الجمعة، 14 نوفمبر 2025

الودّ المسموم

تأليف : امل شانوحة 

المقعد الخلفيّ


خرجت سعاد من المحاضرة الأخيرة ، وهي تشعر بالمللّ والتعب النفسيّ .. فبعد ثلاثة اشهر على دوامها اليوميّ بالجامعة ، لم تجد من تُصادقها رغم تمتّعها بالذكاء وجمال الشكل والأخلاق !


واثناء نزولها الأدراج ، لاحقتها فتاةٌ تسألها بحماس :

- كيف حالك ؟!!

سعاد باستغراب : بخير ! 

- بأيّ اختصاصٍ تدرسين ؟

- بالسنة الأولى للأدب العربي 

- وانا ايضاً !! ما رأيك لوّ نصبح صديقتيّن ؟


ففرحت سعاد بذلك ، لأنها انطوائية وتجد صعوبة بتكوين الصداقات .. بينما تابعت نجوى الحديث معها بطلاقة ، كأنهما صديقتان منذ سنوات!

- الى اين تذهبين الآن ؟

سعاد : سأعود للمنزل 

- ما زال الوقت باكراً ، ما رأيك لوّ نذهب للمول ؟

- أكنتِ ذاهبة الى هناك ، قبل أن تلتقيني ؟

نجوى : نعم ، فأصدقائي ينتظرونني هناك

- اذاً لا اريد التطفّل عليكم

- جميعنا من نفس اختصاصك ، وأكيد رأيتهم من قبل .. هيا لا تفكّري كثيراً ، سنقضي وقتاً ممتعاً معاً 

سعاد : اذاً دعيني أخبر والدتي بالأمر

- لا داعي لجعلها تقلق بشأنك .. فأنا سآخذك بسيارتي ، وأعيدك الى بيتك خلال ساعةٍ واحدة

- ماذا لوّ تأخّر اصدقائك ..

نجوى مقاطعة : هم يعرفون أنني لا احب التنزّه اكثر من ساعة .. هيا سأذهب لتقريب سيارتي من بوّابة الجامعة .. إنتظريني هنا !! 

^^^


وبعد ذهابها ، وصلت رسالة على جوال سعاد !

 

وبعد دقائق .. نزلت نجوى من سيارتها ، واقتربت منها معاتبة : 

- ناديتك مراراً ! لما لم تركبي السيارة ؟

سعاد : آسفة عليّ الذهاب ، فأمي بحاجة لدواء السكّري .. سألتقي بك في محاضرة الغد ، لتحديد موعدٍ آخر للنزهة

- بل سأوصلك الى الصيدليّة

- لا داعي لذلك ، فهناك واحدة قريبة من منزلي .. القاكِ غداً

^^^


ثم اوقفت سعاد سيارة اجرة التي قادها سائقها عدّة امتار ، قبل انتباهه على قرب نفاذ وقوده !.. فاعتذر منها ، للعودة للمحطّة القريبة من الجامعة لتزوّد بالبنزين .. 


وبعد نزول السائق .. لمحت سعاد ، نجوى وهي تتجادل (بجوار سيارتها) مع رجلٍ مشكوك بأمره ! وهي تقول بعصبية : 

- لا تصرخ عليّ !! فالمحظوظة هربت اليوم ، لكني حتماً سأوصلها لكم غداً 


فشحب وجه سعاد ، وارتجفت أصابعها وهي تلتقط بجوالها صورة لهما مع لوحة السيارة..


وبعد عودة سائق الأجرة ، طلبت منه توصيلها لمركز الشرطة

- هل هناك مشكلة يا آنسة ؟!

فاضّطرت سعاد للكذب : 

- لا ، والدي يعمل هناك

^^^


وفي مكتب الضابط .. أخبرته سعاد بشكوكها حول محاولة إختطافها ، وأعطته الصورة ورقم السيارة .. فنصحها بعدم الذهاب للجامعة ، لحين التحقّق من الأمر .. 

وبدورها أخفت رعبها عن اهلها ، بادّعائها المرض ! 

***


بعد أيام .. تلقّت سعاد اتصالاً من الضابط يُخبرها بأن نجوى (إسمها الحقيقيّ ديانا) تنتمي لعصابة الدعارة ! وانها اعترفت بخطفها العديد من الطالبات الفاتنات عن طريق إخفائها رجلاً من العصابة اسفل المقعد الخلفي لسيارتها ، والذي يقوم بتخدير الضحايا ونقلهنّ لقصور الأثرياء ! 

***


لاحقاً ، تصدّر الخبر عناوين الصحف : 

((تفكيك شبكة تستدرج طالبات الجامعات إلى عالم الدعارة ، يقودها رجال سياسة معروفون !))


ولولا دواء الأم ، لأصبحت سعاد ضحيةً اخرى للعصابة الماكرة ! 

ومن يومها زاد حرصها على نوعيّة الأصدقاء ، دون ثقتها بالغرباء ! بعد تعلّم درسها : بأن الخطر أحياناً لا يأتي بملامح قاسية… بل بابتسامةٍ ودودة ، وصوتٍ دافئ ، وصداقةٍ مُصطنعةٍ خبيثة !


هناك تعليق واحد:

  1. هذا كان مناماً شاهدته البارحة ! وشعرت من واجبي تحذير الصبايا من هذا النوع من الخطف المُدبّر .. حمانا الله جميعاً من شرور تلك العصابات الخبيثة

    ردحذف

الودّ المسموم

تأليف : امل شانوحة  المقعد الخلفيّ خرجت سعاد من المحاضرة الأخيرة ، وهي تشعر بالمللّ والتعب النفسيّ .. فبعد ثلاثة اشهر على دوامها اليوميّ بال...