الاثنين، 12 مايو 2025

الحب المشروط

تأليف : امل شانوحة 

الزواج المُدبّر


في صالة القصر .. تحدّث الجدّ الثريّ مع ابنه الوحيد وكنّته ، عن موضوع حفيده الذي يرفض الزواج بعد وفاة زوجته الحامل بحادث سير .. قائلاً بغضب :

- الى متى سأنتظر سيادته ليتزوّج ثانيةً ؟!!

كنّته : يا عمي ، ما زال ابني حزيناً على..

الجد مقاطعاً بعصبيّة : هذا يكفي !! لا اريد سماع المزيد من الأعذار لإبنكما المُدلّل.. لقد مرّ عام على وفاتها.. وانا مازلت عند رأيّ : لن أُسلّم إدارة شركتي لحفيدي إلاّ بعد زواجه !! اساساً لم تُعجبني منذ البداية ، وتزوّجها سرّاً دون موافقتي.. لهذا إفهماه جيداً ، انه سيتزوّج بنهاية هذا الشهر.. وهذه المرّة سأختار عروسته بنفسي !!


ثم ذهب الجد الى مكتبه (داخل القصر) مُغلقاً بابه بقوة ، لإفهامهما بأن قراره نهائيّ..

^^^


الأم بقلق : ماذا نفعل ؟! فإبنك يرفض تماماً الزواج بعد المرحومة التي عشقها بجنون

زوجها بقهر : ليتني لم أُولد أعرجاً .. لكنت استلمت إدارة الشركة ، وأرحت ابني من هذه المسؤوليّة .. لكننا مُضّطران للضغط عليه ، فهو حسب وصيّة ابي : الوريث الوحيد لأملاكه ! 

الأم بحزم : بالتأكيد سنضغط عليه !! قبل تنفيذ والدك تهديده ، ببيع شركته وتوزيع امواله على الجمعيّات الخيريّة..


ثم وقفت وهي تقول :

- سأذهب الى غرفة ابننا ، لأقنعه باقتراح عمي

زوجها : رجاءً لا تقسي عليه ، فقلبه مازال مُحطّماً من فقدان حبيبته

- كلّه منك !! انت دلّلته كثيراً

- الا يكفيه قساوتك انتِ وابي .. إتركا الولد يتنفّس قليلاً

الأم بعصبية : لن اعود للفقر ثانيةً ، بسبب عناده.. هل سمعت ؟!! هذا القصر سيظلّ ملكي للأبد !!

^^^


ودخلت غرفة ابنها .. لتجده مستلقي على السرير ، وهو سارح بأفكاره الحزينة

- بنيّ .. الى متى ستبقى على هذه الحال ؟

- رجاءً امي ، دعيني وشأني

الأم : تركناك على راحتك لشهورٍ طويلة ، ولم نعترض بتخلّيك عن وظيفتك في الشركة .. لكن في حال استمرّيت بتصرّفاتك الكئيبة ، سنخسر القصر وكل شيءٍ نملكه.. وانا لن اسمح بذلك !!


ثم أخبرته بقرار جده.. فرفض رفضاً قاطعاً الزواج بعد حبيبته.. ليُفاجأ بصفعةٍ قويّة من امه !

ابنها بصدمة : امي ! لم اعد صغيراً لتضربينني 

الأم بحزم : بل سأضربك ، إن كان قرارك الغبي سيخسرني هيّبتي بين نساء المجتمع المخمليّ !! 

- هي بالنهاية ثرّوة جدي ، فليفعل بها ما يشاء

فجذبته بقوّة من بيجامته :

- قلت لك !! لن اعود للحياة البائسة التي عشتها في طفولتي.. لهذا ستنفّذ كلام جدك ، وتخطب الفتاة التي سيختارها لك .. وهذا قراري انا ووالدك ايضاً

وتركته مهموماً في غرفته..

***


لكن صدمته الحقيقيّة حصلت بعدما اخذه جده الى القرية (التي نشأ فيها) لتزويجه من حفيدة صديقه التي تعيش في منزلٍ بسيط ، برفقة إخوتها الصغار


ورغم ان جمالها لافت وطبيعيّ (دون عمليّات التجميل ، كمعظم فتيات الطبقة الراقية) الا انه لم يلتفت اليها كثيراً.. وظلّ صامتاً طوال الجلسة ، خلال إتفاق الجد مع اهلها على موعد عرسهما القريب


بعدها تركوه مع خطيبته في الصالة ، وانتقلوا للغرفة المجاورة ..


فالتزم العروسان الصمت لبعض الوقت ، قبل ان تقول الصبيّة بضيق:

- واضح ان عائلتك تُرغمك مثلي على هذه الخطوبة ؟!

فسألها باستغراب : 

- وهل أجبروك ايضاً ؟!

- أليس واضحاً صمتي وانزعاجي طوال الجلسة ؟

العريس باستحقار : الا يعجبك ان تتزوّجي من شابٍ وسيم وثريّ ومتعلّم ، يا ابنة الفلاح ؟!

العروس بعصبية : لا تغلط بالكلام !! صحيح انني من عائلةٍ متوّسطة الدخل..

فقاطعها بلؤم : بل فقراء

- لا ، لسنا كذلك !! نحن نملك منزلاً وأرضاً زراعيّة ..وهذا يعني اننا أفضل من معظم الأهالي هنا.. هذا اولاً !!.. اما ثانيّاً : كنت انوي إكمال دراسة الطب قبل أن..

فقاطعها بازرداء : طبيبة مرة واحدة !

- ولما انت مُتفاجئ ؟!

- لأنه حتماً لا يملك والدك اقساطها الغالية

العروس : التي امامك يا سيد !! حاصلة على منحةٍ دراسيّة ، بعد تفوّقي بالمرحلة الثانويّة


العريس : وأيّ إختصاص تريدين ؟

فتنهّدت بحزن : طبّ الأطفال.. لكن بسبب خطبتك المفاجئة ، سيمنعني جدك (حسب اتفاقه مع والدها) على إكمال دراستي ! وبذلك ينتهي حلم حياتي بأن اصبح طبيبة ، اعالج اطفال القرية بالمجّان

- تتكلّمين كأنني اتيت اليكِ برغبتي ! فأنا ايضاً لا اريد هذا الزواج

العروس : اعرف هذا ، فقد أخبرنا جدك عن وفاة زوجتك الحامل.. عظّم الله اجركم

فردّ بحزن : شكر الله سعيكم


ثم صمتا لبعض الوقت ، قبل ان يقول :

- حسناً ، طالما كلانا لا نريد الزواج .. فدعينا نُتابع التمثليّة ، بعد إشتراطي على اهلي : عيشنا في شقةٍ بعيدة عن قصر جدي.. بذلك تُكملين تعليمك ، دون إزعاجي بطلبات الزواج الروتينيّة 

فمدّت يدها مُصافحة :

- موافقة !! لكن بشرط : ان يكون لي غرفتي الخاصة ، لسهري الطويل بالدراسة 

فشدّ على يدها : 

- وانا لديّ شرطٌ آخر !! ان لا تتدخلين بتاتاً بمواعيد تواجدي في المنزل .. لأني احب الترفيه عن نفسي : سواءً بالذهاب للنادي او النزهات البحريّة مع اصدقائي

العروس : لا يهمّني ما تفعله بوقت فراغك ، المهم ان لا تلمسني مطلقاً !!


فسكت قليلاً ، قبل ان يقول :

- وهذه مشكلةٌ أخرى !

- لم افهم !

العريس : جدي من اصولٍ قرويّة ، ومُتمسّك بالتقاليد الغبية لليلة العرس.. أقصد سيرغب هو وعائلتي برؤية الإثبات اننا ..  

مقاطعة بحزم : اذاً نذهب للفندق .. اكيد لن يلحقونا الى هناك ، للتأكّد من نجاح الليلة

- وماذا عن الحمل ؟ فجدي قبل وصولنا الى هنا ، إشترط شرطاً ثانياً لنقل الإدارة لي : وهو إنجابي طفلاً !


ففكّرت قليلاً ، قبل ان تقول :

- بعد عام على زواجنا ، تُخبر الجميع بأني عاقر

العريس بصدمة : لكن هذا سيضرّ بسمعتك !

- انا لا ارغب بالزواج بتاتاً .. اريد فقط ان اصبح طبيبة ، فهذا حلم حياتي !! وإن عرف اهلي بعقمي ، لن يجبرونني على الزواج ثانيةً.. وبذلك أتفرّغ للدراسة.. وترجع انت لحياتك بالقصر ، ليعود اهلك بالضغط عليك للزواج للمرّة الثالثة.. حينها تفكّر بحيلةٍ جديدة للهرب منهم ، وهذه المرة دون مساعدتي  

العريس : من هنا حتى عام ، ربما تتغيّر اشياء كثيرة

- او يتوفّى جدك

العريس : او اموت انا

فردّت بخوف : 

- لا !! حماك الله من كل شرّ

فسألها بدهشة : هل خفتِ عليّ ؟!

فابتسمت ممازحة : آسفة ، يبدو اندمجت باكراً بدوّر الزوجة !


وضحكا من سخريّة الموقف الصعب الذي وضعهما الجد فيه ، والذي كان سعيداً مع اهلها (بالغرفة المجاورة) بسماع ضحكاتهما ، مما يدّل على موافقتهما على الخطوبة المُدبّرة !

***


وبالفعل تمّ الزواج .. وعاش العروسان في شقتهما الفخمة ، بغرفتيّن مُنفصليّن .. بعد ان رضخت لطلب عريسها بعدم العودة للجامعة الا بعد اسبوعيّن ، تفادياً للإشاعات المسيئة بحقه !


بعدها صارت تداوم على دراستها بكل حماس ، بعد ان خفّت المسؤوليّات عليها : فهي اعتادت بالقرية على مساعدة امها بالمنزل مع معاونة والدها بالحقل ، بالإضافة لاهتمامها بإخوتها الأربعة الصغار.. 


اما في شقتها ، فتفرّغت للدراسة في غرفتها لساعاتٍ طويلة .. اثناء غياب عريسها برحلاته مع اصدقائه ، بعيداً عن تسلّط جده وامه..

***


لكن بعد ثلاثة اشهر من الحرّية المُطلقة ، قللّ نزهاته بعد عودته للعمل بشركة جده الذي كان يسأله من وقتٍ لآخر : ان كان هناك بوادر حمل لعروسته ؟ فيختلق الحججّ ، للهرب من سؤاله المُحرج !

***


وخلال السنة التي عاشها مع عروسته ، لفت نظره تصرّفاتها وعاداتها الجميلة مثل : إهتمامها بقطط الشوارع .. وعلاجها فقراء المنطقة بالمجّان ، الذين اصرّوا على الإلتجاء اليها (رغم عدم تخرّجها بعد !) لأنها لم تتوانى عن شراء الأدوية لهم.. 

عدا عن إهتمامها بزوجها كلما اصابه المرض ، وسهرها طوال الليل لعلاجه .. وطبخها اللذيذ ، واهتمامها بنظافة الشقة .. رافضةً إقتراح حماتها : بتوظيف خادمة .. مُعللةً ذلك : بغيرتها الزائدة على زوجها الوسيم .. لكنها بالحقيقة : لا تريد ان يعرف أحد بغرفتها المنفصلة عن زوجها الذي كان يتنصّت عليها ، كلما غنت بصوتها العذب اثناء جلّيها الصحون .. وهذا شجّعه على مساعدتها بالطبخ ، مما قرّب المسافة بينهما ، رغم إنكارهما ذلك !


لكن اكثر شيء اثار دهشته : هو يوم قدومها لقصر جده (للإحتفال معهم بعيد ميلاده) وهي بكامل زينتها (لأول مرة بعد عرسها) بعد اهتمام الحماة بتزيّنها وشراء الفستان الأحمر المخملي لها !


وبعد إعطائهم الهدايا له ، سألها الجد :

- الن تهدي زوجك ؟

فابتسمت العروس بخجل : الهديّة في غرفته .. أقصد تركتها فوق سريرنا .. سيراها بعد عودتنا للمنزل

الحماة : آه ! يبدو انها هديةً خاصة

وابتسموا ، ظنّاً بأنه جهاز كشف الحمل او ملابس طفل

^^^


بعد عودتهما الى الشقة.. تمنّت لزوجها سنةً سعيدة ، وذهبت الى غرفتها.. 

وعندما دخل غرفته ، وجد هديّتها المُغلّفة فوق سريره .. ليندهش أنها لعبة تُشبه سيارته المفضّلة في طفولته ! مع بطاقة مكتوباً عليها :

((أخبرتني ببداية زواجنا عن اول صدمة في حياتك : عندما رمت والدتك سيارتك ، بحجّة انك كبرت على العاب الصغار.. وطالما مازلت تذكر الحادثة ، فهذا يعني اهميّة اللعبة لك.. جيد انني وجدت شخصاً على الإنترنت مازال يصنعهم يدويّاً.. فأرسلت له صورتك ، وانت تحملها بعيد ميلادك السابع.. وهو تمكّن باحترافية من تقليدها.. سنةٌ سعيدة ، يا زوجيّ العزيز))

^^^


وقبل ان تخلد للنوم ، سمعت طرقاً على بابها :

- يمكنك الدخول !!

لتفاجأ بعيونه المُحمرّة من شدة البكاء !

زوجته باستغراب : هل اعجبتك الهديّة لهذه الدرجة ؟!


وإذّ به يحتضنها بقوة .. فقالت بارتباك :

- آسفة ! لم أقصد التلاعب بمشاعرك

فتنهّد بحزن : عندما أهدتني جدتي الحنونة تلك السيارة ، طلبت مني توريثها لإبني .. فهي مصنوعة يدويّاً ، بأبوابها التي تفتح ، ومقودها الذي يتحرّك ، وأنوارها التي تُضاء.. وكانت غالية جداً في زماني ، لهذا تفاخرت بها امام زملائي .. فهي مصنوعة من الحديد وليس البلاستيك ، ويمكنها ان تدوم طويلاً.. لكن بسبب كره امي لحماتها التي رفضت زواج ابي من فتاةٍ فقيرة ، رغم انها الوحيدة التي وافقت على إعاقته ! قامت برميّ ..

ولم يستطع إكمال كلامه ، فسألته :

- هل تخلّصت من لعبتك بعد وفاة جدتك ؟

- نعم .. وهذا حطّم قلبي ، لأني وعدّت جدتي بالإحتفاظ بها .. انا حقاً مُنصدم بإعادتك اجمل ذكرى من طفولتي !

- سعيدة انها اعجبتك


وكان المفترض ان ينتهي حديثهما هنا.. لكنه بقيّ في غرفتها ، وهو يُفضّفض لها عن ذكرياته السيئة مع امه وجده المُتسلطيّن.. ورغم طيبة والده الا ان شخصيّته ضعيفة جداً .. وبالكاد سمحت امه بالجلوس معه لوحدهما ، طيلة تواجده بالقصر ! 


ثم اخبرها عن فخره بجهودها بالدراسة ، بنيّة مساعدة الأطفال الفقراء :

- أتدرين انني احببت زوجتي المرحومة كثيراً ، وكنت أراها امرأةً مثاليّة .. لكن بعد زواجي منك ، إنتبهت انها نسخة عن امي ! فهي ايضاً كانت مُتحكّمة وعنيدة للغاية .. وكان إهتمامها الوحيد : هو إستلامي رئاسة شركة جدي الذي تمنّت وفاته دائماً ! كما ضايقني إصرارها على تعيين مربيّة لطفلنا (فور ولادته) رغم رفضيّ الموضوع !  

عروسته : لا تلم نفسك ، فبالعادة يبحث الرجال عن شبيهات أمهم

- لأني ظننت ان جميع النساء بنفس طباع والدتي.. فطبقتنا المخمليّة مليئة بالنرجسيّات المُصطنعات ! لكن بعد عيشي معك ، ورؤية عطفك على كبار السن والفقراء واطفال الشوارع ، وحتى الحيوانات ..علمت ان هناك نوعاً افضل من النساء : النوع الرقيق الحنون ، مثلك تماماً عزيزتي

وقبّل يدها بامتنان ، وهو يقول :

- جيد ان جدي أجبرني على الزواج بك


وعنما اقترب لتقبيلها ، تراجعت للخلف :

- ماذا تفعل ؟! هل نسيت اتفاقنا ؟!

- صدّقيني ، حتى لوّ تزوّجنا بالفعل .. لن احرمك حلمك ، وستكملين الدراسة لتصبحي افضل طبيبة بالبلد

فردّت بقلق : لكن لوّ علم اهلك بإكمال تعليمي ، سيمنعونني الذهاب للجامعة

- انت زوجتي ، ولا دخل لهم بك

- ماذا لوّ اجبروك على تطليقي ؟

فتنهّد زوجها بضيق : اساساً هم يضغطون عليّ منذ اسابيع ، لقيامنا بالفحوصات الطبيّة .. فبرأيهم عدم حملك للآن ، هو نذير شؤم بوجود خطبٍ ما !

- ولما لم تخبرهم بأنني عقيمة ، كما اتفقنا ؟

- لن ارضى بتشويه سمعة أفضل انسانة رأيتها في حياتي


فسكتت قليلاً ، قبل ان تقول : 

- اذاً عدني بأن لا يقف احد بيني وبين تحقيق حلمي

فصافحها ، قائلاً :

- اعدك بذلك ، بشرط !! إن توافقي على زواجنا الليلة

***


لم يمرّ شهر على تلك الليلة الرومنسيّة ، حتى علم الجميع بحملها .. وأقاموا إحتفالاً عائليّاً بالقصر..


وبنهاية الحفل ، أصرّ الجد على عودتهما للعيش معه ..

حينها اضطّر لإخبارهم بتخصّص زوجته.. واشترط عودته للقصر ، بعدم تدخلهم في مستقبلها المهنيّ .. 

فاستغربوا من استمرارها بالدراسة ! لكنهم رضخوا لطلبه ، رغبةً بتربية الحفيد الصغير بينهم


ورغم قلق الزوجة من تدخلّاتهم بطفلها ، لكنها تُدرك حاجتها اليهم بعد عملها بالعيادة.. 

وبذلك أُجبر العروسان على الإلتزام بالقوانين الصارمة في القصر مثل : مواعيد الطعام والنوم ، والعودة للقصر مساءً بأوقاتٍ محدّدة ! 

***


وبعد ولادة طفلها ، تفاجأت هي وزوجها بكميّة الحنان المُفرط من الجد الأكبر وحماها وحماتها على الصغير الذين أغدقوه بالهدايا والقبلات والإهتمام الزائد ! مما احزن زوجها الذي لم يحظى بحنانهم طوال حياته !


وفي غرفة النوم ، قالت له زوجته :

- رجاءً لا تغضب منهم .. فأحياناً شعور الأمومة والأبوّة لا يظهر مع الأبناء ، بل مع الأحفاد ! فدعهم يشعرون بتلك المشاعر الدافئة مع طفلنا

- لن يحزنني الأمر ، إن تكفّلتي انت بتدليلي


فابتسمت له ، قبل ان تسكت مطوّلاً ..

- ماذا هناك ؟! اراك مهمومة !

- هذا الصباح .. إقترح جدك فتح عيادة وسط البلد ، بعد تخرّجي الجامعيّ

- وهذا جميل

زوجته بضيق : انت تعلم ان هدفي من الدراسة هو مساعدة الأطفال الفقراء ، وليس ابناء الذوّات ! يعني كنت آمل بفتح عيادتي بالقرية

- طلبك صعب ، عزيزتي.. خاصة بعد ان اصبحت رئيس الشركة .. لكن لا تحزني ، فالفقراء موجودين في مدينتنا ايضاً

- اعلم هذا .. لكنهم لن يأتوا الى عيادة موجودة بأهم شارعٍ بالعاصمة ، ظنّاً بارتفاع اسعار الفحص والعلاج !

زوجها : اذاً ستكون لك عيادة اخرى بأطراف العاصمة

- عيادتان !

- نعم ، وتتناوبين بينهما حسب الأيام .. تعالجين اطفال الأثرياء بالمال .. بينما الفقراء ، بأسعارٍ مدروسة .. او بالمجّان ، حسب حالتهم ماديّة


الزوجة بقلق : لكن هذا سيشغلني عن ابننا

زوجها بغيظ : لا تقلقي عليه ، فهو مُحاط بثلاثة اجداد يلاعبونه على الدوام ، كأنه ملك زمانه !

فضحكت : أتغار من ابنك ؟!

- بعض الشيء

زوجته : انت تدرك بأن العيادتيّن ستشغلني عنك ايضاً ؟

- يكفيني ان القاك بنهاية اليوم في سريرنا الدافىء

- اذاً سأوافق على اقتراح جدك.. لكن بشرط !! ان تفي بوعدك بشأن عيادة الفقراء

فصافحها من جديد :

- إتفقنا !!

زوجته ممازحة : الا تلاحظ انه منذ بداية تعارفنا ونحن نعقد الإتفاقات ، كأننا شركاء عمل ؟!

- هذا لأنك شريكتي وزوجتي وحبيبتي ، وام ابني وامي ايضاً.. فمعك شعرت بحنان لم اشعر به في حياتي كلها..

 

ثم نام على قدميها ، وهو يقول : 

- هيا مسّدي شعري ، وانت تغنين لي .. الى ان انام

- ستبقى دائماً طفليّ المُدلّل .. اعدك بذلك ، حبيبي 

وابتسمت له بحنان 


هناك 4 تعليقات:

  1. الاستغراق ببعض قصصك المتنهده ينسي المرء احيانا انه مكبل بالاصفاد في قاع جب وسط الصحراء شكرا مول ♥ عذرا حاولت تلوينه فقالوا فات الاوان فأسود وتفحم

    ردحذف
    الردود
    1. جميعنا مُقيّد بالأصفاد بشكلٍ او بآخر ، لكن علينا التفاؤل قليلاً ، ولوّ بقصص الخيال !
      تحياتي لك

      حذف
  2. عدنان كردستان13 مايو 2025 في 12:01 ص

    قصة جميلة فحواها هو
    1- جمال الزوجة ليسا بالشكل بل بصفاتها وإنسانياتها وروح طفولتها
    2- الحب الحقيقي يولد بعد الزواج بحسن المعاملة والاحترام
    3-اهتمام الطرفين بالجانب النفسي لكل طرف يؤادي الى توافقهم
    4-احترام كل طرف لطبيعة الطرف الاخر هي لغة من لغات الحب
    5-اجمل حب يتكون عندما يتشابه الطرفين بالجانب النفسي والطبع والروح

    ردحذف

الحب المشروط

تأليف : امل شانوحة  الزواج المُدبّر في صالة القصر .. تحدّث الجدّ الثريّ مع ابنه الوحيد وكنّته ، عن موضوع حفيده الذي يرفض الزواج بعد وفاة زوج...