تأليف : امل شانوحة
السلام العالمي
إشتهرت إحدى حوريّات الجنة بفضولها لمتابعة اخبار البشر على الأرض ، ومراقبة احوالهم من خلال بلّورةٍ سحريّة في قصرها العاجيّ
وذات يوم ، شاهدت عزرائيل يخرج من مكتبه (المتواجد فوق غيمةٍ ماطرة) في مهمّة مع جنوده ، لقبض ارواح من حان وقت وفاتهم !
فتسلّلت الى مكتبه ، لتجد آلاف الملفّات المُصنّفة حسب البلدان .. وأكثريّة المرصوص على الرفوف من الملفّات السوداء (اكثر من البيضاء) المُخصّصة لذنوب العباد !
وكان على مكتبه حاسوباً مضاءً ، فيه نسب الفاسقين بالعالم الذين يتزايد عددهم كل ثانية مع ارتكابهم المعاصي !
فجلست تقرأ الملفّات ، قبل ان تتنهّد بضيق :
- هناك الكثير من البشر الغوغائين ، لا فائدة من وجودهم !
وفكّرت قليلاً ، قبل ان تقرّر :
- حسناً !! سأجازف بحذف ملفّاتهم ، حتى يعيش الصالحون بأمان في اوطانهم
وبدأت اولاً بحذف ملفّات المجرمين حول العالم : خصوصاً القتلة والمتحرّشون ومحترفي النصب والسرقة
ثم لغت ملف تجّار ومدمني المخدّرات والكحول ، وتجّار الأعضاء والرقيق
وايضاً ملفّ الشواذّ والزناة .. والملّحدين واتباع الأديان المُبتدعة ، والسّحرة والمشعوذين
ثم تابعت حذف ملفّ المعاقين (الشللّ الكامل) والمجانين .. والمعقّدون نفسيّاَ : خصوصاً الآباء والأمهات النرجيسيّون.. كما مرضى الغيبوبة ، والعجائز فوق سن التسعين (المصابين بالزهايمر) وصولاً للمنغوليين واطفال التوحّد!
وهي تبرّر فعلتها :
- هم لا يفيدون المجتمع بشيء ، بل يحتاجون لرعايةٍ دائمة !
ثم تابعت حذف ملفّات العلماء الّلا إنسانيين في المختبرات البيولوجيّة الذين يخترعون الأمراض والأوبئة .. وأصحاب مصانع السلاح والنووي حول العالم .. والسياسيون الفاسدون
وبعدها حذفت ملفّات : الشحّاذين ، والباعة المتجوّلين ..والفرق الراقصة والسيرك .. والفقراء المُعدمين الغير طموحين لتحسين حياتهم ، خصوصاً المتشرّدون البليدون .. بالإضافة للأيتام الّلقطاء !
ثم تابعت قراءة الملفات ، وهي تتساءل :
- من بقيّ من البشر لا يستحق الحياة ؟
^^^
بهذه الأثناء .. إستيقظ من تبقّى حياً على الأرض وهم يشعرون بقلقٍ شديد ، بعد ان خلت شوارعهم من الناس المعتادين على رؤيتهم كل يوم !
وسرعان ما انتشر خبر الجثث المتناثرة في كل مكان سواءً : السجون ودوّر الرعاية المرضى والعجزة والأيتام .. وكذلك موت كبار حكّام العالم في قصورهم .. عدا عن جثث الشحّاذين التي تراكمت اسفل الجسور ، وفي مناطقهم العشوائيّة .. وارتعب الجميع ان يكون وباءً عاماً اجتاح العالم !
فحصلت فوضى عارمة ، جعلت الناس تتجمّع امام المحال التجاريّة والعيادات الطبّية للإطمئنان على صحّتها !
^^^
في هذا الوقت ، كانت الحوريّة فخورة بعملها :
- جيد جداً !! أبقيت فقط على الطيبين الأخيار والمخترعين الأذكياء ، والمبدعين في جميع مجالات الحياة .. والموهوبين عموماً .. والرياضيّون .. والمتديّنون الصالحون .. والآباء الرحماء ، والأولاد البارّين بأهلهم .. فهم فقط من يستحقون العيش على الأرض .. ترى كم نسبتهم بالنسبة لمن قتلتهم ؟
لتتفاجأ بأن نسبتهم لا تزيد عن 5 بالمئة !
- يا الهي ! لقد خلت الأرض من سكّانها .. (ثم شاهدت احوالهم من خلال الشاشة) ..لحظة ! مالذي يحصل هناك ؟ لما كل هذه الفوضى بعد قتليّ الأشرار ؟!
((ويبدو ان موت الناس المفاجىء اربك الطيبون الذين تحوّلوا للصوص ، بسرقتهم للمؤن الغذائيّة خوفاً من الجائحة المرضيّة الغامضة .. بل منهم من اصبح قاتلاً لحماية متجره من الحشود الهائجة !))
الحوريّة باستغراب :
- ماذا يحصل ؟! لما تخلّوا عن ايمانهم وأخلاقهم بهذه السهولة؟!
وهنا شعرت بيدٍ قوية فوق كتفها ، لتنتفض بفزع بعد رؤية ملك الموت خلفها :
- عزرائيل !
- من سمح لك بدخول مكتبي ؟!
وقبل ان تجيبه ، شاهد النتائج على شاشته .. فصرخ غاضباً :
- بأيّ حقّ تسحبين ارواح الناس ؟!!
فأجابت بصوتٍ مرتجف : قمت فقط بحذف ملفّات الأشرار والتافهين..
مقاطعاً بعصبية : لست انتِ من تقرّرين ذلك !! كل شخص لديه وقتٌ محدّد للوفاة ، وطريقةً معينة لسحب روحه ، حسب التقرير المكتوب قبل ولادته.. هل انت سعيدة بالفوضى التي تسبّبتها على الأرض ؟!!
- انا حقاً لا افهم لما تحوّل الطيبون الى اشرار ؟!
- لأن ايّة مصيبة او كارثة ، تجعلهم ينحرفون عن الطريق المستقيم .. حتى الأشرار ، لديهم فرصة للتوبة والعودة لربهم .. النوايا هي شيءٌ خاص بين الربّ وعباده ، لا يحقّ لنا التدخل فيه
الحوريّة بحزن : اردّت فقط السلام العالمي ، وتحسين حياة الطيبين البائسة
- الا تعلمين ان حياة الدنيا هي جنّة الأشرار وجحيم الصالحين ؟ هل ظننتي ان الجميع يدخلون الجنة ؟ الم تسمعي الآية : ((ولا يلقّاها الاّ الصابرون)) وهذا لن يحدث الا بعد معاناتهم من اشدّ المصائب التي تمتحن صبرهم وإيمانهم بالله
- هل قلت ان الدنيا هي جنّة الأشرار ؟!
عزرائيل : هم سيُحرمون من نعيم الجنة الدائم .. فهل من العدل ان يُحرموا من نعيم الدنيا الذي بالعادة لا يستمرّ اكثر من اربعين سنة ، قبل ان تبدأ امراض الشيخوخة !
- ليتني فهمت ذلك قبل إفساد عملك !
فجلس يضغط على حاسوبه ، قبل ان يتنفّس الصعداء :
- الحمد الله ، لم تفسدي شيئاً .. فجميع الملفّات مازالت في Recycle Bin)) سأستعيدها من جديد
الحوريّة بقلق : لكن هذا سيصيبهم بالفزع ، بعد عودة الموتى للحياة !
- لا .. لأني سأعيد الزمن الى الوراء ، كأن شيئاً لم يكن
ثم شاهدا على الشاشة : إستيقاظ البشر صباحاً ، لبدء حياتهم الروتينيّة التي تعودوا عليها مع بقيّة الفاسدين على الأرض !
ثم نادى عزرائيل ، الملاك (المسؤول عن الحوريّات) :
- أعيدها الى مهجع النساء ، وراقبها جيداً .. فهي فضوليّة للغاية
فقال الملاك للحوريّة بحزم :
- هيا !! طيري امامي
^^^
وبعد ذهابهما .. نظر عزرائيل الى غزّة المُدمّرة من فوق :
- ليتكم تسمعون ضحكات اهاليكم في الفردوس الأعلى التي يتردّد صداها في كل طبقات الجنة ، ويتنافس الملائكة على خدمتهم .. اما من بقيّ منكم على الأرض ، فمصيركم سيقسّم بين مجاهدين وشهداء ابطال .. الى ذلك الحين ، عليكم الصبر على خذلان العرب لكم .. كان الله في عونكم جميعاً
ثم اطفأ حاسوبه بعد انتهاء مهمّته لهذا اليوم !
اعتقد انها قصة لاتجوز ابداً راجعي نفسك
ردحذفالم تتمنى يوماً ان يموت كل اشرار العالم ؟
حذفبهذه القصة اذكر الهدف من وجودهم في حياتنا : وهو بلاء للصالحين الذين أجّل الله سعادتهم للآخرة .. لهذا ينعم الأشرار في الدنيا ، بعد تخلّيهم عن نعيم الجنة الأبدي بذنوبهم الكبيرة
هي قصة هدفها : تصبير الصالحين على بلاؤهم .. وليس القصد منها التعدّي على الملائكة ، والعياذ بالله
فكرة القصه عبقريه خيالك هاءم بغير لجام 🔏
ردحذفmy angel
هذا ما اريده : ان يصل هدفي من القصّة للقرّاء ، دون ظنهم انني اتجاوز حدودي الدينيّة ..
حذفاللهم سخّر موهبتي دائماً لطاعتك .. اللهم آمين
اللهم ارزقنا الشهادة بالدفاع عن مسلمين غزة
ردحذفاللهم اجمعنا بهم بمصير الدنيا ومصير الاخرة
اللهم لا تحرمنا الصلاة بمسجدك الأقصى ، ونحن مرفوعين الرأس بنصرٍ قريب.. آمين ، يارب العالمين
حذف