تأليف : امل شانوحة
هدفٌ للحياة
((ثمانية مليارات نسمة بهذا العالم .. وانا اعيش وحيداً بغرفتي الكئيبة ، بنزلٍ رخيص بحيّ المجرمين ! لا احد يهتم إن بقيت حيّاً او ميتاً ، ولا أثرٌ حميد أتركه بهذه الدنيا .. وإن واجهت مشاكل ، فلا اجد من يواسيني او يساعدني بحلّها ..
مُكتئب بشدّة ، رغم ان الليلة هو عيد ميلادي الثلاثين الذي لم يحضره احد من زملائي في العمل ، حتى عامل نظافة الفندق (الذي انا فيه) إعتذر عن الإحتفال معي !
وقبل ايام .. عانيّتُ من حمّى قوية ، أشعرتني بقرب أجلي.. لكن الأشد إيلاماً من المرض ، هو المعاناة وحدي .. حتى عندما تخرّجت من الثانويّة بظروفٍ صعبة ، لم اجد من يبارك لي .. فوالدتي أهدتني اغرب هديّة بعد بلوغي سن ١٨: شنطة ملابسي ، وأوراقي الرسميّة .. قبل ان تطردني من منزلها ، وهي تخبرني : بأنها لم تعدّ مسؤولة عني ، بعد بلوغي السن القانونيّة .. وكل هذا لإحضار حبيبها السكّير الى غرفتي ! وبالكاد تخرّجت ، وانا مشرّد بالشوارع .. اعاني من تنمّر زملائي على رائحتي وثيابي القذرة .. وبسبب توقف امي عن دفع مصروفي ، لم استطع إكمال دراستي والإلتحاق بالجامعة .. واضرّرت للعمل كعامل توصيلات (دليفري) في السوبرماركت.. وبراتبي البسيط ، تمكّنت من إستئجار غرفة مليئة بالحشرات والرطوبة ، بحيّ يعجّ بالعصابات والمخدرات والملاهي الليليّة ! وقد حاولت الإنتحار مراراً .. لكني لم انجح كالعادة ، فأنا انسانٌ فاشلٌ بامتياز.. ولم يعد امامي سوى انتظار القدر ان يُنهي حياتي ، وأتمنى ان يحدث ذلك قريباً))
ثم وضع اريك قلمه جانباً ، مُغلقاً دفتر الذكريات الذي يشكي فيه همّه من وقتٍ لآخر
وقبل استسلامه للنوم من شدّة التعب (لعمله دواميّن بالسوبرماركت ، حتى لا يبقى وحيداً لوقتٍ طويل) سمع طلقاتٍ ناريّة ، قادمة من آخر الحيّ.. وهي عادة تحصل بنهاية كل شهر ، عندما يقوم المجرمون بسرقة رواتب الفقراء في المنطقة الشعبيّة .. حتى انه تعرّض للسرقة اكثر من مرة.. وفي كل مرة يشكر ربه انه وصل الى غرفته سالماً ، دون إصابته برصاصةٍ طائشة.. لكن يبدو انه بهذه الليلة وصل اليأس الى ذروّته ، جعله ينهض من فراشه .. للخروج من غرفته ليلاً ، باتجاه الحيّ الأخطر في المنطقة !
ليس هذا فحسب ، بل تعمّد عدّ نقوده القليلة (التي لا تتجاوز المئة دولار ، بعد دفعه اجرة غرفته) اثناء عبوره الشارع.. على امل تعرّضه للسرقة والقتل ، للإرتياح من حياته الصعبة !
^^^
وماهي الا لحظات .. حتى خرج شابٌ يافع (مُنتمي لعصابة الشوارع) وهو يلوّح بسكينته الحادّة ، آمراً بإعطائه المال..
فأصرّ اريك على الرفض ، كيّ يثير غضبه ويقتله
وهذا ما حصل .. فقد طعنه الشاب في خاصرته ، وسرق ماله .. هارباً بأسرع ما يمكنه ، لوكر عصابته ..
بينما صرخ اريك بألم ، ليس طلباً للنجدة .. بل مُنادياً السارق بعلوّ صوته :
- رجاءً إطعني بالقلب !! لما لم تُجهز عليّ ؟! تعال واقتلني !! ليس لديّ عائلة لتقاضيك .. رجاءً خلّصني من حياتي البائسة !!!!
لكن تخطيطه للإنتحار ، فشل كما المحاولات السابقة ! لهذا فضّل البقاء مستلقياً في بركة دمائه دون إصدار صوت ، فوق رصيف احدى الشوارع المظلمة ..
^^^
الى ان مرّت دوريّة شرطة بعد ساعة ، لتجده على حافّة الموت ! فسارع احدهم بالإتصال بالإسعاف .. بينما حاول الشرطي الثاني الضغط على جرح اريك ، لوقف النزيف .. وهو يقول :
- لا تستسلم !! حاول مقاومة اوجاعك .. سننقذك بعد قليل
اريك بصوتٍ متعب : لا رجاءً ، لا تساعدني !!
فقال الشرطي الثاني بدهشة : يبدو انه أصيب بصدمةٍ نفسيّة !
الشرطي الأول معاتباً اريك :
- جوالك واقعاً امام يدك ، لما لم تتصل بالإسعاف قبل ان يتصفّى دمك؟!
اريك باكياً : لأني اريد موت !! رجاء إذهبا ، ودعاني وحدي
لكنهما أصرّا على حمله ، ووضعه بسيارة الإسعاف
^^^
وفي طريقه للمستشفى .. حاول المُسعفان إيقافه عن إزالة قناع الأكسجين ، بعد رفضه العلاج بما تبقّى من قوّته ! مما أجبرهما على حقنه بالمخدّر
عندما وصلوا للمستشفى .. أخبر المسعف الطبيب عن حالة اريك الغريبة ، ورغبته الجادة بالإنتحار !
***
وفي المساء .. دخلت الممرّضة (اليافعة) الى غرفته ، لتجده يحاول إزالة المصل ! فأوقفته بصعوبة ..
وكان على وشك دفعها ، للهرب من المشفى.. لكنه تجمّد ، فور رؤية جمالها الناعم وهي تسأله بدهشة :
- لما تصرّ على الموت ؟! رجاءً إخبرني قصتك ، لربما استطعت مساعدتك
وبعد ان هدأ قليلاً ، وافق على مشاركتها همومه التي بدأت منذ إنجابه من علاقةٍ عابرة .. تسببّت بانفصال امه عن عائلتها ، بعد رفض والده تحمّل مسؤوليّته ! وأخبرها كيف عاش مع والدته ١٨ سنة ، وهي تلومه على تدمير حياتها ..وكأنه هو من أجبرها على الحمل دون زواج ! ثم حدّثها عن حياة التشرّد.. ومتاعب العمل والفقر المستمرّ ، والوحدة القاتلة
فقالت له :
- غريب ! ظننت انني وحدي عانيّت من هذه الأمور
اريك باهتمام : ماذا تقصدين ؟!
الممرّضة بحزن : انا ايضاً تركت منزل ابي بسن ١٨.. ليس طرداً ، بل بإرادتي بعد أن خيّرني والدي : ان اصبح خادمة لعروسته اللئيمة التي عاملتني بحقارة ، او الخروج من منزله !
- وكيف أكملت تعليمك ، الى ان أصبحتي ممرّضة ؟!
- كنت حاصلة على منحةٍ دراسيّة في الثانويّة .. وقد وافق مدير المعهد على عملي في المكتبة ، مقابل اجرة غرفتي بسكن الطلاّب.. وبعدها انتقلت للسكن هنا ، في مكتبي بالمشفى
فتنهّد اريك بقهر : صعبٌ جداً ان لا تجدين من يشاركك فرحك او همومك
- هذا صحيح
ثم سألته :
- هل تحب عملك كدليفري سوبرماركت ؟
- لوّ كنت احبه ، لما حاولت الإنتحار اكثر من مرة
الممرّضة : اذاً ما رأيك لوّ تعمل هنا ؟ فنحن بحاجة لشخص يوصل الجثث للمشرحة بقبوّ المستشفى
- واين العامل القديم ؟!
- هرب بعد سماعه لجثةٍ تتحدث اسفل ملاءتها البيضاء
اريك بصدمة : وهل فعلاً تكلّمت الجثة ؟!
- كان خطأ بتشخيص حالة العجوز .. فقد عدّها الطبيب ميتة ، بعد تعرّضها لأزمةٍ قلبيّة .. وبعد تعويضها مالياً ، عادت الى اهلها عقب تلقّيها العلاج.. ومع ذلك رفض العامل إكمال وظيفته ، بعد ان اوشك على الموت رعباً من تلك الحادثة
اريك باهتمام : ولما اخترتني لهذه المهمّة ؟
الممرّضة : لأنه من يقوم بعدّ ماله في حيّ العصابات بغرض الموت ، لن يخاف من الجثث المتحلّلة
- لم يكن عملاً بطوليّاً ، بل هو من شدّة يأسي وإحباطي.. بعد فشلي بالإنتحار ببلع حبوب الأدوية ، عقب تقيّئي السم .. وانقطاع حبل المشنقة اكثر من مرة ..ففكّرت بأن أدع مجرماً يأخذ روحي.. لكن يبدو انني منحوس بكل شيء !
الممرّضة : لا تيأس هكذا من الحياة.. جرّب العمل عندنا اولاً ، لربما أصبحنا اصدقاء
بدهشة : أحقاً ستكونين صديقتي ! فأنا لم يكن لديّ صديقة طوال حياتي
- ولا انا ، فقد كرّست كل وقتي للدراسة والعمل
فمد يده :
- اذاً صافحيني ، وانت تعاهدينني بالصداقة .. وبدوري اعدك بأن لا افكر بالإنتحار ثانيةً
فصافحته وهي تقول بابتسامة :
- اعدك بذلك ، يا زميل العمل
***
وبالفعل عمل اريك في المستشفى بنشاطٍ مضاعف عن عمله السابق ، جعلت الأطباء يعتمدون عليه بالكثير من الأعمال : كإحضار الأمصال من صيدليّة المشفى او اكياس الدم وأنابيب الأكسجين ، وحتى إحضار الطعام لهم من داخل او خارج المشفى
أما أوقات فراغه ، فقضاها بالتحدّث مع صديقته الممرّضة (كلما تفرّغت له)
ومع مرور الوقت .. ظهر المزيد من القواسم المشتركة ، ممّا وطدّ العلاقة بينهما
***
الى ان تجرّأ ذات يوم ، على الجثو على ركبته (بفرصة الغداء) وهو يرفع خاتم الخطوبة بيده المرتجفة .. قائلاً بارتباك :
- إن رفضّتني ، فلن تريني ثانيةً .. لأنني سأكون بالجحيم .. أمّا ان وافقتي ، فستعيشين معي بجنةٍ دائمة .. اعدك بذلك ، يا حبيّ الوحيد
ففهمت انه سيحاول الإنتحار ثانيةً ، من رجفة جسمه الواضحة ..كأنه يعتبرها فرصته الأخيرة للحياة !
لتفاجئه بردّة فعلها ، مع كل المتواجدين بالكافتريا .. باحتضانه بحنان وهي تقول :
- بالتأكيد موافقة ، يا حبيّ الأول والأخير
وسط تصفيق الأطباء والممرّضين لهما
***
وبعد عام ، كانا سعيدان برؤية طفلهما الأول.. حين امسك يدها وهي تُرضع طفلها في غرفة المشفى بعد ولادتها :
- عديني حبيبتي .. ان نكون لهذا الصغير ، افضل ام واب بالعالم
زوجته : حتماً لن نكون كأبي وأمك.. بل سنغرقه حباً ودلالاً
- لكن لا تدلّليه كثيراً ، حتى لا أغار منه
- لا تقلق ، فحبي وعطفي يكفيكما انتما الأثنيّن
اريك : وبدوري اعدك الإعتناء بكما ، لأن سعادتكما هي هدفي الأسمى بالحياة
واحتضن زوجته وطفله بحنان..
aثم استيقظ من نومه ! وقال لقد كان حلما جميلا .ليته طال قليلا.
ردحذفلن يذقها.انتهى.وقد تيقن.قصة حلم جميل لن يتحقق استاذه ميلانو ولكن شكرا على الفكرة.تستحق التجربه.
بالحلم القادم سيكتشف ان الممرضه قاتله حتى اذا ظن انه وجد حبل النجاه فإذا به حية تخنقه بلا سبب وتلدغه بلا رحمه ويكأن كل مالاقاه لم يكن كافيا.قيض الله لها من يكسر الله قلبها ويضيق صدرها ويضاعف همها ويطيل آلامها ويضع الملح فوق جراحها بدلا من مداواتها. أي إريك.
ردحذفاظن كلا التعليقيّن من البائس ، الأستاذ احمد .. هذه القصة كتبتها لتعطيك التفاؤل والأمل ، لكن بعض الطباع لا تتغيّر !
حذفaأحسنتa
ردحذفذكرى أثارت غافيَ الأحزان :أشجاك يوم العيد ما أشجاني/شجنٌ ممضّ صارخٌ وكآبةٌ:خرساء يا للبؤس والحرمان/يا للتعاسة لا حبيب أرتجي:منه الوصال ولا أخ واساني/صدعت صباح العيد كأسي زفرةٌ:أطلقتها من قلبيَ الحرّانِ/حتى إذا سال الصبوحُ وددت لو:
أنّي اغتبقت بدمعيَ الهتّان/وكذلك استبدلتهُ وظننتُ أن:
الخمرَ تطفىءُ غلّة الصديان/فشربتها صرفاً ولم أسكر ولم:أطرب وزاد الحون كأسي الثاني/أنا لا أغنّي أيّها الساقي ومع:ذرة إذا ما نحت يا أقراني/كلّ امرىءٍ منكم يضاحكُ كأسهُ:طرباً وكاسي ويحهُ استبكاني/وشربتمُ وطربتمُ ما كان أس:عدكُم بأكؤُسِكم وما أشقاني/
كفوا الملام فلست أوّل بائس:يستبدل الأفراح بالأحزان/
إلحاحُكم يدمي فؤادي فاقبلوا:عذري ويؤلم عتبكم وجداني
/لا أشكرَنّ مهنّئي بالعيد بل:شكري الجزيل لمن به عزّاني/واللَهِ لا نفسي به هنّأتُها:كلّا ولا أهلي ولا إخواني/إلّاكَ يا بدري فهاك تهانئي:بالعيد من أعماق قلبي العاني/يا من حفظت عهودهُ واضاع عه:
دي واستجبت نداءهُ وعصاني/ومنحتهُ حبّي فأدبر ساخراً:منّي وأشمت حاسدي وجفاني/أو ما علمت بأنّ هجرك سامني:سوء العذاب وشفّني وبراني/وأنا فديتكَ شاعرٌ حسبي من الدّ:نيا وما فيها فتىً يرعاني/أسقيه آونةً ويسقيني وإن:ناغيتهُ بقصائدي ناغاني/ويبُثّني شكواه حين أبثّهُ:شكوايَ والكأسان يستمعان/فإذاشربناها على همس الصبا:هتف السرور وصفّق القلبان/يا زينةَ الدنيا ويا دنيا المنى:والشعر والأحلام والألحان/العيد عيدي يوم تسقيني واس:قيك المدام وأنت في أحضاني/
ألعيد عيدي يوم أقطف من خدو:دك يا منايَ شقائق النعمان/العيد يوم الهمس والنجوى إلى:أن يصبح التعبير بالخفقان/العيد يوم ننام ملء جفوننا:متعانقين كأنّنا طفلان/العيد يوم يصفّقُ القلبان من:فرح اللقاء وتهتف الروحان/العيد يوم أمتّع الطرف الذي:أسهدتهُ بجمالكَ الفتّان.
من ديوان الأستاذ الكويتي : فهد العسكر
حذفلا اعرف ماذا افعل يا امل يبدو ان الوسواس القهري عاد الي بعد ٣ سنين بعد تخلصي منه انه مرض لعين يرهق الانسان ادعو الى الله تعالى لكن بلا فائدة
ردحذفذكّريني يا دلال ، وسواسك القهري عن ماذا بالضبط ؟
حذفعلى كلٍ ، الوسواس ان زاد عن حده ..فهناك دواء خاص له ، يخفّف من اعراضه
فصديق اخي كان يخاف الخروج من منزله ، بسبب وسّواس النظافة .. وبعد تناوله حبة كل صباح ، عاد اجتماعياً كما كان بصغره
اسألس الصيدلي عنه
لكن قبل ذلك ، اكثري من المعوذات .. فالوسواس هو اذى شياطني اكثر من مرضٍ نفسيّ .. اعانك الله على بلائك
اعلم بالدواء كنت آخذه في الماضي يبدو انه عاد حديثا اللعين هل هنالك صلاة خاصة بالوسواس
ردحذفالإنسياق للوسّواس هو قرار عقلي ..
حذفأقصد انا مثلاً : قبل انام ، يجب ان اتأكّد ان جميع الصنابير مغلقة تماماً ..
سابقاً كنت اتأكّد اكثر من عشر مرات قبل النوم .. ثم قرّرت إنقاصها لخمسة .. والآن اتأكّد مرة واحدة قبل النوم .. يعني يمكنك تدريب نفسك على تقليل مدّة الوسّواس ..
مثلاً : بدل غسل يديك كلما لمست شيئاً ، ضعي توقيت محدّد لغسل اليدين .. وأطيلي المدّة مع مرور الزمن .. الأمر يحتاج لتدريب ..
ويمكنك قراءة الفاتحة وآية الكرسي والمعوّذات على ماء ، واشربيها على نيّة الشفاء من الوسّواس الشيطاني ..
شفاك الله وعافاك ، استاذة دلال