كتابة : امل شانوحة
شموع الخوف
عاد أمجد عصراً بعد إحضاره الكيك والفطائر والمشروبات ، عقب زيارته منازل اصحابه الخمسة الذين دعاهم لحضور حفلة عيد ميلاده ..
ليتفاجأ برسالة امه تخبره : ((إنها ذهبت مع والده وإخوته الصغار للمبيت في القرية بعطلة نهاية الإسبوع ، وعليه حراسة المنزل لحين عودتهم بعد يومين))
فحزن لعدم إكتراثهم الإحتفال ببلوغه سن الثلاثين ! فحاول إشغال نفسه بترتيب الصالة ، لحين قدوم اصحابه مساءً
***
وانتظر قدومهم في الساعة الثامنة (كما اخبرهم) ، لكنه لم يأتي احد!
وحين اتصل بهم .. لم يردّ بعضهم عليه ، واكتفى الآخرون بإغلاق هواتفهم !
فشعر بغضبٍ شديد ، حيث كان بإمكانهم الإعتذار بدل إيهامه بقبول دعوته!
***
بحلول الساعة العاشرة .. قرّر تناول الطعام وهو يكتم دموعه ، بعد تذكّر ماضيه وشعوره الدائم بالوحدة .. فإيجاد صديق لم يكن سهلاً طوال مرحلة دراسته .. وهاهو يفشل ايضاً مع زملاء عمله ، حتى اهله نسيوا عيد ميلاده الذي ذكّرهم به أكثر من مرّة .. لكنه حاول التماسك ، مُتأمّلاً بمستقبلٍ أفضل !
وقبل تقطيعه الكيك ، إنقطعت الكهرباء .. فقال بتهكّم :
- هذا ما كان ينقصني
وقبل نهوضه لإضاءة الشمع ، سمع جرّجرة الكراسي كأنها تقترب من طاولة الطعام !
وسرعان ما تعالت أصوات سكب الطعام في الصحون ، ومضغ أشخاصٍ يأكلون بنهمٍ وهمجيّة !
فحاول الهرب ، لكن جسمه إلتصق بالكرسي بطريقةٍ غامضة !
وفجأة ! أُضيئت الكهرباء ، ليجد فتات الطعام مُتناثراً حول الطاولة .. ولم يتبقى سوى الكيك الذي امامه !
ثم أُطفئ النور ، ليُضاء التلفاز بعرض نشرة اخبارٍ محلّية قديمة : عن منزلٍ مهجور أُحرق بالكامل قبل عشرين سنة !
ثم أُطفىء التلفاز ، ليعمّ الظلام من جديد ! قبل أن تُضاء شموع الكيك الواحدة تلوّ الأخرى .. ومع كل شمعة ، تظهر عينٌ حمراء تطفو بجانب الطاولة ! قبل سماعه صوت ولدٍ صغير يقول بحماس:
- تمنّى قبل إطفاء الشمع !!
فصرخ أمجد بفزعٍ شديد :
- رجاءً لا تؤذونني !!!
وهنا سمع رجلٌ عجوز يقول غاضباً :
- هل تذكرت حادثة الحريق ايها المشاغب ؟ كنت بعمر العاشرة حين أشعلت الخرابة بعود الكبريت ، وأحرقت منزلي بالكامل !! وقد تمكّنت الهرب مع عائلتي بآخر لحظة ، لكن ابني الكبير مات مُختنقاً بالدخان اثناء نومه في الطابق العلويّ ..
أمجد مُستنكراً : لا يعقل أن تموتوا بالنار وانتم مخلوقين منه ؟
فصرخ كبيرهم غاضباً : ما رأيك أن أُغرقك بالوحل ايها الكائن الصلّصالي اللعين ، لترى إن كنت ستموت ام لا ؟!!
فردّ أمجد بخوف : كنت حينها صغيراً ، ولا اعلم بوجود مخلوقات تعيش في المكان المهجور .. وسيكون ظلماً عقابي على شيءٍ لم أره!
- ومن قال انني لم اعاقبك حينها ، بل أنزلت عليك لعنتي بجعلك كائناً شفافاً !!
أمجد مستفسراً : ماذا يعني هذا ؟!
- أيّ لا يراك احد .. ولا يهتم أيّ شخص بآرائك وافراحك واحزانك ، وكأنك غير موجود
أمجد بحزن : الهذا لم تحضر عائلتي واصدقائي عيد ميلادي ؟ ..اللعنة عليكم !! بسببكم عانيت من الوحدة طوال حياتي
- وهل تظن عقابك أشفى غليلي ؟ .. بالحقيقة كنت تناسيتك لفترة ، لكن حين علمت بتحضير عيدك الثلاثين ، وهو العمر الذي توفّى به ابني ، قرّرت إحضار عائلتي للإحتفال معك
أمجد بعصبية : وهآ انتم أفسدّتم المناسبة ، ماذا تريدون بعد ؟!!
الكبير بسخرية : نريد تناول الكيك معك ، لكن دعنا اولاً نغني لك .. هيا يا اولاد !! غنّوا لقاتل أخيكم المسكين الذي لم يتهنّى بشبابه
وبدأوا بغناء إنشودة العيد ، بلحنٍ مخيفٍ ومفزع ..
ثم قال والدهم :
- ماذا تنتظر يا أمجد ؟ إطفىء الشمع ، كيّ نشاركك كعكتك اللذيذة
الجني الصغير بحماس : ولا تنسى الأمنية !!
فتمّتم أمجد بيأس : ((أتمنى أن ينتهي هذا الكابوس))
الكبير : لا عزيزي ، أمنيتك مرفوضة !! هيا إطفىء الشمع
وما أن اقترب أمجد من الشمع لإطفائه ، حتى شعر بشخصين يمسكان ذراعيه بشدّة ، وشخصٌ آخر يثبّت جسمه بالكرسي ! بينما أمسكت يدٌ قويّة شعره من الخلف ، لتُسقط رأسه فوق الكيك ..
فحاول أمجد بكل قوته رفع وجهه عن الكريما التي سدّت أنفاسه وفمه ، لكنه لم يستطع الحِراك .. وآخر ما سمعه :
- عيد ميلاد سعيد ، ايها القاتل اللعين
***
وفي اليوم التالي ، وصلت عائلة أمجد .. لتجد الفوضى وفتات الأكل متناثراً حول مائدة الطعام ، بصحونها الفارغة .. وابنهم نائماً هناك!
لكن سرعان ما ارتفع صراخهم لرؤية جثته مُختنقة بكريما الكيك ، بعد أن صبغ الشيب شعره بالكامل !
لافيكيا سنيورا
ردحذفتدرين وش الاروع مافي القصه .........شيئ ماراح اخبرك عنه
لافيكيا سنيورا
اختي امل هل تقرأين مقالات في كابوس
وأيهما اكثر قسم بكابوس تقرأين مواضيعه
لافيكيا سنيورا
أدخل الى كابوس من فترةٍ للأخرى ، واحياناً اقرأ المقال الذي يجذبني عنوانه .. كنت احب المظهر القديم لكابوس ، كان تصفّحه اسهل من الجديد ..
حذف