الأحد، 5 ديسمبر 2021

الإتصال المسائي

كتابة : امل شانوحة 

الإمتحان النفسي


في تسعينات القرن الماضي .. تلقّت ريما مكالمة (على الهاتف الأرضي) في منتصف الليل , لشابٍ يقول بإرهاق :

- امي ..لا تنسي إيقاظي عند الساعة السادسة صباحاً , للذهاب لمقابلة العمل .. ضروري جداً !!.. أكلّمك لاحقاً ، سلام


وقبل إخباره أن اتصاله خاطئاً ، أنهى المكالمة ! 

فعادت الى سريرها .. ليجافيها النوم لساعات ، خوفاً أن يفوّت الشاب المجهول فرصة عمله .. فقرّرت السهر رغم تعبها .. 


وما أن صارت الساعة السادسة , أعادت الإتصال بالرقم السابق .. 

فردّ الشاب بصوتٍ نعس :

- شكراً امي , استيقظت منذ دقائق .. سأشرب قهوتي , وأذهب فوراً للشركة .. إدعي لي بالتوفيق 

ريما : على فكرة , انا لست امك .. 

- عفواً ! ..هل كان اتصال البارحة خاطئاً ؟! 

- نعم , وبسببك سهرت الليل .. المهم الآن أن تذهب لمقابلتك ، ومبروك مقدّماً .. انا متأكدة انك ستحصل على وظيفةٍ ملائمة 

الشاب : مُمتّنٌ لذوقك ، وأعيد اعتذاري من جديد

- لا بأس , بالتوفيق لك 


وأقفل مروان الهاتف ، وهو مُتفاجىء من حنّية الصبية المجهولة !

***


في وقت الظهيرة .. تلقّت ريما مكالمة ثانية من مروان ، يُخبرها عن حصوله على وظيفة محاسب بشركةٍ مرموقة ..

ريما : مبروك أخ مروان , سعيدة لسماع ذلك 

- أحببت أن أخبرك إن سهرك لم يذهب هباءً .. وأجدّد شكري لك

- لا بأس , كان أمراً عادياً


مروان : على الإطلاق ، لا احد يتصرّف مثلك هذه الأيام .. هل انت طالبة جامعيّة ؟

- نعم , في السنة الأخيرة بقسم التجارة 

- أعدك حين تتخرّجين ، أن أتوسّط لتوظيفك في شركتي

ريما ممازحة : اليوم عملت فيها ، وفجأة أصبحت شركتك

- من يدري ؟ ربما أصبح يوماً مديرها 

- بإذن الله , إجتهد ولا شيء مستحيل

مروان : تعجبني طاقتك الإيجابية 

- ويُعجبني طموحك

- بأيّ جامعة تدرسين ؟


ربما : يبدو انك لن تنهي المكالمة قبل معرفة من أكون

- بصراحة اردّت أن أعزمك على كوب قهوة ، مقابل خدمتك السابقة

- لا اشرب القهوة

مروان : آه فهمت .. آسف لإزعاجك 

- أوافق في حال عزمتني على كيك ، فأنا احب الحلويات

- آه ! ظننتك ترفضين رؤيتي  

ريما : أقبل بشرط !! نجتمع في كافتريا الجامعة ، فأنا لن اذهب مع شابٍ غريب الى المطاعم

- اذاً إخبريني اسم جامعتك ، لنحدّد الموعد

واتفقا على يوم يلتقيان فيه بالجامعة ..

*** 


بعد يومين .. إجتمعا في كافتريا الجامعة , ليتفاجأ كلاً بوسامة الآخر! 

فهو يكبرها بسنتين فقط ... كما حالتهما الإجتماعية متشابهة ، حيث يعمل والديهما في وظائف حكومية .. حتى منازلهما في المنطقة ذاتها 

ليس هذا فحسب .. فهي من نفس برجه ، ولديهما الطباع والذوق ذاته ! ويتشابهان حتى بالأفكار والطموح 


كل هذا سهّل الإنسجام بينهما , واتفقا على لقاءاتٍ أخرى .. وصارا يجتمعان دائماً في الكافتريا ، فور خروجه من عمله وانتهاء محاضراتها 

وشعر أهلهما بتحسّن نفسيّتهما وزيادة طاقتهما الإيجابية ! 

وبعد الضغط عليهما ، إعترفا بعلاقتهما الخجولة ..


فطلب الأب رؤية مروان لمعرفة نيّته اتجاه ابنته , ليفاجئه بقدومه مع اهله لخطبتها رسميّاً !  

وأُعجب الأهل بجدّيته ببناء عائلة مع ريما ، وحرصه على إكمال تعليمها وتوظّفها إن ارادت ذلك .. فوافق والدها على الخطوبة

***


بعد شهر من زواجهما .. أخبرها مروان أن اتصاله الأول لم يكن خاطئاً ! بل تعمّد ذلك بعد علمه بوجودها وحدها في المنزل ، عُقب مبيت اهلها عند اقاربهم تلك الليلة .. وعرف هذه المعلومة من صديقتها (قريبته) التي أخبرته أنها وجدت عروساً مناسبة له .. فقدِم الى الجامعة لمراقبة ريما من بعيد .. وبعد إعجابه بها ، طلب من قريبته إعطائه رقم هاتف منزلها

  

ريما باستغراب : ولما قمت بتلك الحيلة ؟! 

- لأختبرك .. فقرارك بإيقاظ شابٍ مجهول الى عمله ، يدلّ على عدّة اشياء : اولاً حنّيتك .. ثانياً : حسّ المسؤولية لديك .. ثالثاً : طيبتك ، لتفضيلك السهر على خسارتي الوظيفة .. ورابعاً : التضحية بنومك ، توضّح عدم انانيتك .. وحين كلّمتك اليوم التالي ، لم تخبريني بمعلوماتٍ عنك ! وهذا يُبيّن حسن تربيتك .. خاصة انك لم تستغلّي غياب اهلك ، للحديث معي .. والأهم انك رفضتّي رؤيتي بعيداً عن الجامعة ، حرصاً على سمعتك .. ولم تسخري مني حين أخبرتك أنني سأكون يوماً مدير الشركة ، مما يؤكّد تفكيرك الإيجابي وتفاؤلك بالحياة .. وفي أول لقاءٍ بالجامعة ، رفضّتي عزومتي على الغداء واكتفيتِ بالكيك ! هذا يعني انك غير مُبذّرة وحريصة على المال ، وهو أمرٌ إيجابيّ في النساء

ريما : بالطبع لن أُكلّف موظفاً جديداً بمصاريف إضافيّة


مروان : وهذه كذبتي الثانية : فأنا أعمل مديراً في شركةٍ مرموقة ، منذ سبع سنوات

ريما بدهشة : يعني جعلتني أسهر طوال الليل ، دون أن يكون لديك مقابلة عمل ؟!

فردّ مبتسماً : أعتذر عزيزتي 

- كنت فعلاً قلقة من خسارتك الوظيفة ! 

مروان : قلقك هذا هو ما أوقعني في غرامك ، فأنت كالجوهرة النادرة جمعتي بين الجمال الخارجيّ وطهارة قلبك .. فهل تسامحيني على حيلتي البريئة ؟


ريما : أعتقد كل شيء مباح في الحب والحرب

- وهذا أجمل ما فيك : عقلك الكبير وتفهّمك الحنون 

ريما : لكن توقّع أن أردّها لك يوماً 

مروان : ليسترنا الله

وضحكا بحنانٍ وعشق .. 


هناك 4 تعليقات:

  1. قرأتها البارحة في التيك توك : بأن زواجهما حصل بسبب مكالمة خاطئة ، فأردّت تحويلها الى قصة قصيرة

    ردحذف
  2. السؤال كيف عرفت رقمه خاصة فترة التسعينات لم يكن بالهواتف الأرضية نظام كشف الأرقام

    ردحذف
    الردود
    1. على ما اذكر كان هناك زرّ الإضافي اسفل الأرقام ، يعيد الإتصال بآخر رقم اتصل بك .. كما إن هذه قصة حقيقية ، قمت فقط بتأليف الحوار

      حذف
  3. كل الأبطال مروان ! ...هذا ليس عدلا هههههه
    في الحقيقه لا أحبذ فكرة الإختبارات هذه في الإرتباط... فالحياه بها ما يكفي من تعقيدات
    وفي الغالب لا تكون النتيجه حقيقيه ...إذ بعد الإقتراب والمعاشره يكتشف كل طرف أن هذا ليس ذاك ...وهذا إجحاف كبير لتلكم الحياة إذ أن الدنيا على الحقيقه ليست بدار تنعم بل تكليف وشاق أيضا ومحن ومصائب وأمراض وخذلان وإبتلاءات وكوارث كونيه معقده وبالجمله....ولكن إن إرتأيتم بأن القادم كله سكر وعسل ههههه ...فلا بأس ولأتبنين قول جدي رحمه الله ..لا يأس مع الحياه ولا حياة مع اليأس ...كل الشكر ...كل الشكر ...قصه
    لطيفه جدا ♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆

    ردحذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...