الثلاثاء، 25 أبريل 2017

السمكات الثلاثة

(قصة اطفال) من الموروث الشعبي اللبناني
كتابة : امل شانوحة

مشعوذة,سمك,اطفال,قصة,خيالية,صياد,كرنب,كلفوفة

سأحرمهم من بناتهم , كما حرموني من التكريم العلني

حاول الملك لسنوات هو وزوجته ان ينجبا الأطفال , و بعد ان يأسا طلبا وصفةً سحرية من مشعوذة اتت حديثاً الى المنطقة . 
و بعد شهور ..انجبت الملكة ثلاث بنات توائم , فأقام الملك احتفالاً ضخماً حضره كبار المنطقة ماعدا المشعوذة التي لم يصلها دعوته , مما اغضبها جداً لأنها كانت تتأمّل تكريماً خاصاً لها

وفي ليلةٍ مظلمة ..استطاعات بواسطة سحرها تجميد الحرس في اماكنهم مما اوصلها الى مهد الفتيات الثلاثة , و قامت بإختطافهنّ 
***

وفي كوخها الموجود داخل الغابة ..استطاعت بواسطة السحر الأسود تحويلهنّ الى ثلاثة سمكات , ثم رمتهنّ بالبحر و هربت الى القرية المجاورة

ورغم ان الملك وضع جائزة ضخمة لمن يجدهنّ , الا انه فقد الأمل بالعثور على بناته بعد سنوات من اختفائهنّ
***

في القرية المجاورة و بقرب الساحل .. استطاع احد الصيادين من اصطياد سمكةٍ ضخمة , قام بإحضارها الى بيته الصغير (المكوّن من طابقين والموجود قرب البحر) .. لكنه فضّل ان يضعها داخل حوض استحمام مملوء بالماء لتبقى السمكة حيّة , كي يبيعها في اليوم التالي بالسوق 

لكنه استيقظ مرتعباً في منتصف الليل بعد ان شعر بحركة داخل حمامه ,  و لم يصدّق عيناه حين رأى فتاةً جميلة موجودة هناك .. 
و بعد ان اخبرته الأميرة (جواهر) بما فعلته المشعوذة بها و بأخواتها , وعدها بأن يعيدها الى قصرها في الأيام القادمة
***

وفي نفس هذه الليلة و بمنزلٍ آخر .. انبعث نورٌ من بلورة المشعوذة معلنةً خبراً مهماً .. فاستيقظت العجوز منزعجة , وهي تعاتب بلورتها : 
- هآ ماذا عندك من اخبار , كي توقظيني في منتصف الليل ؟
فظهرت داخل البلورة صورة الصياد وهو يتكلّم مع احدى فتيات الملك الثلاثة

المشعوذة تكاد لا تصدّق عينيها :
- اللعنة ! كيف وجدها وقد رميتهنّ في منتصف البحر ؟! عليّ ان اتخلص منها على الفور كي لا تخبر اباها بفعلتي , و يرسل جنوده لقتلي .. مالعمل الآن ؟!
وظلّت تفكّر طوال الليل الى ان وجدت الخطة المناسبة 
***

في صباح اليوم التالي .. كان الصياد قد طلب من الأميرة ان تبقى في منزله الصغير حتى يذهب و يشتري حماراً لأجل رحلة الذهاب الى المدينة المجاورة وايصالها سالمة لوالدها الملك .. 

و بعد ان جمع كل مالديه من مال ..وعند خروجه اوقفته المشعوذة وهي تلبس ثياب مهترئة :
- ابني .. جيد انني وجدت شخصاً هنا , ارجوك ساعدني
- آسف يا خالة لكني مشغول قليلاً 
- كل الذي اريده منك ان تشتري مني هذا الكرنب (الملفوف) لأشتري بثمنه بعض الخبز , فأنا جداً جائعة
- لكني لا احب الكرنب , ولا اعرف كيف اطبخه !

وبعد برهة .. لم يجد طريقة للتخلّص من الحاحها الا بشراء الكرنب منها فوضعه بسرعة في المطبخ الموجود بالطابق العلوي .. ثم اقفل الباب على الأميرة خوفاً عليها , فهي عاشت طوال حياتها في البحر و ستضيع حتماً ان خرجت للقرية
***

في المساء .. عاد الصياد سعيداً لأنه اشترى حماراً بسعرٍ جيد , لكنه وجدها نائمة .. فربط حماره بالأسطبل و نزل لينام في الأسفل.. ولم يكن يعلم بأن المشعوذة تنتظر عند الباب وهي تحمل بلورتها التي اكدت لها بأن كلاهما نائمين في الداخل .. 

وهنا اقتربت من باب الصياد , وقالت بصوتٍ اجش :
- كرنبي فوق !! كرنبي تحت !! كرنبي فتحي البوابة !!!

فتدحرجت الملفوفة المسحورة من فوق الدرج الى ان وصلت للباب , ثم قفزت على مقبض الباب وفتحته لتدخل منه المشعوذة , و تصعد بخفية الى فوق , ثم توقظ الأميرة التي لم تتعرّف عليها :
- من انت ؟!

المشعوذة بخبث : أنا والدة الصياد , اتيت لأطعمك 
- انا لا اشعر بالجوع يا خالة 
- هذا غير ممكن ! فأبني اخبرني بأنك لم تأكلي شيء منذ البارحة .. هيا يا صغيرتي , فقط اربع حبات من الأرز

و بعد ان اكلت ثلاث حبات ,وضعت الأميرة يدها على بطنها وهي تقول :
- يكفي يا خالة , انا اشعر بالتخمة 
فقالت المشعوذة في نفسها : انا اعرفت انك شبعت , لأن معدتك ما تزال معدة سمكة .. لكن عليّ التخلّص منك

وظلّت العجوز تصرّ عليها الى ان اكلت الأرزّ الرابعة .. ومن بعدها بدأت الأميرة تتلوّى من الألم و بدأ صوتها يعلو .. فأسرعت المشعوذة هاربة من منزل الصياد , بعد ان امرت الملفوفة بالعودة سريعاً الى المطبخ
***

في الصباح الباكر .. حزن الصياد اشدّ الحزن حين رأى الأميرة (جواهر) ميتة في السرير , وبعد ان دفنها .. بدأ يفكر :
- لا اعلم كيف ماتت ! ..كلّ ما أعلمه ان لديها اختان عالقتان في البحر .. سأذهب الى نفس المكان الذي اصطدتها منه , عسى ان اجدهما واعيدهما الى والدهما الملك

و بعد ساعات من المحاولات اليائسة , فشل الصياد بإيجاد الأميرتين في نفس المكان الذي اصطاد منه البارحة في البحر .. 
و قبل غروب الشمس خطرت على باله فكرة , حين قام بالصراخ بكل قوته قائلاً :
- لقد ماتت اختكما الأميرة جواهر !! و انوي اعادتكما الى والدكما الملك , و فكّ سحر المشعوذة عنكما

و اذّ بسمكة كبيرة تقترب من قاربه , وما ان وضع يده عليها حتى تحولت الى اميرة تشبه تماماً اختها جواهر , و التي قالت بدهشة وحزن :
- هل ماتت جواهر بالفعل ؟! 

فأخذها الى منزله بعد ان اخبرها بالطريق بأنه وجد اختها ميتة في السرير وعلى فمها آثار طعام , لكنه لا يعرف بالضبط كيف ماتت  
وفي المساء .. طلب منها ان تنام باكراً , استعداداً لرحلة الصباح الطويلة باتجاه قصر والدها
***

لكن الأمر تكرّر من جديد , حين اخبرت البلّورة المشعوذة بتمكّن الصياد من ايجاد الأميرة زمرّدة اخت جواهر

وفي المساء ..اقتربت المشعوذة من باب الصياد وقالت بصوتها المبحوح :
- كرنبي فوق !! كرنبي تحت !! كرنبي فتحي البوابة !!!

وبعد ان فتحت الملفوفة المسحورة الباب لسيدتها المشعوذة , قامت مجدداً بإطعام زمرّدة اربعة حبات ارز , وتركتها وهي تحتضر
***

وفي اليوم التالي .. استطاع الصياد ايجاد الأميرة الثالثة (فيروز) واخراجها من البحر , والتي ظلّت طوال الليل تبكي لموت اختيها (جواهر و زمرّدة)

لكن هذه المرة .. تظاهر الصياد بالنوم في الصالة الموجودة في الطابق السفلي .. و قد صُعق لرؤية رأس الكرنِبْ يتدحرج باتجاه الباب بعد ان تناهى الى سمعه صوت اوامر المشعوذة .. 

لكن قبل ان تقفز الملفوفة الى قبضة الباب لتفتحه , كان الصياد قد استلّ سيف والده المعلّق على الحائط , وقام بتقطيع الملفوفة الى قطع مبعثرة هنا وهناك

ثم اسرع بفتح الباب ليجد العجوز وهي تتنصّت على بابه فقطع رأسها على الفور , ثم لفها بسجادة .. واسرع نحو قاربه ورمى بجثتها في وسط البحر بعد ان ربطها بشيءٍ ثقيل .. 

وقد عاد مع تباشير الصباح ليجد الأميرة قد استيقظت جائعة , فقال لها :
- و ماذا كنت تأكلين عادةً ؟
- انا لا اريد سوى ثلاث حبات من الأرز , لأني أظن بأن معدتي مازالت معدة سمكة صغيرة 

وبعد ان اطعمها .. ذهبا برحلةٍ طويلة , حيث ركبت الأميرة فيروز حماره وهو رافقها مشياً على الأقدام الى ان وصلا القصر في صباح اليوم التالي
***

وقد عمّت الأفراح المدينة بعودة الأميرة الى حضن والديها اللذان حزنا كثيراً لموت اختيها 

و بعد الحفل ..اراد الملك مكافأة الصياد عن شجاعته قائلاً :
- اطلب منّا ما تشاء 
الصياد بارتباك :
- ان طلبت مصاهرتكم , فهل تقبلون بصيادٍ فقيرٍ مثلي ؟ 
فنظر الملك الى زوجته متردّداً بالاجابة , لكن الأميرة فاجأت والداها قائلة:
- انا موافقة .. فلولاه لبقيت سمكة طوال حياتي , و انت لا تعرف يا ابي كم حياة البحر مليئة بالمخاطر 
فقال الملك : حسناً اذاً , قبلنا بك بشرط ان تكون وزيري في قريتك  و المسؤول عن شؤونها

و لاحقاً استقبل اهالي القرية وزير الملك (الصياد سابقاً) وزوجته الأميرة بحفلٍ بهيج عم ارجاء البلاد 

ملاحظة :
قامت اختي مشكورة بمحاولة متواضعة لتحويل هذه القصة الى فيديو باليوتيوب وهذا هو الفيديو :


السبت، 22 أبريل 2017

الخفّاش النهاري (قصة للأطفال تصلح كفيلم والت ديزني)

تأليف : امل شانوحة


خفاش,صغير,انسان,فأر,اطفال,خيانة,نوم
قرّرت تعديل موعد نومي

قامت الوطواط الأم بحضن ابنها لتشجيعه مجدداً على الطيران
- هيا يا جيم , حاول من جديد
فأجابها بقهر : لا يا امي , هذه خامس مرة اضرب فيها رأسي بالجدار .. و لهذا قرّرت ان لا اطير ثانيةً !!

و هي تفحص جناحيه بقلق : لكن جناحيك بخير !
- المشكلة ليست بهما .. انا لا ارى جيداً يا امي , الكهف بالنسبة لي مظلمٌ للغاية !
***

و لذلك اضّطرت الأم لأخذ ابنها عند طبيب الخفافيش لفحص عينيه 
الطبيب : الا ترى الحروف الصغيرة على الجدار ؟!
جيم : لا ارى سوى الكبيرة , و بصعوبة ايضاً

و هنا أخرج الطبيب علبة الكبريت من فتحة بجدار عيادته بعد ان وضع نظارة سميكة على عينيه , و قبل ان يشعل الكبريتة , قال لأم الوطواط : 
- اغلقي عينيك , فأنا اريد التأكّد من أمرٍ ما

و مع ضوء الكبريتة استطاع جيم رؤية الحروف جيداً  
الأم بقلق : كيف لم يأذي النور عينيّ ابني يا دكتور ؟!

الا ان الطبيب اكتفى بطمأنتها على انه عارضٌ بسيط و سيزول مع الوقت , لكن كان واضحاً عليه بأنه يخفي شيئاً مهماً 
***

و فور ذهابهما من عيادته .. اسرع الطبيب الى منزل قائد الخفافيش ليخبره بأمر الوطواط الصغير جيم
القائد بدهشة : اتقصد انه يعاني من نفس مشكلة الأعور العجوز ؟!
الطبيب بفرح : نعم !! و هذا يعني اننا وجدنا مموّلاً جديداً لنا
- لكن كيف سنقنعه بالعمل معنا ؟  

و اكملا حديثهما دون ان يلاحظا جورج (ابن القائد) الذي كان يتنصت عليهما , و الذي فاجئهما بقوله :
- يعني يا ابي , كنت تستغلّ قدرة الأعور على الرؤية في النهار كي يحضر لك الفاكهة ! .. اليس هذا مخالفاً لدستورنا : بأن علينا مشاركة غنائمنا مع الجميع ؟!

ابوه القائد : ومن سمح لك بالتنصّت علينا يا ولد ؟!
الطبيب محذّراً : جورج اسمعني جيداً .. عليك ان تكتم هذا السرّ , و الا سنطرد جميعنا من الكهف.. هل فهمتني يا عزيزي ؟  
جورج : بالأول اجيباني ..هل صديقي جيم يرى في النهار ايضاً ؟!
الطبيب بتردّد : نعم 

جورج بخبث : اذاً هناك طريقة تُرغمه على العمل معنا .. لكني لن اخبركما بها , الا بعد ان تعداني بإعطائي تفاحة كل يوم
الطبيب بابتسامة : يبدو انه ورث الخبث عن ابيه
***

في المساء .. اجتمع اطفال الوطاويط حول الخفّاش الأعور الذي ناداهم ليخبرهم بقصة جميلة 
العجوز الأعور : سأخبركم اليوم عن ... قصتي انا
جيم : استخبرنا مالذي اصاب عينك ؟

الأعور : نعم .. فأنا اعتبر حالة نادرة من الخفافيش , حيث رؤية الليل عندي مشوّشة , لكني بالنهار استطيع الرؤية بوضوح
الأولاد مندهشين : أحقاً ؟!

و كان جيم على وشك ان يخبره بأنه يعاني من نفس المشكلة , لكن امه كانت قد حذّرته كثيراً من ان يخبر احداً بهذا السرّ , لذا اكتفى بالإستماع الى قصة العجوز باهتمام

الأعور : المهم .. اردّت في شبابي ان اجازف و اطير خارج الكهف في النهار , لكني صُدمت حين صادفت الكثير من الحيوانات المخيفة التي ارادت اذيتي ! و لهذا عدّتُ سريعاً الى هنا .. لكن خوفي تبدّد تماماً بعد معرفتي بأن قائدنا المبجّل يملك ماءً سحرية , و في حال وضعت قطرتين منها في عيني اصبح غير مرئي لباقي الحيوانات , و بذلك استطيع رؤية جمال العالم الخارجي دون خوف او مخاطر

جيم : اذاً كيف اصيبت عينك ؟
الأعور : يبدو انك اكثر الأولاد اهتماماً بقصتي .. حسناً سأخبرك بالبقيّة .. كان متوجبٌ عليّ ان ادفع ثمن الماء السحري للقائد , و ذلك بإحضاري فاكهة او فاكهتين كل يوم لمقاسمتهم لاحقاً مع الجميع .. لكني في احد الأيام طمعت و اردّت جمع الفاكهة لي وحدي , فخرجت دون ان اقطّر ذلك الماء في عيني 

جيم مقاطعاً و متحمّساً : و حينها تعاركت مع الدب , اليس كذلك ؟
الأعور : و من يستطيع العراك مع هذا الكائن الضخم ! كل ما اذكره انني رأيت اظافره الحادة تتوّجه بسرعة نحو وجهي , و لم اشعر بشيءٍ آخر .. و لولا خروج القائد في المساء للبحث عني , لكنت مُتّ في مكاني 
الأطفال بحماس : يعيش قائدنا البطل .. يعيش !! يعيش !!
*** 

و بعد ساعة في منزل القائد ..
الأعور متضايق : و هآقد اخبرت الأولاد بما فيهم جيم عن موضوع الماء السحري كما طلبت مني , مع اني لا اظنّه سيصدّق بهذه الخرافة

القائد بنبرة تهديد : اذاً ما رأيك ان نخبر الجميع بحقيقة ما حصل لعينك ؟
الأعور بتحدّي : لن تفعل !! لأني حينها سأكشف اوراقك لهم
القائد : اذاً نحن متفقين , انا احمي ظهرك و انت ايضاً
فخرج الأعور من عنده منزعجاً 
*** 

في اليوم التالي .. و قبيل طلوع الفجر بدأت امهات الوطاويط بالنداء على اطفالهنّ 
- هيا الى النوم يا اولاد , لقد طلع الفجر !! 

لكن جيم كان قد اخذ قراراً بالسهر حتى شروق الشمس .. بينما وقف جورج يراقبه من بعيد , لكن ما ان سطع نور الشمس حتى ظهر صوت شخيره (جورج) عالياً .. بينما استغلّ جيم نوم الجميع ليطير وحده بسعادة في ارجاء الكهف الذي رآه بوضوح لأول مرة منذ ولادته 
جيم بفرح : وأخيراً !! انا ارى كل شيءٍ الآن .. يا الهي , لم ادرك ان كهفنا كبيرٌ هكذا !

و اثناء طيرانه وجد بالصدفة مخزن القائد السرّي المليء بالفاكهة , و كان حارس الليلي للمخزن نائماً كالباقيين
جيم بدهشة : ما هذا ؟! الم يخبرنا القائد منذ ايام ان علينا شدّ الحزام لأننا نمرّ بأزمة موارد ! اصلاً كيف ادخلها الى هنا دون ان يكشفه احد ؟! 

و اذّ بصوت الأعور يظهر من خلفه : لما انت مستيقظ الى الآن يا ولد ,  و ماذا تفعل هنا ؟! 
جيم بخوف : آسف جدي , لم اكن اعلم انك حارسنا النهاري ! سأذهب للنوم فوراً !
الأعور : لا تخفّ بنيّ , كنت اريدك في موضوع..

لكن جيم اسرع هارباً و استلقى قرب امه النائمة , قبل ان يسمع كلام الأعور  
الأم بتعب : جيم اين كنت ؟! هيا اقلب جسمك ونمّ كالخفافيش الطبيعية 
جيم : قلت لك سابقاً ان النوم بالمقلوب يشعرني بالغثيان
- يا ربي لما ابني مختلفٌ عن الجميع ؟
- لأني مميز يا امي , وسأثبت لك ذلك مع الأيام 
***

عند الغروب و قبل موعد استيقاظ الجميع , توجه جيم ناحية جورج النائم وكان معه فحمة صغيرة , و قام برسم شارب وذقن على وجه صديقه ..

وفي المساء .. كانت هناك مسابقة طيران للصغار بحضور القائد .. فأقبل جورج الى جيم واصدقائه وهو يستهزأ منه كالعادة :
- لما قدمت الى المسابقة يا غبي , وانت بالكاد تستطيع الطيران ؟
جيم ساخراً : يبدو انك كبرت قبلنا يا جورج 

وضحك اصدقائه من المرسوم على وجهه , فأسرع جورج لغسل وجهه قبل بدأ المسابقة  
***

و حين انطلق الصغار يتسابقون لنيل الجائزة الكبرى , ارتطم رأس جيم لأكثر من مرة بجدران الكهف , فقال له جورج (الذي كان يتصدّر السباق) ساخراً :
- كان علينا ان نقيم المسابقة في النهار , كي تربحنا يا اعمى
فقال جيم في نفسه : انها لفكرةٍ جيدة , سأغمض عيني و اتذكّر شكل كهفنا كما رأيته في النهار 

و بالفعل !! استطاع جيم ان يسبق جميع الوطاويط الصغيرة .. وصفّق له الكبار , و خاصة امه التي تفاجأت كثيراً بالنتيجة !

و عندما اهداه القائد حبة عنب صغيرة كجائزة لفوزه , همس جيم للقائد :  - و لما لا تعطيني تفاحة من مخزنك السرّي ؟ 
القائد بصدمة : ماذا ؟!

ثم اسرع جيم الى اصدقائه ليحتفل معهم بالفوز , تاركاً القائد قلقاً من انكشاف سرّه 
***

في نهار اليوم التالي .. و بينما كان جيم يطير داخل الكهف بحرّية و الكلّ نيام , ناداه الأعور : 
- جيم !! تعال الى هنا !! 
جيم برعب : انا لم ادخل ثانيةً الى مخزن القائد .. احلف لك
الأعور : لا ليس هذا الموضوع .. لقد اخبرنا الطبيب عن رؤيتك النهارية , و قد وافق القائد بأن تعمل معي  

جيم بسعادة : يعني ستسمحون لي بالطيران خارج الكهف ؟!!
الأعور : نعم , لكن هذا سيبقى سرّاً بيننا .. و الآن دعني آخذك الى القائد  من أجل الماء السحرية
جيم : لكن القائد نائمٌ الآن !
الأعور : لا تقلق , عندي طريقة لإيقاظه 
***

في منزل القائد .. قام الأعور بوضع اصبعيه في انف القائد الذي استفاق منزعجاً وهو يحاول التقاط انفاسه 
القائد مُغمض العينين : يا اعور !! كم مرّة قلت لك ان لا توقظني هكذا ؟!!
الأعور : امسك !! ضع النظارات على عينيك قبل ان تُعميك الشمس

و بعد ان وضع نظّاراته رأى جيم الصغير عنده , والذي اسرع بإخباره عن رغبته بالعمل مع الأعور
القائد : ممتاز !! اعجبني حماسك .. يعني صار لدينا الآن فارساً جديداً للفترة النهارية .. اذاً دعني اضع لك بعض القطرات السحرية قبل قيامك بهمّتك الأولى
***

في الخارج .. كان جيم يطير بفرح و سعادة هنا و هناك
جيم : انظر يا جدي !! ..كل الزهور متفتّحة بعكس الليل !
الأعور و هو يلهث بتعب : نعم نعم .. جيم توقف يا بنيّ , فأنا عجوز و لا استطيع مجاراتك

و لهذا اتفقا على ان يعود الأعور الى الكهف ليرتاح , بينما يُكمل جيم عمله في احضار الفاكهتين للقائد , بشرط ان لا يقترب ناحية ايّ انسان
***

و مرّت الأسابيع ..لم يعرف فيها احد من الخفافيش بعمل جيم السرّي مع القائد , و لا حتى امه و اصدقائه .. و قد صار مع مرور الوقت محترفاً في إيجاد الفاكهة .. لكنه لم يردّ ان يعطيها كلها الى القائد الأناني , فصنع لنفسه مخزناً سرّياً داخل الكهف , ووضع فيه الذّ الفاكهة و انضجها  ليعطيها ذات يوم لأمه و اصدقائه بعد ان يخبرهم بعمله السرّي

و قد عرف جورج بأمر المخزن بعد ان راقبه .. و حين اخبر اباه القائد بذلك , جنّ جنونه و امر حرسه بأخذ كل الفاكهة من عنده ووضعها في مخزنه السرّي , مما اغضب جيم كثيراً .. 

و قد حاول الأعور تهدئة الوضع , الا ان جيم تحدّاهم جميعاً و قال بأنه  سيخرج من الكهف دون حاجته الى مياه القائد السحرية 

و بعد ذهابه غاضباً الى بيته , قال القائد بقلق :
- مشكلة اذا خرج غداً و عاد دون ان يُصاب بإذى , حينها سيعرف بأن مائي السحري مجرّد كذبة و لن يعمل معنا بعد اليوم , هذا اذا لم يفضح مخزني السرّي امام الجميع

الطبيب : و مالعمل اذاً ؟
القائد : يا اعور !! انت الوحيد الذي تستطيع ملاحقته بالنهار .. اريدك ان تختبىء في الخارج و عند اقترابه منك , ترمي حجراً على جناحه
الأعور بعصبية : اتريدني ان اؤذي وطواطاً صغيراً ؟! .. لا طبعاً !!
الطبيب : ستكون اصابة خفيفة , و انا اعدك ان اعالجه جيداً .. لكن علينا اخافته , كي لا يجرأ على الخروج من هنا دون اذن القائد

و بعد الكثير من المناقشات و التهديدات , قبِلَ الأعور مُرغماً على خطتهم الشريرة
***

و بالفعل !! اصابه بحجرٍ اسقطته ارضاً .. لكن قبل ان يقوم الأعور بإعادته الى الكهف , شعَرَ بحركةٍ بين الحشائش ارعبته كثيراً , فتركه يتأوّه على الأرض و طار بعيداً , قبل ان يدرك بأنها مجرّد فأرة صغيرة 

و حين فتح جيم عيناه بتعب , رأى فأرة بقربه تقول بدهشة :
- ايوجد وطاويط بالنهار ؟!
جيم بألم : انكِ تشبهيننا كثيراً لكن دون اجنحة , فمن انت ؟
- ماذا ؟! الم ترى فئران من قبل ؟! ..لا لا تجيب الآن .. دعني اعالج جرحك اولاً

و بعد ان داوته بوضعها نوع من النبات على جناحه المتأذّي , سألته عن سبب اصابته , فأخبرها بشكوكه حول قائده 
الفأرة : لابد انه ارسل احداً خلفك لأذيتك , كي تبقى عبداً له
- و هذا ما اظنّه ايضاً .. انت فعلاً ذكية !
- طبعاً , فالعيش مع البشر ليس بالأمر الهيّن
- اذاً هل تساعديني في موضوعٍ مهم ؟

ثم اتفق معها على خطة للإيقاع بهم..
***

في اليوم التالي .. تفاجأت الخفافيش بوجود كمية كبيرة من الفواكه في وسط الكهف , مما اغضب القائد الذي ذهب فوراً لمنزل جيم 
القائد معاتباً : يا غبي !! لما لم تحضر الفواكه الى مخزني السرّي ؟!

جيم و هو يتظاهر بالمرض : ايّ فاكهة ؟! انا لم اخرج اليوم من الكهف , فكما ترى جناحي تأذّى كثيراً , ربما لأني لم اسمع كلامك بشأن الماء السحري
القائد متفاجىء : اذاً من فعلها ؟!

جيم بخبث : في هذا الصباح و قبل ان اعود الى النوم , شاهدت من بعيد الأعور وهو يتكلّم مع الطبيب الذي كان يضع نظارته السميكة
القائد بغضب : يعني اتفقا على العمل معاً من ورائي ؟! طيب لما تخليا عن هذه الكمية الكبيرة من الفاكهة ؟!
جيم : لأن الإنتخابات على الأبواب , و ربما اراد الدكتور ان يظهر بصورة البطل امام الجميع 
القائد بغيظ : اللعنة عليه !!

جيم : اظنه ينتظر انتهاء الجميع من العشاء كي يلقي كلمته عليهم , برأي اسبقه و اخبر الجميع انك انت الذي احضرت لهم العشاء .. هيا !! ماذا تنتظر ؟ بسرعة اذهب قبل ان تخسر مكانتك عندهم
***

و على الفور .. وقف القائد امام الجميع و اخبرهم بأن له شهراً يقوم بالبحث بمفرده عن الفاكهة و جمعه في مخزنٍ خاصٍ له , كي يوفّر الطعام للجميع 
***

في هذه الأثناء .. كان جيم يقلّب الطبيب على القائد 
الطبيب بدهشة : ماذا تقول ؟!
جيم بخبث : تعال و اسمع صاحبك بنفسك , انه يضحّي بكل ما جمعه من فاكهة لغرض الإطاحة بك في الإنتخابات القادمة
الطبيب بغضب : لا لن اسمح له !!
***

و حدثت بالفعل مشادة قوية بينهما امام الجميع , و لكي يثبت الطبيب خبث صاحبه دلّ كبار الوطاويط على مخزن القائد السرّي
القائد بارتباك : انا قمت بتقسيم الفاكهة التي جمعتها الى قسمين , اعطيتكم الآن النصف .. و النصف الذي بقي هنا , كنت انوي اعطائكم ايّاه فور نجاحي بالإنتخابات

الطبيب بعصبية : انه يكذب يا سادة !! هو كان يستغلّ الأعور لسنوات للعمل عنده .. لا ادري ان كان جميعكم يعرف بهذه المعلومة , لكن الأعور لديه جينات خاصة تساعده على الرؤية في النهار بعكسنا جميعاً , و لهذا كان يحضر له الفاكهة ..
احد الوطاويط مقاطعاً و بغضب : الهذا كنّا لا نجد الكثير من الفاكهة اثناء بحثنا الليلي ؟!!

و حاول القائد دون جدوى تهدئة الجموع الثائرة .. الى ان تقرّر الإستعانة بجارتهم (البومة الحكيمة) والتي احضروها لاحقاً الى الكهف للحكم بينهم 

و كان اولاد الوطاويط يرونها لأول مرة في حياتهم
وطواط صغير وهو ينظر الى فوق بدهشة : انظروا يا اصدقاء الى رأس البومة , انه يدور في كل الإتجاهات , كما ان عيناها كبيرتان جداً !
جيم : امي اخبرتني ان عينيها تساعدانها على الرؤية الليلية فهي لا تملك السونار و تقنية صدى الصوت مثلنا , لكنها مع هذا تعتبر صيادةً ماهرة .. المهم سأترككم الآن لأطير اليهم
صديقته ريمي : لا يا جيم , الكبار يتناقشون في امرٍ مهم و لا يريدوننا بجانبهم
جيم : لا تقلقي , اصلاً هم سينادونني بعد قليل

البومة من فوق :
- جيم !! تعال الى هنا
جيم وهو ينظر الى اصدقائه المتفاجئين : 
- عندما أعود سأخبركم بسرٍّ كنت اخفيه عنكم .. 
ثم طار سريعاً الى فوق
***

و بعد ان اخبر جيم كبار الوطاويط بكل ما حصل معه , سألته البومة : 
- اذاً من اين اتيت بكل هذه الفاكهة ؟
- صديقتي الفأرة اخبرتني بمكان مخزن الإنسان
كبار الخفافيش بصدمة : افعلاً ذهبت الى هناك لوحدك يا مجنون ؟!

جيم : نعم ..و سأخبركم بمكانه , لكن عندي شرطين .. اولاً : كنت وعدت الفأرة ان لا تأخذوا الكثير من المخزن كي لا يشعر الإنسان بوجود اهلها هناك .. و ثانياً : اتمنى ان لا تعاقبوا الأعور لأنه كان مرغماً على .. 

القائد مقاطعاً بغضب : الأعور طائرٌ خائن !! لأنه قديماً قام بإنقاذ انسان 
الوطواط العجوز بصدمة : ماذا ! احقاً فعلت ذلك يا اعور ؟! الم نكن انا و انت الناجون الوحيدون من الحريق الذي اشعله ذلك الإنسان بكهفنا القديم .. فكيف تجرأ اذاً على ..

الأعور مقاطعاً و بإحراج : كنت مضّطراً لذلك .. (و بلع ريقه ثم قال بارتباك) .. في صباح احد الأيام رأيت دباً يهجم على بشري صغير كان يلعب في الغابة , و لم اجد نفسي الاّ و انا احوم حول رأسه كي الهيه عن الولد الذي استطاع الهرب منه بصعوبة
القائد بسخرية : و ماذا نفعتك بطولتك ؟ فأنا الذي قمت بحملك و اعادتك الى الكهف بعد ان فقأ الدب عينك و كسر جناحك , اتذكر ذلك ام نسيت ؟

الأعور بغضب : و انا دفعت لك ثمن هذا !! و أنت بالمقابل قمت باستعبادي لسنوات .. ولوّ كنت اعرف انني سأعيش بقيّة عمري ذليلاً هكذا , لكان الموت ارحم لي !!

و ضجّ المكان باعتراضات الوطاويط الكبار (المجتمعين و هم متدلّيين بالمقلوب من سقف الكهف) بينما باقي الخفافيش تنظر اليهم من تحت بقلق كبير لما يجري بينهم !

البومة : هدوء جميعاً !!! و الآن بعد ان استمعت الى الجميع , سأعلن قراري النهائي
فسكت الجميع بانتظار الحكم .. 

البومة بصوتٍ جهوري : لقد قام الطبيب و القائد بخيانة ثقتكم و العمل بشكلٍ فردي طبقاً لمصالحهم الخاصة , و قد أمرت بطردهم مع عائلاتهم الى خارج الكهف , فهل توافقوني الرأيّ ؟!!

فصرخ جميع الخفافيش بالكهف بصوتٍ واحد : ارحل !! ارحل !! ارحل !!

و اكملت البومة حكمها : اما الأعور فأظنه تلقّى عقابه منذ سنوات ,  و انصحكم بأن تستفيدوا من حالته و حالة جيم الخاصة بأن تجعلاهما المراقبين النهاريين عن أمن الكهف 
فسألت احد الأمهات (الموجودة في الأسفل) البومة : عفواً سيدتي , لكن كيف سيراقبان الكهف بالنهار ؟ .. لم افهم !

فطلب جيم ان تسمح البومة له بالكلام , وحينها شرح للجميع عن تميزه هو و الأعور بالرؤية النهارية , مما سبب صدمة للبعض ! لكنهم بالنهاية استوعبوا الموضوع , ووافقوا على اقتراح البومة بالإستفادة من موهبتهما المميزة
***

و بعد رحيل الطبيب و القائد و عائلاتهما مذلولين من الكهف , ودّعت البومة الجميع ورحلت هي ايضاً .. 

و حينها جاء الدور على جيم كي يُخبر كبار الوطاويط بمكان مخزن الإنسان كما وعدهم .. و بعد ان عرفوا المنطقة بالتحديد , اسرعوا بالذهاب اليه .. 

فعاد جيم الى اصدقائه الذين حيّوا بطولته , و باركوا له عمله الجديد
***  

في نهار اليوم التالي و اثناء تجواله .. شاهد صديقته الفأرة عالقة بالمصيدة , فأسرع بإنقاذها ..
جيم : الحمد الله على سلامتك , دعيني ارى قدمك المصابة
الفأرة بغضب : ابعد يدك , و اذهب عن وجهي !!
جيم بدهشة : مالذي حصل ؟!
- الم تعدني البارحة ان تخبر الوطاويط بأن لا يسرقوا الكثير من الفاكهة الموجودة في مخزن الإنسان ؟
- نعم , هم وعدوني بذلك !

مقاطعة و بغضب : لكنهم لم يفوا بوعدهم , بل اخذوا الكثير .. هذا عدا عن الفاكهة المعضوضة .. و آثارهم التي تركوا في كل مكان اغضبت الإنسان كثيراً وجعلته ينشر المصائد و الأدوية السامة بكل ارجاء المخزن مما تسبب بأذيّة جماعتي .. والبارحة حكم عليّ رئيس الفئران : بضرورة ايجاد مخزنٌ جديد في غضون 3 ايام , و الا سيطردني مع اهلي من مجتمع الفئران .. انا حقاً نادمة لأني ساعدتك .. هيا اغرب عن وجهي  و اتركني بهمّي !!

لكن جيم اصرّ على مساعدتها .. و حين اقترح عليها بأن تركب ظهره كي يطير بها حول المكان مما سيسهّل مهمتها في ايجاد المخزن الآخر , قبلت بعرضه مُرغمة  

و بعد دقائق من الطيران , صارت تشعر بسعادة عارمة انستها غضبها الشديد من صديقها جيم
جيم : انظري الى هناك !! يبدو انه مخزناً آخر
الفأرة بارتياح : ممتاز !! هيا اهبط الى هناك , و دعنا نستكشف المكان
***

و كان مخزناً للجبن , و فيه زاوية صغيرة للفاكهة 
الفأرة و هي تأكل قطعة صغيرة من جبن : يا سلام , هذا المخزن افضل من السابق , فنحن الفئران نفضّل الجبن على الفاكهة

جيم و هو يأكل تفاحة : انا لم احب طعم الجبن , و جيد انني وجدت بعض الفاكهة و الا متّ من الجوع .. لكن دعينا نخرج سريعاً من هنا فقد قاربت الشمس على المغيب , و اذا استيقظت امي و لم تجدني بالكهف فستقلق حتماً

لكن قبل ذهابهما تفاجئا بدخول الإنسان الى هناك , فاختبئا خلف الصناديق
الفأرة : لا يبدو اننا سنذهب الى ايّ مكان , لأننا اذا تحرّكنا خطوة واحدة فسيشعر الإنسان بوجودنا
جيم : و مالعمل الآن ؟
- دعنا ننتظره لينتهي من نقل البضاعة الى المخزن , و من ثم نهرب
***

و حلّ الليل و لم ينتهي الإنسان بعد من عمله.. 
الفأرة : اظننا سننام اليوم هنا , و غداً نذهب الى بيوتنا
جيم متضايق : لا , هذا سيقلق امي كثيراً
- ان تقلق ليوم افضل من ان تترحّم عليك للأبد , هيا نمّ قليلاً و دعني انام ايضاً

و بعد قليل ..
جيم : على فكرة , انا لم اعرف اسمك بعد
الفأرة : اسمي جيري .. امي سمّتني على اسم بطلها في افلام الكرتون , حيث كانت تشاهده مع والدي من زاوية صالة الإنسان

جيم بابتسامة عريضة : اذاً تصبحي على خير يا جيري
جيري : يا الهي ! ماهذه الأسنان البارزة يا ولد , عليك ان تضع تقويماً لها
جيم بدهشة : كل الوطاويط تملك هكذا اسنان ! لكن نابايّ لم يكبرا بعد .. انظري !!
- اهذا يعني انك لن تمصّ دمّي ؟ 
فيضحك جيم : لا تقلقي , فأنا مازلت اتغذّى على الفواكه فقط , اما الحشرات و مصّ الدماء فهي للكبار فقط
***  

في الكهف .. امضت ام جيم ليلةً عصيبة و هي تبحث هنا و هناك عن ابنها الضائع , و قد وعدها الأعور ان يبحث عنه في الصباح الباكر
***

في اليوم التالي .. استيقظ جيم ليرى جيري تتغطّى بجناحه , فأيقظها مبتسماً :
- صباح الخير يا صديقتي
جيري فزعة : يا الهي !! لقد ارعبتني ابتسامتك المخيفة 

و هنا تفاجئا برؤية الإنسان (الشاب) فوقهم , و الذي صرخ لوالده العجوز قائلاً :
- ابي !! لقد وجدت فأراً و وطواطاً هنا !!

و على الفور .. بدأ الشاب ووالده يلاحقاهما بالعصا..
الفأرة و هي تركب ظهر الوطواط بخوف : جيم !! طرّ بسرعة من خلال تلك النافذة المفتوحة , هيا اسرع !!
جيم و هو يطير بفزع : ماذا يقول الإنسان ؟ انا لا افهم عليه , ارجوكِ ترجمي لي !!
الفأرة : يريد قتلنا , ماذا يريد يعني ؟ هيا طرّ بسرعة !! 
و استطاعا الهرب بصعوبة ..

الا ان الأب العجوز اسرع الى شاحنته بعد ان وضع شيئاً في صندوقها , ثم نادى على ابنه الشاب :
- هيا اركب بسرعة يا ولدي !!
الفأرة وهي تنظر بقلق الى الشاحنة من فوق ظهر جيم : اظنهما سيلحقاننا !
جيم برعب : و ماذا نفعل الآن ؟!
جيري : عندي خطة .. هيا اهبط في صندوق الشاحنة , لكن بحذرٍ شديد

و قبل ان يهبطا كان الشاب يصوّرهما من جواله , فعاتبه والده الذي كان يقود الشاحنة بسرعة
- ماذا تفعل يا ولد ؟!
- ابي الا ترى الفأر و هو يركب ظهر الوطواط , هذا حدث لا يتكرّر كثيراً , سأصوّرهما ثم أضعه على اليوتيوب .. آه ! الى اين ذهبا ؟!
- ليس في عقلك الا الكمبيوتر و السخافات
- ابي لقد اختفيا , فلما تكمل المسير ؟
- انا اعرف اين يوجد كهفهم , لأني عندما كنت شاباً قمت بإحراقهم جميعاً وهم نائمون .. و سأفعل هذا الآن , و لهذا احضرت سلاحي الذي يخرج منه النار

و كانت الفأرة و جيم المتواجدان في الصندوق يستمعان لكلام الأب 
جيم : هآ يا جيري , ماذا يقول هذا العجوز ؟
الفأرة برعب : اظنه سيحرق كل الوطاويط !
جيم بدهشة : ماذا ؟! و مالعمل الآن ؟
جيري : طرّ بسرعة الى هناك و حذّرهم جميعاً .. انا عندي عملٌ هنا , سأنهيه بسرعة ثم ألحق بك  
***

و طار جيم بأسرع ما يمكنه لتحذير قومه , بينما قامت جيري بقرض اسلاك السلاح الناري لإتلافه , ثم تسلّلت الى محرّك الشاحنة و قرضت احد الأسلاك التي ادّت الى إيقاف الشاحنة

في الداخل ..
الأب بعصبية : ما بها الشاحنة توقفت فجأة ؟!
الشاب : اظنها اشارة من الله كي تترك المساكين و شأنهم
ابوه بعصبية : مساكين !! اتعرف كم خسرنا بمخزن الفاكهة بسبب هجومهم البارحة عليه ؟

- وهل تظن قتلهم هو الحل ؟ الا تعلم انهم يخلصوننا من كمية كبيرة من الحشرات , كما ان باستطاعتنا الإستفادة من سمادهم في الزراعة , حتى ان العلم الحديث استفاد من ريقهم في صنع ادوية تخففّ الجلطات الدموية
- الأب بسخرية : يا سلام 
- هذه حقيقة علمية .. الا تذكر بحثي المدرسي الذي كتبته عنهم , بعد ان انقذني ذلك الوطواط الشجاع من الدب ؟

- الن تنسى هذه الحادثة ابداً ؟
- كيف انسى يا ابي و آثار يد الدب ما زالت محفورة في ذراعي ؟! 
- يكفي سخافات !! انا سأحرقهم كي احمي مزروعاتي .. هيا انزل , سنكمل الى هناك مشياً على الأقدام , اصلاً نحن اقتربنا كثيراً من الكهف 
- طيب الا تخاف من عضتهم , فقد يتسبّبون لك بالسعار ؟
- قبل قليل كنت تمدحهم و الآن تخيفني منهم .. لكن لا تقلق , هم نائمون في النهار  

- اذاً كيف شاهدنا وطواطاً قبل قليل ؟ و حتى الوطواط الذي انقذني وانا صغير كان موجوداً بالنهار !
- ربما يوجد انواعٌ اخرى منهم ! كل ما اعرفه ان معظم الوطاويط الكبيرة تكون نائمة بهذا الوقت..والآن احمل سلاحي و الحقني !! 
***

في الكهف .. كان جيم قد اخبر الأعور بالأمر و الذي اسرع الى بيت جارتهم البومة .. بينما حاول جيم جاهداً ايقاظ امه و رؤساء الوطاويط لكنهم جميعهم في سباتٍ عميق !

و هنا ! وصلت جيري برفقة مجموعة من الفئران الذين قدموا معها لمساعدة الخفافيش في معركتهم ضد الإنسان
جيري بقلق : هآ يا جيم , هل ايقظتهم ؟
جيم بتعب : لقد حاولت , لكنهم في غيبوبة !

و هنا دخل الأعور و هو يقول بقلق : و البومة ايضاً لم تستيقظ معي , مالعمل الآن ؟
فاتفقت جيري مع اصدقائها الفئران على احضار خرطوم المياه المتواجد بالمزرعة القريبة منهم .. و بعد ان وجّهته ناحية الوطاويط المتعلّقين في سقف الكهف

نادت جيري بصوتٍ عالي : ابي !! افتح الصنبور
و استيقظ الجميع فزعاً بعد ان بِلّلوا بالماء
كبير الخفافيش بغضب : يا الهي !! .. نور !.. لما ايقظتمونا نهاراً , انكم بذلك تأذون عيوننا ؟!

لكن ما ان علموا بهجمة البشر الوشيكة عليهم , حتى دبّ الرعب في نفوس الوطاويط .. و اسرعت الأمهات بتخبئة صغارها بين شقوق الكهف

جيري : لا تقلقوا !! لقد اتلفت سلاح النار و سيارتهم , و مع هذا رأيتهم يكملون سيرهم مشياً باتجاهنا ! علينا ان نتفق على خطة سريعة قبل وصولهم الى هنا
الأعور بدهشة : سلاح النار ! اظنه الرجل نفسه الذي حرق اهلي قبل سنوات ..(ثم بغضب).. لقد اتى بقدميه اليّ و سأنتقم منه !!

و لهذا اقترح الأعور ان يتظاهروا جميعاً بالنوم , و عندما يصبح الإنسان و ابنه في وسط الكهف يهجمون جميعاً على رأسيهما , بينما تهجم الفئران على اقدامهما

و هذا ما فعلوه بالضبط !! و حين لم يعمل سلاح النار , رماه العجوز و اسرع خارجاً الى سيارته , تاركاً ابنه الشاب يواجه المعركة لوحده ..لكن ما ان رأى الأعور آثار اظافر الدب محفورة على ذراع الشاب , حتى صرخ على باقي الوطاويط
- توقفوا جميعاً !!

فتوقف الجميع بدهشة ! و هنا جازف الأعور بنفسه ووقف على ذراع الشاب المشوّهة , محمّلقاً في عينيه 
و حينها انتبه الشاب على هذا الوطواط الأعور , فقال بدهشة :
- اهذا انت ؟! أأنت من انقذتني قديماً من الدب , وفقدت عينك بسببي ؟
فقال الأعور لجيري : ترجمي لي ماذا يقول ؟
جيري بدهشة : اظنه عرفك !

الشاب بابتسامة : نعم هذا انت , انا متأكّد .. يا الهي كم انا سعيدٌ الآن !! فطوال هذه السنوات كنت اظنّك ميتاً .. اتدري .. سأتفق معكم على اتفاق ,  و انا حقاً لا ادري ان كنتم ستفهمون عليّ ام لا .. لكن اسمعوني جيداً .. نحن نملك مخزنان , احدهما فاكهة و الآخر جبن .. و بنهاية كل شهر نرمي بعضاً منها في الزبالة .. لا لأنها منتهية الصلاحية , لكن البشر نزقين من ناحية الأكل و يهتمون كثيراً بصحتهم , ولهذا نرمي الكثير من الطعام الذي مازال صالحاً للأكل .. وقد قرّرت ان اقدّمه لكم بنهاية كل شهر , و سأضع تلك الفاكهة و الجبن على باب كهفكم , و انتم توزعونها فيما بينكم .. لكن عليكم ان تعدوني بأن لا تقتربوا من مخازننا بعد اليوم .. هآ ما رأيكم بهذا الإقتراح , هل انتم موافقون ؟

و بعد ان ترجمت جيري كلامه للجميع , صرخ الجميع صرخةً واحدة
الشاب بدهشة : يبدو انكم فهمتوا كلامي , يا للعجب ! 

و هنا سمع صراخ والده الخائف من الخارج , فأسرع اليه
***

في الخارج .. جلس الأب يتفحّص جروح ابنه بقلق :
- لما تأخرت , هل اذوك هؤلاء الملاعيين ؟
فأخبر والده عن الإتفاق الذي عقده مع الخفافيش
الأب : هل جننت يا ولد ؟!
- ابي دعنا نتراهن .. في حال صحّت توقعاتي و لم تتعرّض فاكهتنا لأيّ ضررّ طوال هذا الشهر , حينها فقط نُكمل اتفاقنا معهم 

و بصعوبة بالغة رضيّ الوالد بهذا الرهان الغريب , بشرط : انه في حال رأى وطواطاً او فأراً يحوم بأيٍّ من المخزنين , فسيقوم حينها بإحراقهم جميعاً
***  

و بعد شهر , و في الكهف ..قام البشري الشاب بتنفيذ اتفاقه معهم .. ثم عاد الى شاحنة والده 
الأب لأبنه : هآ هل انهيت عملك ؟
الشاب : نعم .. لقد اعطيتهم الطعام الزائد و اخذت سمادهم .. و كما رأيت يا ابي لم نرى احداً منهم في مخازننا طوال الشهر الفائت , و بهذا وفّرنا المال الذي كنا نصرفه على المصائد و المبيدات .. (و بابتسامة قال) .. يعني انا من ربحت الرهان يا ابي
الأب : يبدو ان هناك حلولاً افضل من استخدام القوة !
***

داخل الكهف .. كان الأعور و ابو جيري يوزّعان الطعام الشهري عليهم , حيث الفاكهة للوطاويط و الجبنة للفئران ..
الأعور : لقد وفّر الإنسان علينا مهمّة البحث عن الطعام
جيري : كما انه اخذ السماد من كهفكم , و اصبحت رائحته مقبولة يا رجل

احد الوطاويط وهو يأخذ فاكهته : و لما الإنسان يحضر الطعام قبل شروق الشمس ؟ بالكاد استطيع الوقوف من شدة النعاس
ابو جيري : هم عادة ينقلون البضائع في الصباح الباكر  
***

في مكانٍ ثاني من الكهف .. كانت الوطواط الصغيرة ريمي تكلّم جيم الذي جاء للتوّ من بيته : 
  - لقد استيقظت باكراً يا جيم .. هيا اذهب و احصل على طعامك
جيم : اسبقيني انت , اريد التكلّم قليلاً مع صديقتي جيري 
فنظرت ريمي بغيظ الى جيري , قبل ان تذهب لتقف في طابور الوطاويط

فضحكت جيري قائلة : يبدو ان صديقتك تغار مني
جيم : انت صديقتي الصباحية و هي صديقتي المسائية
جيري : طبعاً يحق لك هذا , فأنت تعمل حارساً نهاري في هذه السن الصغيرة 
جيم متضايق : لكن امي طلبت من كبار الوطاويط ان يجعلوني حارساً نهارياً بداخل الكهف فقط , مع اني لم اعد صغيراً .. انظري الى اسناني
و يريها نابيه , و يكمل قائلاً :
جيم : لقد لاحظت نموهما البارحة 

جيري : من المفترض ان اخاف منك الآن , يا مصّاص الدماء
فيضحك جيم : و هل تصدّقين بهذه التخاريف ؟
- ايّ تخاريف ! لقد صنعوا من القصة عدّة اجزاء .. وقد شاهدت جميع تلك الأفلام عندما كنا نعيش في بيت الإنسان
- الهوليود تحب المبالغة .. ثم هل رأيتِ سابقاً مصّاص دماء يطير في النهار ؟
- نعم صحيح , انت حالة خاصة ..لابد ان يصنعوا فيلماً خاصاً لك
- بل اتمنى ان تكتب قصتي كفيلم لوالت ديزني , و تمثلين فيه انت دور الأميرة .. ما رأيك ؟ 

فتضحك جيري : اذاً عليك ايها الأمير ان تحمل اميرتك على ظهرك , و تقوم لها بجولة حول الكهف
- يبدو انك احببت الطيران
- نعم , فأنت حقّقت لي حلم حياتي
- اذاً اصعدي على ظهري , يا اميرتي جيري

و صار يطيران بفرح داخل الكهف , و الجميع ينظر الى هذين البطلين الصغيرين بسعادة و فخر 

الاثنين، 17 أبريل 2017

ملخص قواعد النحو




ملخص قواعد النحو  

تلخيص والدي : 
عبد الحميد شانوحة


كتابة : 
أمل شانوحة




ملخص سيفيد الكتّاب الجدّد





لتحميل الملخّص 

السبت، 15 أبريل 2017

خادمات مُريبات

تأليف : امل شانوحة


خدم,مخيف,جن,مشعوذ,جهنم
لا يمكن ان تكون الخادمات بهذه المثالية !

في مكتب استقدام لعاملات المنازل .. قالت احدى السيدات للمدير :
- قدِمتُ اليوم خصيصاً لأشكرك استاذ سمير , فالخادمة التي احضرتها من عندك اراحتني للغاية
- و الله لا ابالغ ان قلت ان جميع من اخذوا خدمهم من عندنا , سعداء بهذا الأختيار
- الحمد الله , و اخيراً صار بإمكاني ترك اولادي في المنزل برفقة خادمة موثوقاً بها , و بتّ اشعر بالحريّة .. شكراً لك

كان هذا الحوار يتكرّر دائماً مع كل امرأة استعانت بخادمة من مكتب سمير الذي قدِمَ حديثاً الى المنطقة , ربما لأنه يسافر كل فترة الى الخارج لإستقدام افضل الخدم , و هذا ما ضايق جاره (سعيد) صاحب المكتب القديم الذي اغلقه حديثاً بعد اعادة معظم سيدات المنطقة لخدمه , اما لسوء اخلاقهنّ او لسوء تدبيرهنّ المنزلي

سعيد يحدّث زوجته بضيق : لا افهم حتى الآن ! كيف اعجب الجميع بخدم سمير , يعني مالفرق بين خدمه و خادماتي ؟! 
زوجته : بصراحة يا سعيد .. لقد زرت اكثر من سيدة من زبائننا القدامى و قالوا لي : بأن خدم سمير جيدات من ناحية النظافة و الترتيب , و ايضاً هنّ قليلات الكلام و الطلبات , حتى ان احداهنّ اخبرتني بأن خادمتها تدرّس ابنتها الرياضيات
سعيد بسخرية : يا سلام , هل هنّ خادمات ام معلمات ؟

- لا ادري .. لكني رأيت بنفسي بيوتهنّ و هي تشعّ نظافة , واطفالهنّ بغاية الترتيب .. كما ان احدى الجارات كانت تكلّمني وطفلها يبكي بين ذراعيها , و ما ان ادخلته الخادمة الغرفة حتى نام على الفور , فعلاً تأثير خادمات سمير على الأطفال لا يصدّق !  كما ان معاشاتهنّ مقبولة للغاية .. حتى انني بدأت افكّر .... (بتردّد) ان احضر احداهنّ ..
- يقاطعها بعصبية : ماذا ؟! استحضرين خادمة من مكتب منافسي يا امرأة ؟!!
***

و قبل نهاية السنة ..كان جميع الرجال خضعوا لإلحاح نسائهم ,  حيث احضر كل منزل من منازل المدينة خادمة من خادمات سمير ,  حتى منزل سعيد الذي رضخ اخيراً لفوز منافسه , لكنه مع هذا اضمر له الشرّ و بدأ التحرّي عن سرّ مثالية خادمات سمير , ابتداءً من مراقبته لخادمته الجديدة 

لكن النتائج كانت مبهرة بشكلٍ يثير الريبة ! فهذه الخادمة الجديدة نشيطة للغاية , فهي تعمل طوال الوقت دون كللٍ او مللّ , من تنظيف و طبخ عدا عن عنايتها بالأولاد بشكلٍ مثالي , كما انها تستيقظ باكراً قبل الجميع رغم نومها المتأخّر ! 
***

و في احدى الأيام .. حاول سعيد ان يستغلّ غياب زوجته (المعلمة) و اولاده بعد بدأ السنة الدارسية .. فصار يُكثر من الطلبات على خادمته , لكن الغريب ان اي طعام طلبه كان جاهزاً بأقل من عشر دقائق ! حتى الحلويات و المشروبات الساخنة قدّمتهم له خادمته بابتسامة ودودة و كأنها لم تتضايق ابداً من كثرة طلباته , فسألها مستفسراً :
- شومي 

- نعم استاذ سعيد
- الا تريدين عطلة او نزهة مع اصدقائك الخدم , او حتى جوّال تتحدثين فيه مع اهلك ؟
- لا سيدي , فأهلي على اطلاع بأحوالي كل يوم 
- و كيف هذا ؟!

لكنها لم تجيبه بل اكتفت بأخذ بقايا الطعام الى المطبخ , فدخل خلفها ليتفاجىء بأن المطبخ نظيفٌ تماماً و لا آثر فيه لأيّةِ اطباقٍ وسخة رغم انها طبخت ثلاث اكلات مختلفة , بالأضافة للحلو والمشروبات
- ما شاء الله ! هل انهيت جلي الصحون ايضاً ؟!
- نعم سيدي , و سأذهب الآن لتنظيف المنزل
فقال في نفسه : ((غير معقول ! و كأنها ماكينة متحرّكة , الا تتعب هذه المرأة ؟!))
***

و في احدى الأيام .. ذهبت الخادمة برفقة زوجته الى السوق , فاستغلّ غيابهما ووضع عدة كاميرات في ارجاء المنزل و كذلك في غرفة خادمته 
***

و في صباح العطلة الإسبوعية .. طلب الزوج من زوجته ان تأخذ الأولاد  و الخادمة في نزهة لأنه يشعر بوعكةٍ صحية .. و بعد خروجهم ذهب ليشاهد مشاهد الفيديو التي صوّرها خلال ايام, و التي اظهرت احداثاً غريبة ! 

فالخادمة لم تنم طوال هذا الأسبوع , بل كانت تدخل غرفتها و تجلس عند طرف سريرها و تبقى على هذه الوضعية حتى يأتي الصباح , ثم تخرج  لتقوم بعملها بكل احترافية !  

كما لاحظ انها عندما كانت تأخذ غذائها الى غرفتها فإنها تضع الصحن جانباً و لا تأكل منه شيئا , ثم تدخل المطبخ عندما يكون خالياً ثم ترميه ! 
كما انها لا تدخل الحمام ابداً .. 

و لاحظ ايضاً انها حين تكون في غرفتها فأنها تدخل الى داخل الخزانة ثم تخرج منه بملابس جديدة , خلال ثواني فقط ! و هنا تذكّر كلام زوجته حين قالت له : بأن الخادمة مهما عملت في المنزل فإن رائحتها دائماً جميلة و كأنها لا تعرق بالمرّة ! 

اما الكاميرا التي كان قد وضعها في المطبخ فأعطته نتيجة اكثر رعباً .. فالخادمة لطالما اصرّت بأن لا يدخل عليها احد عند تحضيرها للعشاء , لأن الغداء بالعادة يكونوا جميعاً خارج المنزل 

و اظهرت الكاميرا انها كانت تُخرج الخضار من الثلاجة , ثم تفرقع بأصبعها فيتحوّل الخضار بثواني الى خضار مقطّعة , ثم تحضر طست كبير و تفرقع اصبعها ثانية فتتحوّل الخضار الى سلطة جاهزة .. ثم وضعت الدجاج في الفرن , و في ثواني اخرجته جاهزاً ! 

اما الكاميرا في غرفة اولاده , فشاهدها و هي تحمل رضيعه والذي كان يبكي بقوة , لكن ما ان وضعته في المهد ووضعت اصبعها على رأسه  و هي تتمّتمّ بشيء حتى نام ابنه على الفور .. 

اما في غرفة ولديه الأكبر سناً فكانت حين تقترب منهما و تراهما لا يعرفان حل المسألة , فإنها تضع يدها على رأسيهما و على الفور تنطلق ايديهم بكتابة الحل بشكلٍ سريع للغاية , ثم يبدآن بتغير دفاتر المواد الواحدة تلوّ الأخرى .. و حين تزيل يدها يكونان قد انتهيا من جميع دروسهم  و بدءا بترتيب شنطتهما ! 

حتى انه شاهدها في اليوم التالي و هي تدخل غرفة ولديه اللذان كانا يتشاجران , فأشارت بإصبعها عليهما فتجمّدا على الفور ثم سارا بهدوء نحو سريرهما , و بعد ان فرقعت اصبعها ظهر صوت شخيرهما , و من ثم اطفأت النور و خرجت من الغرفة ! 

اما في غرفة زوجته , فوجدها ما ان جلست بقرب زوجته حتى اسرعت بإخبارها عن ادقّ تفاصيل علاقتها بزوجها

فقال في نفسه و هو يرتجف مما شاهده : 
((ماذا يحصل ؟! انها تسيطر تماماً على زوجتي و اولادي و كأنهم منوّمين مغناطيسياً ! هل هي ساحرة ؟ ..لا !! هي اكثر من ذلك , فهي لا تأكل و لا تنام و لا تدخل الحمام .. ماهذه المخلوقة ؟!)) 
***

في المساء .. اقترب من زوجته التي كانت بالمطبخ مع الخادمة , و همس لها :
- تعالي معي , اريد ان اريك شيئاً  

و قبل ان يدخلا غرفتهما , شاهد الخادمة تطلّ برأسها من المطبخ و هي تراقبهما من بعيد بابتسامة ساخرة !

و في داخل الغرفة .. صُعق سعيد باحتراق كل مشاهد الفيديو ! ومع هذا اخبر زوجته بما رآه , لكنها لم تصدّق حرفاً مما قاله 
- انت تهذي يا سعيد , فكلامك يعني ان خادمتنا كائنٌ فضائي .. ثم لما زرعت البيت كاميرات و اضعت مالنا ؟ ليتك امضيت هذا الوقت في البحث عن عملٍ جديد , بدل اضاعته في مراقبة الخادمة

و كان نقاشهم سيؤدي الى عراكٍ بينهما , لكنه شعر فجأة بشيءٍ مغناطيسي يحوم حولهما , مما جعل زوجته تنام فوراً .. لكن قبل ان تغفو عيناه لاحظ أرجل الخادمة (اسفل بابه) و هي تبتعد عن غرفتهما ! 

فقال بنفسه بتعب :
- هل كانت تتنصّت علينا ؟ يا الهي ..لما اشعر بهذا التعب فجأة ؟! 
ثم غرق في النوم..
***

في الصباح .. قرّر ان يجتمع مع رجال منطقته لينبّههم من خدم سمير

لكن و بعد مرور اشهر و في ظل غياب التسجيل الذي يثبت كلامه , لم يقتنع بالأمر سوى صديقاه من كل القرية , فمعظم نساء المنطقة اصبحنّ متعلقين جداً بخدمهنّ 

و اتفق الرجال الثلاثة على مراقبة الخادمات , خاصة في يوم عطلتهنّ الشهرية .. فوجدوا ان جميعنّ يجتمعنّ في منزل سمير .. 
و الكاميرا التي دسّها سعيد في حقيبة خادمته (دون علمها) مكّنتهم من الإستماع الى حديثهن السرّي 

و يبدو ان سمير لم يكن سوى مشعوذاً , اما الخدم فلم يظهر من الكاميرا سوى ايديهنّ التي تحوّلت الى زرقاء تماماً !
سعيد بدهشة : ارأيتما ايديهنّ ؟! هل هنّ فضائيات ؟!
صديقه الأول بفزع : بل اظنهم عفاريت !
الصديق الثاني بخوف : تقصد ان في بيوتنا خدمٌ من الجن !

سعيد : و قد سيطرنّ تماماً على نسائنا و اطفالنا و الكثير من رجال المنطقة .. علينا ان ننقذهم !!
الصديق الأول : دعنا اولاً نستمع الى كلام الملعون سمير

فأنصت الأصدقاء الثلاثة الى كلام سمير مع خادماته :
سمير : انا فخور بكنّ يا عزيزاتي , فقد نفّذتنّ المهمة بنجاح .. والآن علينا تنفيذ الخطة النهائية , و ان نقتادهم جميعاً نحو العالم السفلي , فنحن بحاجة الى طاقتهم لإحياء مدينتنا

في الجهة المقابلة ..
يقول صديق سعيد بفزع : اسمعتم هذا ؟! سيخطفون عائلاتنا ! 
سعيد بحزم : لن نسمح لهم بذلك !!
الصديق الآخر بقلق : لقد حدّد مساء الغد للمهمّة , و قد سمّاه : بيوم الإختطاف الكبير
سعيد : اذاً لنتفق على خطة لمواجهته في الغد 
***

و في مساء اليوم التالي .. راقب الرجال الثلاثة سمير بحذر , وصاروا يتتبّعونه الى ان دخل كهفاً موجوداً خارج المدينة .. لكن قبل ان ينقضّوا عليه ليمسكوه , تفاجأوا بعائلاتهم يسيروا كالمخدّرين بثياب نومهم تسوقهنّ الخادمات اللآتي تحوّلت اشكالهنّ الى جنيّات زرق , ثم دخلوا جميعاً الى الكهف , و الرجال الثلاثة يراقبونهم بقلق خلف الصخرة
صديق سعيد بقلق : ماذا نفعل الآن ؟!
سعيد : سندخل معهم و كأننا منوّمون مثلهم

و عندما اندمجوا مع عائلاتهم , فتح سمير بوابة مخفية داخل جدار الكهف بعد ان قال تعويذة سحريّة بلغة غير مفهومة !

و كان داخل هذا الباب يوجد درجٌ طويل نحو الأسفل .. و عندما بدأت الأهالي بكبارها و صغارها ينزلون الأدراج , ركض الرجال الثلاثة و هم يحملون السكاكين باتجاه سمير لإيقافه و الذي صرخ بدهشة لخادماته :
- لقد كشفونا !! اوقفوهم

فطارت بعض الخادمات باتجاه الرجال الثلاثة و هنّ يحملنّ العصي و انهالوا عليهم ضرباً الى ان فقدوا الثلاثة وعيهم 
***

عندما استيقظ سعيد في صباح اليوم التالي .. كان هو و صديقاه محجوزين داخل قفص حديدي كبير يشبه قفص العصافير و المعلّق بغصن شجرة ضخمة تطلّ على سهولٍ من الأراضي الزراعية التي لا تشبه الأرض بشيء ! فحقولها رمادية اللون و نهرها احمر و مزروعاتها فضية و ذهبية , و كانوا يشاهدون عائلاتهم و قد تحوّلوا الى مزراعين يعملون بصمت في الحقول و بكل إذعان ! اما اولادهم الصغار فكانوا يلعبون مع اولاد الجن دون خوف او فزع , و كأنهم في اجازة جميلة !

و هنا ! اقترب سمير منهم..
سعيد بقلق : ماذا ستفعل بنا ايها المشعوذ اللعين ؟!
سمير بابتسامة المنتصر : سنعلّم اولادكم فنون السحر بمدارسنا الخاصة  , و الخرّيجين منهم سنعيدهم الى الدنيا التي فوقنا , لإفساد البشر .. اما باقي عيلكم فسيبقون عبيداً عندنا

صديق سعيد بخوف : و ماذا عنا ؟
سمير : انت و صاحبك و الأخ العزيز سعيد ستكونون خدم في قصري  
سعيد بغضب : و من قال اننا سنخدمك ؟!!
سمير : و الله ان لم تفعلوا , سأقتل اهاليكم .. هل تريدون التأكّد بنفسكم ؟

و نادى على جنية لتحضر زوجة احد الصديقان , و التي اتت معها دون مقاومة و كانت عيناها قد تحوّلتا الى بيضاء مخيفة !
ثم قال المشعوذ سمير للزوجة : 
- اعتقد اسمك عبير , اليس كذلك ؟
فأومأت برأسها ايجاباً..وهنا صرخ زوجها المعلّق بأعلى الشجرة :
- عبير !! حبيبتي , انا هنا !! انظري للأعلى !!

لكنها لم تقم بأي ردّة فعل , فقال سمير للزوج :
- لا احد يراكم هنا سوايّ , فلا تتعبوا انفسكم بالصراخ
ثم قال سمير للزوجة :
- عبير .. امسكي هذا السكين و اقطعي شراينك

و على الفور ! امسكت الزوجة بالسكين .. لكن قبل ان تنفّذ الأمر , صرخ زوجها بفزع :
- حسناً حسناً !! سأكون خادمك يا سمير .. ارجوك لا تؤذي زوجتي

و بعد ان عرف الرجال الثلاثة جدّية تهديد سمير , خضعوا مرغمين لرغبته 
***

و مرّت الشهور ببطأ .. تحوّل فيها افراد المنطقة الى مزارعين وعمّال في عالم الجن السفلي , بينما اصبح الرجال الثلاثة (المتمرّدين) الى مجرّد خدم في قصر سمير , و قد تحمّلوا اهاناته كل يوم خوفاً على آهاليهم
*** 

و في احدى الأيام .. استغلّ سعيد غياب المشعوذ سمير ليهرب من القصر , و يذهب ناحية النهر الأحمر .. و يرمي زجاجة فيها ورقة , علّها تصل الى مصبّ نهرٍ في دنيا البشر 
*** 

و في يومٍ مشمس (بعالم الإنس) .. وجد رجلٌ كان يمشي قرب النهر تلك الزجاجة , و فتحها ليجد ورقة بخط سعيد مكتوبٌ فيها :
- يا ايها البشر !! ان كانت خادماتكنّ مثاليات اكثر من اللزوم , فاعلموا انهنّ خدمٌ من جهنم 

و عندما عاد الى منزله اراها لزوجته التي قالت :
- ماهذا الهراء ؟! بل هناك خادمات مثاليات , كخادمة اختي التي احضرتها من المكتب الذي افتتح حديثاً في منطقتنا , اعتقد اسمه : مكتب سمير .. و افكّر يا عزيزي بأن احضر واحدة لنا .. ما رأيك ؟
- كما تشائين يا عزيزتي 

الجمعة، 14 أبريل 2017

لا تيأس يا صديقي

تأليف : امل شانوحة


صداقة,حب,فراق,سحر,عذاب
لا تترك يدي الآن !!


كان سامي يجلس قرب الشاطىء مكتئباً , حين اقتربت منه امرأة عجوز  و قالت له :
- لا تقلق .. هي ما زالت تحبك
بدهشة : من تقصدين ؟!
- التي تفكر بها الآن 
- انا لا افكر بأحد
- بلى .. تفكر بأماني , حبيبتك العنيدة .. لكن عليك ان تعذرها لأنها مجبورة على الإبتعاد عنك
- لا !! هي فعلت ذلك عن قصد .. ثم من انت ؟!
- انا امرأة ذات بصيرة

مقاطعاً : انا لا اصدّق بكلام البصّارات
- انا لست ببصّارة و لا مشعوذة , لكني ارى ما لا تراه .. فهل تريدني ان اخبرك لما كانت مجبورة ..
مقاطعاً و بغضب : لا !! لقد تعبت بالركض خلفها .. فلتذهب للجحيم !!

و قبل ان يتوجّه الى سيارته , اوقفته قائلة :
- لأنها مسحورة
بعصبية : بل قولي مجنونة !! ثم انا لا اصدّق بهذه التخاريف
- لقد سحرتها قريبتها و هي صغيرة .. و الأسوء انها حبست روحها في مكانٍ محفوفاً بالمخاطر , و لن يقدر عليه الا اقوى الشجعان  
يضحك ساخراً : ارجوك اذهبي في حال سبيلك , انا لا ينقصني مجانين

- اذاً امسك يدي و اغمض عيناك و سترى الحقيقة
لكنه اكتفى بالنظر اليها , فقالت بحزم : 
- مابك تجمّدت في مكانك , هل انت خائف ؟ الا تريد ان تعرف لما حبيبتك تهرب منك كلما اقتربت منها .. هيا امسك يدي !!

و بعد ان امسك يد المرأة و أغمض عيناه : ((( شاهد نفسه في مكان بعيد  يلبس لباس الأمير و يركب حصاناً ابيض و يحمل بيده سيفاً .. و كان قد وصل بتجواله الى نهاية الغابة المظلمة .. و حينها لمح جبلاً مهيباً امامه , و ضوءاً خافتاً يخرج من كوخٍ خشبي صغير موجود في اعلاه ..

و فجأة !! اعترته رغبة قوية بالأسراع الى هناك .. فانطلق بحصانه ملوّحاً بسيفه يميناً و يسارا , مُقطّعاً بذلك الأغصان اليابسة التي تعترض طريقه .. لكن قبل ان يصل الى فوق , اوقفته قطيعاً من الذئاب الجائعة , و تجمّد حصانه في مكانه .. فما كان منه الا ان ترجّل عن فرسه و توجّه بحذر نحو من يظنه قائد القطيع .. وعلى الفور حصلت بينهما مواجهة عنيفة , تعرّض فيها الأمير الى عضّاتٍ مؤلمة في كل ارجاء جسده .. 

لكنه بالنهاية استطاع قطع رأس الذئب بسيفه , مما جعل بقية القطيع تفرّ هاربة , بينما فرّ حصانه بالجهة المعاكسة ! .. فأكمل السير على الأقدام صعوداً نحو اعلى الجبل , و قد عانى الأمرّين من التعب و الأرهاق , و من الم الجروح التي سببتها له المعركة السابقة كما احتكاك جسده بالأغصان الجافة ..الى ان وصل اخيراً للكوخ .. 

و هناك رأى من خلف الزجاج , فتاةً جميلة تجلس حزينة على سريرها و كأنها تنتظر فرجاً طال انتظاره .. فحاول الأمير طرق الزجاج السميك للفت انتباهها , لكنها لم تسمعه ! 
اما الباب فكان مقفولاً بستة اقفالٍ صدئة , حاول جاهداً قطعها بسيفه  
و بعد ساعة من المحاولات المستميتة استطاع اخيراً فكّ خمسة منها , بعد ان انهكه التعب .. 
و هنا ! احسّ بأحدٍ يربت على كتفه , و اذّ بساحرة مخيفة المنظر تقول له بهدوء :
- ماذا تظن نفسك فاعلاً ؟
بثقة : اريد انقاذ هذه الفتاة 

- عليّ اولاً ان اهنّئك على شجاعتك , فأنت الوحيد من الرجال الذي استطاع ان يتجاوز كل الحواجز الصعبة التي وضعتها للوصول اليها , و ثانياً .. 
الأمير مقاطعاً : أأنتِ من قمتِ بسجنها ؟!
فأجابته بلا مبالاة : نعم , هي قريبتي 
- وهل يحق لك سجنها في هذا المكان المعزول , فقط لأنها قريبتك ؟!
- يبدو انك تريد ان تعرف القصة من البداية , لكن دعنا نبتعد عن هنا قليلاً

و صارت تخبره بالقصة و هما يتمشيان .. 
- عندما تعلّمت السحر , سألت استاذتي : مَن مِن اقربائي سيكون محظوظاً في المستقبل ؟ .. فأجابتني : اماني هي اكثرهم حظاً , فهي ستتزوج اميراً شهماً شجاعاً و صبوراً و سيكونا اسعد زوجين .. و هذا ضايقني للغاية لأنه حلم حياتي , فبأيّ حق يكون من نصيب هذه الطفلة ؟!!
بدهشة : اسجنتها هنا منذ ان كانت طفلة ؟!

- نعم , في سن السابعة .. و قد استطعت ابعاد عنها كل المعجبين , فلا احد يرى جمالها او ذكائها او طيبة قلبها .. لكنك بعنادك  و إصرارك استطعت تخطّي جميع العقبات !
بحزم : و سأكمل حتى النهاية !! 

- على رسلك يا عزيزي .. دعنا نرى الموضوع من جهة اخرى ..  اماني فتاةٌ بريئة .. بريئةٌ للغاية .. افهمت ما اقصد ؟
- لا !
- انت نشأت في بيئة متحرّرة , و كنت دائماً محاطاً بالنساء , يعني لنقل .. المشاغبات .. و قد تعوّدت على متع الحياة .. و لهذا اصرّ على كلامي : بأن هذه الفتاة لن تنفعك 

- ربما كلامك كان صحيحاً في الماضي , لكنني مللّت من النساء السهلة .. فأماني فتاةٌ عنيدة , مثلي تماماً ! كما هي فريدةً من نوعها
- بالضبط !! هي اعجبتك لأنها مختلفة عن الأخريات .. يعني مجرّد نزوة .. شيءٌ جديد تريد تجربته ليس الاّ 

- ليس صحيحاً !! فأنا تعدّيت مرحلة الشباب الطائش , و انوي اكمال حياتي مع سيدة محترمة اثق فيها في حلّي و ترحالي
- و هل ستثق هي بك و سجلّك مليئاً بالهفوات الفاضحة ؟
بعصبية : عليها ان تثقّ بي !! فأنا سأترك عالمي كلّه لأجلها 

- لنفترض انكما تزوجتما .. الن تملّ منها في المستقبل ؟ الن تفكّر يوماً بخيانتها , مع العلم ان هذا سيقتلها تماماً ؟
- لا !! و سأكون نِعم الزوج لها
- طيب الى متى ؟ سنة .. سنتان ؟ 
فأجاب بثقة : العمر كلّه !!

- و ماذا عن زوجتك ؟ 
- سأعدل بينهما
- زوجتك في بلاد الغرب و اماني هنا في الشرق , أستسافر هنا  و هناك ؟ الأمر شبه مستحيل يا رجل 
يصرخ بغضب : لما تريدين احباطي يا امرأة ؟!!

- صدّقني انا اريد مصلحتك .. اصلاً ان كنت تحب اماني فعلاً فعليك ان تبتعد عنها , فهي بكل الأحوال لن تستطيع مجاراة حياتك الصاخبة .. هي فتاةٌ بسيطة تريد حياةً تقليدية , يعني زوج و اولاد 

فيسكت الأمير بحيرة , فتُكمل كلامها :
- اسمع مني !! هذه الفتاة ستُعقّد لك حياتك , و ستمنعك من التسلية كما يحلو لك .. فماذا ستفعل حينها , استخدّرها لتخرج من المنزل ؟ ام ستغريها بالمال و الهدايا و الزهور ؟ .. اماني ذكية و لن ينفع معها هذه الوسائل , لأنها تستطيع اكتشاف خيانتك بمجرّد النظر الى عينيك .. فهي كل ما تتمنّاه منك هو الأخلاص , و هو الشيء الوحيد الذي لا تستطيع اعطائه لها .. لذا اتركها , و دعّ شخصاً آخر يحاول اخراجها من هنا

و هنا ! شعر الأمير (سامي) بمللٍ يسري في قلبه , و رغبة جامحة بالهرب من هذا المكان .. و احسّ بقدميه تبعدانه ببطأ عن المكان وتنزل به لأسفل الجبل , شاعراً بالضياع و الحيرة ! .. و ظلّ هكذا الى ان ابتعد عن انظار المشعوذة التي اطلقت ضحكتها المجلّجة معلنةً انتصارها الجديد 

ثم عادت الى الكوخ ووضعت اقفالاً خمسة جديدة على باب الفتاة بدل تلك المكسورة , و هي تتمّتمّ بسعادة : 

- يا مسكينة يا اماني .. لقد كان هذا الشاب العنيد هو فرصتك الأخيرة , لأنه اول من يصل الى هذه المرحلة منذ سنوات .. لكنه خسرك كما الآخرين .. ليته يعرف ما فاته .. لقد خسر سعادة الدنيا و الآخرة بإمراة صالحة و قنوعة مثلك .. من الجيد انه لم يدرك بأنك بالفعل توأم روحه .. لكنه سيعرف ذلك حتماً بعد رحيلك عن هذه الدنيا .. بقيّ القليل و ارتاح منك للأبد

ثم نزلت من الجبل و هي تتقهقه بفرح , تاركةً الفتاة بالداخل تصلي و تدعي ربها كعادتها كل مساء لينفك سحرها الأبدي)))

و عندما فتح سامي عينيه ترك يد المرأة العجوز برعب , و انطلق مسرعاً نحو سيارته المركونة قرب الشاطىء 

بينما كانت المرأة المجهولة تراقبه و هو يبتعد من امامها , و هي تتمّتم بشفقة :
- بات القرار بيدك الآن يا سامي .. امّا ان تعاند السحر و تنقذ اميرتك و تسعدا مدى الحياة , او  تيأس و تخسر حباً لا يعوّض !

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...