السبت، 18 ديسمبر 2021

زيف النوايا

تأليف : امل شانوحة

الثقة في غير محلّها 


مع غروب الشمس ، وفي سيارة الأجرة .. تحدّث السائق مع الشيخة سعاد عن أقاربه الذين تعرّضوا للسحر ، ثم طلب منها :

- لوّ سمحتِ يا حجّة .. اريد رقم جوّالك لإحضار ابني ، للقراءة عليه .. فرزقه قلّ كثيراً منذ إيجاده ماءً قذراً على عتبة محله

العجوز سعاد : حسناً ، سأحدّد موعداً لفكّ سحره

- بارك الله فيك .. كما اريد موعداً لإبنتي ، فهي تجاوزت الثلاثين ولم تتزوج رغم ذكائها وجمالها

- الم يتقدّم لها العرسان ؟


السائق : الكثير منهم ، لكن أمورها تتعسّر قبل كتب كتابها دون سببٍ واضح !

- لا بأس ، سأقرأ عليها ايضاً 

- نحن نتعبك يا حجّة ، لكنك انسانة مبروكة والجميع يمدحك .. يكفي تحفيظك القرآن للفتيات الصغيرات

سعاد : انا اقوم بواجبي تجاه اهل مدينتي 

***


وأوصلها الى صالة عرس .. وقبل نزولها من السيارة ، سألها :

- هل انت من اهل العروس ام العريس ؟

سعاد : ليسوا اقاربي .. أتيت للمباركة لهم ، فهم جيراني القدامى 

السائق : بارك الله فيك

***


في المساء ، عادت العجوز مع سيارة أجرة ثانية .. وما أن عرفها السائق ، حتى سألها : 

- الحجّة سعاد ! كيف حالك ؟ هل عرفتني ؟

العجوز : لا ! ذكّرني بنفسك

- أنت قرأتي على ابنتي العاقر قبل سنتين ، والآن لديها ولدٌ جميل

- الحمد الله على سلامتها


السائق : ما كانت لتحمل ، لوّ لم تفكّي سحرها .. نحن مدينون لك .. 

- لم افعل شيئاً 

- كيف لا ، وأنت تدرّسين النّسوة علوم الدين بنهاية كل اسبوع .. وبناتي من طلاّبك ، فبارك الله فيك

- انا أقوم بواجبي وحسب

***


حين أوصلها منزلها ، وجدت قريبها في انتظارها .. فنزلت مُتأفّفة ، وهي تقول في نفسها :

((ماذا يريد بهذا الوقت المتأخّر ؟))


وساعدها بالصعود الى شقتها .. فحاولت الإعتذار منه ، لرغبتها النوم بعد تأخّر الوقت .. فقال قريبها :

- سأحدّثك كلمتين وارحل 


وما أن أدخلته الصالة ، حتى وضع امامها سرّة قماشيّة ! 

وبعد أن فتحتها ، سألته :

- هل وجدت السحر في منزلك ؟

الرجل : فوق عتبة منزلي 

- لا حول ولا قوّة الاّ بالله .. حسناً إتركها لي ، وسأحاول فكّها قريباً 

- خالتي ، تعرفين إنني أعمل في المختبر

سعاد : ماذا تقصد ؟!

- وجدّت شعرة شائبة داخل السرّة ، فحلّلتها .. ولأني أشكّ بأحدهم ، إحتفظت بكوب الشايّ الذي شربه عندي البارحة .. وتطابقت الجينات فيما بينها 

سعاد بقلق : ومن زارك البارحة ؟


فوضع التقرير الطبّي والكأس الفارغ امامها ، وهو يقول :

- انت !!

سعاد بعصبية : أتتهمّني ظلماً ؟

- انا لم أجد السحر إلاّ بعد زيارتك .. وكنت أشكّ بك ، عقب كوابيسي وأنت تسحرين عائلتي ! لهذا قرّرت الإحتفاظ بكأس الشايّ الذي شربته ، ليؤكّد التقرير الطبّي إنها شعرتك .. فلما فعلت ذلك ؟ لما تدّعين الإيمان والصلاح إن كنت تعصين الله ؟ هل تأخذين المال من العملاء لعقد السحر ، ثم تأخذين المال من المسحورين لفكّ السحر ذاته ؟ الهذا اشتهرتي بقدرتك العظيمة على علاج المسحورين ، وأنت بالحقيقة تنبشين السحر الذي دفنته بنفسك ؟ ..كما اعتدّتِ الذهاب للأعراس دون عزيمة لسحر العرسان ، وبسببك زاد الطلاق في منطقتنا .. (ثم اقترب منها مهدّداً) .. لن أخرج من هنا قبل سماع اعترافك بأنك مذنبة !!


سعاد بغضب : لا أسمح لك بإهانتي يا ولد !!

- سأفضحك يا خالتي !! وسأخبر الناس أن الشيخة سعاد هي ذاتها الساحرة المجهولة التي يرغب الجميع في طردها من منطقتنا 


وقبل خروجه من بابها الخارجيّ ، رفعت صوتها بالتعاويذ الشيطانية وهي تشير بأصبعها على ظهره .. ليسقط مغشيّاً عليه !

وتخرج زوبعة سوداء من سقف الصالة ! .. فتأمرها سعاد :

- خذوه الى عالمكم !!

فظهر صوتٌ من الزوبعة : هل تتخلّين عن ابن اختك ؟

- ان كان سيفضحني ، فلا يهمّني أمره


فسحبت الزوبعة الرجل من اقدامه ، ليختفي خلف الجدار بعد أخذه لعالمهم السفليّ! 


ثم قالت العجوز بلؤم :

- سأبقى الشيخة الجليلة سعاد ، لحين سحري جميع أهالي منطقتي الأعزّاء 

وابتسمت بخبث !  


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العرش اللاصق

تأليف : امل شانوحة  يوم الحساب إتصل بيدٍ مرتجفة بعد سماعه تكبيرات الثوّار في محيط قصره : ((الو سيدي .. لقد انتهى امري .. جنودي الجبناء هربوا...