السبت، 25 ديسمبر 2021

الإستغاثة الأخيرة

تأليف : امل شانوحة 

 الشاهد الوحيد 


في جزيرةٍ أندونيسيّة .. واثناء دراسة الشاب في غرفته ، وقف ببغاءٌ كبير على حافّة نافذته ، وهو يصرخ بصوت امرأة فزعة :

- ساعدوني !! دادويج يقتلني !!


وكان واضحاً من الصوت (الذي يقلّده الببغاء) إنه لسيدة تتعرّض لعنفٍ شديد ! 

وظلّ الببغاء يردّد الجملة ، إلى أن تمكّن الشاب الإمساك به .. والغريب إن الببغاء لم يحاول الهرب ، بل كان هادئاً للغاية !


ولأن عم الشاب يعمل في الشرطة ، أخذ الببغاء الى مكتبه في المركز .. وبعد أن سمع الشرطي صراخ المرأة ، قال لإبن أخيه :

- جيد انك أحضرته الى هنا 

الشاب : علينا إنقاذ المرأة في الحال

- هذا إن لم يقتلها المدعو دادويج

- إسمه ليس منتشراً في جزيرتنا ، على حدّ علمي !

الشرطي : لا هو اسمٌ قديم ، لم يعد أحد يسمي ابناءه به

- اذاً إبحث عن كل الذين إسمهم دادويج في جزيرتنا الصغيرة ، لعلّ زوجته مازالت تتعرّض للعنف حتى الآن ! 

***


فطلب الشرطي من زميله أن يبحث في ملفّات البلديّة عن جميع البالغين بإسم دادويج ..

واستغرق الوقت ساعتين ، حتى حصل على عناوين 6 رجال في الجزيرة يحملون الإسم القديم.. 


وأُرسلت الدوريات الى منازلهم ، وتمّ التحقيق مع نسائهم وبناتهم اللآتي نفينّ تعرضهنّ للتعذيب او الضرب !

وطلب مدير المركز من الشرطي إغلاق القضية ، بفرضيّة أن الببغاء حفظ الجملة من تلفاز أحد المنازل  

***


في اليوم التالي .. زار الشاب عمه لسؤاله عن مجريات القضية ، فأخبره بما حصل 

- لا عمي ! صراخ المرأة يبدو حقيقياً ، وليس تمثيلاً 

الشرطي : فعلنا كل ما بوسعنا بهذه القضيّة الغريبة

- أجريت بحثاً بالإنترنت ..والببغاوات المعروفة لدينا هو الببغاء أحمر الصدر ، وهو صغير الحجم .. أمّا الببغاء الضخم الذي معي ، فلا يتواجد إلاّ في الغابات 

الشرطي : الأشجار المرتفعة في جزيرتنا لا توجد إلاّ بجانب كهف الجبل 

- اذاً لابد أن الضحيّة مُسجونة هناك 


الشرطي : لا اظن مديري سيقبل إرسال دوريّة لتلك المنطقة الوعرة

- اذاً نذهب سوياً برفقة الببغاء ، وهو سيدلّنا على المكان الذي سجّل فيه صراخ المرأة

- تبدو مهمّةً صعبة !

الشاب بإصرار : هيا عمي !! فالله أرسل الطائر الينا ، لإنقاذها 


ففكّر العم قليلاً ، قبل أن يقول : 

- بما أن اليوم عطلتي ، فلا ارى مشكلة باستكشاف الجبل .. هيا بنا!!

***


وصعدا معاً باتجاه الغابة الصغيرة .. وكان الببغاء (الذي يحمله الشاب) مُتحمّساً لرؤية فصيلته النادرة فوق الأشجار .. 


وقبل دخولهما الكهف ، ناداهما رجلٌ من الغابة وهو يحمل فأساً حادّاً : 

- من سمح لكما بدخول منزلي ؟!!

الشرطي باستغراب : هل تسكن في الكهف ؟!

الرجل بلؤم : نعم !! هل لديك مانع ؟

الشاب : عمي يعمل شرطياً ، فتأدّب بحديثك معه 


فارتبك الرجل ! وحاول التحجّج بعمله للهرب من الموقف ، قائلاً :

- مازال عليّ قطع شجرتين ، إستعداداً لفصل الشتاء

الشرطي : ما اسمك ؟

فسكت الرجل بذهول ! فأراد الشاب إرباكه ، قائلاً بثقة :  

- نعلم ما فعلته يا دادويج

الرجل بخوف : كيف عرفتم اسمي ؟! 


فعلم الشرطي انه الشخص المطلوب ، فسأله بحزم : 

- اين زوجتك ؟

- لست متزوجاً !

الشاب : إذاً اين حبيبتك ؟ هل هي بالكهف ؟

الرجل بارتباك : لا !! انا أعيش وحدي .. آسف ، عليّ الذهاب لعملي 


وما أن ادار ظهره ، حتى نطق الببغاء بصوت المرأة :

- ساعدوني !! دادويج يقتلني !!


وعلى الفور !! إلتفت دادويج للوادي برعب ! 

فعلم الشرطي انه ألقى السيدة هناك .. وقام بالقبض عليه ، لينهار باكياً :

- أحببتها بصدق ، لكنها رفضت الزواج دون موافقة اهلها .. فضربتها لتكفّ عن الصراخ ، وفقدّتُ أعصابي !

***


بعد أخذه لمركز الشرطة ، قامت الدوريّة بتمشيط الوادي .. ليجدوا اشلاء المرأة التي يبدو انها ضُربت حتى الموت ! 

ويبدو أن الببغاء الذي كان متواجداً هناك ، هو الشاهد الوحيد على الجريمة! 


وكانت المرة الأولى التي تقبل القضاء شهادة طائرٍ في المحكمة ، بعد تسجيله الكلمات الأخيرة للضحيّة المظلومة !


هناك 5 تعليقات:

  1. لاحظت انني للآن لم أكتب قصة بطلها طائر او حيوان ، فخطرت ببالي هذه القصة ، أتمنى أن تعجبكم

    ردحذف
    الردود
    1. هذا ليس عدلا عندما يكون بطل قصتك انسان لا بد أن تقتليه لماذا لم تقتلي الببغاء 😔

      حذف
  2. امل عزيزتي انتي رائعة.. انا لا احب قصصك فقط بل اعشقها فعلا انتي موهبة رائعة دمتي متألقة و كم اتمنى قصة كل يوم ❤

    ردحذف
    الردود
    1. أسعدّت يومي بتعليقك الجميل ، شكراً لذوقك

      حذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...