الثلاثاء، 19 نوفمبر 2024

المنطقة المستهدفة

تأليف : امل شانوحة 

التفجير العشوائي


في ذلك العصر ، قرّر حسين النوم بعد عودته من العمل .. واستيقظ بعد ساعة على رنين جوّاله .. ليجد إعلاناً من اسرائيل على إستهداف محيط عمارته ، لاشتباههم بوجود صواريخ للمقاومة قريبة منها !


فنهض من فراشه مُرتعباً ، وهو يدرك انه لا يملك وقتاً كافياً لأخذ ما يريد ! فاكتفى بحقيبة ظهرٍ وضع فيها : اوراقه الرسميّة وشهاداته ، وبعض العملات النقديّة ، وصورة والديّه المتوفيّن..


ثم اسرع للشرفة ، مُحرّراً جميع عصافيره التي رعاها منذ صغرها.. 

ثم ودّع أسماكه بحوضه الكبير في الصالة ، بعينين دامعتيّن :

- اعتذر منكم ، لا يمكنني إنقاذكم


ثم حمل قطّته النائمة ..وأسرع بنزول الأدراج ، خوفاً من تعطّل كهرباء المصعد .. ليجد سيارته الوحيدة في الموقف ، التي قادها مُبتعداً عن مكان الإستهداف 

***


والغريب لم يكن هناك زحام في الشارع ، فقد وصل سريعاً للجسر المُطلّ على المجمّع السكني الذي فيه مبناه القديم ! 

ووقف قرب السّور وهو يحمل قطته ، مُراقباً عمارته من بعيد بحزنٍ وقهر 


وبعد دقائق.. دوّى انفجارٌ ضخم ، مُحدثاً اهتزازاً عنيفاً تسبّب بانهيار ثلاثة مباني من المجمّع السكني ، بما فيها عمارته .. ومع الركام المُتناثر ، مرّ شريط حياته امام عينيه .. ففي تلك العمارة القديمة عاش طفولته وشبابه ، وفيها توفيّ والديّه اللذيّن تركا الشقة إرثاً له .. وهاهي تختفي مع كل ذكرياته واحلامه ومستقبله !


ثم نظر لقطته التي راقبت الحدث معه بصمت ، بعد ان أخافها صوت الإنفجار الضخم !

حسين بحزن : تُرى هل تمكّنت من إنقاذ عصافيري ؟ فقلبهم الرقيق لن يتحمّل الإنفجار الضخم ، اليس كذلك يا بوسي ؟


وإذّ بأحد طيوره الزرقاء يقف على كتفه !

حسين باستغراب : يا الهي ! فرفور ، أهذا انت ؟!

فحاول العصفور التغريد ، رغم انفاسه المُتسارعة من الحادثة المرعبة !  

فأخذ يمسح ريشه بحنان ، لتهدئة روعه..

- اعلم ان الصاروخ ارعبك كثيراً ، لكني سعيد بنجاتك انت وبوسي 

وأخذهما الى سيارته الذي تساءل داخلها : 

- لا ادري الى اين اذهب ! فمعظم اقاربي هاجروا للعراق وإفريقيا.. (ثم ادار المحرّك).. حسناً لأبحث عن ملجأ ، قبل حلول المساء 

***


وفي طريقه لأحد المدارس التي فتحوها للنازحين ، شعر بنعاسٍ شديد مع غروب الشمس ! 

- يبدو انني مازلت مُتعباً ! سأغفو قليلاً ، قبل إكمال بحثي عن مكانٍ يأويني 


ثم نظر لبوسي :

- اعرف انك جائعة ، لكن حاولي ان لا تأكلي فرفور.. فغداً أوفّر لكما الطعام او أُطلق سراحكما ، والله يتكفّل بمصيركما ! 

ثم مسح رأس قطته التي استلقت في حضنه :  

- قبل شهور أنقذتك من قطٍّ شرس ، وأسكنتك بيتي .. والآن اعيش معك في الشارع .. يالها من حياةٍ بائسة ! 

ثم أرجع مقعده للخلف ، ونام مهموماً !

***


ليستيقظ في كهفٍ مُعتم ، امام شعلة النار !

حسين بصدمة : اين انا ؟!


وإذّ بصبيّةٍ جميلة تتوجّه نحوه ، وهي تحمل صينيّة مليئة باللحم والفواكه .. يرافقها صبيّ صغير يحمل ابريق الماء ! وهي تقول بابتسامة :

- لا تخفّ ، انت بأمان في بيتي

حسين بقلق : هل هذا حلم ؟!

- لا .. انا بوسي ، وهذا فرفور.. (وأشارت للصبيّ) 

حسين بخوف : لا افهم شيئاً !

- كنت جنّية فضوليّة ، اردّت اكتشاف عالمكم .. فخرجت بهيئة قطّة .. ولم امشي بضعة خطوات ، حتى تفاجأت بقطٍّ شرس لاحقني من شارعٍ لآخر ! لولا إنقاذك لي ، وأخذي الى منزلك الجميل .. والآن أردّ لك الديّن  

- تقصدين انني في عالم الجن ؟!

بوسي : نعم ، وتحديداً تحت عمارتك المُهدّمة


حسين بارتباك : قصتك صعبة التصديق !.. ماذا عنه ؟  

وأشار الى الصبيّ الذي اجابه : 

- انا ايضاً جني ، من عمّار البيت.. سكنت مع اهلي في زوايا منزلكم ، منذ ان اشتراه والدك قبل زواجه .. وكبرت معك .. لكني ملّلت البقاء في سقف منزلكم ، لهذا تجسّدت احد طيورك الجميلة 

حسين : الآن فهمت لما عصافيري تموت خلال شهرين ، ما عداك ! فأنت معي منذ سنتيّن تقريباً ! 

فرفور : سنتيّن وثلاثة اشهر .. لهذا انا الوحيد الذي نجوّت من الإنفجار ، بعد موت اهلي وأقاربي المتواجدين بشقق العمارات الثلاثة المُهدّمة

بوسي : ليت الأمر توقف عند هذا الحدّ .. فالعديد من العمّار (قبيلة من الجنّ) ماتوا في هذه الحرب العبثيّة ، لسرعة إنهيار المباني قبل هربهم منها ! لكن ارواحهم عادت الى هنا .. يمكنك النظر بنفسك


فخرج حسين من الكهف ، ليجد اسفل منه وادٍ سحيق مليء بالنسور! 

بوسي : ألقيت تعويذة اثناء نومك لتراهم بهيئة طير ، فأنت لن تتحمّل شكل الجن المرعب .. حتى انا سأظلّ صبيةً فاتنة ، الى ان تتعوّد على حياتنا

حسين بقلق : ولما صوت النسور عالي ، كأنها تنوي على الشرّ ؟! 

فرفور : همّ يخطّطون للإنتقام من العدوّ الذي دمّر منازلهم في عالم البشر 

حسين بتهكّم : وهل ستتمكّن الجن من محاربة اسرائيل بصورايخها المُدمّرة؟!

بوسي : لا تستهين بقوتنا .. (ثم قرّبت الصينيّة منه).. كلّ طعامك !! فأنت ستبقى في ضيافتي ، لحين تنفيذ إنتقامنا بالعدوّ .. حينها تقرّر مصيرك

***


واعتكف حسين في الكهف ، خوفاً من الجن المتواجدين في الوادي المظلم اسفل منه! 

الى أن اتى يوم ، قدمت فيه بوسي وهي تحمل مذياعاً قديماً :

- حسين استيقظ !! 

- ماذا هناك ؟! 

- إسمع الخبر بنفسك .. لقد انتقمنا لكم ، بدل الدول العربيّة التي تنام في سباتٍ عميق


فسمع الخبر بالمذياع : عن خسفٍ كبير حصل تحت مدرّج الطيران العسكري الإسرائيلي ، ادّى لاختفاء عشرات الطيّارات والمسيّرات غالية الثمن .. وفي المقابل لم يُرجّح الكيان الصهيوني ان يكون بفعلٍ ارهابيّ ، بسبب الخسف الذي يمتدّ لكيلومتريّن اسفل الأرض !


حسين بارتياح : أهذا يعني انتهاء الحرب على لبنان ؟!

بوسي : وعلى الدول المجاورة ، فهم يحتاجون وقتاً طويلاً لتعويض خسائرهم الماديّة ..

- إذاً أعيديني الى فوق ، فقد اشتقت لنور الشمس

- يمكنك العودة كقطّ او طير فقط

حسين بقلق : لم افهم قصدك !

بوسي : هل تظن نفسك حيّاً لترانا ؟

- ماذا تعنين ؟!

- بسبب نومك تلك الليلة ، كنت آخر من تلقّى إنذار التفجير بعد هروب جميع جيرانك.. ألم تلاحظ هدوء المبنى اثناء نزولك الأدراج ، عدا عن الموقف الخالي من سياراتهم ؟ 

حسين بقلق : وضّحي أكثر !

بوسي : بسبب تأخّرك بالهرب ، لم تتمكّن الخروج من المبنى الذي انهار فوقك .. لكني استطعت نقل روحك بمساعدة فرفور الى هنا ، قبل صعودها للسماء مع الضحايا الذين توفّوا ذلك العصر ! 


حسين بخوف : يعني انا الآن حيّ ام ميت ؟! 

- الموت عادةً يتأخّر في عالمنا .. فلوّ قرّرت البقاء هنا ، ستعيش قرن او قرنين ، وربما اكثر .. وإن أصرّيت على العودة لعالمك ، فهذا سيتوقف على عمرك كقطّ او طير ! 

حسين : بالتأكيد لن ابقى في هذه العتمة للأبد ، اكاد اموت من الملّل داخل الكهف 

- عالمنا كبيرٌ جداً ، ويمتدّ آلاف الكيلومترات اسفل عالمكم .. فإن وافقت على البقاء هنا .. سأهديك عينيّ القطط ، لترى في الظلام دون الحاجة لشعلات النار .. كما سأطلب من فرفور إهدائك جناحيّن ، لتطير كما تشاء داخل عالمنا .. وبذلك تتمكّن من استكشاف الأنفاق البشريّة والأخاديد الحجريّة ، كما سراديب المقاومين 

- وهل استطيع مساعدتهم في الحرب ؟ 

- لا طبعاً ، فأنت روحٌ خفيّة .. 


مقاطعاً : تقصدين شبح ؟ 

- بالتأكيد لن تصبح جنّياً ، فنحن في بُعدٍ كونيّ مختلف عن البشر 

حسين بحزم : اذاً أقرّر العودة الى بلدي كقطّ شوارع !! 

- كما تشاء .. لكني لن اجازف بخسارتك تحت وطأة الصواريخ ، لهذا ستصعد فور هدوء الوضع .. (ثم سكتت قليلاً).. رغم إحتماليّة ان تعاني بلادك من أزمةٍ اقتصاديّة بعد انتهاء الحرب ، حينها سيكون صعباً إيجاد من يتكفّل بك ويرعاك .. 

حسين مقاطعاً : انا مصرّ على قراري !!

- حسناً اهدأ ، ستتحرّر قريباً .. الى ذلك الحين ، يمكنك اكتشاف عالمنا منذ هذه اللحظة 


وألقت تعويذة عليه .. جعلته يمتلك عيوناً خارقة وجناحيّن ، حلّق بهما بحريّة اسفل بلدٍ لم يعرف الحرّية مُطلقا !


هناك 8 تعليقات:

  1. صوبتي و سددتي فطعنتي واوجعتي ..قصه مليءه بالسواد الاسود ..مابرحتي دحسا في الجراح ..وهرق القراح ..
    من تلك الدوله ?
    لانني اعلم ان كلهم مستعبدون ..فكل جيوشنا تحارب مع اليهود ضد اخواننا او تمدهم بالغذاء والدواء والذخيره المجانيه او تمدهم بالمعلومات ..كما فعل المجرم الحاءز علی نوفل ..وكل الخنازير الاخری ..
    بقصتك فكره لو تم تنفيذها لانتهی ذلك السرطان ..
    وهي كما ذكرتي بحفر انفاق بطول البلاد وعرضها حتی تصير دويلتهم كلها منخوره من الاسفل تماما كما يفعلون اسفل المسجد الاقصی بقصد انهيار الارض من تحته ثم انهياره كنتيجه حتميه ..

    ردحذف
  2. عدنان كردستان19 نوفمبر 2024 في 1:11 م

    نعم أن الجن سوف يسخرها الله بالدفاع عن مسلمين غزة ولبنان فعرش الرحمن يهتز من هون الجرائم الصهيونية.
    الله سلط حكام دول عربية من اليهود لان الله كره جهاد الدول العربية فهو العدل جعل الدول العربية تختار طريقها بمؤالة اليهود ودعم الصهيونية بجسر بري من دبي والسعودية والاردن لدخول السلاح لاخوانهم الصهيونية ليحشرهم الله يوم القيامة مع اخوانهم الصهيونية.

    التوحيد ليسا كتابة لا أله إلا الله على علم ، بل توحيد المصير مع المسلمين ، نوحد مصيرنا مع مصير مسلمين غزة ولبنان، هذا هو كلمة التوحيد في الاسلام

    ردحذف
    الردود
    1. استاذه امل هل تسمحين بالاتهام الباطل الصريح لدبي والسعودية والاردن بمدونتك بهذا الشكل؟

      حذف
    2. اظننا جميعنا بالغين ، وكل شخص مسؤول عن كلامه .. فأنا حقاً لا وقت لديّ للردّ على جميع التعليقات ، لهذا انشرها كما هي .. اما عن نفسي ، فلا دخل لي بالسياسة .. برأيّ الجميع العاب شطرنج ، وكلهم كومبارس في مسرحيّة مكتوبة سلفاً ، لهذا لا لوم على احد .. فقط نتمنى ان يتكفّلنا الله بلطفه

      حذف
    3. وأقصد بالجميع : كل الدول ، سواء حكّام عرب او اجانب ..لهذا لا داعي لهذه الحساسيّة .. لكن في نفس الوقت : اتمنى من القرّاء الأعزّاء ان لا يتطرّقوا للسياسة في مدونتي ، لأني لا اريد مشاكل مع احد.. هي مدونة مسالمة ، واتمنى بقائها على هذا النحو .. تحياتي للجميع من كل الدول العربية الشقيقة

      حذف
    4. عدنان كردستان21 نوفمبر 2024 في 10:39 م

      ليسا اتهام بل حقيقة تجدها بكل القنوات الاخبارية المسموعة والمرية والمقروأة

      حذف
  3. عدنان كردستان19 نوفمبر 2024 في 1:11 م

    ( لقد انتقمنا لكم ، بدل الدول العربيّة التي تنام في سباتٍ عميق)
    انها اليمن التي ايدهم الله بجن سليمان وتقنية صدام حسين بالتصنيع العسكري منذوا حرب الخليج للدفاع عن مسلمين غزة ولبنان.
    اليمن منذوا 2015 يعاني من عدوان وحصار الدول العربية(وكلاء اليهود وامريكا) وبفضل الله استمر اليمن ليقف اليوم وحيد بالدفاع عن مسلمين غزة ولبنان رغم ظروفهم الصعبه.
    رحمه الله على الرئيس صدام حسين الذي اسس التصنيع العسكري باليمن

    ردحذف
  4. عدنان كردستان اليمن22 نوفمبر 2024 في 7:42 ص

    ⛑ نصيحه علاج الربو⛑

    هذه الوصفة وهي بأذن الله تشفي تماما من الأزمات النفسية أو في بعض البلدان يقولون الربو الوصفة : أخذ عدد ( 6 ) حبات من القرنفل
    ( المسمار ) العويدي وثم نزع الرأس الدائري أعلى كل حبة والاحتفاظ بالجزء السفلي
    (مهم جداً) ينقع الجزء السفلي من القرنفل في ماء عادي بكاس
    ( نص كاس ) ليلاً يشرب منقوع القرنفل فقط على الريق عند الاستيقاظ من النوم تكرر هذه العملية لمده ( 15 ) يوماً ( مهم جداً)
    لا أقول أنه يقل من الربو بل أنه بأذن الله ينتهي تماماً من المرض.. أرجو أن تفرجوا بها على كل الناس الذي يعانون من هذا المرض..
    وإن لم تكن تعاني من الربو..
    فأرسلها لغيرك لعل الله يكتب شفاؤه على يديك ..فالدال على الخير كفاعله...

    ردحذف

العرش اللاصق

تأليف : امل شانوحة  يوم الحساب إتصل بيدٍ مرتجفة بعد سماعه تكبيرات الثوّار في محيط قصره : ((الو سيدي .. لقد انتهى امري .. جنودي الجبناء هربوا...