الجمعة، 17 ديسمبر 2021

قصة أطفال (الملح والسكّر)

تأليف : امل شانوحة

الوقاية خيرٌ من العلاج


في الصباح .. دخل الولد الى المطبخ لشرب الماء ، فوجد السكّر والملح يتجادلان بصوتٍ خافت فوق طاولة الطعام .. 

وحين لمحاه ينظر إليهما بدهشة ! توقفا عن الكلام والحركة ..

فسألهما عن سبب الشجار ؟

فلم يجيباه .. فقال لهما :

- لا تخافا لن أخبر والدايّ ، فهما لن يصدّقاني بجميع الأحوال .. فقط إخبراني عن سبب الخلاف ، لربما استطعت مساعدتكما 


فتحرّك الملح باتجاهه قائلاً : 

- إختلفنا من الأهم بيننا .. فأنا أعتبر نفسي من أساسيات الطبخ ، ومن دوني الأكل لا طعم له .. كما إنّي مهم في صنع المخلّلات واللحوم المقدّدة والجبن والشيبسيات اللذيذة 

الولد : هذا صحيح 

الملح : وقديماً استخدموني كعملةٍ نقديّة .. وكان الهنود الحمر يدفعون الذهب مقابل الملح الصخريّ

الولد باستغراب : الصخري ! ظننتك من البحر 

- هناك انواع مني : الملح البحري والصخري والخشن والناعم ، وتكاد لا تخلو المطابخ والمطاعم من الممالح 


وهنا اقتربت السكّر وهي تقول : 

- وانا لا أقلّ أهميّة عنه .. فأنا أُستخدم في الحلويات والمشروبات ، وفي الطعام الآسيويّ ايضاً .. ولابد من تواجدي على السفرة بكل المناسبات السعيدة ، بأنواعي المختلفة : فمن دوني الشكولا مرّة .. وبحلاوتي تتحوّل الفواكه الى مربيات .. وعند إذابتي أصبح قطراً او كراميل .. ولا أحد يمكنه مقاومتي حين أتشكّل كحلاوة قطنٍ او مصّاصات وسكاكر .. ولديّ العديد من الأنواع التي يعشقها الصغار والكبار


الولد : فعلاً جميع انواعك لذيذة ، وحياتنا أصبحت أجمل بعد اكتشاف السكّر

الملح باستنكار : تقصد السكّر الصناعي المُضرّ 

السكّر بعصبية : لست مُضرّة !! فعندي انواع صحّية : كسكّر الفواكه والأسمر وسكّر الرجيم.. اما الملح فمضرّ بجميع انواعه


وهنا سمعا والدا الطفل ينادونه ! فقال لهما :

- عليّ الذهاب الى المستشفى لزيارة جدي 

الملح والسكّر : خذنا معك

الولد : سأضعكما في حقيبتي ، بشرط أن لا تصدرا صوتاً 

- لن نفعل

وأخفاهما في حقيبة ظهره ، وأسرع للّحاق بوالديه ..

***


في غرفة المريض ، إنشغل الوالدان بزيارة الجدّ .. فخرج الولد يتمشّى في ممرّات المستشفى .. 

ودخل الغرفة المجاورة ، لسؤال العجوز عن مرضه .. فأجابه بتعب: 

- أحضرتني سيارة الإسعاف الى الطوارىء بعد ارتفاع ضغطي 

الولد باهتمام : ولما ارتفع ؟ 

- لأني أكلت طعاماً مالحاً 

الولد باستغراب : لم اكن اعرف إن الملح مضرّ !


فقال المريض في السرير المجاور :

- مضرٌّ جداً .. فأنا هنا لأعالج صداعي المؤلم ، بسبب الملح الزائد في الطعام الجاهز  

الولد : الضغط والصداع ، هل يوجد اضرار اخرى للملح ؟


فأجابته الممرّضة التي تعمل هناك :

- وامراض القلب والسكتات الدماغيّة .. لكن أتعلم من أكثر عضو جسدي يتضرّر بالملح ؟ 

الولد : لا ، ما هو ؟ 

- تعال لأريك 

***


وأخذته الى قسم غسيل الكلى .. ليرى المرضى المتعبين ، وهم متصلين بجهازٍ كبير امامهم .. 

وقالت الممرّضة :

- يجلسون لساعاتٍ طويلة لتنظيف كليتهم  

الولد : وهل هذا بسبب الأملاح ؟

- نعم ..فهو أحيانا يدمّر الكلية بالكامل ، ويحتاجون لمتبرّع لإكمال حياتهم 


فخرج الولد من الغرفة ، وجلس على كرسي في الممرّ .. وفتح حقيبته ، ليجد السكّر تضحك ساخرة على الملح المُنصدم ممّا سمعه والذي قال :

- لم أكن أعرف انني أضرّ جسمكم لهذه الدرجة ! 

الولد : أظن السكّر مُضرٌ ايضاً

السكّر مُعترضة : مستحيل !! انا أجلب السعادة للبشر

الولد : إنتظري ، سأسال الطبيب عن أضرارك


ولحق بالطبيب الخارج من إحدى الغرف ، وسأله :

- دكتور !!

- ماذا تريد ؟

الولد : هل هناك اضرار للسكّر ؟

- بالطبع

- مثل ماذا ؟ 

الطبيب : كثرة السكّر يسبّب تسوّس الأسنان 

- آه صحيح ! نسيت هذا ..وماذا ايضاً ؟

- مرضى السكّري يمنعون تماماً من أكل السكّر


الولد : وماذا يحصل لوّ فعلوا ؟

- في بعض الأحيان ينقلون للمستشفى بحالةٍ حرجة .. فمرض السكّر يقلّل تدفّق الدم لأطرافهم ، وقد نضطّر الى ..  

الولد بصدمة : هل يخسرونها ؟!

- للأسف نعم .. عدا أن السكّر يسبّب السمنة المُفرطة ، أتريد أن ترى مصاباً بها ؟

- إن سمح وقتك لذلك 

***


وأخذه الطبيب الى غرفة فيها رجلٌ سمين للغاية ، بالكاد يستطيع التقلّب على فراشه !  

الولد : الن تساعده ؟

الطبيب : هو بانتظار عملية لإزالة الدهن الزائد

- وهل سيعود نحيفاً ؟

- ربما ، مع الكثير من الندوب والجروح .. وسيحتاج وقتاً طويلاً للمعافاة الجسديّة والنفسيّة  


الولد : اذاً أكل السكّر مضرّ ؟

- بالطبع !! فهو يؤدي لسوء التغذية ، بسبب إعطائنا كميات كبيرة من السعرات الحرارية الغير مفيدة لجسمنا .. لهذا لا تُكثر من تناول السكّريات ، فالأمراض تصيب الصغار والكبار

- وكم الكمية المعقولة كل يوم ؟

الطبيب : يُسمح بالسكّر بحدود 6 الى 12 ملعقة صغيرة في اليوم

- وماذا عن الملح ؟

- أقل من 5 غرامات في اليوم ، يعني ملعقة صغيرة فقط

الولد : هذا قليل جداً !

- لما انت مهتم هكذا ؟ أهو واجبٌ مدرسيّ ؟ 

- نعم دكتور .. وشكراً لنصيحتك  


وابتعد عن الطبيب ليفتح شنطته ، ويرى السكر مذهولة مما سمعته ! والملح يضحك ساخراً وهو يقول : 

- أسمعتِ !! انت مضرّة أكثر مني

الولد : اذاً ماذا نستنتج من هذه المعلومات ؟ 


فتهامست السكّر والملح ، قبل أن يقولا :

الملح : صحيح إننا مهمّان لطعامكم اليوميّ ، لكن نُفضّل أن لا تُكثر منّا حتى لا تضرّ صحتك .. ((فكل شيء زاد عند حدّه ، إنقلب ضدّه))

السكّر : كلّ طعامك بتوازن ، فجسم الإنسان لا يتحمّل كميات كبيرة منا .. هل تعدنا بذلك ؟

الولد : أعدكما أن أحافظ على صحّتي ، بتقليلي من الملح والسكّر في طعامي 


وما أن قال ذلك ، حتى عادت المملحة وعلبة السكّر لطبيعتهما الجامدة ! عُقب تعلّم الولد الدرس الذي يحتاجه لحياةٍ صحّية خالية من الأمراض  


هناك 4 تعليقات:

  1. لي مدّة طويلة لم أكتب قصة للأطفال .. أعتقد أن هذه القصة يمكن تحويلها لمسرحية للمرحلة الإبتدائي .. أتمنى أن تعجبكم

    ردحذف
  2. جميل ورائع
    قصة هادفة يمكن تحويلها إلى فيلم كارتوني توعوي
    أتمنى أن أراه على اليوتيوب

    ردحذف
  3. حبذا لو رشة فلفل وملعقه من الزبده لكانت طاجن باميه محترم ههههه ...عامة أكلت صحنين وشبعت الحمد لله ...
    طبعا أمزح أيها القوم فلا تلمزوني ...
    القصه لطيفه حقا وتصلح للأطفال والكبار على السواء ...
    كل الشكر ...كل الشكر وعام لذيذ على كل زوار المدونه
    ♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆♥♡★☆

    ردحذف
    الردود
    1. كنت اريد إضافة الطحين الى القصة ، بما أن الثلاثة مضرّين للصحّة .. لكني تخيّلتها مسرحية للأطفال ، ولا اريد تصعيبها عليهم

      حذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...