الأربعاء، 25 مايو 2022

فاق خيالي

فكرة : أختي اسمى
كتابة : امل شانوحة 

خاب ظني


لمح الشاب سعيد سيدةً جميلة في الحافلة .. وشعر على الفور بانجذابٍ نحوها ! وبدورها ابتسمت له بأدب .. 

واراد التقرّب من السيدة الفاتنة ذات العيون الحزينة والإبتسامة الخجولة ، لكن الزحام منعه من ذلك..


وحين طلبت من السائق التوقف في منطقةٍ شعبيّة ، تسارعت نبضاته وهي تودّعه بنظرةٍ حزينة ، قبل نزولها من الحافلة التي ما أن تحرّكت بضعة امتار حتى صرخ سعيد بعلوّ صوته ، آمراً السائق بالتوقف حالاً .. فردّ عليه بعصبية :

- توقفت قبل قليل ، لما لم تنزل .. هل كنت نائماً ؟!


فاعتذر منه ، وهو يُسرع الخطى للّحاق بالسيدة التي دخلت إحدى الأزقّة المليئة بالباعة المتجوّلين ..


وقبل صعودها لعمارةٍ قديمة ، إلتفتت نحوه وعلى وجهها إبتسامةٍ عريضة كأنها توقعت رؤيته ! وأكملت صعودها الأدراج بعد غمزةٍ لطيفة.. فاعتبرها سعيد إشارةً للّحاق بها


ودخلت شقتها بعد تركها الباب مفتوحاً ، فلحقها وقلبه ينبض بسعادة..

ليُفاجأ برجلين ضخمين يُصوّبان المسدس على رأسه ، ويأمرانه بدخول الصالة دون التفوّه بكلمة ! 


وهناك وجد شيخاً بيده دفتراً كبيراً ، وهو يسأل السيدة :

- أهذا هو العريس ؟

فأجابته بخجل : نعم ، إخترته من بين الناس .. 

ثم نادته : إقترب ، فالشيخ سيكتب كتابنا الآن ..

فأجابها بارتباك : أبهذه السرعة ؟! حتى انني لا اعرف اسمك !

- نجاح ، وانت ؟ 

- سعيد


فقال له الشيخ : إعطني هويّتك يا سعيد ، واجلس بجانبي لنكمل مراسم الزواج 

سعيد بخوف : انا قلق مما يحصل ! هل هي مزحةٌ ثقيلة ام مقلبٌ تلفزيونيّ؟

نجاح : لا يا سعيد .. انا رغبت الزواج قبل موتي بالسرطان ، واخترتك بعد ارتياحي لك .. ولن أكلّفك شيئاً ، فلديّ ارضٌ زراعيّة بالريف ، بالإضافة لهذا المنزل .. سأكتبهم بإسمك في وصيّتي ، بشرط أن أعيش معك ايامي الأخيرة بسعادةٍ وأمان ..هذا كل شيء ، صدّقني.. 


فنظر سعيد للرجلين الضخمين وهو يسألها : ومن هؤلاء ؟ 

نجاح : اقاربي بالقرية ، سيشهدان على زواجنا ..رجاءً إقترب لتوقيع اوراق المحكمة الشرعيّة

فاقترب بتردّد وهو يُخرج هويّته من المحفظة ، ويسلّمها للشيخ الذي أكمل مراسم الزواج ..

***


كان سعيد موظفاً بسيطاً ، يعيش بعيداً عن عائلته التي لم يخبرهم عن الشهر الذي قضاه مع عروسته الفاتنة ، والتي اهتمّت به جيداً في الفترة الماضية .. الى ان اختفت فور انتهاء شهر العسل !


وحين لم يجدها في المنزل ، نزل للبحث عنها في الحارة الشعبيّة .. فأوقفه صاحب العمارة قائلاً : 

- عليك تسليمي الشقة غداً صباحاً 

سعيد باستغراب : لم افهم !

- السيدة استأجرت الشقة المفروشة لشهرٍ واحد ، ورحلت فجراً 

- الا تعلم اين ذهبت ؟!

صاحب العمارة : لا يهمّني امرها.. (ثم قال بحزم) .. في حال أردّت البقاء في الشقة ، عليك دفع أجرتها للشهر القادم 


فصعد سعيد لأخذ ملابسه (التي اشترتها له في الأيام الماضية) ونزل لتسليم المفتاح لصاحب العمارة ، عائداً الى شقته القديمة دون فهمه ما حصل !

***


بالرغم طلب سعيد من صاحب العمارة الإتصال به فور عودة زوجته للحارة ، إلاّ انه مرّ شهران دون سماعه خبراً منها ! 

فظنّ إنها رغبت الموت في قريتها بهدوء (بعد اشتداد مرضها دون إخباره بذلك)

***


بمرور الشهر الثالث على غيابها ، تلقّى إتصالاً منها وهي تقول باكية :

- إنقذني يا سعيد 

- نجاح ! اين انت ؟ ولما اختفيتي هكذا ؟

- عُدّت لطليقي

سعيد بصدمة : ماذا !

- إخترك كمحلّل ، بعد طلاقي منه للمرة الثالثة

سعيد بعصبية : أتتلاعبون بالدين ؟!!

- لا ابداً ! تزوّجتك لأعود اليه

- وكيف تعودين قبل طلاقك مني ؟

نجاح : جعلتك تبصم على ورقة الطلاق بعد وضعي المخدّر في طعامك


(وهنا تذكّر سعيد انه في اليوم اختفائها ، إستيقظ ليجد أصبعه مصبوغاً بالأزرق !)

فقال لها غاضباً : ومن الشيخ الذي وافق على الطلاق وانا نائم ؟! 

نجاح : نفس الشيخ الذي زوّجنا ، فهو من جماعتنا

- هذا لا يجوز !! فأنا مُحال أن أُطلقّك بإرادتي

- أعلم هذا ، لذلك لجأت لتلك الحيلة .. المهم الآن أن تنقذني من طليقي .. أقصد زوجي ، فهو رئيس عصابة مخدرات.. وكلما حاصرت الشرطة مخازنه ، زادت عصبيته نحوي.. ولم أعد أحتمل ضربه وإهاناته 


سعيد : طالما زوجك مجرم ، فلما اهتمّ بموضوع المحلّل ؟! 

- انا من رفضّت إقترابه مني بعد الطلقة الثالثة ، فوافق مُرغماً على اختياري زوجاً مؤقّتاً .. (ثم تنهّدت بحزن).. حقاً لا اعرف كيف أتخلّص منه .. أكاد انتحر

سعيد : وكيف يُعاملك بقسوة وانت مريضة بالسرطان ؟!

- لست مريضة ، كانت كذبةٌ ثانية 

سعيد غاضباً : اللعنة عليك يا نجاح !! لما تلاعبت بمشاعري ؟ انت اول امرأة بحياتي ، وتعلّقت بك جداً 

نجاح بحزن : صدّقني لم أنوي تركك .. لكنه اتصل بي ذلك الصباح ، مُهدّداً بقتلك ، فعدّت فوراً لقريته .. سامحني ارجوك 


فسكت سعيد مطوّلاً ، قبل أن يقول :

- الا تستطعين الهرب من منزله ؟

- تقصد قصره .. لا ، حرّاسه في كل مكان 

سعيد : حسناً ، أعطني العنوان ؟ 

- أرغب حقاً بالهرب معك ، لكني خائفة على حياتك 

- قريبي شرطي محترف ، سيساعدني بتهريبك .. وربما القبض على طليقك 

- هو لم يطلّقني بعد 

سعيد بعصبية : وانا لم أُطلّقك ايضاً يا نجاح !! 

- اهدأ رجاءً ، سأعطيك عنوان مزرعته .. لكن عدّني أن لا تأتي قبل استشارة قريبك الشرطي 

- دعي الأمر لي

***


رغب سعيد في استعادة زوجته سريعاً ، لكن قريبه الشرطي طلب منه التمهل لحين تحضيره كميناً للقبض على رئيس العصابة اثناء تسلّمه شحنة المخدرات القادمة بعد اسبوعين..


وبالفعل حصلت معركة شرسة بين رجال الشرطة وافراد العصابة اثناء تسلّمهم البضاعة آخر الليل على اطراف القرية ، راح ضحيّتها من كلا الطرفين .. 


وفي خُضمّ المعركة ، تسلّل سعيد الى القصر لتهريب زوجته التي انطلقت معه بالسيارة متوجهيّن مباشرةً للمطار للهرب من البلد

***


وبعد زواجهما المدني في الخارج .. عاشا اجمل سنوات حياتهما ، بعد قبض الشرطة على زوجها السابق ورجاله ، والذي حُكم عليه بالسجن عشرين سنة .. 


وبعد نجاتها من هذا المأزق ، أكملت حياتها مع سعيد وهي مرتاحة البال بعد إنجابها طفله الصغير ..

***


ببلوغ ابنهما سن الخامسة ، أقامت حفلاً في حديقة منزلها بإحدى الولايات الأمريكية .. 

***


في اليوم التالي .. تفاجأت نجاح بصورة في صندوق بريدها : وهي تحتضن ابنها اثناء نفخه شمع كعكته ، مكتوباً خلفها : 

((اخيراً عرفت عنوانك ايتها الخائنة .. سأحقّق أمنية ابنك قريباً بجعله من طيور الجنة .. التوقيع : زوجك الحقيقيّ))


فنظرت من نافذة منزلها بعينيها الدامعتين ، وهي تراقب زوجها وهو يلاعب ابنه في الحديقة .. وتتساءل إن كان عليها إخباره بأن حياتهم المثاليّة على وشك الإنهيار ام لا ؟!


هناك تعليقان (2):

  1. طالما القصه من فكرة اختي اسمى لماهذا القلق بنهاية القصه . هل اخبرتك ان تجعلي النهايه هكذا .
    لابأس أختي لا داعي للرد فلن يغير من نهاية القصه شيئ. إلا اذا وجدنا ساعة التلاعب بالزمن لكي نرجع الى ماقبل كتابة قصتك هذي

    ردحذف
    الردود
    1. لافيكيا سنيورا اخي ابن اليمن .. لا استطيع اضافة اي شيء على تعليقات القراء .. لكن لا بأس ، وصلت تحيّتك المشهورة .. وهذه قصة اختي ، نشرتها كما ارادت .. يبدو انني نقلت اليها عدوى التشاؤم هههه .. لافيكيا سنيورا

      حذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...