الأربعاء، 6 ديسمبر 2023

الرحلة المتهوّرة

كتابة : امل شانوحة

عاصفة الصحراء


إتصل سعود بأصدقائه عصراً بعد عودته من العمل ، قائلاً بحماس :

- طالما غداً عطلة نهاية الإسبوع ، فسأذهب معكم الى الرحلة!! 

- لكن المسافة كبيرة بين قريّتك ومدينتنا !

سعود : سأنام ساعتين ، وانطلق بعد الغروب .. وبذلك أصل الى إستراحة الشباب آخر الليل .. ثم انام قليلاً ، للإنطلاق صباحاً الى نزهتنا .. فلي سنوات لم ألتقي بكم

- لكن انتبه ، فالجوّ يُنذر بعاصفة.. فإن امطرت بغزارة ، لا تسافر ليلاً...وستذهب معنا في رحلتنا القادمة

سعود : سأرى الوضع لاحقاً 

***


إستيقظ سعود في منتصف الليل .. وبدل إلغاء سفرته البريّة ، إنطلق بسيارته باتجاه الطريق السريع الذي خلا من السيارات بسبب العاصفة الرعديّة التي زادت قوّتها بعد قطعه نصف المسافة نحوّ المدينة !

فتمّتم سعود نادماً : غبي !! ماذا فعلت ؟! كان عليّ إلغاء الموضوع


لكن بسبب عناده ، زاد سرعته .. غير مكترثٍ بالأمطار الغزيرة ! 

كما فضّل عدم الإجابة على إتصالات اصدقائه ، رغبةً في مفآجأتهم بقدومه رغم الظروف الجويّة الصعبة


ولوحشة الطريق الذي زاد ظلمةً بعد احتراق عدّة مصابيح للشارع العام ، بسبب الصواعق المتتاليّة .. رفع صوت الأغاني ، خوفاً من نومه لطول المسافة


وفجأة ! ضربت صاعقةٌ قويّة ، على بعد امتارٍ من سيارته ! 

ولشدّة رعبه ، انحرفت سيارته يميناً ويساراً.. وبالكاد استطاع موازنتها فوق الشارع المُبتلّ بالمطر


لم يرعبه الحادث الوشيك بقدر تغيّر قناة مذياع سيارته ، الى صوتٍ مبحوحّ يُخبر قصصاً عن جنّ البرّ والصحراء ! 

ولم يستطع سعود تغيّر القناة ! وكلما حاول اطفاء المذياع ، زاد الصوت ارتفاعاً !


وظلّ المذيع العجوز يُخبر قصص الجنّ الواحدة تلوّ الأخرى ، بزيادة الرعب تصاعديّاً ! 

الى أن وصل للقصّة الأخيرة التي أرعبت كيان سعود ، بعد أن ابتدأها المذيع بقوله :

((آخر قصصنا عن شابٍ متهوّر ، أصرّ على رؤية اصحابه رغم العاصفة الرعديّة..))


وقبل إكماله القصة ، أُغلقت اقفال ابواب سيارته الأربعة ! وتوقفت المسّاحات عن الحركة ! لتصبح الرؤية معدومة ، بعد انطفاء انوار السيارة الأماميّة والخلفيّة..  لينصدم سعود بأن مقوّد سيارته يتحرّك لوحده !

فحاول الإتصال بالشرطة ، لكن جوّاله لم يلتقط أيّةِ إشارة على طول الطريق..


وقبل استيعابه ما حصل ! سمع المذيع يقول :

((انت ضيفنا الليلة))

وانحرفت سيارته باتجاه الصحراء المظلمة !

***


في الصباح التالي ..وبعد عدّة اتصالات من اصدقائه ، دون إجابة ! وبعد تأكيد جار سعود على رؤيته يقود سيارته متأخّراً ! 

إتصلوا بالشرطة التي بدأت البحث عن الشاب المفقود على طول الطريق العام مع جوانبه الرمليّة !  


ليجدوا سيارته متوقفة في منتصف الصحراء ، امام بئرٍ مهجور ! وجميع ابواب سيارته الأربعة مفتوحة ، بالإضافة للصندوق والغطاء الأماميّ .. 

وفي المقعد الأمامي : وجدوا ثوب سعود وحذائه وغترته ومفاتيحه وجوّاله ، ومحفظته التي فيها هويّته وماله ، دون أثرٍ له !


الشيء الوحيد الذي كان يصدح في الصحراء ، هو صوت الموسيقى العالية القادمة من سيارته الفارغة ، بأغنيّة : ((من حاول فكّ ضفائرها ، يا ولدي .. مفقودٌ مفقودٌ مفقود !!!


هناك 12 تعليقًا:

  1. كنت قرأت قديماً قصة حقيقية مشابهة لهذه ، عن سعودي مسافر وحده من حائل الى الرياض .. وعندما مرّ من وادي مخيف ، سمع اصوات قبائل الجن تدعوه للعشاء عندهم .. فوضع القرآن حتى مرّ من هناك بسلام .. فقرّرت تحويلها الى قصةٍ مخيفة.. اتمنى ان تعجبكم

    ردحذف
  2. قصة رائعة ومخيفة بنفس الوقت ولكن كنت اتمنى لو شرحتي ما حل بسعود بالنهاية

    ردحذف
    الردود
    1. ربما اصبح هو عشاء الجن القاطنين في البئر المهجور .. من يدري !

      حذف
  3. لاعشاء للجن ولاهم يحزنون هو قاعد عندي ونحن الاثنين محشيين بنضحك عليك املانو هههههههههههههههههههههههههـ مساكين انتو معشر البشر

    ردحذف
    الردود
    1. والله أضحكتني يا ابن اليمن .. اخيراً أصبح لدينا جنّياً مُعمّراً ، صديقاً للمدونة .. كيف الأحوال في الجهة الأخرى من العالم ؟!

      حذف
    2. هلا املانو والله نحن معشر الجن كنا في خير وعافيه لاينغص عيشنا شيئ بس من لما تداخلنا معاكم وفتحنا الابواب لنعبر اليكم اصبحنا مثلكم حروب ودمار ومجاعات ..لاسامحكم معشر البشر

      حذف
    3. معك حق ، هناك بشر العن من الجن والشياطين .. حمانا الله من شرورهم ، ايها الجني الظريف

      حذف
  4. قصة رائعة سلمت يداكِ

    ردحذف
  5. لـكن سمـاءك ممطــــرة وطـــريقـك مـســدود

    فحبيبــة قلبك ياولدي . ناءمة في قصر مرصود
    مـــن حــاول فك ضفائـرها مفقــود

    وسترجع يوماً يا ولدي مهزوماً مكسورا مفءود

    وهنا يختم الناظم او الراجز ويكأنه يتمتم...
    تبت يداااااا املا وتب ..

    وهنا قد تنبري كاتبتنا وقد لا تنبري لتقول وما ذنبها هي حتى تتب يداها ..
    فنقول وبالله التوفيق ..
    ماقاله الحجاج بن يوسف الثقفي للاعرابي :
    واننا لنعلم انك بريء ولم تقترف يداك ولكن بك صلاح الرعيه ..اضربوا عنقه .
    هيا اضربوا عنقها ..
    ههههه
    لان الطريف والظريف والمخيف ان اخر جمله بالقصه يكتبها السحره في اسحار لوقف الحال وعدم التوفيق والمرض والربط والتفريق ..
    طبعا ضفاءرها هذه تعود الى الطلاسم نفسها داخل السحر وليس ضفاءر الشعر .

    فيا قوم ..ان كاتبتنا لساحره 😈
    هلموا جميعا ..فلنحرق كوخهاااااا
    🔥🔥🔥🔥🔥🔥🔥🔥🔥




    ردحذف
    الردود
    1. حرام عليك يا رجل ، تقلّب القرّاء عليّ.. انا مسحورة ولست ساحرة ! المهم ان القصة اعجبت ذوقك التشاؤميّ .. تحياتي لك ، يا عاصم

      حذف
  6. سلمت يدك ياكنز الابداع

    ردحذف

الوجبة المُفضّلة

تأليف : امل شانوحة  المهمّة الصعبة في ثمانينات القرن الماضي .. وبعد اندلاع حربٍ شعواء بين طائفتيّن من نفس البلدة التي انقسمت لطرفيّن ، توقفت...