الجمعة، 20 ديسمبر 2024

طبّاخة الرئيس

تأليف : امل شانوحة 

العقوبة المُحيّرة !


في القصر الجمهوري ، دخلت الخادمة الى المطبخ فزعة : 

- هل سمعتي ما حصل ؟!

الطبّاخة (الستينيّة) : ماذا هناك ؟

- الرئيس وعائلته يستعدّون للهرب للخارج !

- أهذا يعني سقوط النظام ؟!

- نعم .. وسيعلن الثوّار النصر ، فور وصولهم الى هنا

فتنهّدت الطبّاخة بارتياح : ممتاز !! وأخيراً سنحصل على حرّيتنا

الخادمة بخوف : وماذا لوّ عدّنا الثوّار خوّنة ، وأعدمونا ؟! 

- ولماذا يفعلون ذلك ؟! فكلانا أُجبرنا على خدمة سكّان القصر !

- لا احد يعرف حقيقية عملنا الجبريّ سوى المتواجدين هنا ، وهم ايضاً يستعدّون للهرب فور خروج الرئيس وعائلته من القصر 

الطبّاخة : تقصدين الحرس ؟

- وبقيّة الخدم وطبيب الرئيس ومصفّفة الشعر والمعالج الفيزيائيّ والبستانيّ والمربيّة .. وبرأيّ ان نهرب قبل إعدامنا بتهمة خيانة الوطن  


فسارعت الطبّاخة العجوز بحزم حقيبتها الصغيرة للخروج من القصر ، بعد توجّه الرئيس وعائلته الى مطاره السرّي

^^^


وفور دخول منزلها (الذي لم تره منذ عشرين سنة) صلّت ركعتيّن شكر لله ، بعد أن مُنعت من اداء الشعائر الدينيّة طوال وجودها القسريّ بالقصر !

***


لم تمضي ايام .. حتى وصلها تهديد من اهالي المُعتقلين ، بمحاكمتها على خدمتها للحاكم الظالم ! ولأن عائلتها تخلّت عنها بعد انتقالها للقصر ، لم يكن امامها سوى الإستعانة بإبنة الجيران لنشر فيديو على الإنترنت (من خلال الجوّال الذي لا تعلم طريقة استخدامه) قالت فيه :

((قبل عشرين سنة ، كنت أملك مطعماً مشهوراً للأكلات الشعبيّة .. وذات يوم طلب مني الضابط إرسال الطعام للقصر الجمهوريّ ، فرفضت أمره .. وفي اليوم التالي ، أخرجني الحرس مع عمّالي من المطعم الذين قاموا بحرقه ! ثم أذاعوا بين الناس : انه احترق بفعل ماسٍّ كهربائيّ ، وهدّدوا عمّالي بالسجن إن اخبروا الحقيقة .. ثم ارسلوني جبراً للقصر ، لخدمة العائلة الحاكمة دون راتب .. فأجرتي كانت طعامي وسكني فقط ! وحرموني رؤية اولادي الذين تبرّأوا مني .. والآن بعد تحرير سجني ، عُدّت الى بيتي ..لأفاجأ برسالة تهديد بقتلي ! انا مظلومة ، تماماً كأبنائكم المُعتقلين ..فقد عشت كل يوم في القصر بقلقٍ دائم مع كل طبخة أعدّدتها ، خوفاً من إلاّ تُعجب ذوّق الرئيس وزوجته التي كانت تُجبرني على إعداد وجباتٍ خاصّة تناسب حميّتها الغذائيّة ، عدا عن إطعام حيواناتهم الأليفة ! ولأني لا اعرف مصيري بعد التحرير ، سأخبركم ببعض اسرار القصر التي عرفتها اثناء تواجدي هناك..))


وأطلعت الثوّار على سردابٍ سرّي اسفل القصر ، فيه جثث السياسيّن والمعارضين المهمّين بالبلد.. وايضاً المخزن المليء بالمخدّرات والآثار المسروقة من الدولة.. كما فضحت العلاقات السرّية للحاكم .. وبنهاية الفيديو : إعتذرت من الشعب على خدمتها الرئيس المخلوع طوال عشرين سنة الماضية ، طالبةً السماح لها بعيش ما تبقّى من حياتها بسلام

^^^


وانتشر الفيديو سريعاً بين الناس ، مع تعاطف الكثيرين معها .. إلاّ انه لم تمضي ايام على انتشاره ، حتى وجدوا جثتها مذبوحة في شقتها ! مع رسالة ورقيّة بجانبها : 

((ابني مات جوعاً بسجون النظام ، وانت تُطعمين اللعين ألذّ الطبخات والحلويات ! انت لا تستحقين الرحمة))


فعرفوا أن قاتلتها : هي والدة احد المُعتقلين المتوفيين بالسجون.. وبذلك تحقّقت المقوّلة : ((اكبر عدوّ للمرأة ..هو المرأة) ! 

***


وانتم ما رأيكم ؟ هل من العدل مُعاقبة خدم الرئيس المخلوع وإعدامهم جميعاً ، كما حصل بالثوّرة الفرنسيّة القديمة .. ام مسامحتهم على خدمتهم الجبريّة للحاكم الظالم؟!


هناك 9 تعليقات:

  1. مسكينة حرام أجبرت على العمل و فوق هذا تدمرت حياتها

    عندي سؤال هل تستطيعين كتابة قصة بأستخدام هذه الجملة

    الملاك يجعل نفسه مخيف ليرعب ألشر الشيطان يجعل نفسه قبيح ليبعد الشر

    ردحذف
  2. اه اعذرني أنا أسف الجملة هي
    الملاك يجعل نفسه مخيف ليبعد الشر و الشيطان يجعل نفسه جميل ليغري البشر

    ردحذف
    الردود
    1. حالياً لا يخطر ببالي فكرة لهذه الجملة ، لنتركها للمستقبل

      حذف
    2. سوف ارسل لك فيديو

      حذف
    3. https://vt.tiktok.com/ZS6FMNJRA/

      حذف
    4. رأيتها ، شكراً لك.. ربما تأتي الفكرة لاحقاً !

      حذف
  3. عدنان كردستان22 ديسمبر 2024 في 6:51 ص

    اكيد ماكوا عقاب لهم

    حقيقة: المواطنين المشاركين بالحرب يحتاجون الى رعاية نفسية لاعادة دمجهم بالمجتمع لانهم هسه صاروا متعودين على القتل فاي خلاف او نقاش سوف يستخدمون القتل له لانهم تعودوا على هيك شغلات.
    الذي قتل او ذبح الخادمة ليسا امراة عادية بدافع انها مظلومة من اعتقال ابنها بل بدافع انها قد تعودت على القتل

    ردحذف
    الردود
    1. المسامحة امر ليس سهلاً .. تخيّل (لا سمح الله) ان يكون ابنك مات تعذيباً ، وجارك هو احد حرّاس سجنه القديم .. هل ستسامحه ؟ ام ستقتله بأول فرصة سانحة لك ؟!

      برأيّ جميع من عمل بسجون النظام حتى عمّال النظافة والطبّاخين يجب اعدامهم لأنهم لم يعودوا بشريين ، بل وحوش اعتادوا على رائحة الدم وسماع صراخ المتألمين .. والله فيما بعد يحاسبهم ، كلٍ حسب جرائمه .. لكن لا يمكن دمجهم مع المجتمع الصحّي الجديد

      حذف
  4. عدنان كردستان23 ديسمبر 2024 في 2:19 ص

    إذا كان مجرد شخص مدني يعمل بالسجن مثل عامل نظافة وطباخ فهذا ليسا له ذنب ولايمكن ان نقابل الظلم بظلم
    وإذا كان جار فاني كنت سوف استفيد منه للوصول للعسكر الذين كانوا مسؤولين عن التعذيب او مايسموهم بالشبيحة فالثار منهم

    ردحذف

الرصاصة الطائشة

فكرة : الأستاذ احمد السيد كتابة : امل شانوحة  الطلقات المُميتة عُيّن رئيس بلديّة جديد (قادم من المدينة) في قريةٍ شعبيّة.. ولم يمضي شهر على ت...