الجمعة، 23 أغسطس 2024

حرقة قلب

تأليف : الأستاذ ساهر
تنسيق : امل شانوحة 

الرابط الأقوى !


في إحدى القريتيّن المتواجدتيّن في جبلٍ بإفغانستان .. ((نشأ إحسان وحيد ابويّه ، بجوار عائلة مكوّنة من أبويّن وثلاثة أخوات : من بينهنّ فتاة إسمها ياسمينا وهي الوسطىٰ ، وتعتبر أجمل بنات القرية.. بينما إحسان يكبُرها ببضعة شهور  


وقد اعتادا اللعب مع أطفال القرية وسط الحارة بكل براءة ، وهم يردّدان أهازيج الطفولة ..

وكانت الأسرتيّن تربطهما علاقة وطيدة .. والطفلان إحسان وياسمينا كثيرا القرب من بعضهما ، وكل أهالي القرية تشهد بذلك .. حيث ذهبا معاً الى المدرسة الإبتدائيّة المختلطة ، وإحسان وياسمينا يداً بيد وهو يحمل حقيبتها المدرسيّة.. 

^^^


وفي إحدى المرّات وبوقت الإنصراف .. سأله الأستاذ : من هذه يا إحسان؟

فأجابه ببراءة : هي أُختي 


فضحك عليه اصدقائه لمعرفتهم بمحبة ياسمينا له ، والتي اعتادت الإحتماء به كلما شعرت بالخوف او الحزن .. ولأنها معروفة بشقاوتها مع الصبيّة ، فقد تكفّل إحسان بحمايتها منهم .. مما جعل إخوتها يغرنّ منها لعدم تجاوبه معهن كما يفعل معها ، وتنفيذه لكل طلباتها دون مماطلة 

^^^


إلى أن وصلا للمرحلة الثانويّة ، ومشاعرهما لم تتغيّر بل زادت قوّةً وصلابة.. حيث رفض إحسان الأكل الا من حلويات ياسمينا التي برعت بإعدادها .. 

فأرادت الأسرتان خطبة إحسان وياسمينا ، لتكتمل الفرحة التي طالت إنتظارها ..فكانت الصدمة بجواب إحسان لوالديّه : 

- لكن شعوري نحو ياسمينا بأنها أختي الصغيرة فحسب !

فظن والداه انه خجولٌ منها ، وأنها مسألة وقت حتى يتجاوز تلك المرحلة


بينما حزنت ياسمينا من بروده المفاجئ اتجاهها ، ظانّة بعشقه لغيرها ! بالرغم أن مشاعر إحسان نحوها لم تتغيّر ، فهو يحبها منذ الطفولة .. لكن ليس كما تظن هي وأهلهما ! 

***


مرّت السنوات ، وكبر الشابان .. وإحسان مازال مُتحفّظاً اتجاه ياسمينا التي مازال يعتبرها كأخته .. بينما هي تفيض شوقاً له ، وترفض الزواج بغيره 


فظنّت القرية إن رفضه الزواج بها هو بفعل سحرٍ او حسد .. وانتشرت إشاعة بحبه لفتاةٍ اخرى ، او كونه شاباً لعوباً او يعاني من مشكلةٍ نفسيّة ..وصولاً بأنه شخصٌ مخادع تلاعب بمشاعر ياسمينا التي احتارت بين عقلها وقلبها !

^^^


الى أن جاء يوم فقدت فيه اعصابها بعد إخباره بتقدّم عريسٍ لها ، فشجّعها على القبول به ! وصارت تضربه وتخدشه ، وهو يحاول تهدأتها بأنها غالية على قلبه وحزنها يقهره ! فحاولت تذكيره بطفولتهما وذكريات الماضي ، ليحنّ قلبه لها .. 


فقال لها بحنان : 

- الزوجة تُقيّم بالمهر والذهب ، وإن افترقت عنها بالطلاق او الخصام يكون لديّ بديل ، فالدنيا مليئة بالنساء .. لكن أنتِ بمنزلة الأخت التي لا تعوّض ولا تُقدّر بثمن ، ولن يأخذ أحد مكانتك في قلبي 


ثم قبّل رأسها وهو يحاول إقناعها بأن الإنسان لا يختار أحاسيسه ، وأن شعوره نحوها هي مشاعر الأخ لأخته الصغرى 

فتسمّرت نظرات ياسمينا متوهّجة في عين إحسان لفترةٍ طويلة ، حتى ذرفت الدموع دون نطقها بكلمةٍ واحدة))

***


ظلّ الوضع متوقفاً بينهما ، الى أن أُقيم حفلٌ شعبيّ يُقام كل عشر سنوات لجمع العشّاق الشباب وتزويجهم على يد الشيخ الوحيد بالقرية ، بحضور الأهالي 


وفي منتصف الحفل ، قدمت سيدة (معروفة بانعزالها عن الجميع ، والبعض يصفها بالمجنونة) لتخبرهم بشيءٍ صادم !

مُعلنةً بصوتٍ جهوريّ : 

- لن يتزوّج احدٌ منكم ، لأنكم جميعاً إخوة بالرضاعة !!

فسألها احد الأباء بعصبية : هل عيشك وحدك أفقدك صوابك يا امرأة؟!

السيدة : لا أظن الجميع يعرف قصتي .. فأنا بصبايّ أحببت شاباً من القرية المجاورة ، قبل النزاع الكبير الذي حصل بين رئيس قريتنا وقريتهم ، واللذان آمرا بقطع الطرق بيننا بالأسلاك الشائكة .. وبذلك حرموني من حبيبي ! وبعدها زوّجني اهلي من رجلٍ جلِف ، طلّقني وسافر للخارج بعد موت طفلنا قبل سنوات .. ولأني عُرفت بحليبي الغزير ، قمت بتجميعه وتثليجه .. ثم وزّعته كمثلّجات على كل اولادكم من عمر السنتيّن حتى 12 سنة .. واستمرّيت في ذلك على مدى ايام ، لهذا جميعهم إخوة !!


فسأل الأهالي الشيخ بقلق : 

- اليس المفترض ان تكون الرضاعة طبيعيّة ، وان تكون بعددٍ مُشبع؟ 

الشيخ بارتباك : أظن في الأمر شُبهة ! والأفضل ان لا يتم الزواج بينهم 

فقال احد الأباء المتديّنين : انا لن أُزوّج ابني من بنات القرية ، لخوفي الوقوع بالحرام

السيدة : وهذا هدفي !! لأنكم مُجبرون الآن على إزالة الحواجز بيننا وبين القرية المجاورة .. فنحن وهم الوحيدين القاطنين هذا الجبل .. فإما ان ينقرض نسلكم ، كما حصل معي .. او تمشوا مسافة اميال ، لتزوّجوا اولادكم من القرى الأخرى .. القرار لكم !!


وتركتهم عائدة الى منزلها برأس الجبل ، تاركةً الأهالي حائرين من سبب قيامها بتلك الحيلة الخبيثة : هل رغبةً منها لإنهاء الخلاف بين القريتيّن الذي دام لسنوات ، ام هو إنتقام لحرمانها من حبيبها ؟! بجميع الأحوال نجحت في تدمير قلوب العاشقين المُرهفة ! 


((وفي خضمّ الهرج والمرج الذي حصل بالحفل ، أخذ إحسان ياسمينا جانباً ليقول لها:

- ارأيتي لما رفضّت خطبتك ؟ الآن بتنا إخوة بالفعل .. وسأكون سندك طوال حياتي ، يا اختي الصغرى)) 


لتعود ياسمينا حزينة الى بيت اهلها ، كبقيّة العشرين شاباً من اهل قريتها الذين ناموا تلك الليلة غارقين بدموعهم بعد ان كسرت المرأة المجنونة قلوبهم للأبد !


هناك 14 تعليقًا:

  1. ملاحظة :
    النص بين القوسيّن باللون الأحمر هو من كتابة الأستاذ ساهر..انا فقط أضفت قصة المرأة المجنونة ، لجعل القصة أكثر دراميّة
    اتمنى ان يعجب تنسيقي الأستاذ ساهر ، ويعجب القرّاء .. تحياتي لكم

    ردحذف
    الردود
    1. ✍️ ساهر...
      السلام عليكم..
      الف شكر وتقدير للكاتبة المبدعة
      الأستاذة أمل، والله إنك كفيتي ووفيتي و أبدعتي، إضافة رائعة
      ومتناسقة، حتى الأسماء اللتي أضفتيها مناسبة للقصة، وتكملة القصة جميلة بدون مجاملة،

      يحصل أحياناً صراع بين الإنسان ومشاعره قد يقول لك العقل شيئاً ولكن للمشاعر رأي آخر ويبقى المرء في تقلبات هل يصدق عقلة أم مشاعره ولكن غالباً ما تتغلب
      المشاعر على العقل ولو بعد فترة من السنين، فأحياناً قد يستعين الإنسان بمشاعره ليتجاوز العثرات والعقبات، إستخدم عقلك ولكن لا تتجاهلوا الرسائل اللتي تصلكم من داخل مشاعركم،

      شكراً للأستاذة أمل،
      تحياتي/ ساهر ،،

      حذف
    2. استاذ ساهر .. كنت كتبت انها فكرتك وكتابتي .. لكن القصة بالحقيقة تأليفك وتنسيقي .. والآن انتبهت ، وأصلحت الخطأ
      سعيدة ان تنسيقي لقصتك ، اعجبتك

      حذف
    3. ✍️ ساهر...
      أهلاً وسهلاً مجدداً بالكاتبة الأستاذة أمل،
      أحياناً يبحث الإنسان عن شيئ فقدة أكان مفاتيح أو نظارة يبحث ويفتش هنا وهناك وفجأة يكتشف أن مافقده ممسكاً به في يده سهواً دون أن يشعر، حتى في صلواتنا نسهوا "جَلَّ من لا يسهوا"

      نعم أنا كاتب نصف القصة، والتكملة والتنسيق بقلمك،
      لو كنتي إنتظرتي لكنت ذكرتك ولكن ماشاء الله عليكِ سَبَّاقه فهمتبها وهي طايره، يبدوا أنكِ قارئة ممتازة مابين السطور تـقرئِين الأفكار،

      هذه أول قصة أكتبها بالرغم أن هذا ليس إختصاصي، وإذا أراد الله متى ماوجدت فكرة جديدة في مضمونها سأكتب،

      ابداعك باأمل أكثر من رائع وهذا سر النجاح، قصصك قد وصل صداها عنان السماء والنجوم تشهد لكِ،

      تحياتي/ ساهر ،،،





      حذف
    4. كان سهواً غير مقصوداً .. في انتظار قصصك القادمة .. وشكراً على مدحك الراقي .. تحياتي لك ، استاذ ساهر

      حذف
  2. اواااااااع 😭 ..اغلاظ القلوب انتم ..لقد تقطع كبدي علي الصبيه جاسمينا والاخ احزان .. فلذات فلذات .. كل فلذه بحجم السكره ..ايها الفاعلووون ..
    قصه حزينه ورقيقه اخ ساهر ..
    احسنت او لنقل احزنت ..
    وخاتمتك امل مفاجءه وتزيدنا من النحس قرضا

    ..ولكن اليست الفتاه في الصوره بلا وجه ..
    ولها 3 ارجل 😟 واحزان ايضا بلا عيون ..
    ولكن ملابسهم متشابهه ونفس اللون..
    والارض اسفل منهم ..جدباء قاحله مشققه كحياتنا تقريبا ..او تبعيدا ..
    ولكن جيد انك وضعتي لهم قلبا ولو كان مشتعلا .. بعد حرقۃ القلب هذه..
    انا شخصيا احب القلب محمرا مع الكلاوي والكبده والطحال ..
    الحمد لله شبعت 😍

    ردحذف
    الردود
    1. تلومني على النكد ، استاذ عاصم .. وقصتك السابقة كانت عن الإنتحار ! كلانا متشائميّن ، ماذا نفعل ان كانت هذه الحياة التي عشناها ؟!

      حذف
    2. ✍️ ساهر ...
      أهلين عاصم، إذا كانت القصة أحزنتكَ فأخوك ساهر عيونه قطرت كم دمعة😂
      والبركة في أستاذتنا أمل أبكتني
      وخلت عيوني تصب الدموع صبيب😭
      وشرخت قلوبنا كلنا💔 هههه

      بس والله العظيم ياعاصم، جميع قصص الأستاذة أمل تلامس القلوب وتخاطب العقول بمعنى أنها تكتب وتنقل من أرض الواقع إلى جميع الأعمار للذكور والإناث،
      بالنسبة لي وبكل صراحة أفرأ قصصها وكأني اشاهدها على فيديوا صوت وصورة،

      يسعد حياتك أخوي عاصم،
      تحياتي/ ساهر ،،،


      حذف
  3. حرام عليكي امل سببتيلي صدمه نفسيه😂😭 ليش هيك ..
    بغض النظر عن أني عمري ما سمعت عن حليب بهالغزاره لدرجة جمدته وباعته كـ ايس كريم 😂 لكن القصه حلوه
    اعتقد انو الاخوه بالرضاعه بيكونوا اخوه اذا تم ارضاعهم قبل السنتين وليس بعدها ..
    لان جسد الطفل قبل السنتين بيتكون من حليب الام او المرضعه .. لكن بعد السنتين هو راح يشرب و ياكل وراح تكون جسده غير اشياء ... عموماً مش متأكده .. لكن على الاغلب ...

    ردحذف
    الردود
    1. صحيح ، الرضاعة يكون قبل الفطام ..
      قصة الأستاذ ساهر واقعيّة .. اما إضافتي على القصة ، فخيالية بعض الشيء ..
      لكن لنقلّ أن المرأة المجنونة نجحت في وضع الشكّ في قلوب الرفيين البسطاء ، بتصرّفها الأناني اللئيم !

      حذف
    2. ✍️ ساهر...
      هلا والله أخت نايا، عساكِ بخير عالقوة يارب، الكاتبة المبدعة أمل وإن كتبت شيئ من الخيال فهي حريصة أن ترسم الابتسامة فأضافت من الفكاهة🙂
      من يعلم..
      قصص أمل نتمنىٰ يوماً ما ترتقي علوها إلى مافوق النجوم هناك بين الكواكب والمجرات ههه💫
      أهم شي إن القصة أعجبتكِ ونالت رضالكم وهذا هو الهدف،

      يعطيكِ ألف ألف عافية أخت نايا
      على وجودك لاحرمنا الله منكم ،

      تحياتي/ ساهر ،،،

      حذف
    3. طبعاً اعجبتني عاشت ايدك وايد اموله 🙂....
      والله لا يحرمنا من وجودك انت كمان ومن تعليقاتك الحلوه ..

      حذف
    4. ✍️ ساهر...
      الأخت بإختصار:
      لو أملك تاج مرصع بالذهب والفضة وسألوني لمين يكون
      من بين كل العالم...!
      أقول مايستاهلة غير وحده بنت
      في الدنيا (الأخت ثم الأخت ثم الأخت)
      لمن يريد أن يعرف قدر الأخت..



      حذف
    5. فعلاً لا رابط اقوى وأسمى من رابط الإخوة

      حذف

العرش اللاصق

تأليف : امل شانوحة  يوم الحساب إتصل بيدٍ مرتجفة بعد سماعه تكبيرات الثوّار في محيط قصره : ((الو سيدي .. لقد انتهى امري .. جنودي الجبناء هربوا...