السبت، 31 مايو 2025

الحب العقيم

تأليف : امل شانوحة 

 

المريض النفسي


تمّتم بغيظ ، وهو يراقب حسابها الإلكتروني من بعيد :

- اللعنة ! تبدو سعيدة ، وكأنها تخطّتني بالفعل.. وزاد عدد اصدقائها الذين تُكلّمهم بأريحيّة .. كأنها تناست غيرتي الخانقة ، وتعليماتي الصارمة.. لا !! الموضوع زاد عن حدّه.. حتى انها تبتسم بصورها الجديدة ! وتعمّدت قصّ شعرها ، رغم معرفتها بحبي للشعر الطويل.. اذاً عليّ إيقاف صمتي العقابي بعد تعدّيه الخمس سنوات .. وحان موعد عودتي ، لامتصاص طاقتها الإيجابيّة من جديد.. فأنا لم اجد احداً لطيفاً وحنوناً.. او بالأصح ، لم أعثر على ساذجة تحبني بصدق مثلها !


وأرسل تعليقاً على صورتها الأخيرة التي نشرتها بالفيسبوك :

- هل اشتقتي اليّ ؟


وحين قرأت ندى تعليقه ، شعرت بالإرتباك ! فقد عاد بعد طول غياب.. صحيح هو حبها الأول.. لكنها بسنوات الفراق ، تذكّرت انه لم يقدّم شيئاً مفيداً لها .. فهو اكتفى بالغزل الشحيح من وقتٍ لآخر ، لمراضاتها بعد غضبها من تأخّره للقدوم الى بلادها ، رغم علمه بحلمها الكبير بالأمومة.. والأسوء انه عاد بعد تقدّم رجلٍ آخر لخطبتها.. فهل ترفض صاحب النيّة الصافيّة ، لأجل شخصٍ نرجسيّ تلاعب بمشاعرها لسنواتٍ دون رحمة ؟ والذي حرص على نقد اهلها وأصدقائها ، واستهان بأحلامها المستقبليّة ..لجعلها فريسةً سهلة ، بعد إبعادها عن حماية القطيع !


ليس هذا فحسب .. فهي تذكّرت شعورها المرير كلما خاصمها بنقدٍ لاذع وهو يهدّدها بأنه املها الأخير لإنقاذها من العنوسة ، او العريس الوحيد على هذا الكوكب!

^^^


مرّت ساعة على تعليقه الغامض .. والذي جعلها في صراعٍ بين عقلها الرافض لعودته ، وبين قلبها الذي يتوق لمحادثته !


بالنهاية ربح قلبها .. وأرسلت رسالة على صفحته ، بعد فكّه الحظر عنها اخيراً :

- اكيد اشتقت اليك .. ماهي اخبارك بالسنوات الخمس الماضية ؟

ولم تمرّ دقائق ، حتى راسلها قائلاً : 

- كنت أستعدّ ماديّاً ، لأصبح جاهزاً لخطبتك

فردّت بسعادة : أحقاً ما تقول ؟!

- بالتأكيد حبيبتي !! وسآتي الى بلادك خلال ايام .. فتجهزّي يا عروستي الجميلة


وكادت ندى تطير فرحاً بهذا الخبر.. لكنها فضّلت عدم إخبار اهلها ، قبل التأكّد من وصوله الى بلادها .. فهو أخلّ بوعوده السابقة ، خلال العشر السنوات الماضية (التي عرفته فيها) لهذا لم تعدّ تثقّ به كالسابق

***


وبعد ايام .. ارسل صورته امام فندقٍ شهير في منطقتها ، وهو يقول:

- هآ انا وصلت 

ندى بسعادة : الحمد الله على سلامتك ، سأعطيك عنوان منزل اهلي

- ليس بهذه السرعة .. فأنا تعرّفت عليك بالإنترنت منذ مدةٍ طويلة ، وأكيد تغيّر شكلك.. اريد مقابلتك بالفندق.. ورجاءً لا تخبري احداً بموعدنا .. ففي حال اتفقنا على جميع التفاصيل ، أوصلك بنفسي الى بيتك.. وسأصعد معك ، للحديث معهم عن موعد الزواج.. وربما نشتري الخواتم قبل ذهابنا لأهلك..

ندى بدهشة : أبهذه السرعة ؟!

- ألا تكفي العشر سنوات التي ضيّعناها من حياتنا ؟ 

ندى بحماس : حسناً موافقة !! لكني سأجتمع معك في صالة الفندق

- بالتأكيد حبيبتي .. لا تدرين كم اشتقتُ اليك

ندى بخجل : وانا ايضاً

***


في الفندق .. وجدته ينتظرها على إحدى الطاولات ، وأمامه كأسان من العصير !

وما ان اقتربت منه بكامل زينتها ، حتى سألته باستغراب :

- هل كان معك احد ؟!

وقبل ان يجيبها ، فاجأها بحضنٍ دافىء وهو يقول :

- ذاك الكأس لك .. فقديماً أخبرتني عن حبك لعصير الأناناس 

ندى بدهشة : أمازلت تذكُر ؟!

- لم أنسى تفصيلة صغيرة من محادثاتنا السابقة 


وجلست تحدّثه عن شوقها له ، بعد غيابه المفاجئ .. فعاتبها :

- ولما لم تتصلي بي ثانيةً ؟

ندى : كيف أفعل بعد ان حظرتني ؟!

- آه آسف ! هذه غلطتي .. ظننت بإمكاني نسيانك ، لكني فشلت بذلك

- وانا ايضاً.. جيد انك قدمت بالوقت مناسب .. فأهلي يضغطون عليّ ، للموافقة على العريس الجديد !

فقال بحزم : لا احد سيلمسك غيري !!

فابتسمت بخجل : اعرف غيرتك جيداً

- هيا إشربي العصير .. فأنت تبدين مُنفعلة من ضغط اهلك عليك


وقبل إنهائها العصير ، شعرت بدوّارٍ شديد ! وتشوّشت رؤيتها ، وهي تسمع صوت النادل يسأله :

- هل زوجتك بخير ؟!

فأجابه : هي تشعر بدوّار الحمل .. سآخذها لغرفننا

وكان هذا آخر ما سمعته ، قبل ان تغطّ بنومٍ عميق !

^^^


لتسيقظ مساءً في سرير غرفته بالفندق ، وهي شبه عارية !

فسارعت بفتح جوالها بيدٍ مرتجفة ، لتجد رسالته الصوتيّة :

((هل ظننتِ ستنجين مني بسهولة ؟ لم تُخلق فتاةٌ حتى الآن ، لم تعطني غايتي بإرادتها او غصباً عنها .. على كلٍ ، بالتوفيق مع عريسك القادم .. هذا إن وافق على الزواج منك ، بعد حصولي على مرادي.. لا تتصلي بي ثانيةً .. لأنك عندما تستيقظين من المخدّر الذي وضعته في شرابك ، سأكون وصلت بلادي.. 

وملاحظة أخيرة : كل المعلومات التي تعرفينها عني ، خاطئة .. حتى إسمي مزيّف.. وهذا ذنبك ، لتجاهلك مخاوف اهلك .. فهم مُحقّين حين نصحوك : أن النرجسي لا علاج له))


وختم رسالته بضحكةٍ مُستفزّة ، قبل إلغاء رقم جواله .. 

لتنهار ندى باكية ، بعد تدميره حياتها للأبد !


هناك تعليقان (2):

  1. aقصه واقعيه ونهايه عادله فلنصفق للمجرم ونشمت ونجلد في الضحيه هذا ما تستحقه.كان السؤال الاهم والوحيد هو لماذا ؟
    وكيف سامحت وغفرت؟ ولم تعرف اي جرم اقترفت ليدمرها !
    بعتقد من يحب قد يقسو احيانا بنسبة ما اما الهجر بهذا الشكل لا يكون الهدف منه الا الكسر والاذلال وان يحولها لمسخ مشوه .
    غاية النرجسي وهدفه هو تدمير اللعبه فلا تصلح لأحد بعده
    قصة مؤلمه استاذه امل ولكن احسنت بالخاتمه على الاقل لتحذير الساذجات او المغفلات من الفتيات
    تحياتي امل💐

    ردحذف
    الردود
    1. لن اقول عنهن ساذجات .. بل طيبات القلب في زمنٍ امتلأ بالوحوش !

      حذف

التلاعب بالمشاعر

تأليف : امل شانوحة  خطّة العقوبة  كتب لها على الفيسبوك ، وهو مزّهواً بنفسه :  - يكفي هذا القدر من التواصل ، فغيرك ينتظر دوره الصبيّة بقلق ...