تأليف : امل شانوحة
النقيضان
إستيقظ شابٌ (ثلاثينيّ) على صوت صبيّة (عشرينيّة) تهزّ كتفه :
- هل انت بخير ؟ رجاءً إفتح عينيك ، لا اريد البقاء وحدي على الجزيرة !!
وعندما عدّل جلسته ، وجد نفسه على الشاطئ ! ودخانٌ فوق سطح البحر ، بعد غرق حطام الطائرة مع بقيّة المسافرين ..
فسألها بقلق : هل نحن الناجيّن الوحيديّن ؟!
وقبل ان تجيبه ، سمعا صراخ ولدٍ صغير ! فأسرعا نحوه ، ليجداه يحتضن اخته الطفلة (الغائبة عن الوعيّ) محاولاً السباحة بين الأمواج الهائجة
فأسرع الشاب بإخراجهما من البحر ، وهو يُهدّئ الصبيّ (7 سنوات) الخائف على اخته الصغيرة (سنتيّن) التي فتحت عينيها اخيراً ، بعد قيام الصبيّة بالتنفّس الصناعي
وبعد إبعادهما عن البحر ، سألها الشاب :
- هل تدرسين الطب ؟
الصبيّة : لا ، لكني تعلّمت الإسعافات الأوليّة بالمعهد.. وانت ؟
- تاجر ادوات طبّية
زينب باستغراب : تبدو صغيراً على كونك تاجر !
- انا أصغر تجّار السوق ، وأذكاهم
- أظنني لمحتك تجلس بالدرجة الأولى
- هذا صحيح ، وإسمي خليل .. وانت ؟
- زينب ..
- هل هما ولديّك ؟
زينب : لا ، كانا يجلسان خلفي مع اهلهما
خليل : المساكين ! غرق والديهما مع بقيّة المسافرين ..
مقاطعة : إخفض صوتك رجاءً ، لا تخيف الصبيّ على مصير اهله
- ماذا سنفعل بشأنهما ؟
- سنكون المسؤوليّن عنهما ، لحين إعادتهما الى أقاربهما بعد خروجنا من هذه الأزمة
خليل بغرور : انت اهتمي بهما ، فلا قدرة لي على الأطفال.. ولوّ كنت متزوجاً ، لعيّنت أمهر المُربّيين لأولادي.. لكن لا نيّة لي بالزواج ، فجميع النساء خائنات و..
مقاطعة بعصبية : إسمعني جيداً !! لا يهمّني من تكون ، فأموالك لن تفيدنا هنا.. فأنا لاحظت تعاملك المُتعالي مع المضيفات ..ولا ادري ما مشكلتك مع النساء ! لكننا مُلزمان على التناوب الإهتمام بالطفليّن .. لذا عليك النضوج قليلاً ، وتحمّل المسؤوليّة.. فإما ان أقوم انا باستكشاف المكان ، للعثور على المزيد من الناجين حول الجزيرة ، مع البحث عن مياهٍ صالحة للشرب .. او اجلس مع الأولاد ، لتقوم انت بهاتيّن المهمّتيّن يا بطل
- سأتغاضى عن نقدك المُستفزّ ، فأنت لا تعلمين الصعوبات التي مررّت بها في حياتي .. لذا إبقي معهما ، فأنا لا أطيق الصغار
ثم صعد الهضبة ، لاكتشاف الجزيرة من فوق .. بينما تمّتمت زينب بضيق:
- لا يطيق الأطفال ولا النساء .. يعني من بين كل المسافرين الطبيعيين ، علقت مع هذا المتغطرس ، المُعقّد نفسيّاً ! يارب صبّرني كي لا ارتكب جريمة على هذه الجزيرة ، وعجّل بالفرج القريب
ثم نظرت للصغيريّن الخائفيّن :
- ماذا سأطعمهما ؟! ليت الحادث حصل بعد تناولنا طعام الطائرة
ثم تكلّمت مع الصبي :
- ما اسمك حبيبي ؟
- بلال ، وهذه اختي اوزايّ .. هل صحيح ما قاله الرجل : بأن والدايّ غرقا مع الطائرة ؟!
زينب : لا تبكي رجاءً ، هو ذهب للبحث عن ناجين آخرين .. فادعو له ان يجدهما بخير .. الى ذلك الحين ، عليك الإنتباه على اختك ، كيّ لا تمشي باتجاه البحر .. بينما اذهب للبحث عن شيءٍ نأكله ..
الولد مقاطعاً : ماذا بشأن حفّاظاتها ؟
فتنهّدت بضيق : سنحاول تنظيفها ، لأنه صعب إيجاد غيارتٍ لها
- لن يكون الأمر سهلاً ، فهي مازالت صغيرة
زينب بضيق : اعلم هذا ، ولا خبرة لي بهذه الأمور .. لكن سنتعاون جميعاً لحلّ الأزمات التي ستواجهنا هنا ، تمام حبيبي
فهزّ رأسه موافقاً..
^^^
ثم ذهبت للبحث بين الأعشاب ، الى ان وجدت توتاً برّياً..
- سأتذوّقه اولاً ، عسى ان لا يكون ساماً .. آه جيد !! مذاقه رائع .. مع اني استغرب وجوده قرب الشاطئ ، فهو بالعادة ينمو بالجبال ! اتمنى ان لا يكون الولدان لديهما حساسيّة التوت
***
وبعد ساعتيّن ، عاد خليل .. ليرى الولد نائماً على كتف زينب ، بينما تنوّم الصغيرة على قدميّها وهي تغني لها ..
فأخذ يستمع الى صوتها الحنون ، قبل ان تلاحظ وجوده .. فوضعت الطفلة النائمة بجوار اخيها ، واقتربت منه :
- رجاءً إخبرني انك وجدت شيئاً ينفعنا ؟
خليل : هناك شجرة ضخمة بالجهة الأخرى من الجزيرة ، مُجوّفة من الداخل .. يمكننا المبيت فيها ، للإحتماء من برد المساء
زينب : وماذا عن الماء ؟
خليل : وجدت حفرة بأعلى الهضبة ، مملوءة بماء المطر .. تكفينا لأيام ، لحين هطول مطرٌ جديد
- جيد ، بقيّ توفير الطعام
- اعتدّتُ الصيد مع رفاقي على يختي بالعطل السنويّة ، لكن احتاج سنّارة..
مقاطعة : سنستبدلها برمح
- وماذا عن السكين لحدّ طرف الغصن ؟
فأخرجت من جيبها حجرةً مُسنّنة :
- وجدّتها بين الأعشاب ، وهي تصلح كسكين بالوقت الراهن
- ممتاز !! .. والآن ماذا عليّ فعله ؟
زينب : ستجلس قرب الطفليّن النائمين اثناء صنعك الرمح ، بينما أجمع اوراق الشجر لإشعالها .. فقد قاربت الشمس على المغيب ، والجوّ يزداد برودة
- إذاً لننتقل الى جوف الشجرة ، ونُشعل بجانبها الأوراق بولّاعتي .. هكذا نتدفأ اكثر
- سننتقل غداً ، لأن عليك إصطياد السمك قبل حلول الظلام
^^^
وفي المساء .. تعاونت زينب وخليل على شواء السمكة (التي اصطادها بصعوبة برمحه الطويل).. وذلك بعد انتهائها من حفر كلمة : مساعدة (HELP) على الرمال لطائرات الإنقاذ
ثم انشغل خليل بتنظيف الّلقيمات للصغير من الشوك ، بينما هرست زينب جوز الهند للطفلة
خليل : كنا محظوظيّن بإسقاط الثمرة بالحجارة
زينب : أُجبرنا المحاولة أكثر من مرة ، خوفاً من إطعام السمك لطفلةٍ صغيرة
- كان الله في عوننا ، ريثما تنتهي هذه الأزمة
وناموا تلك الليلة على الشاطئ ، حول شعلة النار
***
وفي الصباح الباكر ، جهّزا تجويف الشجرة للمبيت فيها ..
وفي الوقت الذي أمضاه خليل في صيد اكبر عددٍ من الأسماك ، لنقلها معه للشجرة .. قضت زينب نهارها باللعب مع الطفليّن تحت المطر .. بينما راقبهم خليل من بعيد بابتسامةٍ حنونة ، بعد انبهاره بضحكات زينب الطفوليّة وبراءتها النادرة !
^^^
وفي المساء بعد توقف المطر ، انتقلوا جميعاً لجوف الشجرة .. وبعد إشعال خليل النار على مقربة من الشجرة (بعد تجفيفه الأوراق المُبتلّة) .. سألته زينب :
- هل نمت سيد خليل ؟
- نادني خليل ، لوّ سمحتِ .. ماذا هناك ؟
زينب : صحيح ان نومنا هنا ، ادفأ من الشاطئ .. لكني قلقة من وجود افاعي او عناكب سامة بين الأعشاب القريبة منا
- لا تقلقي ، انا نائم على مدخل الشجرة .. ومعي عصاتي المُسنّنة ، وسأحاول حمايتكم قدر المكان
- وانا لا اودّ ان يصيبك مكروه
فالتفت اليها بدهشة ! لتقول بارتباك :
- أقصد من الصعب بقائي وحدي برفقة الولديّن ، دون وجود رجلٍ معنا .. فأنا لا ادري ما تخبّئه الأيام القادمة
خليل : لا تفكّري بالغد ، ولنعيش كل يومٍ بيومه.. هيا نامي ، فقد عملنا طوال النهار ..وكلانا مُتعبان ، وعلينا الإستيقاظ باكراً قبل الطفليّن
- تصبح على خير .. خليل
(وكانت اول مرّة تناديه بإسمه فقط ! مما اسعده كثيراً)
***
وبمرور الأيام ، تعاونا فيها على الإهتمام بالصغيريّن اللّذين علّماهما : قضاء حاجتهما في مكانٍ محدّد من الشاطئ ، كيّ لا يُتعبا قريبهما بعد عودتهما لحياتهما الطبيعيّة (بعد نجاح زينب بتنظيف الصغيرة اخيراً)
كما اهتمّا بالولد بعد إصابته بالحمّى ، وسهرا على تغيّر القماشة المبلولة على رأسه طوال الليل ..
اما الطفلة ، فعلّماها نطق بعض الكلمات .. والتي بدوّرها أصرّت على مناداتهما : بماما وبابا .. دون منعها من ذلك ، كيّ لا يحرماها الكلمتيّن الثمينتيّن بعد وفاة عائلتها ..
ومع مرور الوقت .. لاحظ خليل توافق زينب معه ، بطريقة تربيّته للصغيريّن على الأدب والإخلاق .. مما زاد احترامه لها
***
وفي إحدى الليالي ، بعد نوم الولديّن .. سألها لأوّل مرة :
- لما لست مخطوبة حتى الآن ، مع انك مُثققة وجميلة ؟
- بسبب زوج امي الذي كرّهني كل الرجال
- هل كان يعتدي..
مقاطعة : لا طبعاً !! كنت قتلته لوّ تجرّأ على ذلك .. كل ما هناك انه يُفرغ غضبه عليّ.. مما حرمني الإحساس بالأمان في منزله ، خاصّة مع نقده المدمّر الذي جعلني أهرب منه
خليل : تقصدين السفر وحدك ؟
- كنت وجدت عملاً في المدينة الأخرى .. فاستغلّيت خروجهما من المنزل ، لتوجّه للمطار دون علمهما .. ثم أبلغت امي بانتقالي للمدينة المجاورة ، اثناء جلوسي بالطائرة قبل سقوطها
- الم تحزن امك لغيابك المفاجئ ؟
زينب : هي ضعيفة امام زوجها .. وتُجبرني على تنفيذ اوامره ، كأني خادمته ! لذلك فكّرت بنفسي هذه المرة ، وهربت من جحيمه .. ماذا عنك ؟ لما تكره كل النساء ؟ هل يُعقل ان شاباً وسيماً وثريّاً مثلك ، لم يعشق في حياته ؟!
فتنهّد بضيق : أحببت مرّةً واحدة .. ابنة الجيران التي كبرت معها ، وتعلّقت بها جداً
- وماذا حصل ؟
خليل بقهر : زوّجها والدها لعجوزٍ ثريّ
- الم تدافع عن حبك امام عائلتها ؟!
- ظننت في البداية انها خائفة من والدها ..لكن بعد رؤيتها تضحك بسعادة في السوق ، عقب شراء خطيبها كل ما تتمنّاه ! علمت انها تركتني بإرداتها
- لكنك ايضاً ثريّ ، حسب كلامك !
خليل : كنت مُتخرّجاً حديثاً من الجامعة .. وبسببها تركت الدراسات العليا ، وجازفت بميراث والدي بالتجارة .. وكنت محظوظاً بشراء شحنة مُطهّرات ، قبل إعلان الطوارئ بمرض الكورونا.. وبعتها جميعاً بضعف ثمنها .. ثم كنت السبّاق بشراء الكمّامات وأقنعة الأكسجين التي اشتروها مني اصحاب العيادات الطبّية .. وبعدها فتحت شركة أدوات طبّية ، خاصّة بالمعاقين .. وأصبحت الأول في تخصّصي بين التجّار ، رغم صغر سني .. لكن ما الفائدة بعد أن أصبحت حبيبتي أمّاً لطفل العجوز المُتصابي.. لذلك أكره النساء ، فجميعهن استغلاليّات وخائنات !!
- اصابعك لا تشبه بعضها ، وكذلك النساء .. فليس جميعنا نُفضّل المال على الحب .. كما لسنا كلنا رخيصات ، كما وصفتنا !
خليل : لاحظت ذلك بك ! فأنت منعتني الإقتراب منك ، واحتفظتِ بمسافةٍ بيننا .. كما انك لم تكترثي بكلامي عن ثروّتي وفلّتي الفخمة !
زينب : لأن المال لا يعني السعادة ، بل الأهم هو راحة البال والأمان النفسيّ.. لا تصدّق كم ليلة تمنيّت الموت ، خوفاً من ان يحطّم زوج امي باب غرفتي لضربي بعنف ، كأني عدوّته الّلدود !
- اللعين ! جيد انك هربتي منه
- أُنظر حولك ، لم أنجح بالهرب منه .. فعندما ينقذوننا ، سيعيدونني اليه.. لأني حتماً خسرت الوظيفة ، بعد إسبوعين من وجودنا هنا
خليل : اذاً ما رأيك لوّ تعملي في شركتي ؟
- وماذا اعمل ؟!
- الم تقولي انك درست المحاسبة في المعهد ، ولغتك الأجنبيّة جيدة ؟
- نعم
خليل : اذاً سأوظّفك في ادارة مبيعات شركتي ، وبراتبٍ جيد
- أتمنى ذلك ، لكن ماذا بشأن السكن ؟
- يمكنك البقاء بغرفة الضيوف بفلّتي
زينب بعصبية : هل جننت ؟! لا طبعاً !!
- لماذا ؟!
- انت غريبٌ عني .. أتريد الناس ان يسيئوا الظن بسمعتي ؟
خليل : أتدرين ان معظم الفتيات اللآتي حاولنّ جذب انتباهي منذ ثرائي ، كنّ يترجّين زيارتي ؟
زينب بقلق : وهل باتوا عندك ؟! .. (بعصبيّة).. لماذا تضحك ؟!
- ليتك رأيتي نظرتك الحادّة ، ايتها الغيورة
- ليست غيرة ، بل خوفاً عليك من الحرام
خليل : لا تقلقي ..فقد أخبرتك سابقاً بأن حبيبتي كرّهتني صنف النساء.. لذلك منعتهنّ الإقتراب مني
فتنهّدت بارتياح : هذا جيد
فقال مُبتسماً : أتريدين إقناعي بأنها ليست تنهيدة فتاةٍ غيورة ؟
فردّت بعصبية : ومما أغار ؟! انا لا اعرفك
- نحن معاً منذ اسبوعين .. وربما اهتمامنا بالطفليّن ، جعلك تشعرين أننا عائلةً حقيقية
زينب مُعاتبة : تتكلّم وكأني خططتّ للقائك ! فالقدر جمعنا معاً : فتاةٌ تكره الرجال ، وصبيّ يكره النساء
- عمري ثلاثين ، وتصفينني بالصبيّ ؟!
- لديّ قدرة على التعامل مع الشخص الذي امامي ، حسب طفله الداخليّ.. فأنت بالنسبة لي صبيٌّ صغير ، يقفز فرحاً كلما اصطاد سمكة لنا
خليل : وانت بالنسبة لي ، طفلةً عنيدة
- انا تحمّلت المسؤليّة منذ صغري ، فكل اعباء منزل امي على ظهري
- حسناً لا تغضبي.. كنت اريد إفهامك : أن الصبيّ الذي امامك ، مُهتمّاً بالصبيّة الجميلة التي بجانبه
زينب بقلق : ماذا تقصد ؟!
- إن نجونا من هنا ، سأطلب يدك من زوج امك
- لا !! انا اكره الزواج ، فمعظم ايامها شجارات ودموع ..
مقاطعاً : لا تأخذي تجربة والدتك الصعبة ، مقياساً لكل العلاقات الزوجيّة .. فليست اصابعك متشابهة ، وكذلك الرجال .. اليس هذا كلامك ؟
زينب : يعني ستعاملني بلطف ، رغم كرهك للنساء ؟!
- برأيّ ان نعطي الحياة فرصةً ثانية لإسعادنا .. وإن كنت مُتردّدة ، سيكون لكلاً منّا غرفته .. الى ان تتعوّدي على فكرة زواجنا
- طالما سنكون مُنفصليّن ، فلما اقترحت الزواج ؟
خليل بقلق : لخوفي من بقائك في منزل الوحش
- معك حق .. أشعر انني سأقتله ، إن حاول ضربي مجدداً .. لكن إقتراحك صعب .. فهناك خدم ببيتك ، وسيخبرون الناس بأن زواجنا مُزيّف
- وماذا تقترحين ؟
زينب بتردّد وخجل : البقاء بنفس الغرفة ، بشرط نومي على الكنبة
- لن اسمح بذلك !! انت على السرير ، وانا على الكنبة
- كما تشاء
فابتسم لها بحنان
***
إستيقظا بعد ايام على صراخ الولد ، وهو يخبرهما بوجود سفينة قريبة من الشاطئ .. فأسرعا الى هناك ، ليقوما بالصراخ والتلويح بالأوراق المشتعلة ..الى ان تمّ إنقاذهما من الجزيرة
^^^
ليستقبلهم الصحفيّون بالمطار بعد عودتهم سالمين الى وطنهما .. بينما سارع العم باحتضان الطفليّن .. بعد أن ودّعهما خليل وزينب بالدموع ، للتعلّق بهما كأنهما اولادهما ! وبدوّره شكرهما على الإهتمام بأولاد اخيه المتوفي
ثم شاهد خليل إستقبال زوج ام زينب البارد ، كأنه مُتضايق من بقائها حيّة ! حتى انه سمعه يتحدث مع صاحبه بالهاتف : عن خيبة امله بخسارته تعويض المطار على وفاتها ! مما جعله يوقفه جانباً ..
ليردّ زوج ام زينب بضيق : ماذا تريد ؟
خليل بحزم : سآتي بنهاية الأسبوع لخطبة زينب منك
- يبدو انك كنت على علاقةٍ معها بالجزيرة
خليل بعصبية : إحفظ لسانك !! فزينب فتاةٌ مُتحفّظة
- وماذا إن رفضت طلبك ؟
فهمس بإذنه بمبلغ المهر الضخم ، جعل زوج الأم يوافق على طلبه .. لكن بشرط : أخذها الى فلّته بعد عقد القران ، دون حفلة زفاف !
وهذا ما حصل فعلاً ..
^^^
وفي غرفتهما ، وبعد تجهيزه الكنبة للنوم عليها.. قال لها :
- اعدك بتعويض حفلة زفافك الذي حرمك منها اللعين ، كمحاولته الأخيرة لقهرك
زينب : لا تهمّني تلك الأمور ، يكفي ان اكون بعيدة عنه .. وأعان الله امي على جنونه وبخله .. (ثم غطّت نفسها باللحاف ، وهي تتثاءب بنعاس ).. كان يوماً طويلاً ..تصبح على خير ، زوجيّ العزيز
- تصبحين على خير ، حبيبتي
***
لم يمضي اسبوع .. حتى سمحت باستلقائه جانبها ، بعد ادّعائه آلام ظهره من نومه على الكنبة ..
وبعد احاديث طويلة ، نامت على صدره بعد إحساسها بالأمان الذي افتقدته عقب وفاة والدها وهي صغيرة !
***
وهاهي اليوم تتجوّل مع اطفالها الثلاثة بجزيرة الأمل (كما سمّتها) بعد رحلةٍ بحريّة على يخت زوجها الذي أخبرهم عن المغامرة الشيّقة التي عرّفته بأمهم التي وصفها : بحبّ حياته وتوأم روحه..
وانتهت الرحلة : بشكر الله الذي جمعهما معاً ، كتعويض عن حياتهما الصعبة السابقة .. وهما يعدان اطفالهما بحياةٍ مُتفاهمة ، مليئة بالمحبّة والسعادة الدائمة