كتابة : امل شانوحة
الإنتقال عبر الزمن
أُصيب مسافرٌ خمسينيّ بنوبة صرع ، امام موظّف جوازات المطار (وكان آخر الركّاب الذين نزلوا من الطائرة) ..
وأثناء محاولة الحارسان تهدئته .. سحب الموظّف حقيبة المسافر المريض ، لختم جوازه .. قائلاً للحارسيّن :
- من الأفضل انهاء اوراقه سريعاً ، لتسليمه لأهله في قاعة الوصول
ليتفاجأ الموظّف بوجود عدّة جوازات للمسافر : بعضها قديم بصورةٍ صفراء اللون ، كأنها أُخذت مع بداية التصوير الفوتغرافي .. وبعضها جوازات حديثة (بتواريخ مستقبليّة من عشرين ، الى خمسين سنةً القادمة) والتي تُشبه الكروت الإلكترونيّة ! جميعها بنفس الإسم ، لكن بتواريخ ميلاد مختلفة !
وقبل إستيعابه الأوراق الرسميّة التي بين يديه ! شاهد المسافر ينهض من الأرض بتعبٍ والارتباك بعد رؤية حقيبته الصغيرة بيد الموظّف..
وبسرعة أخرج جهازاً صغيراً من جيبه (يُشبه القلم الفضيّ) وجّهه على عيون الحارسيّن ، اللذيّن تجمّدا في مكانهما .. وعندما اراد توجيه الشعاع الأحمر (الخارج من القلم) بوجه الموظّف ، تعطّل جهازه فجأة !
فتمّتم المسافر بضيق : لا !! ليس الآن
فرفع الموظف يديه مُستسلماً ، وهو يقول :
- لن اخبر احداً بما حصل ، لكن رجاءً خذني معك
المسافر بدهشة : ماذا تقصد ؟!
- يبدو انك وجدت طريقة للسفر عبر الزمن
- يعني انكشف سرّي ؟!
- سرّك ببئرٍ عميق .. لكن خذني معك ، فحلمي اكتشاف الماضي والمستقبل
- اذاً تعال معي
^^^
ودخلا معاً الى المصعد المُخصّص لموظفي المطار .. وهناك أخرج المسافر جهازه الثاني (يُشبه الآلة الحاسبة) وهو يمسك ذراع الموظّف :
- ستشعر ببعض الدوّار ، لأننا سننتقل سريعاً للمستقبل .. لكن إخبرني اولاً ، أيّ سنة تريد اكتشافها ؟
الموظّف بحماس : 3000 ميلادياً
فطبع المسافر الرقم في آلته الصغيرة .. وسرعان ما اختفيا من المصعد !
***
إستيقظ الموظّف وهو يلبس ملابس قديمة (من صوف الماعز) بجانب المسافر :
- ماذا حصل ؟!
المسافر : نحن الآن في عصر 3000 ميلاديّاً
فنظر الموظّف حوله باستغراب :
- واين المباني الشاهقة والطائرات والسيارات..
مقاطعاً : إختفى كل شيء بهذا الزمن
الموظف بصدمة : كيف هذا ؟!
- بدأ انهيار الحضارة مع إشتداد الحرب العالمية الثالثة النوويّة التي دمّرت شبكات الإتصال والطيران .. كما تلوّثت الأراضي الزراعيّة والمياه الباطنية ، مما ادّى لانقراض ثلث العالم .. والثلث الآخر : إقتتلوا على الطعام والماء
الموظف : تقصد لم يبقى سوى 3 مليارات نسمة ؟!
المسافر : وربما اقل ، لا احد يعلم بعد اختفاء الأوراق الرسميّة : كالجوازات والهويّات والحدود بين الدول ، عقب انشغال الناس بالسفر البرّي لتوفير متطلّبات الحياة
- تبدو حياةً مُملّة !
- وصعبة للغاية .. فأنا انتقلت الى هنا من قبل ، وانصدمت من عودة المقايضة في المبيعات بعد اختفاء العملات الورقيّة ! لذلك قرّرت اكتشاف الماضي فقط
- اذاً خذني للماضي
المسافر : وأيّ عصرٍ تريد ؟
- أي عصر قبل 2000 ميلادياً
- إذاً إمسك ذراعي جيداً
وطبع التاريخ في جهازه ، ليختفيا من المستقبل !
***
ليجدا انفسهما بجانب عشرات المُنقبين عن الذهب
الموظف : اين نحن ؟
المسافر : نحن بسنة 1848 ، حين بدأت حمّى الذهب بكاليفورنيا
الموظف بحماس : هذا جيد !! إن وجدنا الذهب قبل اولئك العمّال .. نعود لحاضرنا ، وبيعها بثمنٍ غالي
- سفري عبر الزمن هو لاكتشاف الحياة القديمة والحديثة ، فأنا دكتور جامعيّ..
مقاطعاً : اكيد قسم تاريخ
المسافر : نعم .. وبذلك اتأكّد من المعلومات المذكورة بالكتب ، قبل تدريسها لطلّابي
- لا تهمّني الحقائق التاريخيّة .. اريد العثور على الذهب ، لتحسين حياتي المستقبليّة
- كما تشاء ، سأذهب للسوق الشعبيّ .. وانت !! حاول إنهاء عملك سريعاً .. فلا يمكننا البقاء في أيّ عصر ، اكثر من نصف يوم
^^^
وافترقا .. ليذهب الأستاذ لمحادثة الناس ، ومعرفة اهم الأحداث في عصرهم ..وتدوينها في كتابه الذي يؤلّفه عن حياة رعاة البقر في اميركا القديمة
في هذه الأثناء ، وجد الموظف قطعة ذهبيّة لامعة بالنهر .. ولغبائه ، أطلق ضحكة مجلّجلة ، لفتتّ انظار المُنقبين اليه .. ولأنه اسمر اللون .. هجموا عليه لسرقتها ، مُتهمينه بالتدخّل بأعمالهم .. وقيّدوا يديه وقدميه بالحبال ، ونقلوه لقاعة المحاكمة .. فصرخ مُطالباً باحضار الرجل الغريب عن منطقتهم
وعندما قدم المسافر ، طلب محادثته على انفراد
الموظف بقلق : رجاءً أخرج جهازك ، للعودة الى حاضرنا .. فقد رضيت بعملي كموظف جوازات مطار براتبٍ بسيط ، بدل ان يشنقوني هنا
المسافر : ستكون محظوظاً ان شنقوك .. فأنت عبد بالنسبة لهم ، وتعدّيت حدودك بلمس ذهبهم
- هل سيجلدونني ؟!
- وربما يقطعون يديك للمس ممتلكاتهم ، لتكون عبرة للجميع
الموظف بخوغ : ارجوك أعدني للمطار !!
- نبّهتك سابقاً بأن لا تأخذ شيئاً من العوالم التي نذهب اليها
- لم استطع التغاضي عن قطعة الذهب التي لمعت بوضوح اسفل النهر ، رجاءً أنقذني !!
وهنا صرخ الشرطي :
- إنتهت المهلة !! هيا ابتعد ايها الرجل عن العبد ، لبدء محاكمته
فأمسك الموظف بذراع المسافر ، بخوفٍ شديد :
- ارجوك لا تتركني هنا ، أخرجني من هذه الورطة !!
المسافر : سامحني .. فعودتك للحاضر ، خطراً عليّ .. فربما تفضح سرّي الذي لا يعرفه حتى المقرّبين مني
- احلف انني لن أُخبر احداً !!
- اعتذر منك ، فأنت خالفت قوانين اللعبة
وخرج المسافر من القاعة ، قبل ساعة من إصدار الحكم على الموظف : بتشديد العبوديّة عليه كسارق ، وذلك بتأديّته الأعمال الشاقّة مدى الحياة !
^^^
بينما اختفى المسافر من تلك الحقبة الزمنيّة ، عائداً للمطار للقاء عائلته التي لا تعلم شيئاً عن مغامراته الزمانيّة المحفوفة بالمخاطر !
قرأت البارحة تعليق بالفيسبوك : ماذا لوّ كنت شرطياً ووجدت بطاقات لرجل يعود أحدها لمئة سنة الماضية والأخرى لمئة سنة القادمة ، وهي غير مزورة ؟
ردحذففخطرت ببالي هذه القصة ، اتمنى ان تعجبكم
لكنت رغبت بالعوده الی ماقبل الثورۃ الصناعيه او زمن الجاهليه حيث كان الادب شعرا ونثرا يجري كالماء ويفهم نكاته بل وسكناته ..
ردحذفولكن اعتقد لو عدت قبل 15000 سنه لكان اسلم ..حيث لم يكن الكاءن البشري قد وجد بعد ..ذاك المخلوق المسمی انسان ..
اما انا ، فكنت تمنيّت العيش بزمن السبعينات (لكن بعمري الحاليّ) ..لكنت بعت قصصي حتماً .. لأن السبعينات كان عصر التلفاز والسينما والقصص المصوّرة والجرائد .. لكن الحقيقة : انه كان زمن الأفلام الهابطة السخيفة .. لوّ انتقلت لذلك الزمن ، كنت سأحاول جاهدة رفع مستوى مواضيع الأفلام ، وجعلها هادفة ومؤثرة للأجيال القادمة
حذفاوافقك الراي افلام السبعينات كانت هابطة وتستخف بالعقول رغم ان المجتمع كان على الفطرة
حذفبصراحة لو حدى يعيش بزمن مستقبل ياترى كيف سيكون الناس اعتقد ليسا بدون انسانية بل بسالب الانسانية
ردحذفبرأي نحن نعيش اجمل العصور من الناحية التكنولوجية والتي ستنتهي بالعصر الذي يلينا ، فجميع الأديان تؤكد ان الحرب الكبرى ستكون بالخيول والسيوف والله اعلم !
حذفاوفقك الراي ستنتهي التكنلوجيا كما بالمستقبل كما انتهت اليوم الانسانية
حذف