تأليف : امل شانوحة
المقعد الخلفيّ
خرجت سعاد من المحاضرة الأخيرة ، وهي تشعر بالمللّ والتعب النفسيّ .. فبعد ثلاثة اشهر على دوامها اليوميّ بالجامعة ، لم تجد من تُصادقها رغم تمتّعها بالذكاء وجمال الشكل والأخلاق !
واثناء نزولها الأدراج ، لاحقتها فتاةٌ تسألها بحماس :
- كيف حالك ؟!!
سعاد باستغراب : بخير !
- بأيّ اختصاصٍ تدرسين ؟
- بالسنة الأولى للأدب العربي
- وانا ايضاً !! ما رأيك لوّ نصبح صديقتيّن ؟
ففرحت سعاد بذلك ، لأنها انطوائية وتجد صعوبة بتكوين الصداقات .. بينما تابعت نجوى الحديث معها بطلاقة ، كأنهما صديقتان منذ سنوات!
- الى اين تذهبين الآن ؟
سعاد : سأعود للمنزل
- ما زال الوقت باكراً ، ما رأيك لوّ نذهب للمول ؟
- أكنتِ ذاهبة الى هناك ، قبل أن تلتقيني ؟
نجوى : نعم ، فأصدقائي ينتظرونني هناك
- اذاً لا اريد التطفّل عليكم
- جميعنا من نفس اختصاصك ، وأكيد رأيتهم من قبل .. هيا لا تفكّري كثيراً ، سنقضي وقتاً ممتعاً معاً
سعاد : اذاً دعيني أخبر والدتي بالأمر
- لا داعي لجعلها تقلق بشأنك .. فأنا سآخذك بسيارتي ، وأعيدك الى بيتك خلال ساعةٍ واحدة
- ماذا لوّ تأخّر اصدقائك ..
نجوى مقاطعة : هم يعرفون أنني لا احب التنزّه اكثر من ساعة .. هيا سأذهب لتقريب سيارتي من بوّابة الجامعة .. إنتظريني هنا !!
^^^
وبعد ذهابها ، وصلت رسالة على جوال سعاد !
وبعد دقائق .. نزلت نجوى من سيارتها ، واقتربت منها معاتبة :
- ناديتك مراراً ! لما لم تركبي السيارة ؟
سعاد : آسفة عليّ الذهاب ، فأمي بحاجة لدواء السكّري .. سألتقي بك في محاضرة الغد ، لتحديد موعدٍ آخر للنزهة
- بل سأوصلك الى الصيدليّة
- لا داعي لذلك ، فهناك واحدة قريبة من منزلي .. القاكِ غداً
^^^
ثم اوقفت سعاد سيارة اجرة التي قادها سائقها عدّة امتار ، قبل انتباهه على قرب نفاذ وقوده !.. فاعتذر منها ، للعودة للمحطّة القريبة من الجامعة لتزوّد بالبنزين ..
وبعد نزول السائق .. لمحت سعاد ، نجوى وهي تتجادل (بجوار سيارتها) مع رجلٍ مشكوك بأمره ! وهي تقول بعصبية :
- لا تصرخ عليّ !! فالمحظوظة هربت اليوم ، لكني حتماً سأوصلها لكم غداً
فشحب وجه سعاد ، وارتجفت أصابعها وهي تلتقط بجوالها صورة لهما مع لوحة السيارة..
وبعد عودة سائق الأجرة ، طلبت منه توصيلها لمركز الشرطة
- هل هناك مشكلة يا آنسة ؟!
فاضّطرت سعاد للكذب :
- لا ، والدي يعمل هناك
^^^
وفي مكتب الضابط .. أخبرته سعاد بشكوكها حول محاولة إختطافها ، وأعطته الصورة ورقم السيارة .. فنصحها بعدم الذهاب للجامعة ، لحين التحقّق من الأمر ..
وبدورها أخفت رعبها عن اهلها ، بادّعائها المرض !
***
بعد أيام .. تلقّت سعاد اتصالاً من الضابط يُخبرها بأن نجوى (إسمها الحقيقيّ ديانا) تنتمي لعصابة الدعارة ! وانها اعترفت بخطفها العديد من الطالبات الفاتنات عن طريق إخفائها رجلاً من العصابة اسفل المقعد الخلفي لسيارتها ، والذي يقوم بتخدير الضحايا ونقلهنّ لقصور الأثرياء !
***
لاحقاً ، تصدّر الخبر عناوين الصحف :
((تفكيك شبكة تستدرج طالبات الجامعات إلى عالم الدعارة ، يقودها رجال سياسة معروفون !))
ولولا دواء الأم ، لأصبحت سعاد ضحيةً اخرى للعصابة الماكرة !
ومن يومها زاد حرصها على نوعيّة الأصدقاء ، دون ثقتها بالغرباء ! بعد تعلّم درسها : بأن الخطر أحياناً لا يأتي بملامح قاسية… بل بابتسامةٍ ودودة ، وصوتٍ دافئ ، وصداقةٍ مُصطنعةٍ خبيثة !

هذا كان مناماً شاهدته البارحة ! وشعرت من واجبي تحذير الصبايا من هذا النوع من الخطف المُدبّر .. حمانا الله جميعاً من شرور تلك العصابات الخبيثة
ردحذف