الأحد، 24 يوليو 2016

طفلة المصعد

تأليف : امل شانوحة

مصعد, توقف, طفلة, شاب, جدّ, معاناة, نفسية, حوار, علاج
أخرجوني من هنا !!


ما أن تظهر ملامحه في الحارة , حتى يتراكض الأولاد هنا وهناك كرهاً لمرآه , وقد عُرف بكاره الأطفال .. فهذا الشاب ذوّ الملامح الحادّة التي لا توحي رؤيته على الأرتياح , عاش طفولةً قاسية ومعذّبة ، فاقداً حنان الأم بموتها وعدم مسؤلية أبيه وكره جده له ....فكان كلما وجد الأولاد يلعبون الكرة بفرح , أخذها منهم ورماها بعيداً .. وهو يصرخ في وجه الأولاد وينهرهم , فهو لا يطيق سماع أصواتهم ... 

لهذا كرهه الجميع , مما جعل لقمة عيشه لا تسدّ الرمق .. كما إن معظم  الناس رفضوا توظيفه لسوء سمعته .. حتى وظيفته كساعي عند خال صديقه (المدير في إحدى الإدارات) طُرد منها اليوم دون سبب ! لذلك ذهب الشاب المعروف بإسم عاصي لزيارة صديقه , ربما يتوسّط له عند خاله ويحلّ المشكلة , كيّ لا يصبح عالة دون راتب ..

وصعد درجات سلّم البناية وطلب المصعد .. ووصل الى الطابق الخامس حيث منزل رفيقه .. لكن الجواب كان بعدم وجوده في المنزل ! فاستدار غاضباً ، وعاد أدراجه الى باب المصعد الذي صعد الى فوق ..  

فأخذ يكبس الزرّ بعصبية لينزل إليه بسرعة .. إلى أن توقف باب المصعد عنده .. وحين فتحه ، وجد فتاة صغيرة (ذات السنوات الثمانية) تحمل لعبتها .. فأخذ يتأففّ ، فهو لا يريد النزول معها (لكرهه للأطفال ، ولأصواتهم المزعجة) 

فقالت له : 
- إدخل ياعمّ .. المصعد كبير , يمكننا النزول معاً 
فاضطّر للدخول لأنه مستعجل ، وكبس زرّ الطابق الأرضيّ.. 

وماهي الا لحظات .. حتى اهتزّ المصعد ، قبل توقفه نهائياً ! 
وأضيء اتوماتيكياً , نورٌ خافت في سقف المصعد 

وفجأة ! علت صرخات الشاب الهستيريّة .. بينما تراقبه الصغيرة بخوفٍ وقلق 
وظلّ الشاب يردّد خائفاً : 
- إفتحوا الباب !! 
وهو يطرق بقوّة على باب المصعد !

فحاولت البنت تهدئته : 
- اهدأ ياعمّ , إنقطعت الكهرباء كما يحصل عادةً !
لكن الشاب ظلّ يصرخ بضيق : 
- لا أستطيع التنفّس , أرجوكم إفتحوا الباب !!

ثم ظهر صوت البوّاب من خارج المصعد : 
- من في الداخل ؟!
البنت : عم أبو علاء ، لقد علقنا !!
البواب : من أنتِ ؟
فأجابته : مها ، من الطابق السادس 
ابو علاء : مها أحمد ؟
مها : نعم
ابوعلاء : ألم يخبرك أحد إن المصعد معطّل ؟!

وهنا جنّ جنون الشاب : 
- ماذا يعني هذا ؟! إخرجنا الآن !!! 
البوّاب باستغراب : من معك يا مها ؟!
فأجابته : رجلٌ لا أعرفه !

وتابع الشاب الصراخ ، فقال له ابو علاء :
- اهدأ يا رجل !! أخفت الصغيرة
فقال الشاب بصوتٍ عالي : 
- إتصل بالمصلح حالاً !! ماذا تنتظر ؟!
البوّاب : إتصلت به قبل قليل .. قال انه سيتأخر قليلاً بسبب زحمة الطريق ، إصبر قليلاً.... مها !!
مها :  نعم !!
البوّاب : حاولي تهدئته ، الى أن أجد حلاً
مها : حسناً !!

لكن الشاب تابع صراخه الى أن إنهار جاثياً على ركبتيه ، زائغاً البصر وهو يتمّتم بكلماتٍ شبه مفهومة :
- جدي ...أرجوك إفتح الباب

((في تلك اللحظات ، عاد بذاكرته لليوم الذي تغيّرت فيه حياته .. كان حينها في 10 من عمره ، عندما تجرّأ لأول مرة سؤال جده : عن سبب ضربه المستمرّ له ! 
فأجابه الجد غاضباً :
- أتريد أن تعرف السبب ؟!! حسنا سأخبرك ، لكن بعد أن أعاقبك 

وشدّه من يده بعنف ، وهو يبكي ويترجّاه أن يتركه ..
ورماه داخل خزانة حديديّة صدئة مرمية في باحة المنزل , الملتهبة من حرارة الشمس ..

ثم صرخ الجد قائلاً :
- الآن سأخبرك لماذا أكرهك ... لأنك كل يوم تشبه أباك أكثر فأكثر , في شكله وفي أخلاقه السيئة !
فقال الصبي باكياً : هذا لا يبرّر ضربي !
- وتجيبني ايضاً يا قليل الأدب... الا تفهم !! أبوك قتل إبنتي
فقال الولد منصدماً : لا !! غير صحيح 

الجد بقهر : بلى !! كان يضربها بوحشيّة .. حتى يوم أنجبتك ، قدم الينا لأخذ أخر قطعة من ذهبها للعب القمار .. وحين رفضت إعطائه عقدها ، رماها من السرير على الأرض بقوة ، دون أن يراعي إنها نفساء !  ولم أستطع أنا وجدتك إيقافه .. وسحب العقد من رقبتها وهرب , بعد أن فقدت أمك وعيها ..ولم يستطع الطبيب إنقاذها ، بعد فشله بإيقاف النزيف !  آخ !! لوّ أعرف أين هرب , لقتله بيديّ !! ..وهآ أنا عالق مع إبن قاتل إبنتي !! وكلّه بسبب جدتك (رحمها الله) .. ليتها تركتني أرميك في دار الأيتام , لكنت تخلّصت من نسله الفاسد .. لكنها ماتت الآن , وتركتني معك !

الولد : بل يجب أن تحبني ، لأنني الذكرى الوحيدة من ابنتك ! 
فصرخ الجد غاضباً : أنت لا تشبه أمك بشيء , بل تشبهه هو !! ولأني لم أحصل على انتقامي ، سأعاقبك بدلاً منه ...الآن ستبقى في الخزانة ، الى أن تتربّى جيداً !!

وأقفل عليه باب الخزانة , وابتعد وهو مازال يسبّ و يشتم صهره اللعين ...تاركاً الصغير يصرخ من داخل الخزانة المعتمة ، بخوفٍ شديد .. 
- أرجوك جدي , الجوّ حار والخزانة ساخنة.. أرجوك إفتح الباب))

وكانت هذه الذكريات تدور في رأسه , اثناء وجوده في المصعد .. حيث كان يتمّتم بخوف ، وهو مغمض العينين :
- جدي , إفتح الباب !! سأموت من الحرّ ... والله لست كأبي !! أنا لم أفعل شيئاً .. جدي ارجوك !!
فقاطعته مها باستغراب : العم ابوعلاء هو جدك ؟!

وهنا عاد الشاب الى الواقع ، وهو يتلفّت حوله بدهشة : 
- أين أنا ؟!
مها : مازلنا في المصعد ...لما وجهك محمرٌ هكذا ؟!
- من الحرّ
- لكننا في فصل الشتاء ! ما بك ياعم ؟  
- أنا خائف
مها : أنظر اليّ !! أنا أصغر منك , ولست خائفة 
- لا أحب أن أُحبس في مكانٍ ضيق 

ففاجأته بسؤالها :
- وهل كان جدك يحبسك ؟!
- ماذا ؟!... (بإرتباك).. نعم 
- ربما كنت ولداً مشاغباً
فتنّهد بحزن : لا أبداً
مها : اذاً لماذا لم تشتكي لأمك او أبوك , وهما سيمنعانه ؟
- أنا يتيم
- ماذا يعني هذا ؟!
الشاب بحزن : أيّ ليس لديّ والدين
- حرام ! أكلاهما ماتوا ؟!
- ماتت أمي بعد إنجابي .. وأبي ، لا أدري أين هو ..(وبصوتٍ منخفض) ..أتمنى أن يكون ميتاً

فقالت معاتبة : لا تقلّ هذا الكلام ! هو يبقى والدك
- كان سيئاً مع أمي
- قالت معلمة الدين : إن علينا مسامحة من يؤذينا ، لأن الله سيحاسبهم يوم القيامة  
فتنّهد بحزن : سامحه الله
- أرأيت !! هكذا أفضل... هيا إمسك هذه
- ما هذه ؟!
مها بحماس : حلوى بطعم الحامض !!
- وماذا أفعل بها ؟
- كلّها !! فأنا حين أكون حزينة أو غاضبة من أخي الصغير , أو خائفة من الإمتحان ..آكلها .. ثم أغمض عينايّ , وأفكّر بشيءٍ جميل ..وعندما تنتهي الحلوى , أصبح بألف خير .. صدّقني !! إنها حلوى سحريّة .. جرّبها !!

فأكلها الشاب على الفور ، فعاتبته :
- لا !! ليس هكذا ، عليك مصّها بهدوء .. هيا خذّ حبةً أخرى ..والآن إغمض عينيك ، وفكّر بشيءٍ جميل
فقال بيأس : ليس لديّ ذكرى جميلة أفكّر بها
مها : غير معقول !.. كم عمرك ؟
- ثلاثين عاماً
- الم يمرّ يومٌ جميل كل تلك السنين ؟ ... هيا !! حاول من جديد 

فوضع الحلوى في فمه ، وأغمض عيناه .. ثم تذكّر شيئاً ، جعله يبتسم ...
فقاطعته البنت قائلة بحماس :
- هآ ...ارأيت !!
- ماذا ؟!
مها بحماس : لقد إبتسمت الآن ... بماذا فكّرت ؟
- تذكّرت اليوم الذي انشغل فيه جدي بعزاء صديقه .. وكنت في مثل عمرك تقريباً .. وأخذتني جدتي (رحمها الله) الى السوق , ولعبت المراجيح , وأشترت لي الحلوى... كان أجمل يومٌ في حياتي
- ارأيت !! الدنيا فيها أشياء جميلة ..علينا فقط البحث عنها

الشاب باستغراب : لما كلامك أكبر من عمرك ؟!
فتضحك مها : هذا ما تقوله معلمتي أيضاً ..أتدري يا عم ..لم أعرف إسمك بعد ؟.. انا مها ، وانت ؟
- كان إسمي رضا .. وبعد وفاة جدتي , سمّاني جدي (عاصي)
- لكن رضا أجمل من عاصي !
- نعم أعرف
- وأين جدك الآن ؟
عاصي بقهر : مات .. (بصوتٍ منخفض) .. الحمد الله
- إذاً !! سأناديك عمّو رضا

الشاب بدهشة : رضا ! لم ينادني أحد بهذا الأسم منذ زمنٍ طويل , ذكّرتني بجدتي رحمها الله ..(ثم سكت قليلاً).. إخبريني الآن ..الى أين كنت ذاهبة يا مشاغبة , في هذا الوقت المتأخر ؟
- الوقت مازال عصراً ! وكنت ذاهبة الى بنت الجيران في الطابق الأول لألعب معها , فإبنتي تحب اللعب مع إبنتها
- أهآ ، أهذه إبنتك ؟ ..(وأشار الى اللعبة التي تحملها) 
- نعم 
- وما إسمها ؟
مها : سلمى
رضا : وبأيّ صفّ تدرس سلمى ؟
مها بعصبية : سلمى مازالت طفلة ، الا ترى ؟!

فضحك رضا ، ثم سألها : 
- طيب في أيّ صفّ تدرس أم سلمى ؟
- انا في الصف الثاني ، وأنت ؟
فأجاب بقهر : كنت في الثالث ، قبل أن يخرجني جدي من المدرسة
فقالت بغضب : أفّ !! لما هو لئيمٌ معك هكذا ؟!
- لأنه يكره أبي
مها : وما دخلك أنت ؟!
- قال انني سأكون سيئاً مثله عندما أكبر
- غير صحيح !! فأمي تقول : إن الله خلق كل إنسان مختلف عن غيره
-  كلامٌ جميل

مها : يعني انت لا تعرف القراءة والكتابة ؟
- بلى , أعرف قليلاً
- إذاً لماذا لم تعدّ الى المدرسة بعد موت جدك ؟
- صرت كبيراً على الدراسة
مها : لا ، جدي عمره ..لا أدري ..ربما مئة عام , فهو كبيرٌ جداً .. ومع هذا دخل مدرسة الكبار , وصار يقرأ ويكتب ..هآ ما رأيك ؟
- لا أدري .. سأفكّر بلأمر
- طيب ماذا كنت تحلم أن تكون ، حين كنت صغيراً ؟ 
- لا أذكر
مها : أعني ما الشيء الذي برعت فيه ؟ 
- كنت أحب لعب الكرة .. لكن جدي منعني الإجتماع بأولاد الحارة ، وكنت دائماً حبيس منزله  
مها بعصبية : أفّ !! أنا أكره جدك .. والله لوّ لم يكن ميتاً ، لضربته لك

فضحك رضا..
مها : إذاً أنت تحب الرياضة ؟
- نعم كثيراً
- إذاً لماذا لا تعمل في مدرستي ؟
رضا باستغراب : وماذا أعمل ؟!
- أستاذ الرياضة سافر للخارج , وهم يبحثون عن معلم آخر ...تعال عندنا !! والله سيحبّك جميع اصدقائي
- أنا لا أحد يحبني
مها : لماذا ؟!
- لأني شرير
- من قال ذلك ؟! .. إن قلت جدك ثانيةً , سأضربك أنت !!

فضحك رضا من كل قلبه .. 
مها : أنت طيبٌ جداً ، وسهل الحديث معه .. هيا أرجوك وافق على العمل في مدرستي 
- سأفكّر في الأمر , لكن لم تخبريني بعد بإسم مدرستك ؟
- مدرسة الأجيال !! هي موجودة آخر الشارع ، هل عرفتها ؟
- أظني مرّرت بها ، قبل قدومي الى هنا ! 
- جيد !! لأنه عليك أن تعمل ، لكيّ تشري الحلويات لأولادك
- ليس عندي أولاد
مها باستغراب : كيف ! جميع الكبار لديهم أولاد 
- انا لم أتزوج بعد
- ولماذا ؟

فأخفض رضا رأسه : لأني قبيح ، ولا توجد من ترضى بي
مها : لكنك جميلٌ جداً 
رضا بإستغراب : انا جميل !
- نعم كثيراً .. إنت تشبه ذلك الممثل في التلفزيون , كأنك هو ...إذا كنت لا تصدّقني ، أنظر في المرآة

وعلى الضوء الخافت .. نظر رضا في مرآة المصعد , وهو مندهش:
- فعلاً .. شكلي لا بأس فيه ! 
مها باستغراب : الا يوجد مرآة في منزلك ؟!
- بلى ، لكن هذه أول مرة أرى نفسي بشكلٍ مغاير !

وهنا قطع حديثهما صوت المصلّح من خلف المصعد ، وبجانبه البواب..
المصلّح : هآ قد أتيت !! سأصلحه في الحال .. كيف حالكما ؟
مها : نحن بخير !!
البواب أبوعلاء : وأنت يا رجل ، كيف حالك ؟
فأجاب رضا بابتسمة : أصبحت بألف خير
المصلّح : خمس دقائق وأخرجكما من المصعد ، إصبرا قليلاً !!

وهنا لاحظ رضا حزن مها ، فسألها : 
- ما بكِ ؟!
مها بقلق : طلبت معلمة العربي أن نكتب نصّاً من ثلاثة أسطر : عن ماذا سنفعله حينما نكبر ؟ .. ومازلت لا أعرف الإجابة ! 
رضا : أكتبي أنك ستصبحين طبيبةً نفسيّة
-  وماذا تفعل تلك الطبيبة ؟! 
- كما فعلت معي الآن ..تتكلّمين مع المريض , الى أن يُشفى تماماً 
مها باستغراب : لكنك لست مريضاً !
- بلى كنت مريضٌ جداً .. وبفضلك , أصبحت أفضل بكثير
- لم تجيبني بعد ...هل سأراك في المدرسة غداً ؟

فابتسم ساخراً : الأستاذ رضا ...والله لم أتخيّل نفسي يوماً أن أصبح معلماً !
- يعني ستعمل في مدرستي ام لا ؟! 
- أتدرين ، من الجيد إنني خسرت عملي اليوم  .. من كان يتصوّر أن أتحوّل من ساعي ذليل ، لمعلم رياضة محترم !
فقفزت مها فرحاً : 
- يعني وافقت !!
- لا أستطيع الرفض بعد كل هذا الإلحاح

وهنا ناداهما المصلح من خلف الباب :
- دقيقة وحدة وسينزل المصعد !!

فقال رضا للطفلة : 
-  هآ مها... هل ستذهبين الى صديقتك الآن ؟
-  الأفضل أن أعود للمنزل , فقد تأخر الوقت ..سأزورها في يومٍ آخر ، فأنا جائعة ....آه صحيح !! تعال وكلّ عندنا .. أمي طبّاخة رائعة ، وأكلها لذيذٌ جداً !! 
- لا يا مها , عليّ الذهاب .. شكراً لذوقك 

بهذه اللحظات ، وصل المصعد أخيراً للطابق الأرضيّ .. 
وودّع رضا الطفلة مها التي ظلّت في المصعد ، للعودة الى شقتها في الطابق السادس ..

ثم شكر المصلح والبواب .. وقبل خروجه من باب العمارة ، ناداه الحارس:
ابو علاء : عفواً ! لم أرك هنا من قبل ؟ 
رضا : انا لست من سكّان المبنى , كنت أزور صديقي في الطابق الخامس ..لكني لم أجده , سأزوره مرةً أخرى
ابوعلاء : أرعبني صراخك يا رجل !

فضحك رضا : كنت خائفاً بالفعل .. لكن مها بكلامها اللطيف , هدّأتني كثيراً
- نعم , جميع سكّان العمارة يحبونها
- حماها الله
- لا تؤاخذنا على العطل الطارىء ، يا سيد...
-  إسمي رضا .. إعتذر بالنيابة عني للجيران ، على صراخي المزعج .. وشكراً لإسراعك بإحضار المصلّح
- لا أبداً , هذا واجبي ...مع السلامة

وقبل خروجه ، تفاجأ بمها تناديه :  
- عمو رضا !!
رضا : الم تعودي بعد الى بيتك ؟! ستقلق أمك عليك
مها : نسيت إعطاءك هذه 

وأعطته كيس الحلوى بالحامض ، وهي تقول :
- كُلّ منها كلما شعرت بالحزن او الغضب ، لكن لا تنسى أن ... 
فقاطعها قائلاً : نعم سأغمض عينايّ وأفكّر بشيءٍ جميل ، فهمت يا معلمتي
- هذا ضروري !! والاّ لن تقوم الحلوى بعملها السحريّ .. لكن بماذا ستفكّر هذه المرة ، أبجدتك ثانيةً ؟
رضا بابتسامةٍ حنونة : بل باليوم الذي علقت فيه مع أجمل طفلة في العالم .. سأراك غداً في المدرسة
مها بحماس وفرح : إذاً سأناديك منذ اليوم , بالأستاذ رضا !!
فابتسم رضا ، وقبّل رأسها بحنان ....
***

في طريقه الى بيته .. إقترب من اولاد حارته وهم يلعبون الكرة ، فخافوا منه ...لكنه هذه المرة لم يرمي كرتهم بعيداً كعادته ، بل لعب بها بمهارةٍ وخفّة .. فصفّق له الأولاد ، وهم مندهشون من براعته ! 

ثم ودّعهم بابتسامةٍ تعلو وجهه ، بعد شعوره بأنه وُلِد من جديد .. فلأول مرة لم يعدّ ناقماً على الحياة .. قائلاً في نفسه بامتنان : 
((شكراً يا حبيبتي مها)) 

هناك تعليق واحد:

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...