الثلاثاء، 31 مايو 2022

المتاهة

كتابة : امل شانوحة 

اللعبة الملتوية 


إضّطرت ديانا للسفر البريّ ، لزيارة والدها المريض في مستشفى المدينة المجاورة..

***


عصراً وفي منتصف الطريق ، تعطّلت سيارتها دون سببٍ واضح ! فوقفت على جانب الطريق العام لإيقاف سيارة تنقلها لأقرب محطّة ، لكن الجميع تابع سيره كأنها غير موجودة !  

***


حين أوشكت الشمس على المغيب .. لاحظت دخاناً يتصاعد من الغابة التي تبعد امتاراً عن الشارع العام ..

وكلما مشت نحوها ، تأكّدت شكوكها على كونها مدخنة لكوخٍ قديم .. وطرقت بابه المتهالك ، وهي تنادي :

- هل يوجد احدٌ في الداخل ؟!!

فسمعت عجوزاً يقول بصوتٍ مرهق : 

- ماذا تريدين ؟!

فأجابته من خلف الباب :

- رجاءً إفتح لي !! فسيارتي تعطّلت على مقربة من هنا ، ولا توجد شبكة إتصال لجوّالي ، واريد استخدام هاتفك الأرضيّ إن أمكن 


فساد الهدوء قليلاً ، قبل أن تسمعه يقول :

- إدخلي !! الباب مفتوح


وحين دخلت .. شاهدت رجلاً بعضلاتٍ مفتولة مليئة بالأوشام ، نائماً فوق كنبة الصالة ، وعلى الطاولة امامه انواعاً متعدّدة من الخمور والمخدرات

فارتعبت وتراجعت للخلف ، لتسمع العجوز يناديها من الطابق العلويّ :

- لا تخافي من ابني فهو مخدّرٌ كما ترين ، ولن يستيقظ حتى المساء .. الهاتف في غرفتي ، إصعدي اليّ !!


وقبل صعودها الأدراج ، سمعت همّهمة من الحمام الأرضيّ ! ففتحت بابه ، لتجد شيئاً يتحرّك خلف ستارة حوض الإستحمام.. 

فاقتربت بحذر وأزاحت الستار ، لتجد عجوزاً مكمّم الفم ومقيّد اليدين والقدمين بالحبال ! 


وقبل إزالتها الّلصقة عن فمه ، توسّعت حدقتا عينه بخوف وهو ينظر  لباب الحمام ! 

فالتفتت ، لتجد الرجل المخمور يلوّح بعصا البيسبول وهو يصرخ مترّنحاً:

- لا تنقذي اللعين !!


وهجم نحوها ! لكنها ابتعدت باللحظة الأخيرة ، ليتعثّر بسجادة المغسلة ويصطدم رأسه بحافة حوض الإستحمام ، ويموت على الفور !


ومن شدّة رعبها ، فكّت قيود العجوز وهي ترتجف بقوة ..

وما أن ازالت الّلصقة عن فمه ، حتى قال : 

- لنهرب بسرعة !!


فمشت قبله ، محاولةً عدم الدوس على دماء الجثة .. الى أن وصلت للصالة .. وحين التفتت للعجوز ، لم تجده خلفها ! بل سمعته يناديها من الطابق العلويّ :  

- تعالي لتتصلي بمن تريدين ، فالهاتف في غرفتي 


فقالت بنفسها برعب :

((صوت العجوز المقيّد هو نفسه الذي سمح لي بدخول المنزل ، فكيف حدّثني وعلى فمه لصقةً قوية ؟!))


فخافت الصعود اليه ، وأسرعت نحو الباب الخارجيّ الذي وجدته مقفلاً بإحكام ! 

والأغرب إن النافذة الزجاجيّة إختفت تماماً كطاولة المخدرات ، اما الكنبة فأصبحت بالجهة المعاكسة من الصالة ! 

ديانا برعب : مالذي يحصل ؟! هل أتوّهم الأحداث  


فلم يكن امامها سوى دخول الغرف الثلاثة الموجودة بالطابق الأرضيّ ، التي وجدتها جميعاً بلا مفروشات او نوافذ تهرب منها !


وحين عادت للصالة .. وجدت نفسها امام متاهة كبيرة من المزروعات ، رغم انها لم تخرج من كوخ الغابة ! 

 

وحين تملّكها اليأس لعدم وجود مخرجٍ من هذا المأزق ، سمعت صوت حبيبها يناديها من الطابق العلويّ ...

ديانا بدهشة : لا يعقل هذا ! فهو مسافر منذ شهرين

فعاد ليناديها : 

- دودو ، انا هنا حبيبتي

(وكان الوحيد الذي يلقّبها هكذا !)


فصعدت الأدراج ، لتجد ممرّاً طويلاً فيه غرفةٍ واحدة ! بداخلها حبيبها مستلقي على الفراش ، وهو يقول بحنان :

- إقتربي مني ، فقد اشتقت اليك

ديانا بصدمة : كيف وصلت الى هنا ؟!

- كما وصلتِ انت ، تعطّلت سيارتي البارحة .. والعجوز اللطيف إستضافني في بيته

- وكيف عرفت إن سيارتي مُعطّلة ؟! أنا لم أحدّثك منذ رحيلك المفاجئ

- دعكِ من التفاصيل واصعدي الفراش ، فأنا مشتاقٌ اليك


وما أن مدّ ذراعه نحوها ، حتى وضعت يدها فوق كفّه .. ليقوم بسحبها بقوّة الى الفراش ! 

وقبل استيعابها ما حصل ، وضع الأصفاد بيديها وقيّدها بالسرير !

ديانا معاتبة : جاك ! الوقت غير مناسب ، دعنا نخرج من الكوخ المرعب ، فهناك جثة في حمام وتصرّفات العجوز لا تريحني 

  

وإذّ بجاك يقف بجانب السرير ، فور دخول العجوز الى غرفته وهو يسأله:

- هل أتمّمت المهمّة ؟

جاك : نعم سيدي ، قيّدتها جيداً

العجوز : اذاً يمكنك الرحيل


فتحوّل جاك الى دخانٍ اسود ، تبخّر سريعاً في الهواء .. سرعان ما أفقد ديانا وعيها من رعب الموقف !

فتنهّد العجوز بضيق :

- جيلٌ تافهٌ وضعيف !

***


ثم أكمل نزوله نحو القبو المعتم ، الذي اضاءه ليظهر خمسة شباب وصبيّتين مقيّدين ومكمّمين هناك ، يبكون بصمتٍ وخوف !

فقال لهم العجوز :

- لا تقلقوا سأنهي معاناتكم قريباً ، فقد ملّلت اللعبة التي لم ينجح فيها أحد بالخروج سالماً من كوخي .. حتى أقواكم ، المصارع الغبيّ إستطاع تقيّدي دون قتلي .. اساساً لا احد يمكنه قتلي .. والأحمق ، ما أن وضع حارسي المخدرات والخمور امامه ، حتى انغمس في الملذّات .. والنتيجة ، انه مقتولٌ الآن في الحمام .. ماذا افعل ، احب التلاعب من وقتٍ لآخر بمشاعركم ونفسيّتكم الهشّة .. وانتم في كل مرة تثبتون لي بأنكم جيلٌ ضعيف ، حيث استطعت السيطرة عليكم بطريقتين : اما الخمور والنساء ورزم المال ، او إظهار قرائن احبائكم الذين فقدّتموهم بالماضي .. لهذا قرّرت إرسالكم الى باطن الأرض ، لعلّكم تتعلّمون الشجاعة والخبث من اولادي .. مع انكم لوّ فزتم بمسابقتي ، لأعطيتكم كنوزاً تكفيكم العمر كلّه ..


وقبل إكمال كلامه ، سمع طرقاً في الأعلى ..وصوت رجلٍ ينادي :

- هل هناك احد بالداخل ؟!! اريد المساعدة


فابتسم العجوز بخبث للشباب العالقين بالقبو ، قائلاً :

- عليكم الإنتظار قليلاً ، سأذهب للتعرّف على اللاعب الجديد .. فإن خرج من متاهتي ، وكوخ المتعة الخاص بإبليس المعظّم !! الذي هو أنا ، بتواضعٍ شديد.. أُفرج عنكم جميعاً .. وإن خسر ، أرسلكم جميعاً للجحيم .. إنتظروني

وعاد لإقفال الباب عليهم ، وصعد لامتحان ضحيّته التالية !


هناك تعليقان (2):

  1. لافيكيا سنيورا

    وين البهارات وين الملح هل نسيتي اضافتهن ..

    لافيكيا سنيورا

    ردحذف
  2. والله لکی کم شکر وجزاکم الله خیرا

    ردحذف

العرش اللاصق

تأليف : امل شانوحة  يوم الحساب إتصل بيدٍ مرتجفة بعد سماعه تكبيرات الثوّار في محيط قصره : ((الو سيدي .. لقد انتهى امري .. جنودي الجبناء هربوا...