تأليف : امل شانوحة
الحب الطفوليّ
في الموعد المحدّد .. إجتمع 24 شاب وصبيّة (بين الثلاثين والعشرين عاماً) داخل صالة فيها شاشة كبيرة ، بعد تلبيّتهم دعوة حصلوا عليها من مصدرٍ مجهول !
دون فهم الحضور سبب إصرار مُرسل البطاقة على حضورهم بكامل اناقتهم ومعهم صورهم بمرحلة الروضة ، ايّ بعمر الخمس سنوات !
كما كان مكتوباً ببطاقة الدعوة : رقمٌ محدّد لكراسيهم ! بحيث يجلس كل شاب بجانب صبيّة لا يعرفها
وقبل التحدّث فيما بينهم ، انطفأت الأنوار .. وعُرض شريط فيديو ، يبدو انه صوّر على مدى سنوات داخل صفوف الروضة !
حيث ركّز المصوّر على ثنائيّات كل صفّ (ولد وبنت) اللذيّن كانا واضحاً الإنجذاب القويّ بينهما.. حتى انهما بكيا في كل مرة حاولت فيها المعلمة إبعادهما عن بعض
ففي بعض الفيديوهات ظهر الولد اكثر تعلّقاً بصديقته .. بينما في فيديوهاتٍ أخرى ظهر العكس : حيث كان جليّاً غيرة الفتيات من زميلاتهنّ اللآتي حاولن التقرّب من احبّائهن ، بمقاطع لطيفة للغاية !
وبعدها ظهرت امرأة عجوز على الشاشة ، وهي تقول :
- ربما لا تتذكّرونني ، لكني علّمتكم جميعاً في مرحلة الروضة .. وكنت أصوّر كل طفليّن أحبّا بعضهما في صفوفي .. مع كتابة جميع المعلومات عنهما في دفتر مذكّراتي : كأسمائهما الكاملة وعناوين منازلهما ووظائف والديهما .. لا ادري لما فعلت ذلك طوال مسيرتي المهنيّة ! ربما لأنه لم يتسنّى لي الشعور بالحب ، بعد إمضاء عمري في التعليم .. لهذا كان يُفرحني رؤية اطفالٍ وجدوا توأم روحهم بعمرٍ صغير .. (ثم سكتت قليلاً).. أتدرون ان بعض الأولاد الذين ظهروا بالفيديو ، هو انتم ؟
فشهق الجمهور بدهشة ، وهم يتلفّتون حولهم بارتباك ! خصوصاً للشخص الذي يجلس بجانبه .. لتكمل المعلمة قولها :
- نعم !! كما تلاحظون ، تعمّدت وجود فراغات بين كل ثنائيين .. فكل شاب يجلس الآن امام صديقته المُقرّبة في الروضة.. صحيح انكم اقل عدداً من الأطفال الذين ظهروا بالفيديو .. ذلك لأنني قبل دعوتكم ، قمت ببحثٍ شامل عن جميع تلاميذي العاشقين ، لأجد ان معظمهم تزوّج من شخصٍ آخر غير حبيبته بالروضة .. اما انتم !! فقد تأكّدت قبل حضوركم ، بأنكم عزّاب او مُطلقيّن .. لهذا لا مانع من لقائكم بحبّكم القديم .. سأدعكم الآن تتعرّفون على بعضكم من جديد ، بعد ان فرّقتكم الدنيا لسنواتٍ طويلة
وانطفأت الشاشة مع اضاءة الصالة .. ليقوم كل شاب بعرض صوره وهو صغير على الصبيّة التي تجلس امامه ..
وماهي الا دقائق ، حتى استردّوا بعضاً من ذكرياتهم القديمة .. لتمتلأ الصالة بالضحكات العفويّة ، والإبتسامات الخجولة ..
ولم ينتهي اللقاء ، الا بتبادل أرقام جوّالاتهم
***
خلال الأشهر التالية ، حصلت المعلمة على الكثير من البطاقات لحضور اعراس من جمعتهم بتلك الصالة .. مع رسالة شكر على تذكيرهم بحبهم الأول ..
وبالفعل حضرت اعراسهم بعد ان أهدتهم مقاطع الفيديو القديمة ، ليشاركوها مع اطفالهم مستقبلاً
وعادت الى منزلها وهي سعيدة بإثبات نظريّتها : أن الحب الأصدق بحياة الإنسان ، هو حب الطفولة !
.قصه لطيفه للغايه يا استاذه .ومشاعر راقيه صافيه صادقه .فكان مقدرا لهم ان يلتقوا وان تباعدت اجسادهم حينا .
ردحذفوأنى لهم ولهن !
احسنت مول 💐
انا اؤمن ان الأرواح المتشابهة تعرف بعضها دون حاجة للكلام .. وكأنهم عاشوا معاً في عالمٍ موازي دهراً من الزمن ، قبل ان يُحبسوا داخل اجسادٍ محدودة القدرات في دنيانا الكئيبة !
حذف