فكرة : ابن العراق
كتابة : امل شانوحة
العلاج او الموت !
إستيقظ سبعة اشخاصٍ من تخديرهم داخل قبوٍّ مهجور ، بعد سماعهم للموسيقى عالية أزعجتهم جميعاً ، خصوصاً أصغرهم سناً الذي أغلق اذنيه بقوّة وهو يطالب بإيقافها بالحال
ثم عمّ الصمت لبعض الوقت .. قبل سماعهم لصوتٍ من الميكروفون المُعّلق ، بجانب كاميرا السقف ..لشخصٍ مجهول يقول لهم :
- اهلاً بكم برحلة العلاج الجبريّ !! ..وكما لاحظتم ، الباب الرئيسيّ للقبوّ مُغلق من الخارج بإحكام
- ماذا تريد منا ؟!!
الصوت : كما قلت قبل قليل ، اريد علاجكم من امراضكم النفسيّة التي عانيتهم منها لسنواتٍ عديدة
- ومن انت ؟!
- يمكنكم إعتباري صديقكم او عدوّكم ، حسب ردّة فعل كل واحدٍ منكم على خطّتي لعلاجه من الرهاب الذي يعاني منه.. وسأبدأ بكبيركم .. سيد جاك !! توجّه نحو..
العجوز (السبعينيّ) مُقاطعاً : لما علينا إطاعة اوامرك ؟!
الصوت : لأني لغّمت المبنى بقنابل موقوتة ، ستنفجر عند بزوغ الفجر ..وكما ترون من الساعة المعلّقة على الجدار ، فقد تجاوزنا منتصف الليل.. أيّ معكم 4 ساعات حتى الصباح .. يعني كل واحدٍ لديه ما يقارب النصف ساعة ، للتخلّص من عقدته التي أضرّته معظم حياته .. ومن يماطل منكم ، يُضيّق الوقت على المشترك الذي يليه.. لهذا ستنفذون اوامري بالحرف الواحد !! وكما تلاحظون ، وضعت سواراً إلكترونيّ مُحكماً حول ايديكم .. لمراقبة نبضات قلبكم ، لأن حياتكم تهمّني ..
شاب : وماذا سيكسب الفائز بمسابقتك ؟
الصوت : ربما يكون هناك اكثر من فائز .. وجميعهم سينالوا حرّيتهم ، بالإضافة لعلاجٍ نهائيّ من مشاكلهم النفسيّة
- ولما يهمّك مرضنا ؟
- لأن نجاحي بعلاجكم ، سيُفيدني علميّاً .. ولن أبوح بأكثر من ذلك.. المهم انني سأراقبكم من خلال الكاميرات الموزّعة بين طوابق المبنى .. والآن اريدك يا جاك ان تدخل المصعد الذي سأديره لك ، لإيصالك للسطح
العجوز بفزع : مستحيل !! لن اصعد للسطح في عتمة الليل
الصوت : اعرف جيداً رُهابك من المرتفعات ، وهذا سيكون امتحانك.. ان نجحت فيه ، تنزل بنفس المصعد للطابق الأرضيّ .. وستجد بموقف السيارت ٧ درّاجات ناريّة ، كل واحدة فيها مفتاحها .. تختار أيّ لونٍ تريد ، للعودة بها الى منزلك .. فهذا المبنى المهجور موجود على اطراف مدينتكم .. هيا !! ماذا تنتظر ؟!
العجوز بحزم : لن أصعد !! فلا شيء يُجبرني على تنفيذ أوامرك
الصوت : يالك من عجوزٍ طمّاع .. كنت اريد إخباركم بالمفاجئة بنهاية المسابقة : فكل شخصٍ ينجح بامتحانه ، يحصل على مئة الف دولار
الشباب بدهشة : أحقاً !
الصوت : نعم ، هذا وعدي لكم.. وانت يا جاك !! المبلغ حتماً سيُسعد زوجتك التي عاشت معك في ظروفٍ ماديّةٍ سيئة ، بسبب رهابك النفسيّ
^^^
فدخل العجوز طواعيّةً الى المصعد الذي يتحكّم به الشخص المجهول ، الذي عاد للتكلّم معه بعد وصوله للطابق السابع والأخير:
- أحسنت بضبط اعصابك يا جاك !! ستجد على يمين المصعد خمسة ادراجٍ للأعلى ، ستوصلك لباب السطح المفتوح
وحين فتح جاك الباب العلويّ ، تراجع للخلف بعد رؤيته السطح دون حوافه الإسمنتيّة!
فقال له الصوت :
- أترى الكشّاف الصغير المُضاء عند حافة السطح ، اريدك ان تُنزله معك في المصعد .. وبعدها تخرج من المبنى ، ومعك الجائزة الماليّة .. فالأمر سهلٌ جداً
فنزلت دموع العجوز خوفاً :
- رجاءً ، إرحم كبر سنّي.. سأُصاب بالدّوار إن نظرت للأسفل ، وأسقط ميتاً بعتمة الليل !
الصوت : انا افعل ذلك لمصلحتك ، فهذا علاجك الوحيد.. عليك مواجهة مخاوفك ، لأني حقاً اريد شفائك من رهابك
- ولما يُهمّك علاجي ؟! فقد تجاوزت السبعين ، ولم يعد يهم إن تعالجت من مشكلتي ام لا
- لا تطلّ الوقت على زملائك .. هيا اقترب بخطواتٍ ثابتة ، واحضر الكشّاف.. وسنضع جائزتك في المصعد.. فالمال سينفعك بدفع مصاريف بيتك الذي رهنته ، لعلاج زوجتك
العجوز بصدمة : كيف عرفت بمرضها ؟!
- اعرف كل شيء عن حياتك.. فرغم حصولك على درجة الإمتياز بالهندسة المعماريّة إلاّ انك تخليّت عن مهنتك ، لرفضك صعود المباني التي رسمتها ، لمعاينتها من وقتٍ لآخر .. وفضلّت التوظّف في مكتبةٍ عامة براتبٍ زهيد ! ولأن زوجتك تحبك ، لم تتخلّى عنك ، وتحمّلت الفقر معك.. على الأقل كافئها عن صبرها معك بأيامها الأخيرة
وكلامه شجّعه على الإقتراب ببطء من الحافّة المُهترئة ، وهو يتصبّب عرقاً رغم الجوّ البارد ! حيث ترنّح جسمه الهزيل مع الرياح التي تزداد قوّة ، كلما اقترب من الحافّة !
ثم انحنى بصعوبة دون عكّازه ، لإلتقاط الكشّاف المُضاء .. لكنه اخطأ بالنظر للأسفل .. فاختلّ توازنه ، وسقط مباشرةً من الطابق السابع !
***
بعد قليل في القبوّ ، قال الصوت لبقيّة المشتركين :
- للأسف ! فقدنا المتسابق الأول ، بعد فشله بعلاج رهابه من المرتفعات
فضجّ القبوّ بصراخ المشتركين الستة ، بعد إيقانهم خطورة المسابقة المُحتجزين فيها
الصوت : حسنا اهدأوا !! فجائزته أُضيفت لجائزة الرابح
- ماذا تعني ؟!
الصوت : كل شخص سيخسر المسابقة ، ستُضاف هديته للجائزة النهائيّة
الشاب باهتمام : يعني الفائز سيحصل على ٧٠٠ الف دولار ؟!
الصوت : بشرط !! ان يكون شجاعاً لعلاج عقدته المُزمنة ، بأقل من نصف ساعة
فتحمّس الشباب لأن معظمهم من الطبقة الكادحة ، مُضمرين أمنيتهم بالفوز وحدهم بالجائزة الكبرى !
الصوت : والآن دور المتسابق الثاني !! هيا يا جيم ، إقترب من المصعد
جيم بارتباك : سيدي ، الا يمكنك فتح باب الدرج ؟ فأنا مصاب بفوبيا الأماكن الضيّقة
الصوت : اعلم ذلك
جيم : صدّقني !! يمكنني الركض نحو السطح بزمنٍ قياسيّ ، فأنا رياضيّ مُحترف
الصوت بلؤم : انت من عليك تنفيذ اوامري ، وليس العكس !! إقترب من المصعد دون جدال
- لم أصعد فيه طوال حياتي ، ولا اعرف طريقة استخدامه
- لا تقلق ، فأنا من أتحكّم فيه
ودخل جيم الى المصعد مُرتجفاً..
^^^
واثناء صعوده لفوق .. أغمض جيم عيناه ، وهو يحاول التحكّم برجفة جسمه التي تزداد كلما أطال البقاء في المصعد الذي توقف بين الطابق السادس والطابق الأخير
وفور توقفه عن الصعود ، إنهار جيم وهو يصرخ بهستيريا :
- إفتح الباب يا ابي ، ارجوك !! اعدك ان لا اخطأ ثانيةً !!
الصوت : اهدأ يا جيم ، فأنا اعرف قصة زوج والدتك الذي حبسك مِراراً في الخزانة الضيّقة
فوقع جيم على ارضيّة المصعد باكياً :
- طالما تعرف رهابي جيداً ، لما حبستني في هذا المصعد الضيّق ؟! أتريد قتلي كالمتسابق الأول ؟!
الصوت : بل اريد علاجك .. لهذا سندردش معاً لنصف ساعة ، الى ان..
جيم مُقاطعاً بعصبيّة : رجاءً إخرجني من المصعد الآن ، وسأتحدّث معك كيفما تشاء
- بل ستبقى بالمصعد ، حتى أتأكّد من شفائك التامّ
- لكن نصف ساعة كثير .. والله كثير !
الصوت : وقد تبقى الليلة كلّها ، إن لم أقتنع بعلاجك من عقدتك.. وربما تكون السبب بتفجير المبنى بمن فيه ، إن ماطلت بالشفاء
- ارجوك ، لا استطيع التنفّس
- خُذّ شهيقاً وزفيراً بهدوء ، وحاول ضبط اعصابك .. فالأمر اسهل مما تظن
وبعد ثلاث محاولات لضبط انفاسه ، سقط جيم مغشياً عليه بعد تذكّر ماضيه الأليم الذي جعل وجهه مُزّرقاً !
مما اربك الرجل المجهول الذي حاول رفع صوته لإيقاظه :
- هيا يا جيم ، إستيقظ !! لا تنسى جائزة المليون.. حسناً ، سأقلّل مدة احتجازك الى خمسة دقائقٍ فقط
لكن جيم لم يتحرّك مُطلقاً !
الصوت بخوف : تماسك يا جيم ، سأنزل المصعد الآن !!
لكن قبل نزوله للطابق الأرضيّ ، ارتفع رنين السوّار الإلكترونيّ حول مِعصم جيم ! مُؤكّداً توقف قلبه من شدّة ما عاناه في طفولته الصعبة !
ليقوم مساعد الرجل الغامض بسحب جثة جيم ، ووضعها بجانب مدخل المبنى !
***
بعد قليل ، نزل المصعد فارغاً الى القبو .. ليُخبر الصوت بقيّة المشتركين بنتيجة جيم :
- للأسف ! فشلت ايضاً بعلاج عقدة المتسابق الثاني الذي توقف قلبه ، لجبنه من مواجهة ماضيه
- هل مات ؟!
الصوت بلا مبالاة : نعم .. والآن الدور على ..
الشاب غاضباً : توقف !! انت أخبرتنا في بداية المسابقة عن نيّتك بعلاجنا من امراضنا المُزمنة ، لكن اتضح انك تريد قتلنا جميعاً !
الصوت : الموضوع يتوقف على شجاعتكم في مواجهة عقدكم السخيفة ، لهذا حتماً سيفشل الجبناء.. وانا عند وعدي !! فمن ينجح بالمسابقة ، يحصل على جائزته الماليّة ، كتعويض عن ليلته الصعبة .. والآن من يجرأ منكم على دخول المصعد ، لبدء الإمتحان التالي ؟
فرفعت صبيّة يدها..
الصوت باستغراب : أحقاً !
جاكلين : نعم ، اريد الخروج من هنا بأسرع وقتٍ ممكن
- اذاً اقتربي من المصعد ، يا عزيزتي
^^^
ثم صعدت الى الطابق الثالث .. حيث طلب الصوت منها دخول غرفةٍ فارغة ومضاءة !
وعندما دخلت ، لاحظت ان نوافذها مُغلقة بألواحٍ خشبيّة ! فلم يعد لديها مخرج بعد إقفال باب الغرفة عليها اوتوماتيكيّاً ..
جاكلين بقلق : ماذا تحاول فعله ؟!
الصوت : أنظري للأعلى
فشاهدت صناديق بلاستيكيّة ، مُعلّقة بالسقف ..
وقبل ان تستوعب ما بداخلها ! إنقلبت فجأة ، لتسقط عليها آلاف الحشرات من الديدان والصراصير التي تعلّقت في ثيابها ..
فأصيبت بهستيريا مُطلقة ، لأن لديها رهاب من الحشرات (لأن بطفولتها : لاحقتها الدبابير بعد إسقاط عشّهم بكرتها ، فلدغوها في كل جسمها.. ومن يومها تخاف بشدّة من كل انواع الحشرات)
فحاول الصوت تهدأتها : نصف ساعة ، وسيدخل مساعدي لإنقاذك من الحشرات .. أصبري قليلاً !!
لكنها ظلّت تحاول خلع الباب دون فائدة ، وكذلك خلع الألواح الخشبيّة من النافذة الكبيرة .. ولشدّة فزعها من الحشرات التي تسلّلت اسفل ملابسها ! ركضت بقوّة باتجاه النافذة .. لينكسر الّلوح الخشبيّ ، مع النافذة التي خلفه!
وتسقط من فوق مباشرةً على رأسها ، وتموت على الفور !
***
وفي القبوّ ، أخبرهم الصوت بموتها .. ليعمّ الحزن بينهم ، بعد تأكّدهم من نيّته بقتلهم جميعاً !
الصوت ساخراً : أعجبتني ردّة فعلكم الهادئة ! ..والآن دورك يا اريك !! إقترب من المصعد
لكن الشاب تجمّد في مكانه ، وهو يحاول كتم غضبه !
الصوت : انت تعلم بأن مماطلتك ، ستقللّ الوقت على اصدقائك
اريك : انا لا اعرفهم !! ولم ألتقي بهم سوى اليوم .. لهذا لن أصعد الى أيّ مكان ، وسأبقى هنا حتى تفكّ أسري ، او تُفجّرني مع المبنى ..فهو اسهل من موتي بامتحانك المروّع
فإذّ بشاشة التلفاز القديم (الموجود بزاوية القبو) يُضاء لوحده : على مشهد ابنة اريك وهي تلعب مع صديقتها خارج المدرسة !
اريك صارخاً بصدمة : يا ملعون !! متى صوّرتها ؟!
الصوت : قبل يومين ..وقاتلي المحترف امام منزلك الآن .. فإن لم تنفّذ اوامري ، أقتل زوجتك ، وأخطف الصغيرة لتسليّتي الخاصة
اريك مُهدّداً بعصبية : أحلف إن وجدتك ، أن أقتلك بيديّ ايها السافل!!
- اذاً إصعد ايها الجبان ، وربما نتواجه في الطوابق العليّا
فاقترب غاضباً من المصعد الذي فُتح بابه ، للصعود الى امتحانه المجهول!
^^^
وعند الطابق الخامس ، أمره الصوت بالتوجّه ناحية الغرفة المضاءة..
ليحصل له كما حصل لجاكلين ، فالنوافذ مُغلقة بالأخشاب السميكة .. اما الباب ، فأقفل عليه فور دخوله الى هناك !
وفجأة ! فُتحت مرطباناتٍ ضخمة مُعلّقة بحبال السقف (اوتوماتيكيّاً) ليسقط فوق رأسه ، فضلات وروث حيوانات برائحتها النتنة التي لوّثت ملابسه بالكامل ..مما جعله ينهار تماماً ، ويبكي كطفلٍ صغير رغم عضلاته المفتولة !
((ففي مراهقته : سقط ببلاّعة اثناء لعبه قرب الغابة ! ولم يجدوه إلاّ بعد يومين ، أمضاهما وهو مُحاط بالأوساخ والقاذورات .. جعلت لديه فوبيا قويّة من القذارة التي تسبّبت بفشله في علاقاته السابقة بسبب هوسه بالنظافة والترتيب ، والإستحمام مرتين في اليوم !))
اريك بصوتٍ مرتجف : إخرجني من هنا ، ارجوك
الصوت : سأسمح لك بالإستحمام لاحقاً ، مع ملابس نظيفة .. لكن عليك تحمّل القذارة لنصف ساعة على الأقل
اريك : لا استطيع !! ..أكاد أختنق ، فأنا مصابٌ بالربو
- هذا وهم !! ففحوصاتك الصحيّة تؤكّد انك سليم ، وأن ضيق انفاسك هي نتيجة لمرضك النفسيّ
اريك بصدمة : كيف عرفت ذلك ؟! لا احد يعرف بمشكلتي ، سوى طبيبي النفسيّ مايكل.. أهو انت ؟!
ليعمّ الصمت فجأة ! وبذلك تأكّدت شكوكه .. فصرخ غاضباً :
- ايها اللعين !! آمنتك على اسراري الخاصة .. وبدل علاجي ، تريد قتلي ! أتدري ما سأفعله بك ، بعد خروجي من هنا ؟ سأذهب مباشرةً لنقابة الأطبّاء ، وسأفضح قتلك لمرضاك بمسابقتك الإجراميّة .. ولن أتركك قبل سجنك مُؤبّداً او حصولك على الإعدام ، ايها الحقير !!
وعمّ السكوت لبضعة دقائق ! تابع فيها اريك تهديداته .. قبل سماعه خطوات تقترب من بابه ..
اريك : يبدو انك خفت ايها الجبان .. هيا افتح الباب ، لأضربك مباشرةً على وجهك
لكن حارس الطبيب (المُقنّع) هو من دخل عليه ، مُشهراً مسدسه كاتم الصوت وهو يقول :
- هذه هديّة من طبيبك
وأطلق رصاصة في رأس اريك ، أردته قتيلاً !
***
في القبوّ ..
الصوت : يؤسفني إبلاغكم بمقتل اريك ، بعد فشله بامتحانه البسيط !
الشاب غاضباً : بل انت الفاشل بعلاجاتك الوهميّة !!
الصوت : أكل مرّة عليّ تذكيركم بأن موتهم في صالحكم ، فهي تزيد من قيمة جائزتكم .. فقد مات اربعة حتى الآن ، يعني أصبحت الجائزة 400 ألف دولار .. (ثم سكت قليلاً).. أتدرون شيئاً ؟!.. لقد قرّرت رفع قيمة الجائزة النهائيّة الى مليون دولار ، ستكون من نصيب الناجي الوحيد بينكم
فتغيّرت نظراتهم لبعض ، وأصبح كل واحدٍ يتمنّى موت الآخر لكسب الجائزة الكبرى !
الصوت : والآن دور ديانا !! هيا اقتربي من المصعد
^^^
وصعدت للطابق الرابع ، لتجد غرفة في وسطها مائدة مليئة بالحلويات واللحوم !
فقالت بارتباكٍ شديد : رجاءً لا تجبُرني على تذوّقهم !!
الصوت : تذوّقهم ! بل عليك انهاء المائدة كلّها ، لكيّ أفتح باب الغرفة من جديد .. وإلاّ ستعلقين هنا الى موعد تفجير المبنى ، مع المشتركيّن الذيّن لم يتسنّى لهما خوض الإمتحان بسببك
- سيدي .. انا لديّ رهاب من زيادة الوزن ، ولا استطيع الأكل كثيراً ..كما انني نباتيّة ، وأشمئزّ من اللحوم القذرة
- لكني اخترت لك أغلى وأشهى اطباق الّلحوم
ديانا : صدّقني لم اتناولها بحياتي
- هذا لأن امك (عارضة الأزياء) ربّتك منذ الصغر على الإهتمام بشكلك ، وعاقبتك بشدّة إن تناولت الحلويات كبقيّة الأطفال
بصدمة : كيف عرفت ؟!
الصوت : لا يهم !! ابدأي فوراً بقطعة الكيك الدسمة التي امامك
- ارجوك سيدي ..انا حقاً لا استطيع تناول اكثر من ثلاثة ملاعق
- انت هزيلةٌ للغاية ، وتبدين كفتاةٍ صغيرة !
ديانا : هذا مهم لعملي كمضيفة طيّران
الصوت مُهدّداً : إن لم تُنهي المائدة بأكملها ، سأرسل مساعدي لإجبارك بالقوّة على فعل ذلك !!
وبعيونٍ دامعة ، بدأت الأكل باشمئزازٍ شديد ((وهي تتذكّر نقد امها المتوفاة التي نعتتها بالسمينة والقبيحة ، كلما رأتها تأكل اكثر من الكميّة المسموحة لها !))
وبالكاد أنهت صحنها الأول ، حتى تقيّأت بزاوية الغرفة !
وبعد انتهائها ، قال الصوت بلا مبالة :
- إذا انتهيتي ، يمكنك العودة للطاولة لتناول المزيد
ديانا باكية : ارجوك ارحمني ، فمعدتي صغيرة وغير متعوّدة على الأكل بشراهة
الصوت بحزم : لن تخرجي من الغرفة ، حتى إنهائك جميع الأطباق
وتكرّر تقيّوئها عدة مرات ، حتى سقطت دون حِراك !
فسأله الحارس (الذي كان يراقب معه كاميرا غرفتها) :
- سيدي ! هل ارسلها للمستشفى ؟ فسوّار يدها يؤكّد إحتضارها
الشخص الغامض : مع انها لم تُنهي الا صحنين من خمسة ! لكن إذهب وافتح قفل بابها.. وإن استجمعت قواها ، يمكنها الخروج والنجاة بنفسها دون حصولها على الجائزة لفشلها بالإمتحان. .
المساعد : وفي حال ظلّت مكانها ؟!
- حينها تمتّ كبقيّة المتسابقين الفاشلين
^^^
بعد قليل ، في القبوّ :
الصوت : والآن جاء دور ..
الشاب مُقاطعاً بقلق : ماذا حصل للجميلة ديانا ؟!
- تركتها تحتضر
- ماذا ! ارجوك ساعدها !!
الصوت : الأمر متروكٌ لها .. آه لحظة ! هل سمعت ؟ انه رنين سوّارها ، يبدو انها لفظت انفاسها الأخيرة
الشاب صارخاً : ايها المجرم !!
- دورك الآن ايها العاشق .. هيا اقترب من المصعد
^^^
وصعد للطابق الأول.. وما أن أُقفل عليه باب الغرفة ، حتى سمع الصوت يقول :
- هل بدأت تشعر بالدوّار ؟!
الشاب بقلق : يعني قليلاً ! لما تسأل ؟!
الصوت : لأنه عندما خدّرناك بعد خروجك من منزلك ، حقناك ايضاً بكبسولةٍ صغيرة في ذراعك .. وقبل قليل ، فعّلتها إلكترونيّاً لضخّ السمّ (الذي فيها) في جسمك الذي يبدو انه يتفاعل معها ، حسب نبضات قلبك التي تظهر على شاشتي من سوّار معصمك .. وخلال دقائق ، ستنهار وظائف جسمك الواحدة تلوّ الأخرى
الشاب بصدمة : لما فعلت ذلك ؟!
- لعلمي برهابك من العلاج الطبّي ، وخصوصاً الإبر .. بعد قيام مريض الإيدز بغرز إبرته في يدك ، لعقابك على سوء معاملتك له.. لكن لحسن حظك انه لم ينتقل المرض اليك ، بسبب لبسك قفّازين سميكيّن .. ومع ذلك عشت رعباً ليومٍ كامل ، حتى ظهور نتائج تحليل دمك .. وبسبب ما حصل لك ، تركت مهنة التمريض الذي كنت بارعاً فيها ! لهذا ستجد بدرج الطاولة ، ثلاثة إبرٍ بألوانٍ مختلفة .. عليك اختيار احدها ، لحقن نفسك..
- وهل فيهم علاج للسمّ الذي نشرته في جسمي ؟!
الصوت : سأكون صادقاً معك .. إحدى الحقن فيها العلاج ..اما الثانية ، فمجرّد محلولٌ ملوّن .. والثالث سيضاعف السمّ في جسمك ، ويقتلك بغضون دقائق معدودة.
فتجمّد الشاب وهو ينظر للحقن الثلاثة بألوانها : الأحمر والأصفر والأبيض!
الصوت : من الأفضل ان تستعجل ، فنبضات قلبك تباطأت بشكلٍ ملحوظ
- لا !! انت لم تحقني بشيء ، وتحاول إيهامي بذلك
- اذاً إسمع رنين سوّارك الذي يظهر على جهازي
وأسمعه صوت دقات قلبٍ بطيئة ! وهو يقول :
- هذا هو صوت قلبك ، وأظنك كممرّض تعرف بأنها ضعيفة للغاية ..لهذا لا تتأخّر بأخذ العلاج ، وانهي الفوبيا التي لديك ..ثم أخرج من هنا مليونيراً ، ومُتشافياً للعودة للمهنة التي تتقنها
فأسرع الشاب بحقن نفسه بالمحلول الأبيض..
فضحك الصوت ساخراً :
- يالك من منحوس ! فالأبيض فيه سمّ ثعبانٍ قاتل .. بينما الإثنان بهما محلولاً ملوّناً
الشاب صارخاً : ايها الكاذب !! الم تقل ان في احدها العلاج ؟!
- علاج ماذا ؟ لم نحقنك بشيء .. فحارسي أحضرك الى هنا ، ببخاخٍّ منوّم .. وهاهو قلبك يتسارع بشكلٍ خطير !
وأسمعه نبضات قلبه السريعة..
الصوت : للأسف ! فشلت بالإمتحان ، لأن قلبك على وشك الإنفجار
فسقط الشاب على الأرض وهو يشعر بخوفٍ شديد .. واضعاً يده على قلبه الذي شعر بنبضاته السريعة التي توقفت بعد دقائق ، لشدّة خوفه !
***
في القبوّ ..
الصوت : مبروك مُقدّماً !! فأنت الناجي الوحيد.. وإن فزت بالإمتحان ، تكسب المليون دولار ، بالإضافة لشفائك من عقدتك النفسيّة .. فهيا يا بطل ، إقترب من المصعد
وبعد صعود المتسابق الأخير .. توقف المصعد قبل وصوله للطابق الثاني ، امام حائطٍ اسمنتيّ بين الطابقيّن !
ليعلو صوت الموسيقى المزعج ، لدرجة جعلته يُغلق اذنيه بقوّة ..
فرأى كلاماً مكتوباً إلكترونيّاً على شاشةٍ صغيرة ، مُعلّقة على مرآة المصعد:
((أعرف انك لن تسمعني بسبب الضوضاء التي لديك رهاب منها ، بعد ان رفع والدك صوت الموسيقى عالياً ، اثناء تقطيعه لجثة امك بالمنشار في قبوّ منزلك.. ولذلك تكره الضوضاء ، بعد إرسالك للميتم عقب إعدام والدك.. لهذا عليك تحمّل الموسيقى العالية لبعض الوقت))
الشاب صارخاً : الى متى ؟!!
فظهرت الإجابة على الشاشة :
((الى ان اتأكّد بأن هذا الإزعاج لم يعدّ يُؤثّر على نبضات قلبك التي تبدو مُتسارعة الأن ! وعندما تتحكّم بانفعالك ، تكون تعالجت تماماً .. حينها أُخرجك من المبنى المهجور))
فجلس على ارضيّة المصعد وهو مازل يضغط بقوّة على اذنيه (مُستذكراً منظر الدماء في قبوّ منزله بعد عودته باكراً من المدرسة ، لرؤية جريمة والده ..ولولا هروبه لمنزل الجيران الذين أبلغوا الشرطة ، لكان قتله ايضاً!)
وظلّ يتنفّس بصعوبة ، حتى توقفت الموسيقى اخيراً .. ليقول الشخص المجهول بحماس :
- مبروووك !!! انت الفائز الوحيد بين المشتركين الفاشلين .. الآن سأنزلك للطابق الأرضيّ .. وعليك التوجه مباشرةً لموقف السيارت .. ستجد حقيبة المليون دولار ، فوق مقعد أفخم الدرّاجات الناريّة (السبعة) المتواجدة هناك .. فأنت استحقيّتها بجدارة ، بعد تجاوزك لفوبيا الضوضاء .. ومنذ اليوم ، أصبح بإمكانك الإختلاط مع اصدقائك بحفلاتهم ومناسباتهم الإجتماعيّة التي كنت تتهرّب منها ..هنيئاً لك ، يا بطل !!
الشاب بغيظ : لن أخرج من هنا ، حتى أعرف من انت ؟
- ولما يهمّك الأمر ؟
- لأنك أردّت علاجنا في بداية المسابقة ، لكنك لم تكترث لموتهم جميعاً !
الصوت : كنت اريد علاجكم بالفعل لإنهاء بحثي ، وحصولي على جائزة علميّة لاكتشافي بأن علاج الفوبيات : هو بإجبار المريض على مواجهة مخاوفه ..لكن كل شيء تغيّر ، بعد سقوط العجوز الأخرق من المبنى .. حينها لم يعد يهمّني امركم
- وماذا استفدت من المسابقة ، سوى خسارتك للمليون دولار ؟
الصوت : لا تقلق بهذا الشأن ، فلديّ الكثير من المال.. وسأكسب المزيد بعد نشر المسابقة بالإنترنت المظلم ، مع مراهنات الأثرياء المُنحرفين على كل واحدٍ منكم .. قبل معرفتهم بالنتيجة النهائيّة ، وفوزك انت على بقيّة المنافسين
الشاب باشمئزاز : وهل حياة البشر بالنسبة لك ، أفلام ومراهنات ؟! أحلف انني سأبلّغ عنك الشرطة !!
- ومن سيصدّقك ؟
- سوّارك مازال في يدي ، وأكيد عليه بصمات حارسك الذي وضعه لنا بعد تخديرنا .. وحينما تقبض الشرطة عليه ، سيعترف عليك ايضاً
فتنهّد الصوت ، قبل أن يقول :
- أتدري ما الحماقة ؟ .. هي ان تُخبر عدوّك بخطتك ، للإيقاع به .. وانت غبيّ لدرجة انك لم تنتظر لحين إخراجك من المصعد ، الذي يبدو انك ستبقى فيه حتى تلفظ انفاسك الأخيرة
الشاب بقلقٍ شديد : ماذا تقصد ؟!
- أعني انني سأرحل مع حارسي ، ومعنا حقيبة المليون دولار .. ونتركك وحيداً بعد اطفائنا الكهرباء .. وبهذا تكون اخترت اسوء موتة من بين رفاقك : مُحاصراً بمصعدٍ مظلم ، حتى الموت خوفاً وجوعاً .. وكلّه بسبب لسانك الطويل الذي حرمك العودة ثريّاً الى أهلك !
فانهار الشاب باكياً : آسف ! ارجوك سامحني .. أعدك أن لا أتفوّه بكلمةٍ لأحد عن مسابقتك السرّية .. ولا اريد مالك ، فقط أخرجني من هنا .. أتوسّل اليك !!
- بصراحة لم أعدّ أثق بك ، بعد تهديدك المستفزّ.. وقبل ذهابي ، سأخبرك من اكون .. فالموضوع واضحٌ للغاية ، لأنه من المستحيل ان يعرف شخصٌ مجهول بأسراركم إلاّ اذا كان طبيبكم النفسيّ
الشاب بصدمة : الدكتور مايكل ؟!
الطبيب : نعم .. ففي جلستكم العلاجيّة الأخيرة ، قمت بتنويمكم مغناطيسيّاً لكيّ تحذفوني تماماً من ذاكرتكم ، تحضيراً للمسابقة .. لكن اللعين اريك ، هو الوحيد الذي تذكّرني بينكم .. ولا ادري كيف ! .. بجميع الأحوال ، فشلت خطتي بعلاجكم .. لكن بصراحة استمتعت بالتجربة ، فقد كنتم بالنسبة لي كفئران تجارب .. خاصة لعدم خسارتي الجائزة المالية بعد تهوّرك بتهديدي .. والآن !! أتمنى لك نوماً هانئاً ، ايها الأحمق المنحوس
ثم اطفأ نور المصعد .. فصار الشاب يطرق بكل قوته على جدران المصعد الجانبيّة (الحديديّة ، لمواجهته للحائط الإسمنتيّ بين الطابقيّن)
وهو يصرخ بهستيريا :
- أخرجوني من هنا !! ..ليساعدني أحد .. ارجوكم !!
ليرتدّ صدى صرخاته ببن ارجاء المبنى ، بعد ابتعاد الطبيب النفسيّ المجنون مع مساعده الذي لحقه بشاحنته المليئة بالدرّاجات الناريّة (الغير مُستخدمة) عائديّن للمدينة ، بعيداً عن الجثث الستّة مع الشاب الذي يحتضر ببطء وهو عالقٌ في العمارة المهجورة التي لن تنفجر ، لكذب الطبيب بتلغيمها من الأساس !