فكرة : اختي اسمى
كتابة : امل شانوحة
التطرّف الإرهابي
قبل انتهاء عظة الأحد .. التفت الحاضرون للخلف ، فور دخول سائحة عربية مُحجّبة الى الكنيسة بغرض تصويرها من الداخل !
في هذه الاثناء ، كان القسّيس يسأل رعيّته :
- هل لديكم سؤال او استفسار ؟
فرفعت العربية يدها ، فقال لمساعده :
- أعطها الميكروفون
ومن بعدها سألته :
- هل يعلم رعيّتك أن الحجاب فُرض على المسلمين اقتداءً بالسيدة مريم العذراء ؟
فنظروا جميعاً للقسّيس الذي أجابها :
- هذا صحيح
العربية : الم يذكر في رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس الإصحاح الحادي عشر ، بالنصّ (6) : ((إذ المرأة لا تتغطى ، فليُقصّ شعرها)) ؟
القسّيس : ذُكر ذلك بالفعل
العربية : اذاً لماذا تحاربون المحجبات ؟ اليس غريباً أن يتغاضى الإعلام عن عبّاد البقر وعبّاد الشيطان الذين يذبحون الأطفال كقرابين ، ويركّزون عدائهم على الإسلام ؟! أم لكونه دين الحقّ ؟
فضجّت القاعة وهم يطالبون بسكوتها ، خاصة السيدة العجوز التي اشارت لها بالخروج من كنيستهم
فحاول القسّيس تهدأتهم :
- رجاءً لا تشتموا داخل الكنيسة ، فهي ضيّفتنا .. تعالي يا ابنتي ، واجلسي في المقاعد الأماميّة..
لكن العجوز أصرّت على خروجها ، وعدم تدنيس كنيستهم بقذارتها ! فقالت العربية للقسّيس :
- كنت انوي مناقشتك بالدين ، لكن تلك السيدة لا تريدني بينكم ..لهذا لن اضايقكم .. (ورفعت يدها) ..السلام على من اتبع الهدى
وخرجت بهدوء من الكنيسة..
إلاّ أن طريقة سلامها استفزّ العجوز التي لحقتها للخارج ، وهي تناديها بغضب :
- هاى انت !! ايتها العربية القذرة
وفجأة ! دهستها سيارةً مسرعة .. فأسرعت العربية نحوها ، بعد رؤية قدم العجوز مكسورة وهي تصرخ بألم .. فطلبت من الناس المتواجدين هناك الإتصال بالإسعاف ، لكن معظمهم انشغل بتصوير الحدث !
فاضّطرت العربية لإسناد العجوز المتألمة على كتفها ، ووضعها في سيارتها.. والإنطلاق بها لأقرب مستشفى
***
بعد دفع العربية تكاليف تجبير قدم العجوز .. وقبل خروجهما من غرفة الطوارىء ، اعطتها جوالها وهي تقول :
- إتصلي بأبنائك ليعيدوك الى منزلك
العجوز : لست متزوجة ، ولا اولاد عندي
- اذاً سأوصلك بنفسي .. هيا بنا
- لما تفعلين ذلك ؟ إن كنت تظني أن بمعاملتك اللطيفة ستجعليني أغيّر رأيّ بالعرب الإرهابيين ، فأنت مخطئة تماماً
العربية : اساعدك لأنه واجبي .. رجاءً إخبريني بعنوان منزلك
***
وما أن وصلا الى مدخل الحيّ ، حتى قالت العربية بدهشة :
- يالها من صدفةٍ غريبة ! فمنزلي بآخر الشارع ، استأجرته قبل ايام بعد أن نصحني مسؤول الفندق بالسكن في منطقتكم الهادئة .. يبدو اننا جيران !
ثم ادخلتها منزلها .. وأجلستها على كنبة الصالة ، ووضعت العكّازين بجانبها..
العربية : سأجلب لك الماء
وحين فتحت البراد ، وجدته خالياً !
فاتصلت بمطعم البيتزا ، وتكلّمت معه بصوتٍ منخفض في المطبخ
***
بعد دقائق من بقائها بجانب العجوز ، قالت لها :
- يمكنك العودة الى منزلك
العربية : سأذهب فور وصوله
العجوز: ومن القادم ؟!
- لا تهتمي للموضوع.. آه لم اسألك ! هل لديك جارة مفضّلة ، كيّ اتصل بها للبقاء بجانبك ؟
- نعم ، أعطني هاتف المنزل يا..
العربية: إسمي نجوى ، سيدة مادونا
العجوز باستغراب : كيف عرفتِ اسمي ؟!
- لمحته من اوراق المستشفى
***
بعد قليل ..وصلت الجارة مع عامل البيتزا ، التي أصرّت نجوى على الدفع له..
وبعد وضع الطعام امام العجوزتين ، استأذنت بالرحيل
الجارة : الن تأكلي معنا ؟!
نجوى : لا شكراً .. سآتي غداً للإطمئنان عليك ، سيدة مادونا
مادونا بضيق : مهما حاولتي ، سأظلّ اكره المسلمين
نجوى : هذا شأنك ، فأنا اساعدك لنيل الحسنات .. فرسولنا وصّى على سابع جار.. اراك لاحقاً
***
بمرور الأيام .. حرصت نجوى على زيارة مادونا من وقتٍ لآخر .. وتحضير الطعام العربي الذي اعجبها كثيراً ، عدا عن جلّيها الصحون وإطعام قطط العجوز الأليفة
***
بنهاية الشهر .. رافقتها الى المستشفى ، لفكّ جبس قدمها .. ثم اعادتها الى منزلها ، التي تفاجأت به نظيفاً ومرتباً !
نجوى بابتسامة : إستغلّيت نومك البارحة عند جارتك ، وبأن مفاتيح منزلك بقيت معي ، لتنظيفه لك.. لا تقلقي كل شي في مكانه ، فقط ازلت الغبار عن الأرض والمفروشات
فسكتت مادونا قليلاً وهي تتأمّل ملامح نجوى الهادئة ، قبل أن تسألها :
- حدّثيني قليلاً عن دينك
نجوى بدهشة : أحقاً ! اذاً إسمعي هذه .. فرسولنا محمد طلب منا : أن نُبلّغ عنه ولوّ آية ، ومن بينها : هديةٌ كبيرة للمسيحيين
مادونا باهتمام : وماهي ؟!
نجوى : دعينا اشرح الموضوع قليلاً .. فنحن كمسلمين إن قصّرنا بالصلاة والصيام وغيرها من العبادات ، نذهب للحج لكيّ يغفر الله تقصيرنا بواجباتنا الدينيّة .. لكن في حال اذينا احداً بالقول او الفعل ، فلن يُغفر ذنبنا إلاّ بمسامحة المظلوم لنا ..وإلاّ سيلتقي الخصمان يوم القيامة ..ويأخذ من أذيناه ، من حسناتنا حتى يرضى .. فإن لم يرضى ، يعطينا من سيئاته ..وبذلك ندخل جهنم لنعاقب بذنبه ، الى ان يسامحنا الله .. بينما اهل الكتاب : حتى لوّ ارتكبتم جميع الذنوب والمعاصي ، وأذيتم الكثير من البشر وصولاً للقتل ! ..فبمجرّد قولكم الشهادة ، تعودون كما ولدّتكم امهاتكم .. فالإسلام يَجِبّ ما قبله
مادونا باهتمام : أتقصدين إنه بنطق الشهادة ، تُلغى جميع ذنوبنا السابقة ؟!
نجوى : نعم ..ولا يشترط جهركم بالإسلام ، بل يكفي أن تقولي بينك وبين نفسك : ((يارب !! لا يوجد اله غيرك ..والمسيح عيسى هو أحد انبيائك)) لتُغفر جميع ذنوبك .. صدّقيني ، قوليها مرة واحدة في حياتك ، وعن يقينٍ تام .. وستشفع لك يوم القيامة ، على الأقل لن تخلّدي في النار .. فجهنم لها سبع طبقات : الأطباق الستة السفلى ، كلهم مُخلّدين بالنار .. اما الطبقة العليا ، فيسأل الله ملائكته : من منهم يوجد في قلبه ذرّة ايمان ؟ أيّ وحّده ، ولوّ مرة في حياته ؟ (فالله يغفر الذنوب جميعاً ، ماعدا الشرك به) .. وحينها يخرج كل المتواجدين فيها ، ماعدا واحد فيقول : ((يارب ، لا تجعلني أشقى خلقك)).. فيخرجه الله ، ويكون له 10 اضعاف نعيم الأرض ! .. ارأيتِ كم الله رحيم بعباده .. فقط قولي في قلبك : ((أشهد أن لا اله الا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله)) لتحصلي على هدية الله لأهل الكتاب.. وهذه هي الرسالة التي اردّت توصيلها لك ..اللهم اني بلّغت ، اللهم فاشهد .. سأذهب الآن ، واراك غداً
وخرجت من منزلها ، تاركةً مادونا تتخبّط بأفكارها !
***
بعد اسبوع .. أُلقيّ القبض على العجوز بسبب فيديو مع افراد جمعيّتها السرّية من المسيحيين المتشدّدين لمحاربة المسلمين ، وقتلهم خلال صلاة الجمعة القادم ! كما تفجير مركز الشركة ، لتساهل رئيسها مع المسلمين
***
وفي مركز الشرطة .. وبعد رؤية مادونا للشريط المصوّر من داخل منزلها ! قالت بصدمة :
- كيف هذا ؟! انا لم اضع كاميرات في بيتي
وهنا ! دخلت نجوى الى غرفة التحقيق ، وهي تقول :
- انا سمحت للكهربائيّ بتركيب كاميرات بجميع غرفك ، اثناء تنظيفي منزلك .. ومن ثم توصيلها بمركز المخابرات الأمريكية الذين شكّوا بترأسك لجماعةٍ ارهابية من المسيحيين المتعصّبين
مادونا بعصبية : أهذا انت ، ايتها المسلمة النتنة ؟!!
نجوى : لا تشتمي ديني ، فنحن ايضاً كمسلمين نحارب الإرهاب بأنواعه
العجوز بغضب : الم تخبريني انك عائدة لبلدك بآخر الشهر ؟ فلما تورّطيني مع الشرطة قبل رحيلك ، ايتها الفضوليّة ؟
نجوى : انا مواطنة امريكيّة .. الم تسمعي بالجمعية النسويّة ؟
- أتقصدين النساء اللآتي يهربن من بلادهن ، للجوء الى الدول الأجنبية ؟
- بل هي جمعية للمطالبة بحقوق المرأة .. لكني للأسف تهوّرت في فترة مراهقتي ، وتخلّيت عن اهلي وبلدي ..والتجأت لأميركا ، لإكمال تعليمي .. وهم في المقابل اشترطوا لمنحي الجنسيّة ، أن اعمل جاسوسة لخدمة وطني الجديد .. وعلى فكرة ، السيارة التي صدمتك من طرفنا ..وسكني في حيّك لم يكن صدفة ، فأنا اراقبك منذ فترة
فصرخت مادونا : اللعنة عليك !! كنت على وشك تغيّر رأيّ بالمسلمين
نجوى : لا تحكمي على الإسلام من المسلمين ، فالقليل منّا يطبّقه جيداً.. فهو دينٌ رائع ، ومثال للمبادىء الإنسانيّة .. وفي حال اقننعت به ، لا تتردّدي باعتناقه.. اما انا ! ولأنه لا يمكنني العودة الى بلدي واهلي ، فأنا مُجبرة أن يكون ولائي لأميركا..
وخرجت من غرفة التحقيق ، تاركةً العجوز مُشتّتة التفكير بين الدينين السماويين !