الخميس، 25 يوليو 2024

كيك المستقبل

كتابة : امل شانوحة

توأم الروح


إعتاد شاب (في الثلاثين من عمره ، والمُتخرّج من معهد الكمبيوتر) على الإستيقاظ ظهراً بعد انتقاله لشقته الصغيرة ، حيث شعر بالوحدة بعيداً عن اهله.


وفي ذلك الصباح .. إستيقظ متضايقاً من جرس الباب ، فهو لا ينوي النهوض باكراً .. ليتفاجأ برجل التوصيلات (الدليفري) يعطيه كيكاً ، دون ذكر المُرسل الذي فضّل عدم تدوين إسمه على الهديّة ! 

فتساءل الشاب باستغراب :

((ليس اليوم عيد ميلادي ، ولا توجد مناسبة للإحتفال ! فمن ارسل هذا الكيك ؟!))


وعندما فتح العلبة ، وجد صورة صبيّة جميلة مطبوعة عليه ! مع عبارةٍ مكتوبة : ((سنةٌ سعيدة ، يا زوج المستقبل))


- من هذه الفتاة ؟! لا اعرفها ! أمعقول ان الكيك أُرسل ليّ بالخطأ ؟! يبدو ان صاحبة الكيك تحتفل بعيد زواجها ! 


واتصل برقم محل الحلويات الذين أكّدوا بأن عنوانه صحيح .. وأن المُرسل تواصل معهم على الواتسآب ، دافعاً ثمن الكيك مُسبقاً.. 

فطلب منهم إعطائه الرقم ، لأن صورة الفتاة على الكيك أعجبته كثيراً .. ليخبروه بأن الرقم حُذف من سجلّات هاتف المحل !


فتناول الكيك وحده ، المصنوع من الفواكه التي يحبها منذ طفولته ! مُتسائلاً عن هويّة الصبيّة المجهولة التي يبدو انها تعرفه جيداً ؟! وهو يتمنّى ان تكون عزباء ، لأن صورتها علقت في ذهنه للأبد !

***


بعد ايام ، واثناء تنزّهه في الحديقة العامة .. وجد اعلاناً لطفلةٍ مخطوفة (في العاشرة من العمر) مُلصقة على شجرة .. ولفت نظره ان لديها ذات الوحمة الحمراء على جبينها ، ونفس عيون الصبيّة الرماديّة المميزة (لصاحبة الكيك) !

فتساءل بقلق : هل اختها الصغيرة مخطوفة ؟! وهل يُعقل انهما توارثا نفس الوحمة الحمراء ؟! 


وأخذ العنوان من الإعلان ، وذهب لمنزل اهلها .. ليعلم ان الطفلة مخطوفة منذ شهور ، وليس لديهم ابناء غيرها ! 

***


بعدها بشهر ، توظّف الشاب بقسم الكمبيرتر بمركز الشركة .. 


وخلال الإسبوع .. شاهد مناماً لعرسه ، مع تلك الصبيّة الفاتنة ! وقرّر البحث عنها بسجلاّت الشرطة في إرشيفهم الإلكترونيّ .. 

وباستخدامه التقنيّة المتطوّرة ، إستطاع معرفة شكل الطفلة المخطوفة بالمستقبل .. لتظهر ذات الصبيّة (على الكيك) ! فهل هي مجرّد صدفة ؟! 

وقرّر متابعة قضيّة اختطاف الطفلة بنفسه ، دون إطلاع مديره او محقّق القضيّة بالأمر 

***


بعد بحثه الدقيق بملف المخطوفة : عرف ان المحقّق تجاهل شهادة صديقتها الصغيرة التي رأتها تذهب مع رجلٍ عجوز الى الحديقة ، والذي اعتاد إهدائها الحلوى فور خروجها من المدرسة !  


فتوجّه الشاب بعد انتهاء عمله الى الحديقة ، لسؤال المتواجدين هناك عن الطفلة المخطوفة (وهو يريهم صورتها) 


ومن حسن حظه ان هناك امرأة تتردّد دائماً على الحديقة القريبة من منزلها ، والتي أخبرته انها رأت عجوزاً يُجبر طفلةً باكية على ركوب سيارته .. فأسرعت بكتابة رقم سيارته بجوالها ، لشعورها بخوف الطفلة منه ! 


فأخذ الشاب الرقم منها ، بعد ان اراها بطاقة عمله بمركز الشرطة .. وبدأ بمتابعة تحرّكات السيارة من ادارة المرور (دون اطلاع مديره بالأمر) 


الى ان اكتشف بعد اسابيع : ان العجوز يذهب مرة في الشهر الى الميناء ، لتسليم طفلٍ نائم لقبطان سفينة ! 

ويبدو انه يخطف الأولاد من الحديقة ، بعد اعتيادهم على الحلوى التي يوزّعها عليهم .. ولأنه عجوز ، لم يلفت انظار الأهل والشرطة ! والذي ربما استغلّ شكله المُحترم ، لبيعهم لدعارة الأطفال او تجّار الأعضاء ! 

***


وبنهاية الشهر التالي ، إنتظره الشاب عند الميناء .. وعندما وجده برفقة توأميّن نائميّن (بالأصح مُخدّريّن) إتصل بمدير المركز الذي ارسل دوريّة للميناء ، التي قبضت على العجوز وعصابته الذين يرسلون الأطفال الوسماء الى الأثرياء العقماء! 

وبذلك عادت الطفلة الى ذويّها بعد سنة من اختطافها .. والتي تعلّقت كثيراً بالشاب الذي انقذها .. وبدوره زار منزل اهلها عدّة مرات ، قبل انتقاله للعاصمة

***


بعد 10 سنوات .. ورث الشاب (الذي اصبح رجلاً بالأربعين) شركة جده للحواسيب .. وفي يوم ، دخلت صبيّة لتقديم وظيفة في شركته .. فعرفها على الفور من وحمتها المميزة ، وهي ايضاً عرفت مُنقذها الحنون ..


وسرعان ما تصاحبا ، رغم فارق السن .. الى ان اخبرها بالكيك الغريب قبل سنوات ، المطبوع عليه صورتها الحالية ! وعن العبارة المكتوبة عليه 

فأجابته بابتسامة :

- اذاً عليك تنفيذ ما كُتب على الكيك

- لكني أكبر منك بعشرين سنة .. 

مقاطعة : لا يهم فارق السن ، فأنا اشعر بالأمان معك .. وهذا كل ما يهم الإنثى بعلاقتها مع الرجل 

- وانا أحببت صورتك ، حتى قبل بلوغك ! 


وبالفعل تزوجا بنفس اليوم الذي يُصادف حصوله على الكعكة الغريبة ، ليُصبح التاريخ ذكرى زواجهما !

***


في مدينةٍ اخرى .. حصل الشيء ذاته قبل سنوات ، مع امرأة تكره الرجال بسبب عنف زوج امها .. والتي تلقّت كيكاً مطبوعاً عليه صورة شابٍ وسيم ، تعلّقت به دون معرفة اسمه ! 

لتجده بعد سنوات بالصدفة في ناديٍ رياضيّ ، والذي أنكر إرساله الكيك لها !  وانتهت علاقتهما بالزواج ايضاً

***


وهذا ما حصل مع العديد من الأزواج الذين ارتبطوا بسبب الكيك الغامض الذي أُرسل لهم من نفس محل الحلويات ، التابع لمصوّر حفلات زفافٍ قادم من المستقبل والذي قرّر العودة للماضي لجمع العرسان ، عبر طباعة صورة توأم الروح من محل الكيك الذي استأجره لهذا الغرض .. وبذلك جمع المُحبّين بأطرف طريقة ، وأغربها على الإطلاق !


هناك 7 تعليقات:

  1. قرأت قبل يومين بالتيك توك ، تعليق احدهم : ماذا لو هناك كشك تصوير ، يُظهر صورة توأم روحك ؟
    فخطرت ببالي هذه الفكرة .. اتمنى ان تعجبكم

    ردحذف
  2. فكره جميله ..اعتقد انهم يحاولون فعل ذلك الان بالذكاء الصناعي ..واختراق الوعي ..لكننا لن نعيش لنرى هذا واقعا ..
    💀

    ردحذف
    الردود
    1. ليتهم يفعلون ، لوفّروا علينا الكثير من الآلام وخيبات الأمل

      حذف

  3. ✍️ ساهر...
    عرفة.. لماذا سمي بيوم عرفة؟!
    لأن الأرواح خرجت من ظهر أبينا آدم
    فتعارفت هناك فكل روح تعارفت مع
    توأمها الروح اللتي تشبهها..
    فتأتي الأقدار على مر الأزمان وتجمع
    كل روح بتوأمها بطرق ففي أغلب الأحيان لانستطيع إدراكها..
    تتعاقب السنين والأيام وتشاء الأقدار
    ماتشاء كما كُتِبَت وفي ظروف وتقلبات على صورة إبتلاء تلتقي الأرواح وجهاً لوجه وفي لحظة صمت وتخاطر بينهما " أنا اعرفك.. وهي كذلك تتخاطر وأنا كذالك أعرفك منذ زمن..
    تُرىٰ أين التقينا ببعضنا في أي مكان ومتى!!
    إنها الأرواح{ الأرواح جنودٌ مجندة، ماتعارف منها أُئتُلِف، وماتناكر منها أُختُلِف}

    أمل لاتكتب إلاَّ كل ماهو رائع
    تحياتي/ ساهر ،،،

    ردحذف
    الردود
    1. تعجبني تعليقاتك دائماً ، اخ ساهر .. وانتظر قراءتها مع كل قصة .. تحياتي لك

      حذف
  4. فكرة جديدة لم أقرأ عنها من قبل
    أحداث خالفت توقعاتي
    لا أعلم لما ذكرتني القصة بموضوع قرأت عنه زمان يفيد أنه أننا قد رأينا شريط حياتنا بالكامل ونحن بأرحام أمهاتنا لذا تحدث لنا أشياء مألوفة لنا وكأننا قد عشناها قبل أو نقابل أشخاص نشعر أننا رأيناهم في وقت ما
    أعلم أنه لا علاقة للأمر بالقصة لكن أجد تشابها
    تحياتي لك
    سيدة النور 🤍🕊

    ردحذف
    الردود
    1. يقال اننا التقينا بعالم البرزخ قبل خلقنا ، لذلك نألف ارواحاً قبل معاشرتها ، ونكره آخرين من النظرة الأولى .. واالله اعلم ! سعيدة ان القصة اعجبتك ، يا سيدة النور

      حذف

العرش اللاصق

تأليف : امل شانوحة  يوم الحساب إتصل بيدٍ مرتجفة بعد سماعه تكبيرات الثوّار في محيط قصره : ((الو سيدي .. لقد انتهى امري .. جنودي الجبناء هربوا...