فكرة : أختي اسمى
كتابة : امل شانوحة
آثار الجريمة !
بزمن التسعينات ، وفي عيد الشكر الأمريكي.. إستدعى صاحب المزرعة خادمةً لتنظيف منزله ، قبل العشاء العائليّ الجماعيّ
وبعد قدومها ، أخبرها بأنه عادةً يأتي المزرعة في العطلة الصيفيّة.. وانه قدم البارحة (قبل عائلته) لترتيب حفلةٍ ، دعى اليها معارفه على العشاء .. ويريد تنظيفاً سريعاً قبل وصولهم
فبدأت اولاً بالصالة ، اثناء إنشغال السيد والطبّاخ بتحضير قائمة الطعام
***
بعد إنهائها الطابق الأرضيّ ، صعدت الى فوق لتنظيف غرفة الأولاد..
ومن بعدها غرفة السيد التي فور دخولها ، اشتمّت رائحة مطهّر الأرض التي تبدو كأنها مُسحت قبل ساعاتٍ قليلة !
وعندما انحنت اسفل السرير ، وجدت بقعةً حمراء كالدماء ! مما اثار شكوكها خاصة ان ملاءة السرير جديدة ، ولا تدلّ أن السيد نام عليها البارحة
فحاولت عدم لفت انتباهه ، ودخلت الحمام للبحث عن دليل ..
لتجد ملاءةً أخرى مرميّة في الغسالة ، تبدو انها غُسلت بالماء الساخن مرتين على الأقل ..ومع ذلك لم تزلّ أثر الدماء على طرفها!
فقالت بنفسها بقلق :
((يا الهي ! هل قتل زوجته ، وأحضرني لتنظيف آثار الجريمة بعد إزالته الأدلّة؟!))
وهنا سمعت السيد يناديها من الأسفل :
- هل انتهيتي ؟!! فالضيوف على وشك الحضور
الخادمة : أنهيت غرف النوم ، وبقيّت دورة المياه .. سأنظفها حالاً!!
- حاولي أن تسرعي قليلاً
فبحثت في خزانة غرفته ، الى ان وجدت كاميرا فوريّة : صوّرت بها الأدلّة التي وجدتها على عجل..
وبعد إخفائها الصور بحقيبتها ، وجدت ألبوم صور العائلة في درج التسريحة : ومنها صورته مع زوجته ..
فتمّتمت بضيق :
((انها جميلة ! اللعنة عليه ، لما قتلها ؟!))
وصار تتخيّل جريمته :
((من المؤكّد انه اكتشف خيانتها .. فقام بخنقها ، ثم ضربها بشيءٍ حادّ .. او طعنها عدة مرات ، قبل تخلّصه من الجثة))
وقطعت أفكارها ، صوت امرأة تنادي من الطابق الأرضيّ !
فاسترقت النظر من اعلى السلم ، لترى زوجة الرجل تحضنه وهي تخبره : بأن السائق سيُحضر الولدين مباشرةً من النادي الى المزرعة
الخادمة : يبدو انهما زوجيّن مُحبّين !
فعادت للبحث في ألبوم الصور : لتجد صوره ابنه المراهق ، وولده الصغير
فقالت في نفسها :
((اكيد اكتشف أن أحدهما ليس ابنه ، فتخلّص منه .. حتماً المراهق ، فهو يشبه امه فقط .. المسكينة ! ماذا ستفعل إن عرفت الحقيقة ؟!))
وهنا سمعت الأم تقول :
- جيد انكما وصلتما باكراً !! إذهبا للإستحمام قبل وصول الضيوف
فصعد الولدان للطابق العلويّ ، ليشاهدا الخادمة تنظر اليهما بدهشة:
المراهق : من انتِ ؟!
الخادمة بارتباك : أتيت لتنظيف منزلكم
الصغير : هل يوجد مياهٌ ساخنة ؟
الخادمة : نعم ، يمكنك الإستحمام
وعادت الى غرفة السيد ، وهي تفكّر بعصبيّة :
((طالما لم يقتل زوجته واولاده ، فلمن تعود تلك الدماء ؟!!))
وبحثت بالألبوم ، لتجد صورة عجوزين !
فقالت بضيق : ((أكيد قتل احد والديه.. العاقّ اللعين !! لما فعل ذلك ؟ هل بسبب الميراث ، او للحصول على مبلغ التأمين على حياتهما ؟ .. عليّ إستغلال إنشغالهم بالمطبخ للإتصال بالشرطة ، والإبلاغ عن المجرم قبل إخفائه بقيّة الأدلّة))
ونزلت بخفّة الى غرفة الضيوف بالطابق السفليّ ، اثناء وضع الزوجان الأطباق على السفرة..
وقبل اتصالها من الهاتف الأرضيّ ، سمعت صوت ضيفيّن وصلا للتوّ الى المنزل
فاسترقت النظر ، لترى الجدّين يسلّمان على الزوجين ..
الخادمة بعصبية : ((اذاً هو لم يقتل والداه ! .... فلمن تعود تلك الدماء اللعينة ؟!!!))
وعادت بخفّة الى فوق ، للبحث عن الضحيّة بألبوم العائلة : لتجد صورة اهل زوجته..
الخادمة : ((آه ! حتماً قتل حماته او حماه ، وهو الإحتمال الأقوى ..فربما اراد لزوجته أن ترثهما باكراً.. لما لم أفكّر بذلك من قبل ؟!))
وقبل نزولها للمرة الثانية باتجاه الهاتف ، سمعت الزوج يقول للضيوف :
- لن نأكل قبل قدوم اهل زوجتي !!
ثم رنّ جرس الباب..
الزوجة بسعادة : هاهما وصلا !!
وبالفعل حضر العجوزان ، حيث شاهدت الخادمة السيد وهو يسلّم عليهما بحماس
الخادمة : ((يبدو انه على وفاقٍ معهما ! اذاً من قتل ذلك اللعين ؟!))
فأسرعت الى المطبخ (بعد أن ضاق صدرها بما حصل) وأخبرت الطبّاخ بشكوكها .. فعاتبها قائلاً :
- هل انت المحقّق كونان ؟ .. إنهي عملك بصمت .. ثم نأخذ أجرتنا ، ونرحل بسلام .. فليس من حقنا فضح اسرار الآخرين
فخرجت غاضبة من المطبخ ، وهي تقول :
((ضميري لا يسمح بتجاهل الجريمة التي سأكتشفها بنفسي !!))
وصعدت للبحث مجدّداً بالصور ، لتجد صورة السيد مع رجلٍ بمثل عمره !
الخادمة : ((الآن فهمت !! لابد انه كشف خيانة زوجته مع صديقه المقرّب ، فقتله دون علمها بذلك ! وربما يخطّط لقتلها ايضاً ، بعد انتهاء عشاء الشكر .. عليّ تحذيرها فوراً !!))
وقبل النزول اليها ، سمعت الزوج يقول بسعادة :
- اخيراً وصل صديقي العزيز !!
وأخذه بالأحضان ، وهو يقول :
- عيد الشكر لا يكمل من دونك ، يا شريكي
لينصدم الجميع بصراخ الخادمة (من اعلى الدرج) بهستيريا :
- من قتلت ايها اللعين ؟!!
الضيوف بدهشة : ماذا !
فقالت الخادمة للسيد بعصبية :
- أحضرتني لتنظيف الدماء المتناثرة هنا وهناك ، بغرض إخفاء جريمتك ! فمن قتلت ؟ إن لم تكن زوجتك وولديك واهلك وعائلتها وصديقك المقرّب ، فمن تكون الضحيّة ؟!!
السيد بصدمة : هل جننتِ ؟!
فسأله والده : من هذه ، بنيّ ؟!
السيد : أحضرتها لتنظيف المنزل قبل قدومكم ، ويبدو انها فقدت صوابها !
الخادمة بحزم : لا تتذاكى عليّ !! فغرفتك تفوح برائحة الكلور ، ولا أثر للغبار فيها .. لكنك نسيت التنظيف تحت سريرك.. فمن قتلت ايها الوغد ؟!!
فنظر الضيوف الى السيد ، الذي قال مبرّراً :
- الحقيقة انني أخرجت زجاجة عصيرٍ فاخرة من خزانتي ، التي اشتريتها الشهر الماضي لمشاركتها معكم بالحفل .. ولغبائي فتحتها بغرفتي ، فسُكب بعضها على ملاءتي والأرض.. ونظّفت كل شيء قبل قدوم الخادمة .. حتى أن شرابي الغالي نقص ربعه ، كما تلاحظون .. وهذا كل ما حصل !
(وأشار الى القارورة الموجودة على مائدتهم)..
الخادمة بغضب : لا تتحامق يا رجل !! فأنا اعرف الفرق بين عصير التوت والدماء الّلزجة .. سأتصل فوراً بالشرطة لحلّ لغزك الغامض
فنادى السيد على الطبّاخ الذي قدم الى الصالة ..
السيد بعصبية : انت من نصحتني بهذه المجنونة ، وبأنها عاملة جيدة!!
الطباخ بارتباك : آسف سيدي ..لا ادري ما حصل لها !
فسألته الزوجة بضيق : هل زيّنت الحلوى ؟
الطباخ : نعم ، أنهيت عملي بالمطبخ
الزوجة : اذاً خذها معك ، وارحلا قبل إفسادكما عيدنا
الطباخ : أعتذر ثانيةً .. (ثم دفع الخادمة بقوة) .. هيا خذي حقيبتك ، وامشي امامي!!
فقالت له الخادمة : صدّقني يا جون ، رأيت الدماء بعيني ..وصوّرت كل شيء
وفور إخراجها الصور من حقيبتها ، سحبها السيد من يدها ورماها بالموقد.. صارخاً بغضبٍ شديد :
- يكفي تفاهات !!!
الخادمة بتحدّي : اذاً لماذا أحرقت الدليل ؟ ممّا أنت خائف ؟!
السيد بنبرة تهديد : لن أفسد ليلتي باستفسارات الشرطة عن بقعة عصير .. وإن فتحت فمك !! سأزجّ بك في السجن ، لمضايقتك عائلتي بتحليلاتك الحمقاء .. هيا أغربا عن وجهي !!
الطباخ محرجاً : أعتذر ثانيةً ، سيدي
وقبل خروج الخادمة من المنزل ، قال السيد ساخراً :
- أنصحك بكتابة القصص البوليسيّة ، واستغلال مخيّلتك الغبيّة
وبعد ذهابهما ، قال السيد لضيوفه :
- هل تصدّقون غبائها ؟! أمعقول ان ارتكب جريمة قتل ، قبل ساعات من وصولكم ؟!
الزوجة : ربما ارادت ابتزازك لأجل المال ، جيد انك طردتها
ثم رفع والد السيد كأسه ، وهو يقول :
- سأبدأ انا الحفل !! .. أريد شكر الربّ على تخليصنا من تلك التافهة التي ارادت تشويه سمعة ابني
الضيوف وهم يرفعون كؤوسهم : الحمد للربّ !!
ثم وقف السيد وهو يقول :
- أعذروني .. سأجري إتصالاً سريعاً ، ثم نُكمل حفلنا
ومن بعدها أكملوا عشاءهم بالضحكات ، بعد نسيانهم ما جرى !
***
في آخر الليل..
الزوجة : الن تنام ؟ فسهرتنا كانت طويلة
السيد : سآتي بعد قليل ، عزيزتي
وبعد ذهابها ، إتصل بحارسه :
- ماذا فعلت بالخادمة الغبية ؟
الحارس : رميت جثتها في بئرٍ مهجور مع الطبّاخ الذي قتلته ، خوفاً ان تكون أخبرته بشيءٍ خطير في طريقهما للمنزل
السيد بارتياح : أحسنت !! ستحصل على مكافئتك لاحقاً
وبعد اغلاقه الهاتف .. أخرج صورة عشيقته من محفظته ورماها بالموقد ، وهو يقول :
- لما أتيت يا غبيّة الى مزرعتي ، وهدّدتني بفضح علاقتنا امام عائلتي ؟!
(وتذكّر كيف ضربها بالمطرقة التي نسيّها صباحاً في غرفته بعد تعليقه صورة عرسه ، لمفاجأة زوجته قبل وصولها من المدينة)
ثم نظر الى شجرة الحديقة ، من نافذة مكتبه :
- إرقدي بسلام ، يا عشيّقتي الحمقاء !
ومن راقبنا ماتَ همآ
ردحذفومن تدخل بما لا يعنية، لقيه ما لا يرضيه
شكرا للأختين امل واسمى على هذه القصه