الخميس، 3 يناير 2019

إنتقام من الماضي

تأليف : امل شانوحة


لا تقتلني يا أخي !!

إستيقظ جيمي من غيبوبته التي دامت خمس سنوات ليقول بضعة كلمات  قبل ان يفارق الحياة !

كلمات غيّرت مجرى القضية , بعد ان حُوكم جاره مايكل بالسجن عشر سنوات لإعتدائه عليه بعصا البيسبول الذي أفقد جيمي وعيه لسنوات , إثر مشاجرةٍ سابقة على موقف سيارة , بشهادة بوّاب العمارة وجارين آخرين 

ورغم ان مايكل قضى خمس سنوات من محكوميته , الا انه ظلّ مُصرّاً على براءته , وبأن حظّه العاثر جعله يتشاجر مع الضحيّة قبل ليلة من حصول الإعتداء ! 

لكن ما سمعته والدة جيمي في لحظاته الأخيرة حيّرت المحقق المسؤول عن هذه القضية ! 

حين سأل جيمي (بعد استعادة وعيه) أمه بتعب :
- اين انا ؟
فصرخت الأم بدهشة وفرح : وأخيراً استيقظت حبيبي !! انت في المشفى بنيّ .. فجارك اللعين مايكل ضربك بوحشيّة بسبب شجارك السابق معه !
فقال جيمي بألم : لم يكن مايكل يا امي , بل أخي جاك
الأم باستغراب : لكن أخوك توفي بالحرب قبل ست سنوات , هل نسيت ؟!
جيمي : كان هو يا امي , رأيته وهو يضربني بالعصا.. أظنه اراد الإنتقام مني لحرمانه من الميراث , ولسرقتي حبيبته .. 
الأم : انت تتوهّم يا جيمي .. فالجيش أرسل لنا جثمانه ودفناه قرب والدك , وانت زرته بنفسك عدة مرات ..الا تذكر ؟!  
جيمي بإصرار : بل كان هو !! جاك قتلني يا امي 

ثم صرخ متألّماً وهو يحاول إلتقاط أنفاسه !!! فصرخت الأم للطبيب والممرّضات الذين لم يستطيعوا إنقاذه .. وفارق الحياة , تاركاً خلفه لغزاً غامضاً !  

فهل سُجن الجار ظالماً ؟ وكيف يمكن ان يقتله أخوه الميت منذ سنوات ؟! امّ إن جيمي كان يهلوس قبل لحظة وفاته ؟

كل هذه الأسئلة جعلت المحقق يفتح القضية من جديد , خاصة بعد ان أثبت جهاز الكذب عدة مرات صدق الجار مايكل الذي أخبرهم بأنه كان في شقته نائماً وقت تعرّض جيمي للإعتداء ! ..فإن كان كلامه صحيح , فمن هو القاتل الحقيقي ؟!  
*** 

واكتشف المحقق لاحقاً : بأن الجندي جاك كان يكبر أخاه جيمي بخمس سنوات وهو بالحقيقة ابنٌ بالتبني , بعد فشل والدة جيمي بالحمل طوال اربع سنوات من زواجها .. 

وبعد بلوغ جاك سن الخامسة , حملت بجيمي بعد طول علاج .. فأصرّ زوجها على إعادة جاك الى الميتم بعد ولادة ابنه , لكنها رفضت إبعاده عنهم  

وبعد وفاة والد جيمي , تفاجأ جاك بحرمانه من الميراث ! وحينها أخبرته امه بالحقيقة التي أخفتها عنه لسنوات , ممّا تسبّب بصدمةٍ كبيرة لجاك ! خاصة بعد رفض اخوه جيمي مقاسمة الميراث معه 

ليس هذا فحسب .. بل ان خطيبته تخلّت عنه لتتقرّب من جيمي الغني .. فحصلت بينهما مشاجرةً كبيرة وصلت للضرب والشتائم , فاضّطرت الأم لمنع جاك من زيارتهما مجدداً.. ليقوم بعدها بالإلتحاق بالجيش والسفر بمهمّةٍ حربية الى بلدٍ نامي في افريقيا , بعد خسارته عائلته .. 
وآخر ما قاله جاك لأمه وأخيه : بأنه سينتقم منهما ذات يوم ! 
***

وفي مكتب المحقق .. دخل الشرطي وهو يحمل ملفاً وصل اليهم من الإدارة العسكرية :
- سيدي .. وصلنا ملف جاك وفيه : انه أصيب قبل ست سنوات بلغمٍ أرضيّ في إفريقيا اثناء مهمّةٍ عسكريّة , نُقل على إثرها الى المستشفى الميداني , وتوفي بعد اسبوع متأثّراً بجراحه .. وهذا يعني انه مات قبل سنة من حادثة الإعتداء .. وأظن إن جيمي في لحظاته الأخيرة شعر بتأنيب الضمير لما فعله بأخيه المتبنّى , لذلك تخيّل بأنه رآه وهو يعتدي عليه .. لا تفسير آخر للموضوع 

المحقق : المشكلة ان نتيجة تحقيقاتي السابقة أدّت الى سجن الجار الذي لم يتشاجر في حياته الا مع جيمي الذي أوقف سيارته بشكلٍ خاطىء أدّى الى تأخّره بإيصال زوجته الى المستشفى بعد إجهاضها جنينها في ذلك النهار .. وعلى حسب قوله : إنه عاد مساءً متعباً الى شقته بعد قضاء نهاره كلّه في المستشفى , لينام على الفور .. لذلك لم يسمع صرخات جيمي من الشقة المجاورة ! 

الشرطي : أتظن اننا ظلمنا مايكل حين قبضنا عليه ؟
المحقق : أظن ذلك .. لكن يبقى السؤال : من الذي اعتدى على جيمي ؟  خاصة انه لم يسرق شيئاً من الشقة ! ..(ثم يفكّر قليلاً) .. يبدو انني سأضّطر للسفر الى افريقيا للتحقيق مع اصدقاء الجندي جاك , لربما أجد شيئاً يقودني لحلّ هذا اللغز المحيّر !
***

وبالفعل سافر المحقق الى الثكنة العسكرية في افريقيا .. وهناك حقّق مع اصدقاء جاك الذين شهدوا بحسن اخلاقه وشجاعته المجنونة بأرض المعركة
المحقق : ماذا تقصد بشجاعته المجنونة ؟

صديق جاك : كان مسؤولاً عن الألغام , وكان يُزيلها دون لبس الثياب الواقية ! وأعتقد ان صدمته بعائلته جعلته لا يبالي بالموت 
فقال الصديق الآخر : هذا صحيح ..ففي يوم سألته عن الحب , وأجابني  بأن اخاه طعنه في قلبه حين سرق حبيبته , لذلك لم يعدّ يصدّق بأيّةِ مشاعر إنسانية ! 
الصديق الأول : نعم فقد كره أخاه كثيراً , فهو لم يحرمه فقط من خطيبته بل من الميراث ايضاً .. والأسوء ان امه وقفت مع ابنها البيولوجي ضدّه , رغم انه كان أحنّ عليها منه ! لكن سيدي لما تسأل كل هذه الأسئلة , فجاك توفي قبل جيمي !

فأخبرهما المحقق بما قاله جيمي في لحظاته الأخيرة , فسمعهم جندي آخر كان يمرّ من امام طاولتهم بقاعة الطعام للجنود .. فقال للمحقق :
- ربما الذي رآه جيمي يحمل العصا كان اريك وليس جاك
المحقق باهتمام : ومن اريك ؟!

فجلس الجندي معهم , قائلاً له :
- اريك هو جندي في الفرقة الثانية , إلتقينا به مرة في إحتفال رأس السنة ..وكان يشبه جاك كثيراً ! 
فقال صديق جاك : آه نعم أريك , كيف نسيته ؟! هو فعلاً يشبهه كثيراً , حتى انني سألته مرة ان كان اخوه التوأم ؟ لكنه أنكر ذلك
المحقق : اريدكم ان تخبروني بأسم اريك كاملاً لأسأل قيادته عنه 
***

وبالفعل ذهب المحقق الى الجهة الأخرى من المدينة الأفريقية للسؤال عن الجندي اريك .. فأخبره قائده : بأنه تسرّح من الجيش منذ خمس سنوات ليعود الى بلدته , التي تُصادف بأنها تبعد بضعة كيلومترات عن بلدة جيمي!
***

بعد هذه المعلومة .. عاد المحقق الى بلده وهو متأكّد بأن لإريك يدّاً بالقضية , خاصة انه كان متواجداً بالبلاد لحظة الإعتداء على جيمي .. فهل اراد الإنتقام لصديقه جاك ؟ وما سرّ التشابه الكبير بينهما ؟! (وذلك بعد مقارنته صورته مع صورة جاك , رغم إختلاف اسماء عائلتهما)
***  

ووصل المحقق بعد اسبوع الى منزل اريك , ليعلم بأنه انتقل من منزله بعد يومين فقط من حصول الإعتداء الوحشي على جيمي , ممّا يُؤكّد تورّطه بالقضية ومحاولته الهرب من يد العدالة .. 
والأهم هو ما اكتشفه المحقّق لاحقاً .. فأريك عاش ايضاً في نفس الميتم التي كان بها جاك , وتبنّته عائلة أخرى .. 

فأسرع المحقّق الى دار الإيتام للبحث في سجلّاتها القديمة , بعد ملاحظته التشابه في يوم ميلاد إريك وجاك !

وهناك إنكشف السرّ أخيراً : فأريك وجاك أخوين توأمين تبنّتهما عائلتين مختلفتين .. ومن بعدها سافرت عائلة الطفل اريك الى افريقيا .. ليقوم ابنهم بعد بلوغه سن الشباب بالتطوّع مع جند بلاده المتواجدة هناك .. الى ان جمع القدر الأخوين بعد طول فراق ! 

فهل طلب جاك من اخيه التوأم الإنتقام له أثناء احتضاره في المستشفى ؟ لأن سجلاّتها تُثبت بأن اريك كان آخر من زاره قبل وفاته !
***

وفي ظلّ المستجدّات الجديدة , أُصدر الحكم ببراءة الجار مايكل بعد قضائه خمس سنوات ظلماً بالسجن .. 

اما اريك فلم تعثر الشرطة عليه رغم تعميم صورته في كل المراكز , ويبدو انه هرب من البلاد بهويةٍ مزوّرة وبشكلٍ مُغاير ! لذلك أُغلقت القضية , رغم اعتراض ام جيمي التي ارادت زجّ اريك في السجن لقتله ابنها الوحيد 
***

بعد شهور .. ذهبت الأم الى قبر ابنها جيمي لوضع الأزهار عليه بعد مرور سنة على وفاته , لتجد عبارة بالخط الأحمر على شاهد قبره تقول :
((انت التالية يا امي !!))

والى هذه اللحظة لم تستطع الشرطة إيجاد أثراً للأم بعد زيارتها لمقبرة إبنها التي لم تخرج منها ابداً !  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مسابقة الجدارة

تأليف : امل شانوحة منصبٌ رفيع إستوفى خمسة شباب شروط الوظيفة في شركةٍ مرموقة .. واجتمعوا في مكتب المدير العام (أغنى تجّار البلد) الذي قال لهم...