الخميس، 28 يوليو 2016

مكالمة مع ملاك

تأليف : امل شانوحة


مكالمة,ام,ابنة,موت,مظاهرات,علم نفس,علاج
اين انتِ يا ابنتي ؟!

في احدى الأيام .. اشترت فتاةٌ كرت جوّال مستعمل .. و ما ان فتحته (لأوّل مرة) , حتى انهالت عليها العشرات من الرسائل القديمة .. و محتواها كان حزيناً جداً .. فيبدو ان هذه السيدة تتمنّى من المستخدمة القديمة ان تعود للمنزل , و بأنها تحبها و انها مشتاقة اليها جداً .. 

فقرّرت الفتاة مسح هذه الرسائل .. لكن و قبل ان تفعل , رنّ جوّالها (للمرّة الأولى) ..فردّت عليه ..و ما ان قالت اول كلمة , حتى سمعت صوت سيدة تقول لها (بلهفةٍ شديدة)

-ابنتي , حبيبتي !! الحمد الله انك اجبتني ! ارجوك عودي الى المنزل.. اكاد اموت على فراقك .. و انا اعتذر منك ان كنت ضايقتك او قسوت عليك ..
لكن و قبل ان تجيبها , انقطع الإتصال .. 

و بعد لحظات .. عاد و رنّ جوّالها (من نفس الرقم) فأجابت الفتاة (بقلق) .. الاّ ان المتكلّم هذه المرّة كان شاباً , حيث قال لها (بإحراج و حزن) :
-اعتذر منك عن اتصال امي , فقد ظنّت أنك اختي المرحومة !
الفتاة :
-آه ! اسفة لسماع ذلك ..  لكن يبدو ان اختك توفيت منذ فترة قصيرة .. اليس كذلك ؟

الشاب يتذكّر :
-هذا صحيح ! (يتنهد بحزن) .. هل سمعت بالمظاهرة الجامعية التي توفّي بها العشرات من الطلبة , منذ شهرين تقريباً

فقالت بشفقة :
-آه , اكانت منهم ؟! 
يتذكّر (بحزن) :
-نعم للأسف ! و المشكلة ان امي لم تصدّق حتى الآن بوفاتها ! ربما لأنها تشاجرت معها ذلك النهار .. الاّ ان اختي  سامحها الله .. اصرّت على انضمام الى اصدقائها في المظاهرة , غير آبهى بتحذيراتنا جميعاً !


الفتاة : رحمها الله ..
الشاب :
-لا ادري لما اخبرك بكل هذا ..
-لا بأس .. اكمل , فأنا اسمعك

-المشكلة انني اضّطُررت لبيع خطّ المرحومة ظنّاً منّي بأن هذا في مصلحة امي , الاّ ان حالتها ازدادت سوءاً !  و رغم محاولاتي انا و اخوتي لإبعاد امي عن الهواتف , الا انها دائماً تجد الوسيلة لكي تعود و تتصل بصاحب هذا الرقم ..  (يتنهد) ....حتى انك ثالث شخص يشترى هذا الكرت , بعد ان ملّ جميع من قبلك من اتصالاتها المتكرّرة ...... لذا سامحينا ..  و حاولي ان تتجاهلي اتصالاتها..  

الفتاة تقاطعه :
-لحظة لو سمحت !!  هل صوتي يشبه صوت اختك المرحومة ؟

بارتباك :
-بصراحة نعم .. و الى حدٍ كبير !  لكن لما تسألين ؟!
-طيب اذاً سأسالك بعض الأسئلة عن عائلتك , و انا سأدوّن اجاباتك على دفتري..

يستفسر (بإستغراب) :
-عفواً !! لكن لماذا ؟!

الفتاة :
-بصراحة انا ادرس الطبّ النفسي .. و اظن ان هذه هي الطريقة الوحيدة لعلاج الوالدة !
-انا لم افهم بعد ما تنوين فعله ؟!
الفتاة :
سأخبرك لاحقاً !!  لكن اولاً اعطني رقم جوّالك الخاص

و بعد ان انتهت من تدوين جميع الإجابات ..طلبت من الشاب ان يُغلق الجوال و يعيده لأمه .. ثم يتركها على راحتها..

و فعلاً .. و بأقل من ساعة ..عادت الأم و اتصلت بالفتاة (التي كانت تتوقّع اتصالها)
و بنبرة حزينة (و يائسة)
السيدة :
-الو ابنتي ..رجاءً اخبريني اين انت ؟

ففاجأتها الفتاة بقولها :
-امي .. امازلت غاضبةً منّي ؟ 

فانهارت الأم باكية :
-لا حبيبتي !! لا !!!  لست غاضبة منك .. لما تقولين ذلك ؟!
الفتاة :
-لأني ذهبت للمظاهرة دون اذنك ..  (ثم تتنهد بحزن) .. آه يا امي !  كم انا نادمة لعدم سماعي لكلامكِ !

فبكت الأم و اخبرتها : بأنها سامحتها و بأنها مشتاقة اليها .. 
فأخبرتها الفتاة : بأنه مسموحٌ لها في الجنة بأن تتصل بها مرّة واحدة في الشهر , و ان عليها ان تكثر من الدعاء لها .. ثم سألتها عن باقي اخوتها الأربعة و ما فعلوه بدراستهم ...... و ما ان سمعت الوالدة بتلك التفاصيل , حتى تأكّدت بأنها تتكلم فعلاً مع ابنتها ..و امتدّت المحادثة بينهما قرابة الساعة ..

و بعدها اخبرتها الفتاة : بأنها ستعاود الإتصال بها بعد شهر بنفس التوقيت , بشرط ان تهتم بصحتها و تهتم بباقي اخوتها .. و حلّفتها بأن لا تخبر احد عن حديثهما الخاص , و الاّ مُنعت من الإتصال بها .. 
فوعدتها الأم بكتمان السرّ ..
*** 

و بالفعل .. و في كل مرّة .. و قبل يوم من هذا الأتصال المنتظر ..كانت الفتاة تتصل بجوّال الشاب , لتسأله عن احوال امه ..و عن المستجدّات التي جرت في حياتهم طيلة الشهر الفائت , و من ثم تدوّن ما يقوله بدفترها .. ثم تنتظر اتصال والدته ..لتفاجئها بمعرفتها بكل ما يحصل في حياتها ..

***
و هكذا مرّت الأيام .. الى ان اتى يوم .. و تمنّى الشاب من الفتاة بأن يراها , ليشكرها على صنيعها مع والدته .. و ذلك بسبب تحسّن نفسية والدته .. 

و بالفعل !! التقيا بالجامعة .. و بعد عدّة لقاءات بينهما ... قرّر خطبتها .. و حينها فقط , التقت بوالدته لأوّل مرّة .. لكن دون ان تلاحظ الأم أي شيء .. 

و بعد الزواج ..قرّرت الفتاة ان تُبقي على اتصالاتها الشهرية مع حماتها , على ان تغير صوتها معها بجوالها الجديد .. و تعاهدت مع زوجها على كتمان هذا السرّ .... 

***
و بعد سنة .. اصبحت الفتاة حاملاً بشهرها السابع .. 
و في احدى الليالي ..  ايقظها زوجها (فزعاً) و قال : بأن امه تحتضر في المستشفى .. 

فذهبا لزيارتها .. و عندما دخلت هي و زوجها لعند امه .. طلبت حماتها منها بأن تعدها : ان تُسمي طفلتها بإسم عمتها المتوفية ..فوافقت الفتاة على الفور .. 

لكن فجأة !! اشتدت عليها آلام الإحتضار.. فأسرعت الفتاة للخارج لتطلب الطبيب ..

و هنا امسكت الأم بيد ابنها (الحزين) ..و قالت له (و هي تبتسم بتعب) 

الأم (حماتها) :
-ابني !! اشكر زوجتك عنّي على حيلتها العبقرية ! و قلّ لها : بأني سأخبر اختك المرحومة عن مكالماتنا السرّية ..

فتفاجىء ابنها و سألها : 
-و منذ متى و انت تعلمين بأنها هي ..

لكن امه كانت قد فارقت الحياة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مسابقة الفيلم الدموي

تأليف : امل شانوحة  الزومبي الكومبارس  فور دخول الشباب 12 الى المسرح (الذي سيقام فيه احداث الفيلم المرعب ، والذي بُنيّ على شكل قبّةٍ زجاجيّة...