السبت، 23 يوليو 2022

التعلّق المرضي

فكرة : أختي اسمى
كتابة : امل شانوحة 

هوس العاشق !


لطالما تفوّق سيّد على طلّاب مدارسه ، ومع ذلك عانى الوحدة والإنطواء! 

كل هذا تغيّر بدخوله الجامعة ، بعد تقرّب صبيّةٍ حسناء (ريهام) لمساعدتها بالدراسة .. 

فتفرّغ لتعليمها وتلخيص الدروس لها .. وتشجيعها على تحسين مستواها الدراسيّ ، بمرافقتها للمكتبة العامة واختيار أفضل الكتب لها 

وكان سعيداً بتخرّجها معه ، رغم تفوّقه بالدرجات النهائيّة .. 

***


لاحظت عائلة سيّد إهتمامه لإيجاد عملٍ بأسرع وقتٍ ممكن ، خوفاً أن تُثير ريهام إعجاب الخطّاب بجمالها الفاتن 

وبنهاية شهره الأول بالعمل .. إشترى خاتم خطوبة يناسب راتبه البسيط ، فهو مازال متدرّباً في شركةٍ تجاريّة ..


واتفق على ملاقاتها في الجامعة لأمرٍ مهم .. واستجمع قواه (بما يخالف طبيعته الخجولة) وجثا على ركبته ، وهو يرفع الخاتم نحوها .. ويطلبها للزواج امام صديقاتها ..

ليُفاجأ بضحكاتهنّ الساخرة بعد تعليق إحداهن :

- نحتاج مكبّراً لرؤية الإلماس الصغير فوق خاتمك الرخيص  

فشعرت ريهام بالإحراج ، وابتعدت عن الجموع .. 


فلحقها وهو يناديها : 

- فراشتي !! توقفي ارجوك 

فردّت بعصبية :

- كم مرة أخبرتك أن لا تناديني هكذا !! ماذا تريد مني ؟

سيّد بقلق : لم أسمع جوابك بعد ! 

- سأكون صريحة معك .. صحيح مستوانا الإجتماعي مُتقارب ، لكن على الأقل لديّ فرصة لتحسين حياتي .. فالله وهبني جمالاً يُعجب الأثرياء ، فلما أعيش حياة اهالينا الفقيرة ؟! 

- أهذا يعني انك صاحبتني لتعليمك فقط ؟! 

ريهام : نحن اصدقاء ، والأفضل ان نبقى هكذا .. فأحلامي وطموحي يتخطّيان واقعك المتواضع .. رجاءً لا تقرب مني ثانيةً


وجاء كلامها صادماً لسيّد الذي اعتبرها ملاكاً على الأرض .. وهاهي تعترف باستغلالها له ! 


والأمر أثّر عليه من جميع النواحي : بعد فقد شهيّته للطعام ونقص وزنه بشكلٍ ملحوظ ! كما انعزاله عن الجميع ، بما فيهم عائلته .. وأدّى إهمال عمله ، إلى طرده من الشركة .. 

كما حاول الإنتحار مرتين ، لولا إنقاذ عائلته باللحظة الأخيرة ..

***


بعد مرور عام على الإنفصال.. تحوّل حبه لتعلّقٍ مرضيّ ، وصار يراقب اصحابها الجدّد وتحرّكاتها من بعيد .. حتى امتلأ جوّاله بصورها التي التقطها دون علمها ! 


أمّا هي ، فتناسته تماماً .. الى أن وصلتها مجموعة من الهدايا لعملها على دفعاتٍ متفرّقة ، دون معرفة مُرسلها ! 

لحين تلقّيها دميّةً قطنيّة ، مكتوباً عليها : ((الى فراشتي العنيدة))


فاتصلت بسيّد وهو تأمره بتركها وشأنها ، ونصحته بالعلاج النفسيّ قبل تطوّر مرضه ! 

ورغم نقدها الّلاذع ، الا انه فرح بسماع صوتها ! فهو مهووس بها لحدّ الجنون .. 

***


وبعد اسابيع ، واثناء نزهتها مع صديقها على الكورنيش .. تفاجأت بسيّد يهجم عليه ، ويلكمه بقوّة على وجهه .. وكان هذا سبباً للإبلاغ عنه .. 

***


في الحجزّ .. ضرب الحرّاس سيّد بقسّوة ، كتأديبٍ له .. 

وأُطلق سراحه باليوم التالي ، بعد كتابته تعّهداً بعدم ملاحقة ريهام التي أقنعت صديقها بالتنازل عن المحضر ، رغم اعتراض اهلهما .. فهي أشفقت على سيّد بعد رؤية آثار الضرب على وجه ! 

***


بعد عودة سيّد الى منزله .. حاول اهله إقناعه بالسفر او إكمال تعليمه او إيجاد وظيفة لائقة ، او حتى السماح لهم بخطبة فتاة أخرى له ..فوعدهم التفكير بالموضوع 

 

لكنه عاد لمراقبة حبيبته بعد شهر ، عقب رؤيته خطوبتها على صفحتها بالفيسبوك ! 

حيث راقب منزلها ليل نهار ، الى أن خرجت من هناك وهي تمسك يد خطيبها .. 

فجنّ جنونه ، وانهال ضرباً بالعصا على العريس ..حتى أفقده الوعيّ ، وسط صرخات ريهام المرتعبة ! 

***


اثناء محاكمته ، قالت له ريهام بحنق : 

- الأشخاص المعقّدين نفسيّاً لا يستحقون فرصةً ثانية 

 

ورغم تعافي خطيبها من جراحه ، إلاّ أن القاضي أصرّ على حبس سيّد عشرين سنة ! (بعد إحضار والدها واسطة قوية من قريبه بالجيش ، بحبسه اطول مدةٍ ممكنة)

ولم تجدي محاولات اهله لتخفيف حكمه ، لكونه من اوائل خرّيجي الجامعة ومعروفاً بحسن سلوكه .. 


وفي الوقت الذي نُقل فيه سيّد لسجن العاصمة لقضاء محكوميّته ! سافرت ريهام مع عريسها للخارج

*** 


ظنّت ريهام بأنها محظوظة لزواجها من رجلٍ ثريّ ، لكنها سرعان ما تطلّقت بسبب خياناته المتواصلة ! 

وقرّرت العودة لعملها ، بعد إلغائها فكرة الزواج .. 

*** 


ببلوغها سن الأربعين ، ضغط الأهل عليها للزواج من مروان (المُعيد في الجامعة) رغم عدم شعورها بالراحة من لحيّته وشعره الطويلتين ، ونظراته الحادّة المُربكة !  

***


مرّ شهر العسل بسلام .. رغم اهتمام مروان بأدقّ التفاصيل ، وإلحاحه برفع صوت مكالمات جوّالها ! لغيّرته الشديدة التي زادت ، لدرجة منعها الخروج من المنزل دون رفقته !  


ورغم معاملته الجيدة ومدحه المتواصل لها امام اصدقائه وزملاء عمله ، إلاّ انه ينتقدها بقسّوة في المنزل على تقصيرها بالتنظيف والطبخ ! 

***


لم تمضي شهورٌ على زواجهما ، حتى أجبرها مروان على الإستقالة من عملها ، بحجّة انه المسؤول عن مصاريفها .. 

وكان يصرّ على تناولها الكثير من الحلويات ، بل ويثور غضباً إن أخبرته باتباعها حميّةٍ غذائية ! 

كما يدقّق على ملابسها وطريقة كلامها مع الناس .. حتى انه منعها الوقوف في الشرفة طوال النهار ! 

***


وفي يوم .. شعرت بضيقٍ شديد ، فخرجت بنزهة مع صديقاتها دون علمه .. مما تسبّب بشجارٍ عنيف بينهما ، إنتهى بقرار حبسها في المنزل طوال ساعات عمله ، بعد وضعه قفلاً من الخارج ! 


وبعد منعها من إكمال تعليمها او العمل ، لم يكن امامها سوى قضاء نهارها بتناول الطعام .. حتى زاد وزنها وتبدّد جمالها ، مما اسعده كثيراً ! 

***


لاحقاً ، إتبعت اسلوباً آخر معه .. وقامت بتدليله وسماع كلامه دون معارضة ، لكن هذا زاد من نرجسيّته وشدّ الخناق عليها.. فمهما فعلت ، لا يرضيه شيئاً !  

***


ثم حاولت العودة لشخصيتها القديمة ، وبدأت تعارضه وتطالبه بزيارة اهلها الذين لا تراهم إلاّ في المناسبات العائلية التي يصرّ على الذهاب معها ، كيّ لا تخطىء بالكلام وتخبرهم عن معاناتها معه ! 

***


وفي إحدى الليالي .. أخبرته برغبتها الإنجاب ، لكنه رفض الموضوع لأن الطفل سيُلهيها عن واجباتها نحوه !  


ومنذ ذلك اليوم ، غرقت ريهام بدوّامة الإكتئاب .. وقلّ كلامها كثيراً ، حيث أمضت وقتها بمراقبة الشارع من نافذة غرفتها بصمتٍ مُقلق  


لكن مروان لم يهتم لأمرها ، فهو اعتاد تناول الطعام وحده بالخارج! 

وفي المنزل ، يقضي وقته على الحاسوب لإكمال عمله المكتبيّ ، دون اكتراثه بصحّة زوجته التي تذبل كل يوم ! 


اما ريهام ، فشعرت أن ما يحصل معها هو عقاب ربّاني على ما فعلته بسيّد .. قائلةً في نفسها ، بعد رؤيتها التاريخ على جوالها :

((بقيّ 5 سنوات للإفراج عن سيّد الذي حبسته لحبه الشديد لي ، فعاقبني الله بزوجٍ مجنونٍ ظالم ! سامحني يا صديقي))

***


في أحد الأيام .. زارها اهلها (اثناء وجود زوجها في العمل) .. وكسروا القفل للإطمئنان على ابنتهم التي لم يروها منذ شهورٍ طويلة .. 

ليصدق حدس امها بعد رؤيتها مُغميّاً عليها في الصالة .. 

وأسرع اخوها بحملها للمستشفى .. ليُصدمهم الطبيب بخبر محاولتها الإنتحار ! 

***


حين وصل مروان للمستشفى ، هجمت امها عليه وهي تضرب صدره وتلومه على تردّي صحة ابنتها .. لكنه لم يهتم لتهديدات عائلتها ، ودخل غرفة العناية المركّزة للإطمئنان على زوجته..

فحاول الطبيب تحذيره :

- سيد مروان ، قلب زوجتك ضعيفٌ جداً 

- رجاءً أتركنا بمفردنا ..

- هي مخدّرة الآن

مروان : ستسمع صوتي ، انا واثق من ذلك

- معك نصف ساعة ، فهي بحاجة للراحة التامة 


وبعد خروج الطبيب ، همس مروان في اذنها :

- الم تموتي بعد يا فراشتي اللعينة ؟ 

وما أن قال ذلك ، حتى فتحت عيناها برعبٍ شديد :

- سيّد !

مروان : نعم ، سيّد .. صديقي بالزنزانة ساعدني بتغيّر هويتي ، بعد إكمال تعليمي في السجن .. وبإسمي الجديد استطعت العمل كمعيد في الجامعة ، بعد تسريحي من السجن الذي قضيت فيه 15 سنة لحسن سلوكي .. وبعد تجميع رواتبي ، أجريت عمليّة تجميل لتغيّر معالم وجهي ، كيّ أتقدّم لك بهدف تدمير غرورك .. فأنا كنت متفوّقاً بدراستي ، وبسببك أصبحت خرّيج سجون ! .. لهذا اردّت تشويه جمالك بزيادة وزنك ، وإبعادك عن اهلك واصدقائك ، ومنعك من التعليم والعمل .. كما مدحتك امام الناس ونقدّك في المنزل ، كيّ أدمّر ثقتك بنفسك


ريهام بعصبية : ايها النرجسيّ اللعين !!

سيّد : أتقنت الدور جيداً ، اليس كذلك ؟ حتى انني لم أزرّ عائلتي منذ زواجنا ، فهم يظنون اني مازلت في السجن بعد طلبي من الشرطة منع زياراتهم لي .. ولم اذهب لعزاء والدي ، كيّ لا يفضحوا تنكّري 

ريهام باشمئزاز : انت فعلاً مريض نفسيّ !

- ذنبي الوحيد انني أُغرمت بك لحدّ الجنون ؟ فأنت من حوّلتني لوحش ، لهذا استحقّيتِ أشدّ العقاب 

- وحصلت على ثأرك بعيشي معك في الجحيم لسنواتٍ عدة .. وحرمتني من الأطفال بعد كبر سني .. وأصبحت مريضة جسديّاً ونفسيّاً .. وحاولت الإنتحار ، فماذا تريد ايضاً ؟

سيّد : انت لم تري شيئاً بعد ، يا فراشتي العزيزة

وابتسم بخبث ! 

***


لاحقاً .. وقف سيّد امام قبر ريهام ، وهو يسقي الزهور ويقول : 

- معك حق عزيزتي .. المُعقّدون نفسيّاً لا يستحقون فرصةً ثانية  

وخرج من المقبرة بهدوء !

***


ترى كيف انتهت معاناة ريهام ؟! هل قتلها زوجها بالمستشفى ؟ أم انتحرت بعد عودتها الى منزله ؟ هل شعر بالندم ، ام أسعده انتقامه ؟ ..وهل هو مظلوم ام ظالم ؟ وهل ريهام استحقّت العقاب ؟ وهل هناك علاجاً للتعلّق المرضي او النرجسيّة ؟ 


القصة مستوحاة من جريمة قتل نيّرة أشرف .. فهل تؤيدون حكم إعدام محمد عادل ؟ ام هي ظلمته بسوء معاملتها له ، مما أفقده رشده بارتكاب جريمته الشنعاء ؟ 

إخبروني رأيكم بالتعليقات ..


هناك 4 تعليقات:

  1. ملاحظة : أختي أصرّت إنهاء قصتها بتساؤلات ، لمعرفة أجوبتكم .. تحياتي للجميع

    ردحذف
  2. اخييراً قصة نهايتها معقدة و حزينة، استمري بابداعك انا ادخل على مدونتك كل يومين بعد ما قريت كل قصصك، 💜 لأرى الجديد من قصصك الفريدة و المميزة، و استمري في كتابة القصص المأساوية و قصص الانتقام العنيف. 💙💙

    ردحذف
  3. لافيكيا سنيورتان


    مرحبا بكم ايها الثنائي

    اختي امل من باب المداعبه والفكاهة. بالنسبه للتساؤلات حول كيف كان مقتل ريهام ! لا تشغلي بالك الاجابه عند اختنا اسمى/ اسما
    فهي كانت شاهده علا كل الاحداث من بدايه قصة ريهام وحتا مقتلها ودفنها ..ههههههه

    لايوجد هناك علاج للنرجسيه فهي غريزه داخلهم


    بالنسبه لقصة نيره المؤلمه ...هي ظلمته بسوء معاملتها له ..ولكن ليس مبرر ان يقوم بقتلها مهما كانت الاسباب ..لذا إؤيد حكم الاعدام له ..ليكون ردع لكل من تسول له نفسه بالقتل ايا كانت الاسباب ..

    وعند الله تجتمع الخصوم


    الافكار هي من تختارنا. وليس نحن من نختارها.. ..اقنعتيني وفهمت..

    فلما نقيد حريتها بنوعيه محدده .. حقا يا لغبائي


    وبالنسبه لقصة الضحيا التاليه صحيح تذكرت كنت ارسلت لك تعليق طويل بشان التخاطر اللا ارادي ..فرديتي عليا بالقصه اللي قبلها انك لم تنشريه لانها حياتي الخاصه ..اكيد تذكرتي ههههه ..
    تحياتي لكما ايها الثنائي الرائع

    لافيكيا سنيورتان

    ردحذف
  4. محزنه كثيره يارب سلم ابدعتي استاذه امل واسمى سيد ظلم نفسه اما ريهام استغلاليه وندمت ولكن لاينفع الندم لااعلم على من الحق لكلا منا اقصد الابطال حلل حسب ظرفه
    ولي رجعه
    اما قضية نيره فهي وضع مختلف الامر ليس انه استغلته بل القتل نفسه غير مبرر برائي يرد لعلم الشرع وان الظاهر قرار الاعدام مستحق

    ردحذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...