجاز بالطائرة المُختطفة !


كيك المستقبل

كتابة : امل شانوحة توأم الروح إعتاد شاب (في الثلاثين من عمره ، والمُتخرّج من معهد الكمبيوتر) على الإستيقاظ ظهراً بعد انتقاله لشقته الصغيرة ،...