تأليف : امل شانوحة
الثقة في غير محلّها
مع غروب الشمس ، وفي سيارة الأجرة .. تحدّث السائق مع الشيخة سعاد عن أقاربه الذين تعرّضوا للسحر ، ثم طلب منها :
- لوّ سمحتِ يا حجّة .. اريد رقم جوّالك لإحضار ابني ، للقراءة عليه .. فرزقه قلّ كثيراً منذ إيجاده ماءً قذراً على عتبة محله
العجوز سعاد : حسناً ، سأحدّد موعداً لفكّ سحره
- بارك الله فيك .. كما اريد موعداً لإبنتي ، فهي تجاوزت الثلاثين ولم تتزوج رغم ذكائها وجمالها
- الم يتقدّم لها العرسان ؟
السائق : الكثير منهم ، لكن أمورها تتعسّر قبل كتب كتابها دون سببٍ واضح !
- لا بأس ، سأقرأ عليها ايضاً
- نحن نتعبك يا حجّة ، لكنك انسانة مبروكة والجميع يمدحك .. يكفي تحفيظك القرآن للفتيات الصغيرات
سعاد : انا اقوم بواجبي تجاه اهل مدينتي
***
وأوصلها الى صالة عرس .. وقبل نزولها من السيارة ، سألها :
- هل انت من اهل العروس ام العريس ؟
سعاد : ليسوا اقاربي .. أتيت للمباركة لهم ، فهم جيراني القدامى
السائق : بارك الله فيك
***
في المساء ، عادت العجوز مع سيارة أجرة ثانية .. وما أن عرفها السائق ، حتى سألها :
- الحجّة سعاد ! كيف حالك ؟ هل عرفتني ؟
العجوز : لا ! ذكّرني بنفسك
- أنت قرأتي على ابنتي العاقر قبل سنتين ، والآن لديها ولدٌ جميل
- الحمد الله على سلامتها
السائق : ما كانت لتحمل ، لوّ لم تفكّي سحرها .. نحن مدينون لك ..
- لم افعل شيئاً
- كيف لا ، وأنت تدرّسين النّسوة علوم الدين بنهاية كل اسبوع .. وبناتي من طلاّبك ، فبارك الله فيك
- انا أقوم بواجبي وحسب
***
حين أوصلها منزلها ، وجدت قريبها في انتظارها .. فنزلت مُتأفّفة ، وهي تقول في نفسها :
((ماذا يريد بهذا الوقت المتأخّر ؟))
وساعدها بالصعود الى شقتها .. فحاولت الإعتذار منه ، لرغبتها النوم بعد تأخّر الوقت .. فقال قريبها :
- سأحدّثك كلمتين وارحل
وما أن أدخلته الصالة ، حتى وضع امامها سرّة قماشيّة !
وبعد أن فتحتها ، سألته :
- هل وجدت السحر في منزلك ؟
الرجل : فوق عتبة منزلي
- لا حول ولا قوّة الاّ بالله .. حسناً إتركها لي ، وسأحاول فكّها قريباً
- خالتي ، تعرفين إنني أعمل في المختبر
سعاد : ماذا تقصد ؟!
- وجدّت شعرة شائبة داخل السرّة ، فحلّلتها .. ولأني أشكّ بأحدهم ، إحتفظت بكوب الشايّ الذي شربه عندي البارحة .. وتطابقت الجينات فيما بينها
سعاد بقلق : ومن زارك البارحة ؟
فوضع التقرير الطبّي والكأس الفارغ امامها ، وهو يقول :
- انت !!
سعاد بعصبية : أتتهمّني ظلماً ؟
- انا لم أجد السحر إلاّ بعد زيارتك .. وكنت أشكّ بك ، عقب كوابيسي وأنت تسحرين عائلتي ! لهذا قرّرت الإحتفاظ بكأس الشايّ الذي شربته ، ليؤكّد التقرير الطبّي إنها شعرتك .. فلما فعلت ذلك ؟ لما تدّعين الإيمان والصلاح إن كنت تعصين الله ؟ هل تأخذين المال من العملاء لعقد السحر ، ثم تأخذين المال من المسحورين لفكّ السحر ذاته ؟ الهذا اشتهرتي بقدرتك العظيمة على علاج المسحورين ، وأنت بالحقيقة تنبشين السحر الذي دفنته بنفسك ؟ ..كما اعتدّتِ الذهاب للأعراس دون عزيمة لسحر العرسان ، وبسببك زاد الطلاق في منطقتنا .. (ثم اقترب منها مهدّداً) .. لن أخرج من هنا قبل سماع اعترافك بأنك مذنبة !!
سعاد بغضب : لا أسمح لك بإهانتي يا ولد !!
- سأفضحك يا خالتي !! وسأخبر الناس أن الشيخة سعاد هي ذاتها الساحرة المجهولة التي يرغب الجميع في طردها من منطقتنا
وقبل خروجه من بابها الخارجيّ ، رفعت صوتها بالتعاويذ الشيطانية وهي تشير بأصبعها على ظهره .. ليسقط مغشيّاً عليه !
وتخرج زوبعة سوداء من سقف الصالة ! .. فتأمرها سعاد :
- خذوه الى عالمكم !!
فظهر صوتٌ من الزوبعة : هل تتخلّين عن ابن اختك ؟
- ان كان سيفضحني ، فلا يهمّني أمره
فسحبت الزوبعة الرجل من اقدامه ، ليختفي خلف الجدار بعد أخذه لعالمهم السفليّ!
ثم قالت العجوز بلؤم :
- سأبقى الشيخة الجليلة سعاد ، لحين سحري جميع أهالي منطقتي الأعزّاء
وابتسمت بخبث !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق