تأليف : امل شانوحة
الطبّاخة العربيّة
ما ان دخلت اماني الى غرفة اللّجنة (الخاصّة ببرنامج الطبخ الأمريكي الشهير) وهي تدفع عربة الطعام ، حتى تجهّمت وجوه الحكّام الثلاثة ! كوّنها اول عربيّة مُحجّبة تشترك في المسابقة ، بعد إنتهائها من طبخ البامية والأرز على طريقة الشرق الأوسط التي تنتمي اليها
فاقترب اول الحكّام لتذوّق طبقها :
- مذاق البامية غريب ، ولا يشبه الطعام الهندي !
فرفعت حبّة بامية صغيرة غير مقشّرة ، وهي تقول :
- نحن لا نختارها اكبر من هذا الحجم ، وعلينا تقشيرها مثل المبراة والقلم كيّ لا تخرج منها المادة المطاطيّة وتُفسد طعم الطبخة
ثم أرته طريقة تقليمها (تقميع) للبامية الصغيرة بالسكين..
الحكم : هذا سيأخذ وقتاً طويلاً !
اماني : يعني الكيلو الواحد يستغرق بحدود الساعتين .. لكن الطعم النهائي جدير بهذا التعب ، خاصة عندما يُطبخ بمرقة اللحم
- هو فعلاً طبقٌ مميز
ثم نادى الحكمين :
- تعالا وتذوّقانه !! انه حقاً لذيذ
وقد أُعجب الثلاثة بطعم البامية الفريد من نوعه ، حيث سألها أحدهم:
- هل هذه شعيريّة ؟
اماني : نعم ، نحن بالعادة نقلي الشعيريّة مع الأرز
- ممتاز !
اماني بحماس : أهذا يعني انني إصبحت ضمن المشتركين في برنامجكم العالميّ ؟
ورغم امتعاض الثلاثة من كوّنها عربيّة ، لكنهم وافقوا بعد إعجابهم بطبقها المثاليّ
وبعد لبسها مئزر البرنامج .. توجّهت لأهلها الذين ينتظرونها بالخارج ، للإحتفال معها .. في الوقت الذي تناول فيه الحكّام الثلاثة ما تبقّى من صحن البامية ، لطعمه الفريد الذي لا يُشبه أيّ شيءٍ تذوّقوه من قبل !
***
وبدأت المسابقة مع عشرة طبّاخين قدموا من جميع انحاء اميركا ، لتقديم افضل ما لديهم ..
وكان طلب الحكّام الأول : هو طبخ البطاطا بطريقةٍ جديدة
فاختارت اماني طبقين : البطاطا المسلوقة ، والبطاطا الحرّة بالكزبرة
وقدّمتها على ثلاثة اطباق
فقال لها الحكم : يكفي طبقٌ واحد
اماني بنبرةٍ جادة : لنتفق على شيء منذ البداية .. فأنا سأخوض المسابقة على الطريقة العربيّة ، حيث اعتدنا تقديم الأطباق على حسب عدد الضيوف.. وبما أنكم ثلاثة ، فسأوزّع اطباقي عليكم بالتساوي.. لأن وصفاتي ستكون جديدة بالنسبة لكم ، لذلك ملعقة واحدة لن تكفيكم لاستيعاب طعمها المميّز
ورغم ضيق الحكّام من ثقتها الزائدة وقوّة شخصيتها ، إلاّ انهم تفاجأوا بأن البطاطا المسلوقة ليست مالحة كما تعوّدوا عليها ، بل حامضة كالسلطة ! وأن البطاطا بالكزبرة مميّزة ، رغم بساطتها .. لهذا وجدوا انفسهم ينهون طبقهم ، بعد ان علّمتهم طريقة اكلها بالخبز العربي ..
وبذلك فازت بالإمتحان الأول للجنة الحكم
***
في المسابقة الثانية : طلبوا منهم طبقاً حلّواً
فقدّم اكثريّتهم وصفات سريعة ومعروفة.. وكل من انهى عمله ، وقف مع زملائه على الشرفة العلويّة للمطبخ الضخم ، لمتابعة بقيّة المتسابقين الذين يسارعون بإنهاء طبقهم قبل انتهاء الوقت المحدّد .. لتبقى اماني آخر متسابقة في المطبخ المشترك ، بينما زملائها يتابعونها من فوق
فنادى الحكم : عليكِ ان تسرعي يا اماني ، فقد بقيت خمس دقائق فقط !!
فأخرجت صينيّتها من الفرن .. لتبدو شكلها من فوق (حسب ما رآه المشتركون من الشرفة) وكأنها جبنة سائحة !
فسخروا منها بصوتٍ خافت ، بعد تأكّدهم من خسارتها
لتفاجأهم بقلبها على صينيّة مستويّة ، وظهور السطح البنيّ الرائع للكنافة التي زيّنتها بالقطر والمكسّرات !
الحكم الثاني : بقيّت دقيقة واحدة على نهاية المدة !! إسرعي بتقطيعها ووضعها بالصحن
فأشارت بأصبعها للحكّام ثلاث ، برفضها تقطيع الصينيّة .. وسط دهشة بقيّة المتسابقين ! الى ان انتهى الوقت ..
ثم حملت الكنافة بحجمها الكبير ، ووضعتها امام الحكّام وهي تقول :
- اخبرتكم منذ البداية انني سأقوم بذلك على الطريقة العربيّة .. ونحن بالعادة نقطّع الصينيّة امام الضيوف ، لإعلامهم بصنعها خصيصاً لهم وليست بائتة في ثلاّجتنا
ثم قطّعتها امامهم ، ووضعتها كعادتها بثلاثة صحون .. ليندهش الحكّام من طعمها الغريب ! حيث قال احدهم :
- هي حلوة ومالحة معاً !
اماني : هي تشيز كيك بالنسخة العربيّة والتركيّة ايضاً.. وأُعدّت لأول مرّة قبل قرون من نسختكم المعروفة .. فالعرب القدامى عرفوا اهميّة خلط المذاقات المختلفة
فقال المشترك الحاقد من فوق :
- لا يمكنها الفوز بهذه الجوّلة ، بعد تأخّرها بتقديم طبقها !!
فردّ عليه أحد الحكّام :
- إنزل وتذوّق طبقها اولاً ، ثم أحكم ان كانت تستحق الفوز ام لا
ثم نادى الحكم الآخر على بقيّة المشتركين :
- الأفضل ان تأتوا جميعاً لتناول هذا الحلو الفريد من نوعه ، واحضروا اطباقكم معكم !!
فنزل الجميع من الشرفة .. ماعدا الحاقد الذي ظلّ يرمق اماني باستحقار ، وهو مُغتاظ من زملائه المستمتعين بطبقها المميّز ، بنكهة ماء الزهر في القطر
***
في المسابقة الثالثة : طُلب منهم نوعيّة من الطعام يمكن تناوله صباحاً او مساءً ، لوحدك او معك ضيوف ..
فاختارت اماني طبق الفتّة بالصنوبر
فاقترب الحكم الإيطالي من طبقها ، وهو يقول باشمئزاز :
- زملائك أعدّوا شرائح اللحم والدجاج والسمك ..وانت تقدّمين لنا خبزاً مُبلّلاً
وحمل صحنها ، متوجّهاً لسلّة النفايات .. لكنه توقف مصدوماً بعد صرخة اماني ، وسط دهشة الجميع !
- إيّاك ان ترميه !! إن كنت لا تريد تذوّق الفتّة ، فارجع مكانك ودعّ زميليك يتذوقان اطيب طبقٍ في حياتهما.. فهذه هي الأكلة المفضّلة لأهالي الشرق الأوسط ، ولا اسمح بإهانتك لأهم وصفات بلادي !!
فتراجع للخلف مُمتعضاً ! ليتقدّم الحكم الثاني ، ويتذوّق ملعقة منه ..قبل ان ينظر لزميله الإيطالي قائلاً :
- آسف يا صديقي ، لكنها حقاً لذيذة
وكذلك أعجبت الحكم الثالث.. فنادت اماني الحكم الإيطالي ، وهي ترفع ملعقة نظيفة نحوه :
- الآن دورك !! صدّقني هذا الطبق ، سيصبح طعامك المفضّل .. فهي فرصة لك ، لتذوّق اهم الطبخات العربيّة .. فوظيفتك كحكم ، هو تجربة الأطباق الجديدة
وبتردّد ، تناول ملعقة صغيرة .. قبل ان يقول بضيق :
- لا بأس بها
اماني بابتسامة : وهذا يكفيني.. رجاءً لا ترمي الطعام ثانيةً ، فهي نعمة من الله .. فهناك بشر يموتون حرفيّاً من الجوع حول العالم .. فلا تستهين بها ، كيّ لا يحرمك الله منها بآخر عمرك
واستغرب الجميع من وقوفها في وجه أقوى حكّام البرنامج دون تردّدٍ او خوف !
ومن بعدها عادت الى مكانها ، فور إعلان نجاحها في هذه الجوّلة ايضاً
***
في المسابقة التالية : طُلب منهم تذوّق طبقاً مجهولاً ، واكتشاف مكوّناته العشرة
وعندما وصل دورها ، سألت الحكّام :
- قبل تذوّقه ، هل فيه خمر او منتجات خنزير ؟
فأجابها الإيطالي : فيه القليل من الوسكي
اماني : لا يهمّ إن كان قليلاً او كثيراً ، فهو مُحرّماً في ديننا.. لهذا سأحاول تخمين المكوّنات دون تذوّق الطبق
والغريب انها استطاعت تخمين ٩ من ١٠ ، أيّ اكثر من بقيّة المتسابقين !
ثم قال الحكم : بقيّت دقيقتين لاكتشاف آخر مكوّنٍ بالطبق .. لكنكِ بجميع الأحوال ، فزتِ بالمسابقة
اماني : طالما الطبق هو السمك بالليمون ، فلابد ان هذه النقاط الخضراء هي الشبت
فصفّق الحكّام لكونها الوحيدة من المشتركين التي اكتشفت جميع المكوّنات بمجرد النظر للطبق ، دون تذوّقه ! مما اغاظ زميلها الحاقد الذي يتمنّى خسارتها في الجوّلات القادمة
***
في المسابقة التالية : كان عليهم العمل في المطعم التابع لأحد الحكّام ، حيث وُكّلت اماني بشواء اللحم
ولشدّة ذكائها ، كانت تضع عدداً من شرائح اللحم على المشواة ، فور رؤيتها للزبائن وهم يدخلون المطعم (من خلال الزجاج الفاصل الشفّاف بين الصالة والمطبخ) حيث توقعت بأن الرجال سيطلبون شريحة لحمٍ شبه ناضجة ، بينما النساء ستختارها مستويّةً تماماً..
وبذلك استطاعت بوقتٍ قصير انهاء جميع الطلبات ! مما اعجب الزبائن لسرعة خدمتها ..
وبعد انهاء عملها ، سمعت الحكم يلوم المشترك الحاقد لإفساده صوصّ الخضار.. فسارعت لتقديم المساعدة رغم تعبها الشديد.. واستطاعت حلّ المشكلة بوقتٍ قصير..
وبدل ان يشكرها زميلها على إنهاء مهمّته المُتعسّرة ، إقترح اسمها للطرد بعد انتهاء المسابقة !
فردّ عليه الحكم :
- لوّ كان الموضوع بيدي ، لطردتك على سوء طباعك ..فهي من انقذتك من شكوى الزبائن !
وكان تصرّفه متوقعاً بالنسبة لأماني التي دائماً تسمع تعليقاته الشائنة عن العرب قبل بدء تصوير الحلقة ، لهذا حاولت تجنّبه قدر الإمكان..
وعندما وصل دورها..سألها الحكم عن رأيها بأسوء طبّاخٍ في مسابقة المطعم ، لكنها رفضت الإجابة !
فردّ الحكم :
- عليكِ أن تجيبي ، فهذه قوانين البرنامج
اماني بحزم : أخبرتكم منذ البداية بأنه لا يهمّني الفوز بالمسابقة ، بقدر إظهار سلوكيّات العرب وعاداتهم الحميدة .. ونحن تربّينا منذ الصغر بأن لا نفتن على احد.. لهذا أفضّل عدم الإجابة
ولأوّل مرة بتاريخ البرنامج لم يضغط عليها الحكّام ، بعد إصرارها على موقفها الأخلاقي النبيل ! لهذا اكتفى الحكم بتنبيه المشترك الحاقد بالحرص على عمله بالمهام القادمة
***
في المسابقة التالية : كان عليهم إقتراح وجبةً خفيفة ولذيذة لحفلة الجنود العائدين من الحرب.. فقدّمت اماني للضابط الأمريكي (الذي كان ضيفاً على البرنامج) صحناً مليئاً بورق العنب ، وهي تقول :
- المشكلة بأطباقنا العربيّة أنها تأخذ ساعتين الى ثلاثة لإنهائها : كالفوارغ وكبّة بلبن والمحاشي بشكلٍ عام.. ولضيق وقت البرنامج ، إكتفيت بورق العنب دون الكوسا والباذنجان والفليلفة والبندورة والبصل والسلق التي تُحشى جميعها بالأرز واللحم المفروم في طبقٍ معروف بالعراق بإسم (الدولمة)
فتذوّق الضابط حبتيّ ورق العنب ، قبل ان يقول :
- طعمها غريب ! ولا يُشبه أيّ شيءٍ تناولته من قبل
اماني : كم حاربت في العراق ؟
الضابط : خمس سنوات
اماني : وكل هذا الوقت لم تتذوّق اكلتهم الشهيرة ؟!
- نحن لا نثق بهم
- تريدون حربنا دون تعلّم حضارتنا .. لوّ انكم فقط تذوّقتكم طعامنا اللذيذ ، لما أشهرتم السلاح في وجوهنا
وعادت لمكانها بعد ان لقّتنه درساً صدمه ، وصدم بقيّة الحكّام والمشتركين!
***
في المسابقة التالية : طلبوا منهم اطباقاً يمكن اكلها باردة ، للأشخاص العاملين والموظفين .. مما اسعد اماني ، لوجود العديد من هذه الأطباق في الشرق الأوسط .. لهذا عملت طوال الليل وحدها في المطبخ ، بينما يستريح زملائها في غرفهم بالطابق العلويّ
^^^
وفي الصباح .. قدّم كل واحدٍ منهم طبقاً إعتياديّاً ، بينما اماني صدمت الجميع بالعديد من الأصناف الباردة : مثل الحمّص والبابا غنّوج والتبّولة ، ولوبيا بزيت والهندباء ، ولبّ الكوسا والعدس بالحامض والمغمور (الباذنجان بالصلصة وحبّات الحمّص) ممّا جعلها الفائزة الأولى ، بعد إعجاب الحكّام بجميع اطباقها الباردة اللذيذة !
***
في المسابقة التي بعدها : طلبوا منهم طبخةً مُشبعة ، وغير مُكلّفة ماديّاً..
فقدّمت لهم اكلة (المكمورة) الملفوف بالأرز مع سلطة الملفوف ، والتي أعجبت الحكّام لدرجة انهم طلبوا الوصفة منها !
خاصة الطبّاخة العجوز (الضيفة) التي من المفترض تناول ملعقتين او ثلاثة (حسب قوانين البرنامج) لكنها نظرت للكاميرا قائلةً :
- لا تهمّني قوانينكم ، فربما لا اتناول هذه الوصفة الرائعة ثانيةً.. لهذا سأنهي صحني كلّه !!
وتناولته بنهم ، وسط ضحك الحكّام الثلاثة
***
في المسابقة التالية : نقلوا المتسابقين لإحدى القرى الريفيّة الأمريكيّة ، الخاصّة برعاة البقر.. حيث عليهم الطبخ لهم في حفلتهم السنويّة
فتفنّن المتسابقون بشواء اللحم والسمك والدجاج المقلي .. بينما اختارت اماني وجبة الفاصوليا بالأرز !
فسخر منها المشترك الحاقد ، لكونهم تناولوها آلاف المرّات .. فأجابته بثقة:
- لكنهم لم يتذوّقوها بالطريقة العربيّة
وبنهاية المسابقة ، سأل الحكم الرجال الريفيين عن طبقهم المفضّل .. فاختاروا جميعاً طبق الفاصوليا !
وحين سأل الحكم الطبّاخة اماني عن سبب اختيارها لهذا الطبق المُعتاد ؟
اجابت :
- هم تعوّدوا على تناول الفاصوليا من المعلّبات المليئة بالمواد الحافظة .. لهذا طبخت اكلتهم المفضّلة مع قطع اللحم والكزبرة التي حسّنت من مذاقها النهائيّ
واثناء حديثها مع الحكم ، إقترب منها ريفيّ عجوز ومعه علبة بلاستيكيّة :
- رجاءً .. هل يمكنكِ السكب لزوجتي ، فهي مريضة ولم تأتي الحفلة
فوضعت كميّةً كافية في علبته ، بابتسامةٍ حنونة..
وبسبب طبقها اللذيذ .. فازت على بقيّة المشتركين ، بإجماع المعازيم الريفيين
***
في المسابقة التالية : طلبوا منهم البيع بكشك امام الشاطىء ..
فاختارت شاورما الدجاح بالثوميّة ، وشاورما اللحمة بالطرطور.. بينما الأكشاك الأخرى قدّموا النقانق والدجاج المقلي والهمبرجر.
لتفوز بالمركز الأول ، بعد تجمّع المصطافون حول كشكها ..والذين انهوا طعامها بالكامل !
***
بنهاية البرنامج ..وصلت اماني للمرحلة النهائية مع المتسابق الأفريقي .. وكان عليهما اختيار فريقهما من زملائهما الذين فشلوا بالجوّلات السابقة
وسألها الحكم :
- من تختارين من زملائك السابقين ، ليكون ضمن فريقك الختاميّ ؟
ففاجأته باختيارها لزميلها الحاقد !
الحكم بصدمة : أحقاً تريدينه ؟!
اماني : هو بارع بالحلويات ، واحتاجه ضمن فريقي
واختيارها لأكثر مشترك ضايقها منذ بداية البرنامج ، جعله يتغيّر في معاملته معها ! مُنهيةً بذلك خلافها الطويل مع زميلها المشاكس
^^^
بعد اختيار كلا المرشحيّن لفريقهما المكوّن من اربعة طبّاخين ، كان عليهما كتابة قائمة الطعام للمسابقة النهائيّة..
فجمعت اماني فريقها جانباً :
- إسمعوني جيداً !! سيحضر المسابقة النهائيّة أفضل ستة طبّاخين بأميركا .. لهذا اعتبروا انفسكم تطبخون لهم ، وليس لي.. فربما تثيرون اعجاب احدهم ، للعمل في مطعمه الشهير.. لهذا سأدعكم تختارون لي قائمة الطعام
- نحن لا نعلم بالطعام العربيّ !
فسألتهم : ماهو الطبق الذي يمكنكم إعداده بعينين مُغمضتين ، لشدّة إتقانكم للوصفة ؟
فاختار كل واحدٍ طبخته المفضّلة ، التي دوّنتها بالمنيو ..
اماني : ممتاز !! اذاً هذه قائمتنا النهائيّة.. شرطي الوحيد : هو عدم استخدامكم الخمور او منتجات الخنزيز
زميلها : لكن التيراميسوّ لا يمكن عمله دون القليل من الخمر
فربتتّ على كتقه : رجاءً ، قمّ باستثناءٍ لأجلي
وفي الوقت الذي كان فيه فريق الطبّاخ الأفريقيّ يعانون من صراخه المتواصل ، لتقديم اطباقهم للحكّام بالوقت المناسب.. كانت الطبّاخة اماني تستمع مع فريقها للموسيقى الكلاسيكيّة بعد أن تركتهم يطبخون بهدوء ، مع إشرافها عليهم دون إزعاجهم بأوامرها
والنتيجة كانت صادمة ! حيث أنهى فريقها تقديم الأطباق الرئيسيّة مع السلطة والحلوى للحكّام الستة ، قبل الفريق الثاني الذي كان واضحاً عليه التوتّر والإجهاد .. ليس هذا فحسب ، بل أن فريقها تفوّق ايضاً بالطعم المميّز لأطباقه !
وعندما سألها الحكم عن السبب ، اجابته :
- لدينا شيء بالتراث العربي يُسمى النفس.. حيث يمكنك طبخ ذات المكوّنات لشخصين ، احدهما تحبه والآخر تكرهه .. لتلاحظ بأن الطعم اختلف في كلا الطبقين ! وهذا الطعم يختلف ايضاً من طبّاخٍ لآخر ، حتى لوّ استخدما ذات المكوّنات .. ونحن نسميّه (النفس الجيّد بالطبخ) والذي يتأثّر مباشرةً بالنفسيّة المُرتاحة .. لهذا تركتهم يطبخون على صوت الموسيقى الهادئة دون إزعاجهم بأوامري ، وأظنك لاحظت الفرق بالطعم
وبالفعل كان طعام فريقها افضل بكثير من طعام الفريق المتوتّر ! وبذلك فازت في البرنامج بجائزةٍ ضخمة : وهي مطعمٌ مُجهّزاً بأسمها .. حيث تمنّى الحكّام الثلاثة ان تعلّمهم بعض وصفاتها التي اعجبتهم في البرنامج .. كما وعدوها بزيارة مطعمها الجديد ، عقب افتتاحه..
وهي بدورها اقترحت على بقيّة المشتركين الخاسرين ، الإنضمام للعمل في مطعمها الجديد ، كلاً حسب الإختصاص الذي يريده : سواءً المشاوي او السلطات او الحلويات التي يبرع فيها.. بينما تكون مسؤولة عن الطعام العربيّ ، مع إحضارها لطبّاخين بارعين من عدة دولٍ عربيّة ..
فرفض بعض المشتركين إقتراحها .. بينما وافق اثنين على العمل معها ، كونها فرصة لا تعوّض لإظهار براعتهما ..
والغريب ان المشترك الحاقد كان من ضمن الموافقيّن على الإنضمام لمطعمها ، بعد إعجابه بإدارتها لفريقها في المسابقة الختاميّة !
***
في الحفلة النهائيّة .. تمّ تقديم الأوراق الرسميّة لمطعمها الجديد ، بحضور اهلها واصدقائها .. لكنها رفضت أن تُرشّ بزجاجة الخمرة الغالية ، التي أهدتها لمنافسها الأفريقيّ الذي قدّمها لزوجته بذكرى زواجهما
وبنهاية البرنامج .. تُوّجت اماني كأول عربيّة تحصل على لقب افضل طبّاخة في اميركا ، بعد نجاحها بإبهار الحكّام بأطباقها العربيّة الشهيرة .. بالإضافة لأخلاقها العالية ، مُظهرةً بلادها بأفضل صورة للإعلام والجمهور الغربيّ الذين أُعجبوا بشخصيّتها الطموحة ، واستقامتها النادرة بزمننا الحاليّ !