الاثنين، 29 يناير 2024

طائرة الأشباح

فكرة : ابن العراق 
كتابة : امل شانوحة 

الرحلة الغامضة


ضجّ المطار بصراخ واعتراض الأهالي بعد تأخّر وصول الطائرة عن ميعادها .. ووصل الإرتباك لإدارة المطار بعد اختفاء الرحلة عن نظام التتبّع لبرج المراقبة ! وحاولوا مماطلة الأهالي لحين مراجعة تسجيلات الطيّار لمعرفة إن كانت هناك مشكلة بطائرته ام لا ، لكن لا شيء يدلّ على ذلك ! فلما التأخير ؟ ولما لا تظهر الرحلة على شاشات المراقبة ؟!


وظلّ الوضع متوتّراً قبل ظهور الطائرة في سماء المطار ، ومطالبة الطيّار الإذن من برج المراقبة للهبوط ! ليهبط بسلام مع تنفّس الإدارة والأهالي الصعداء ، بعد تأخّر الرحلة لخمس ساعاتٍ دون مبررّ !


وبعد جلسة إستجواب من مسؤول الحالات الطارئة مع الطيّار (فور نزوله من الطائرة برفقة المضيفات) والذي تفاجأ بغضب مديره ! فهو حسب علمه لم يتأخّر مطلقاً عن موعد الهبوط ، حتى أن سعة وقود الطائرة لم تُفرغ تماماً مع طول الرحلة ! 

ورغم غرابة الحادثة ، فقد فضّل مدير المطار إخبار الأهالي الغاضبين بأن المسافرين اختاروا رحلة الترانزيت ، لهذا توقفوا في دولةٍ مجاورة للتزوّد بالوقود قبل إكمال رحلتهم !


والأغرب ان الأهالي فور لقائهم بأحبائهم ، نسوا تماماً سؤالهم عن سبب التأخير ! والمسافرون بالمقابل وصلوا المطار دون أن يُظهروا إنزعاجاً من التأخير ، وكأن رحلتهم مرّت بسلام !

***


الأسوء هو ما حصل لاحقاً ، بعد تغيّر طباع مسافريّ هذه الرحلة بشكلٍ سيء ! فأصبحوا اكثر عصبيّة وحقداً ، وصارت لديهم افكاراً سوداويّة وتشاؤميّة.. وانقلب تعاملهم مع اهاليهم وازواجهم ، فباتوا يغضبون من اقل كلمة او تصرّف ، مع رفضهم القيام بواجباتهم المعتادة ! 


ولم يربط احد تغيّر طباعهم بتأخّر رحلتهم الغامضة ، سوى العريس التي قدمت عروسته بذات الرحلة بفستان عرسها (والذي تعرّف عليها بالإنترنت ، كملاكٍ حقيقيّ) لكن فور وصولها منزله حتى تحوّلت لكابوس ، بعد رفضها إقترابه منها رغم زواجهما القانونيّ ! كما رفضت استقبال اهله الذين قدموا لتهنئتها بالزواج.. وبدت مختلفة تماماً عن الفتاة اللطيفة التي تعرّف عليها سابقاً !

***


وفي احد الأيام ..واثناء مشاهدة العريس لتيك توك ، رأى فيديو لمغامر وهو يصوّر مطار دولتهم المهجور منذ سنوات.. حيث ظهرت خيالات سوداء مساءً وهي تصعد على سلّم الطائرة المهترئة وهم يحملون حقائبهم اليدويّة ، كأنهم مسافرين لمكانٍ ما ! 


وما شدّ انتباه العريس ان احد الأشباح تلبس فستاناً طويلاً ومنتفخاً ، يُشبه فستان عرس زوجته التي لبسته في المطار ! ليس هذا فحسب ، بل احد المسافرين لبس زيّ تنكّري على شكل ديناصور لإسعاد حفيده .. وقد ظهر شبحه على هيئة ديناصور بلاستيكي ، وهو يصعد الى الطائرة الصدئة ! فهل هي مجرّد صدفة ؟


وعلى الفور !! إتصل العريس بصديقه الذي كان معه في المطار ، بانتظار امه العجوز التي قدمت ايضاً بذات الرحلة الغامضة .. وأرسل له فيديو الأشباح ، بعد ان اخبره صديقه عن تغيّر طباع امه عقب تلك السفريّة .. حيث ظلّت تتشاجر مع زوجته وتضرب اولاده بالعصا دون مبرّر ، الى ان تركوا منزله لحين إيجاده حلاً مع امه التي يبدو انها خرّفت باكراً ! 

وبعد مشاهدة الإبن لشبح العجوز ، أخبر العريس بأنها امه لتشابهما بذات العرجة !


فردّ العريس : 

- وانا ايضا قلت ان الشبح تشبه امك ، تماماً كعروستي ورجل الديناصور !

صديقه : وماذا يعني ذلك ؟!

- الصدمة الأكبر هي بعد تواصلي مع المغامر الذي اخبرني بتاريخ تصويره الأشباح

- لا تقلّ انه التقطها بذات تاريخ وصول الرحلة ؟!

العريس : وبنفس التوقيت المسائي !

- هناك لغز في الموضوع

- برأيّ علينا الذهاب للمطار المهجور بنفس زمن هبوط الرحلة عند الساعة ٨ مساءً ، لرؤية الأشباح من جديد .. لربما نستطيع التواصل معهم

***


واتفق مع صديقه على الذهاب باكراً وبسرّيةٍ الى هناك ، برحلةٍ استغرقت ساعتين للوصول للمطار المهجور على اطراف مدينتهم .. ووصلوا عند الوقت المحدّد


واثناء وقوفهما اسفل سلّم الطائرة المهترئة ، وهما يشاهدان بذهول صعود الأشباح للرحلة الغامضة .. تسارعت شبح العجوز بعكّازتها ، مُستندةً بذراع شبح العروس وهما تنزلان من الدرج باتجاه الشابيّن الفزعيّن ! قبل اختفائهما ، وكأنهما متشوقتيّن للقاء الشابيّن الّلذين سارعا الى السيارة المتوقفة خارج المطار المهجور

^^^


في السيارة ، وبعد التقاط انفاسهما..

العريس : ما تفسيرك لما حصل ؟!

- يبدو شبح امي وشبح عروستك لا تميّزان بين الخيال والواقع!

- عندي فكرة

- ماذا ؟

العريس : ما رأيك لو نحضر عروستي وامك غداً الى هنا ، بنفس التوقيت؟

- لتقابلا اشباحهما ؟!

- نعم ، فهناك لغز في الموضوع وعلينا حلّه

الإبن : هذا إن وافقت امي على الذهاب معي ، فهي لا تغادر غرفتها بعد طردها عائلتي من المنزل قبل اسبوعيّن

- وانا ايضاً لم اهنأ مع عروستي التي تجبرني على النوم بالصالة !

- اذاً علينا خداعهما لإيصالهما الى هنا

***


وبالفعل جلس الأربعة في نفس السيارة.. وطوال الطريق تذمّرت العجوز والعروس من النزهة الطويلة لمكانٍ مجهول ، بعد رفض الإبن والعريس إخبارهما عن وجهتهما !


وعندما توقفوا امام المطار المهجور.. دبّ الرعب في نفس العروس والعجوز الّلتان صرختا بعصبية ، مُطالبتان بالعودة فوراً لمنازلهما! 

ولم تهدئا الى ان قام العريس بوضع المخدّر على انف عروسته اولاً ، قبل تخديره العجوز التي كانت تضرب ابنها بالعصا بهستيريا !


وعندما نامت على كتف ابنها ، صرخ على صديقه معاتباً :

- ماذا فعلت بأمي ؟!!

العريس : بسبب توقعي ما حصل ، أحضرت معي مخدّراً طبّي.. لا تخفّ ، هما نائمتان فقط.. (ثم نظر لساعته).. علينا النزول حالاً ، قبل بدء رحلة الأشباح.. سأحمل عروستي ، وانت امك

^^^


وتوجها للمدرّج .. ووقفا اسفل درج الطائرة المهترئة ، قبل ظهور الأشباح المئة وهم يصعدون الى رحلتهم .. 


وما ان لمح شبح العروس وشبح العجوز اشباههما النائمتيّن ، حتى نزلتا فوراً من سلّم الطائرة وهما تبعدان بقيّة الأشباح الذين تابعوا صعودهم للطائرة !


ورغم فزع الشابان مما يحصل إلاّ انهما تماسكا ، وهما يريان الشبحيّن الأسوديّن يقفزان داخل الجسديّن المُخدّرتيّن بين ذراعيهما !


وفجأة ! شاهد الشابان الطائرة الصدئة وهي تتحرّك على طول المدرّج ، كأنها على وشك الإقلاع .. والمرعب في الموضوع انها لم تحلّق في السماء ، بل نزلت مقدّمتها اسفل المدرّج قبل اختفائها عن الأنظار ، كأنها رحلة الى باطن الأرض !


وبعد اختفاء الطائرة .. إسيقظت العجوز والعروس وهما تتساءلان عن سبب تواجدهما في المطار المهجور ؟! وتحدّثتا برزانة وهدوء ، وليس بعصبيّة وبنبرةٍ آمرة كما فعلتا طوال المدة الماضية !

فعلم الشابان ان ارواحهما الصالحة عادت اليهما من جديد..

^^^


وفي الطريق ، حاول الشابان تغيّر اسئلتهما عن سبب النزهة الغريبة؟! واكتفيا بالتعبير عن شوقهما الكبير لهما .. حيث خجلت العروس من نظرات العشق لعريسها ، بينما احتضنت العجوز ابنها وهي تسأله باهتمام عن زوجته واحفادها .. فكلاهما لا تعلمان بأخطائهما الجسيمة في الأيام الماضية ! 

***


ولم يستطعّ الشابان إخبار بقيّة اهالي مسافريّ الرحلة الغامضة : بأنه تمّ إختطاف ارواح اهاليهم الصالحة لعالم الجن ، واستبدالها بأرواح الشياطين الماكرة التي تمكّنت من سحب الطائرة لعالمها لخمس ساعاتٍ متواصلة ، وبطريقةٍ غامضة!


وفي الوقت الذي علقت فيه ارواح ٩٨ مسافر بباطن الأرض ، تمكّن الشابان من استرداد روح الأم والعروس بصعوبة ، والّلتان واجهتا خصومة الناس المقرّبين بعد سوء طباعهما في الفترة الماضية !


حيث تفاجأت العروس من غضب اهل عريسها بعد رفضها استقبالهم في بيتها ، رغم عدم تذكّرها ذلك ! وكذلك عانت العجوز من خوف احفادها منها ، ونفور كنّتها بسبب طباعها الصعبة في الأسبوعيّن الماضيين .. لكنهما بمرور الأيام تمكّنتا من تغيّر الأحداث لصالحهما !


اما بقيّة اهالي المسافرين ، فمازالوا لليوم يعانون من الطباع الصعبة لأحبائهم الذين تغيّروا للأسوء بعد الرحلة المشؤومة ، دون علمهم بأنهم مسجونين بعالم الجن والشياطين لأجلٍ غير معلوم !

****


ملاحظة :

شاهدوا فيديو اشباح المطار المهجور .. 



هناك 18 تعليقًا:

  1. هذه من القصص الفخورة بها .. أشكر صديقي ابن العراق الذي طلب مني كتابة قصة عن اختطاف الجن لطائرة ركّاب .. اتمنى ان تعجبه وتعجبكم

    ردحذف
  2. كالعادة تميز وإبداع
    أعجبتني القصة

    شكراً أستاذة أمل
    شكرآ ابن العراق

    في انتظار قصصك الجميلة الرائعة
    كل يوم أدخل المدونة لأرى الجديد

    ردحذف
    الردود
    1. شكراً لإخلاصك للمدونة ، صديقي الوفيّ محمد آل غلاب

      حذف
  3. احسنتم ...احسنتم ...قصه تصلح فيلم رعب درامي .
    ولكن اين حجرة الطيارين والمضيفات ..الذين سيعلقوا معا للابد في هذا السيناريو ماطمانتونا عليهم ...اني قلق ...
    مع ان الصوره مشوشه قليلا وبعيده بعض الشيء لكن اعتقد بأني اشتبه باحدهم ...

    ردحذف
    الردود
    1. يجب ان اكتب قصة عن الطيّار عاصم والمضيفات الحسناوات !

      حذف
  4. حزنت على خسارة منتخبنا ظلماً .. لكن سعادتي بالقصه انستني حزني ، خصوصاً عندما جعلتيها من القصص الفخوره بها .. عفواً ، وهذا واجبي كشخص يرغب بالاستمرار بتحقيق حلمه.. تحياتي لك

    ردحذف
  5. قصة مبدعة ولكن كنت اتمنى لو تم إنقاذ باقي الركاب من قبضة الجن شكرا لك ولابن العراق وانا اتابع قصصك دائما وبشوق وان كنت لا اعلق كثيرا عليها لانه نفسيتي تعبانة جدا مما يحصل في غزة ومنطقتنا فلا اشعر برغبة بكتابة اي شيئ تحياتي لك

    ردحذف
    الردود
    1. جميعنا متعبون بما يحصل بالوطن العربي ، لكن املنا بالله كبير

      حذف
  6. سعيد لان أفكاري تعجبكم ..
    سيده امل .. بالتأكيد استمر ، فلا شيء يستطيع ايقافي ابداً من شيءً احبه .. تحياتي لك

    ردحذف
    الردود
    1. كنت كتبت رواية عن الصديق الخيالي .. فكرتك تحتاج اضافات وتعمق بالمرض النفسي .. ربما احاول بعد انهاء قصتي الحالية ..

      حذف
  7. بس النهاية مبتورة و تقتل متعة القصة كلها و كأن الحبكة وقفت هنا

    ردحذف
    الردود
    1. هذه تسمى النهاية المفتوحة .. وهناك افلام عالمية بنهايات مفتوحة ، لترك الخاتمة لخيالات المشاهدين

      حذف
  8. بس الحبكة ما اخدت وقت عشان الخيال يقدر يرسم صورة للقصة

    ردحذف
  9. الله يعينك استاذه امل حتى هنا من يبكى على خسارة العراق وين ما اروح اراهم امامي /القصه جميله جدا ابدعتي كالعاده اكتبي لنا عن المقاومين وحب الوطن /

    ردحذف
    الردود
    1. ما هو شعورك الان عزيزي؟ 🎤
      هههههههههههه هههههههههههه

      حذف
  10. سيده امل .. فرحت كثيراً بخسارة المنتخب الأردني .. يا اللهي هذا جزاء القوم الظالمون ، وكما يقولون : الفوز قطري والفرحه عراقيه ..

    ردحذف

لقاءٌ ساحر (الجزء الأخير)

تأليف : الأستاذ عاصم تنسيق : امل شانوحة  رابط الجزء الأول من القصة : https://www.lonlywriter.com/2024/10/blog-post_4.html مفتاح الحرّية بعد ...