الاثنين، 13 يناير 2025

الرصاصة الطائشة

فكرة : الأستاذ احمد السيد
كتابة : امل شانوحة 

الطلقات المُميتة


عُيّن رئيس بلديّة جديد (قادم من المدينة) في قريةٍ شعبيّة.. ولم يمضي شهر على تعينه ، حتى عُزم على عرسٍ يقام في الساحة .. وقبل دخول العريسان الى منزلهما ، أطلق رجال القرية طلقاتٍ إحتفاليّة في الهواء .. فأصابت رصاصةٌ طائشة ولداً صغيراً كان يُراقب العرس من إحدى الشرفات ! وانقلب العرس لبكاءٍ وصراخ من اهالي الولد المقتول

***


وفي اليوم التالي .. جمع رئيس البلديّة كبار القرية ، لمناقشة ما حصل ..

فردّ احدهم ببرود :

- هذا يحصل من وقتٍ لآخر .. ففي عرس السنة الماضية ، أُصيب العريس بطلقٍ طائش ..وبصعوبة أنقذه طبيب القريّة من الموت 

رئيس البلديّة بصدمة : تتكلّم وكأن الموضوع عادي !

- لأنه حدثت إصابات في مناسباتٍ أخرى : كعودة احدهم من الحج او نجاح ولدٍ بالدراسة ..او خلال موسم الصيد

رئيس البلديّة بعصبيّة : لن أقبل بهذه المهزلة !! وسأعمل على سحب الأسلحة من جميع سكّان القريّة


فضجّ المجلس باقتراحه الصارم ! 

- لا يحقّ لك ذلك ، فنحن نستخدم السلاح لحراسة بيوتنا وأراضينا .. لا تنسى اننا بقريةٍ ريفيّة ، وقد يهجم علينا ذئب او كلبٌ مسعور او يعترضنا لصوص الحقول .. فالسلاح جزء من تراثنا ورمز رجولتنا ، ولا يمكننا الإستغناء عنه

رئيس البلديّة : سأعيّن شباب لحراستكم ليلاً نهارا

- لا يكفي ذلك 

- سيدي ..ما حصل البارحة ، لا يتكرّر إلاّ نادراً

رئيس البلديّة : وما أدراني انه لا تحدث جرائم خفيّة ، بحجّة الطلقات الطائشة

- ماذا تقصد ؟!

رئيس البلديّة : ربما احدهم لديه تار مع اهل العريسيّن او المعازيم ، فيستغلّ طلقاتكم الإحتفاليّة لقتل غريمه 

فنظر الرجال لبعضهم بارتباك ، قبل ان يقول احدهم :

- حصل ذلك قبل عامين ، وأرسلنا القاتل لسجن المدينة 

رئيس البلديّة بحزم : إذاً لن أغيّر قراري !! وسأسحب السلاح من سكّان القرية ، لمنع هذه الحوادث مجدّداً

- لن يكون الأمر سهلاً 

رئيس البلديّة بإصرار : سأحاول جهدي

^^^


فخرج الرجال من مكتبه وهم يتأفّفون بضيق ، مُعترضاً أحدهم بعصبيّة :

- ما شأن ذاك الغريب بعاداتنا الموّروثة ؟!

- دعوه يحاول ، فلن يُسلّم احد سلاحه لموظّف الدولة

***


وبالفعل ، أنكر معظم الأهالي وجود سلاحٍ في منزلهم ! حتى عندما فتّش موظفوا البلديّة أكواخهم وزرائبهم ، لم يجدوا الأسلحة (التي اتفق السكّان على إخفائها قبل يوم التفتيش)


وعندما علم رئيس البلديّة بالأمر ، قال بحزم :

- اذاً سأغلق محل الأسلحة بالقرية ، وسأمنع إستيراد الذخائر من الخارج !!

فردّ حارسه : لكن سيدي ، كل منزلٍ لديه ذخيرته الخاصة

- مع الوقت ، سيُجبرون على التخلّص من اسلحتهم بأنفسهم

- كيف ؟!

رئيس البلديّة بابتسامةٍ ماكرة : بتطبيق خطّتي الجديدة

***


وفي اليوم التالي .. تجمّع الرجال بالساحة ، لقراءة إعلان رئيس البلديّة (المُعلّق هناك) عن مسابقة لتكريم أفضل صيّادٍ بينهم .. والجائزة الكبرى : بقرةٌ حلوب .. بينما الجوائز الثلاثة التالية : كيس بذور ، وكيس سماد ، وعلفٌ مجانيّ !

^^^


وبالفعل تجمّع الرجال والشباب اعلى التلّ ، لإصابة اكبر عددٍ من القوارير الفارغة .. واستمرّ الحفل منذ الصباح حتى غروب الشمس.. ثم أطلقوا رصاصات الإبتهاج بنهاية المسابقة ، بعد فوز احدهم بالجائزة الكبرى


بعدها إقترحوا على رئيس البلديّة الإستمرار بالمسابقة (وإقامتها مرّة ، بنهاية كل شهر)..فوافق بشرط : منع إطلاق النار بمناسباتٍ أخرى.. 

فاتفقوا فيما بينهم على الإحتفاظ بذخائرهم ليوم المسابقة ، خاصة بعد علمهم بمنعه إستيرادها من الخارج ، وإغلاقه محلّهم الوحيد (بعد انتقال البائع مُتذمّراً للمدينة)

***


ولم تنتهي السنة ، حتى فرغت جميع ذخائرهم ! فاجتمعوا مُعترضين في مكتبه 

- ما نفع اسلحتنا دون رصاصات ؟! 

رئيس البلديّة : انا اشتري اسلحتكم بنصف ثمنها ، او تظلّ في دياركم الى ان تصدأ وتصبح خردة

^^^


في البداية رفضوا تسليم اسلحتهم .. لكن مع إقتراب موسم الحصاد ، إحتاجوا المال لاستئجار شاحنات نقل الفواكه والخضار .. مما أجبرهم على بيعها لرئيس البلديّة الذي ارسل معظمها لمركز الشرطة في المدينة (للإستفادة منها) تاركاً بعضها لموظفيه ، في مهمّة حراسة اهالي القرية 

***


وبعد سحب السلاح منهم ، لم تعدّ حفلاتهم مُرعبة للنساء والأطفال والعجائز الذين كانوا يختبئون في بيوتهم لحين انتهاء الرصاص الإحتفاليّ العشوائيّ .. وبذلك قلّت الطلقات الطائشة ، كما الإصابات الغادرة من الأعداء المُتخفيين بسبب التارات القديمة !

في المقابل ، سمح لهم رئيس البلديّة بإطلاق المُفرقعات بمناسباتهم السعيدة مع اتخاذ الحذر والحيطة ، كيّ لا تفتعل الحرائق بالحقول .. 

وبدوّرهم شكروا رئيسهم الجديد على منحهم الأمن والأمان ، بصبره وذكائه الحكيم   


هناك 8 تعليقات:

  1. قصه اجتماعيه جيده ..ان كانت العبره منها نزع سلاح عصابه من المجرمين او جماعه طاءفيه قوميه متطرفه متعنصره ..
    في الجدل القاءم في الولايات الارعابيه المتطرفه بسبب حوادث القتل الجماعي التي لا تتوقف ..والتي يذهب ضحيتها الاف سنويا ..وعشرات الاف اخری بل مءات الالاف من اصابات منزليه وغيرها ..
    حين اجتمع المشرعون الحكماء ..لم يستطع احد ولا حتی جماعات الضغط ان يجعلهم يغيرون الدستور بتقييد الحق في حمل السلاح
    ...
    حينها اجابهم احد علماء القانون : وما الذي يجعلني اضمن الا تستاءسد الشرطه او الجيش
    يوما ما ..فتوجه السلاح لصدور مواطنينا بدلا من توجيهه لصدور اعداءنا او للمجرمين !?
    ثم زادهم :
    ومن ايضا يضمن الا يسيء الجيش استعماله للسلطه ..فيسطو علی الدوله !?
    ثم زادهم :
    ان وجود السلاح بيد كل مواطن ..هو الضمان الوحيد لحمايۃ نفسه واهله وبيته وممتلكاته
    ...
    وهو الضمان الوحيد لعدم تغول السلطه علی
    الشعب !
    تحيه لكي امل ..ولصاحب الفكره الاستاذ احمد السيد ..

    ردحذف
    الردود
    1. السلاح بيد المواطن سيف ذوّ حدّين ، له منافعه وله اضراره .. ونحن بلبنان نعاني من سقوط قتلى في كل مناسبة بسبب الرصاص الطائش .. لكن الحمد الله يبدو هناك امل مع الرئيس الجديد الذي يصرّ ان يكون السلاح بيد الجيش فقط .. لن تكون مهمّته سهلة ، لكن معظم الشعب يؤيّد قراره .. كان الله في عونه وعوننا

      حذف
    2. عدنان كردستان13 يناير 2025 في 11:56 م

      صح ياعم عاصم ان السلاح يمكن المواطن من الدفاع عن نفسه واهله لكن لازم المواطن يكون على ثقافة وادراك متى يستخدم السلاح.
      فاذا كان وعي المواطن ضعيف فان السلاح سيكون مصدر ضرار له ولاهله

      حذف
    3. عدنان كردستان14 يناير 2025 في 10:46 م

      هل العم عاصم من السودان؟

      حذف
    4. ولدت بمصر ولفظتني.. لكني لم اوءمن بالحدود والاسلاك يوما ..قبحها من اعلام وجنسيات وقوميات ..
      ويجمعنا اذا اختلفت بلاد ..
      بيان غير مختلف ونطق ..
      نصحت ونحن مختلفين دارا..
      ولكن كلنا في الهم شرق ..
      تحياتي يا ابا عدنان ..

      حذف
  2. عدنان كردستان13 يناير 2025 في 11:49 م

    تقريبا قبل 18سنة كان هناك عروس بالقرية وبرصاصة طائشة قتلت طفلة💔
    وبعد هذا الحادث وقع اهالي القرى اتفاقية بعد اطلاق النار في الاعراس
    وبهذا انتهت تلك العادة السيئة

    ردحذف
  3. دخلت موقع كابوس ولكن لم اجد معلقين او في المقهی ..وتصفحه صعب قليلا ..لكن ربما المشكله من عندي ..

    ردحذف
    الردود
    1. تكلّمت مع الأستاذ اياد وأخبرني ان احدهم سرق اسم موقعه ، كما سرقوا مقالاته من قبل ! هو تعب من هذه السرقات ، لهذا لم يعد يهتم للأمر مع الأسف !

      حذف

الأدلة الجرمية

كتابة : امل شانوحة    مستودع الشرطة في مستودع مركز الشرطة بالعاصمة ، رُصّت صناديق بلاستيكيّة فيها ادوات استخدمت بجرائم قتل منذ بداية العام.....