تأليف : امل شانوحة
زوجة الأب الحنونة
منذ لحظة خِطبتها ، أدركت سارة (الثلاثينية) إن حياتها مع رجلٍ (خمسيني) أرمل ليس أمراً سهلاً ، فهو لديه أربعة أولاد : أكبرهم ريم (17 سنة) فتاةٌ حسّاسة وعصبية ، ترفض وجود امرأة مكان والدتها !
أما إخوانها الثلاثة (مراهق بعمر 14 ، وولديّن توأميّن بعمر 8) فقد إنساقوا لأختهم التي أخافتهم من زوجة ابيهم التي تريد إحتلال منزلهم (حسب كلامها)
ومع ذلك تزوّجت سارة ، ودخلت بيتاً مليئاً بذكريات غيرها !
^^^
وبعد عودة زوجها الى عمله ، اضّطرت سارة للتعامل مع ابنائه بعطلتهم الصيفية
وبدأت معركتها الأولى ، حين حاولت تحسين مظهر المنزل ..
فاعترضت ريم بمساندة اخوانها ، لمنع ايّ تغيير بديكور امها الراحلة .. حتى انها منعتهم من مساعدتها بالتنظيف !
وازداد التوتّر بعد رفض ريم تذوّق طعام سارة ، مُفضّلةً الأندومي وشطائر الشارع .. بينما التهم إخوتها الصغار أطباق سارة بشهيّةٍ كبيرة !
لم تغضب سارة ، بل بدأت باستمالة الصغيريّن اولاً : بعد إعدادهما الحلويات معها .. ومشاهدة التلفاز سوياً .. ومشاركتهما ألعاب الكمبيوتر .. حتى انها لم تغضب من تلوين وجههما بمكياجها .. وإن كانت نصحت زوجها بإدخالهما نادي رياضيّ ، لتقوية شخصيّاتهما الرقيقة
أما المراهق : فكان مسالماً بطبيعته ، يمضي وقته في غرفته..
وحين اكتشفت سارة مشاهدته لمقاطع غير لائقة ليلاً ، لم تعاتبه او تفضحه عند ابيه.. بل اجابت اسئلته حول البلوغ ، موضحةً الحلال والحرام
ثم اتصلت بشركة الإنترنت لضبط القنوات ، حمايةً له ولإخوانه
ومع الوقت ، تحسّنت علاقته بها .. بعد أن أشعرته برجولته اثناء مرافقتها إلى السوبرماركت ، بدل أبيه (المشغول بعمله) ..
وازداد تعلّقه بها ، بعد أن علّمته قيادة سيارتها
ولم يبقى امامها سوى ريم الصلبة التي ترفض التحدّث معها !
حتى عندما مرضت ، لم تقبل شرب حسائها .. بل رفضت ايضاً تناول الكيك الذي أعدّته في عيد ميلادها ..
^^^
لكن كل شيء تغيّر ، بعد ان سمعتها تتحدّث مع شابٍ بجوالها !
حبيبٌ مجهول اعطاها موعداً في ساعةٍ متأخرة ..
فرفضت سارة ، مُقفلةً باب الفيلا (بسفر زوجها) وهي تأمر ريم العودة للنوم..
وقبل ان تغفو سارة ، سمعت صوت نافذة ريم !
فركضت لغرفتها .. لتعلم بنزولها على الشجرة ، للهروب خارج الفيلا ..
فلحقتها بالسيارة وهي تبحث بكل شارع ، بفزعٍ شديد .. الى ان رأت ثلاثة شبّان يحاولون جرّ ريم بالقوة إلى سيارتهم !
ودون تردّد ، وجهّت مسدس زوجها (الضابط) مُهدّدةً بقتلهم إن لم يتركوها بالحال ..
فهربوا مذعورين ، بعد ركض ريم الى سيارتها وهي بصدمةٍ شديدة!
بينما حمدت سارة ربها على إنقاذها الصبيّة بآخر لحظة
^^^
فور وصولهما إلى الفيلا ، طلبت جوالها .. فاعترضت ريم لانتهاكها خصوصيّتها ..
لتردّ سارة بحزم :
- كنتُ سأصبح قاتلة بسببك ، وكان والدك سيدفع الثمن (لأنه مسدس عمله) .. أعطيني الجوال الآن ، وإلا سأخبره بكل ما حصل!!
فسلّمتها هاتفها مُجبرة ، وأسرعت الى غرفتها باكية بعد انهيار جدار عنادها اخيراً
***
في اليوم التالي .. وصلت رسالة اعتذار من الحبيب المخادع على جوال الصبيّة .. فردّت سارة ، برسالة تهديد :
((إن لم تُغيّر رقمك بالحال !! سأرسله لمركز الشرطة ، لمعرفة عنوانك .. وإن عُدّت للإتصال بريم بأيّةِ طريقة ، سأترك والدها يُعذّبك حتى الموت))
فاختفى من حياة الصبيّة للأبد !
ولأنها لم تُبلّغ زوجها بالحادثة (بعد عودته من السفر) تغيّرت معاملة ريم معها .. بعد دخول غرفتها لإعطائها مال حصّالتها ، كتعويض عن المبلغ الذي أهدرته سابقاً..
فابتسمت سارة .. وأعطتها فوق مالها ، مبلغاً آخر لشراء الحلوى لإخوتها..
ثم اخبرت الصغار بأن ريم اشترت لهم الحلوى من مصروفها .. مما جعل الصبية تبتسم لأول مرة ، كعربون شكرٍ لها
***
وذات يوم .. جلست سارة مع الأولاد ، لتعليمهم لعبة المونوبولي .. فسألتها ريم بتردّد :
- هل تسمحين لعبي معكم ؟
فقرّبت سارة علبة المال المزيّف منها ، وهي تقول :
- ستكونين المسؤولة عن مال البنك .. اختاري حجرك ، ثم ارمي النرد
وكانت ليلتهم الأولى كعائلةٍ مُحبّة ، بعد طلب سارة من ريم إختيار فيلم السهرة على ذوّقها !
***
ومع مرور الوقت ، لجأت ريم لسارة في أمورٍ كثيرة.
لكن الأمور تعقّدت من جديد ، بعد علمها بحمل سارة ! خوفاً من منافسة الطفلة على محبة والدها ، بعد اشتعال الغيرة في قلبها
ثم جاء عرس أحد الأقارب ، فاهتمّت سارة بجمال الصبية .. مما لفت انتباه إحدى الأمهات التي عرضت خطيباً مناسباً لريم..
^^^
وفي المنزل ، رفضت ريم الموضوع تماماً ..
فذهبت سارة الى غرفتها ، للتحدّث على انفراد :
- هل ما زلت تتواصلين مع ذلك الأحمق ؟
ريم : كيف افعل ، وأنت تراقبين هاتفي ؟
- اذاً لماذا ترفضين رؤية العريس ؟ فهو وافق على إكمال تعليمك بالخارج ، وزيارة عائلتك كل صيف !
وبعد التحدّث معها لساعة ، أقنعت الصبيّة بالإجتماع العائلي ..
ومع الزيارة الأولى ، أُعجبت ريم بالشاب الخلوق الذي أتمّ الزواج بوقتٍ قصير ، للعودة لعمله بالبلد الأوربيّ
***
وبعد سفر ريم مع عريسها .. إطمأنت سارة عليها ، بعد ابتعادها عن الحبيب المُتلاعب
بعد شهور ، فرح الجميع بخبر حمل ريم !
***
وفي العطلة الصيفيّة التالية ، عادت ريم بشهرها الأخير..
وقبل دخولها غرفة الولادة ، أمسكت يد سارة :
- انت بمقام أمي .. أرجوك ابقي معي ، فأنا خائفةٌ جداً
سارة بحنان :
- لا تخافي يا ابنتي ، كنتُ مكانك قبل ثلاثة اشهر .. ولن اتركك ، الى ان تحملي طفلك بين ذراعيّك.
ثم عادت ريم إلى منزل والدها بفترة النفاس ، التي استغلّتها سارة لتعليمها كل الأمور المتعلّقة بطفلها .. ليتعاملا معاً كأم وابنتها ، مُنهيان عاماً من العناد والعصبية
***
بعد سفر ريم مع زوجها وطفلها للخارج ..
بقيّت سارة مع إخوان ريم الثلاثة ، وابنتها الصغيرة .. في منزلٍ امتلأ بالطعام اللذيذ وضحك الأطفال والتفاهم الدافئ .. بعد فوز سارة أخيراً بمحبة أولاد زوجها بفضل صبرها وحنانها اللذيّن عوّضاهم عن غياب أمهم الراحلة ، مما أشعرها أن جهودها لم تذهب سدى !
