السبت، 20 مايو 2023

الطائرة المُختطفة

تأليف : امل شانوحة 

إمتحان الصداقة


تعالت أصوات ركّاب الدرجة السياحيّة بعد أن أشهر المقنّع سلاحه ، مُهدّداً بتفجير قنبلة دسّها بين أمتعة الطائرة ، في حال لم يحصل على مبلغٍ ماليّ ضخم !


من بعدها توجّه الى ركّاب الدرجة الأولى ، الذي كان من بينهم شرطيّاً مُتدرّباً على فنون القتال ، ومع ذلك فضّل التفاوض مع الخاطف بهدوء : 

- إخفض سلاحك لوّ سمحت ، ودعنا نتفاهم .. فأنا شرطيّ ، ويمكنني التواصل مع المركز لتحقيق طلبك


وفور رؤية الخاطف جرحاً قديماً في جبين الشرطيّ ، حتى أمره بالذهاب معه الى قسم المأكولات ، لإجراء حديثٍ خاصٍّ بينهما !

^^^


بعد إغلاقه ستارة المطبخ (للبقاء وحدهما) فاجأ الشرطيّ بسؤاله :

- انت جيم ، اليس كذلك ؟

الشرطيّ بدهشة : كيف عرفت اسمي ؟!

الخاطف : من علامة رأسك المميزة التي أُصبت بها ، بعد دفعي درّاجتك بقوة دون قصدّ ، لتسقط على حافّة الرصيف .. هل تذكر ؟

الشرطي بصدمة : آدم !

فأزال الخاطف قناعه : 

- نعم ، صديقك الذي دمّرت حياته بشهادة الزّور


((واستذكرا صداقة الطفولة منذ المرحلة الإبتدائيّة حتى الثانويّة : حيث تفوّق جيم بالدراسة ، بعكس آدم المشاغب .. ورغم ذلك ! ارتكب جيم جريمة قتل بعمر 16 اثناء نزوله الدرج بمزّلاجته ، فدفع بالخطأ عجوزاً إعترض طريقه ، تدحرج على طول السلّم ومات على الفور ! 

حيث شهد المتواجدون بالسوق ضدّ المراهقيّن الّلذين قدمت عائلاتهما مع وصول الشرطة لمكان الحادثة .. حينها أقنع والدا جيم بكتمانه الحقيقة بحجّة مستقبله الزاهر ، بعكس صديقه الكسول ! 

ولأن المحقّق بالقضيّة كان عنصريّاً ، وضع الذنب كلّه على آدم الأسمر الذي اقتاده الى سجن الأحداث بعد الحكم عليه بسبع سنوات ! وهناك أُعتديّ عليه مراراً ، كما تعرّف على عصابةٍ دمّرت مستقبله .. 

لهذا لم يجد عملاً لائقاً بعد تسرّحه من السجن .. فتوظّف في المطار ، حيث عمله تنظيف الطائرة قبل إقلاعها.. 

وفي هذا اليوم قرّر تغيّر زيّ عامل النظافة .. والجلوس في قسم الدرجة السياحيّة ، مُخفياً اسفل مقعده المسدس الذي استخدمه لإرهاب الركّاب ، بعد إقلاع الرحلة !))


الشرطي بارتياح : أفهم من كلامك انه لا يوجد قنبلةٌ موقوتة ؟

آدم بتهديد : إن اخبرتهم بذلك ، أفجّر رأسك !!

- وكيف برأيك سيوصلون مبلغ الفديّة ، ونحن في الجوّ ؟! 

- لست احمقاً !! فبعد تنصّتي على مكتب الإدارة لعدة ايام ، عرفت انهم ينقلون مبلغاً من المال الى المطار الثاني .. وانا اريد تلك الحقيبة ، يا جيم

الشرطي : إن افترضنا انك أخذتها ، فكيف ستهرب من شرطة المطار ؟

- جدّ لي الحلّ !! فأنت مدينٌ لي بحياتك

- وهل تعرف اين حقيبة المال ؟


آدم : مع الراكب الذي بجانبك

- أتقصد العجوز الذي قيّد يده بالحقيبة الصغيرة بالأصفاد ؟!

- نعم هو !! ومعه نصف مليون دولار ، وهي تكفي لتغيّر حياتي

الشرطي : حسناً ، سأتفاوض مع إدارة المطار .. وهذا كلّه لحماية الركّاب من عمليّتك الإرهابيّة

آدم بقهر : لا تمنّن عليّ !! .. فلولايّ ، لأصبحت شاذاً في السجن

- اهدأ قليلاً ، ودعني أحلّ المشكلة .. هيا إلبس قناعك ، قبل ان يراك احد

^^^


وتواصل الشرطي (من كابينة الطيّار) مع إدارة المطار الذين وافقوا على اعطاء المبلغ للخاطف (على امل القبض عليه ، بنهاية الرحلة) مُتحدّثين مع موظفهم العجوز الذي قبِل بصعوبة إعطاء الأمانة للمقنّع ، بعد ان أخبره مديره : بأن خسارتهم المال أهون من انفجار الطائرة ، وتعويضهم اهالي الركّاب.


وبعد حصوله على الحقيبة ، أخذ جيم جانباً وهو يهمس له :

- اريد الهروب من الطائرة الآن !!

فنظر الشرطي من النافذة :

- نحن فوق الحدود المكسيكيّة !

آدم : أعرف هذا ، سمعت الطيّار يُخبر برج المراقبة بخطّ سيّرنا .. وأظن بقائي بالمكسيك ، أفضل حلّاً لي  

- وهل تنوي تكوين عصابة هناك ؟ 

- لم أكن مُنحرفاً في صغري ، بل أصبحت مشاغباً بسبب خططك الشيطانيّة التي لم تجرأ على تنفيذها ، لتعمّدك الظهور كملاك امام الناس .. ولهذا اتهموني ظلماً بذنبك الحقير !!

الشرطي بندم : رجاءً لا تذكّرني بالماضي ، فأنا لم انسى يوماً وجهك اثناء إعتقالك على جريمتي الغير المُتعمّدة .. لهذا سأجدّ طريقة توصلك للمكسيك ، أعدك بذلك يا صديقي 

^^^


ثم ذهبا الى غرفة الطوارئ المخصّصة للمضيفين ، وأخرج جيم مظلّة من الخزانة وهو يسأله :

- لن اخبر احداً بشأن المظلّة .. لكن السؤال الأهم !! هل تعرف طريقة إستخدامها ؟

آدم : تعلّمتها بالإنترنت

- لا يكفي ذلك ، فربما تقذفك الرياح بعيداً عن الشاطئ ، وتغرق بين الأمواج

- انا ميت بجميع الأحوال ، على الأقل أموت ثريّاً

ثم ألصق حقيبة المال حول جسمه ، ولبس المظلّة جيداً ..

^^^


من بعدها ، نزلا الى مستودع الأمتعة ..

آدم بحماس : هيا أطلب من الطيّار فتح الباب ، لأقفز فوراً باتجاه الثراء والحرّية !!

جيم بقلق : أبلغت الطيّار انني سأنزل معك ، لإيقاف القنبلة .. فأخبرني سرّاً بأن شرطة المطار تخطّط القبض عليك فور وصولنا ، تماماً كما توقعنا !

- أعلم ذلك ، لذا ليس امامي سوى القفز بالمظلّة.. هيا اتصل بالّلاسلكي ، واخبر الطيّار بعجزّك عن إيقاف القنبلة بعد رفضي تعليمك الطريقة .. وعليه فتح باب الأمتعة ، لرميها بالهواء قبل انفجارها

الشرطي : حسناً سأفعل .. رجاءً إنتبه على نفسك

آدم : إن وصلت سالماً ، نُصبح متعادلين !!

- يعني لن تكرهني بعد اليوم ؟ 

آدم : لا عداوة بين رفقاء الطفولة ، يا صديقي

وحضنه بقوة..


ثم قفز من الطائرة نحو المجهول ! بينما عاد الشرطي الى مقعده وهو يتنفّس الصعداء ، وسط تصفيق الركّاب بعد إخبارهم برميه الخاطف (الذي ألصق حقيبة المال بجسده) مع القنبلة في الهواء (دون ذكره المظلّة) وإنقاذ الرحلة من العمليّة الإرهابيّة .. مُخفّفاً بذلك شعور الذنب اتجاه صديقه الذي حصل أخيراً على تعويضٍ ماليّ عن شبابه الذي ضاع في السجون ، بسبب العنصريّة الظالمة !


هناك 7 تعليقات:

  1. قصة معبرة . كل انسان من حقة ان يمنح فرصة اخري في الحياة حتي لوكانن خطة جامحة

    ردحذف
  2. عاصم : امثال ادم كثيرون في الدنيا ولكن نحمد الله على كل حال ان ستيفن سيجال لم يكن على متن الرحله والا كان حوله لبوفتيك

    ردحذف
  3. ستيفن سيجال هو ممثل ابي المفضّل ، وتمثيله جداً واقعي وعنيف .. لوّ كانت القصة له ، كان سيقتل رفيقه حتماً لأجل تحقيق العدالة !

    ردحذف
  4. رحم الله اباكي . ذوق راقي .
    فعلا هذا الممثل من القلائل المتميزين حتى
    اخلاقيا في الواقع

    ردحذف
  5. القصة معبرة واعجبتني.. لكن دائماً اشعر بالقرف من القصص التي تكون بها عبارة "اعتدى عليه" وقتها سأغمض عيّنيّ بقوة !!
    امل لما حذفتي تعليقك الذي كتبتية لي ؟! ارغب بقرأت القصص فأين اسمائهنّ ؟؟!

    ردحذف
    الردود
    1. احياناً المدونة تحذف وتضيف التعليقات دون إرادة مني ! فأيّ قصص تقصد ؟

      حذف
  6. قصص وأفلام خطف الطائرات هي المفضلة عندي

    ردحذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...