تأليف : امل شانوحة
جيناتٌ فاسدة !
إقترب رجلٌ في أواخر الستينات من محاسب متجر الخردوات , لدفع ثمن اغراضه التي اشتراها وهي : مجرفة وحبل وحافظات بلاستيكية كبيرة الحجم , ومنشار كهربائي وشريطٌ لاصق وسكينٌ حادّ.. ثم ركب شاحنته منطلقاً للغابة
فأسرع ماجد للإتصال بالشرطة :
- الو ..اريد الإبلاغ عن رجلٍ مشبوه .. اظنه ينوي قتل احدهم وتقطيعه وإخفاء اشلائه بالغابة .. سأرسل لكم رقم شاحنته التي التقطتها كاميرات المراقبة
- حسناً سنرسل دوريّة لتفتيش المكان
***
من جهةٍ أخرى .. لاحظ العجوز إنتشار الشرطة حول الغابة .. فأطفأ انوار كوخه ، وهو يقول :
((هل أبلغ المحاسب الغبي عنّي ؟! إن فعل !! سيكون هذا آخر شيء يقوم به في حياته .. الآن عليّ الإختفاء لحين انتهاء الأزمة))
***
بعد شهر .. تناسى ماجد قصة العجوز , وخرج من المحل كعادته قبيل الفجر متوجهاً لبيته
وحين مرّ بجانب الغابة .. رفع العجوز رأسه من المقاعد الخلفية لسيارة ماجد ، ليطبق قماشة مبلولة بالمخدّر على أنفه .. ويسقط الشاب مغشياً عليه!
***
بعد قليل .. إستيقظ ماجد مُكبّلاً بالسلاسل في قبوٍ مخيف ! بجانبه هيكلاً عظميّ , ومرطبان لمحلولٍ كيميائي فيه عيون بشريّة
ثم اقترب منه العجوز وهو يقول :
- بعينك الخضراء الجميلة سأكمل العدد ل50 عيناً ، الم تسمع بسفّاح العيون ؟
فقال ماجد باكياً :
- أرجوك دعني أذهب ، أنا لم افعل شيئاً !!
- الم تبلّغ الشرطة عليّ ؟
- هم اوقفوا التفتيش عنك .. ارجوك إطلق سراحي ، وأعدك ان لا اقول شيئاً
العجوز : أترى الهيكل العظمي الذي امامك ، كان صديق عمري .. عملنا معاً بالقتل المأجور لثلاثين عاماً .. وحين علمت بخيانته لي ، سرقت امواله وتركته يموت جوعاً .. فهل تظنني سأشفق عليك ، وأتركك بعد رؤيتك لمقرّي السرّي ؟ .. محال !! .. السؤال الأهم , كيف سأقتلك ؟ .. هل أحرقك ؟ ام أقطّعك وانت حيّ ؟ ام أبحث عن اقاربك واقتلهم امام عينيك ؟ .. آه وجدتها !! سأدفنك حيّاً في حديقتي
ماجد باكياً : لا !! ارجوك سيدي , دعني أذهب فأنا ..
المجرم مقاطعاً : توقف عن النحيب !! فأنا أكره بكاء الرجال .. (ثم تنهّد بضيق) .. الغريب انني قرّرت التقاعد بعد كبري في السن , وأخبرت عصابتي بقرار اعتزالي .. وأتيت الى هنا لأستريح ، واشتريت تلك الخردوات للإهتمام بحديقتي .. ثم أتيت انت لتفسد راحتي .. على كلٍ اعدك أن لا أقلع عينك قبل موتك ، ارأيت كم انا رحيم .. والآن إشتمّ المخدر كي ادفنك حياً بالقبر الذي حفرته عميقاً لأجلك .. والأفضل ان لا تقاومني ..
وأطبق قماشة المخدّر بقوة على انفه ، الى ان أغميّ على الشاب ..
***
بعد جرّه بجانب القبر ، تفاجأ بماجد يقفز عليه بقوة وهو يقول :
- انا سبّاحٌ ماهر واستطيع كتم انفاسي جيداً ايها الحقير !!
واستطاع سحب المجرفة من يد العجوز ، لينهال بها ضرباً على جمجمته الى أن هشّمها تماماً .. ثم رماه داخل القبر ، وفرّ هارباً بسيارته
***
في الطريق .. إتصل ماجد بالشرطة لإخبارهم بمكان جثة سفّاح العيون دون اطلاعهم على التفاصيل .. وعاد للقرية لزيارة امه
***
وصل صباحاً الى منزل امه .. وحين احتضنها بقوة ، قالت له بقلق:
- ماجد ! مابك ترتجف هكذا ؟ هل انت مريض ؟
- لست بخير يا امي
- إرتاح في غرفتك ، لحين إعدادي الحساء
***
في المساء .. إستيقظ ماجد على صوت الأخبار ..
وكان في النشرة : ((إنتشال الشرطة لجثة سفّاح العيون من الغابة))
فسألها باستغراب :
- لما تبكين ؟
امه وهي تمسح دموعها : لأني أخيراً سأنام بسلام دون الخوف منه , فأنا أعرف السفّاح شخصياً
ابنها بدهشة : ماذا تقصدين ؟!
فتردّدت الأم قليلاً , ثم قالت : السفّاح هو والدك يا ماجد .. فأنا تزوجته رغماً عن اهلي .. وكان يعاملني جيداً .. لكنه تغير بعد زيارة صديقه القديم .. فصار يطيل السهر مساءً ، ويسارع بعد عودته بغسل ملابسه والإستحمام .. فظننت انه يخونني .. فراقبت اتصالاته لأعرف انه قاتلٌ مأجور ، في نفس اليوم الذي عرفت فيه بحملي .. فلم اخبره شيئاً ، وهربت من المنزل اثناء غيابه .. وقدمت الى هنا للعمل كنادلة للإهتمام بك .. ومع ذلك لم اهنأ يوماً ، خوفاً من ان يقتلني لأني تركه دوت إذنه .. واليوم ارتحت منه أخيراً !!
وشعر ماجد بصدمةٍ عنيفة لقتله والده الذي تشوّهت صورته امامه ..
***
في اليوم تالي ، عاد الى جامعته ..
وفي المساء .. بعد عودته الى منزله ، وصله إتصالٌ مريب :
- رأيتك وانت تقتل السفّاح
فسأله ماجد فزعاً : من انت ؟!!
- لا تخف ، لست الشرطة .. بل عصابة العقرب التي ينتمي اليها السفّاح ، وكنا نراقبه لأنا لم نصدّق باعتزاله .. وصوّرناك وانت تقتله ببسالة .. لهذا نريدك بمهمةٍ سرّية
- لست قاتلاً !!
- 300 الف دولار
ماجد بدهشة : ماذا !
- سنعطيك المبلغ في حال قتلت تاجر مخدرات
- تاجر مخدرات !
- بالطبع , نحن لا نقتل الأبرياء .. هو بالحقيقية منافسٌ قويّ لنا.. ونريد وجهاً جديداً لاختراق صفوفهم وقتله .. وإن أجدّت العمل ، سنرفع المبلغ لنصف مليون لكيّ تشتري منزلاً فخماً لأمك بدل منزلها القديم ذوّ السياج الأحمر
- هل تراقبونني ؟
- بالطبع .. والأفضل ان تطيعنا بدل إرسالنا لصاً لإفزاع امك هذه الليلة
ماجد صارخاً بغضب : يا حقير !!
- لا تنفعل ، نحن لن نؤذيها إن وافقت على عرضنا
ماجد : لا أملك السلاح
- ستجد خزانة سرّية في قبو كوخ العجوز , أعتقد يُخفيها خلف خزانته الحديدية , لهذا لم تعثر عليها الشرطة .. وفيها أقوى الأسلحة كاتمة الصوت ، تدرّب على استخدامها في الغابة .. وسنتصل بك بعد شهر على جوالك الذي وضعناه امام باب منزلك ، مع حاسوبٍ جديد فيه صفحة حسابك البنكي الذي افتتحناه لك هذا النهار .. والذي أعدك ان يمتلأ بالمال بعد كل مهمّة تنجزها ، بشرط ان لا ترتكب الأخطاء
ماجد بتردّد : سأحاول جهدي..
بعد إغلاق المكالمة ، قال في نفسه :
((يريدون قتل مجرم , ونصف مليون مبلغٌ كبير لإسعاد امي .. لا اظن الأمر بهذه الصعوبة))
***
في اليوم التالي ، أخرج الأسلحة من الكوخ ..وبدأ يتدرّب على صيد الأرانب والطيور بالغابة
***
وبعد شهر .. وصله اتصال على جواله :
- يبدو انك مستعدٌ الآن ، فقد وضعنا كاميرات مراقبة بالغابة .. ولاحظنا تطوّرك باستخدام الأسلحة .. وحان وقت العمل
ماجد : متى سأنفّذ المهمة ؟
- اليوم مساءً .. سنحوّل المال الى حسابك فور إنجازك المهمة .. وسأرسل العنوان الآن ، بالإضافة لسيارتك الجديدة
***
في آخر الليل .. وصل ماجد بسيارته الجديدة الى موقف سيارات الحانة (مقرّ العصابة) .. وبعد إنتظاره لبعض الوقت .. خرج الشخص المطلوب لإجراء مكالمة ، بعيداً عن حرّاسه الشخصيين .. فأطلق رصاصة في قلبه ، قبل هروبه من المكان .. وعاد بسيارته القديمة الى كوخ الغابة وهو يرتجف خوفاً
***
في الكوخ .. وصله اتصال :
- أحسنت يا بطل !! قتلته برصاصةٍ واحدة !
فأجابه ماجد بصوتٍ مرتجف : رجاءً لا تتصلوا بي ثانية
- يبدو ان ضميرك يؤنّبك .. إفتح حاسوبك لترى المبلغ في حسابك والذي سيزداد في المهمّات التالية ، فأعدائنا كُثر .. سنتواصل لاحقاً
وشعر ماجد بالحماس فور رؤيته المبلغ بحسابه ..
وبينما هو غارق بأحلامه , وصله اتصالٌ آخر :
- هل انت من قتلت رئيس عصابة الثعبان قرب الحانة ؟
ماجد بخوف : هل انت شرطي ؟!
- لا ، انا من افراد تلك العصابة .. وكنت أتوق لقيادة عصابتي ، فشكراً على إزاحة رئيسي من طريقي .. وأريدك في مهمّةٍ أخرى
- ماهي ؟
- اريدك ان تقتل رئيس عصابة العقرب .. أعرف انك تعمل لحسابهم ، لكني أنصحك أن تعمل بشكلٍ مستقل , فهذا يزيد فرص عملك .. وفي حال قتلته , سأعطيك مليون دولار ..وهو ضعف المبلغ الذي اعطوه لك ..
ماجد باستغراب : كيف عرفت ؟!
- رجالنا منتشرون في كل مكان.. ماذا قلت ؟
ماجد : سألتقي بهم غداً للإحتفال بنجاح خطتنا
- جيد , وقتها نفّذ المهمّة .. هل تجيد العمل ؟
فأجابه ماجد بثقة , بعد ان تملّكه الغرور :
- نعم أنا قاتلٌ محترف ..هل سمعت بسفّاح العيون ؟
- بالطبع , هو أشهر قاتل مأجور في المنطقة
ماجد : وانا ابنه
- لم نعرف ان لديه ابن !
ماجد : هو ايضاً لم يعرف
- يبدو القتل وراثة بعائلتكم ! أأنت بارعٌ مثله ؟
ماجد بفخر : انا من قتلت والدي ، وأبلغت الشرطة عن جثته
- يبدو انك مُتبلّد المشاعر مثله ! حسناً إنجزّ المهمّة وستحصل بالإضافة للمال ، على إشتراكٍ مجانيّ في حانتنا : يعني نساء وخمور وقمار كما تشاء
ماجد بحماس : وماذا يريد الشاب أكثر من ذلك
- اذاً اتفقنا.. نراك لاحقاً ..
***
ثم صعد ماجد الى غرفة والده بالكوخ , وأخذ صورته الشخصية الصغيرة المثبّتة بطرف المرآة .. وقال له :
- سأنافسك يا والدي .. راقبني من الجحيم لترى كيف سأتفوّق عليك!!
وابتسم ابتسامةٍ خبيثة !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق