الخميس، 23 يناير 2025

الضربة القاضيّة

تأليف : امل شانوحة 

 

العدالة الدمويّة 


إستيقظ الولد فزعاً (10 سنوات) بعد صوت قفل الباب ! ورغم وجود سلّمٍ طويل ، لكنه لم يسمع خطوات المُختطف (الخمسينيّ) العرجاء المُترنّحة ، الذي اعتاد السِكر بعد انتهاء تدريبه العنيف للصغير في قبوٍّ بإنارته الخافتة .. مع حلبة مصارعة صغيرة بالوسط ، بالإضافة لمعدّات الملاكمة !

ليظهر ولدٌ أفريقيّ بمثل عمره .. 

فقال الولد المُختطف بصوتٍ منخفض : أُهرب من هنا بسرعة ، قبل ان يحبسك المجنون معي 

الإفريقي : أتيت لإطلاق سراحك

- من انت ؟!

- سأخبرك لاحقاً .. عليك الإبتعاد قبل إستيقاظ السكّير

الولد مُستفسراً : وكيف حصلت على مفتاح القبوّ ؟! 

- لديّ قدراتي الخاصّة .. هيا بنا !!

***


وخرجا من الكوخ الخشبيّ (البعيد عن منازل الحيّ الشعبيّ).. 

الولد باستغراب : لما تعمّقنا في حقل الذرة ؟! اليس الأفضل التوجّه لمركز الشرطة؟!

- سأدلّك على شيءٍ مهم .. خذّ الكشّاف ، وأضيء الطريق امامنا

^^^


ووصلا لمكانٍ فيه صخرة كبيرة ..

الأفريقي : اللعين وضعها هنا ، كعلامةٍ له

- علامة على ماذا ؟!

- على مكان دفنه الأولاد الثلاثة الذين رفضوا التدرّب على يديه  

الولد بفزع : هل قتلهم فعلاً ؟! ظننته فقط مهوّوساً بالفوز ! فمن يكونون ؟!

- سأخبرك بكل شيء .. المهم أن تحفظ المكان جيداً ، لإخبار الشرطة عنه

- ولما لا تخبرهم انت ؟!

الأفريقي : لن يرونني..  

وأشار الى قدميه .. فتراجع الصبيّ للخلف ، بعد رؤيته يطفو على الأرض!


الأفريقي : لا تخفّ ، انا روح ابن خاطفك .. وكنت ثاني ضحاياه

الولد باستنكار : لكن مدرّبي ابيض ، وانت ..

مقاطعاً : انا ابن زوجته ، وتبنّاني لأجلها .. وبعد وفاة امي ، بدأ يقسو عليّ بتدريبات الملاكمة ، حتى امتلأ جسمي بالرضوض والجروح .. لكن لم يهمّه سوى الحصول على المكافأة المالية والميداليات الذهبيّة في مباريات الصغار .. وازدادت طباعه سوءاً بعد خسارة ترشّحي لتمثيل دولتي ، عقب فوز زميلي بالمباراة النهائيّة .. فعزمته على بيتي ، بأمرٍ من والدي الذي اقترح تدريبه .. لكنه رفض تغيّر مدرّبه الأجنبيّ .. فقام بتسميم عصيره ! وعندما هدّدته بإبلاغ الشرطة عن قتله صديقي .. لكمني بقوّة على رأسي ، أفقدتني الوعيّ .. ولأنه كان ثملاً ، ظنّ بوفاتي .. لكني استيقظت بعد دفنه صديقي بالحقل .. وهربت بسرعة باتجاه الحيّ .. لكنه لحق بي ، وطرحني ارضاً في وسط حقل جارنا .. فهو كان ملاكماً بارعاً في شبابه !


الولد : أخبرني بذلك مِراراً ، وأراني ميداليّاته القديمة .. لكن كيف قتلك ؟

- بحجرةٍ كبيرة رماها على صدري ، اثناء مقاومتي له.. ولم يكتفي بذلك .. بل استخدم سكينه لفصل رأسي عن جسمي ، ودفنه بمكانٍ آخر !  

- ما حصل معك لأمرٍ مُحزن ؟  لكن لما قتل الولديّن الآخريّن ؟ 

الأفريقي : يبدو انه ملّ العيش وحده بعد سنة على وفاتي ، فحاول إقناع بطليّن محلّيين للتدرّب عنده .. فقدما الى كوخه ، بعد ان اوهمهما بامتلاكه آلاتٍ رياضيّة غير متوفّرة بنوادي منطقتنا الشعبيّة .. وعندما استهزئا من التجهيزات الرخيصة في قبوّه ، خنق احدهما حتى الموت .. بينما تمكّن الآخر من كسر قدم اللعين بلكمةٍ قوية ، جعلته أعرجاً .. قبل ان يلحقه ويكسر عنقه .. ثم دفنهما بجانب صديقي .. والليلة أتيت لإنقاذك قبل ان تصبح ضحيّته الخامسة في حال لم تتأهّل بمبارة الغد النهائيّة ، فهو مهووس بالفوز كما لاحظت 


الولد : طالما أصبحت روحاً ، فلما لم تنقذ الولديّن قبلي ؟!

- لأنه قبل ايام إكتشف الجار ، جسدي المدفون في حقله .. وبعدها عثرت الشرطة على رأسي .. والبارحة جمعوها معاً بالمشرحة .. ومازال التحقيق جارياً لكشف هويّتي ، بعد تحلّل جثتي! 

- لهذا تمكّنت روحك الوصول اليّ الليلة ؟ 

الأفريقيّ : وهل كنت تُفضّل رؤية جسدي دون رأس ؟ هذا سيقتلك رعباً ! 


ثم انتبها على نور الصالة الذي أُضيء بالكوخ ! 

الإفريقي : لقد استيقظ والدي ! هيا إسرع باتجاه المنازل .. ودعّ احدهم يتصل بالشرطة ، للقبض عليه قبل هربه .. ولا تنسى ان تدلّهم على قبور الأولاد الثلاثة 

الولد : الكشّاف معي ، الن تخاف البقاء وحدك في حقلٍ مظلم ؟!

- لا شيء يؤذي الميتين .. هيا انطلق !! 

***


لم تصدّق الشرطة كلام الصبيّ عن الروح التي أنقذته ، ودوّنت في محضر البلاغ بأنه شاهد مناماً غريباً ، ساعده في اكتشاف قبور ضحايا الصغار !


وبعد القبض على المدرّب المجنون .. رفض الإعتراف بقتله ابنه بالتبنيّ ، بعد تسميمه ضحيّته الأولى .. كما قتله الولديّن الساخريّن ، بالإضافة لخطفه الصبيّ الخامس .. 

واستمرّ بالإنكار الى ان أخبره المحقق براوية المُختطف : عن روح ابنه الأفريقيّ الذي اكتشفوا جثته المُقطّعة قبل ايام ، والمحفوظة في ثلّاجة المشرحة 

فانتفض المجرم رعباً :

- هل وجدتم رأسه ايضاً ؟!

- اذاً انت تعترف بقتلك ابنك ؟ 

المجرم : كان يُهدّدني بالكوابيس انه سينتقم مني فور تجمّع اجزائه ، بعد زيادة قوته بعالم الأرواح.. رجاءً اسجنوني بأيّ بلدٍ آخر بعيداً عن هنا ، وإلاّ سيعذّبني حتى الموت !!


لكنهم نقلوه لسجنٍ محلّي بانتظار محاكمته..

***


في اليوم التالي .. أخبر احد السجناء الحارس بضيق :

- من المجنون الذي وضعتموه بالإنفراديّة بجانب زنازيننا ؟!

الحارس : ماذا فعل ؟

- ظلّ يطلب النجدة طوال الليل ، كأنه يعاني من المٍ مُبرح .. ولم يتوقف صراخه إلاّ صباحاً .. رجاءً ضعوه بمستشفى المجانين ، فلا احد من السجناء استطاع النوم بسببه


وعندما فتح الحارس الزنزانة الإنفراديّة .. صُعق برؤية جثة السجين مُتورّمة ، كأنه ضُرب بعنف من ملاكمٍ محترف ، تمكّن من كسر كل عظمةٍ فيه !

مع عبارةٍ مكتوبة بدمائه على الجدار :

- فُزت بالضربة القاضية !! هل انت فخورٌ بي الآن ، يا ابي العزيز؟!


الاثنين، 20 يناير 2025

منزل الفلاتر

تأليف : امل شانوحة 

دار المسنّين


اثناء تنزّهها مع صديقتها ، إنعطفتا الى طريقٍ فرعيّ لم ترياه من قبل !

- لما ابتعدنا عن الطريق العام ؟!

- لا ادري ، دعينا نستكشف المكان 

- هو مجرّد شارعٌ طويل ، ليس فيه سوى ذاك المبنى الملوّن

- دعينا ننظر اليه عن قرب


وعندما اقتربتا من المنزل الأرضيّ ، وجدتا بابه مفتوحاً !

- ما رأيك لوّ نستكشفه من الداخل ؟

- يبدو مهجوراً !

- هيا ، لا تكوني جبانة

وشدّت ذراعها نحو بابه الخشبيّ ..

^^^


وفي الداخل .. وجدتا ساحة صغيرة وسط المنزل ، مع عدّة غرف صغيرة .. ولافتة كبيرة مكتوباً عليها :

((اهلاً بكم في منزل الفلاتر))


- غريب يبدو منزلاً قديماً ، فكيف عرفوا بفلاتر الجوّالات ؟!

- الا ترين الوانه ؟ يبدو احدهم جدّده حديثاً  

- اذاً دعينا ندخل إحدى غرفه

^^^


لم يكن في الغرفة سوى : مرآةٌ كبيرة ! وامامها كرسي خشبيّ طويل ، جلستا عليه .. وما ان نظرتا الى المرآة ، حتى انفجرتا ضحكاً .. بعد مشاهدة إنعكاسهما كصبيّتين بدينتيّن ، كأن المرآة إلكترونيّة مُبرمجة على إحدى الفلاتر المضحكة 

فبدأت الصديقتان تؤلّفان حواراً بينهما :

- الا تنوين القيام برجيم ، ايتها البدينة ؟

- تنتقدينني وكأنك عارضة ازياء ! فأنتِ ضعف وزني 

- بل انت أسمن مني !!


وتابعا حوارهما الطريف ، قبل إقتراح إحداهن الإنتقال للغرفة التالية التي فُرشت بذات الأثاث ! فجلستا امام المرآة التي أظهرتهما بمكياجٍ مُبالغٍ فيه .. فصارتا تتحدثان كأنهما نجمتيّن سينمائيّتيّن :

- أهذه اول جائزة اوسكار لك ؟

- لا عزيزتي ، منزلي مليء بالجوائز العالميّة .. فأنا ممثلة مشهورة ، ولست كومبارس مثلك 


وتابعا الحوار لبعض الوقت .. قبل انتقالهما من غرفةٍ لأخرى ، لتجربة الفلاتر المضحكة المتعددة .. الا ان وصلتا لآخر غرفة ، قرب الباب الخارجيّ (حيث لساحة المنزل الداخلية بابيّن : باب دخول وباب خروج)


فأرادت إحداهن ممازحة زميلتها ، بدخول الغرفة من النافذة .. لكن ما ان مدّت رأسها ، حتى شعرت بثقلٍ كبير في جسمها ! 

فأشارت لصديقتها التي دخلت من الباب (والتي تستعجلها لتجربة الفلتر الأخير) طالبةً سحبها للداخل 

وقبل أن تمدّ صديقتها يدها للمساعدة ، لمحتها بثواني كأمرأة عجوز ! قبل عودتها صبيّة ، وهي تشدّها لداخل الغرفة ! 


بعدها جلستا قرب المرآة ، لتريا أنفسهما كأمرأتيّن عجوزتيّن ! 

فصارتا تتحدثان ، كأن لا اسنان لهما :

- كيف حال احفادك ؟

- انا عانس ، هل نسيتي ايتها الخرِفة ؟

- لا تحزني ، فأنا احفادي يخطّطون لرميّ بدار العجزة

- تستحقين ذلك 

- هل انت صديقتي ام عدوّتي ؟


وظلتا تؤلّفان الحوارات ، وهما تضحكان بسعادة .. الى ان قالت احداهن :

- ياله من منزلٍ ممتع ، وفكرته جديدة ! 

- صحيح ، دعينا نُخبر اصدقائنا عنه 

- سنفعل بعد خروجنا من هنا .. هيا !! فقد تأخّرنا على منازلنا

^^^


وما ان خرجتا من الغرفة ، حتى شعرتا بتعبٍ وارهاقٍ شديديّن ! جعلتهما تتعكّزان على بعضهما ، كيّ لا تسقطا على الأرض

- يا الهي ! ماذا حصل لنا ؟!

- كأننا تجاوزنا الثمانين من عمرنا !

 

وهنا انتبهتا أنهما ظلّتا عجوزتيّن ، كما ظهرتا بالفلتر الأخير ! 

فصرختا برعبٍ شديد : 

- لما لم يختفي الفلتر بعد خروجنا من الغرفة ؟!

- وكأن المرآة الإلكترونيّة امتصّت طاقتنا وأعمارنا !

- هيا نخرج سريعاً من البيت الملعون !!

^^^


لكن خطواتهما كانت بطيئة للغاية ، وبالكاد تمكّنتا الخروج من المنزل الذي اختفى  فجأة ، فور وصولهما للشارع الفرعيّ ! 

وكأن هذا الرعب لا يكفي ، فقد ظهر مبنى كبير امامهم 

- من اين ظهر ؟ لم يكن موجوداً قبل قليل !

- لا تنسي اننا خرجنا من بابٍ آخر ، غير الذي دخلنا منه 


فأخرجت احداهن جوالها للإتصال بخطيبها ، بينما الثانية حاولت الإتصال بأخيها .. لكنهما سمعتا نفس الجواب الغامض :  

- لقد مات جميع معارفك ، بعد كبرك بالسن !


وبسبب آلام قدميهما لم يكن امامها سوى الذهاب للمبنى القريب ، طلباً للمساعدة

^^^


وما ان دخلتا من بابه المفتوح ، حتى شاهدتا عشرات النساء العجائز (في ساحته الكبيرة) يتجمعنّ حولهما !  

فسألت إحدى الصديقتيّن : هل هذه دار المسنين ؟!

وقبل ان تسمع الإجابة.. أُقفل الباب الحديديّ للدار بالسلاسل من الخارج ، رغم عدم وجود حرس على بابه !


لتقول إحدى النزيلات : يبدو ارتكبتما نفس خطئنا بتجربة منزل الفلاتر !

الصديقة : أتقصدين انك كنت شابة مثلنا ، قبل خروجك من البيت الملعون؟!

- جميعنا بعمر الزهور : أصغرنا مراهقة ، وأكبرنا بالثلاثين من عمرها .. لكننا خرجنا جميعاً بعمر الثمانين وما فوق .. لنجتمع بدار المسنين الخاص باللعين صاحب المنزل الملوّن


فاستفسرتا اكثر ، لتعلما أن مدير دار المسنين : هو حفيد سلالة اكبر المشعوذين بالبلد .. لكنه رفض تعلّم السحر ، فلعنته جدته بأن تراه الفتيات كإنسانٍ قبيح مشوّه رغم وسامته .. وقد حاول كثيراً كسر اللعنة ، لكنه فشل .. وبعد ان صدّته العديد من الفتيات ، رضخ لحكم عائلته التي وهبته المنزل الملوّن ودار المسنين .. وبدوره استخدم سحره الموروث ، بتشويه جمال الفتيات الفاتنات .. فالطريق الفرعيّ لا تراه سوى اجمل الصبايا التي نزلت عليهن لعنة المدير ، بحبسهن في داره لآخر عمرهن! 


الصديقة : وكم بقيتنّ هنا ؟

- اكثر فتاة حُبست هنا ، هي تلك العجوز .. وهي اول نزيلة بالدار .. مسجونة منذ خمس سنوات

الصديقة الأخرى : اللعنة ! علينا كسر السحر ، للعودة لأهالينا 

- لا احد يعرف كيف ، حتى المدير ذاته .. عليكما الرضا بقدركما ، وإكمال حياتكما بعد ضياع ستين سنة منها !

***


وبقيّت الفتاتان حبيستا الدار لأسبوعين ، قبل ان تُخاطر احداهن بدخول مكتب المدير اثناء إشرافه على الدار ..لتجد في درج مكتبه ، صورته القديمة 

- يا الهي ! كان وسيماً للغاية .. المسكين ، جدته دمّرت حياته

- كيف تجرأين على دخول مكتبي ، ايتها العجوز الشمطاء ؟!!


وكادت تقع على وجهها بعد سقوط عكّازها ، عقب سماعها صراخ المدير الغاضب .. لكن بذكائها ، استطاعت كبح غضبه :

- لا يحقّ لجدتك أن تحرمك الحياة الزوجيّة ، خاصة مع وسامتك الطاغية

فسحب منها الصورة بعصبية ، قبل تمعّنها فيها بحزن :

- كنت فعلاً اوسم شاب في المنطقة ، وكنت احلم بزوجةٍ لطيفة وطفليّن 

الفتاة : مازال بإمكانك فعل ذلك 

- ومن سترضى بشخصٍ مشوّهٍ مثلي ؟ 

فردّت بابتسامة : انا !!

- ماذا ؟!


وفتحت جوالها على صورتها القديمة :

- أنظر ، كنت مثلك فاتنة الجمال

فنظر الى صورتها :

- يا الهي ! كنت حقاً رائعة 

- نعم ، قبل ان يقضي منزل الفلاتر على جمالي

المدير : المنزل الملوّن ودار المسنين فُرضا عليّ ، وإلاّ كنت سأُقدّم كقربان لإبليس

- ولما منعت جدتك زواجك ؟ 

المدير : في طفولتي ، عثرت على مذكّراتها في قبو منزلها .. ويبدو ان الشيطان الذي تتعامل معه ، حذّرها بأن زواجي سيكسر السحر المتوارث لأجيال في عائلتي .. لهذا شوّهت جمالي 


الفتاة باستغراب : وبدل ان تحارب جدتك ، انتقمت من النساء الجميلات ؟! 

- قلت لك !! كنت مجبوراً على أذيّة الغير ، وإلا لكانوا أحرقوني حتى الموت

- اذاً ما رأيك لوّ نقلب السحر على الساحر ؟

- كيف ؟!

- اتصل بالقسّيس للقدوم الى هنا ، وعقد قراننا .. فربما بذلك ترفع اللعنة عنك ، وعن نزيلات الدار 

المدير بقلق : هل انت متأكدة من قرارك ؟ فقد أبقى قبيحاً لما تبقى من عمري 

- لا شيء أخسره ، بعد ان اصبحت بأرذل العمر 

^^^


وتجمّعت النزيلات بساحة الدار ، لرؤية العرس .. 

وما ان قال القسّيس :

- يمكنك تقبيل عروستك

حتى خرج نور من جسم العريس ، أحاط بجميع النساء العجائز ! 


وحين رأى القسّيس تحوّلهنّ لفتياتٍ فاتنات ، ركض هارباً من الدار التي اختفت تماماً ، مع اختفاء المنزل الملوّن للأبد !


فصفقنّ الصبايا للعروس البطلة التي جازفت بزواجها من المدير المشوّه (الذي عاد شاباً وسيماً ، بعد زوال اللعنة عن الجميع)


وبعد تقديمهنّ التهاني للعريسيّن .. توجهنّ للطريق العام لإيقاف سيارات الأجرة ، والعودة لعائلاتهم الذين لم يروهنّ منذ شهورٍ طويلة .. بينما ركب العريس مع عروسته في سيارته ، باتجاه الفندق لقضاء شهر العسل 

***


بعد سنة .. زار قبر جدته مع زوجته وطفله الصغير ، قائلاً بحنق :

- هدّدتني بحرماني من الزواج والإنجاب طيلة حياتي ! لكني تزوجت اجمل النساء ، أنجبت لي طفلاً رائعاً.. وبذلك تخلّصت من لعنتك للأبد .. وأعدك ان تكون هذه آخر زيارة لكِ.. فلتحترقي بالجحيم ، يا جدتي العزيزة!!


ثم خرج مع عائلته من المقبرة ، دون علمه بأنه أنجب من سيُعيد امجاد عائلته الشريرة .. والذي سيكبر ليتصدّر الإعلام وكلام الناس ، كأخطر مشعوذٍ بالعالم !


الخميس، 16 يناير 2025

النفسية المعاقة

كتابة : امل شانوحة 

 

الشهادات الناقصة


ضجّ الإعلام بمقتل مدير رعاية الإحتياجات الخاصّة بالعاصمة ، بعد تبرّعه بثرّوته للدار التي طوّرها منذ شبابه ! 

وعُيّن أهم المُحقّقين لمعرفة القاتل الذي يبدو انه على دراية بالدار ، بعد تعطّل الكاميرات ليلة الجريمة ! 

ولأن الطوابق مُقسّمة حسب الإعاقة ، لم تكن مهمّة المحقق سهلة .. خاصّة مع ابواب العنابر كاتمة الصوت (حتى لا يضايقوا بعضهم اثناء النوم) 

^^^


الأسوء ان المدير قُتل في عنبر العميان الذين شهدوا بسماعهم صرخات المدير المكبوتة .. بعد عثور الشرطة على جثته مُكمّم الفم ومقيّد اليدين ، مع آثار ضربٍ واضحة على وجهه وجسمه ، بعد تعذيبه قرابة ساعة ..قبل خنقه بالحبل حتى الموت!  

^^^


وهذا ما أكّده الخُرسان الذين قالوا بالتحقيق بلغة الإشارة (التي ترجمتها إحدى الممرّضات) : أن شاباً دخل عنبرهم ، وهو يرمي المدير بجانب سرائرهم .. ولم يستطيعوا القيام بشيء ، بعد تهديدهم بالسلاح !

كما أكّدوا سماعهم القاتل يقول للمدير :

- سأدعهم يشاهدون مُتبرّعهم الكريم يموت امامهم 


فاستغرب المحقق من كلام القاتل الذي يبدو غاضباً من الفعل الخيريّ للمدير الذي لم يتزوّج بحياته ولا ورثة له ، والذي أمضى معظم حياته في الدار التي عمل فيها منذ شبابه ، قبل شرائها بجزء من ثرّوته الضخمة التي ورثها من عمه المُغترب ! 

فهو لم يكن لديه اعداء حسب المحيطين به ، الذين شهدوا على حسن اخلاقه وتعامله الراقي مع الجميع ! 


فمن ذلك الشاب الذي خطّط جيداً للقتل ، بعد قطعه اسلاك الشاشات بغرفة المراقبة .. وكذلك جرس النداء من الأزرار الموجودة في سرائر المرضى ، الموصولة بغرفة المُمرّضين ؟! (لهذا لم يستطع المعاقون تنبيه الإدارة على الجريمة .. خاصة بعد قفل القاتل باب العنابر من الخارج ، بعد إذلال المدير امام مرضاه المتواجدين في الطوابق العليا للمستشفى !)  

^^^


اما في طابق الصُمّان (الطرشان) : فقد رأوا القاتل يتجادل مطوّلاً مع المدير الخائف .. قبل إجباره على طباعة شيء على الحاسوب (لابتوب) .. ثم سحبه من قدميه الى خارج عنبرهم (وبسبب إعاقتهم السمعيّة ، لم يفهموا ما طلبه منه او سبب الجدال بينهما !)

^^^


وفي عنبر المشلولين : أخبروا المحقق بعدم تمكّنهم مساعدة المدير الذي ضُرب امامهم بعنف ، بسبب إحتفاظ الإدارة بكراسيهم المتحرّكة في الغرفة المجاورة حتى الصباح (لأن غرفتهم ضيّقة ، ومليئة بالسرائر الحديديّة) .. لذلك رأوا ما حصل ، دون رفع اصواتهم بعد تهديدهم بالسلاح .. 

^^^


إلاّ ان شاباً منغوليّاً (بعد عودته هو وصديقه الصغير من دوّرة المياه) رأيا الجثة !

فأسرع الشاب للطابق السفليّ لإخبار المُمرّضيّن (المتناوبيّن تلك الليلة) عن مقتل المدير ، اثناء إنشغالهما مع الكهربائيّ لإصلاح عطل الشاشات (لهذا لم يروا ما حصل بالطوابق العليا) 

بينما لاحق الصبيّ المنغولي القاتل خلال محاولته الهرب من الدار 

^^^


فتوجّه المحقق بأسئلته للشاب المنغولي (الذي كان السبب بقدوم الشرطة).. محاولاً بصعوبة ربط كلامه الغير متناسق ، لفهم ما حصل ! 

المحقق : أعدّ ما قلته مرة ثانية ، لكن بهدوء .. كيف حصلت الجريمة؟ 

المنغولي بعصبية : أخبرتك قبل قليل ، هل انت غبي ؟!! 

المحقق وهو يتمالك اعصابه : عقلي لا يستوعب بسهولة ، رجاءً أعدّ ما قلته 

- بالعادة تكون ابواب العنابر مُقفلة مساءً .. لكن انا وصديقي وجدنا غرفة العميان مفتوحة ! وكانوا قلقين من إختفاء صوت بكاء المدير ، دون علمهم بوفاته وسط غرفتهم ! 

المحقق : هل ارتعبت من رؤية ردائه مُلطّغاً بالدماء ؟

- بل خفت من وجهه الأزرق ، والحبل المشدود على رقبته .. ورغم انني أزلته ، لكنه لم يتحرّك !

المحقق : وهل صديقك رأى الفاعل ؟

المنغولي الشاب : هو يرفض التحدّث معي بعد قدوم الشرطة !

- حسناً ، سأحاول معه

^^^


ونزل المحقق لغرفة المنغوليين ، ليجد الصبي ينظر من النافذة بشرود

- هل انت من لاحقت القاتل ؟

الولد : نعم ، رأيته يقفز من سور الحديقة

- أوصفه لي ؟

- يشبه صورته المُعلّقه على ردائه الأبيض 

المحقق بصدمة : أتقصد انه يعمل هنا ؟!

- نعم 

فتساءل المحقق بنفسه : 

((لما لم يخبرني الشهود انه يلبس زيّ المستشفى ؟! هل مازالوا خائفين من تهديده؟!))

ثم سأل الولد :

- ماذا يعمل بالضبط ؟

الولد : هو الممرّض الجديد الذي تحبه الدكتورة نانسي 

^^^


فنزل المحقق للإدارة ، للسؤال عن نانسي .. فأخبروه إنها الدكتورة المسؤولة عن الأطفال المعاقين عقليّاً ..

فتوجه الى مكتبها ، لسؤالها عن حبيبها..

الممرّضة باستغراب : من أخبرك انني مُعجبة بالممرّض الجديد ؟!

المحقق : لا يهم ، فقط إخبريني عنه ؟

- هو توظّف ببداية العام ، أيّ قبل اربعة شهور .. حيث تفاجأنا بحصوله على موافقة المدير ، لأنه بالكاد نجح بمعهد التمريض حسب شهادته ! 

- وطبعاً مديركم اعتاد توظيف اهم الأطباء والممرّضين في داره ؟

الممرضة : بالتأكيد !! فهذه أفضل دار إعاقة بالبلد .. ربما لذلك وظّفه في الإرشيف الموجود بقبوّ الدار

فقال المحقق في نفسه :

((الآن فهمت لما لم يتعرّف عليه المرضى ، فهم بالكاد رأوه بالطوابق العليا!))


المحقق : حسناً ، إكملي رجاءً 

الممرّضة : لا اظن جيم متورّطاً بجريمةٍ مروّعة كهذه ، فهو ضعيف الشخصيّة .. فجدته التي ربّته ، بعد وفاة والديّه بحادث سير 

- هل لديكِ بطاقة عمله ؟  

- لا .. لكن لديّ صورته على جوّالي ، سأرسلها لك

^^^


ثم عاد المحقق للصبيّ المنغولي ، ليريه الصورة في جواله :

- أهذا هو الشاب الذي قفز من سور الدار ؟

- نعم هو !!

***


ثم عاد المحقق لمركز الشرطة ، وهو يفكّر بملابسات القضيّة :

((اللعين ! بقيّ صامتاً في كل الطوابق ، ولم يتجادل مع المدير إلاّ بغرفة الطرشان .. واختار ضربه بعنف بغرفة المشلولين .. وأنهى حياته بغرفة العميان .. يبدو انه تقصّد ذلك)) 


وفي المركز ، بحث عن الشاب بالسجلاّت الحكوميّة .. ليتفاجأ بقلّة المعلومات عنه ! لكنه وجد عنوان جدته.. مما أجبر المحقق على الذهاب للقرية التي تبعد ثلاث ساعات عن العاصمة 

^^^


وهناك سألته العجوز التي نفت رؤية حفيدها منذ انتقاله للعاصمة :

- هل اريك متورّطاً بشيء ؟

المحقّق بصوتٍ منخفض : اذاً اسمه الحقيقي اريك ! 

- إرفع صوتك يا بنيّ ، فسمعي ضعيف

- اريد معرفة قصة حياته .. فهو زميلي بالعمل ، ويبدو غريب الأطوار !

الجدة : طبيعي ان يكون مُعقّداً ، بعد رفض والده الإعتراف به ! رغم ان اريك إستطاع إثبات نسبه بالفحص الطبّي ، حسب ما أخبرني بمكالمته الأخيرة 

المحقق بصدمة : وهل مدير دار المعاقين بالعاصمة هو..

- نعم والده .. فإبنتي الغبية أقامت علاقة عابرة معه ، اثناء عملها كنادلة في المطعم .. وبالطبع رجلٌ ثريّ مثله ، لن يعترف بإبنه الغير شرعيّ 

- واين ابنتك الآن ؟

- ماتت بجرعة مخدرات زائدة ، وتركت ابنها اللقيط معي الذي أتعبني كثيراً في طفولته .. لكنه ساعدني بمصروف المنزل ، بعد براعته بالكهرباء بسن المراهقة 


المحقق باستغراب : تقصدين ان عمله الأول كان كهربائي ؟!

- نعم ، واعتمد عليه الجميع بالقرية .. الى ان أخبرته بحقيقة والده الطبيب .. لأتفاجأ بتسجيله بمعهد التمريض الذي نجح فيه بصعوبة .. وقد حاولت منعه الإنتقال للعاصمة ، بعد فشل ابنتي بإقناع الثريّ بتثبيت نسب طفلها !  

- وماذا كانت ردّة فعل حفيدك ؟

جدة : كان غاضباً جداً .. وأخبرني انه طالما لا يريد الإعتراف بأبوّته ، سيجبره على توظيفه بالدار 

المحقق : الآن فهمت القصة ، شكراً لك  

***


وفي طريق عودته الى العاصمة ، فكّر المحقق بما حصل :

((يبدو ان والده وافق على توظيفه ، بشرط عدم إخبار احد بأنه ابنه.. ومرّت الشهور على خير ، الى أن اعلن والده التبرّع بثروّته للدار ..فجنّ جنون الإبن الذي تربّى بفقرٍ مُدقع مع جدته الخرِفة ، على أمل أن يرث والده بعد وفاته.. فانتظر انتهاء الحفل ، وخروج الصحفيون من الدار .. ليقوم بتعطيل الكاميرات من غرفة المراقبة ، كما جرس المعاقين بغرفة الممرّضين (كونه خبير كهربائي) .. ليبدأ بإذلال والده واستحقاره امام مرضاه ، قبل قتله.. مُتمنيّاً فشل الشرطة بحلّ القضيّة ، وتقيّدها ضدّ مجهول .. للحصول لاحقاً على ميراثه الضخم ، بعد منعه هبة والده للدار))

***


وبالفعل بدأت دوريّات الشرطة بالبحث عن الإبن القاتل ، بعد نشر صوره بالإعلام الذين اخطأوا بنشر أقوال الشهود بالتحقيق الجنائي! 

^^^


وبعد شهر .. تمكّنت الشرطة الأمريكيّة من ملاحقة الفاعل اثناء توجهه للحدود المكسيكيّة ، بعد نجاحه بحرق الدار التي مات العديد من مرضاها .. ومن بينهم المنغولي الصغير الذين وجدوا جثته متفحّمة ، وهو مُقيّد اليدين ومقطوع اللسان (بسبب شهادته ضدّه) 


وبسبب وحشيّة جريمته ، أُعطيت الأوامر بالقبض عليه حيّاً او ميتاً ..وهذا ما حصل بعد تبادل إطلاق النار بينه وبين شرطة الحدود ، أدّت الى وفاته 

ليُقتل الشاب قبل استفادته من المال (الذي أجبر والده على نقله الى حسابه البنكيّ ، من لابتوب الإدارة) .. وبذلك انتهت القصة بموته مُجرماً فقيراً ، بعد عيشه يتيماً مُعدماً طوال حياته !


الاثنين، 13 يناير 2025

الرصاصة الطائشة

فكرة : الأستاذ احمد السيد
كتابة : امل شانوحة 

الطلقات المُميتة


عُيّن رئيس بلديّة جديد (قادم من المدينة) في قريةٍ شعبيّة.. ولم يمضي شهر على تعينه ، حتى عُزم على عرسٍ يقام في الساحة .. وقبل دخول العريسان الى منزلهما ، أطلق رجال القرية طلقاتٍ إحتفاليّة في الهواء .. فأصابت رصاصةٌ طائشة ولداً صغيراً كان يُراقب العرس من إحدى الشرفات ! وانقلب العرس لبكاءٍ وصراخ من اهالي الولد المقتول

***


وفي اليوم التالي .. جمع رئيس البلديّة كبار القرية ، لمناقشة ما حصل ..

فردّ احدهم ببرود :

- هذا يحصل من وقتٍ لآخر .. ففي عرس السنة الماضية ، أُصيب العريس بطلقٍ طائش ..وبصعوبة أنقذه طبيب القريّة من الموت 

رئيس البلديّة بصدمة : تتكلّم وكأن الموضوع عادي !

- لأنه حدثت إصابات في مناسباتٍ أخرى : كعودة احدهم من الحج او نجاح ولدٍ بالدراسة ..او خلال موسم الصيد

رئيس البلديّة بعصبيّة : لن أقبل بهذه المهزلة !! وسأعمل على سحب الأسلحة من جميع سكّان القريّة


فضجّ المجلس باقتراحه الصارم ! 

- لا يحقّ لك ذلك ، فنحن نستخدم السلاح لحراسة بيوتنا وأراضينا .. لا تنسى اننا بقريةٍ ريفيّة ، وقد يهجم علينا ذئب او كلبٌ مسعور او يعترضنا لصوص الحقول .. فالسلاح جزء من تراثنا ورمز رجولتنا ، ولا يمكننا الإستغناء عنه

رئيس البلديّة : سأعيّن شباب لحراستكم ليلاً نهارا

- لا يكفي ذلك 

- سيدي ..ما حصل البارحة ، لا يتكرّر إلاّ نادراً

رئيس البلديّة : وما أدراني انه لا تحدث جرائم خفيّة ، بحجّة الطلقات الطائشة

- ماذا تقصد ؟!

رئيس البلديّة : ربما احدهم لديه تار مع اهل العريسيّن او المعازيم ، فيستغلّ طلقاتكم الإحتفاليّة لقتل غريمه 

فنظر الرجال لبعضهم بارتباك ، قبل ان يقول احدهم :

- حصل ذلك قبل عامين ، وأرسلنا القاتل لسجن المدينة 

رئيس البلديّة بحزم : إذاً لن أغيّر قراري !! وسأسحب السلاح من سكّان القرية ، لمنع هذه الحوادث مجدّداً

- لن يكون الأمر سهلاً 

رئيس البلديّة بإصرار : سأحاول جهدي

^^^


فخرج الرجال من مكتبه وهم يتأفّفون بضيق ، مُعترضاً أحدهم بعصبيّة :

- ما شأن ذاك الغريب بعاداتنا الموّروثة ؟!

- دعوه يحاول ، فلن يُسلّم احد سلاحه لموظّف الدولة

***


وبالفعل ، أنكر معظم الأهالي وجود سلاحٍ في منزلهم ! حتى عندما فتّش موظفوا البلديّة أكواخهم وزرائبهم ، لم يجدوا الأسلحة (التي اتفق السكّان على إخفائها قبل يوم التفتيش)


وعندما علم رئيس البلديّة بالأمر ، قال بحزم :

- اذاً سأغلق محل الأسلحة بالقرية ، وسأمنع إستيراد الذخائر من الخارج !!

فردّ حارسه : لكن سيدي ، كل منزلٍ لديه ذخيرته الخاصة

- مع الوقت ، سيُجبرون على التخلّص من اسلحتهم بأنفسهم

- كيف ؟!

رئيس البلديّة بابتسامةٍ ماكرة : بتطبيق خطّتي الجديدة

***


وفي اليوم التالي .. تجمّع الرجال بالساحة ، لقراءة إعلان رئيس البلديّة (المُعلّق هناك) عن مسابقة لتكريم أفضل صيّادٍ بينهم .. والجائزة الكبرى : بقرةٌ حلوب .. بينما الجوائز الثلاثة التالية : كيس بذور ، وكيس سماد ، وعلفٌ مجانيّ !

^^^


وبالفعل تجمّع الرجال والشباب اعلى التلّ ، لإصابة اكبر عددٍ من القوارير الفارغة .. واستمرّ الحفل منذ الصباح حتى غروب الشمس.. ثم أطلقوا رصاصات الإبتهاج بنهاية المسابقة ، بعد فوز احدهم بالجائزة الكبرى


بعدها إقترحوا على رئيس البلديّة الإستمرار بالمسابقة (وإقامتها مرّة ، بنهاية كل شهر)..فوافق بشرط : منع إطلاق النار بمناسباتٍ أخرى.. 

فاتفقوا فيما بينهم على الإحتفاظ بذخائرهم ليوم المسابقة ، خاصة بعد علمهم بمنعه إستيرادها من الخارج ، وإغلاقه محلّهم الوحيد (بعد انتقال البائع مُتذمّراً للمدينة)

***


ولم تنتهي السنة ، حتى فرغت جميع ذخائرهم ! فاجتمعوا مُعترضين في مكتبه 

- ما نفع اسلحتنا دون رصاصات ؟! 

رئيس البلديّة : انا اشتري اسلحتكم بنصف ثمنها ، او تظلّ في دياركم الى ان تصدأ وتصبح خردة

^^^


في البداية رفضوا تسليم اسلحتهم .. لكن مع إقتراب موسم الحصاد ، إحتاجوا المال لاستئجار شاحنات نقل الفواكه والخضار .. مما أجبرهم على بيعها لرئيس البلديّة الذي ارسل معظمها لمركز الشرطة في المدينة (للإستفادة منها) تاركاً بعضها لموظفيه ، في مهمّة حراسة اهالي القرية 

***


وبعد سحب السلاح منهم ، لم تعدّ حفلاتهم مُرعبة للنساء والأطفال والعجائز الذين كانوا يختبئون في بيوتهم لحين انتهاء الرصاص الإحتفاليّ العشوائيّ .. وبذلك قلّت الطلقات الطائشة ، كما الإصابات الغادرة من الأعداء المُتخفيين بسبب التارات القديمة !

في المقابل ، سمح لهم رئيس البلديّة بإطلاق المُفرقعات بمناسباتهم السعيدة مع اتخاذ الحذر والحيطة ، كيّ لا تفتعل الحرائق بالحقول .. 

وبدوّرهم شكروا رئيسهم الجديد على منحهم الأمن والأمان ، بصبره وذكائه الحكيم   


الجمعة، 10 يناير 2025

غدر الأصدقاء

تأليف : امل شانوحة 

الغلطة المُدمّرة


إقترب احمد من الكوشة ، للسلام على زميله بالعمل (سعيد) :

- مبروك يا عريس .. (ثم تلفّت الى المعازيم) .. على فكرة ! لم اجد صديقك فؤاد ، الم تعزمه ؟!

فتغيّرت معالم وجه العريس ، الذي اجاب بصوتٍ منخفض :

- هو مسافر حالياً 

- غريب ! مع اني رأيته البارحة في المحل ..

فشدّ سعيد على يد زميله ، كأنه يطالب بسكوته .. قائلاً بحزم :

- عقبالك ، وشكراً على هديّة الزفاف  

فابتعد احمد عنه ، وهو يتساءل :

((أمعقول تشاجر مع صديق طفولته ، لهذا لم يعزمه على عرسه؟!))

***


قبل نهاية العرس ، واثناء تصوير العرسان مع الأهل والأصحاب قبل ذهابهما لغرفتهما بالفندق .. دخل فؤاد الى الصالة غاضباً .. فاستغرب احمد من وجوده بالبلد (عكس ما ادّعى العريس) .. وقبل الإقتراب منه ، للسلام عليه .. تفاجأ مع بقيّة المعازيم بلكمةٍ قويّة للعريس ، أطاحته ارضاً .. صارخاً فؤاد بقهر :

- هذه هديّة خيانتك لي ، يا صديق العمر !!

ثم نظر بحزن للعروس التي كانت مرتعبة مما حصل ! وهو يقول بحزن :

- للأسف ، إخترتِ الشخص الخطأ 

وخرج من القاعة ، تاركاً الجميع بصدمة .. خصوصاً العروس التي لم تفهم ما قصده !

^^^


بينما سارع احمد الى موقف سيارات الفندق .. وبصعوبة استطاع منع فؤاد من الذهاب :

- لن اسمح لك بقيادة سيارتك ، وانت غاضبٌ هكذا 

فؤاد بعصبية : أُتركني يا احمد قبل ان ارتكب جريمة !!

- اذاً انا أقود سيارتك ، وفي الطريق تُخبرني سبب غضبك من فؤاد لهذه الدرجة !

^^^


وفي الطريق .. انهمرت دموع فؤاد ، اثناء مسحه محادثاتٍ قديمة من جوّاله 

احمد : هل ستبقى صامتاً هكذا ؟ إخبرني بما حصل بينك وبين صديقك المُقرّب ؟

فؤاد بقهر : لم يعد صديقي ، بل اكبر مخادع بالدنيا !! 


ثم أخبره : بأنه تعرّف على فتاةٍ رائعة بالإنترنت .. ورغم انجذابه السريع منذ رؤية صورتها (المنشورة على صفحتها) إلاّ انه رفض إرسال صورته لها ، رغبةً بأن تحب روحه وشخصيّته اولاً ! على حسب نصيحة سعيد له (العريس) .. 

وبعد شهور طويلة من الحب القوي بينهما ، تغيّر فؤاد بمعاملته معها ! وصار يحادثها ببرود ، ويفتعل المشاكل ..ويثير غيرتها ، بادّعائه التعرّف على غيرها .. كما محادثته لها بقلّة إحترام ، والإستهانة بأفكارها واحلامها المستقبليّة .. وايضاً محاولة إبعادها عن عائلتها وأصدقائها .. وكل هذا كان تنفيذاً لمشورة سعيد ونصائحه المُدمّرة .. وبالنهاية ، نفذ صبر حبيبته التي ألغت متابعتها لصفحته .. وانقطعت العلاقة بينهما لأكثر من عام.. 


وهنا اخذ فؤاد نفساً طويلاً ، قبل ان يقول :

- والبارحة بالصدفة ، زرت سعيد في منزله .. الذي يبدو انه تضايق من زيارتي المفاجئة له .. وكنت لاحظت اهتمامه بشكله بالفترة الأخيرة ، دون ان يُخبرني باقتراب عرسه .. وعندما دخل المطبخ لإعداد الشايّ لي .. لمحت صفحة حبيبتي على حاسوبه ! فاستغلّيت غيابه ، لقراءة محادثته معها.. ظناً بمحاولته الإصلاح بيننا ، لأجد انه يحادثها على كونه انا ! فأنا لغبائي شاركته كل اسراري معها ، وهو استغلّ ذلك للتقرّب منها

- هل حبيبتك هي عروسته التي ..

فؤاد مقاطعاً بخيبة امل : للأسف ، نعم ! تأخّرت بمعرفة الصالة التي يقيم فيها عرسه ، لتنبيهها على خداعه .. لكن ليس بيدي دليل ضدّه ، فهي لم تسمع صوتي ولم ترى شكلي .. وحتى لوّ أخبرتها بقصصنا الخاصّة ، فلن يفيد .. لأنني..


احمد : شاركتها كلّها مع سعيد 

- نعم ، وهذه غلطتي الكبرى .. وسأندم عليها العمر كلّه

- يبدو ان مدحك لها ، جعله يتمنّاها لنفسه

فؤاد بغيظ : اللعين !! أعطاني النصائح للبعد عنها ، بحجّة ان النساء يعشقن الرجل صعب المنال .. ولم اكن اعرف انه يُخطّط للتقرّب منها ! 

- وماذا ستفعل لحلّ المشكلة ؟

- وماذا عليّ فعله بعد عقد قرانهما .. (ثم تنهّد بضيق) .. رجاءً أعدني الى بيتي .. وكان الله في عوني بأسوء ليلة في حياتي ، وانا أتخيّلهما معاً ..

احمد مقاطعاً : توقف يا فؤاد ، ستؤذي نفسك بالتفكير بهذه الطريقة

- كل املي ان يأتي يوم وتلاحظ الإختلاف بيننا ، وتكتشف الحقيقية 

- وهل يمكنك الزواج بطليقة صديقك ؟ 

فؤاد بقهر : للأسف لا 


ولم يستطع احمد فعل شيء ، سوى إجباره على المبيت الليلة في منزله ، خوفاً من انتحاره .. وهو يشاهد فؤاد منهاراً ببكاءٍ مرير على خسارة حبّ حياته ، بحيلةٍ غادرة من صديق طفولته !  


الأربعاء، 8 يناير 2025

جزيرة الأمل

تأليف : امل شانوحة 

النقيضان


إستيقظ شابٌ (ثلاثينيّ) على صوت صبيّة (عشرينيّة) تهزّ كتفه :

- هل انت بخير ؟ رجاءً إفتح عينيك ، لا اريد البقاء وحدي على الجزيرة !!


وعندما عدّل جلسته ، وجد نفسه على الشاطئ ! ودخانٌ فوق سطح البحر ، بعد غرق حطام الطائرة مع بقيّة المسافرين .. 

فسألها بقلق : هل نحن الناجيّن الوحيديّن ؟!


وقبل ان تجيبه ، سمعا صراخ ولدٍ صغير ! فأسرعا نحوه ، ليجداه يحتضن اخته الطفلة (الغائبة عن الوعيّ) محاولاً السباحة بين الأمواج الهائجة  

فأسرع الشاب بإخراجهما من البحر ، وهو يُهدّئ الصبيّ (7 سنوات) الخائف على اخته الصغيرة (سنتيّن) التي فتحت عينيها اخيراً ، بعد قيام الصبيّة بالتنفّس الصناعي  


وبعد إبعادهما عن البحر ، سألها الشاب :

- هل تدرسين الطب ؟

الصبيّة : لا ، لكني تعلّمت الإسعافات الأوليّة بالمعهد.. وانت ؟

- تاجر ادوات طبّية

زينب باستغراب : تبدو صغيراً على كونك تاجر ! 

- انا أصغر تجّار السوق ، وأذكاهم

- أظنني لمحتك تجلس بالدرجة الأولى 

- هذا صحيح ، وإسمي خليل .. وانت ؟

- زينب .. 

- هل هما ولديّك ؟

زينب : لا ، كانا يجلسان خلفي مع اهلهما 

خليل : المساكين ! غرق والديهما مع بقيّة المسافرين .. 

مقاطعة : إخفض صوتك رجاءً ، لا تخيف الصبيّ على مصير اهله 

- ماذا سنفعل بشأنهما ؟ 

- سنكون المسؤوليّن عنهما ، لحين إعادتهما الى أقاربهما بعد خروجنا من هذه الأزمة


خليل بغرور : انت اهتمي بهما ، فلا قدرة لي على الأطفال.. ولوّ كنت متزوجاً ، لعيّنت أمهر المُربّيين لأولادي.. لكن لا نيّة لي بالزواج ، فجميع النساء خائنات و..

مقاطعة بعصبية : إسمعني جيداً !! لا يهمّني من تكون ، فأموالك لن تفيدنا هنا.. فأنا لاحظت تعاملك المُتعالي مع المضيفات ..ولا ادري ما مشكلتك مع النساء ! لكننا مُلزمان على التناوب الإهتمام بالطفليّن .. لذا عليك النضوج قليلاً ، وتحمّل المسؤوليّة.. فإما ان أقوم انا باستكشاف المكان ، للعثور على المزيد من الناجين حول الجزيرة ، مع البحث عن مياهٍ صالحة للشرب .. او اجلس مع الأولاد ، لتقوم انت بهاتيّن المهمّتيّن يا بطل 

- سأتغاضى عن نقدك المُستفزّ ، فأنت لا تعلمين الصعوبات التي مررّت بها في حياتي .. لذا إبقي معهما ، فأنا لا أطيق الصغار


ثم صعد الهضبة ، لاكتشاف الجزيرة من فوق .. بينما تمّتمت زينب بضيق:

- لا يطيق الأطفال ولا النساء .. يعني من بين كل المسافرين الطبيعيين ، علقت مع هذا المتغطرس ، المُعقّد نفسيّاً ! يارب صبّرني كي لا ارتكب جريمة على هذه الجزيرة ، وعجّل بالفرج القريب 

ثم نظرت للصغيريّن الخائفيّن :

- ماذا سأطعمهما ؟! ليت الحادث حصل بعد تناولنا طعام الطائرة


ثم تكلّمت مع الصبي :

- ما اسمك حبيبي ؟ 

- بلال ، وهذه اختي اوزايّ .. هل صحيح ما قاله الرجل : بأن والدايّ غرقا مع الطائرة ؟!

زينب : لا تبكي رجاءً ، هو ذهب للبحث عن ناجين آخرين .. فادعو له ان يجدهما بخير .. الى ذلك الحين ، عليك الإنتباه على اختك ، كيّ لا تمشي باتجاه البحر .. بينما اذهب للبحث عن شيءٍ نأكله ..

الولد مقاطعاً : ماذا بشأن حفّاظاتها ؟

فتنهّدت بضيق : سنحاول تنظيفها ، لأنه صعب إيجاد غيارتٍ لها 

- لن يكون الأمر سهلاً ، فهي مازالت صغيرة

زينب بضيق : اعلم هذا ، ولا خبرة لي بهذه الأمور .. لكن سنتعاون جميعاً لحلّ الأزمات التي ستواجهنا هنا ، تمام حبيبي

فهزّ رأسه موافقاً..

^^^


ثم ذهبت للبحث بين الأعشاب ، الى ان وجدت توتاً برّياً.. 

- سأتذوّقه اولاً ، عسى ان لا يكون ساماً .. آه جيد !! مذاقه رائع .. مع اني استغرب وجوده قرب الشاطئ ، فهو بالعادة ينمو بالجبال ! اتمنى ان لا يكون الولدان لديهما حساسيّة التوت

***


وبعد ساعتيّن ، عاد خليل .. ليرى الولد نائماً على كتف زينب ، بينما تنوّم الصغيرة على قدميّها وهي تغني لها .. 

فأخذ يستمع الى صوتها الحنون ، قبل ان تلاحظ وجوده .. فوضعت الطفلة النائمة بجوار اخيها ، واقتربت منه :

- رجاءً إخبرني انك وجدت شيئاً ينفعنا ؟

خليل : هناك شجرة ضخمة بالجهة الأخرى من الجزيرة ، مُجوّفة من الداخل .. يمكننا المبيت فيها ، للإحتماء من برد المساء  

زينب : وماذا عن الماء ؟

خليل : وجدت حفرة بأعلى الهضبة ، مملوءة بماء المطر .. تكفينا لأيام ، لحين هطول مطرٌ جديد

- جيد ، بقيّ توفير الطعام

- اعتدّتُ الصيد مع رفاقي على يختي بالعطل السنويّة ، لكن احتاج سنّارة..

مقاطعة : سنستبدلها برمح

- وماذا عن السكين لحدّ طرف الغصن ؟


فأخرجت من جيبها حجرةً مُسنّنة :

- وجدّتها بين الأعشاب ، وهي تصلح كسكين بالوقت الراهن

- ممتاز !! .. والآن ماذا عليّ فعله ؟ 

زينب : ستجلس قرب الطفليّن النائمين اثناء صنعك الرمح ، بينما أجمع اوراق الشجر لإشعالها .. فقد قاربت الشمس على المغيب ، والجوّ يزداد برودة 

- إذاً لننتقل الى جوف الشجرة ، ونُشعل بجانبها الأوراق بولّاعتي .. هكذا نتدفأ اكثر 

- سننتقل غداً ، لأن عليك إصطياد السمك قبل حلول الظلام  

^^^


وفي المساء .. تعاونت زينب وخليل على شواء السمكة (التي اصطادها بصعوبة برمحه الطويل).. وذلك بعد انتهائها من حفر كلمة : مساعدة (HELP) على الرمال لطائرات الإنقاذ


ثم انشغل خليل بتنظيف الّلقيمات للصغير من الشوك ، بينما هرست زينب جوز الهند للطفلة 

خليل : كنا محظوظيّن بإسقاط الثمرة بالحجارة 

زينب : أُجبرنا المحاولة أكثر من مرة ، خوفاً من إطعام السمك لطفلةٍ صغيرة  

- كان الله في عوننا ، ريثما تنتهي هذه الأزمة


وناموا تلك الليلة على الشاطئ ، حول شعلة النار

***


وفي الصباح الباكر ، جهّزا تجويف الشجرة للمبيت فيها .. 

وفي الوقت الذي أمضاه خليل في صيد اكبر عددٍ من الأسماك ، لنقلها معه للشجرة .. قضت زينب نهارها باللعب مع الطفليّن تحت المطر .. بينما راقبهم خليل من بعيد بابتسامةٍ حنونة ، بعد انبهاره بضحكات زينب الطفوليّة وبراءتها النادرة !

^^^


وفي المساء بعد توقف المطر ، انتقلوا جميعاً لجوف الشجرة .. وبعد إشعال خليل النار على مقربة من الشجرة (بعد تجفيفه الأوراق المُبتلّة) .. سألته زينب :

- هل نمت سيد خليل ؟

- نادني خليل ، لوّ سمحتِ .. ماذا هناك ؟

زينب : صحيح ان نومنا هنا ، ادفأ من الشاطئ .. لكني قلقة من وجود افاعي او عناكب سامة بين الأعشاب القريبة منا

- لا تقلقي ، انا نائم على مدخل الشجرة .. ومعي عصاتي المُسنّنة ، وسأحاول حمايتكم قدر المكان

- وانا لا اودّ ان يصيبك مكروه


فالتفت اليها بدهشة ! لتقول بارتباك :

- أقصد من الصعب بقائي وحدي برفقة الولديّن ، دون وجود رجلٍ معنا .. فأنا لا ادري ما تخبّئه الأيام القادمة 

خليل : لا تفكّري بالغد ، ولنعيش كل يومٍ بيومه.. هيا نامي ، فقد عملنا طوال النهار ..وكلانا مُتعبان ، وعلينا الإستيقاظ باكراً قبل الطفليّن 

- تصبح على خير .. خليل

(وكانت اول مرّة تناديه بإسمه فقط ! مما اسعده كثيراً)

***


وبمرور الأيام ، تعاونا فيها على الإهتمام بالصغيريّن اللّذين علّماهما : قضاء حاجتهما في مكانٍ محدّد من الشاطئ ، كيّ لا يُتعبا قريبهما بعد عودتهما لحياتهما الطبيعيّة (بعد نجاح زينب بتنظيف الصغيرة اخيراً) 


كما اهتمّا بالولد بعد إصابته بالحمّى ، وسهرا على تغيّر القماشة المبلولة على رأسه طوال الليل .. 

اما الطفلة ، فعلّماها نطق بعض الكلمات .. والتي بدوّرها أصرّت على مناداتهما : بماما وبابا .. دون منعها من ذلك ، كيّ لا يحرماها الكلمتيّن الثمينتيّن بعد وفاة عائلتها .. 


ومع مرور الوقت .. لاحظ خليل توافق زينب معه ، بطريقة تربيّته للصغيريّن على الأدب والإخلاق .. مما زاد احترامه لها 

***


وفي إحدى الليالي ، بعد نوم الولديّن .. سألها لأوّل مرة : 

- لما لست مخطوبة حتى الآن ، مع انك مُثققة وجميلة ؟

- بسبب زوج امي الذي كرّهني كل الرجال

- هل كان يعتدي..

مقاطعة : لا طبعاً !! كنت قتلته لوّ تجرّأ على ذلك .. كل ما هناك انه يُفرغ غضبه عليّ.. مما حرمني الإحساس بالأمان في منزله ، خاصّة مع نقده المدمّر الذي جعلني أهرب منه 

خليل : تقصدين السفر وحدك ؟ 

- كنت وجدت عملاً في المدينة الأخرى .. فاستغلّيت خروجهما من المنزل ، لتوجّه للمطار دون علمهما .. ثم أبلغت امي بانتقالي للمدينة المجاورة ، اثناء جلوسي بالطائرة قبل سقوطها  

- الم تحزن امك لغيابك المفاجئ ؟

زينب : هي ضعيفة امام زوجها .. وتُجبرني على تنفيذ اوامره ، كأني خادمته ! لذلك فكّرت بنفسي هذه المرة ، وهربت من جحيمه .. ماذا عنك ؟ لما تكره كل النساء ؟ هل يُعقل ان شاباً وسيماً وثريّاً مثلك ، لم يعشق في حياته ؟!


فتنهّد بضيق : أحببت مرّةً واحدة .. ابنة الجيران التي كبرت معها ، وتعلّقت بها جداً

- وماذا حصل ؟

خليل بقهر : زوّجها والدها لعجوزٍ ثريّ

- الم تدافع عن حبك امام عائلتها ؟!

- ظننت في البداية انها خائفة من والدها ..لكن بعد رؤيتها تضحك بسعادة في السوق ، عقب شراء خطيبها كل ما تتمنّاه ! علمت انها تركتني بإرداتها 

- لكنك ايضاً ثريّ ، حسب كلامك ! 

خليل : كنت مُتخرّجاً حديثاً من الجامعة .. وبسببها تركت الدراسات العليا ، وجازفت بميراث والدي بالتجارة .. وكنت محظوظاً بشراء شحنة مُطهّرات ، قبل إعلان الطوارئ بمرض الكورونا.. وبعتها جميعاً بضعف ثمنها .. ثم كنت السبّاق بشراء الكمّامات وأقنعة الأكسجين التي اشتروها مني اصحاب العيادات الطبّية .. وبعدها فتحت شركة أدوات طبّية ، خاصّة بالمعاقين .. وأصبحت الأول في تخصّصي بين التجّار ، رغم صغر سني .. لكن ما الفائدة بعد أن أصبحت حبيبتي أمّاً لطفل العجوز المُتصابي.. لذلك أكره النساء ، فجميعهن استغلاليّات وخائنات !! 

- اصابعك لا تشبه بعضها ، وكذلك النساء .. فليس جميعنا نُفضّل المال على الحب .. كما لسنا كلنا رخيصات ، كما وصفتنا !


خليل : لاحظت ذلك بك ! فأنت منعتني الإقتراب منك ، واحتفظتِ بمسافةٍ بيننا .. كما انك لم تكترثي بكلامي عن ثروّتي وفلّتي الفخمة !

زينب : لأن المال لا يعني السعادة ، بل الأهم هو راحة البال والأمان النفسيّ.. لا تصدّق كم ليلة تمنيّت الموت ، خوفاً من ان يحطّم زوج امي باب غرفتي لضربي بعنف ، كأني عدوّته الّلدود ! 

- اللعين ! جيد انك هربتي منه

- أُنظر حولك ، لم أنجح بالهرب منه .. فعندما ينقذوننا ، سيعيدونني اليه.. لأني حتماً خسرت الوظيفة ، بعد إسبوعين من وجودنا هنا 

خليل : اذاً ما رأيك لوّ تعملي في شركتي ؟

- وماذا اعمل ؟!

- الم تقولي انك درست المحاسبة في المعهد ، ولغتك الأجنبيّة جيدة ؟

- نعم

خليل : اذاً سأوظّفك في ادارة مبيعات شركتي ، وبراتبٍ جيد

- أتمنى ذلك ، لكن ماذا بشأن السكن ؟

- يمكنك البقاء بغرفة الضيوف بفلّتي

زينب بعصبية : هل جننت ؟! لا طبعاً !!

- لماذا ؟!

- انت غريبٌ عني .. أتريد الناس ان يسيئوا الظن بسمعتي ؟


خليل : أتدرين ان معظم الفتيات اللآتي حاولنّ جذب انتباهي منذ ثرائي ، كنّ يترجّين زيارتي ؟

زينب بقلق : وهل باتوا عندك ؟! .. (بعصبيّة).. لماذا تضحك ؟!

- ليتك رأيتي نظرتك الحادّة ، ايتها الغيورة 

- ليست غيرة ، بل خوفاً عليك من الحرام

خليل : لا تقلقي ..فقد أخبرتك سابقاً بأن حبيبتي كرّهتني صنف النساء.. لذلك منعتهنّ الإقتراب مني

فتنهّدت بارتياح : هذا جيد

فقال مُبتسماً : أتريدين إقناعي بأنها ليست تنهيدة فتاةٍ غيورة ؟

فردّت بعصبية : ومما أغار ؟! انا لا اعرفك

- نحن معاً منذ اسبوعين .. وربما اهتمامنا بالطفليّن ، جعلك تشعرين أننا عائلةً حقيقية


زينب مُعاتبة : تتكلّم وكأني خططتّ للقائك ! فالقدر جمعنا معاً : فتاةٌ تكره الرجال ، وصبيّ يكره النساء

- عمري ثلاثين ، وتصفينني بالصبيّ ؟!

- لديّ قدرة على التعامل مع الشخص الذي امامي ، حسب طفله الداخليّ.. فأنت بالنسبة لي صبيٌّ صغير ، يقفز فرحاً كلما اصطاد سمكة لنا

خليل : وانت بالنسبة لي ، طفلةً عنيدة

- انا تحمّلت المسؤليّة منذ صغري ، فكل اعباء منزل امي على ظهري

- حسناً لا تغضبي.. كنت اريد إفهامك : أن الصبيّ الذي امامك ، مُهتمّاً بالصبيّة الجميلة التي بجانبه

زينب بقلق : ماذا تقصد ؟!

- إن نجونا من هنا ، سأطلب يدك من زوج امك 

- لا !! انا اكره الزواج ، فمعظم ايامها شجارات ودموع .. 

مقاطعاً : لا تأخذي تجربة والدتك الصعبة ، مقياساً لكل العلاقات الزوجيّة .. فليست اصابعك متشابهة ، وكذلك الرجال .. اليس هذا كلامك ؟


زينب : يعني ستعاملني بلطف ، رغم كرهك للنساء ؟!

- برأيّ ان نعطي الحياة فرصةً ثانية لإسعادنا .. وإن كنت مُتردّدة ، سيكون لكلاً منّا غرفته .. الى ان تتعوّدي على فكرة زواجنا 

- طالما سنكون مُنفصليّن ، فلما اقترحت الزواج ؟ 

خليل بقلق : لخوفي من بقائك في منزل الوحش 

- معك حق .. أشعر انني سأقتله ، إن حاول ضربي مجدداً .. لكن إقتراحك صعب .. فهناك خدم ببيتك ، وسيخبرون الناس بأن زواجنا مُزيّف 

- وماذا تقترحين ؟

زينب بتردّد وخجل : البقاء بنفس الغرفة ، بشرط نومي على الكنبة

- لن اسمح بذلك !! انت على السرير ، وانا على الكنبة

- كما تشاء

فابتسم لها بحنان

***


إستيقظا بعد ايام على صراخ الولد ، وهو يخبرهما بوجود سفينة قريبة من الشاطئ .. فأسرعا الى هناك ، ليقوما بالصراخ والتلويح بالأوراق المشتعلة ..الى ان تمّ إنقاذهما من الجزيرة

^^^


ليستقبلهم الصحفيّون بالمطار بعد عودتهم سالمين الى وطنهما .. بينما سارع العم باحتضان الطفليّن .. بعد أن ودّعهما خليل وزينب بالدموع ، للتعلّق بهما كأنهما اولادهما ! وبدوّره شكرهما على الإهتمام بأولاد اخيه المتوفي 


ثم شاهد خليل إستقبال زوج ام زينب البارد ، كأنه مُتضايق من بقائها حيّة ! حتى انه سمعه يتحدث مع صاحبه بالهاتف : عن خيبة امله بخسارته تعويض المطار على وفاتها ! مما جعله يوقفه جانباً .. 

ليردّ زوج ام زينب بضيق : ماذا تريد ؟ 

خليل بحزم : سآتي بنهاية الأسبوع لخطبة زينب منك 

- يبدو انك كنت على علاقةٍ معها بالجزيرة 

خليل بعصبية : إحفظ لسانك !! فزينب فتاةٌ مُتحفّظة 

- وماذا إن رفضت طلبك ؟ 


فهمس بإذنه بمبلغ المهر الضخم ، جعل زوج الأم يوافق على طلبه .. لكن بشرط : أخذها الى فلّته بعد عقد القران ، دون حفلة زفاف ! 

وهذا ما حصل فعلاً .. 

^^^


وفي غرفتهما ، وبعد تجهيزه الكنبة للنوم عليها.. قال لها :

- اعدك بتعويض حفلة زفافك الذي حرمك منها اللعين ، كمحاولته الأخيرة لقهرك 

زينب : لا تهمّني تلك الأمور ، يكفي ان اكون بعيدة عنه .. وأعان الله امي على جنونه وبخله .. (ثم غطّت نفسها باللحاف ، وهي تتثاءب بنعاس ).. كان يوماً طويلاً ..تصبح على خير ، زوجيّ العزيز 

- تصبحين على خير ، حبيبتي

***


لم يمضي اسبوع .. حتى سمحت باستلقائه جانبها ، بعد ادّعائه آلام ظهره من نومه على الكنبة ..

وبعد احاديث طويلة ، نامت على صدره بعد إحساسها بالأمان الذي افتقدته عقب وفاة والدها وهي صغيرة !

***


وهاهي اليوم تتجوّل مع اطفالها الثلاثة بجزيرة الأمل (كما سمّتها) بعد رحلةٍ بحريّة على يخت زوجها الذي أخبرهم عن المغامرة الشيّقة التي عرّفته بأمهم التي وصفها : بحبّ حياته وتوأم روحه.. 

وانتهت الرحلة : بشكر الله الذي جمعهما معاً ، كتعويض عن حياتهما الصعبة السابقة .. وهما يعدان اطفالهما بحياةٍ مُتفاهمة ، مليئة بالمحبّة والسعادة الدائمة  


الاثنين، 6 يناير 2025

المسافر المجهول

كتابة : امل شانوحة 

الإنتقال عبر الزمن


أُصيب مسافرٌ خمسينيّ بنوبة صرع ، امام موظّف جوازات المطار (وكان آخر الركّاب الذين نزلوا من الطائرة) .. 

وأثناء محاولة الحارسان تهدئته .. سحب الموظّف حقيبة المسافر المريض ، لختم جوازه .. قائلاً للحارسيّن :

- من الأفضل انهاء اوراقه سريعاً ، لتسليمه لأهله في قاعة الوصول


ليتفاجأ الموظّف بوجود عدّة جوازات للمسافر : بعضها قديم بصورةٍ صفراء اللون ، كأنها أُخذت مع بداية التصوير الفوتغرافي .. وبعضها جوازات حديثة (بتواريخ مستقبليّة من عشرين ، الى خمسين سنةً القادمة) والتي تُشبه الكروت الإلكترونيّة ! جميعها بنفس الإسم ، لكن بتواريخ ميلاد مختلفة !


وقبل إستيعابه الأوراق الرسميّة التي بين يديه ! شاهد المسافر ينهض من الأرض بتعبٍ والارتباك بعد رؤية حقيبته الصغيرة بيد الموظّف..

وبسرعة أخرج جهازاً صغيراً من جيبه (يُشبه القلم الفضيّ) وجّهه على عيون الحارسيّن ، اللذيّن تجمّدا في مكانهما .. وعندما اراد توجيه الشعاع الأحمر (الخارج من القلم) بوجه الموظّف ، تعطّل جهازه فجأة !

فتمّتم المسافر بضيق : لا !! ليس الآن 


فرفع الموظف يديه مُستسلماً ، وهو يقول :

- لن اخبر احداً بما حصل ، لكن رجاءً خذني معك

المسافر بدهشة : ماذا تقصد ؟!

- يبدو انك وجدت طريقة للسفر عبر الزمن 

- يعني انكشف سرّي ؟!

- سرّك ببئرٍ عميق .. لكن خذني معك ، فحلمي اكتشاف الماضي والمستقبل 

- اذاً تعال معي 

^^^


ودخلا معاً الى المصعد المُخصّص لموظفي المطار .. وهناك أخرج المسافر جهازه الثاني (يُشبه الآلة الحاسبة) وهو يمسك ذراع الموظّف : 

- ستشعر ببعض الدوّار ، لأننا سننتقل سريعاً للمستقبل .. لكن إخبرني اولاً ، أيّ سنة تريد اكتشافها ؟

الموظّف بحماس : 3000 ميلادياً

فطبع المسافر الرقم في آلته الصغيرة .. وسرعان ما اختفيا من المصعد !

***


إستيقظ الموظّف وهو يلبس ملابس قديمة (من صوف الماعز) بجانب المسافر :

- ماذا حصل ؟!

المسافر : نحن الآن في عصر 3000 ميلاديّاً

فنظر الموظّف حوله باستغراب : 

- واين المباني الشاهقة والطائرات والسيارات.. 

مقاطعاً : إختفى كل شيء بهذا الزمن 

الموظف بصدمة : كيف هذا ؟!

- بدأ انهيار الحضارة مع إشتداد الحرب العالمية الثالثة النوويّة التي دمّرت شبكات الإتصال والطيران .. كما تلوّثت الأراضي الزراعيّة والمياه الباطنية ، مما ادّى لانقراض ثلث العالم .. والثلث الآخر : إقتتلوا على الطعام والماء 


الموظف : تقصد لم يبقى سوى 3 مليارات نسمة ؟!

المسافر : وربما اقل ، لا احد يعلم بعد اختفاء الأوراق الرسميّة : كالجوازات والهويّات والحدود بين الدول ، عقب انشغال الناس بالسفر البرّي لتوفير متطلّبات الحياة

- تبدو حياةً مُملّة !

- وصعبة للغاية .. فأنا انتقلت الى هنا من قبل ، وانصدمت من عودة المقايضة في المبيعات بعد اختفاء العملات الورقيّة ! لذلك قرّرت اكتشاف الماضي فقط

- اذاً خذني للماضي

المسافر : وأيّ عصرٍ تريد ؟

- أي عصر قبل 2000 ميلادياً

- إذاً إمسك ذراعي جيداً

وطبع التاريخ في جهازه ، ليختفيا من المستقبل !

***


ليجدا انفسهما بجانب عشرات المُنقبين عن الذهب 

الموظف : اين نحن ؟ 

المسافر : نحن بسنة 1848 ، حين بدأت حمّى الذهب بكاليفورنيا 

الموظف بحماس : هذا جيد !! إن وجدنا الذهب قبل اولئك العمّال .. نعود لحاضرنا ، وبيعها بثمنٍ غالي

- سفري عبر الزمن هو لاكتشاف الحياة القديمة والحديثة ، فأنا دكتور جامعيّ..

مقاطعاً : اكيد قسم تاريخ

المسافر : نعم .. وبذلك اتأكّد من المعلومات المذكورة بالكتب ، قبل تدريسها لطلّابي

- لا تهمّني الحقائق التاريخيّة .. اريد العثور على الذهب ، لتحسين حياتي المستقبليّة

- كما تشاء ، سأذهب للسوق الشعبيّ .. وانت !! حاول إنهاء عملك سريعاً .. فلا يمكننا البقاء في أيّ عصر ، اكثر من نصف يوم 

^^^


وافترقا .. ليذهب الأستاذ لمحادثة الناس ، ومعرفة اهم الأحداث في عصرهم ..وتدوينها في كتابه الذي يؤلّفه عن حياة رعاة البقر في اميركا القديمة


في هذه الأثناء ، وجد الموظف قطعة ذهبيّة لامعة بالنهر .. ولغبائه ، أطلق ضحكة مجلّجلة ، لفتتّ انظار المُنقبين اليه .. ولأنه اسمر اللون .. هجموا عليه لسرقتها ، مُتهمينه بالتدخّل بأعمالهم .. وقيّدوا يديه وقدميه بالحبال ، ونقلوه لقاعة المحاكمة .. فصرخ مُطالباً باحضار الرجل الغريب عن منطقتهم 


وعندما قدم المسافر ، طلب محادثته على انفراد 

الموظف بقلق : رجاءً أخرج جهازك ، للعودة الى حاضرنا .. فقد رضيت بعملي كموظف جوازات مطار براتبٍ بسيط ، بدل ان يشنقوني هنا

المسافر : ستكون محظوظاً ان شنقوك .. فأنت عبد بالنسبة لهم ، وتعدّيت حدودك بلمس ذهبهم 

- هل سيجلدونني ؟!

- وربما يقطعون يديك للمس ممتلكاتهم ، لتكون عبرة للجميع

الموظف بخوغ : ارجوك أعدني للمطار !!

- نبّهتك سابقاً بأن لا تأخذ شيئاً من العوالم التي نذهب اليها 

- لم استطع التغاضي عن قطعة الذهب التي لمعت بوضوح اسفل النهر ، رجاءً أنقذني !!

وهنا صرخ الشرطي : 

- إنتهت المهلة !! هيا ابتعد ايها الرجل عن العبد ، لبدء محاكمته


فأمسك الموظف بذراع المسافر ، بخوفٍ شديد : 

- ارجوك لا تتركني هنا ، أخرجني من هذه الورطة !! 

المسافر : سامحني .. فعودتك للحاضر ، خطراً عليّ .. فربما تفضح سرّي الذي لا يعرفه حتى المقرّبين مني

- احلف انني لن أُخبر احداً !!

- اعتذر منك ، فأنت خالفت قوانين اللعبة


وخرج المسافر من القاعة ، قبل ساعة من إصدار الحكم على الموظف : بتشديد العبوديّة عليه كسارق ، وذلك بتأديّته الأعمال الشاقّة مدى الحياة ! 

^^^


بينما اختفى المسافر من تلك الحقبة الزمنيّة ، عائداً للمطار للقاء عائلته التي لا تعلم شيئاً عن مغامراته الزمانيّة المحفوفة بالمخاطر ! 


الضربة القاضيّة

تأليف : امل شانوحة    العدالة الدمويّة  إستيقظ الولد فزعاً (10 سنوات) بعد صوت قفل الباب ! ورغم وجود سلّمٍ طويل ، لكنه لم يسمع خطوات المُختطف...