السبت، 6 يوليو 2024

الحب المُحتجزّ

تأليف : امل شانوحة 

الطائرة المُختطفة


كل شيء بدى ضبابيّاً بالنسبة لوليد وهو يركب الطائرة مُهاجراً للغربة ، بعد صدمته العاطفيّة الكبيرة التي هزّت كيانه : فسكرتيرته التي عشقها لسنوات ، علم بخيانتها مع صديقه قبل يومٍ واحد من عرضه الزواج عليها ! حيث تواجد خاتم الخطوبة في جيبه حين رآها بين احضان شريكه في مكتبه ، بعد تفضيلها عليه لثرائه ! 

ولشدّة قهره ، باع حصّته لشريكه ..وقطع تذكرة ذهاب لأستراليا دون عودة ، تاركاً الأهل والأصدقاء بعد تحطّم قلبه من حبه العاصف لأمرأةٍ لعوب 

^^^


وكأن ما حصل معه لا يكفي ! فبعد إقلاع الطائرة ، تفاجأ بخاطفيّن يُهدّدان الركّاب بتفجيرها إن لم يلتزموا بأوامرهما.. 

ولشدّة يأسه ! إنفجر ضاحكاً ، كسخرية على سوء حظه .. مما استفزّ احد الخاطفيّن الذي سحبه من ذراعه ، وحبسه في خزانةٍ صغيرة (خاصة بأغراض المضيفين) .. ليتفاجأ وليد بوجود مضيفة مُحتجزة هناك ! 


وبعد إقفال الخاطف الباب عليهما ، سألها باستغراب :

- هل احتجزوكِ ايضاً ؟!

المضيفة : نعم ، لأني لاحظت السلاح بخصر احدهما .. فأسرعت بتحذير الطياريّن بقفل باب الكابينة ، ومنع الخاطفيّن من إجبارهما على تغيّر مسار الرحلة او إغراقها بالبحر ! فجنّ جنون الخاطف لإفسادي خطته ، ورماني هنا كي لا اثير المزيد من المشاكل .. فماذا فعلت انت ؟

وليد بابتسامةٍ ساخرة : ضحكت بكل ما اوتيت من قوّة 

فسألته بدهشة : وما المضحك باختطاف طائرتنا ؟! فربما يقتلونا جميعاً !

- والله ياريت

- تبدو يائساً للغاية ! هل خسرت عملك ، او توفيّ شخصاً عزيزاً عليك ؟

وليد بقهر : ليتها توفيّت ، كان اهون من طعنة القلب الموجعة

المضيفة : آه ! صدمةٌ عاطفيّة.. دعني أُخمّن : أحببتها بجنون ، وخانتك

فطأطأ رأسه حزناً ، وهو يحاول إخفاء دمعته..


فأكملت كلامها : آسفة ، لم اقصد الإستهانة بألمك .. لكنه الحال دائماً في جميع العلاقات : لابد أن يكون أحد الطرفيّن مخلصاً للغاية ، بينما الثاني يدخل العلاقة للتسليّة وتضيّع الوقت

وليد : انا لست ضعيفاً .. وكان بإمكاني تحطيم عظام الخائنيّن ، لمعرفة شريكي بعلاقتي بها .. لكنهما لا يستحقان تورّطي قانوناً ، بسبب قذارتهما 

- أحسنت التصرّف !! 

- ماذا عنكِ ، هل انت مرتبطة ؟

المضيفة : لا ، يفضّلون العزّاب لهذه الوظيفة

- اذاً ما ادراك بالصدمات العاطفيّة ؟

المضيفة : صدّقني لا يوجد احد لم يعاني منها .. فأنا مثلا ارتبطتّ لسبع سنوات بشخصٍ خطبني ، ثم سافر أوروبا ..وكل سنة يُخبرني انه سيتزوجني في العطلة الصيفيّة .. لأكتشف بعدها انه متزوّجٌ قبلي .. ولديه ابنة ينتظر بلوغها 18 ، خوفاً أن تحرمه زوجته الأجنبيّة من رؤيتها .. وبسبب تماطله ، ضاعت أفضل سنوات عمري !

- ربما كبرت ابنته الآن 

- لم يعد يهمّ بعد إنهائي العلاقة ، فأنا لا اقبل بخراب عائلته لأجلي 

ثم ابتسمت ..

فسألها باهتمام : مالذي يضحكك ؟!

المضيفة بنبرةٍ حزينة : شاهدت قبل شهر صفحته على الفيسبوك .. يبدو انه رُزق بطفلٍ جديد ! المشكلة انها ليست المرة الأولى التي تتعسّر فيها اموري


وصارت تحدّثه عن المشاكل التي مرّت فيها ، للتخفيف عنه ..لكنه ظلّ مُكتئباً !

المضيفة : حسناً دعنا من القصص الحزينة .. ما رأيك لوّ نضحك قليلاً ؟ سأخبرك بأطرف المواقف التي حصلت معي كمضيفة


وبدأت تخبره عن اغرب المسافرين التي قابلتهم .. بعدها أخبرته بنكتةٍ طريفة عن الطيران.. وهذه المرة استطاعت إضحاكه ، لدرجة ان صفّق يده معها .. لكن الغريب ان كلاهما لم يُبعدا اصابعها عن بعض ! وكأن مغناطيساً جمعهما في تلك اللحظة بعد إنجذابها لقوّة قبضته ، وإعجابه بنعومة يدها الصغيرة .. حيث نظرا لبعضهما بدهشة في انتظار من يسحب يده اولاً ، لكنهما لم يفعلا لشعورها براحةٍ لا مثيل لها بعد تلامسهما البريء ! وكأنهما غرِقا في المحيط لسنواتٍ طويلة ، ووجدا جزيرة الأمان اخيراً


وفي خُضمّ تلاطم مشاعرهما الغير مفهومة ، سمعا صوت قفل الباب ! وكانت ردّة فعل وليد : ان حماها خلف ظهره ، خوفاً عليها من المُختطف المُقنّع الذي اراد اخذها ، لتهديد الطيّار بفتح الكابينة او قتلها ! لكن وليد منعه من ذلك..

المختطف : حسناً ايها الشهم ، سآخذك بدالها


وأمسك بذراع وليد وهو يسحبه ناحية الباب ، تحت تهديد السلاح .. ليتفاجأ كلاهما بالمضيفة تمسك خصر وليد بقوّة ، وتمنعه الذهاب مع المختطف الذي انفجر ضاحكاً:

- هل عشقتما بعضكما بهذه السرعة ؟! يبدو انني كنت مُوفّقاً بحجّزكما معاً ! كان الأفضل لوّ امتهنت وظيفة الخطّابة

وأعاد قفل الباب ، وهو مازال يضحك على ردّة فعلهما الرومنسيّة !


وهما في المقابل : إنصدما من خوفهما على بعضهما بهذه الطريقة ، والشجاعة التي امتلكاها للوقوف بوجه خاطفٍ مُسلّح !


واثناء ارتباكهما ، أحسّت المضيفة بشيءٍ قاسي تحتها ! فأزالت قطعة المُكّيت ، لتجد حلقة بابٍ صغير على ارضيّة الغرفة !

المضيف : آه صحيح ! كيف نسيت ؟

وأدارت الحلقة ، ليجدا سلّماً للأسفل !

المضيفة : هذا مخزن الأمتعة .. دعنا ننزل ، للإبتعاد عن الخاطف


ونزلا السلّم الصغير .. من بعدها أقفلت الباب من الأسفل ، كيّ لا يلحقهما الخاطف وزميله..

وليد : جيد انك غطّيتي الحلقة بالمكّيت قبل نزولنا

المضيفة : هذا سيُفقد الخاطف عقله ، بعد اختفائنا المُفاجئ


ثم اشعل قدّاحته ، لرؤية المكان المُعتم المليء بالحقائب (بعد ان أخذ الخاطف جوّاله هو والمضيفة قبل إحتجازهما)..

وليد : ماذا سنفعل الآن ؟

المضيفة : نحن اسفل مقاعد الركّاب ، وهناك سلالم تصلنا لكل جزءٍ فوقنا .. لذا سنكمل السير حتى نصل للكابينة .. فحسب ما اذكر من الدورة التدريبيّة : هناك سلّماً يصلنا بالطياريّن

^^^


وبالفعل صعدا الى هناك .. ليتفاجآ بمساعد الطيار يوجّه المسدس نحوهما ، لكن سرعان ما أخفضه بعد رؤيته المضيفة

- أخفتني يا زهرة !

المضيفة زهرة : لا تقلق منه .. (وأشارت لوليد) ..فهو مختطفٌ مثلي

فقال مساعد الطيّار لزهرة بامتنان : 

- نحمد الله انك نبّهتنا على قفل بابنا قبل اقتحام الخاطفيّن الكابينة ، وإلاّ لكانا أجبرانا على تنفيذ طلباتهما

فرّد الطيّار : لكن فرحتنا لن تدّوم طويلاً .. فقبل قليل هدّدنا احدهما بقتل راكبٍ كل خمس دقائق إن لم نسمح له بالتحدّث مع مدير المطار ، لإيصال طلبه لرئيس الجمهوريّة بغرض حصوله هو وزميله على فديّةٍ خياليّة !

زهرة باستغراب : رئيس الجمهورية مرةً واحدة !

مساعد الطيّار : يبدو شاهدا الكثير من الأفلام الأمريكيّة !

وليد : دعوا الموضوع لي ، فأنا ملاكمٌ سابق

زهرة بقلق : ماذا ستفعل ؟!


وليد : السؤال الأهم ، كم عدد الخاطفين بالضبط ؟ هل هما إثنين فقط ؟

زهرة بحزم : انا متأكّدة من ذلك !! فقد لمحتهما معاً ، قبل دخولهما الطائرة

وليد : اذاً سأنزل من جديد للمخزن ، وأتخطّى الأمتعة للوصول لمكانهما .. فكما لاحظت بين الشقوق : أن احدهما يقف في ممرّ الدرجة السياحيّة .. والآخر عند درجة رجال الأعمال .. وسأقوم بلكم كل واحدٍ على حدة الى ان يفقد وعيّه ، ثم أحتجزه مُقيّداً في المخزن.. كل ما احتاجه هو كشّاف وحبل

مساعد الطيّار : لا يوجد حبل ، لكن لدينا اسلاك بلاستيكيّة كالتي تُستعمل في المعتقلات .. نحتفظ بها في خزانتنا ، كنوع من الأصفاد للركّاب المشاغبين

الطيّار : المهم ان تبقيهما غائبا عن الوعيّ لحين هبوطنا

وليد : لا تقلقوا بهذا الشأن ، فأنا خبير بالفنون القتاليّة


وقبل عودته للمخزن ، أمسكت زهرة يده بخوف :

- رجاءً انتبه على نفسك

وليد : لا تقلقي عليّ .. كل ما اريده منك أن تثقي بي ، وتدعي لي بالسلامة

فمسحت دمعتها وهي تراقب نزوله للأسفل

^^^


وبالفعل نجحت خطته ، وهبطت الطائرة بأمان..

وفور نزول وليد وزهرة من الطائرة ، لم يتركا بعضهما طوال التحقيقات بمركز أمن المطار : عمّا حصل منذ بداية الإختطاف ، لحين القبض على الخاطفيّن .. 

بعدها تبادلا ارقام جوّالاتهما .. وصارا يتحدّثان بنهاية كل اسبوع ، اثناء استقراره في استراليا وعودتها للعمل بالسفر حول العالم .. الى ان سألها يوماً :

- ماذا لوّ طلب حبيبك التخلّي عن المهنة التي تحبينها مقابل الزواج ؟

وفور إنهاء سؤاله ، اجابت زهرة بحماس :

- إن كان انت ، فموافقة !!

***


وبالفعل عُقد الزواج بعد التعاهد بالإخلاص بينهما ، وتناسي تجربتهما السابقة التي كانت مجرّد درسٍ قاسي جعلهما يُقدّران حبهما الذي حصل صدفة في غرفة الإحتجاز بالطائرة المُختطفة !


هناك 11 تعليقًا:

  1. سأحاول النشر مجدداً بعد خمسة ايام او اسبوع بإذن الله ، حسب الظروف

    ردحذف
  2. حمدالله على السلامه ..طيب مابدري ..هل عدتي حقا ? ..ما اخبار المجرات الشقيقه والاكوان الموازيه ? ..طيبه ! لله الحمد ..
    وليد سيجال هذا بالمناسبه اعرفه ..اليس شقيق ستيفن ? ..حسنا يعني ما اجملها من حبسه فوق السحاب والغيوم ..والديابه بتعوي .. عو عو عو ..والبرق بيبرق ..رق رق رق ..والرعد بيرعد ..رع رع رع ..والجو رومانسي 💘
    ثم ختمتي بزواجهم 💍طيب طااااااايب ..
    احبسوني معاهم طيب ..او معاها 😭

    ردحذف
    الردود
    1. لم اعد بعد .. الضيوف سيسافرون اخر شهر 7 .. لذلك النشر سيكون كل 5 ايام او مرة بالإسبوع حسب الظروف .. كان الله في العون

      حذف
  3. ✍️ ساهر...
    السلام عليكم..
    أهلاً بالمبدعة أمل وأهلاً بالجميع..
    عام هجري جديد خير وبركة..
    حقق الله لنا جميعاً كل أمنياتنا
    وكل ما نرجوا في هذا العام يارب ،

    سأذكر لكم موقف من أرض الواقع وفي لأحد الأشخاص المعروفين لدينا حصل في فترة التسعينيات..
    أحد الأشخاص رأى فتاة في نفس الحي من أحد الجيران أعجبته فصار يتابعها عندما تخرج من منزلهم مرة واثنين وثلاثة فاضطرت الفتاة مواجهته بأسلوب جاد وحازم
    ( فيك خير جيب أهلك تعال تقدم للزواج ولن أرفضك ولكن والله إن أعدت مطاردتي فسوف يتم الرد عليك من طرف والدي وأخواني )
    تمت الخطبة ثاني يوم وتم الزواج بعد تقريباً كم شهر...
    لم يكن هناك هناك أي لقاءات ومواعيد على مدى أعوام كما حصل بين الشاب والسكرتيرة فكانت نهايتها خيانة وألم؟!

    بالنسبة لما حصل بين وليد والمضيفة
    كان من باب الصدفة تحت ضغط الظروف الخارجة عن إرادتهما وبتقدير من رب العباد أن جمع بينهما بالحلال، فلم يكن هناك أي إسترسال محرم يغضب الله؟! كان تواصل عن بعد لأجل الإتفاق على على أمر معين وهو أن تترك المضيفة عملها فوافقت فتمزالزواج فوراً،

    الحب ليس حرام ولكن الحرام المقصود
    هو الإسترسال المحرم مواعيد ولقاءات وغرام بعيد عن أعين الناس والشيطان حاضر يزين لهم أعمالهم وتطول المدة لشهور وسنة وسنتين في الخفاء متخفيبن كاللصوص تحت إسم الحب؟؟؟

    قصة تثقيفية توعوية تشرح الفرق بين الحلال والحرام بقلم المبدعة الرائعة
    أمل شانوحة،

    تحياتي/ ساهر...



    ردحذف
    الردود
    1. دائماً تشرح الفكرة التي لم انجح في ايصالها للقارئ ! شكراً لك ، كاتبنا المبدع ساهر

      حذف
  4. القصة بسيطة في عباراتها، لكنها جميلة في مبناها وعميقة في معناها.
    دمت بخير أستاذة أمل

    ردحذف
  5. اتعلمين؟؟
    لا تعلمين؟؟
    حقاً؟؟؟
    هاي اول قصة رومانسيه تعجبني الك🙂❤
    تعرفي ليش؟ لان كل قصصك الرومانسيه كانت عباره عن : البطل قاسي ويستعبد البطله بطريقه او بأخرى ، يخليها تخدمه او تشتغل عنده او ..او.. المهم يذلها بطريقه او بأخرى .. والبطله ام عقل الكبير العاقله الرازنه الهاديه المتفهمه ذات الجمال الساحر الباهر النادر المثاليييه
    من ثم حبيبنا البطل يحن قلبه عليها فيتزوجها ...🤡
    وطبعاً عمري ما انسى لما كتبتي قصه .. البطله قتلت ابن البطل بدون ما تدري .. وبعدين ما سجنها بل اشترط عليها ان تخدمه .. من ثم حن عليها و اكيد ما ننسى بنتها الي كانت وسيطه بيناتهم .... اخر شي تزوجها🤡
    ياللهووووي

    ردحذف
    الردود
    1. يبدو انك تحبين الرومنسية المنطقية وليست الخيالية .. وهذا امرٌ جيد ، سيفيدك بحياتك ومستقبلك .. دمتِ بخير ، يا عزيزتي نايا

      حذف
  6. ابداع من ابداع استاذه امل لايمل من قصصك انت المتنفس لي بالقراءه ابدعتي بالقصه
    حتى اخ ساهر كملها بطريقه واقعيه بزمن ماضي الان معاي الحياه اختلفت كثيرا
    عن وليد وموظفته كان استعجال باحداثها ولكن انت مبدع امانه سلمي على استاذه اسمى ذكريها نريد قصص رومانسيه مع جاك وجاكلين ههه

    ردحذف
    الردود
    1. اختي انتقلت الى منزل زوجها ، لا ادري ان كانت ستتفرّغ لي ثانية .. اخبرتها ان خطرت ببالها فكرة ، ان تسجّل صوتها وترسلها لي ، وانا انشرها لها .. على كلٍ ، سعيدة ان القصة اعجبتك

      حذف

المكتبة المشبوهة

كتابة : امل شانوحة    الثقافة الإجباريّة ! إعتاد جيم المغامر على السفر من بلدةٍ لأخرى لاستكشافها .. وفي دولةٍ اوروبيّة أضاع طريقه باتجاه الع...