الاثنين، 27 ديسمبر 2021

عقوبة الحبّ

تأليف : امل شانوحة 

إستغلالٌ مؤلم


كانت غلطة ريم الوحيدة إنها أحبّت صديقها الجامعيّ مروان من كل قلبها ، والذي استطاع أن يستغلّ طيبتها لعقد زواجٍ عُرفيّ .. 

وبعد حملها ، تخلّى عنها بحجّة سفره للخارج .. بعد أن دفع لها ثمن عمليّة الإجهاض التي لم تسرّ على ما يرام ، بعد حصول نزيفٍ شديد إستدعى بقائها يومين في المستشفى ، ليعلم أهلها بما حصل ! 

وكانت صدمتهم كبيرة لدرجة تخلّيهم عنها ، بما فيهم الأقارب والأصدقاء! 


فلم يكن امامها سوى اللجوء لأخيها الحنون الذي ترجّته أن يساعدها .. والغريب إن زوجته اللئيمة وافقت على طلبها بالعيش معهم ، برحابة صدر!


لكن بشروط !!

اولاً : أن تسكن ريم بالشقة المجاورة دون حصولها على المفتاح ، حتى لا تخرج من البيت دون إذن أخيها ، وتورّطهم مع شابٍ آخر! 

ثانياً : ممنوع إعطائها المال مهما كانت الأسباب ، مع حذف جميع الأرقام من جوالها.. وتركيب كاميرا في شقة ريم لمراقبتها على الدوام ، للحجّة ذاتها  

ثالثاً : طالما ستعيش على حسابهم ، فعليها العمل مقابل ذلك .. وهي أن تطبخ في شقتها ، وتُحضر الطعام لزوجة أخيها قبل حضور اولادها الصغار من المدرسة .. وأن تجلي الصحون مساءً أثناء نومهم .. 

رابعاً والأهم : يُمنع عليها التحدّث مع إبنة أخيها حتى لا تُفسد أخلاقها ، او أن تقابل اولادها الثلاثة فيتعلّقوا بعمّتهم ! 


ورغم شروطها الصعبة الاّ أن ريم وافقت على خدمة أخيها وعائلته ، مقابل سكنها ومأكلها ، بعد أن أخرجها والدها من الجامعة في سنتها الأخيرة !

***


واقتصرت مهمّة زوجة الأخ على إحضار حاجيات الطبخ كل يوم ، بعد إختيارها أصعب الطبخات والحلويات .. عدا عن إكثارها من العزائم والسهرات مع صديقاتها .. مُجبرةً ريم على التحضير للإجتماعات صبحاً ومساءً ، دون اكتراث زوجة أخيها بتعبها او مرضها ! 

***


وفي يوم ..وأثناء تحضير ريم الفطور لجارات زوجة أخيها ، سمعتها تقول لهنّ :

- ولما يضايقني وجودها ، فهي خادمة مجّانيّة 

وضحكت بلؤم ! 


وأحسّت ريم بقهرٍ شديد .. لكنها عاجزة عن فعل شيء ، بعد أن دمّرها حبيبها الوحيد الذي وهبته قلبها ! 

وعادت الى شقتها وهي تمسح دموعها .. مُلتجئة الى ربها بالدعاء وحفظ القرآن ، لعلّ الله يغفر ذنبها ..


وكانت زوجة أخيها كلما شاهدتها بكاميرا المراقبة وهي تصلي بخشوع ، تقول لزوجها بسخرية :

- تظن اختك الغبية إن الله سيغفر ذنبها الكبير ، مُحال طبعاً  

ولا يستطيع زوجها الردّ ، وهو يكتم حزنه على مصير اخته التي كانت مُدلّلة البيت في صغرها !

***


وفي إحدى الأيام .. لم تستطع زوجة أخيها الذهاب للسوبرماركت لإحضار الحاجيات ، بسبب مرضها .. 

فذهبت ريم مع أخيها الى هناك ، وكانت المرة الأولى التي تخرج فيها من العمارة منذ شهورٍ طويلة .. 

وعندما مرّا بجانب الحلويات ، قالت لأخيها :

- انت تحب هذه الشوكولا ، أتذكر كيف جمعت مصروفي المدرسيّ لشراء صندوقاً لك في عيد ميلادك ؟


وأخذت تذكّره بعلاقتهما الوطيدة ايام الطفولة .. فقال لها بحزن :

- كسرتنا يا ريم بفعلتك الشنيعة ! هل كان يستحق ذلك اللعين أن تفقدي ثقتنا بك ؟ 

فطأطأت رأسها بندم ، والدموع تسيل على وجنتها .. فقال لها :

- رجاءً إمسحي دموعك ، لا اريد أن تلفتي أنظار الناس اليك .. ولنُنهي شراء الحاجيات على عجل ، ونعود للبيت

***


وكان من واجبات ريم الكثيرة : تنظيف منزل أخيها بنهاية كل اسبوع ، اثناء ذهابهم برحلةٍ ترفيهية دون أخذها معهم ..

***


ومرّت خمس سنوات من الذلّ والإهانة ، كبر فيها اولاد أخيها دون معرفتهم بأن خادمتهم هي نفسها عمّتهم ! 


وفي يوم رافقت ريم أخاها الى السوبرماركت ، بعد ذهاب زوجة أخيها لزيارة أهلها .. 

وانشغل أخوها باتصالٍ مع مدير عمله ، فذهبت ريم لإحضار بقيّة الأغراض وحدها .. 


وفي أحد الأقسام ، رأت حببيها مروان هناك !

وقبل ابتعادها عن المكان ، أمسك يدها وهو يترجّاها أن تسمعه 

فقالت بصوتٍ منخفض :

- أتدري مالذي فعلته بي ؟ انت حطّمت كبريائي !! وجعلت زوجة أخي تعاملني كخادمة ، بعد أن قاطعوني اهلي لسنوات .. وخسرت إبننا بسببك ، ماذا تريد مني بعد ؟!!


مروان : أريد أن أخبرك إنه بعد سفري لإكمال تعليمي في الخارج ، تزوجت من أجنبية وأنجبت منها طفلاً .. وفي يوم اتصلت بالسلطات للإبلاغ عني ظلماً بأني أضربها ! وطُردت من هناك ، بعد خسارة الوصاية على ولدي .. فعرفت إن الله عاقبني لما فعلته بك

- وهل عليّ أن أحزن لمصيبتك ؟ رجاءً إذهب قبل أن يراك أخي


فأخرج بطاقة عمله ، وهو يقول :

- هذا رقمي الجديد ، رجاءً اتصلي بي مساءً ..اريد التحدّث معك بموضوعٍ مهم 

فأخذت منه البطاقة بتردّد ، وأسرعت بالعودة لأخيها الذي كان يبحث عنها

***


في المساء ، أثناء وجودها وحدها في شقتها .. جافاها النوم وهي تفكّر الإتصال بمروان .. وبعد صلاتها ركعتيّ إستخارة .. إتصلت به ، ليخبرها بنّيته إصلاح الوضع بالزواج بها

ريم : أهلي لن يوافقوا عليك

- هل يعرفون اسمي ؟

- لا ، لم أخبرهم بشيء عنك

مروان : اذاً سأتقدّم كعريسٍ جديد 

- لا أظنك ستنجح

- سأحاول ، مالذي سنخسره أكثر ممّا ضيّعناه يا ريم ؟ .. رجاءً أعطني عنوان منزل اهلك ، لأتقدّم لخطبتك بنهاية الإسبوع

وبعد تردّدٍ شديد ، أعطته عنوان اهلها ..

*** 


حين تقدّم لعائلتها ، أخبره والدها بماضي ابنته .. فأجاب مروان :

- يا عم ، عشت سنوات في الغربة .. وتعوّدت بأن هذه الأمور غير اساسيّة لبناء عائلة ، لهذا لا أجد مانعاً من الزواج بإبنتك 

- ومن اين تعرفها ؟

مروان : كانت زميلة اختي في الجامعة ، ومدحت بها كثيراً 

- هذا قرارك ، وانت المسؤول عنه

***


وبالفعل عُقد الزواج باجتماعٍ عائلي ، دون موسيقى او مظاهر فرح  

وذهبت العروس مع مروان الى بيته بحقيبة ملابسها الصغيرة ، بعد رفض إخوتها تجهيزها ! ودون أن يعلم أحد أن العريس هو نفسه الشخص الذي حطّم ريم سابقاً 

***


بعد إنجاب ريم لطفلها الأول ، أخبرت اهلها بالحقيقة .. فقاطعوها من جديد ، بعد شجارٍ عنيف مع زوجها الذي دمّر سمعة العائلة.. 


لكن الأمور انصلحت بعد شهور .. حين قدموا الى منزلها لوداعها ، بعد قرار ريم وزوجها بالهجرة الدائمة لأوروبا..

***


بعد سنوات .. وصلت لريم اخبارٌ صادمة من اهلها ، بعد هروب الإبنة الكبرى لأخيها مع حبيبها لوجهةٍ مجهولة .. مما تسبّب بشلل أمها من شدّة الصدمة .. وزواج أخيها من امرأةٍ ثانية !


فقالت ريم لزوجها : سبحان الله ! كانت تمنّ عليّ بأنها أنقذتني من التشرّد بالشوارع ، رغم معاملتها لي كخادمة .. وهاهي ابنتها ترتكب الخطأ ذاته! 

مروان : لوّ إن زوجة أخيك رحمتك ، لحفظ الله ابنتها .. لكنها استغلّت محنتك أسوء استغلال .. فلا تحزني عليها ، هي استحقّت ذلك .. 


ثم سألها بتردّد :

- هل حقاً سامحتني يا ريم على الذي عانيته بسببي ؟

ريم : القلّة من الرجال يصلحون خطأهم ، كما فعلت يا مروان .. بالنهاية الله غفورٌ رحيم ..

فحضنها بحنانٍ وامتنان !


هناك 3 تعليقات:

  1. أظن القصة تصلح كمسلسل عربي ، أتمنى أن تعجبكم

    ردحذف
  2. حلوه ...ريم دفعت الثمن لانها فتحت قلبها لزميلها وكثير يحصل لهن ماحصل لريم من فضيحه والمحظوظه من تنتهي العلاقه باللعب بمشاعرها فقط....
    اخيرا إني لم ولن اقتنع بالحب قبل الزواج ...اغلب مجتمعنا اليمني لايتم الزواج بيننا عن طريق الحب قبل الزواج فهذا عندنا خط احمر يؤدي للموت لانفكر بهذه الطريقه .حتا ان بعظنا لما نتزوج لم ننظر للبنت حتا تلتقي البنت بزوجها ليله الزفاف ...طبعا ام الولد واخواته يصفون شكل البنت لأبنهم الذي سيتزوج....حتا عقد القران يتم قبل زفاف البنت ببضع ساعات .....
    اخيرا الى الشباب اقول اتقوا الله في بنات الناس لاتلعبو بمشاعرهن لا توهمو بنات الناس بالحب والزواج وغيره حتا يفتحن قلوبهن ثم تتركوهن تذكرو ان لديكم اخوات وعاملو بنات الناس مثلما تريدون ان يعاملو اخواتكم فكيفما تدين تدان ..تحياتي

    ردحذف
  3. يعني هذا التنكيل المفرط بريم والمغالاه والإمعان في إذلالها لا يحل شيء هي قد أخطأت لا نبرر لأحد ولكن الكل يخطيء بلا إستثناء وفي هذه الحالات يكون خطأ مروان أعظم لإنه المفترض يكون أقوى عاطفيا وكانت المروءه تقتضي بالطبع
    لو تقدم لها منذ البدايه ...طبعا هذه ميلودراما تخيليه والإ فإن مجتمعاتنا حاليا تغيرت جذريا ولم يعودوا بهذه المبالاه حيال هذا الأمر ..

    ردحذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...