الجمعة، 26 مايو 2023

الرسالة المخيفة

تأليف : امل شانوحة 

 

السكّان الجددّ


بعد اسبوع على إنتقالهم للقرية الهادئة وترتيب اغراضهم في المنزل الجديد الذي اشتروه من المالك العجوز ، وصلتهم رسالةً بريديّة مخيفة .. وفيها :

((اهلاً بالجيران الجدّد.. أرى أن لديكم ثلاثة اولاد ، وأظنهم سيسبّبون الضوضاء والإزعاج لمن حولهم .. لهذا أحذّركم منذ الآن !! إن كانوا اشقياء ، سنتخلّص منهم تباعاً.. السؤال الأهم !! هل تبيتون جميعاً في الطابق العلويّ ، ام اختار احدكم غرفة الضيوف في الطابق السفليّ ؟ .. فالجواب سينفعني اثناء إقتحام منزلكم.. وماذا عن النافذة المكسورة في القبو ؟ هل أصلحتموها ، ام تركتموها مدخلاً لتنفيذ خطّتي ؟ ماذا عن السلك الكهربائي المُعطّل بأنوار حديقتكم ؟ فهو سهلٌ إستخدامه لافتعال حريقٍ ضخم وانتم نيام ، فيظن الجميع أن موتكم بفعل ماسٍّ كهربائيّ.. لديّ الكثير من الأفكار للقضاء عليكم ، سأختار إحداها قريباً.. أتمنّى لكم احلاماً سعيدة))


هذه الرسالة المجهولة أرعبت الوالدان على اولادهما ، وبحثا عن حلٍّ للمشكلة :

الزوجة بقلق : هل تظن أن المالك القديم يتلاعب بأعصابنا لطردنا ، بعد حصوله على ثمن المنزل ؟ 

الزوج : هو عجوزٌ هرم .. وجاري أخبرني إن ابنه أجبره على بيع المنزل ، بعد وضعه في دار العجزة !

- أتقصد المُغترب ؟

- هو لديه ولدٌ وحيد .. باعنا المنزل ، قبل سفره للخارج 

الزوجة : ربما عليك زيارة العجوز لحلّ الّلغز ، فهو سيدلّنا على مُرسل التهديد من بين جيراننا

- سأفعل ذلك غداً .. المهم !! اريدك ان تحضري الأولاد من المدرسة .. وأن تحرصي على قفل الأبواب جيداً

الزوجة : معك حق ! لن نستخدم حافلة المدرسة ، لحين كشفنا الفاعل 

***


في اليوم التالي ، تفاجأ الأب بخبر موت العجوز في الدار ! 

- هل تسمّم من طعامكم الرديء ؟! 

الممرّضة معاتبة : لا نسمح لك بهذا الإتهام ، فطعامنا صحيّ للغاية

الأب : اذاً لماذا دفنتم الجثة قبل تشريحها ؟!

- لأن ذلك يتطلّب موافقة ابنه الذي طلب منا إقفال الملف ، بحجّة أن والده تجاوز سن الثمانين ، ومن طبيعي أن يموت لأتفه الأسباب !

***


عصراً ، عاد الى زوجته لإخبارها بما حصل..

الزوجة : وانا بدوري ذهبت لجارتي ، وهي زوجة رئيس البلديّة .. وأطلعتها على الرسالة المشبوهة.. فأخبرتني ان المالك القديم شعر دائماً بالخوف في منزله ، بسبب الأصوات الغريبة التي تخرج من القبو !

- أتقصدين ان منزلنا مسكون ؟!

- هو عاش بعد وفاة زوجته وسفر ابنه في غرفة الضيوف بالطابق السفليّ ، فمرضه لم يسمح له بنزول القبو او الصعود لطابق العلويّ.. وأظن خلال ١٥ سنة على إغلاقه الغرف الفارغة ، أصبحت مسكونة بالأرواح الشريرة !

الزوج : عزيزتي ، الأشباح والجن لن يرسلوا رسالةً مكتوبة بخطّ اليد .. ثم نحن نقلنا منذ فترةٍ قصيرة ، فهل ضايقناهم لدرجة تهديدنا بالموت ؟!

- على حسب كلامها : جميع الجيران من العوائل المحترمة ، فهم قريّة صغيرة مُحافظة ، ولم تحدث بها مشاكل كبيرة ! 


فسكت الزوج مطوّلاً ، قبل أن يقول : 

- أفكّر جديّاً بإبلاغ الشرطة ..

مقاطعة : دعنا ننتظر قليلاً .. ربما كانت مزحة ثقيلة من اولاد الحيّ ، لرفضهم وجود غرباء بينهم

- بجميع الأحوال ، علينا توخّي الحذر

***


مرّ الشهر التالي بسلام ، وتناست العائلة أمر الرسالة ..الى ان وصلهم تهديداً آخر :

((يبدو علينا إخافتكم بشكلٍ ملموس ، كيّ ترحلوا من هنا ! فأنتم غير مرحّب بكم معنا .. لهذا سأدعكما تختاران الولد الشقيّ الذي تريدان التخلّص منه اولاً : هل هو جوني ذوّ ١١ سنة ، ام جاك ٩ سنوات ، ام جيمي ٧ سنوات ؟))


هذه الرسالة أرعبت الوالدان أكثر من سابقتها ! ولم يعدّ امامهما سوى إبلاغ المحقّق المتقاعد الذي يعيش في الشارع الخلفيّ ، والذي قال بعد قراءته الرسالتين :

- غريب أن تحصل هذه الأمور في قريتنا المسالمة ! 

الأم : هل تعرف جميع الجيران القريبين من منزلنا ؟

المحقّق : نعم وجميعهم طيبون ، ولم يرتكبوا خطأً في حياتهم

الأب بقلق : وماذا نفعل بهذا الشأن ؟

المحقّق : سأوكّل شرطيّاً لمراقبة شارعكم ، وملاحقة الدخلاء.. بجميع الأحوال ، لا تسمحوا لأولادكم اللعب في الشارع هذه الفترة

^^^


اوامر المحقّق ضايقت الأولاد الثلاثة الذين رغبوا بلعب الكرة مع زملاء مدرستهم في حديقة القرية .. لكن والدهم إستطاع إلهائهم بعد شرائه العاباً إلكترونيّة ، لإبقائهم في المنزل اطول وقتٍ ممكن !

***


في احد الأيام ، غاب الولد الصغير عن المدرسة بعد إصابته بالإنفلونزا.. واضّطرت الأم لتركه وحده في المنزل ، لشراء الدواء من الصيدليّة .. بينما اخوانه في المدرسة ووالده بالعمل ..


وعندما عات للمنزل ، قال الصغير فزعاً :

- رأيته يا امي !

- من هو ؟

الولد : الشخص الذي يراقب منزلنا

الأم باهتمام : أهو احد الجيران ؟

- بل ساعي البريد

- ماذا !

الولد بفزع : رأيته ينظر من نافذة الصالة .. حتى انه حاول خلع الباب ! وقد أخافني ذلك كثيراً 

^^^


حينما عرف الأب ، أخبر المحقّق بشكوكه .. وبدوره ارسل دوريّة الى منزل ساعي البريد الذي لم يكن موجوداً هناك ! 

فدخلوا منزله ، ليجدوا مُغلّفاً : فيه صور كل غرفة من منزل العائلة ، يبدو انه  صوّرها بزمن المالك القديم ! 

وشملت الصور : العلّية والقبو ، وكذلك الأعطال الموجودة داخله : مثل نافذة القبو المكسورة ، والأسلاك المعطلّة بالحديقة ! 

وهذا يعني ان ساعي البريد دخل مراراً الى المنزل قبل بيعه !

^^^


وأثناء البحث عن المشتبه به ، ذهب المحقّق الى دار العجزة .. ليجد من الفيديوهات المصوّرة : ان ساعي البريد كان آخر من زار العجوز ، قبل وفاته مسموماً ! 

ومن كاميرا حديقة الدار : ظهر انه يُخفي الشوكولا في جيب العجوز ، قبل ذهابه


وكان هذا دليلاً كافياً للبحث عن الشاب الهارب في كل ارجاء القرية ..الى ان وجدوه في كوخ صديقه بالغابة ، مُتحجّجاً بالصيد في يوم عطلته !

***


طوال التحقيق معه ، رفض الإتهام الموجّه له .. وأخبرهم انه تلصّص من النافذة بعد سماعه صرخةً مدويّة من داخل المنزل ! جعلته يحاول خلع الباب ، لإنقاذ من في الداخل .. لكن بعد لمحه امرأة عجوز تراقبه من نافذة العلّية ، فرّ هارباً بسبب الإشاعة القديمة : بأن المنزل مسكون بالأرواح الشريرة !


المحقّق بعصبية : كفّ عن هذه السخافات !! فقد وجدنا صور الغرف في منزلك .

الشاب : العجوز سمح بذلك بعد وعده بإعطائي المنزل عقب وفاته ، لأسكن فيه مع خطيبتي

- ولماذا يهبك المنزل ولديه ابن في الغربة ، هو أحقّ به منك ؟!

- لأني اعتنيت به لخمس سنوات ، واستحقيت الهِبة عن ابنه العاقّ الذي لم يراسله ابداً ! .. وخطأي انني أخبرت اللعين بمرض والده ، فعاد لبيع المنزل بعد تخلّصه من والده المسكين ! 

المحقّق : الهذا تركتك خطيبتك ؟

- هي انتظرتني طويلاً للعثور على منزلٍ يجمعنا بعد الزواج ، لكن راتبي القليل لا يكفي لاستئجار غرفةٍ صغيرة

- ألهذا حقدّت على العجوز ، وأهديته الحلوى المسمومة ؟

الشاب : لا طبعاً !! فالعجوز بمقام والدي ، وهو وصّاني بإحضار شوكولاتته المفضّلة عند زيارتي له .. وأخفيتها في جيبه ، لأنهم يمنعونه من تناول السكّر.. وبرأيّ الشيء الذي أوقف قلبه ، هو حزنه الشديد من تصرّف ابنه العاقّ


المحقّق : لكن تقرير المستشقى يؤكّد موته مسموماً .. وانت آخر من زرته ، قبل تدهوّر حالته الصحيّة

الشاب : أذكر بنهاية زيارتي له ، سحبت الممرّضة كرسيه المتحرّك لتناول غدائه .. لكنه رفض الذهاب لصالة الطعام ، فأخذته الى غرفته.. وأظنها أعطته طعاماً بائتاً ، تسبّب بوعكةٍ حادّة في معدته .. والأفضل أن تحقّقوا معها لا معي !! انا مجرّد ساعي بريد ، كل ذنبي انني عطفت على العجوز الذي شعر بوحدةٍ قاتلة 

المحقّق بحزم : إذاً أجبني على هذا السؤال !! إن كان إلتقاطك لصور الغرف ، كيّ تريها لخطيبتك (كما أخبرتني) .. فلماذا صوّرت النافذة المكسورة بالقبو ، والكهرباء المعطّلة بالحديقة ؟ 

الشاب : حتى أجمع المال لإصلاح الأعطال بالمنزل ، قبل انتقال حبيبتي اليه .. صدّقني ، لست مُرسل الرسالتين المخيفتين ! .. أحلف لك !!

لكن المحقّق لم يصدّق شهادته ، وأرسله للسجن .. 

^^^


لم يمضي اسبوعان في سجنه الإنفراديّ ، حتى وجدوه مشنوقاً بملاءته .. وعبارةٌ مكتوبة بالدم على الجدار :

((الأرواح الشريرة تلاحقني !))

وبوفاته ، أُغلقت القضيّة..

^^^


مع ذلك قرّرت العائلة العودة للمدينة ، بعد تشاؤمها من المنزل !

لتحلّ مكانها عائلة جديدة مكوّنة من والدين وطفلٍ صغير .

***


بعد اسبوعين على انتقالهم ، وصلتهم رسالة تهديد :

((إن لم ترحلوا بنهاية الشهر ، سنخطف رضيعكم الذي أذانا بصراخه الدائم .. إخرجوا من منزلنا ، ايها المتطفّلين !!))

ورغم فزع الأم من الرسالة ، إلاّ ان زوجها فضّل تجاهل الأمر ! 

***


ولليوم لم يقترب احد من المنزل المهجور بعد عثور الشرطة على الطفل محروقاً بالفرن ، والأم مشنوقة بالحمّام ، والأب مطعوناً بالقبو !.. ليبقى وفاتهم لغزاً محيّراً حتى يومنا الحاليّ !


هناك 8 تعليقات:

  1. الطفل محروقا بالفرن ؟!
    والأم مشنوقه بالحمام ...
    والأب مطعونا بالقبو ...

    جزارة أمل شانوحه ترحب بكم :
    يوجد لدينا لحوم بشريه طازجه من كل الاعمار والانواع ...
    والجديد قسم خاص للمشويات 🍔🍔🍔
    واضفنا المفروم لقسم المجمد 🍖🍖🍖
    ليس لنا فروع أخرى ...
    🔪🔪🔪📢📣🔊
    عودا حميدا أمل
    قصه لذيذه ودسمه ههههه .

    ردحذف
    الردود
    1. نسيت أن تضيف على الإعلان : نفتح آيام الآحاد .. سعيدة أن القصة أعجبتك

      حذف
  2. لافيكيا سنيورا

    ههههههههههه لماذا يا اخت املانو وفاتهم لغزاً محيراً حتا يومنا هذا!!!!!!!!!

    نعم جزارة امل شانوحه للحوم البشرية ترحب بكم لسنا الوحيدون ولكننا الافضل ههههه

    لافيكيا سنيورا

    ردحذف
    الردود
    1. مجرّد جزّارة مبتدئة ، أشقّ طريقي في عالم اللحوم البشريّة .. سعيدة ان القصة أعجبتك .. لافيكيا سنيورا ابن اليمن

      حذف
  3. آآه من الضروف تمنعنا حتى من قرأة قصصك!!
    سلمت يداك على هذه القصة لكن لم نعرف من القاتل !! اهم الجن ؟!
    اما بخصوص التعليق كنت اقصد القصص الأتي كتبتيها عن التنويم المغناطيسي ، ما بال مدونتك تحذف وتضيف من تلقاء نفسها ؟؟ ربما هناك جن يتسلى بها اثناء نومك!
    المهم انهيت القصة فهل اكتبها لك وتأخذي الفكرة كما فعلتي بالقصه التي ارسلتها لك؟ ام هذا ممنوع ؟

    ردحذف
  4. هذه هي قصص التنويم المغناطيسي :
    قصة بعنوان : 1- التلاعب بالعقول
    https://www.lonlywriter.com/2019/10/blog-post_13.html

    2- مشروع ميتا
    https://www.lonlywriter.com/2020/11/blog-post_6.html

    3- التفكير الإيجابي
    https://www.lonlywriter.com/2019/04/blog-post_24.html

    4-الطفل الداخلي
    https://www.lonlywriter.com/2022/03/blog-post.html

    يمكنك ارسالها ، ولن انشر تعليقك .. وسأحتفظ بالأجزاء في ملفٍ خاصّ بك .. وعلى حسب الفكرة ، ان كانت جيدة .. نكتبها سوياً كالمرة السابقة .. لكن عليك الإنتظار قليلاً ، فعمليّة امي الجراحية بالشهر القادم ، وسأرافقها بالمستشفى لحين عودتها الى المنزل سالمة ان شاء الله .. يعني سأتوقف قريباً عن الكتابة ، ربما الإسبوع القادم .. سأخبركم عن الموعد في المدونة .. دمت بخير

    ردحذف
  5. اختي امل انا الان اصبحت يتيم لقد مات ابي في احداث الخرطوم . لذالك ارجوا من كرم مخيلتك ان تحفيني بقصصة او ملحمة بها ابطال من صقار الجن اي البعاعبيع . اتزكر كنت اعيش وانا طفل مع بعبوع وكان يكره القصص المصورة والجرايد البايتة وكان اجمل صريق خيالي

    ردحذف
    الردود
    1. عظّم الله اجركم ، وأسكنه فسيح جنّاته ، وصبّركم على فراق الوالد ..
      البعابيع هي صغار الجن ؟! اول مرة اعرف هذه المعلومة .. ربما احاول بعد انتهاء عمليّة امي الشهر القادم .. رحم الله والدك .. وكان الله في عونكم

      حذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...