السبت، 3 مايو 2025

امنية حورية

تأليف : امل شانوحة 

السلام العالمي


إشتهرت إحدى حوريّات الجنة بفضولها لمتابعة اخبار البشر على الأرض ، ومراقبة احوالهم من خلال بلّورةٍ سحريّة في قصرها العاجيّ


وذات يوم ، شاهدت عزرائيل يخرج من مكتبه (المتواجد فوق غيمةٍ ماطرة) في مهمّة مع جنوده ، لقبض ارواح من حان وقت وفاتهم ! 


فتسلّلت الى مكتبه ، لتجد آلاف الملفّات المُصنّفة حسب البلدان .. وأكثريّة المرصوص على الرفوف من الملفّات السوداء (اكثر من البيضاء) المُخصّصة لذنوب العباد !


وكان على مكتبه حاسوباً مضاءً ، فيه نسب الفاسقين بالعالم الذين يتزايد عددهم كل ثانية مع ارتكابهم المعاصي ! 


فجلست تقرأ الملفّات ، قبل ان تتنهّد بضيق : 

- هناك الكثير من البشر الغوغائين ، لا فائدة من وجودهم ! 

وفكّرت قليلاً ، قبل ان تقرّر :

- حسناً !! سأجازف بحذف ملفّاتهم ، حتى يعيش الصالحون بأمان في اوطانهم 


وبدأت اولاً بحذف ملفّات المجرمين حول العالم : خصوصاً القتلة والمتحرّشون ومحترفي النصب والسرقة 

ثم لغت ملف تجّار ومدمني المخدّرات والكحول ، وتجّار الأعضاء والرقيق 


وايضاً ملفّ الشواذّ والزناة .. والملّحدين واتباع الأديان المُبتدعة ، والسّحرة والمشعوذين


ثم تابعت حذف ملفّ المعاقين (الشللّ الكامل) والمجانين .. والمعقّدون نفسيّاَ : خصوصاً الآباء والأمهات النرجيسيّون.. كما مرضى الغيبوبة ، والعجائز فوق سن التسعين (المصابين بالزهايمر) وصولاً للمنغوليين واطفال التوحّد!

وهي تبرّر فعلتها :

- هم لا يفيدون المجتمع بشيء ، بل يحتاجون لرعايةٍ دائمة !


ثم تابعت حذف ملفّات العلماء الّلا إنسانيين في المختبرات البيولوجيّة الذين يخترعون الأمراض والأوبئة .. وأصحاب مصانع السلاح والنووي حول العالم .. والسياسيون الفاسدون 


وبعدها حذفت ملفّات : الشحّاذين ، والباعة المتجوّلين ..والفرق الراقصة والسيرك .. والفقراء المُعدمين الغير طموحين لتحسين حياتهم ، خصوصاً المتشرّدون البليدون .. بالإضافة للأيتام الّلقطاء !


ثم تابعت قراءة الملفات ، وهي تتساءل :

- من بقيّ من البشر لا يستحق الحياة ؟

^^^


بهذه الأثناء .. إستيقظ من تبقّى حياً على الأرض وهم يشعرون بقلقٍ شديد ، بعد ان خلت شوارعهم من الناس المعتادين على رؤيتهم كل يوم ! 


وسرعان ما انتشر خبر الجثث المتناثرة في كل مكان سواءً : السجون ودوّر الرعاية المرضى والعجزة والأيتام .. وكذلك موت كبار حكّام العالم في قصورهم .. عدا عن جثث الشحّاذين التي تراكمت اسفل الجسور ، وفي مناطقهم العشوائيّة .. وارتعب الجميع ان يكون وباءً عاماً اجتاح العالم ! 

فحصلت فوضى عارمة ، جعلت الناس تتجمّع امام المحال التجاريّة والعيادات الطبّية للإطمئنان على صحّتها !

^^^


في هذا الوقت ، كانت الحوريّة فخورة بعملها : 

- جيد جداً !! أبقيت فقط على الطيبين الأخيار والمخترعين الأذكياء ، والمبدعين في جميع مجالات الحياة .. والموهوبين عموماً .. والرياضيّون .. والمتديّنون الصالحون .. والآباء الرحماء ، والأولاد البارّين بأهلهم .. فهم فقط من يستحقون العيش على الأرض .. ترى كم نسبتهم بالنسبة لمن قتلتهم ؟ 


لتتفاجأ بأن نسبتهم لا تزيد عن 5 بالمئة !

- يا الهي ! لقد خلت الأرض من سكّانها .. (ثم شاهدت احوالهم من خلال الشاشة) ..لحظة ! مالذي يحصل هناك ؟ لما كل هذه الفوضى بعد قتليّ الأشرار ؟!


((ويبدو ان موت الناس المفاجىء اربك الطيبون الذين تحوّلوا للصوص ، بسرقتهم للمؤن الغذائيّة خوفاً من الجائحة المرضيّة الغامضة .. بل منهم من اصبح قاتلاً لحماية متجره من الحشود الهائجة !))

الحوريّة باستغراب : 

- ماذا يحصل ؟! لما تخلّوا عن ايمانهم وأخلاقهم بهذه السهولة؟!


وهنا شعرت بيدٍ قوية فوق كتفها ، لتنتفض بفزع بعد رؤية ملك الموت خلفها :

- عزرائيل !

- من سمح لك بدخول مكتبي ؟!


وقبل ان تجيبه ، شاهد النتائج على شاشته .. فصرخ غاضباً :

- بأيّ حقّ تسحبين ارواح الناس ؟!!

فأجابت بصوتٍ مرتجف : قمت فقط بحذف ملفّات الأشرار والتافهين..

مقاطعاً بعصبية : لست انتِ من تقرّرين ذلك !! كل شخص لديه وقتٌ محدّد للوفاة ، وطريقةً معينة لسحب روحه ، حسب التقرير المكتوب قبل ولادته.. هل انت سعيدة بالفوضى التي تسبّبتها على الأرض ؟!!

- انا حقاً لا افهم لما تحوّل الطيبون الى اشرار ؟!

- لأن ايّة مصيبة او كارثة ، تجعلهم ينحرفون عن الطريق المستقيم .. حتى الأشرار ، لديهم فرصة للتوبة والعودة لربهم .. النوايا هي شيءٌ خاص بين الربّ وعباده ، لا يحقّ لنا التدخل فيه


الحوريّة بحزن : اردّت فقط السلام العالمي ، وتحسين حياة الطيبين البائسة 

- الا تعلمين ان حياة الدنيا هي جنّة الأشرار وجحيم الصالحين ؟ هل ظننتي ان الجميع يدخلون الجنة ؟ الم تسمعي الآية : ((ولا يلقّاها الاّ الصابرون)) وهذا لن يحدث الا بعد معاناتهم من اشدّ المصائب التي تمتحن صبرهم وإيمانهم بالله 

- هل قلت ان الدنيا هي جنّة الأشرار ؟!

عزرائيل : هم سيُحرمون من نعيم الجنة الدائم .. فهل من العدل ان يُحرموا من نعيم الدنيا الذي بالعادة لا يستمرّ اكثر من اربعين سنة ، قبل ان تبدأ امراض الشيخوخة !

- ليتني فهمت ذلك قبل إفساد عملك !


فجلس يضغط على حاسوبه ، قبل ان يتنفّس الصعداء :

- الحمد الله ، لم تفسدي شيئاً .. فجميع الملفّات مازالت في Recycle Bin)) سأستعيدها من جديد

الحوريّة بقلق : لكن هذا سيصيبهم بالفزع ، بعد عودة الموتى للحياة !

- لا .. لأني سأعيد الزمن الى الوراء ، كأن شيئاً لم يكن


ثم شاهدا على الشاشة : إستيقاظ البشر صباحاً ، لبدء حياتهم الروتينيّة التي تعودوا عليها مع بقيّة الفاسدين على الأرض !


ثم نادى عزرائيل ، الملاك (المسؤول عن الحوريّات) : 

- أعيدها الى مهجع النساء ، وراقبها جيداً .. فهي فضوليّة للغاية

فقال الملاك للحوريّة بحزم : 

- هيا !! طيري امامي

^^^


وبعد ذهابهما .. نظر عزرائيل الى غزّة المُدمّرة من فوق : 

- ليتكم تسمعون ضحكات اهاليكم في الفردوس الأعلى التي يتردّد صداها في كل طبقات الجنة ، ويتنافس الملائكة على خدمتهم .. اما من بقيّ منكم على الأرض ، فمصيركم سيقسّم بين مجاهدين وشهداء ابطال .. الى ذلك الحين ، عليكم الصبر على خذلان العرب لكم .. كان الله في عونكم جميعاً

ثم اطفأ حاسوبه بعد انتهاء مهمّته لهذا اليوم !


هناك 6 تعليقات:

  1. اعتقد انها قصة لاتجوز ابداً راجعي نفسك

    ردحذف
    الردود
    1. الم تتمنى يوماً ان يموت كل اشرار العالم ؟
      بهذه القصة اذكر الهدف من وجودهم في حياتنا : وهو بلاء للصالحين الذين أجّل الله سعادتهم للآخرة .. لهذا ينعم الأشرار في الدنيا ، بعد تخلّيهم عن نعيم الجنة الأبدي بذنوبهم الكبيرة
      هي قصة هدفها : تصبير الصالحين على بلاؤهم .. وليس القصد منها التعدّي على الملائكة ، والعياذ بالله

      حذف
  2. فكرة القصه عبقريه خيالك هاءم بغير لجام 🔏
    my angel

    ردحذف
    الردود
    1. هذا ما اريده : ان يصل هدفي من القصّة للقرّاء ، دون ظنهم انني اتجاوز حدودي الدينيّة ..
      اللهم سخّر موهبتي دائماً لطاعتك .. اللهم آمين

      حذف
  3. عدنان كردستان اليمن4 مايو 2025 في 5:33 ص

    اللهم ارزقنا الشهادة بالدفاع عن مسلمين غزة
    اللهم اجمعنا بهم بمصير الدنيا ومصير الاخرة

    ردحذف
    الردود
    1. اللهم لا تحرمنا الصلاة بمسجدك الأقصى ، ونحن مرفوعين الرأس بنصرٍ قريب.. آمين ، يارب العالمين

      حذف

امنية حورية

تأليف : امل شانوحة  السلام العالمي إشتهرت إحدى حوريّات الجنة بفضولها لمتابعة اخبار البشر على الأرض ، ومراقبة احوالهم من خلال بلّورةٍ سحريّة ...