تأليف : امل شانوحة
الأميرة المتواضعة
تعرّفوا عليها ككاتبة مسلّسلهم التي لازمت فريق التصوير ، لإخراج قصّتها بأجمل طريقةٍ ممكنة.. حيث اعتادوا على سهرها كل ليلة ، لتصليح وإضافة بعد المشاهد الى مسلّسلها الذي حصد إعجاباً جماهيريّاً ، مُطالبينها بمواسم جديدة
ومنذ يومها الأول مع فريق العمل ، أُعجبت الكاتبة روان (العشرينيّة) بالمخرج (عماد) الذي يُشابهها بتفانيه بالعمل.. ورغم انه يكبرها ب 15 سنة ، الا انها وجدت فيه مبتغاها ومطلبها .. فوالداها منفصلان منذ طفولتها ..وبعد الطلاق ، تزوّجا من جديد.. بينما عاشت روان مع جدتها (القابلة القرويّة)
وعندما اصبحت بالجامعة ، إنتقلت لسكن الطلاّب بالعاصمة.. وبعد تخرّجها من القسم الأدبيّ ، عملت على تطوير موهبتها الكتابيّة .. الى ان وجدت مُنتجاً لمسلّسلها الأول ، من بين قصصها الكثيرة التي ألّفتها منذ مراهقتها
ورغم محاولة والدها إعادتها الى منزله ، إلاّ انها فضّلت السكن وحدها ..فهو معروف بقوانينه الصارمة التي لا تناسب روحها المرحة وطموحها السينمائيّ
^^^
ما أحزنها حقاً : هو ان المخرج عماد لم يُبدي إهتماماً بها ، رغم جمالها وروحها البريئة ! التي جعلت فريق العمل يجتمع كل مساء ، لسماع حديثها الشيّق عن افكارها الأدبيّة (بعد انتهاء تصويرهم للمشاهد اليوميّة) .. حتى انها فاجأتهم بطبخها اللذيذ ، خلال سهرهم بالتصوير الليليّ
ورغم اعتيادها على شرب قهوتها الصباحيّة مع المخرج ، الا انه عاملها كغيرها دون تميّز او اهتمام ، رغم ان جميع لاحظ إنجذابها له !
***
وفي إحدى الحلقات .. أحضروا طفلاً رضيعاً ، لظهوره في بعض المشاهد
وفي ظهر ذلك اليوم (اثناء نومها القيلولة ، بعد كتابتها طوال الليل) عجزت والدة الطفل عن إسكاته.. فخرجت روان من غرفتها ، بعد ان أيقظها صراخه.. وحملته من الأم ووضعته على ركبتها ، وهي ترفع قدميه .. الى أن هدأ تماماً ، ثم أعادته لأمه وهي تقول :
- كانت جدتي قابلة قانونيّة ، وهي علّمتني ان بكاء الطفل المُتقّطع يعني ان بطنه مليء بالغازات .. لا تقلقي ، سينام الآن دون مقاومة
ثم نظرت الى فريق العمل الذين كانوا متفاجئين برؤيتها بالبيجاما لأول مرة ، قائلةً بنعاس :
- أراكم عصراً .. تصبحون على خير
وصعدت الى غرفتها بالطابق العلويّ من القصر (الذي يصوّرون فيه المسلّسل) ليلاحظ الجميع شعرها الطويل المتموّج الذي يصل الى خاصرتها ! وهي المرة الأولى التي يرونه ! فهي اعتادت (منذ سكنها معهم) على رفعه ، وإخفائه اسفل قبعتها الرياضيّة
فقال احدهم بدهشة : ارأيتم شعرها ؟!
- انه اجمل شعر رأيته بحياتي ! كل خصلة بلون ..أهو طبيعي ام صبغة ؟!
- لا اظن روان من النوع التي تهتم بجمالها ، رغم خلوّ وجهها وجسمها من العيوب !
- هي بالفعل مُهملة بنفسها .. ولوّ اهتمّت قليلاً ، لربما أصبحت بطلة لإحدى قصصها
- ترى لماذا كل هذا الإهمال ؟! وكأنها تتعمّد ان لا تلفت انظار الناس لها !
***
لم تمضي ايام ، حتى عرفوا الإجابة على اسئلتهم .. بعد دخول ثلاثة سيارات فخمة ومظلّلة الى حديقة القصر ..
لتنزل سيدة ومعها امرأتيّن (إحداهن مُصفّفة شعر .. والأخرى خيّاطة ، تحمل فستاناً داخل غلافه الجلديّ) من إحدى السيارات .. ودخلن القصر ، وهن يسألن عن روان ؟ فدلّوهن على غرفتها بالطابق العلويّ
وبعد صعود الكوفيرا والخيّاطة الى فوق ، اوقف المخرج السيدة وهو يسألها :
- عفواً !! من انتم ؟ ولما الحرس بالخارج ؟!
السيدة : نحن هنا لخدمة الأميرة روان
الجميع بصدمة : اميرة !
السيدة : نعم ..هي من نسل الأمراء ، وابنة اهم سفير بالبلد .. وطالما بلغت سن ٢٢ ، فعليها حضور حفل التعارف بالزوج المستقبليّ
- وما نوعيّة الحفل ؟!
- هي حفلة يجتمع فيها شباب وصبايا العزّاب من الطبقة المخمليّة ، للرقص والتعارف بينهم .. وعند حصول التوافق بين بعض الثنائيّات ، تتمّ الخطبة العلنيّة .. وهو حفل يُقام مرة ، كل خمسة اعوام.. ووالدها ارسلنا لتحضيرها للحفلة.. والآن اعتذر منكم ، فورائنا عملٌ كثير
ثم تركتهم وصعدت للأعلى !
وكان الجميع منصدم من تواضع روان ، رغم كونها من عائلةٍ ثريّة وراقية .. والتي تعاملت معهم ، كأنها واحدة منهم !
***
بعد ساعة .. إنصدم فريق العمل برؤيتها تنزل الأدراج بفستانها المخملي الأزرق ، كأنها اميرة من العصور الماضية ! وهي بكامل زينتها ، بشعرها المُصفّف الطويل .. ومع ذلك بدت حزينة للغاية ، كأنها مرغمة على الذهاب لتلك الحفلة
وهنا انتبهت على المخرج عماد الذي تسمّرت عيناه نحوها ، وهو مندهش من جمالها الخارق .. وهو شيء لم يلاحظه طيلة الشهور الستة التي أمضتها معهم !
وقبل ان يتقدّم للحديث معها ، دخل والدها السفير الى القصر .. وبعد احتضان ابنته ، وضع التاج الإلماسيّ فوق رأسها وهو يقول :
- اعرف رفضك لهذه الحفلات .. لكنك بلغتِ سن الزواج ، وعلى العرسان رؤيتك بكامل اناقتك
روان بقهر : ابي ، انت تعرف جيداً كرهي للزواج المُدبّر
فردّ بحزم : لا اريد اعتراض !! هيا فوراً الى السيارة ، فالحفلة على وشك البدء
فالتفتت اليهم بعيونها الدامعة ، وهي تتمّتم بفمها :
- ساعدوني
قبل ان يجذبها والدها من ذراعها برفق ، لخارج القصر .. للجلوس معه في سيارته المظللّة
بهذه الأثناء ، قالت لهم السيدة المرافقة ، قبل خروجها من القصر :
- سأنقل لكم الحفلة على الهواء مباشرةً
^^^
وبالفعل رفض طاقم العمل إكمال تصوير المسلّسل ، بعد إجتماعهم في الصالة.. بانتظار المشاهدة المباشرة لحفلة امراء البلد (الممنوع حضورها من عامّة الناس)
حيث ظهرت روان على الكاميرا : وهي تجلس في القاعة الفخمة مع بقيّة الصبايا (من عائلات الذوّات) بفساتينهن الغالية ، وهن سعداء ومتحمّسات لرؤية العرسان الأثرياء .. فيما عدا روان التي جلست بارتباك ، حيث كان واضحاً بأنها حزينة ومهمومة !
بعدها ارتفع صوت الموسيقى مع دخول العرسان بأطقهم الفخمة (الذين لم تتجاوز اعمارهم الأربعين) وبدأوا بالسلام برقيّ وأتيكيت على الأميرات الخجولات
ويبدو من ابتسامة روان ، انه لفت نظرها احدهم ! فهي المرة الأولى التي تظهر سعادتها (بالفيديو) منذ وصولها للحفل
وبعدها رقص كل عريس مع إحدى الأميرات لعشر دقائق ، قبل إنتقاله للعروس الأخرى
وبعد انتهاء الرقص التقليدي البطيء ، سمحوا لكل شاب بالحديث مع الفتاة التي اعجبته ..
وبعدها طلب مسؤول الحفل من الشباب والصبايا : كتابة اسماء من اعجبهم ، وإعطاء الأوراق له
وبنهاية الحفل ، حصل التطابق لثلاثة عرسان إختاروا العروسات (اللآتي إختاروهم ايضاً)
وهذا يعني نجاح ثلاث خطوبات لهذا العام ، من بين عشرين زوجاً !
ومع تصفيق جمهور الطبقة الراقية .. إجتمع والدها مع اهل العريس على انفراد ، لمناقشة المهر وامور الزواج
^^^
بهذه الأثناء ..إقتربت روان من السيدة (المرافقة) وهي تسألها :
- أمازلتي تصورين الحفل لزملائي ؟
السيدة : نعم .. يمكنك محادثتهم مباشرةً ، عبر هذه الكاميرا
فقالت روان بحماس : مرحباً يا اصدقاء !! لم اكن أتصوّر انني سأتزوج بهذه الطريقة التقليدية التي اكرهها ، والتي هربت منها طوال حياتي ..لكن ما ان رأيت الشاب ، حتى شعرت انني اعرفه من قبل ! ومن حسن حظي انه كان شعوراً متبادلاً ..وهاهم اهلنا يتفقون على مراسم العرس.. ادعوا لي بالتوفيق ، يا اصدقاء
^^^
في القصر ، صفّق زملائها فرحاً على نجاح خطوبتها .. بينما خرج عماد للحديقة لتدخين سيجارته ، وهو يشعر بوخزٍ في قلبه ! فقد شعر بخسارةٍ كبيرة .. وندم على إهماله لها في الشهور الماضية ، رغم إعجابه بها من النظرة الأولى
وفي تلك الليلة ..اتصلت روان لتخبرهم : بعدم قدرتها المشاركة بتصوير الحلقات القادمة ، لأنها مُجبرة على التقيّد بتحضيرات الزواج التي ستقام قريباً .. ووعدتهم ان تودّعهم قبل انتهاء الموسم
***
وبعد شهرين ، وفي إحدى الحلقات الأخيرة لمسلّسلها .. فاجأتهم بزيارتها ، وإحضارها الهدايا الفخمة لهم ، لأن مسلّسلها نجح بسبب عملهم الدؤوب المخلص .. وأهدت المخرج طائرة درون ، لتساعده بتصوير افلامه القادمة .. قائلةً له :
- زوجي وافق على متابعة موهبتي بالكتابة .. لهذا سأوكّلك دائماً بإخراجها ، بسبب تفانيك بالعمل .. لكن اهله اشترطوا ان لا ابقى مع طاقم العمل اثناء تصوير قصصي القادمة .. ومع ذلك لست قلقة على جودة اعمالي المستقبليّة ، طالما ستكون انت المسؤول عن إخراجهم
وقبل عودتها لسيارتها الفخمة ، أوقفها قائلاً :
- روان !! أقصد السيدة روان .. اريد الإعتذار منك على..
فأكملت عنه :
- اعرف ما ستقوله ، لكنه القدر ! يبدو ان الحب الحقيقي يأتي بعد الزواج ، وليس قبله .. لكن رجاءً عدني ان لا تعيد الغلطة مع امرأةٍ اخرى.. وحاول ان لا تقلّل من قيمة احد .. يعني أقصد .. (ثم تنهّدت بضيق).. في حال اعجبتك إحداهن ، فلا تتخفّى خلف قناع القسّوة والّلا مبالاة ، لأنك ستؤذي مشاعرك قبل ان تحطّم قلبها.. وأعدك في حال تزوّجت ، ان احضر عرسك .. الى اللقاء ، يا زميليّ العنيد
فتقدّم عماد من سيارتها ، للسلام على عريسها الثريّ :
- انتبه على كاتبتنا ، فهي جوهرة حقيقية
العريس بثقة : علمت ذلك من النظرة الأولى
وابتعد بسيارته مع زوجته روان..
بينما تمّتم عماد بقهر :
((وانا ايضا عرفت تميّزها منذ اللحظة الأولى .. لكن غروري الغبي ، أخسرني اجمل وأرقّ اميرة !))
ثم عاد للإنغماس بالعمل بجهدٍ مُضاعف ، لإخفاء مشاعره المُحطّمة .. فهي عادته المؤذيّة ، التي يبدو ستلازمه العمر كلّه !
ولو القى لها بالا ما احبته.نهايه حزينه وقصه مدهشه استاذ الكاتب
ردحذفربما كلامك صحيح : فالإهتمام الزائد والحب الفائض ، قد ينفّر بعض النساء من العلاقة !
حذفياما فرص ضيعتها يا اما بسبب التجاهل او قلة الثقة.. لا يعرف هذا و يندم عليه الا من وقع في حفرة
ردحذفلا تحزن ، إعتبرها دروس في الحياة .. المهم ان لا تتكرّر في مستقبلك القريب
حذف