الخميس، 10 يناير 2019

القتل بالوراثة

تأليف : امل شانوحة


جيناتٌ فاسدة !

إقترب رجلٌ في أواخر الستينات من محاسب متجر الخردوات , بعد ان اشترى : مجرفة وحبل وحافظات بلاستيكية كبيرة الحجم , ومنشار كهربائي وشريطٌ لاصق وسكينٌ حادّ.. فارتبك الشاب بعد ان لاحظ نظرات المشتري الحادّة والمخيفة ! وبعد ان قام بحساب أغراضه , أخذهم الرجل ووضعهم في صندوق شاحنته المُغلقة , مُنطلقاً نحو الغابة !

فقام الشاب بمراجعة الشريط من كاميرات المراقبة التي أظهرت بوضوح رقم الشاحنة .. وارسل الفيديو للشرطة , بعد ان أخبرهم بشكوكه حول نيّة ذلك الرجل بقتل أحدهم وتقطيعه وإخفاء اشلاءه داخل الصناديق لدفنها لاحقاً بالغابة 

وبالفعل نشرت الشرطة لجان تفتيش حول المنطقة للقبض على المتهم المشبوه ..
***

من جهةٍ أخرى .. لاحظ الرجل إنتشار الشرطة حول الغابة المُهملة التي فيها كوخه .. فأطفأ انوار منزله كيّ لا ينتبه أحد على وجوده , وأخذ يفكّر بسبب الإستنفار المُفاجىء للشرطة ! فتذكّر نظرات المحاسب المرتبكة .. فقال في نفسه :
((هل قام الغبي بالإبلاغ عنّي ؟! ..إن كان فعل !! فسيكون هذا آخر شيءٍ يقوم به في حياته .. والآن عليّ إخفاء شاحنتي بالمرآب , وإستخدام سيارتي الثانية لحين انتهاء هذه الأزمة))
***

بعد اسبوع .. أوقفت الشرطة عملية البحث , فالرجل بالنهاية لم يفعل شيء سوى شراء بعض الأغراض .. 

لكن حدس الشاب مازال يُشعره بأن هناك سرّاً يخفيه ذلك الرجل الغريب عن المنطقة , وتمنّى أن لا يقابله ثانية .. فهو مُضّطر للعمل كمحاسب  بدوامٍ جزئي في تلك المنطقة المقطوعة لمساعدة امه في مصاريف جامعته 
***

بعد شهر .. تناسى الشاب مايكل قصة العجوز , وخرج من المحل كعادته قبيل الفجر متجهاً الى بيته بسيارته القديمة المستعملة  
وحين مرّ بجانب الغابة , رفع العجوز رأسه من المقاعد الخلفية لسيارته وهو يحمل المخدّر بيده ..

وقبل ان يستوعب الشاب ما حصل ! أطبق بقماشته المبلولة على أنفه , ليسقط مايكل على جنبه مغشياً عليه .. بينما أسرع العجوز بالجلوس في المقعد الأمامي لقيادة سيارة الشاب باتجاه كوخه المخبّأ بين الأشجار الكثيفة في الغابة !
***

استيقظ بعدها مايكل وهو مُكبّل اليدين والقدمين بالسلاسل في قبوٍ مظلم  تفوح منه رائحة الرطوبة العفنة .. وحاول الصراخ رغم فمه المكموم بقماشةٍ قذرة .. 

بعد قليل .. أضاء العجوز النور في القبو , ليظهر رعب المكان ! 
حيث وجد هيكلٌ عظمي مُكبّل بالسلاسل بالقرب منه , وعلى شماله يوجد مرطبان به محلولٌ كيميائي لحفظ مجموعة من العيون البشريّة !

واقترب منه العجوز وهو يلبس قفازاته الجلديّة , مُبتسماً بعد ان لاحظ نظرات الشاب الفزعة وهو يتمعّن بالمرطبان القريب منه .. فقال له :
- نعم .. هذه 50 عيناً إقتلعتهم من ضحايايّ .. بالحقيقة لا , هم فقط 49 ..وبعينك الخضراء الجميلة سأكمل العدد 50 .. الم تسمع من قبل بسفّاح العيون ؟ ..انه انا بشحمه ولحمه !!

فصار مايكل ينتفض بخوف محاولاً الإفلات من قيوده ..
فقال له العجوز ساخراً :
- آه يبدو انك تريد التحدّث معي .. حسناً .. وهآقد أزلت القماشة عن فمك , فماذا تريد ان تقول ؟
فقال مايكل برجاء والدموع تسيل على وجنتيه : 
- أتركني ارجوك , فأنا لم افعل شيئاً لتقتلني 
- أحقاً .. مع اني علمت من مصادري انك أبلغت الشرطة عنّي
- لكنهم لم يجدوك وأنهوا مهمّة التفتيش .. وأعدك ان تركتني بأن لا أخبر أحداً بشيءٍ مطلقاً

العجوز : غريب كيف كل ضحايايّ يعدوني بالشيء ذاته ! لكن لا يا صديقي , لن أجازف بتركك بعد رأيتك لمقرّي السرّي .. دعني اولاً أعرّفك بعالمي الصغير .. أترى الهيكل العظمي الذي امامك .. كان هذا صديق طفولتي , أعرفه منذ ثلاثين سنة .. وعملنا سويّاً كقاتليّ مأجورين لأكثر من 15 سنة .. وبالنهاية خانني الحقير بعد قبضه لمبلغٍ ضخم من إحدى العصابات التي ارادت قتلي , فقيّدته هنا بعد ان أجبرته على تحويل كل امواله لحسابي في سبيل إطلاق سراحه .. وبالوقت الذي كنت أقوم فيه بجولةٍ سياحة حول أوروبا , كان جسده يتحلّل هنا بعد موته جوعاً .. وبصراحة لم أردّ دفنه , كيّ يبقى معي دائماً .. فبرأيك بعد ان قمت بذلك مع صديق عمري , أتظن انه سيرقّ قلبي لك وأتركك تمضي في حال سبيلك .. هذا مُحال !! ستموت كما مات غيرك ..لكن السؤال الأهم , كيف ستكون طريقة موتك ؟ ..اممم دعني أفكّر قليلاً .. هل أحرقك ؟ ام أقطّعك وانت حيّ ؟ ام أبحث عن اقاربك واقتلهم امام عينيك اولاً ؟ .. آه وجدتها !! سأدفنك حيّاً في حديقتي ..

مايكل باكياً : لا !! ارجوك سيدي , دعني اذهب فأنا ..
المجرم مقاطعاً : توقف عن النحيب !! فأنا أكره بكاء الرجال .. (ثم تنهّد بضيق) .. الغريب انني قرّرت منذ فترة التقاعد بعد ان كبرت في العمر , واخبرت العصابة التي كنت اعمل لديها بقرار اعتزالي .. وأتيت الى هذه المنطقة لأعيش بسلام بعيداً عن الناس .. واشتريت تلك الخردوات للإهتمام بحديقتي .. فالمنشار الكهربائي لأجل تقطيع شجرةٍ مهترئة بفناء داري ..والشريط اللاصق هو لإغلاق فتحات النوافذ قبل حلول الشتاء ..والسكين أردّت به تقطيع اللحوم التي خزّنتها في ثلاجتي .. لا لا تخف ..هي لحوم بقريّة , فأنا لم أصل لوحشيّة أكل لحوم ضحايايّ .. لكني أهوى جمع عيونهم .. او بالأصح عينهم اليسرى فقط .. لا ادري لماذا ! ربما هذا ما يريده شيطاني الذي يتلبّسني  

ثم قهقه بصوتٍ عالي , بينما كان مايكل منهارٌ بالبكاء ..
ثم عاد وسكب المخدّر على القماشة , فصار مايكل يترجّاه :
- لا ارجوك !! لا تخدّرني ثانيةً 
- لا تخف .. فحين تستيقظ , تجد نفسك داخل قبرك .. وأنصحك ان لا تحاول الهرب , فقد حفرته عميقاً جداً .. الآن لا تتعبني , إشتمّ المخدر دون مقاومة .. وأعدك ان لا أقلع عينك الا بعد تأكدي من موتك .. أترى كم انا رحيمٌ معك , فبالعادة أفعل ذلك بضحايايّ وهم احياء .. لكني سأجنّبك هذا العذاب , فالموت إختناقاً يكفيك 

ورغم محاولة الشاب الإفلات من السلاسل الصدئة , الا ان العجوز تمكّن من الضغط بقوّة بالقماشة الرطبة على انفه , ليتوقف مايكل فجأة عن الحركة !
*** 

ما حصل بعدها كان أغرب من الخيال ! فمايكل بالحقيقة قام بتمثيل إغمائه بعد كتم أنفاسه , فهو سبّاحٌ ماهر ولديه قدره على كتم نفسه طويلاً .. وحين حاول العجوز رميه داخل الحفرة (بعد فكّ أصفاده) ..إستطاع مايكل بثوانيٍ الهجوم على العجوز والتعارك معه .. 

ورغم القوة الجسدية للقاتل  الا ان الشاب إستطاع سحب المجرفة من يده , وضربه بها على رأسه عدة مرات .. ولم يتوقف مايكل عن الضرب حتى تهشّم رأس العجوز تماماً , وحينها استوعب الموقف ! ورماه داخل الحفرة .. لكنه لم يردم التراب عليه , بل أسرع ناحية سيارته وانطلق بها الى بيته 

وهناك اتصل مايكل بالشرطة وأخبرهم بوجود جثة السفّاح المطلوب للعدالة منذ سنوات داخل حديقة الكوخ , وأعطاهم العنوان .. وحين سألوه عن اسمه , أخبرهم انه فاعل خير ..وأنهى المكالمة , لينهار بعدها ببكاءٍ مرير بعد ان تلوّثت يداه بالدمّ !
*** 

في اليوم التالي .. تفاجأت امه بعودته الى القرية .. 
- مايكل ! هل لديك عطلة بالجامعة ؟
فاحتضنها بقوة وهو يحاول كتم بكائه ..
الأم بقلق : مايكل عزيزي ! مابك ترتجف هكذا ؟ هل انت مريض؟
- نعم امي , قليلاً .. واريد ان ارتاح في سريري
- اذاً ادخل الى غرفتك , وسأحضّر لك الحساء 
***

في المساء .. استيقظ مايكل على صوت التلفاز .. وحين خرج للصالة وجد امه تبكي وهي تشاهد الأخبار 
- ما بك امي ؟
- لقد وجدوا اللعين مقتولاً  
وكان في النشرة : ((إنتشال الشرطة لجثة سفّاح العيون من الغابة)) 
فسألها باستغراب :
- ولما تبكين ؟
امه وهي تمسح دموعها : لأنني أخيراً سأنام بسلام دون الخوف منه , فأنا أعرفه شخصياً 
ابنها بدهشة : ماذا تقصدين ؟!
فتردّدت الأم قليلاً , ثم قالت : هذا السفّاح بالحقيقة .. والدك يا مايكل

ونزلت كلماتها كالصاعقة على رأسه : ماذا ! الم تقولي ان والدي توفي بحادث سيارة وانا بعمر السنتين ؟ ..حتى كنّا نزور قبره سويّاً !
الأم بحزن : كان قبراً فارغاً يا مايكل .. وقبل ان تغضب مني , سأخبرك بالقصة منذ البداية .. (وتنهّدت بضيق) .. والدك كان ابن الجيران الذي أحببته كثيراً , وتزوجته رغم اعتراض اهلي الذين لم يطيقوا تصرّفاته الطائشة .. وسافرنا الى المدينة لأعيش معه أجمل سنتين في حياتي 
- وماذا حصل بعدها ؟
- تغير كل شيء بعد زيارة صديقه الى بيتنا 
مايكل : اي صديق ؟
- قال انه صديق عمره ويريده ان يعود الى عملهما القديم .. ومن يومها بدأ يطيل السهر , ولا يرجع الا فجراً .. وحين يعود , يُسرع بغسل ثيابه والإستحمام .. واحياناً كنت اراه يدفن اشياءً في حديقة منزلنا .. فظننته يخونني , وراقبت الهاتف بعد ان اشتريت هاتفاً آخر دون علمه .. ففي ايامنا لم يكن هناك جوّالات .. وحينها سمعت شيئاً , كان اسوء بكثير ممّا ظننت ! 

مايكل : هل علمت وقتها انه قاتل مأجور ؟
- نعم للأسف .. وكان في نفس اليوم الذي عرفت فيه بحملي , لكني أخفيت الموضوع عنه .. وانتظرت خروجه من البيت مساءً , لأُسرع بالهرب لأقرب محطة قطار .. 
- وعدّتِ الى عائلتك ؟ 
- لا , خفت ان يقتلهم ايضاً .. فهربت الى هذه القرية , وعملت نادلة في مطعم المحطة كيّ أصرف عليك .. لكني لم أهنأ يوماً بالنوم , لخوفي من ان يجدني ويقتلني لهروبي منه 
- يا الهي ! لم اكن أعلم انك تعانين كل هذه المدة 
الأم بارتياح : المهم انه مات وانتهى أمره 

وعاد الى غرفته مصدوماً بعد علمه بقتل والده الذي تشوّهت صورته في نظره للأبد .. لكن مالا يعمله مايكل انها كانت البداية! 
***

في صباح اليوم التالي , ودّع امه بحجّة العودة الى الجامعة .. ووصل عصراً الى بيته قرب الغابة المشؤومة 
وفي ذلك المساء وقبل ان ينام , وصله اتصال على هاتف منزله ..
فأجاب بتعب : الو
فردّ عليه الصوت : وأخيراً أجبت على هاتفك 
مايكل : من معي ؟!
- لقد رأيتك وانت تقتل الشيطان 

فقفز مايكل من سريره فزعاً : من انت ؟!!
- إهدأ ولا تخف .. نحن من عصابة العقرب وكنّا نراقب العجوز لأننا لم نصدّق باعتزاله .. وقد أُعجب رؤسائي ببطولتك بعد ان صوّرتك من بعيد وانت تقتله .. ونريدك بمهمةٍ سرّية 
- انا لست قاتلاً !!
- 300 الف دولار 
مايكل بدهشة : ماذا !
- سنعطيك هذا المبلغ في حال قتلت تاجر مخدرات 
- تاجر مخدرات !
- بالطبع , فنحن لا نقتل الأبرياء .. هو بالحقيقية منافسٌ قويّ لنا.. ونحتاج وجهاً جديداً لاختراق صفوف عصابتهم , لقتل رئيسهم  

فسكت مايكل لبعض الوقت .. فقال له المجرم :
- يبدو انك تفكّر .. اذاً سنرفع السعر الى نصف مليون دولار
- أحقاً !
- نعم , تصوّر ما يمكنك فعله بهذا المبلغ الضخم .. فإن كنت شاباً جيداً ستشتري منزلاً جميلاً لأمك , بدل بيتها القديم ذو السياج الأحمر
مايكل بخوف : ماذا ! أكنتم تراقبونني ؟
- بالتأكيد !! فما رأيك ان تُسعدها , بدل ان نُخيفها برجلين من عندنا يقتحمان منزلها هذه الليلة
مايكل صارخاً بغضب : يا حقير !!
- لا تنفعل هكذا , فنحن لن نمسّها اذا وافقت على عرضنا 

مايكل : لكن ليس عندي سلاح
- هناك خزانة سرّية في قبو كوخ العجوز , أعتقد انه يُخفيها خلف الخزانة الحديدية , لهذا لم تعثر عليها الشرطة .. وستجد فيها أقوى الأسلحة كاتمة الصوت , برأيّ ان تبدأ التدرّب عليها في الغابة .. وسنتصل بك بعد شهر 
- تتصلون على هذا الهاتف
- لا طبعاً .. سنتصل على رقمك الجديد ..
مايكل : ليس عندي جوال
- إفتح باب منزلك وستجد هاتفاً جديداً , لكن إيّاك ان تغير رقمه .. سنكلّمك عليه لاحقاً ..كما ستجد حاسوباً , حين تفتحه تجد صفحة عليها حسابك البنكي الذي افتتحناه لك هذا النهار , والذي أعدك ان يمتلئ بالمال ان أجدّت القيام بمهمّاتك ..كل ما عليك فعله الآن هو التدرّب جيداً , فنحن لا نتقبّل الأخطاء .. أظن كلامي مفهوم 
مايكل بتردّد : سأحاول جهدي 
- أحسنت !! سنلتقي بك لاحقاً .. سلام

وحين فتح باب منزله , وجد صندوقاً به : جوالاً مشحون وحاسوب..
وظلّ مايكل يفكّر بالأمر طوال الليل , الى ان وصل لقرار .. مُقنعاً نفسه :
((يريدوني ان أقتل مجرماً , وبذلك أخلّص المجتمع من انسانٍ فاسد في مقابل نصف مليون دولار , أُسعد بها امي التي عاشت كل حياتها في فقرٍ وخوف .. لا أظن سيكون الأمر بهذه الصعوبة))
***

في اليوم التالي .. أخذ شنطة ملابسه وذهب الى كوخ الغابة , ونزل القبو وهو مازال يشعر بروح والده المخيفة تحوم في المكان .. وكانت الشرطة قد أخذت مرطبان العيون والهيكل العظمي .. 
وحين جرّ الخزانة الحديدية الصدئة , وجد خلفها مجموعة من الأسلحة عالية الجودة ! وعلى الفور إعترته الحماسة لتجربتها .. 
***

وأمضى شهراً في الغابة يصطاد الأرانب والطيور مُستخدماً جميع انواع الأسلحة 15 التي يمتلكها والده .. وكان معجباً بمسدسٍ صغير ذو رصاصاتٍ متفجّرة , بعد ان لاحظ سهولة قتل الحيوانات به !
فتمّتم قائلاً وهو يتفحّصه :
((هذا أنسب سلاح للقيام بالمهمّة , فهو سهلٌ إخفائه ونتيجته محتّمة))

وفجأة ! أتاه الإتصال الأول على جواله قائلاً : يبدو انك مستعدٌ الآن
مايكل باستغراب : وكيف عرفت ؟!
- كنّا زرعنا كاميرات مراقبة حول الكوخ وفي اجزاءٍ متفرقة من الغابة .. ولاحظنا مع الأيام تطوّرك باستخدام الأسلحة , وأظنك تدرّبت بما فيه الكفاية وحان وقت العمل 
مايكل : ومتى سأنفّذ المهمة ؟
- اليوم مساءً 
- أبهذه السرعة ؟!
- نعم , وبعد قليل سنرسل لك شخصاً يُطلعك على كافة المعلومات التي تحتاجها
مايكل بثقة : سأكون في انتظاره
- ممتاز !! أرِنا براعتك يا بطل
- وماذا بشان المال ؟
- نفّذ اولاً , وسنرسل على حسابك المبلغ المتفق عليه .. نراك قريباً .. سلام

وأغلق مايكل الجوال وهو يشعر بشعورٍ مُتناقض : بين الحماس وتأنيب الضمير , وبين الخوف والطمع بالمكافأة الضخمة 
***

وبعد حصوله على كافة المعلومات من رجل العصابة , إنطلق بآخر الليل بسيارته الجديدة (مِهداء من العصابة) لملاحقة منافسهم الشرس الذي اتخذ الحانة مقرّاً له .. 

وانتظره في موقف السيارات .. وما ان خرج من الحانة للقيام بمكالمةٍ مهمّة بعيداً عن حرّاسه الشخصيين , حتى أرداه مايكل برصاصتين إخترقتا قلبه .. ثم أسرع هارباً الى المحطة القريبة ليترك فيها سيارته الفارهة , عائداً بسيارته القديمة الى الغابة (إحتراساً من كاميرات الطرقات , كما نبّهته العصابة التي ستسترجع سيارتها لاحقاً).. 
***

وفي الكوخ .. أزال مايكل قناعه وقفازيه وهو غارقٌ بالدموع , بعد إحساسه بتأنيب ضميرٍ لا يطاق .. 
لتصله بعد دقائق .. مكالمة من رجل العصابة : هنّأه فيها على دقة التصويب بقتله الهدف .. ثم سأله :
- لما صوتك هكذا ؟ هل تبكي ؟!
مايكل وهو يمسح دموعه : لا ابداً
- إسمع ايها الشاب .. انت الآن متورّطٌ معنا ولا يمكنك الإنسحاب .. لكني سأخفّف عنك ألم الضمير .. إفتح حاسوبك وستجد ما يسرّك .. ومن بعدها إرتح جيداً , لأنه ستكون هناك مهماتٍ جديدة في المستقبل , فأعدائنا كُثر .. سنتواصل معك لاحقاً .. سلام

وحين فتح مايكل حاسوبه .. وجد نصف مليون دولار في حسابه , ممّا أذهب حزنه وجعله يشعر بحماسٍ وتفاؤلٍ بالمستقبل .. فهو بضغطه على الزناد , تحوّل بلحظة من شابٍ فقير الى ثريّ ! 
فجلس يخطّط لحياته الجديدة وبالأشياء الجميلة التي يريد تجربتها من متع الحياة..

وبينما هو غارقٌ بأحلامه , وصله اتصالٌ آخر على جواله :
- هل انت من قتلت رئيس عصابة الثعبان قرب الحانة ؟
مايكل بخوف : أأنت شرطي ؟!
- لا طبعاً لا تخف , انا من افراد تلك العصابة 
مايكل بفزع : ماذا ! 
- لا تقلق , فأنا كنت أتوق لقيادة عصابتي منذ مدةٍ طويلة , وأشكرك على إزاحة رئيسي القاسي عن طريقي .. وأريدك في مهمّةٍ أخرى 
- وماهي ؟ 
- اريدك ان تقتل رئيس عصابة العقرب .. وقبل ان تقول شيئاً , أعرف انك تعمل لديهم .. لكني أنصحك بأن تعمل بشكلٍ مستقل عن بقية العصابات , فهذا يزيد من فرص عملك .. وفي حال قتلت رئيسهم , سأعطيك مليون دولار
مايكل بدهشة وحماس : مليون !
- نعم , ضعف ما أعطوه لك
مايكل باستغراب : وكيف عرفت ؟!
- نحن نعرف كل شيء , فرجالنا منتشرون في كل مكان.. هآ ماذا قلت ؟
مايكل : كنت سألتقي بهم غداً للإحتفال بنجاح خطتنا 
- جيد , وقتها تنفّذ المهمّة .. لكن اريد اولاً التأكّد من براعتك في العمل

فأجابه مايكل بثقة , بعد ان تملّكه الغرور : 
- لا تقلق , فأنا قاتلٌ محترف ..هل سمعت بسفّاح العيون ؟
- بالطبع , فهو كان أشهر قاتلٍ مأجور في عالم الجريمة
مايكل : وانا ابنه 
- لم نكن نعرف ان لديه ابن ! 
مايكل : وهو لم يعرف ايضاً 
- يبدو ان القتل وراثة بعائلتكم ! لكن ليس بالضرورة ان تكون بمثل براعته 
مايكل بفخر : اساساً انا من قتلت والدي ورميته بالحفرة , ثم اتصلت بالشرطة لانتشال جثته 
- أحقاً ! من الواضح انك مُتبلّد المشاعر كوالدك  .. حسناً قمّ بالمهمّة وستحصل بالإضافة على المليون , على إشتراكٍ مجانيّ في حانتنا : إيّ نساء وخمور وقمار متى شئت
مايكل بحماس : ممتاز !! وماذا يريد الشاب أكثر من ذلك
- اذاً اتفقنا.. نراك لاحقاً .. سلام

وأغلق مايكل المكالمة .. ثم صعد الى غرفة والده بالكوخ , وأخذ صورته الشخصية الصغيرة التي ثبّتها بطرف المرآة .. 
وقال وهو يتمعّن في صورة والده : 
- سأنافسك يا والدي , وسأجعل أعداد القتلى أضعاف ضحاياك .. راقبني من الجحيم وسترى كيف سأتفوّق عليك !! 

وابتسم ابتسامةٍ خبيثة ! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مسابقة الجدارة

تأليف : امل شانوحة منصبٌ رفيع إستوفى خمسة شباب شروط الوظيفة في شركةٍ مرموقة .. واجتمعوا في مكتب المدير العام (أغنى تجّار البلد) الذي قال لهم...