الاثنين، 19 فبراير 2024

المعركة الناريّة

تأليف: امل شانوحة 

 

معاهدة السلام


في بلدةٍ اوروبيّة ، بزمن العصور الوسطى ..أصدر الحاكم قراراً بالتجنيد الإجباريّ لكل مراهق بلغ ١٥ سنة ، وللرجال دون سن ٧٠ لخوض حربٍ مصيريّة مع عدوٍّ أراد تدمير قلعتهم !

***


وفي اليوم المحدّد ، إجتمع الجيشان في سهلٍ يبعد امتاراً عن القلعة المنيعة

وبدأت المعركة مع قرع طبول الحرب .. ورغم إتقان رجال القلعة لخطط المعارك الذكيّة ، وبراعتهم باستخدام السهام والرماح والسيوف ، الى انهم تفاجأوا بقوّة فريق العدوّ الذي فاقهم طولاً وصلابة .. عدا عن لياقتهم البدنيّة الخارقة التي ساهمت في إبادة نصف جيش القلعة ، خلال ساعاتٍ قليلة ! 


وقد لاحظ الحاكم الذي راقب المعركة بمنظاره من سطح قلعته ، أن فريقه يُهزم ! فنفخ بالبوق ، لإعلان فترة هدنة بعد اقتراب الشمس على المغيب .. بشرط إكمال المعركة غداً صباحاً ، لحين دفن الموتى وعلاج المصابين من جيشه الذي تكبّد خسائر ضعف جيش العدوّ !

^^^


واثناء إستراحة الجيشين ، إنتشرت الإشاعات بين جنود القلعة وهم يتداولون العجائب التي حصلت خلال المعركة الغامضة ! 

قائلاً احد الجنود ، وهو يستذكر بخوفٍ واضح :

- أحلف ان الجندي الذي كنت احاربه ، حلّق فوق رأسي حرفيّاً ! بعد قفزه مترين للأعلى ، ورمحي مغروز في بطنه

جندي آخر : وانا رأيت شعاعاً ناريّاً يخرج من يد احدهم ، بعد إسقاطي سلاحه على الأرض !

- وانا لمحت اسنان احدهم من خلف قناعه الحديديّ ، تبدو كالمنشار كأنه تمساح بشريّ !

- وانا شاهدت عينيّ أحدهم عن قرب ، بعد تعاركنا بالعصيّ .. وهي تشبه القطط !

- جنودهم ليسوا مخيفين بقدر قائدهم الذي يراقبنا من خيمته .. فهو إن هجم بقناعه المخيف وحصانه الأبيض ، يقتل خمسة منا بضربة سيفٍ واحدة !

الجنود برعب : هذا صحيح !

^^^


وسرعان ما وصلت مخاوفهم لأسماع حاكم القلعة ، حيث أخبره قائد الجيش بقلق :

- سنخسر إن ظنّ جيشنا انه يحارب الجن والعفاريت !

فتنهّد الحاكم بضيق : 

- ليسوا جنّاً ، بل شياطين

القائد بصدمة : ماذا !

- أتذكر ساحرنا العجوز الذي طردته قبل شهر ، بعد فشل نبوءته بزواجي من حسناء العاصمة التي تزوجت أميراً آخر ؟ 

- نعم ، مابه ؟

الحاكم : هدّدني بإحضار جيشٍ من الشياطين لمحاربتي .. وظننته يُبالغ ! الى أن وصلتني رسالة فيها موعد المعركة الحاسمة ، بتوقيعٍ من إبليس نفسه !

- هل أوصل العجوز الخرف شكواه لإبليس ؟!

- يبدو ذلك ! وإبليس يريد أسيرنا العربيّ بأيّة طريقة !

القائد : أتقصد مرسال الخليفة الأندلسيّ الذي أمرنا بدفع الجزّية او محاربتنا؟!

- نعم ، وانا حبسته في سجن القلعة منذ خمسة شهور

- اذاً سلّمه لإبليس ، ودعنا نُنهي معركة قبل إبادة جميع رجالنا

الحاكم : لا ، هناك سرّ وراء إصرار إبليس على أخذ أسيرنا ! سأنزل للقبوّ لمعرفة السبب

^^^


وذهب الحاكم بنفسه للسجن الإنفرادي الرطب اسفل قلعته ، ليجد العربيّ يذكر الله بخشوع ! فأخبره بما حصل.. فأجابه بهدوء :

- الشياطين تخشى سماع القرآن ، لأنها تحرقهم

الحاكم باهتمام : وماهو القرآن ؟

- كتاب الرسول محمد عليه السلام

وأخبره قليلاً عن الإسلام..


الحاكم : أتقصد ان بتلاوتك لبعض الكلمات ، تحرق جيش إبليس العتيد ؟!

العربي : ليست كلمات عادية ، بل هي كلام ربّ العالمين 

- لن اجادلك بهذا الموضوع .. لكني أعدك في حال أنقذتني من جيشهم الهمجيّ ، أُعيدك الى بلدتك سالماً 

- إذاً أحتاج حصاناً وبوقاً خشبيّ ، ليسمع تلاوتي أكبر عددٍ من الشياطين

الحاكم : لك ذلك !!

***


وفي الصباح التالي .. تراجع جيش القلعة للوراء ، بأمرٍ من حاكمهم! 

فظنّ إبليس (الذي يراقب من خيمته ، خلف جيشه) انه على وشك النصر ! لكن سرعان ما شاهد رجلاً بملابس عربيّة يركب حصاناً ، وهو يتكلّم من البوق !


وماهي إلاّ لحظات ، حتى شاهد جيشه يتقهّقر رعباً باتجاهه ! بعد احتراق جلدهم خلف دروعهم الحديديّة .. حتى إن بعضهم تبخّر كالدخان ، رغم إغلاق آذانهم بخوفٍ شديد !

فتمّتم إبليس بضيق : هذا ما كنت أخشاه !


ودخل خيمته .. ليخرج وهو يحمل الراية البيضاء التي لوّح بها ، مُعلناً خسارته .. وسط دهشة الطرفين ! ليعلو معها هتاف جيش القلعة ، بعد انتصاره الغير متوقع على الشياطين التي فرّ أكثرها لباطن الأرض !

^^^


بعدها اجتمع الحاكم مع إبليس وسط ساحة المعركة ، لكتابة معاهدة سلام بعدم اقترابه من القلعة ثانيةً .. ثم اختفى إبليس مع حرسه .. لتبدأ احتفالات اهالي القلعة بعودة رجالهم منتصرين من معركتهم الخطيرة

***


في باطن الأرض ، سأله المشعوذ العجوز بغيظ :

- لما استسلمت بهذه السهولة ؟! كان بإمكاننا المقاومة ، حتى آخر رجلٍ فينا

إبليس معاتباً : فينا !! أتظن نفسك من نسلي ، ايها البشريّ النجس؟!!

المشعوذ بارتباك : لا اقصد ذلك ، لكن استسلامك المُبكّر أهان كرامتنا امامهم !

- لا يا غبي !! انا فقط انتظر خبراً من الجن الغوّاص عن ابتعاد سفينة العربيّ باتجاه الأندلس ، لأعيد غزوّ القلعة بطريقةٍ أخرى


العجوز باهتمام : كيف ؟!

- انت بتعويذاتك وأعمالك الشيطانيّة ..وانا بإرسال ابنائي بصورةٍ مخفيّة ، للوسّوسة لأولادهم ونسائهم للإنقلاب على رجالهم بالعصيان وعدم طاعة اوامرهم .. ثم نغزوهم من جديد ، ليتفاجأوا بأنهم محاصرين من جيشنا من جهة ، ومن اهاليهم الذين سينقلبون عليهم باللحظة المناسبة .. بعدها نحتلّ قلعتهم التي يوجد اسفلها كنزٌ ذهبيّ سينفعنا بإغراء كبار الحكّام والقادة حول العالم

المشعوذ : ظننت انك ارسلت جيشك لدعمي ؟!

- انا لا ادعم احداً من ذريّة آدم !! لكن بعد شكوتك ضدّ الحاكم ، ارسلت خبيراً للقلعة .. وأخبرني عن وجود كنزٍ ثمين اسفلها.. فأصبحت مهتماً بإبادة شعبها عن بكرة ابيهم ، هل فهمت الآن ؟

- وماذا عن معاهدة السلام بينك وبين الحاكم ؟

إبليس : ومنذ متى ألتزم بوعودي ؟ 

وابتسم مع المشعوذ بمكرٍ وخبث !


هناك 8 تعليقات:

  1. بهذه القصة اكون وصلت للقصة رقم (700) ولله الحمد

    ردحذف
  2. العقبى لألف قصة
    قرأتهم كلهم ولله الحمد

    ردحذف
    الردود
    1. حلمي فعلاً ان اصل لألف قصة بإذن الله تعالى .. شكراً لإخلاصك للمدونة يا صديقي محمد

      حذف
  3. من ابدعات الاستاذه امل زمان عن جاكلين
    ههه
    الله يسعدك يارب ويوفقك
    لو انها لها تكمله على عدة أجزاء ابليسو اللعين
    سؤال عابر بما انك تكتبي عن ابليس
    عمرو ما اجي ههه سؤال من زوجته الصغيره الغيوره ههه

    ردحذف
    الردود
    1. ذكرت جاكلين بالقصة السابقة : الحب الخاطئ .. وذكرت زوجة ابليس بالقصة الأخيرة : الإمتحان الربّاني .. لا ادري ان كنت قرأت القصتين !
      المهم ، سعيدة ان هذه القصة اعجبتك

      حذف
  4. صدقيني ابليس في هذه الفتره يستجم ولا يجد له عملا ..فابناء آدم قد قطعوا عيشه ...
    ربما قد يقدم شكوى ضدهم في مكتب العمل...
    للتضييق عليه واستيلاءهم على مصدر دخله الوحيد ...

    ردحذف
  5. ✍️ ساهر....
    ياأهلاً وسهلاً أمل،
    لطالما بين وقتٍ لآخر نسمع بالمخلوقات الفضائية واللتي أرىٰ ماهي سوىٰ جن وشياطين {وهو على جمعهم إذا يشاء قدير} ولكن إختلفت المسميات والآراء ووجهات النظر،
    القصة وكأنها تتحدث عن هزيمة الشيطان والدجال في آخر الزمان، وأحاديث الرسول ﷺ قد أشارت إلى ذلك من قبل،

    أمَّا القلعة الحصينة في القصة هي الآيات اللتي يتحصن بها المسلم من الشياطين،
    والعلم عند الله،

    شكراً جزيلاً لك ياأمل،

    تحياتي/ ساهر ،،

    ردحذف
    الردود
    1. اتمنى ان تعلّق دائماَ على قصصي ، فتعليقاتك مميزة .. تحياتي لك

      حذف

العقد الأبدي

كتابة : امل شانوحة  العاشق المهووس رغم وسامة إريك إلاّ أن الطلّاب تجنّبوا مصاحبته في مدرسته المتوسطة ، لغرابة طباعه ! فوالداه وأخوه الكبير م...