الأربعاء، 13 يوليو 2022

الخلود

كتابة : امل شانوحة 

الحياة الأبديّة


إحتفل العالم بنجاح التجربة العلميّة الأضخم بتاريخ الناسا بعد تفجيرها صاروخاً كيماويّاً فوق الكرة الأرضيّة ، يصل مداه لجميع سكّان كوكب الأرض ، بعد ابحاثٍ مُكثّفة لإلغاء فكرة الموت !


فالبشر بطبعهم يخافون الدفن تحت الأرض او تحوّلهم لرماد حسب وصيّتهم ! 

لهذا اكتشفوا طريقة لإبقاء الروح في الجسد أطول مدّةٍ ممكنة ، وربما دوامها للأبد ! 

***


لم تمضي شهور حتى تأكّد العلماء من نجاح تجربتهم بعد نجاة مرضى على شفير الموت ، دون استرداد عافيتهم ! فالصحّة الدائمة تحتاج لمعجزةٍ خارجة عن قدرات البشر ..


وأكثر المستفيدين من إلغاء الموت هم الشباب الأصحّاء الذين بإمكانهم ممارسة اخطر الهوايات : كالقفز بالمظلّة وتسلّق الجبال والذهاب للقطب المُتجمّد دون الخوف على حياتهم .. 

كما أسعدت التجربة من لديه امراضاً معديّة ، لعدم خوفهم من ايذاء أحبّائهم 


أمّا اكثر المتضرّرين : فهم حفاريّ القبور الذين عليهم إيجاد عملٍ آخر !

وكذلك الأشخاص المُكتئبين ، لعلمهم أن الإنتحار لن يُنهي عذابهم ! فلوّ رموا انفسهم من المرتفعات ، ستتكسّر عظامهم فقط .. ولن يموتوا باستخدام وسائل اخرى : كالرصاص والسكين والشنق وبلع الأدوية ! وهذا يعني انهم سيعانون ألماً نفسيّاً وجسديّاً مدةً طويلة جداً 


كما تضرّر من إلغاء الموت : من لديه امراضاً مُزمنة ، فهم سيعانون من اوجاعهم للأبد ! 

لذلك خرجوا في مظاهرات بجانب اهالي العجائز المُعمّرين والمعاقين والمجانين والمصابين بغيبوبة ، الذين عليهم الإعتناء بهم لما لا نهاية !

كما تضامن معهم الفقراء الذين كانوا بانتظار موت اغنى افراد عائلاتهم للحصول على الميراث ! بينما فرح الأثرياء العجائز لاحتفاظهم بأملاكهم واموالهم للأبد ، وحرمان ورثتهم منها ..


وفي الجهة المقابلة .. تمّ إطلاق سراح المجرمين المحكومين بالمؤبد والإعدام ، بعد أن بات التخلّص من الأشرار مستحيلاً إلاّ عن طريق طردهم من المدينة ، ليتابعوا نشر افكارهم السوداء وتصرّفاتهم العدوانية في أيّ مكانٍ ينتقلون اليه ! 


هذا عدا عن الفاسدين من الحكّام والوزراء الذين سيتمسّكون بكراسيهم ومناصبهم ، بالإضافة للمدراء العجائز .. مما يقلّل فرصة العمل للشباب الذين سيعانون ايضاً من زحمة منازلهم بعد عودة كبارهم من دار العجزة والذين سيسيطرون بعاداتهم القديمة على حرّية الصغار ، ويحرمونهم من إبداء رأيهم او الحصول على الخصوصيّة داخل منازلهم ! 


وبسبب ضيق الأماكن بعد تكاثر البشر (دون موتهم بالأمراض والحروب التي ألغيّت لعدم الإستفادة منها : طالما لا يوجد تضحيّة بموت جنود الخصوم) اضّطر الكثيرون لردم القبور القديمة والبناء فوقها ..


وكل هذا تسبّب بأزمة سيرٍ خانقة مع قلّة الوظائف والغذاء والدواء والماء التي لا تكفي الجميع .. رغم تحوّل العالم لنباتيين ، لكونه مستحيلاً قتل الحيوانات التي احتفظت ايضاً بحياتها ، ونزوح قطعانٌ منها للمدينة .. 

مما اجبر الكثيرون عن الإمتناع عن الطعام الذي لن يقتلهم ، لكنه سيجعلهم يعانون الجوع لفتراتٍ طويلة ، مُسبّباً مجاعات حول العالم!

***


وبمرور السنوات والقرون .. تزاحمت الأرض بعصورٍ مختلفة تفاوتتّ بالثقافة والإدراك ، كلاً منها يحاول السيطرة على الثقافات الأخرى بلغته الخاصة وعاداته المنقرضة .. مما تسبّب بصراعات همجيّة بين ملوك الماضي والحاضر على السلطة والحكم !


لهذا انطلقت مظاهرات مليونيّة بعدة دولٍ مختلفة ، تُطالب العلماء بإطلاق صاروخٍ آخر يعيد الموت .. لأن موت القدامى ، حياةٌ وفُرص للجيل الجديد

***


بعد اتفاق الجميع على إعادة الموت ، أعلن مذيع التلفاز بنقلٍ مباشر قبل إطلاق الناسا صاروخاً إنتظره العالم منذ قرون : 

((الخلود هو نعمة لأهل الجنة بسبب شبابهم الدائم والحقد المُزال من صدورهم ..بينما الخلود بجهنم هو عقابٌ مستمرّ للعصاة .. وهذا ما حصل حين أردنا الخلود في الدنيا ، مع إحتفاظنا بصفاتنا وعاداتنا السيئة وعمرنا الذي لا يمكن إيقافه ، وبذلك تحوّل لنقمةٍ عظيمة .. فالموت رغم قساوته إلاّ انه نعمةٌ ربّانيّة))


وبعد إطلاق الصاروخ بالجوّ ، تنفّس الجميع الصعداء ..وقاموا بتوديع مرضاهم وعجائزهم الذين ينتظرون الموت بفارغ الصبر للإنتقال ليوم الآخرة ، بإشراف وقضاء ربٍ رحيمٍ عادل 


هناك 4 تعليقات:

  1. ههههههههههههههه
    كنت أقراء قصتك لأفاجئ بنشر واحدة جديدة

    ردحذف
  2. لافيكيا سنيورا

    والله ماشفق قلبي سوا حفاري القبور

    اللي بعدو اخت امل اللي بعدو مفيش معنا وقت الوقت يداهمنا

    لافيكيا سنيورا

    ردحذف
    الردود
    1. تعطّل مولد كهرباء عمارتنا ، ومنذ البارحة لا كهرباء ولا ماء .. سأتوقف قليلاً عن الكتابة لحين حلّ المشكلة .. الله يستر

      حذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...